
صناعة الثوب السعودي عند مفترق طرق: توسع لسوق الـ8 مليارات أم أثر سلبي للمستثمرين الجدد؟
في ظل التحولات الاقتصادية التي شهدتها صناعة الثوب السعودي، لتصبح صناعة متكاملة تتجاوز قيمتها 8 مليارات ريال مع إنتاج سنوي يصل إلى 40 مليون ثوب، باتت نقطة جذب استثمارية جانبا إلى جنب القطاعات الأخرى.
ومع هذا الزخم الاستثماري، دخلت الصناعة بحلول الألفية الجديدة منعطفا جديدا مع تنافس المصانع ودور الأزياء على تطوير تصاميمه مدفوعة بتغير أنماط الاستهلاك وتنوع الخامات بأسعار متباينة، وارتفاع الطلب على الأقمشة الفاخرة.
لكن رئيس مجلس إدارة جمعية الأزياء السعودية لؤي نسيم، كان له رأي آخر، حيث اعتبر أن دخول مستثمرين جدد كان له تأثير سلبي واضح هذا الموسم.
وأرجع نسيم ذلك في حديثه لـ"الاقتصادية" إلى أن 50% منهم على الأقل حديثو عهد بالمجال، و60% منهم قادمون من قطاعات أخرى.
مقابل ذلك، رأى مستثمرون أن القطاع لم يصل إلى مرحلة التشبع بعد، وأن لديه القدرة على التوسع حاليا والأعوام المقبلة، لارتباطه بمعيشة الناس.
ثوب العيد في دول الخليج
وعند مقارنة ثوب العيد السعودي بملابس العيد الرجالية في دول الخليج الأخرى، تظهر الفروقات في التفاصيل رغم التشابه في الجوهر.
ففي الإمارات وقطر، يرتدي الرجال "الكندورة"، التي تختلف عن الثوب السعودي بأنها غالبا أعرض وأطول قليلا، بلا ياقة نهائيا، وتُغلق من الأمام بزر مخفي أو سحاب.
كما أن لون الكندورة في العيد قد يتجاوز الأبيض، إذ تظهر ألوان مثل البيج والرمادي الفاتح، خاصة في المناسبات.
وفي الكويت والبحرين، تتشابه الثياب مع السعودية لكنها تتميز بلمسات محلية، مثل تطريز خفيف على الأكمام أو استخدام أقمشة لامعة في الأعياد، خصوصا بين الشباب.
الثياب الجاهزة مستقبل الصناعة
عضو في مجلس إدارة شركة "دنيا الأصواف"، التي تمتلك علامة "الشياكة" التجارية للثياب الجاهزة في السعودية، وليد علي الأندجاني، يرى أن مبيعات هذا العام في مستوى السنوات الماضية وهي مستقرة على أساس سنوي في المجمل، مضيفا أن فصل الشتاء سيغير كثيرا في تقليد ثوب العيد لدى السعوديين.
أضاف الأندجاني لـ"الاقتصادية"، "نحن كمتخصصين للثياب الجاهزة، نرى أن التوجه سيزداد لها على حساب الثياب المفصلة لسببين، هما فارق التكلفة الذي يصل أحيانا في بعض الأنواع إلى 100% لصالح الجاهزة، إضافة إلى توافر خامات فاخرة مصنوعة من الأقمشة اليابانية الأكثر جودة مع الاحتفاظ بفارق سعر التكلفة عن الثوب المفصل".
وقلل من فاعلية ما يعرف بالخدمات الذاتية التي تقدمها بعض الشركات في هذا القطاع، التي تعتمد على تفصيل الثياب أكثر من الجاهزة، من خلال إرسال عربات مجهزة لأخذ المقاييس في موقع العميل.
أشار إلى أن هذه الخدمات قد تبدو وكأنها تعزز كفاءة التسويق، إلا أنها في الواقع تعد من التكاليف التشغيلية التي ستزيد تكلفة الثوب، ما سيؤثر في أسعار الثوب المفصل بطريقة ما.
القطاع أمام تحديات
بشأن الاستثمارات الجديدة، قال رئيس مجلس إدارة جمعية الأزياء السعودية لؤي نسيم، إن دخول مستثمرين جدد، 50% منهم على الأقل حديثو العهد بالمجال و60% منهم قادمون من قطاعات أخرى، كان له تأثير سلبي واضح هذا الموسم.
أضاف، أن تزامن فصل الشتاء مع شهر رمضان حفز بعض العملاء على التفصيل والشراء لمرة واحدة واختيار أثواب تناسب الأجواء الباردة وعيد الفطر في الوقت نفسه، بعد أن كان في السنوات الماضية يخصص ميزانية لكل مناسبة منهما.
أشار إلى أن الثياب الجاهزة وخدمات التفصيل من المنزل ستصبح من أبرز احتياجات العملاء خلال الخمس سنوات المقبلة وستكون عاملا مهما للتوسع والانتشار لمواجهة الارتفاع المتزايد في التكاليف التشغيلية.
تغيرات في سلوك المستهلك
توقع أن تشهد السنوات المقبلة تغييرات في سلوك المستهلك السعودي في ظل تقارب يوم العيد مع ذروة فصل الشتاء، وأن يفضل عدد كبير من العملاء توحيد ثوب العيد والشتاء خاصة مع تأثير التضخم العالمي في الصناعة، خاصة أن معظم المواد المستخدمة مستوردة.
ولفت إلى أن معظم العملاء وبنسبة تصل إلى 55% وأحيانا 60% يفضلون الأقمشة التي تراوح بين 400-600 ريال، بينما تفضل قلة منهم الأقمشة الفاخرة وهذا يتناقض مع السنوات الماضية التي كان هناك توازن بين الفئتين.
أما من حيث تفضيلات الأقمشة، أوضح أن معظم السعوديين في مختلف المناطق لا يزالون يفضلون أقمشة البوليستر لأنها مناسبة لأجواء السعودية نظرا لعمرها الافتراضي الطويل.
في حين يفضل سكان جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة الأقمشة القطنية بسبب ملاءمتها للرطوبة ولدرجات الحرارة المرتفعة.
الصناعة بحاجة إلى الابتكار
في المقابل، قال المستثمر أحمد الركن، إن القطاع لم يصل إلى مرحلة التشبع بعد، وأن لديه القدرة على التوسع، خصوصا لأنه مرتبط بحياة الناس.
أوضح، أن هذا هو ما دفعه للتفكير في الاستثمار في هذا القطاع بدلا من القطاعات الأخرى، حيث إنه لاحظ ارتباط الملابس بأولويات الناس، فالمظهر أصبح عنصرا أساسيا في حياتهم.
أضاف، تقوم فكرة المشروع وهي مختلفة عما هو موجود في السوق لدى أغلب المنافسين على تقديم خدمة تفصيل ذاتية تقوم على خدمة العميل من منزله أو موقع عمله، بحيث يطلب العمل من خلال موقعنا الإلكتروني أو رقم الواتساب خدمة شراء الثوب، فيتم إرسال سيارة مجهزة لموقعه تستضيفه لأخذ المقاسات وخلال أيام يرسل إليه الثوب جاهزا.
تابع "بدأنا بـ3 سيارات مجهزة لتقديم الخدمة وبحجم استثمار يصل إلى نصف مليون ريال، وتفاجأنا بأننا استطعنا في رمضان تحقيق 3 أضعاف الهدف المحدد لمبيعات الشهر؛ ما جعلنا نتحمس للتوسع خلال 2025 لمدن أخرى في المنطقة الغربية".
وألمح إلى أن أذواق العملاء قد تغيرت مقارنة بالسنوات الماضية، فلم يعد هناك اهتمام بحجز ثوب خاص للعيد، بل أصبح هناك ثياب مخصصة لفصول مختلفة مثل الشتاء والصيف، إضافة إلى ثياب للعمل والمنزل والمناسبات الاجتماعية، ومعظم العملاء يبحث عن الجودة مع أسعار معقولة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
الشورى.. مطالب بضبط ممارسات الإنفاق وعقود الاستشارات
وأضاف بالحارث بقوله: على صعيد المشتريات الحكومية، أوضحت هيئة كفاءة الإنفاق في تقريرها أنها عقدت شراكات مع القطاعين العام والخاص للتوسع في الشراء الاستراتيجي، حيث تجاوزت قيمة الاتفاقيات الإطارية الموقعة في عام التقرير أكثر من 20 مليار ريال، وقد أسهم ذلك في خفض تكلفة العقود بنسبة تقارب 15 %، وتسريع إجراءات الشراء بنحو 80 يومًا، إلى جانب خفض تكلفة الوحدة بنسبة 29 %. عدة تحديات وتابع د. حمد حسين بالحارث: ورغم هذه الجهود المشكورة، لم يتم حتى الآن إدراج الخدمات الاستشارية ضمن منظومة الاتفاقيات الإطارية في السوق الإلكتروني الموحد، حيث اقتصرت معظم الاتفاقيات على خدمات ذات طابع رأسمالي أو تشغيلي، مثل صيانة الأجهزة الطبية، وتوريد التراخيص التقنية، واستئجار المركبات، وخدمات الاتصالات والتدريب، لافتاً إلى أن التقديرات تشير إلى أن حجم سوق الاستشارات في المملكة بلغ نحو 12 مليار ريال العام المنصرم، مع مواصلة ارتفاع الطلب القوي في القطاع العام، مؤكداً على أن غياب وجود اتفاقية إطارية مركزية تغطي هذا النوع من الخدمات أدى إلى عدة تحديات، أبرزها تفاوت الأسعار في العقود الاستشارية، وتباين جودة المخرجات، وتكرار الدراسات في موضوعات متشابهة لدى جهات ذات طبيعة عمل متماثلة، مثل الجامعات، والتجمعات الصحية، والهيئات، والأمانات، كما غاب التنسيق والتكامل في تنفيذ هذه الدراسات، مما نتج عنه هدر في الموارد، وغياب أدلة استرشاديه يمكن الاستفادة منها لاحقًا لجهات حكومية أخرى. أكثر فعالية وتُظهر التجارب الدولية حسب عضو المجلس د. بالحارث نجاح الاتفاقيات الإطارية المركزية في تنظيم سوق الخدمات الاستشارية، ورفع كفاءة الإنفاق، وضمان جودة الخدمات، وذلك من خلال اعتماد التأهيل المسبق للموردين، وتحديد شروط وأسعار مرجعية موحدة، وتفعيل التعاقد السريع عبر منصات إلكترونية حكومية، مشيراً إلى ما تتمتع به المملكة من بنية تحتية رقمية متقدمة، وعلى رأسها منصة «اعتماد» عبر السوق الإلكتروني الموحد، التي تتيح تطبيق الاتفاقيات الإطارية بكفاءة عالية وتعزز من الشفافية وسرعة الإجراءات، لكل يرى د. بالحارث أن إدراج الخدمات الاستشارية المتكررة ضمن هذه المنظومة سيمكن الجهات من خفض تكلفة العقود وتنفيذ مبادراتها بشكل أكثر فاعلية، ويسرّع وتيرة التحول المؤسسي، ويدعم تحقيق مستهدفات المملكة في تعزيز المحتوى المحلي، مقترحاً على اللجنة المالية والاقتصادية في الشورى التوصية على تقريرها بشأن تقرير هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية تنص «على الهيئة إدراج الخدمات الاستشارية ضمن قائمة السلع والخدمات في منظومة الاتفاقيات الإطارية، لتعزيز التنافسية في الاسعار، ورفع المواصفات الفنية، وتحقيق كفاءة أعلى في الإنفاق الحكومي». عريشي تدعو لوضع آليات تتابع المشروعات بعد التشغيل لصالح كفاءة الإنفاق غير واضحة من ناحيته، قال الدكتور صالح الشمراني: إن بنود الاستشارات ما زالت مفتوحة وغير واضحة في كثير من التقارير وتحتاج ضبط، وذكرت الدكتورة عائشة عريشي أن من أبرز مهام هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية دراسة تفاصيل الإنفاق والممارسات التشغيلية، وهذه المهمة تتطلب التأكيد على أهمية تشديد الرقابة على الممارسات التشغيلية وذلك بما يضمن تحقيق استدامة المشروعات على مستوى القطاعات، كما أن رسالة الهيئة تنص على تحقيق كفاءة الإنفاق الحكومي والارتقاء بجودة المشروعات من التخطيط إلى التشغيل، واستفساري عن ما بعد التشغيل حيث إن الأمر يتطلب الحد من الممارسات التي تتعارض مع كفاءة التشغيل في الجهات الحكومية، ومنها على سبيل المثال ترك الإنارة والتكييف بكافة المرفقات بما في ذلك الشاغرة دون مراعاة للهدر، وكذلك إهمال الصيانة الدورية للمرافق والأجهزة حتى تتم الحاجة للصيانة العلاجية والتي تكلف في بعض المشروعات ما يقارب نصف تكلفة التشغيل، هذه الممارسات تتطلب من الهيئة التنسيق مع جهات الاختصاص لوضع آليات ملزمة للجهات لمتابعة المشروعات بعد التشغيل، والتوسع في استخدام أحدث الأجهزة التي تضمن كفاءة الإنفاق بحيث تتوقف تلقائيا عند تأخر الاستخدام. تطوير الآليات يذكر أن الشورى أقر التوصيات التي قدمتها اللجنة المالية والاقتصادية خلال جلسته العادية الثامنة والعشرين من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة التي عقدت برئاسة نائب رئيس المجلس الدكتور مشعل بن فهم السُّلمي، وطالب هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية عند تنفيذ برامجها مع الجهات الحكومية مراعاة تحقيق الأثر المالي والمحافظة على جودة الخدمات المقدمة من تلك الجهات، واتخذ المجلس قراره بعد أن استمع إلى تقرير قدمه نائب رئيس اللجنة المالية والاقتصادية الدكتور فهد التخيفي بشأن ما تضمنه التقرير السنوي لهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية للعام المالي 45 - 1446، ودعا المجلس الهيئة -بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة- إلى تطوير آليات إشراف الجهات الحكومية على تخطيط وإدارة المشروعات وعقود الخدمات على مستوى القطاعات والأنشطة الاقتصادية، وأكد بأن على الهيئة -بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة- تطوير الآليات اللازمة لدعم برنامج ركائز استدامة كفاءة الإنفاق، كما طالب المجلس الهيئة بوضع معايير مرجعية؛ لضبط بنود التكاليف المدرجة بميزانيات الجهات الحكومية؛ وتحديد ومعالجة مصادر الهدر ذات الأثر المالي المرتفع في ميزانيات تلك الجهات.

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
توسع البنوك في إصدار أدوات الدين هل يقود إلى ارتفاع العوائد؟
لطالما مثّلت أدوات الدين، مثل السندات والصكوك، وسيلة تمويل أساسية للبنوك، تُكمل بها الودائع. وتُعد هذه الأدوات التزامًا ماليًا على الجهة المصدرة تجاه حملة الصكوك أو السندات، في مقابل عائد دوري، وتتنوع هذه الأدوات من حيث آجال الاستحقاق، وهياكل الإصدار، ودرجات المخاطر، لكنها تشترك في دورها المركزي في تعزيز السيولة التشغيلية وتقوية القاعدة الرأسمالية للمؤسسات المصرفية، وخلال السنوات الأخيرة، اتضح توجه متزايد من البنوك السعودية نحو إصدار أدوات الدين، سواء عبر السوق المالية السعودية أو من خلال الأسواق الدولية ويرتبط هذا التوجه بعدة عوامل، أبرزها الحاجة إلى توفير تمويل طويل الأجل لا تغطيه عادة الودائع القصيرة، إضافة إلى متطلبات المعايير التنظيمية العالمية، وعلى رأسها "بازل 3"، التي فرضت على البنوك تعزيز رأس المال من خلال أدوات قابلة للإدراج ضمن الشريحة الأولى أو الثانية من رأس المال. المطلوبات تجاه البنوك والمؤسسات المالية تشير إلى الالتزامات القائمة على البنوك، سواء كانت التزامات ائتمانية أو مالية أو ناتجة عن عقود مشتقات مالية، ورغم أن الزيادة في هذه المطلوبات قد تبدو للوهلة الأولى كمؤشر خطر، إلا أن النظر إليها في سياق توسع العمليات المصرفية والطلب المتنامي على التمويل يقدّم تفسيرًا مختلفًا، فالزيادة قد تكون انعكاسًا طبيعيًا لتوسع النشاط الاقتصادي، خصوصًا في القطاعات التي تقود التحول ضمن رؤية المملكة 2030، مثل الإسكان، والمقاولات، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومع ذلك فإن مراقبة مؤشرات مثل نسبة القروض إلى الودائع، ونسب السيولة النظامية، وتكلفة الإقراض بين البنوك عبر مؤشر السايبور، تظل ضرورية لفهم الصورة كاملة، رغم أن القطاع المصرفي السعودي حافظ تاريخيًا على نسب سيولة مرتفعة بدعم من السياسة النقدية المستقرة التي يقودها البنك المركزي، فإن الأشهر الأخيرة كشفت عن تقلبات طفيفة، فقد أظهر السايبور لأجل ثلاثة أشهر ارتفاعًا ملحوظًا، رغم قيام البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة في نهاية العام الماضي، ما يعكس ضغوطًا على السيولة قصيرة الأجل، كما ارتفعت نسبة القروض إلى الودائع لتتجاوز 105 % بنهاية الربع الأول من عام 2025، مما يشير إلى توظيف جزء كبير من الودائع في عمليات الإقراض، ورغم أن هذا قد يكون مؤشرًا على نشاط تمويلي قوي، إلا أنه يضع ضغوطًا على السيولة المتاحة لمواجهة الالتزامات قصيرة الأجل، وفقًا لبيانات هيئة السوق المالية، بلغ حجم إصدارات أدوات الدين المقومة بالريال من قبل البنوك المحلية أكثر من 72 مليار ريال في عام 2024، مقارنة بنحو 55 مليار ريال في عام 2023، أي بزيادة قدرها 30 %، وتوزعت هذه الإصدارات بين صكوك ثانوية وسندات مهيكلة، بعضها يمتد لأكثر من عشر سنوات، مما يعكس رغبة البنوك في تأمين تمويل طويل الأجل يواكب متطلبات مشاريع الرؤية، إلا أن هذه الزيادة في الإصدارات جاءت مصحوبة بارتفاع في تكلفة التمويل، فقد قفز متوسط العائد على الصكوك والسندات إلى 6.5 % مقارنة ب5.5 % في عام 2024، مما يعكس زيادة الطلب على السيولة أو ارتفاعًا في تصور المخاطر من قبل المستثمرين، أو كلا الأمرين معًا، ولكن من الخطأ قراءة هذا التوسع في إصدار أدوات الدين بمعزل عن التحولات العميقة التي يشهدها هيكل التمويل المصرفي في المملكة، فالبنوك لم تعد تعتمد فقط على الودائع كمصدر رئيس للتمويل، بل تبنّت نماذج أكثر تنوعًا استجابة لاحتياجات السوق المتغيرة، وهذا يُعد مؤشراً على نضج القطاع، وليس بالضرورة دلالة على ضعف، ومع ذلك، لا يمكن تجاهل أن ارتفاع العائدات على هذه الإصدارات يحمل تكلفة أعلى على البنوك، وقد ينعكس أثرها على زيادة تكلفة التمويل المقدّم للقطاعات الاقتصادية، وهو ما يتطلب تدخلًا استباقيًا من البنك المركزي لضبط إيقاع السيولة في السوق، سواء عبر أدوات السوق المفتوحة أو من خلال ضخ سيولة مباشرة عند الحاجة. خاتمة ما نشهده اليوم في القطاع المصرفي السعودي هو إعادة تموضع طبيعية ومطلوبة، تتماشى مع طموحات النمو والتحول الاقتصادي الكبير الذي تقوده رؤية 2030، فالارتفاع في المطلوبات تجاه المؤسسات المالية الأخرى لا يُعدّ سلبيًا بحد ذاته، ما لم يقترن بخلل واضح في مؤشرات السيولة أو اعتماد مفرط على التمويل قصير الأجل دون مقابل من الأصول القابلة للتسييل، أما ارتفاع العائدات على أدوات الدين، فهو جرس إنذار يستحق أن يُقرأ بعناية، ويستوجب تدخلًا حكيمًا من الجهات الرقابية لضمان ألا تتحول تكاليف التمويل المرتفعة إلى عائق أمام النمو الاقتصادي المستهدف، وفي المحصلة، فإن لجوء البنوك إلى أدوات دين متنوعة وطويلة الأجل هو أحد المؤشرات الإيجابية على تحوّل النظام المصرفي السعودي إلى نموذج أكثر نضجًا واحترافية، يستجيب بمرونة لمتطلبات المرحلة، ويستعد بذكاء لتحديات المستقبل.


المرصد
منذ 7 ساعات
- المرصد
شاهد..مزاد على طليان حريات بسعر منخفض وعدم وجود مشتري !
شاهد..مزاد على طليان حريات بسعر منخفض وعدم وجود مشتري ! صحيفة المرصد: نشر المهتم بالثروة الحيوانية عبد القادر آل معيلي، مقطع فيديو عبر حسابه على منصة إكس، وثق انخفاض أسعار الأضاحي الطليان الحريات. وأظهر الفيديو، وصول سعر طليان شحم ولحم ل 1060 ريال، ولم يشتريه أحد. وأرفق آل معيلي الفيديو بتعليق : " انخفاض أسعار الأضاحي الطليان، بعد تحمل الدولة لرسوم الجمارك والضرائب للمستورد".