
المعلمون على منصات التواصل .. هل أصبح التعليم مهنة بمردود مزدوج؟
الأنباط -
درويش: من لا يواكب هذا التطور مصيره الاندثار
مصطفى: منصات التواصل لأجل الفائدة وليس الربح
الرجبي: المنصات لا يمكن أن تكون بديلًا كاملاً للتعليم التقليدي
مخامرة: دعم الحكومة للاقتصاد الرقمي سيجعل القطاع أكثر تنظيمًا وربحية
خصاونة: الإيرادات المحصلة من السوشيال ميديا لا تعفى من الضريبة
الأنباط – شذى حتاملة / مي الكردي
في ظل الثورة الرقمية والتطور التكنولوجي المتسارع الذي يشهده عصرنا الحالي، ومع الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، إنستغرام، ويوتيوب، بدأ عدد من المعلمين والمعلمات في الأردن باستخدام هذه المنصات كأدوات لنقل المحتوى التعليمي بطرق مبتكرة تواكب التحول الرقمي واهتمامات الجيل الجديد.
فهل انتقل دور المعلم من القاعة الصفية إلى شاشة الهاتف الذكي؟ وهل يمكن اعتبار هذه المنصات أدوات تعليمية فعّالة تدعم العملية التعليمية؟ أم أنها تحوّلت إلى وسيلة تجارية ومصدر دخل إضافي بعيدًا عن هدفها التربوي الأساسي؟
التوسع الرقمي المُكلل بالعائد المالي الذي بات أداةً اقتصادية تتشكل تبعًا للهوية الوظيفية، دفع العديد من المعلمين إلى تقديم محتوى تعليمي رقمي يخدم البيئة الاقتصادية بتحسين جذب الاستثمارات الرقمية والعملات الأجنبية، حيثُ أصبحت هذه العوائد ترفًا للمعلمين تؤكد على تكاملية المهن الرقمية مع التقليدية دون إحلالها لتعزيز المنظومة التعليمية ودعمها بكافة أدوات التطور التكنولوجي الحديث.
وفي حين يرى معنيون بقطاع التعليم ضرورة التحول نحو الرقمنة ومنصات التواصل الاجتماعي لمواكبة التطور العالمي، يرى آخرون استحالة أن تكون هذه المنصات بديلًا كاملاً للتعليم التقليدي.
وأوضح الخبير التربوي الأستاذ محمود درويش أن التطور أصبح ضرورة لا غنى عنها، ومن لا يواكب هذا التطور مصيره الاندثار، مشيرًا إلى أن العالم يشهد تحولًا رقميًا متسارعًا، حيث أصبحت المنصات الرقمية مثل "تيك توك" وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي شديدة الانتشار، ما أتاح للمعلمين فرصًا واسعة للوصول إلى الطلبة بطريقة أسرع وأسهل.
وبين درويش أن دور المعلم على هذه المنصات لا يقتصر على تقديم المحتوى التعليمي كاملًا، بل يكتفي بعرض جزء منه بطريقة جذابة، بهدف إثارة اهتمام الطلبة وتشجيعهم على حضور دروسهم أو التفاعل معها بشكل مباشر، فبفضل هذه المنصات، يمكن للطالب أن يصادف مقطع فيديو تعليمي أثناء تصفحه، ما يسهل عليه الوصول إلى المعلم والمعلومة في آنٍ واحد.
وتابع أن هناك فئتين من المعلمين على هذه المنصات: فئة استغلت هذه الأدوات الرقمية لتحقيق أرباح مادية على غرار مشاهير السوشال ميديا، وفئة أخرى تستخدمها كوسيلة فعالة لتوصيل المعلومات وشرح المفاهيم التعليمية للطلاب بعضهم يدمجون الطابع الترفيهي مع الجاد لجذب عدد أكبر من المتابعين والطلبة.
وختم درويش بالإشارة إلى أن التعليم عبر مقاطع الفيديو القصيرة على منصات التواصل لا يحقق الهدف التعليمي الكامل، وإنما يعد وسيلة ترويجية للمعلم ومصدرًا لتقديم لمحات من المحتوى والمفاهيم. فالمحتوى الطويل عادة ما يواجه عزوفًا من المتابعين الذين يفضلون المشاهدة السريعة، لكن في المقابل، يُسهم ذلك في زيادة شهرة المعلم وانتشاره.
وأوضحت الأستاذة ضحى مصطفى أن فكرة إنشاء صفحتها الشخصية على منصة يوتيوب جاءت خلال فترة جائحة كورونا، حيث برزت الحاجة الملحة للتواصل مع الأهالي، خاصة في ظل غياب منصة إلكترونية مخصصة لرياض الأطفال، ومن هنا بدأت بنشر مقاطع فيديو تشرح فيها أساليبها في التدريس، بهدف أن يستفيد منها الأهالي والمعلمات الأخريات في التعرف على طريقتها في شرح المنهاج، مضيفة أنها وجدت لاحقًا تفاعلًا إيجابيًا ودعمًا من زميلاتها، اللواتي أبدين اهتمامًا بتجربتها التعليمية، مما شجعها على الاستمرار.
وشددت الأستاذة ضحى على أن هدفها من إنشاء القناة لم يكن ماديًا أو بغرض الربح، بل اعتبرتها "صدقة جارية" تهدف من خلالها إلى نقل خبراتها التعليمية للمعلمين الآخرين، مستندة إلى تجربتها الشخصية في الميدان.
كما بينت أن المنصات الرقمية لا تعد بديلًا عن الصفوف المدرسية التقليدية، بل تعتبر مكملة لها، حيث يمكن للطالب الذي تغيب عن صفه متابعة الدرس إلكترونيًا. ومع ذلك، ترى أن هذه المنصات لا يمكن أن تحل محل التفاعل الوجاهي، نظرًا لما تفتقر إليه من مهارات اجتماعية ضرورية لنمو الطفل وتطوره.
بدوره، أكد أستاذ الإعلام الرقمي المشارك في جامعة الشرق الأوسط، الدكتور محمود الرجبي، أن منصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك" لا يمكن أن تكون بديلًا كاملاً للتعليم التقليدي، بل تعد أدوات مساندة تسهم في توسيع دائرة التعلم وتعزيز فرص الوصول إلى المعرفة، من خلال ما يعرف بـ"التعلم المصغر" عبر مقاطع فيديو قصيرة (Microlearning)، مشيرًا إلى أن هذه المنصات، وفي ظل تطور تكنولوجيا التعليم، تجعل لـ"تيك توك" وغيرها من المنصات دورًا في تشويق الطلاب وجذبهم إلى مواد كانوا يرونها جافةً، ومع ذلك يبقى الحضور التفاعلي والعلاقة الإنسانية وحس النقاش في القاعة الصفية لا غنى عنه.
وفي مقارنة بين الحصة الصفية والحصة المصورة، أوضح الرجبي أن الحصة التقليدية توفر تفاعلًا حيًا يسمح بمتابعة تقدم الطلبة والرد على استفساراتهم بشكل فوري، كما تعزز الجانب الإنساني والتحفيزي في التعليم، مضيفًا أما الفيديو المصور، فهو يختصر الزمن و تقدّم ميزة الإعادة والمراجعة وتناسب المحتوى البصري، لكنها تفتقر للتفاعل اللحظي، ولا تتيح مراقبة دقيقة لمستوى الاستيعاب، وقد يعوّض هذا جزئيًا بالتواصل الرقمي، إلا أن ذلك ليس متاحًا دومًا.
وحول فاعلية المحتوى التعليمي على "تيك توك"، بين الرجبي أن نوعية المحتوى والنية من وراء صناعته هما ما يحددان قيمته، فبعض الحسابات تقدم محتوى تعليميًا قيمًا ومبتكرًا بأسلوب مشوق تتناسب مع اهتمامات الجيل الحالي، خاصة في مواد اللغات والمعلومات، ولكن في المقابل، هناك كم كبير من المحتوى الذي يقدم باسم التعليم وهو في حقيقته ترفيه، أو معتمد على تبسيط مخل يضيع المعنى والدقة، وفوق ذلك افتقاره إلى المحتوى المدقق، وذلك كله يعتمد على صانع المحتوى من جهة، والمتلقي من جهة أخرى.
وأشار الرجبي إلى أن "تيك توك" وغيرها من المنصات بنيت على نظام الخوارزميات التي تفضل المحتوى الذي يحقق تفاعلًا أعلى، وغالبًا ما يكون المحتوى التجاري هو الأكثر قدرة على تحقيق ذلك، ولمن لا يعلم فإن تصنيف المحتويات في المنصات بشكل عام يعتمد على التفاعل وليس جودة المحتوى في المقام الأول وهذا الواقع قد يؤثر على مصداقية المحتوى التعليمي، لافتًا إلى أن بعض صناع المحتوى، مع تراجع نسب المشاهدة، يلجؤون إلى التهويل أو التضليل لرفع التفاعل، مما يؤدي إلى تراجع الثقة بالمحتوى المعرفي المقدم، داعيًا إلى ضرورة دعم المحتوى التعليمي الجاد، وتفعيل دور الخبراء، إلى جانب رفع وعي المتلقين وتمكينهم من التفكير النقدي، لضمان بيئة تعليمية رقمية أكثر مصداقية وفاعلية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أفاد الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة، أن الإيرادات الإضافية للمعلمين تُسهم في زيادة القوة الشرائية للأفراد، ما يُحفز النشاط الاقتصادي عبر زيادة الطلب على السلع والخدمات المحلية، مُضيفًا أن ذلك يُساعد في خلق فرص عمل غير مباشرة من خلال الاستعانة بفريق دعم يشمل (مصممين، محررين، مسوقين) الأمر الذي يُنشئ وظائف جديدة مرتبطة بالاقتصاد الرقمي.
وأشار إلى أن الاستخدام الرقمي في بث المحتوى التعليمي عبر منصات التواصل الاجتماعي يُعزز من فرص التعلم عن بُعد، خاصة في المناطق النائية، مما يُسهم في رفع الكفاءة التعليمية على المدى الطويل، مُبينًا إسهامه بجذب الاستثمارات ويشجع الشركات المحلية والدولية على الاستثمار في المنصات التعليمية، ويدعم البنية التحتية التكنولوجية في الأردن.
ولفت مخامرة إلى عدم وجود إحصائيات رسمية محددة تُظهر مساهمة الإيرادات المحصلة عبر منصات التواصل الاجتماعي في الناتج المحلي، ذاكرًا بعض التقارير التي تُشير إلى النمو الملحوظ في القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا والتعليم الرقمي في الأردن، إذ زاد الاعتماد على المنصات التعليمية بنسبة كبيرة.
وعلى سبيل المثال، تُشكل المنشآت الصغيرة والمتوسطة (بما فيها المشاريع الرقمية) حوالي 20%من الناتج المحلي في دول مشابهة، مع توقعات بزيادة هذه النسبة في الأردن مع دعم الحكومة للتحول الرقمي.
ووجه مخامرة إلى مبادرة الحكومة الأردنية بإطلاق مبادرات مثل "الدليل الإرشادي لاستخدام منصات التواصل الاجتماعي" لتعزيز الاستفادة من المنصات الرقمية، مما قد يسهم في رفع مساهمة هذا القطاع مستقبلًا.
ووصف العلاقة بين المهن الرقمية والتقليدية بـ"التكامل بدلاً من الإحلال"، حيثُ أن التعليم عبر المنصات الاجتماعية لا يُغني عن المدارس، بل يُعزز فرص التعلم التكميلي وخاصة في الأزمات مثل جائحة كورونا.
وتوقع مخامرة مع زيادة الاعتماد على التعليم الرقمي عالميًا يتوقع أن ترتفع أرباح المعلمين عبر المنصات الاجتماعية، خاصة مع تحسين جودة المحتوى واستخدام أدوات مثل الذكاء الاصطناعي، لافتًا إلى قدرة المعلمين الأردنيين على جذب طلاب عرب وأجانب عبر المحتوى المتميز، مما يعزز الصادرات الرقمية ويرفع من إيرادات العملات الأجنبية.
ووجه إلى التحديات المترتبة على هذه التوسع الرقمي التعليمي الذي يشمل اشتداد المنافسة، وتقلبات سياسات المنصات "مثل تغيير خوارزميات تيك توك"، والحاجة إلى تحديث المهارات الرقمية باستمرار، مُشيرًا إلى أنه مع إطلاق الحكومة لاستراتيجيات دعم الاقتصاد الرقمي، مثل الترخيص الإلزامي للمحتوى الإعلاني، قد يصبح هذا القطاع أكثر تنظيمًا وربحية.
وأوضح مخامرة في نهاية حديثه إلى أن الإيرادات من المحتوى التعليمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن لا تعد عاملًا مساهمًا في تنويع الاقتصاد، ورغم عدم وجود بيانات دقيقة عن مساهمتها الحالية في الناتج المحلي، فإن المؤشرات تُظهر اتجاهًا تصاعديًا.
وأكد أن هذه المهنة لا تُلغي المهن التقليدية بل تُثريها، وتفتح آفاقًا جديدة للشباب في ظل تحديات البطالة مستقبلًا، مُشيرًا بأنها قد تصبح مصدرًا رئيسيًا للدخل إذا تم دعمها بسياسات فعالة واستثمارات في البنية الرقمية والتعليمية.
من الناحية القانونية، أكد الخبير القانوني الدكتور صخر الخصاونة، أن أي إيراد محصل يأتي للشخص يخضع لضريبة الدخل بما في ذلك الدعايات واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، موضحًا أن الإيرادات تخضع لـضريبة الدخل والمبيعات في حال كانت مؤسسة.
وأشار إلى أن ضريبة الدخل التي تفرض على الشخص الواحد هي نفسها لمستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، حيثُ يخضع لـضريبة دخل يحصل من خلالها على إعفاءات لغاية 9000 دينار، وما فوق ذلك يُصبح "شريحة تصاعدية".
ولفت الخصاونة إلى أن العمل داخل مواقع التواصل الاجتماعي لا يخضع للضوابط أو للمعايير، مُشيرًا إلى أن ضريبة الدخل تمتلك الحق في متابعة الأشخاص والإيرادات المُحصلة من وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى صعيد عقود العمل فإن ذلك يعتمد على تضمين حق ممارسة العمل خارج أوقات الدوام أم لا، وفي حالة تعارض العمل فإن ذلك يعود على إذا كانت المدرسة حكومية أو خاصة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 19 ساعات
- السوسنة
إنستغرام يقدم طريقة جديدة لربح المال لصناع المحتوى
السوسنة- يعمل تطبيق إنستغرام، التابع لشركة ميتا، على طرح وسيلة جديدة لتمكين صناع المحتوى من كسب الأموال، من خلال تقديم مكافآت مالية مقابل جذب مستخدمين جدد إلى التطبيق.وحسبما أكدت الشركة لموقع "بيزنس إنسايدر"، فإن إنستغرام بدأ بالفعل في اختبار برنامج يدفع لصناع المحتوى حتى 20 ألف دولار مقابل كل مستخدم جديد يجذبونه إلى المنصة.ويسمى هذا البرنامج بـ"Referrals"، وهو اختبار محدود ومتاح بدعوة فقط يقدم أموالًا لصناع المحتوى المقيمين في الولايات المتحدة عندما يدخل أشخاص على إنستغرام أو ينشؤون حسابًا جديدًا من خلال روابط يشاركها صناع المحتوى هؤلاء، بحسب تقرير للموقع اطلعت عليه "العربية Business".وهناك طريقتان يمكن لصناع المحتوى من خلالهما كسب المال، عبر برنامج "Referrals" بإنستغرام الأولى من المستخدمين الجدد، والثانية من الزيارات.وسيتمكن بعض صناع المحتوى من ربح 100 دولار مقابل كل مستخدم جديد مؤهل يُنشئ حسابًا على "إنستغرام". وأيضًا، يمكن لصناع محتوى آخرين ربح 100 دولار مقابل كل 1,000 زيارة مؤهلة لتطبيق إنستغرام.من المقرر أن يستمر هذا البرنامج لمدة ستة أسابيع من مايو إلى يونيو. وتتعاون "ميتا" مع شريك خارجي لتولي عمليات الدفع، وفقًا لصفحة مركز الدعم الخاصة بالبرنامج على "إنستغرام".ويطلب التطبيق من صناع المحتوى مشاركة روابط -مثل روابط حساباتهم، ومقاطع الفيديو، والمنشورات، ومقاطع الفيديو القصيرة (ريلز)، والقنوات- خارج "إنستغرام" على مواقع وتطبيقات أخرى مثل "تيك توك" و"يوتيوب" و"ديسكورد"، وفقًا لصورة شاشة اطلع عليها موقع بيزنس إنسايدر.وواجه "إنستغرام" منافسة شرسة من تطبيقات أخرى مثل "تيك توك" و"يوتيوب". ويأتي برنامج تحقيق الدخل الجديد أيضًا في وقت تقبع فيه المنافسة المحتدمة بين "ميتا" ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى في محور قضية مكافحة احتكار تاريخية رفعتها لجنة التجارة الفيدرالية ضد "ميتا".وقد تُجبر هذه القضية في حال خسارة "ميتا" لها الشركة على فصل "إنستغرام" و"واتساب" عن عملياتها.وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، اختبر "إنستغرام" أيضًا العديد من برامج تحقيق الدخل من صناع المحتوى، سعيًا للهيمنة في سوق منصات التواصل الاجتماعي لمشاركة الفيديو.و"إنستغرام" ليس منصة التواصل الاجتماعي الوحيدة التي تُحفز المستخدمين على جذب مستخدمين جدد. ففي العام الماضي، أطلق "تيك توك" برنامج يكافئ المستخدمين بخصومات على التسوق وحوافز مالية أخرى مقابل دعوة الأصدقاء إلى التطبيق:

السوسنة
منذ 3 أيام
- السوسنة
اتهامات على تيك توك لدور أزياء كبرى
السوسنة- تنتشر على تيك توك مقاطع فيديو تتهم دور أزياء عريقة بإنتاج منتجاتها سرًا في الصين وبيعها بأسعار مرتفعة تفوق تكلفتها بأضعاف. لكن خلف هذه الادعاءات، توجد حملة مدروسة تهدف إلى ترويج منتجات مقلدة، مستغلة الغموض المرتبط بالرسوم الجمركية. يدّعي صنّاع محتوى صينيون، يقدمون أنفسهم كعمال أو مقاولين من الباطن في مجال السلع الفاخرة، أن سلطات بكين رفعت شروط السرية المفروضة على هؤلاء المقاولين، ردًا على الارتفاع الحاد في الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصين. هذا القرار الصيني المفترض الذي لم تعثر وكالة فرانس برس على أي أثر له، يتيح بحسب المروجين له، الكشف عن الآليات الخفية لتصنيع السلع الفاخرة في الصين. كما من شأنه تشجيع المستهلكين الغربيين على الشراء مباشرةً من مواقع إلكترونية تبيعها من دون أي شعار تجاري ولكن بالجودة والتصميم المُفترضين نفسيهما، بأسعار مُنخفضة للغاية، على سبيل المثال، بـ1400 دولار لحقيبة تحمل توقيع مصممين مشهورين بدلا من سعرها الأصلي البالغ 38 ألف دولار.رفضت علامات تجارية مستهدفة بهذه الفيديوهات، بينها الماركات الفرنسية إيرميس و شانيل و لوي فويتون التي تصنع منتجاتها في أوروبا أو الولايات المتحدة وفقا لمواقعها الإلكترونية، الرد على أسئلة وكالة فرانس برس حول الادعاءات الواردة في هذه المقاطع المصورة المنتشرة على نطاق واسع.لكن الرئيس المؤسس لـ مركز الفخامة والإبداع جاك كارلس يرى أن فكرة تصنيع دور الموضة الكبرى منتجاتها في الصين سخيفة . ويوضح لوكالة فرانس برس سيكون ذلك بمثابة انتحار. لو وُجد دليل- وهو غير موجود- لكان ذلك ضربة قاضية. العلامات التجارية ليست مجنونة .إثارة الشكوكبينما يُشدد مستخدمو تيك توك على خبرات العمال الصينيين الذين يُصوَّرون على أنهم أصحاب مهارات تستعين بهم العلامات التجارية الفاخرة الكبرى في الخفاء، يوضح كارلس أن ورش التزوير هذه لا تحترم مطلقا مختلف مراحل التصنيع ، مستشهدا بمثال حقيبة بيركين الشهيرة من إيرميس التي تتطلب مئات الساعات من العمل .في الواقع، يسعى مستخدمو الإنترنت الذين ينشرون هذا المحتوى إلى إثارة الشكوك بهدف استنفاد مخزوناتهم من المنتجات غير القانونية، وفق كارلس الذي يتحدث عن حملة واسعة الانتشار تعززت عبر وسائل التواصل الاجتماعي و يصعب التصدي لها . أما العلامات التجارية، من جانبها، فتلزم الصمت و تتعامل مع الأمر بازدراء ، وهو خطأ وفق كارلس.ويرى أستاذ تسويق المنتجات الفاخرة في كلية إمليون الفرنسية للأعمال ميشال فان أن اتهام الصين بإنتاج منتجات فاخرة سرية يتم الترويج لها على أنها مصنوعة في أوروبا لا أساس له من الصحة .كذلك الأمر بالنسبة للرواية التي طُرحت على تيك توك وتُفيد بأن ذلك يشكل ردا صينيا على الإجراءات الجمركية الأميركية. ويقول فان هذا غير منطقي، لأن مهاجمة العلامات التجارية الأوروبية لا تضر الحكومة الأميركية بأي شكل من الأشكال .استياء وغضبوأثارت مقاطع الفيديو هذه استياء لدى مستخدمين للإنترنت، إذ عّبر البعض ممّن اطلعوا على هذه الفضائح المفترضة عن الغضب لشرائهم منتجات فاخرة بأسعار باهظة.سأل آخرون في التعليقات عن أسماء موردي العلامات التجارية الفاخرة الكبرى في الصين الذين يمكنهم شراء المنتجات منهم بأسعار مخفضة.في الوقت نفسه، يُنظّم تجار صينيون عمليات بيع مباشرة على تيك توك، عبر ربطها بمواقع إلكترونية.وتحصد فترات البث الحي أو الرسائل المباشرة مئات المشاهدات لكل منها. وتُعرض فيها نماذج للمنتجات الفاخرة وتُرقّم وتُرتّب على الرفوف. وفي إحدى هذه الرسائل، يقول صوت موّلد بواسطة الذكاء الاصطناعي بالفرنسية توصيل سريع (دي اتش ال). منتجات مطابقة لتلك الموجودة في المتاجر. الفرق الوحيد: السعر .يُدعى مستخدمو الإنترنت إلى مسح رمز الاستجابة السريعة أو النقر على رابط لإتمام عملية الشراء عبر واتساب أو باي بال .رصدت وكالة فرانس برس حوالي عشرين بثا مباشرا مشابها تُبثّ في آنٍ واحد باللغتين الإنكليزية والفرنسية، ما يُشير إلى أن مستخدمي الإنترنت في أوروبا وأمريكا الشمالية هم المستهدفون الرئيسيون.وحذّرت وزارة التجارة الصينية في بيان من أنه سيتم الإبلاغ فورا عن أي حالة لإعلان مُضلّل، أو انتهاك، أو إنتاج سلع مُقلّدة من مُقدّمي الخدمات الذين يُقدّمون أنفسهم على أنهم مُقاولون من الباطن لعلامات تجارية كبرى إلى السلطات للتحقيق فيها ومعاقبة المسؤولين عنها.وتُعرف الصين بانتظام بأنها أكبر بؤرة لتقليد المنتجات في العالم. وبحسب بعض التقديرات، تُصنّع 70 إلى 80% من المنتجات المقلدة في البلد الآسيوي العملاق.ويشكل شراء المنتجات المقلدة مخالفة قانونية في دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك في العديد من الدول الأجنبية الأخرى. وفي فرنسا، يُعاقَب على هذه الجريمة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة قدرها 300 ألف يورو. كما يُمكن للجمارك مصادرة المنتجات وفرض غرامة تعادل قيمتها.وبحسب مكتب الاتحاد الأوروبي للملكية الفكرية (EUIPO)، يُكلّف التزوير الصناعة الأوروبية 16 مليار يورو سنويا. وأكثر القطاعات تضررا هي الملابس ومستحضرات التجميل ولعب الأطفال.(أ ف ب)اقرأ المزيد عن:


جو 24
منذ 3 أيام
- جو 24
وسائل التواصل الاجتماعي الواقع والمتوقع
عامر الصمادي جو 24 : تُعد وسائل التواصل الاجتماعي من أبرز الظواهر الرقمية التي غيّرت وجه العالم في العقود الأخيرة، حيث أثرت بشكل عميق في مجالات متعددة من الحياة اليومية، بدءًا من التواصل الاجتماعي وصولًا إلى الاقتصاد والسياسة والثقافة بل والعادات اليومية للبشر حتى اصبحنا نجد نوعا جديدا من الادمان ينتشر بين الناس وهو ادمان مشاهدة هذه المواقع والتفاعل معها . وقد بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم بحلول شهر تموز2024 ، 5.17 مليار شخص، أي ما يعادل 63.7% من إجمالي سكان العالم . و يعكس هذا النمو المستمر تحولًا جذريًا في كيفية تفاعل الأفراد مع المعلومات والآخر ين و وفقًا لتقرير "Digital 2024" ، يقضي المستخدم النموذجي حوالي ساعتين و23 دقيقة يوميًا على منصات التواصل الاجتماعي، ويستخدم ما متوسطه 6.7 منصة شهريً ا مماينج عن ذلك تأثيرات متعددة مثل : 1. التواصل والهوية أصبح التواصل عبر منصات مثل فيسبوك، إنستغرام، وتيك توك جزءًا لا يتجزأ من حياة الأفرا د اذ تتيح هذه المنصات للأشخاص التعبير عن أنفسهم، ومشاركة لحظاتهم اليومية، وبناء هويات رقمية تتجاوز الحدود الجغرافية . ومع ذلك، تثير هذه الظاهرة تساؤلات حول تأثيرها على العلاقات الشخصية والخصوصية . 2. التأثير السياسي والمجتمعي شهدت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا متزايدًا في الحركات السياسية والاجتماعية . من خلال هذه المنصات، يمكن للأفراد التعبير عن آرائهم و تنظيم الاحتجاجات، والتأثير في السياسات العامة . ومع ذلك، تبرز تحديات مثل انتشار المعلومات المضللة، وتأثير الخوارزميات على تشكيل الرأي العام . التأثير الاقتصادي ِ 1. التجارة الإلكترونية والتسويق أصبحت منصات التواصل الاجتماعي أدوات قوية للتسويق والإعلا ن و تتيح هذه المنصات للشركات الوصول إلى جمهور واسع، وتقديم منتجاتها وخدماتها بشكل مباشر . بالإضافة إلى ذلك، ظهرت ظاهرة "التجارة الاجتماعية"، حيث يمكن للمستخدمين شراء المنتجات مباشرة من خلال التطبيقات . 2. فرص العمل والاقتصاد الرقمي أدت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ظهور وظائف جديدة، مثل مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي، مديري المجتمعات الرقمية، ومتخصصي التسويق الرقمي . كما ساهمت في تعزيز الاقتصاد الرقمي، من خلال تمكين الأفراد والشركات من الوصول إلى أسواق جديدة . التأثير البيئي على الرغم من الفوائد العديدة، تساهم وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة البصمة الكربونية . وفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة، يُقدّر أن إجمالي انبعاثات القطاع الرقمي يتراوح بين 2% و4% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية . تُعزى هذه الانبعاثات إلى استهلاك الطاقة في مراكز البيانات، شبكات النقل، والأجهزة المستخدمة . المستقبل والتحديات 1. الذكاء الاصطناعي والخوارزميات من المتوقع أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا متزايدًا في تشكيل المحتوى الذي يظهر للمستخدمين . قد يؤدي ذلك إلى تعزيز التخصيص، ولكنه يثير أيضًا مخاوف بشأن الخصوصية، والتحكم في المعلومات، وتأثير الخوارزميات على الرأي العام . 2. التنظيم والرقابة مع تزايد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، تبرز الحاجة إلى وضع قوانين وتنظيمات تحكم استخدامها . تشمل هذه القوانين حماية البيانات الشخصية، مكافحة المعلومات المضللة، وضمان حرية التعبير . الوضع في الاردن تشهد وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن نموًا ملحوظًا، حيث أصبحت جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية لملايين المواطنين . وفقًا للتقرير السنوي الصادر عن منصة Datar portal ، بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن 10.7 مليون شخص، ما يعادل نسبة انتشار بلغت 92.5% من إجمالي السكان البالغ عددهم 11.6 مليون نسمة في بداية عام 2025 . من بين هؤلاء، هناك 6.45 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي، ما يمثل 55.7% من السكان . المنصات الأكثر استخدامًا في الأردن تصدرت منصة يوتيوب قائمة المنصات الأكثر استخدامًا في الأردن، حيث بلغ عدد مستخدميها 6.45 مليون شخص، بزيادة قدرها 70 ألف مستخدم عن العام السابق، أي بنسبة نمو 1.1 %. تلتها منصة فيسبوك بـ5.45 مليون مستخدم، مع زيادة قدرها 150 ألف مستخدم، بنسبة نمو 2.8 %. أما إنستغرام، فقد بلغ عدد مستخدميه 4.05 مليون شخص، بنسبة انتشار بلغت 35% من السكان، وسجلت المنصة نموًا بنسبة 9.5% بزيادة 350 ألف مستخدم خلال عام 2024 . من جهة أخرى، بلغ عدد مستخدمي سناب شات 4.1 مليون مستخدم، ما يمثل 35.4% من عدد السكان، وارتفع عدد مستخدميه بمقدار 635 ألف مستخدم بنسبة 18.4% خلال عام 2024 . انخفاض في استخدام تيك توك على الرغم من الشعبية العالمية لتطبيق تيك توك، إلا أن الأردن شهد انخفاضًا في عدد مستخدميه، حيث تراجع بمقدار 376 ألف مستخدم، بنسبة 14.1%، ليصل إلى 2.27 مليون مستخدم . هذا التراجع قد يكون مرتبطًا بتغيرات في تفضيلات المستخدمين أو ظهور منصات جديدة . او تأثير حجب هذا التطبيق في الاردن . الفئة العمرية والجنس تشير البيانات إلى أن 5.84 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي في الأردن تجاوزت أعمارهم 18 عامًا، ما يمثل 79.4% من هذه الفئة العمرية . من حيث التوزيع حسب الجنس، كانت نسبة الذكور 53.4% مقابل 46.6% للإناث، مما يعكس توازنًا نسبيًا في استخدام هذه المنصات بين الجنسين . النمو المستقبلي والتوجهات من المتوقع أن يستمر نمو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن، خاصة مع زيادة انتشار الإنترنت وتطور التكنولوجيا و تشير التوقعات إلى أن منصات مثل إنستغرام وسناب شات ستشهد مزيدًا من النمو، بينما قد تواجه منصات أخرى تحديات في الحفاظ على قاعدة مستخدميها . الخلاصة تُظهر الإحصائيات والاتجاهات الحالية أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية . بينما تقدم هذه المنصات فرصًا هائلة في مجالات التواصل و الاقتصاد والتأثير الاجتماعي، فإنها تطرح أيضًا تحديات تتطلب اهتمامًا جادًا . من خلال التنظيم الواعي، والوعي الجماعي بما يمكن تحقيق توازن بين الاستفادة من هذه المنصات ومعالجة تحدياتها . كما تُظهر الإحصائيات أن وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن تشهد نموًا مستمرًا، مع تفضيل واضح لمنصات مثل يوتيوب وفيسبوك وإنستغرام و هذا النمو يعكس التغيرات في تفضيلات المستخدمين وتطور التكنولوجيا، مما يفتح آفاقًا جديدة للتواصل والتفاعل في المجتمع الأردني . تابعو الأردن 24 على