logo
السيرة ليست سردًا تاريخيًّا بل ترجمة عملية للدين ومقاصده

السيرة ليست سردًا تاريخيًّا بل ترجمة عملية للدين ومقاصده

الجمهوريةمنذ 5 ساعات

وشهد ال ملتقى حضور كلٍّ من: أ.د عبد الفتاح خضر، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر ، وخادم العمادتين، وأ.د حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر ، وأدار اللقاء الإعلامي سعد المطعني، كبير مذيعي الإذاعة المصرية.
قال الدكتور عبد الفتاح خضر إنّ أول ضابطٍ أخلاقيٍّ ترسَّخ في هدي النبي ﷺ هو ضابط التفاؤل وغرس الأمل في نفوس الناس، حتى في أحلك الظروف. واستشهد فضيلته بموقف النبي ﷺ حين عرض عليه ملك الجبال أن يُطبق الأخشبين على من آذوه، فرفض قائلًا: «لعل الله يُخرج من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله»، مشيرًا إلى أن هذا الموقف يحمل من المعاني ما يفيض على قلوب المكروبين والمكتئبين نورًا ورحمة، ويجعل الأمل شعارًا دائمًا في قلب المؤمن.
وأشار فضيلته إلى أن ضابط الأخوّة و المساواة بين أبناء الأمة كان مبدأً أصيلًا في سيرة النبي ﷺ ، مؤكدًا أن الأخوّة لا بد أن تكون واقعًا معاشًا لا مجرد شعار، واستشهد بقول أهل اللغة: «إن من لا أخا له كساعٍ إلى الهيجاء بغير سلاح»، داعيًا إلى أن تُنشر ثقافة الأخوّة في البيوت والمؤسسات والمجتمعات، لأنّها هي الحصن الذي يُحفظ به الصف وتُصان به الكرامة.
وأضاف الدكتور خضر أن من أعظم الضوابط التي يجب أن نُحييها: ضابط جبر الخاطر، مبينًا أن اسم الله «الجبار» لا يدل فقط على القهر، بل هو من أبلغ صفات الرحمة، إذ ي جبر كسور المنكسرين ويحنو على المكلومين، وعلينا أن نتخلّق بهذه الصفة، فنكون جبّارين للخواطر، لا كاسرين لها، رافعين لمن سقط لا مُثقلين عليه، منصفين في القول، عطوفين في الفعل، فذلك هو الإسلام الذي تمثّل في حياة رسول الله ﷺ.
من جانبه، قال الدكتور حبيب الله حسن: إنّ السيرة النبوية ليست مجرد سردٍ تاريخيّ، بل هي تجسيد حيّ للدين في صورته المتكاملة، عقيدةً وعبادةً وأخلاقًا ومعاملةً. وأكّد فضيلته أن من أسباب ابتعاد كثير من الناس عن الدين وانتشار الإلحاد هو الجهل بحقيقته وتجزئة فهمه، معتبرًا أن من يأخذ ببعض الدين ويترك بعضه قد وقع في معنى قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾، فالدين وحدةٌ متكاملة لا تقوم إلّا بجميع أركانه.
وأوضح فضيلته أن الدين نزل ليُعالج جميع شؤون الحياة، من الإيمان و العبادة ، إلى الأخلاق والسلوك، فليس الدين عاطفةً مجرّدةً ولا أحكامًا جامدة، بل هو نورٌ يهدي الإنسان في ظلمات الحياة، يرسم له الصراط المستقيم في كل لحظة من لحظاته. مشيرًا إلى أننا نردّد في صلاتنا ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ مرارًا، فهل عرفنا حقيقة هذا الصراط؟ إنه الدين الذي جسّده النبي ﷺ بأفعاله وأقواله، لا بما يُنتزع من السياقات ويُستعمل لتبرير الأهواء.
وختم الدكتور حبيب الله حديثه بالتأكيد على أن حياة النبي ﷺ كانت نموذجًا متكاملًا للقدوة الإنسانية، في إيمانه، وعبادته، وأخلاقه، وتعامله مع الناس، وأن من أراد أن يَحيَا حياةً مستقيمة، فليجعل من سيرة النبي ﷺ مرآةً يرى فيها كيف يكون الدين سلوكًا حيًّا، لا مجرد أقوالٍ تُتلى ولا شعاراتٍ تُعلّق.
وفي ختام ال ملتقى ، أكّد الإعلامي سعد المطعني أن الحديث عن الضوابط الأخلاق ية في السيرة النبوية لا ينفكّ عن واقعنا المعاصر، لا سيّما في ظلّ انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وما أفرزته من ظواهر مؤلمة في الأخلاق والتعاملات. مشيرًا إلى أن الشباب الذين يُمسكون بهواتفهم ليلًا ونهارًا، بحاجة ماسّة إلى أن يُراجعوا ما يكتبون ويشاركون في ضوء ضوابط النبوة، كحسن الظن، والتثبّت، و جبر الخاطر، وتوقير الكلمة. وأنّ ما عرضَه العلماء من هذه الضوابط جديرٌ بأن يكون منهاجًا عمليًّا لصناعة وعيٍ أخلاقيٍّ رشيد في هذا العصر المتشابك.
يأتي ذلك وفق توجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وباعتماد فضيلة أ.د محمد الضويني وكيل الأزهر ، وبإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهر ي بالجامع الأزهر ، ود. هاني عودة مدير عام الجامع الأزهر.
Previous Next
تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس جامعة الأزهر: مشهد "الوقوف بعرفات" في القرآن صورة رمزية للحشر ويجسد رحلة العودة إلى الله
رئيس جامعة الأزهر: مشهد "الوقوف بعرفات" في القرآن صورة رمزية للحشر ويجسد رحلة العودة إلى الله

تحيا مصر

timeمنذ 4 دقائق

  • تحيا مصر

رئيس جامعة الأزهر: مشهد "الوقوف بعرفات" في القرآن صورة رمزية للحشر ويجسد رحلة العودة إلى الله

قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، إن القرآن الكريم عبّر عن الركن الأعظم في الحج، وهو الوقوف بعرفات، ببلاغة مدهشة واختزال معجز فى قوله تعالى: "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام"، مشيرًا إلى أن هذه الآية الكريمة لم تذكر مشهد الصعود إلى عرفات، ولا الذكر والدعاء هناك، رغم عظمته، لكنها ركّزت فقط على لحظة الإفاضة، وهي الرجوع، لأن هذه الكلمة الواحدة تختزن كل المشهد، وتمثل ذروة التعبير البياني في كتاب الله. رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم عبّر عن الركن الأعظم في الحج وهو الوقوف بعرفات ببلاغة مدهشة وأوضح رئيس جامعة الأزهر الشريف، خلال حلقة برنامج "بلاغة القرآن والسنة"، المذاع على قناة الناس، اليوم السبت، أن كلمة "أفضتم" لا تعني مجرد الانصراف، بل تعكس حركة جماعية تشبه الفيضان، وهو تصوير دقيق ومُعبر عن مشهد الحجيج وهم ينحدرون من عرفات على اختلاف منازلهم وطرقاتهم، في مشهد يذكّرنا بيوم الحشر حين يُبعث الناس من قبورهم، وهذا من أبلغ صور التذكير بالآخرة في رحلة الحج. وأضاف أن ترك الذكر والدعاء في عرفات دون ذكر في النص القرآني كان مقصودًا، لأن الناس لا يغفلون عنه هناك، بينما يحتاجون للتذكير بالذكر في المشعر الحرام حيث يغلب عليهم التعب وقد تفتر الهمم، فجاء الأمر الإلهي ليحفز القلوب حتى في لحظات الفتور. وأشار إلى أن لباس الإحرام نفسه يحمل رمزية عظيمة، فهو تذكير للمؤمن بتجرده من الدنيا كما ولد أول مرة، وأنه سيُكفّن كذلك في ثوبين أبيضين، تمامًا كما وقف بين يدي الله في هذه الرحلة، مجردًا من كل شيء سوى قلبه وأعماله. وتابع: "الحج ليس مجرد طواف وسعي ووقوف، بل هو رحلة إلى الله، يتذكر فيها الإنسان المبتدأ والمنتهى، فيتجدد الإيمان وتلين القلوب وتسمو الأرواح، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة»، فهو لحظة تجردٍ تام بين يدي الله، تذيب الفوارق وتستنهض الوجدان نحو الآخرة، فيرجع الحاج كيوم ولدته أمه".

أزهري: للجنة درجات ودار الشهداء أعلى من المقربين وأصحاب اليمين
أزهري: للجنة درجات ودار الشهداء أعلى من المقربين وأصحاب اليمين

تحيا مصر

timeمنذ 4 دقائق

  • تحيا مصر

أزهري: للجنة درجات ودار الشهداء أعلى من المقربين وأصحاب اليمين

قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن الجنة ليست درجة واحدة، بل مراتب متعددة، لكل منها مقامها ومنزلتها، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم وضّح هذا التفاضل في سورة الرحمن، حيث قال الله تعالى: "ولمن خاف مقام ربه جنتان"، ثم قال: "ومن دونهما جنتان". يسري جبر: الجنة ليست درجة واحدة بل مراتب متعددة وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال حلقة برنامج "أعرف نبيك"، المذاع على قناة الناس، اليوم السبت، أن الجنتين الأوليين هما للمقربين، أصحاب الهمة العالية الذين خافوا مقام الله وسارعوا بالخيرات، بينما الجنتين الأدنى درجة هما لأصحاب اليمين، الذين آمنوا بالله وأدوا الطاعات ولكنهم خلطوا عملًا صالحًا بآخر سيئًا، ومع ذلك غلبت حسناتهم سيئاتهم. وأكد أن أعلى من هاتين الدارين، هناك دار الشهداء، دار الرفيق الأعلى، التي ورد ذكرها في قوله تعالى: "فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا"، مشيرًا إلى أن دار الشهداء ليست لعامة المؤمنين، بل هي مقام عالٍ لأهل البلاء والصبر والبذل في سبيل الله. وأشار إلى رحلة الرؤيا التي رآها النبي ﷺ، والتي طاف فيها الملكان جبريل وميكائيل معه ليريه مشاهد من أحوال العصاة والمؤمنين في القبور، ومقامات الناس في الجنة، حيث تجلت مشاهد الكلمة الطيبة "لا إله إلا الله" وما تقود إليه من نعيم أبدي. وأضاف: "لم يُعرّف الملَكان نفسيهما للنبي ﷺ في بداية الرحلة لحكمة بليغة، وهي منع أدلال المحبة، فلو عرف أن الذي يصاحبه هو جبريل أو ميكائيل منذ البداية، لسألهم وألح عليهم في التفسير، مما قد يخرج عن مقصد الرحلة وتأملاتها"، مشيرًا إلى أن النبي له أدلال على الملائكة بحكم قربه منهم ومحبته لهم، ولهذا أجّلا التعريف بنفسيهما إلى نهاية الرؤيا لتظل حالة الخشوع والهيبة حاضرة في كل مشهد من المشاهد، وهو ما يعكس أسلوبًا راقيًا في التربية والتعليم الرباني.

ما حكم تغطية الميت بالتراب دون حائل؟.. أمين الفتوى يجيب
ما حكم تغطية الميت بالتراب دون حائل؟.. أمين الفتوى يجيب

مصراوي

timeمنذ ساعة واحدة

  • مصراوي

ما حكم تغطية الميت بالتراب دون حائل؟.. أمين الفتوى يجيب

أكد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الدفن الشرعي للميت يكون إما في "شق" أو "لحد" في باطن الأرض، اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، مراعاةً لكرامة الإنسان حياً وميتاً، كما قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم". وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوارها ببرنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة" الناس": أن الهدف من الدفن في الأرض هو حماية جسد الميت من السباع، ومنع إيذاء الأحياء بالروائح، وتحقيق التكريم الإلهي للإنسان حتى بعد موته. وعن حكم وضع التراب مباشرة على جسد الميت داخل القبر، بيّن أن المذاهب ومنها الشافعية ترى أنه لا ينبغي وضع التراب مباشرة على جسد الميت، بل يجب وضع حاجز بين الجسد والتراب، كقطعة قماش أو الطوب اللبن غير المحروق، أو دفنه في تجويف معزول داخل القبر، وذلك تجنباً لما قد يُعد نوعاً من الإهانة أو التقصير في التكريم. وأضاف أنه في بعض القرى يتم وضع قطعة قماش مؤقتة أثناء الدفن، ثم تُسحب برفق بعد تغطية الميت، منعًا لسقوط التراب عليه مباشرة، وهذا من حسن الفهم والحرص على السنة. وفيما يتعلق بدفن الموتى في مقابر فوق سطح الأرض كما هو الحال في بعض البلاد أو القرى، أوضح أن هذا جائز شرعًا عند الحاجة والضرورة، بشرط أن يتحقق المقصود من الدفن، وهو ستر الميت وحمايته من الاعتداء والعبث والروائح، وأن يُراعى وجود فاصل يحفظ الجسد. وأكد أن من سبق وفعل غير ذلك بدون قصد أو علم، فلا إثم عليه، وقد عفا الله عما سلف، لكن المطلوب مستقبلاً هو مراعاة أحكام الشريعة في الدفن، حفاظاً على كرامة الإنسان التي لا تسقط بموته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store