
أنصار الله الحوثيون: معادلة الهيمنة الاستراتيجية في البحر الأحمر
لم يعد البحر الأحمر مجرد ممر تجاري، بل تحول إلى منصة صراع تُرسم فيها خرائط النفوذ الجديدة. وإن كانت واشنطن قد دخلت البحر الأحمر بأساطيلها، فإن صنعاء دخلته برؤية، واستراتيجية.
صناعة الردع البحري: معادلة جديدة لميزان القوة.
في واحد من أكثر التحوّلات الاستراتيجية غير المتوقعة خلال العقود الأخيرة، فرض أنصار الله الحوثيون في اليمن واقعاً جديداً على خريطة الملاحة الدولية، وبخاصة في البحر الأحمر وباب المندب، عبر أدوات عسكرية غير تقليدية ومنهجية صراعية تقوم على الجمع بين الردع الثابت والضغط المرحلي الموجّه. هذا التحوّل لم يقتصر على المعطى العسكري، بل امتد ليشكّل إعادة تعريف للهندسة الجيوسياسية في المنطقة، وأسفر عن إرباك غير مسبوق في مراكز اتخاذ القرار داخل الولايات المتحدة، وأدى في نهاية المطاف إلى رضوخ أميركي لشروط صنعاء الثورية، مقابل تعليق الهجمات على المصالح الأميركية فقط، مع الإبقاء على وتيرة الهجمات المتصاعدة ضد الكيان الصهيوني، الذي بات يتلقى الضربات بشكل منفصل ومنهجي باستخدام صواريخ فرط صوتية.
هذا التحول ليس فقط انتصاراً ميدانياً، بل نجاحاً استراتيجياً لليمن الذي استطاع فرض معادلته في واحد من أكثر المسارح البحرية تعقيداً، بل واستطاع إعادة صياغة العلاقة بين الحلفاء الغربيين أنفسهم، وبالذات بين واشنطن و'تل أبيب'.
من الهامش إلى المركز: إعادة تعريف الجغرافيا اليمنية
لأكثر من قرن، كان اليمن، وبالذات مناطقه الساحلية المطلة على البحر الأحمر، موقعاً هامشياً في المعادلة الدولية. وُظفت أحياناً كممر، وتُركت غالباً كمستقر للاضطرابات. لكن، منذ عام 2023، بدأت هذه الجغرافيا تتبلور كفاعل، لا كمجرد موقع.
نجح أنصار الله في تحويل ما يُعرف في الأدبيات العسكرية بـ'الهامش الجغرافي' إلى رأس حربة جيوسياسية، مستندين إلى قراءة دقيقة لتحوّلات التجارة العالمية، وانكفاء الهيمنة الغربية التقليدية، والفجوة المتزايدة بين القدرات الأميركية ورغباتها الإمبراطورية. هذا التحول لم يكن عشوائياً، بل تم بتخطيط متدرج، استثمر في الوقت، ومعرفة العدو، وتطوير القدرة الصاروخية والنفس الثوري في آنٍ معاً.
صناعة الردع البحري: معادلة جديدة لميزان القوة
الردع في البحر الأحمر لم يعد، كما كان في السابق، يعتمد على حاملات الطائرات أو القواعد العسكرية الدائمة، بل على القدرة على تهديد المصالح الاقتصادية في نقاط حرجة من دون الانجرار إلى صدام مفتوح. استطاع أنصار الله بلورة هذا الردع عبر استراتيجية تجمع بين المفاجأة والتدرج، وبين التصعيد المحسوب والضبط العملياتي الدقيق.
ففي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تراهن على تكثيف الوجود البحري في المنطقة، باغتتها الجماعة بضربات ذكية استهدفت السفن المرتبطة بالمصالح الغربية، ثم وسّعت نطاق عملياتها لتطال 'إسرائيل' بشكل مباشر، من دون أن تخسر خطابها الأخلاقي أو مشروعيتها الداخلية.
إن ما حدث هو ولادة 'ردع طرف ثالث،'، أي فصل الولايات المتحدة عن التزامها المباشر بأمن الكيان المحتل، عبر إقناع واشنطن أن كلفة استمرار الارتباط العسكري مع 'تل أبيب' باتت أكبر من كلفة التخلي عنها مرحلياً.
16 نيسان 13:34
فك الارتباط الأميركي- الإسرائيلي: مكسب أممي لمحور المقاومة
أحد أعمق أبعاد التحوّل الاستراتيجي يتمثل في نجاح أنصار الله في صياغة معادلة جديدة داخل المحور الغربي نفسه. لقد قبلت الولايات المتحدة، بشكل صريح هذه المرة، وقف العمليات ضد سفنها ومصالحها، مقابل تعليق أنصار الله الهجمات تجاه السفن الأميركية، لكنها لم تنجح في دفع اليمن إلى وقف استهداف الكيان الصهيوني.
هذا التمايز في الاستجابة العسكرية يعكس ما هو أعمق من نجاح تكتيكي. إنه فصل نفسي واستراتيجي بين الحليفين التاريخيين، واشنطن و'تل أبيب'. فكيان الاحتلال الذي تعوّد على الاحتماء تحت المظلة الأميركية بات مكشوفاً أمام قوة جديدة في اليمن تتقن استخدام تكنولوجيا الصواريخ فرط صوتية ومبادئ الردع الثوري.
المفارقة هنا أن واشنطن، التي تدّعي حماية الاستقرار العالمي، وجدت نفسها مرغمة على الدخول في مفاوضات غير معلنة مع جماعة تعدّها هي 'إرهابية'، في وقت يستمر اليمن في مهاجمة مدن كيان الاحتلال من دون رادع. هذا التحول وحده كفيل بإعادة تشكيل منطق التحالفات في الشرق الأوسط، وهو سقوط مدوٍ لمبدأ 'الأمن الجماعي الغربي'. وفرض معادلة يمنية وهي أن وقف الهجمات على 'تل أبيب' يستلزم وقف حرب الإبادة على غزة في التزام أخلاقي لا نظير له بين الدول الإسلامية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
عملية "واسعة النطاق" للجيش السوداني في جنوب وغرب أم درمان، وإصابات الكوليرا تتفاقم بعد انقطاع الكهرباء
هزّ دوي الانفجارات العاصمة السودانية الثلاثاء بعد ساعات من بدء الجيش عملية عسكرية "واسعة النطاق" تهدف إلى "طرد" قوات الدعم السريع من آخر معاقلها في جنوب وغرب أم درمان و"تطهير" كامل منطقة العاصمة. وتأتي هذه المعارك في وقت تشهد الحرب المستمرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، تصاعداً في وتيرتها لا سيما عبر استخدام أسلحة بعيدة المدى، ومهاجمة الدعم السريع لمناطق سيطرة الجيش بطائرات مسيّرة. وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بسماع أصوات انفجارات في أم درمان، حيث لا تزال قوات الدعم السريع تتحصن في بعض الأنحاء منذ إعلان الجيش "تحرير" العاصمة في أواخر مارس/آذار. وقال نبيل عبدالله، المتحدث باسم الجيش السوداني، في بيان إن قوات الجيش مستمرة "في عملية واسعة النطاق ونقترب من تطهير كامل ولاية الخرطوم" باستهداف معاقل الدعم السريع "بجنوب وغرب أم درمان وتستمر في تطهير مناطق صالحة وما حولها". كان الجيش السوداني أعلن في مارس/آذار "تحرير" الخرطوم وسيطرته على مواقع حيوية وسط العاصمة بينها القصر الجمهوري. الا أن قوات الدعم السريع احتفظت بمواقع في جنوب وغرب أم درمان الواقعة على ضفة نهر النيل المقابلة للخرطوم. وفي أبريل/نيسان قصفت مسيرات الدعم السريع القصر الجمهوري ومواقع أخرى في العاصمة. وصعدت قوات الدعم السريع في الآونة الأخيرة من استهدافها لمواقع تابعة للجيش السوداني في شرق وغرب ووسط السودان، مخلفة عشرات القتلى. هجمات على بورتسودان كثّفت قوات الدعم السريع هجماتها على مواقع الجيش ومناطق نفوذه، بعدما أعلن سيطرته على الخرطوم ومدن في شمال ووسط البلاد كانت تحت سيطرتها. وكانت أبرز أوجه هذا التصعيد استهداف مدينة بورتسودان (شرق) المطلة على البحر الأحمر والتي تتخذها الحكومة المرتبطة بالجيش مقراً مؤقتاً لها. واتهم سفير السودان لدى الأمم المتحدة، الإثنين، الإمارات العربية المتحدة بشن هجمات على بورتسودان في 4 مايو/أيار بطائرات حربية وطائرات مُسيّرة انطلقت من قاعدة إماراتية على البحر الأحمر. وأوضح السفير الحارث إدريس أن الهجوم الإماراتي المزعوم جاء بعد يوم واحد من غارة جوية شنتها القوات المسلحة السودانية على مدينة نيالا استهدفت طائرة حربية إماراتية وأسفرت عن مقتل 13 أجنبياً، بينهم "عناصر إماراتية". وبقيت بورتسودان الى حد كبير في منأى عن أعمال العنف منذ اندلاع الحرب عام 2023، وانتقلت إليها بعثات دولية ومنظمات اغاثية، ومئات الآلاف من النازحين من مناطق سودانية أخرى. وطالت هجمات الدعم السريع بالمسيّرات، مطار بورتسودان الدولي وميناءها، بالإضافة إلى مستودع الوقود ومحطة الكهرباء الرئيسيين فيها. وأعرب خبير الأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان رضوان نويصر الإثنين "عن قلقه العميق إزاء التصعيد الأخير في الغارات الجوية بطائرات مُسيّرة وتوسع الصراع إلى ولاية البحر الأحمر في شرق السودان... مما زاد من تفاقم أوضاع المدنيين". وحذر في بيان من أن "الهجمات المتكررة على البنى التحتية الحيوية تُعرِض حياة المدنيين للخطر وتُفاقم الأزمة الإنسانية، وتُقوِض الحقوق الأساسية للإنسان"، مشيراً إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع "وأثره على إمدادات الوقود مما يُعيق الوصول إلى الحقوق الأساسية مثل الحق في الغذاء والمياه الصالحة للشرب والرعاية الصحية". وعلى رغم توتر الوضع في بورتسودان، عيّن البرهان، وهو أيضاً رئيس مجلس السيادة، الاثنين كامل إدريس رئيساً جديداً للحكومة السودانية خلفاً لدفع الله الحاج الذي كان القائم بأعمال رئيس الحكومة لثلاثة أسابيع فقط. ورحب الاتحاد الافريقي بتعيين رئيس حكومة "مدني"، معتبراً ذلك خطوة "نحو حكم شامل" يأمل بأن تسهم بـ"استعادة النظام الدستوري والحكم الديموقراطي". وقسمت الحرب التي اندلعت منتصف أبريل/نيسان 2023، السودان إلى مناطق نفوذ حيث يسيطر الجيش على شمال وشرق البلاد بينما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور في الغرب ومناطق في الجنوب. وتسببت الحرب في مقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليوناً في ما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في التاريخ الحديث. أوضاع إنسانية وصحيّة متدهورة Reuters قال الدكتور محمد نديم من منظمة "أطباء بلا حدود" في السودان لبي بي سي إن مدينة أم درمان تعيش أوضاعاً إنسانية وصحية متدهورة، بعد انقطاع الكهرباء للمرة الرابعة خلال فترة قصيرة، نتيجة الاستهداف المتكرر للبنى التحتية الحيوية في المدينة، من ضمنها شبكة الكهرباء. وأوضح المسؤول أن انقطاع التيار الكهربائي "أثر بصورة مباشرة على إنتاج المياه النقية الصالحة للشرب وعلى عمل المستشفيات التي تدعمها المنظمة". وأضاف أن "الوضع أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية، حيث زادت حالات الإصابة بالكوليرا بسبب وصول المياه غير المعالجة إلى السكان"، محذرًا من أن "استهداف المناطق الحيوية له تأثير مباشر وخطير على حياة المدنيين". كما أشار إلى أن الانقطاع المستمر للكهرباء "منع وصول المرضى من المناطق البعيدة إلى المستشفيات، التي تواجه صعوبات شديدة في توفير المياه والأكسجين، في ظل غياب الطاقة الكهربائية". وتزامن انقطاع الكهرباء مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة تجاوز 44 درجة مئوية، ما زاد من حدة الأزمة، بحسب ما أفاد به سكان من أم درمان. وقالت إحدى السيدات لبي بي سي: "لا توجد مياه صالحة للشرب الآن. هناك من يبيع مياهاً غير نظيفة، ومن النادر أن نجد مياهاً باردة، خاصة مع هذا الحر الشديد". بينما أضاف آخر: "نواجه أزمة مزدوجة في الوقود والمياه... أم درمان تعاني معاناة شديدة". وأكد أحد السكان أن "قطاعات كثيرة من العمل توقفت لأنها تعتمد بشكل أساسي على الوقود، حتى العربات توقفت عن الحركة"، فيما أشار آخر إلى أن "كل شيء يعتمد على الكهرباء، خصوصاً في ما يتعلق بتوليد المياه. نحن الآن نبحث عن مولد مياه نستخدمه لتزويد الجيران والأحياء المجاورة بما نستطيع من مياه الشرب".


الأنباء العراقية
منذ 2 ساعات
- الأنباء العراقية
الحشد الشعبي يعلن تعزيز قواته على طول الشريط الحدودي بين العراق وسوريا
أعلن قائد عمليات الأنبار للحشد الشعبي قاسم مصلح، اليوم الثلاثاء،عن تعزيز قطعات الحشد الشعبي على طول الشريط الحدودي بين العراق وسوريا، فيما أكد استمرار عمليات ملاحقة فلول 'داعش' الإرهابي في عمق الصحراء. وقال مصلح في تصريح لموقع 'الحشد الشعبي، تابعته وكالة الأنباء العراقية (واع): إنه "بناءً على توجيهات رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني وبإشراف رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ورئيس أركان هيئة الحشد الشعبي عبد العزيز المحمداوي، باشرت قطعات الحشد الشعبي بالانتشار على طول الشريط الحدودي بين العراق وسوريا بهدف تعزيز الأمن والاستقرار'، مؤكدا 'وجود تنسيق عالي المستوى بين الحشد الشعبي والقطعات الأمنية الأخرى'. وأضاف، أن 'المناطق المتآخمة والقريبة من الحدود العراقية السورية في محافظة الأنبار تتمتع باستقرار أمني كبير'، مشيرا الى 'عدم تسجيل أي خرق أمني خارجي'. ولفت مصلح الى 'استمرار العمليات الأمنية في عمق الصحراء لملاحقة فلول داعش الإرهابي'، مؤكدا أن 'قوات الحشد الشعبي والقوات الأمنية تواصل عمليات تأمين تفويج حجاج بيت الله الحرام الى الديار المقدسة'.


وكالة أنباء براثا
منذ 2 ساعات
- وكالة أنباء براثا
جس نبض أم بداية التطبيع؟
ازهار ال عبد الرسول في هذا الوقت بالذات وفي خضم التحديات التي تواجهها أمة المقاومة، يظهر بين الفينة والأخرى مظهر يدعو للتساؤل وبشدة! لا سيّما عندما يتعلق الأمر بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي لا يزال يُعدّ مرفوضاً من عامة الشعوب الحرة، ومنها العراق. مؤخراً، ترددت أنباء عن دعوة الروائي المصري الدكتور يوسف زيدان لبغداد، لإلقاء محاضرات ضمن فعالية ثقافية ترعاها إحدى الشبكات الإعلامية العراقية، في فندق المنصور ميليا. وهنا تبدأ الأسئلة والاستفسارات حول هذه الشخصية، ما الهدف من إستحضار مثل هذا المطبع لبغداد؟ وهذه ليست المرة الاولى، ولا اعتقد الأخيرة، في السنوات السابقة كان قد زار العراق عدة مرات، وألقى محاضرته المشبوهة على وجل، التي تدعو علانية وسراً للتطبيع مع العدو الغاصب. فإن ما صدر منه من تصريحات بخصوص التطبيع، هو غيض من فيض، نقتبس منها: إسرائيل عدو عاقل. لو وجهت لي دعوة لإسرائيل لذهبت. القدس ليست مكاناً مقدساً. المسجد الأقصى الموجود في القدس ليس هو المسجد الأقصى. إن جذور الحروب بين اليهود والمسلمين تعود للمتطرفين من الفريقين. الرافضون للتطبيع جهلة. وغيرها من هذه التصريحات التي تفضح قائلها، وتمسك عليه بالجرم المشهود. في ١٢/٥/٢٠٢٢ — أقر مجلس النواب العراقي بالقراءة الأولى مشروع قانون لحظر التطبيع مع إسرائيل، وفي ٥/٢٩ لذات السنة صادق البرلمان العراقي أخيراً وبالإجماع على قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل. اذن التطبيع مع الكيان الغاصب جريمة في الدستور العراقي. بعد أن مَنَّ الله وأنعم علينا بحكومة شيعية ومرجعية حكيمة لها اليد الطُولى في حفظ الأرض والعرض، هل اصبحنا مسرحاً لمن هب ودب؟ وساحة مفتوحة لأجندات محلية ودولية تحمل طابعاً تطبيعياً مقيتاً؟ الدكتور زيدان، المعروف بمواقفه المثيرة للجدل حول القضية الفلسطينية، مما يجعل حضوره في بغداد موضع شك وتساؤل. فالأمر هنا لا يتعلق بحرية التعبير، ولا مشاركة أديب في أمسية شعرية أو ثقافية، بل إن هذه الشخصية التي تدور حول إصدارته عديد من التهم التي تتعلق بالأمانة العلمية الفكرية، حين يتم توجيه دعوة اليه فأنها تحمل توجهات تطبيعية صريحة، في ظل رفض شعبي وقانوني للتطبيع داخل العراق. لذا فالأمر يتجاوز كونه نشاطاً ثقافياً بل يجب أن يأخذ موقفاً سياسياً جاداً. ما أكثر المثقفون الحقيقيون، الذين يرون في الكيان الصهيوني قوة احتلال، ويؤمنون بحق الشعوب في مقاومته، والا هل ضاقت بنا السُبل لندعو مثل هذا المطبع. العراق بأبطال شعبه ومقاومتهم للمحتل، لم يعد ساحة مفتوحة لكل خطاب يخدم التطبيع ولو بعبارات ناعمة. العراق، بدماء شهدائه ومواقفه الداعمة للقضية الفلسطينة أكبر من أن يُستغل لتمرير رؤية لا تمثله، ولا تعبّر عن شعبه. إن من الواجب، اليوم قبل الغد، أن تعيد الجهات المسؤولة النظر في مثل هذه الدعوات، وأن تضع ثوابت الأمة في الحسبان، وتحاسب وتراقب فلا تهاون ولا تهادن في مثل هذه الامور. كلا للتطبيع، ولكل محاولة خبيثة تحمل في جنباتها خرق للوعي وتمرير ما تصبو اليه.