هل يسأل الناس عن أوطاننا فينا؟
مقالات
0
نوال حسن فوزي
أوطاننا نحن
أوطاننا نحن.. والدنيا منافينا
هويّتي عملة، واسم، وذاكرةٌ
وغــــــــــربةٌ من عصـــــــــــور في مآقينا
يا لافتات قطارات الرحيل قفي
نحصي المحطات كَمْ صرنا بعيدينا
هذه أبيات ثلاثة من قصيدة لم يستطع ذهني مفارقتها منذ اللحظة التي سمعتهم فيها، قد تتعدّد أسباب تعلّق ذهن المرء بالشيء؛ لكن تعلقي بهذه الأبيات كان مختلفًا!
شدّتني الأبيات تلك من قصيدة الشاعر أحمد بخيت، وهو شاعر مصري، أخذ النيل من شرايينه مجرًى كما أخذ عندي، ولعلّ هذا السريان المشترك كان سببا لتعلّقي أكثر فأكثر بهذه الأبيات؛ حيث إنني كلما سمعتها، وأيقنت أن الشاعر قد كتبها لوطني: ترنّمت بها، واتّخذ جسدي من الوطنية والانتماء جناحين فحلّق!
جدير بالذكر، أنني ممن فارق موطنه في الصغر، وكنت كلّما اشتدّت بي اللوعة والشّوق تذكّرت رحيل النّبي صلى الله عليه وسلّم من موطنه ومهوى فؤاده، وتذكّرت مقولته التي طالما زلزلت أركان هذا الفؤاد الطريّ الهشّ، حين قال صلّى الله عليه : (والله إنك لأحب أرض الله إلي، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت). وما أن تذكّرت هذه المقولة؛ حتى تصبّرت وتجلّدت، وأيقنت أن الأوطان عزيزة وإن جارت، والأهل وإن ضنوا فهم كرام.
وفي مرة من الخمسين مرة التي قرأت فيها هذه الأبيات شرد ذهني لما هو أعمق من هذه القوافي والأحرف: هل تنتهي حدود هويّتي وانتمائي الفذّ عند حدود بلاد النّيل؟! وهل من المنطق أن تكون للهويّة والانتماء حدود؟ ماذا إن لم يستطع عبد الله وأمته الوصول لتلك الحدود؟ أيظلّان بلا هوية؟!
وفور وصول ذهني لهذه النّقطة، تبادر إليه انتماء النّبي صلّى الله عليه وسلم إلى طيبة وأهلها، ممّا دفع ذهني إلى الاستمرار في التساؤل: ألم يكن النّبي من مكّة؟ ما الذي علّق قلبه بطيبة؟ وكيف اتّخذ من أرضها مسكنًا له حتى بعد تمكنّه من الرجوع؟! وهنا توصّلت إلى الفكرة! انتماء المسلم إنما يكون لربّه ودينه أولا؛ فحيث ما وجد أرضًا تقام عليها شريعة ربّه اطمئن وسكن وانتمى.
أما عن الحدود التي وضعت لتذيب علاقات وروابط لم يعرف التاريخ مثل قوّتها وصلابتها، لا يجب على المرء أن يحدّ نفسه بها. وبما أنني ممّن يحبّون الشعر ويطربون به، تذكّرت بيتًا لنهار بن توسعة يقول فيه:
أبي الإسلام لا أبَ لي سواه
إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ
فاكتمل مشهد كامل بتفاصيله في ذهني، يتضمن أصواتًا وتساؤلات عديدة.. كان من أهمها: هل ما تمرّ به الأمة الآن من ضعف وخزي، يكمن سببه في الافتخار بقيس وتميم؟! وهل نجحت سايكس بيكو وغيرها من الاتفاقيات التي رسمت حدودًا أن تكوّن بين عباد الله حاجزًا ؟ ألهذا لا نُنصر ولا نمكّن؟
عندها أدركت أن مرجعية الإنسان يجب أن تكون إلى دينه.. وهويّته وانتماؤه يكونان لأي أرض وأي شعب أقام شرع الله وحدّ حدوده، فحدود الله هي الحدود التي تُتّبع، وليست الحدود التي رُسمت ففرّقت، فننال بهذا قول الله تعالى: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران:103].
وأخذ ذهني يسرد هذا المشهد؛ حتى وصلت إلي هذه الأبيات التي أحبّ، وأدركت أنني لم أعد مضطرةً إلى انتظار قطارات الرحيل ولا إيقافها، ولا مضطرة لأحصي المحطات لأشعر ببعد المسافة؛ لأنني اكتشفت أن هويتي وانتمائي يتواجدان في محطات عدة، وليست محطة واحدة؛ فأستطيع النزول في أيّها شئت، فهويّتي ديني، وعفّتي، وإيماني وحيائي.. أينما حللت أو ارتحلت! وعروبتي فخر وعزّة، وبلاد العرب والإسلام أوطاني، واكتشفت أن عروقي لا يجري بها النّيل فقط، بل اتّخذ دجلة والفرات وغيرهما منها مسلكًا، وأبحرت هويّتي في المحيطات السّبع، وأيقنت أن انتمائي لأرض الله الواسعة، حيث أقام عباده شريعته، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصّبر، وبهذا كان المؤمن هوية تتنقّل، وانتماء دائما لا يرتبط بحدود ولا مجتمع محدد .
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 7 ساعات
- صحيفة الشرق
كيف؟ ولماذا؟
168 A+ A- كان الحوار محتدًا بين مجموعة من الزملاء.. كيف يعتلي المبدع الصدارة؟ هل بفضل الموهبة أم الحظ..؟! انطلق أحدهم قائلاً: عن طريق الحظ وإلا ماذا كان يملك من موهبة فنان مثل شعبان عبد الرحيم أو محمد رمضان أو هيفاء وهبي.. إنه الحظ؛ وهل كان عبد الحليم حافظ أفضل صوتًا من محمد قنديل يا أخي.. انبرى آخر.. وقال: قد يلعب الحظ دورًا لفترة.. ولكن الموهبة والتجديد والعلم والمعرفة ركن أساسي.. نماذج في الوطن العربي الذين امتزجوا بالفن نماذج عدة.. حياة عبد الحليم ارتبطت بالتجديد والتطوير وهكذا محمد عبده على سبيل المثال، ومن قبلهم موسيقار الأجيال وأم كلثوم.. سكت أحدهم طويلاً ثم قال: لدينا فنان موهوب قدم خلال مسيرته عطاءً متميزًا لم يلهث خلف وَهْم اسمه الشهرة.. ولكن عمل بصمت وعبر موهبة خلاقة وثقافة موسوعية والأهم التواضع الجمّ.. تطلع إليه الجميع حتى صرخ كعادته "بوأحمد" نعم نعرف أنه بوخالد.. كتلة المشاعر الإنسانية النبيلة.. إنه فهد الكبيسي فناننا الأهم والأبرز كيف لا.. وهو يواصل عطاءه في كل موسم.. ويحتل في كل موسم مساحة أكبر في ذاكرة المتلقي. ومع الأسف فإن البعض يعيش على وهم أغنية ويعتقد بأن نجاح أغنية أحادية سوف يضعه في خانة الخالدين.. عطاء عبد الله الرويشد ومحمد عبده لم يقتصر على لحن أحادي.. وأبو بكر سالم عاش نجمًا لأكثر من نصف قرن، بينما أحدهم في كل مناسبة يفتخر بأغنية أحادية مثل علي حميدة ولولاكي.. أو العراقي ويا البرتقالة.. ولكن بوخالد.. فهد الكبيسي هو الاسم الأبرز وهو صورة حقيقية للفنان الملتزم.. قطع مشوار النجومية بالعلم والمعرفة والتواضع الجمّ.. أمثاله في تاريخ الغناء العربي من القلة سواء في شرقنا أو الغرب، وكثيرون انجرفوا خلف وهمّ الشهرة فضاعوا..! ولم تتوقف إبداعات بوخالد عند التألق فقط؛ بل ساهم في تألق أشقائه ولأنهم وجدوا في نموذجه المثل الأعلى فهاهم يقطعون خطوات النجومية بخطوات ثابتة.. وإن شاء الله النجاح حليفهم.. عبر التميز ورعاية النجم الكبير بوخالد لأشقائه...


صحيفة الشرق
منذ يوم واحد
- صحيفة الشرق
انتبه لقطار العمر.. لا يفوتك!
0 في زحمة الحياة.. فجأة تجد نفسك بلغت سن الثلاثين من العمر.. ثم الأربعين والخامسة والخمسين.. ثم قاربت الستين. هذه السنين لم اشعر بها من قبل وبدأت أشعر بالخوف من سرعة الأيام بل الساعات. وتلاحظ أن الشعر الأبيض مهما تلاحقك بسواد يزيد في كل أنحاء الجسم وترى من حولك ينادونك بابي او عمي والبعض ياحاج حتى وان لم تحج. ثم صار الشباب في المناسبات والأفراح يفسحون في المكان المجالس او يعطونني كرسيا كي أرتاح. كانت معاملة مميزة تمييزاً سلبياً ولكنني من جهة أخرى تمعنت في سيرة أفضل الخلق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.. فقد بدأ الوحي ينزل عليه وهو في الاربعين وحارب الكفار وهو في الرابعة والخمسين واستمر بمحاربتهم لنشر دين الله حتى آخر عمره والسيدة خديجة كانت في عز قوتها وهي في سن الاربعين حيث أنجبت أولادها وبناتها فيما بعد هذا العمر، واستنتجت أن العمر الحقيقي هو ما تشعر به أنت في قلبك عن نفسك! فالشعور بالرضا والسعادة هو أمر بيدك أنت لا بيد عداد الأيام فالعمر مجرد رقم لكن الحذر كل الحذر ان تنسى انك تترك اوقاتا خلفك في معترك الحياه. من المحتمل ان تندم عليها وخصوصا لو ولم تستفد منها في طاعة الله سبحانه وتعالى، لذلك عندما تصل لهذا العمر. فأنت في بداية طور جديد من أطوار الشباب استمتع بها. وابدأ بحفظ القرآن لأنك في قمة شبابك واجتماع قدراتك، حافظ على السنن الراتبة، صم ثلاثة أيام في الشهر.. اجعل لك خلوة في جوف الليل بربك.. ضع لك بصمة في دروب الخير ليبقى اسمك.. واترك أثرا ليحيي ذكرك، لا شيء يستحق الحزن والندم في حياتك، سوى تقصيرك في جنب الله وهو ميسر الامور. افرح أنك بقيت على قيد الحياة يومًا جديداً ؛ ففي هذا اليوم ستقيم صلوات وتزرع حسنات، وتقدم صدقات، فأنت الرابح الفائز، فاغتنم كل دقيقة.. فإنها لن تعود.! يوم التغابن.. أشد الناس ندماً في الآخرة هم المهدِرون لأعمارهم حتى وإن دخلوا الجنة ! بين الدرجة والدرجة في الجنة قراءة آية، أو تسبيحة أو تحميدة أو تهليلة، والمتاجرة مع الله لا حدود لها، فالله الله في حسن استثمار ما تبقى من أعمارنا. وهذه وصية لي ولكم لنغتنم أعمارنا وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم خَيْرُ النَّاسِ مَن طالَ عمُرُه وَحَسُنَ عملُه.


صحيفة الشرق
منذ 2 أيام
- صحيفة الشرق
حفلات تخرج المدارس
309 لا شك أن الاحتفال والبهجة ورسم لوحة الفرح على أبنائنا الطلاب والطالبات خاصة في المناسبات وأبرزها حفلات التخرج التي تظل عالقة في الاذهان وتبقى ذكرى جميلة مع مرورالوقت، وهذا كما قلنا أمر جميل ومرغوب لأن مثل هذه المناسبات تحقق الكثير من الاهداف الاجتماعية والتربوية وتشعر الطلاب والطالبات بأهمية التواصل والاجتماع مع المجتمع المدرسي ومع زملائهم ويسهم بالتالي في دمجهم مع محيطهم بشكل ايجابي ويجعلهم يتفاعلون بصورة أكثر مع الفعاليات المجتمعية في المستقبل وهو ما يجعل منهم أعضاء متفاعلين ايجابيا مع محيطهم ومجتمعهم وهو ما ينعكس عليهم ايجابا. لكن الملاحظ أن بعض حفلات التخرج خاصة في مدارس البنات قد بدأت تأخذ طابعا مختلفا تماما لما خصصت من أجله مثل هذه الحفلات، فقد أصبح يطلب من الطالبات لبس موحد المعروف في حفلات التخرج من الجامعات والذي هو عباره عن (روب مع القبعة المعروفة ووشاح) وتقوم كل مدرسة بالتعامل مع خياط يقوم بعمل هذه الطلبات وفق أسعار محددة مسبقا لكن الموضوع خرج عن المتفق عليه واصبحت محلات الخياطة التي يتم التعامل معها باستغلال الوضع ورفع الاسعار والمغالاة فيها وأصبحت بعض الطالبات يقمن بتفصيل مستلزماتهن عند خياطين آخرين وبمواصفات غير التي تم الاتفاق عليها مع بقية الطالبات وبهدف التميز تقوم بعض الطالبات بالمبالغة في النوعيات ويحضرن حفلات التخرج بـ «روب» تخرج غالي الثمن وأصبحت هذه الحفلات مناسبة للتنافس بين بناتنا الصغيرات في العمر وترك الأمر على ما هو عليه سوف يحفزهن على التنافس على أشياء لا ينبغي لهن التنافس فيها فهن لا يزلن في مراحل حياتهن الأولى وينبغي أن يتم ايقاف مثل هذه السلوكيات التي ستكبر معهن مستقبلا وهن غير واعيات لمخاطرها لأنه في مثل هذه المراحل يجب أن يتعلمن البساطة وعدم المبالغة في شيء وان كان حسنا ذلك الشيء. ونتيجة لذلك فقد أدى ذلك التنافس بين الطالبات الى غياب الكثير منهن عن مثل هذه المناسبة لأن ذلك يشعرهن بالعجز لأنهن بكل بساطة غير قادرات على مجارات زميلاتهن الباقيات في ذات المدرسة، وهذا ليس افتراضا بل سمعته من عدد من أولياء الأمور من إخوان لنا من المقيمين الذين حسبما فهمت يلجؤون الى تغييب بناتهم عن مثل هذه المناسبات لعدم قدرتهم على تلبية طلباتهن التي لا تتوقف عن مثل هذه المناسبة بل حتى في مناسبات أخرى لأن التكاليف كثيرة وفوق طاقتهم، ولا يجب بأي حال من الأحوال أن تكون المدارس على حد سواء للبنين والبنات مصدر ثقل آخر يثقل كاهل ولي الأمر خاصة من أصحاب الظروف التي لا يعلمها الا الله. ولذلك فإن المفترض وحتى تظل هذه الاحتفالات مصدرا للفرح والبهجة وتبقى محفورة في الذاكرة لجميع من يشارك فيها من الطالبات وحتى تكون الفرحة عامة للجميع، يفترض أن تقام وتتم هذه الحفلات بالزي الموحد اليومي للطالبات ويتم الاحتفال بصورة مبسطة وبهذا سيحضر الجميع دون استثناء سواء كانت مثل هذه الحفلات في مدارس البنات أو مدارس البنين لأن الجميع سيكونون بزي موحد وهو الزي اليومي الذي يتساوى فيه الجميع وبالتالي خلق تواصل جميل بينهم وترك البهرجة التي لا داعي لها وتضر أكثر مما تنفع.