بخيل بين مدينتين
ومن منا لا يتذكر كتاب الجاحظ «البخلاء»، الذي رصد تصرفاتهم في الشح والتقتير، وانقباض نفسياتهم وتصحر مشاعرهم حين يأتي الحديث عن الكرم والسخاء وبذل المال.
ولعل أصدق ما قيل في البخيل «عندما تشيخ كل العيوب يبقى البُخل شاباً».
وفي عصرنا انتشرت ظاهرة البخلاء المستغلين، ويمكن معرفتهم من حضورهم لقاءات الأقارب والجيران والأصدقاء، حيث يُمسكون أياديهم، ولا يدفعون هللة واحدة، وتراهم يسارعون إلى تلبية دعوات المناسبات في الاستراحات والمنازل، وفي المقابل يتجاهلون استضافة الناس حتى في منازلهم.
حدثني صديق ظريف عن حكاية حقيقية حدثت قبل عقد، سردها عليه رجل بخيل يملك المال الوفير، حيث اضطرته ظروفه للسفر خارح منطقته، للمراجعة الطبية ليوم واحد.
وقال له: «غادرت منزلي وأنا لا أحمل في جيبي سوى ورقة خمسمائة ريال وبطاقة صراف، تمضي الشهور ولا تريان النور، وحين وصلت المطار، بادر أحد العمال بمساعدتي، وحمل حقيبتي، وانتظر أن أقدم له شيئا، لكنه أشفق على حالي، وتنازل عن حقه، لأنه لا يملك صرف الخمسمائة التي أشهرتها في وجهه.
وبعد إنهاء إجراءات السفر، ودخولي الصالة الداخلية، لوحت بالورقة الزرقاء مرة ثانية، لأدفع قيمة قارورة ماء صغيرة، والقلق يساورني من صرفها، فاعتذر النادل بسبب عدم توافر فئات نقدية، وسامحني في الريالين، وحمدت الله على ذلك. وتكرر المشهد نفسه مع سائق سيارة خاصة نقلني من مطار الوصول إلى المستشفى، وعندما رأى الخمسمائة ريال، وعدم إمكانية صرفها رق لحالي، ولم يأخذ قيمة المشوار، بل تمنى لي الشفاء».
وأضاف البخيل: «بعد انتهاء الفحوص، استقليت سيارة «كداد»، يقودها رجل من جنسية آسيوية، إلى مطار العودة، وضرب السائق كفا على كف وهز رأسه، لعدم وجود «فكة» في محفظته، وطلب مني سرعة المغادرة، لأن المكان غير مخصص للانتظار والوقوف. وخوفا من تسجيل مخالفة، قرر أن يتنازل عن قيمة المشوار. وفور وصولي إلى مدينتي، التقيت مصادفة أحد الجيران في المطار، الذي أوصلني بسيارته إلى منزلي، ولم أصرف ريالا واحدا في هذه الرحلة المباركة».
يقول الصديق: «كظمت غيظي من هذا البخيل وهو يسرد حكايته أمامي بسعادة غامرة، ويُشيد بحسن التصرف والحظ، ولم ينس الثناء على سخاء وكرم من تنازلوا عن حقوقهم».
وأعتقد أن مثل هذه الحالات تتكرر من بخلاء العصر المستغلين بأساليب لا تخطر على البال، ونسمعهم يتفاخرون بهذه الحماقات، ويعتبرونها من الفطنة والدهاء.
والبخيل هو من وظف نفسه من حيث لا يدري كحارس على المال، وقد أحاطت به الهموم من كل جانب، وحرم نفسه، وضيق على أسرته، ونسي أن يقتطع من أمواله لآخرته.
ويقال إن هناك كلمات مؤثرة وجدت مكتوبة على جدار مقبرة قديمة «أيها الإنسان ليس باستطاعتك أن تأخذ مالك معك، لكن كان باستطاعتك أن تجعله يسبقك».
وتقول الدكتورة منى العمري في كتابها «النقص والكمال البشري»: «يُدخِل العربُ سوءَ الخُلق في باب العاهات كالبخل مثلاً، ومنه قول ابن وهب: البخل عاهة والسخاء راحة».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


غرب الإخبارية
منذ 5 ساعات
- غرب الإخبارية
بيئة الجموم تنفذ فرضية لحادثة سقوط شخص في بئر وانقاذه
المصدر - قام مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بمحافظة الجموم، بتنفيذ فرضية لحادثة سقوط شخص في بئر وانقاذه، وذلك بالتعاون مع إدارة الدفاع المدني، وهيئة الهلال الأحمر السعودي، وبلدية الجموم، وشرطة المحافظة، إلى جانب مركز العمليات الأمنية الموحد (911) بمنطقة مكة المكرمة، وبمتابعة من غرفة الطوارئ المركزية بفرع الوزارة. ويأتي تنفيذ هذه الفرضية ضمن الإجراءات الاستباقية الرامية إلى رفع مستوى الجاهزية لمواجهة حالات الطوارئ، وتعزيز سلامة الأرواح والممتلكات، كما تهدف إلى توحيد الجهود بين الجهات المعنية، ورفع كفاءة التنسيق وسرعة الاستجابة عند وقوع أي حادث – لا قدر الله. وبدأت الفرضية بتلقي البلاغ عبر مركز العمليات الأمنية الموحد (911)، حيث تم تمرير البلاغ إلى غرفة الطوارئ المركزية بفرع الوزارة والجهات المشاركة، وقد تعامل مكتب البيئة بالمحافظة مع البلاغ من خلال موظف الطوارئ، وتم اتخاذ جميع الإجراءات الميدانية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتنفيذ الفرضية، التي اكتملت بنجاح خلال مدة زمنية لم تتجاوز 10 دقائق. وأوضح الأستاذ صالح بن محمد آل رغيب، مدير مكتب الوزارة بمحافظة الجموم، أن تنفيذ هذه الفرضية يهدف إلى تعزيز كفاءة التعامل مع الكوارث البيئية، وقياس جاهزية الجهات المشاركة، وتحديد نقاط القوة والضعف لتحسين الأداء العام، وأضاف أن إتمام الفرضية بنجاح في أقل من عشر دقائق يعكس مدى الجاهزية العالية والاستعداد المسبق من قبل جميع الجهات المشاركة. وأكد آل رغيب: أن هذه الفرضيات تُعد خطوة أساسية نحو تحقيق أعلى معايير الأمان البيئي، وتسهم في تحسين الاستجابة السريعة والفعالة للحوادث، بما يدعم حماية المجتمع والبيئة على حد سواء.


عكاظ
منذ 14 ساعات
- عكاظ
تركيا تعتقل عشرات العسكريين لصلتهم بانقلاب 2016.. ما القصة؟
تابعوا عكاظ على أصدر الادعاء العام في تركيا، اليوم (الجمعة)، أوامر اعتقال بحق 63 عسكريًا في الخدمة الفعلية، في إطار التحقيقات المستمرة التي تستهدف أفرادًا يُزعم ارتباطهم بجماعة فتح الله غولن، التي تتهمها الحكومة التركية بالتخطيط لمحاولة الانقلاب التي هزت البلاد قبل تسع سنوات. ووفقًا لوكالة الأناضول الرسمية، تم تنفيذ العملية في عدة مدن تركية، حيث ألقت السلطات القبض على 56 من العسكريين المطلوبين حتى الآن، فيما تستمر جهود البحث عن السبعة الآخرين، وتشمل التهم الموجهة إلى المعتقلين «الانتماء إلى منظمة إرهابية مسلحة»، في إشارة إلى جماعة «غولن» التي صنفتها أنقرة منظمة إرهابية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، والتي أسفرت عن مقتل 251 شخصًا وإصابة أكثر من 2000 آخرين. وأشار بيان صادر عن مكتب المدعي العام في أنقرة إلى أن التحقيقات استندت إلى أدلة جديدة، تشمل سجلات اتصالات ووثائق تثبت ارتباط المشتبه بهم بالشبكة التي يقودها غولن من الولايات المتحدة، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه فتح الله غولن، الذي يعيش في المنفى في بنسلفانيا، نفي أي دور له في محاولة الانقلاب، فيما تطالب تركيا بتسليمه باستمرار دون جدوى. أخبار ذات صلة وأثارت الاعتقالات الجديدة نقاشًا داخليًا حول استمرار هذه الحملات بعد مرور ما يقرب من عقد على المحاولة الانقلابية، حيث يرى البعض أنها قد تعمق الانقسامات السياسية في البلاد، بينما يؤيدها آخرون كإجراء ضروري لحماية استقرار الدولة. /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}


الشرق الأوسط
منذ 18 ساعات
- الشرق الأوسط
تركيا تصدر 63 مذكرة توقيف ضد عسكريين لصلتهم بمحاولة الانقلاب عام 2016
أصدرت النيابة العامة في تركيا، يوم الجمعة، مذكرات توقيف بحق 63 عسكرياً في الخدمة الفعلية، على خلفية صلتهم بجماعة متهمة بمحاولة انقلاب عام 2016. وأعلن مكتب المدعي العام في إسطنبول، أن من بين المشتبه بهم 4 عسكريين برتبة عقيد، ينتمون إلى الجيش والبحرية والقوات الجوية والدرك. وأسفرت المداهمات، التي نُفِّذت في الصباح الباكر في جميع أنحاء البلاد، عن اعتقال 56 مشتبهاً به، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس». ويُزعم أن الذين أُلقي القبض عليهم مرتبطون بجماعة محظورة تُطلِق عليها تركيا اسم «منظمة فتح الله غولن الإرهابية»، أو «فيتو (FETO)». وتوفي زعيم هذه المنظمة، فتح الله غولن، في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي في الولايات المتحدة، حيث كان يعيش منذ عام 1999 في منفاه الاختياري. وقُتل نحو 290 شخصاً في يوليو (تموز) 2016 عندما نزلت وحدات عسكرية مارقة إلى شوارع أنقرة وإسطنبول في محاولة للإطاحة بحكومة الرئيس رجب طيب إردوغان. قصفت طائرات مقاتلة مبنى البرلمان والقصر الرئاسي، بينما نجا إردوغان بأعجوبة من الاغتيال أو الاعتقال في أثناء عطلته على الساحل الغربي. وأدت حملة تطهير لاحقة للجيش والشرطة والقضاء وأجهزة الدولة الأخرى إلى اعتقال عشرات الآلاف. وأُغلقت المدارس والشركات والمؤسسات الإعلامية المرتبطة بغولن. وأفاد بيان المدعي العام بأنه تم تحديد هوية المستهدفين يوم الجمعة، من خلال الاتصالات الهاتفية، وأن منظمة غولن لا تزال تُشكِّل «أكبر تهديد للنظام الدستوري وبقاء الدولة». وأضاف البيان أنه منذ الانقلاب الفاشل، تم اعتقال 25801 عسكري مشتبه به. ولم يحدِّد البيان التهم الموجهة للمشتبه بهم بدقة. وحشد غولن، رجل الدين السابق، قاعدةً جماهيريةً عالميةً على مدى عقود، وساعد إردوغان على الوصول إلى السلطة عام 2003. وانهار التحالف بعد أن أغلقت الحكومة بعض المؤسسات التعليمية التي يديرها غولن، ولاحق أتباع غولن، في الشرطة والقضاء، حكومةَ إردوغان بتهم الفساد. ولطالما نفى غولن أي تورط له في الانقلاب الفاشل. وكان مطلوباً في تركيا، التي طالبت مراراً، الولايات المتحدة بتسليمه. وفي إطار تحقيقات الفساد التي أدت إلى سجن رئيس بلدية إسطنبول، المعارض أكرم إمام أوغلو، أواخر مارس (آذار)، أوقفت الشرطة التركية، الجمعة، 44 شخصاً إضافياً، حسبما ذكرت وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية. ومن بين المعتقلين السكرتير الخاص لرئيس البلدية المقال قدرية كاسابوغلو، ورئيسا مجلسَي إدارة شركتين تابعتين لبلدية إسطنبول. وسبق أن أوقفت السلطات 20 موظفاً آخر في البلدية، من بينهم رئيس المكتب الإعلامي، الثلاثاء، في إطار التحقيق نفسه. وأفادت الصحافة التركية بأنه تم إيداع 13 منهم الحبس الاحتياطي. أثار توقيف إمام أوغلو الذي ينفي الاتهامات الموجهة إليه، في 19 مارس، موجةً من الاحتجاجات غير المسبوقة في تركيا منذ عام 2013. وسُجن رئيس بلدية إسطنبول المقال من منصبه، والذي يعدّ أقوى معارض للرئيس رجب طيب إردوغان، منذ 23 مارس، وهو اليوم الذي أعلنه فيه حزبه، (الشعب الجمهوري)، مرشحاً للانتخابات الرئاسية المقبلة، المقرر إجراؤها في عام 2028.لكن إلغاء شهادته الجامعية في مارس، وهو إجراء استنكرته المعارضة التركية، يمنعه من الترشُّح للانتخابات الرئاسية.