logo
الحزن يخيم على لبنان.. رحيل صوت بيروت الثائر.. تشييع زياد الرحباني من كنيسة رقاد السيدة بحضور شعبى ورسمى.. فيروز وشقيقتها تلقيان نظرة الوداع على الجثمان.. ومحبوه يودعونه بالزغاريد والزهور.. صور وفيديو

الحزن يخيم على لبنان.. رحيل صوت بيروت الثائر.. تشييع زياد الرحباني من كنيسة رقاد السيدة بحضور شعبى ورسمى.. فيروز وشقيقتها تلقيان نظرة الوداع على الجثمان.. ومحبوه يودعونه بالزغاريد والزهور.. صور وفيديو

اليوم السابعمنذ يوم واحد
المحديثة بكفيا تستقبل جثمان زياد الرحباني pic.twitter.com/qpIiEQFexS
— Lebanon 24 (@Lebanon24) July 28, 2025
بحضور رسمى وشعبى، شيع لبنان اليوم واحدا من أقطاب الموسيقى فى الوطن العربى ورمزًا من رموز الفن؛ إنه صوت بيروت الثائر الحزين؛ كما يطلق عليه الفنان زياد الرحبانى الذى وافته المنية ؛ صباح السبت، حيث عانى من صراع طويل مع المرض، وتحديدا من تليف حاد في الكبد.
دخل الجثمان كنيسة رقاد السيدة فى بلدة بكفيا بقضاء المتن في لبنان، بحضور والدته الفنانة فيروز ؛ لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان نجلها زياد الرحباني.
كما كانت شقيقة فيروز هدى حداد فى مقدمة الحاضرين في الكنيسة التي وصل إليها نعش الرحباني لإلقاء نظرة الوداع عليه قبل أن تقام الصلاة لراحة نفسه عند الساعة الـ4 عصراً.
كما تقدمت الحضور أيضًا سيدة لبنان الأولى نعمت عون الحضور لصلاة الجنازة إلى جانب قيادات شعبية ورسمية ورموز حزبية في لبنان.
الأكاليل تُزيّن صالون كنيسة رقاد السيدة في بلدة المحيدثة – بكفيا، حيث سيُحتفَل بالصلاة لراحة الفنان الراحل زياد الرحباني بعد وصول موكب التشييع الذي انطلق من شارع الحمراء صباح اليوم pic.twitter.com/DhSBfDyMcf
— Annahar النهار (@Annahar) July 28, 2025
وكانت جموع محبيه احتشدت صباح اليوم الإثنين ، أمام مستشفى خورى فى منطقة الحمرا بالعاصمة بيروت ؛ انتظارًا للحظة خروج الجثمان وبمجرد خروجه؛ انطلقت أصوات التصفيق والزغاريد وانهالت الزهور على النعش .
واتجهت السيارة التى تقل الجثمان إلى بلدة بكفيا فى قضاء المتن ؛ حيث تم دفن الجثمان بعد الصلاة عليه فى كنيسة رقاد السيدة ؛ وألقت الفنانة الكبيرة الأم المكلومة فيروز نظرة الوداع على نجلها قبل أن يوارى جثمانه الثرى وتستقبل العائلة العزاء اليوم وغدًا الثلاثاء.
وقالت صحيفة النهار اللبنانية إن فيروز ستودع بمفردها ابنها زياد بعد وضع النعش في كنيسة رقاد السيدة في بلدة المحيدثة- بكفيا، من دون أى حضور للصحافة والناس، وقد أعدت مدفناً خاصًا في الحديقة سيدفن فيه زياد، وليس إلى جوار والده الفنان الراحل عاصي الرحباني في انطلياس.
تسبب نبأ وفاة زياد الرحبانى فى صدمة كبيرة ليس فى لبنان فقط بل العالم العربى أيضًا ؛ وبرهنت حالة الحزن الجمعي على الفنان الخارق، خلال الساعات القليلة التي أعقبت انتشار الخبر الصادم بوفاة زياد الرحباني على حقيقة فنان غدا أسطورة ثالثة من عبقرية والده وموهبة والدته الأيقونية، ورمزا إسطوريا في المكانة الشعبية.
ونعت قيادات لبنان ورموز العالم الوطن العربي الفنان الراحل زياد الرحبانى؛ حيث قال رئيس لبنان العماد جوزاف عون ناعيا الموسيقار الكبير زياد الرحبانى، إن زياد الرحباني لم يكن مجرد فنان، بل كان حالة فكرية وثقافية متكاملة، كان ضميرًا حيا، وصوتا متمردًا على الظلم، ومرآةً صادقة للمعذبين والمهمشين. وفق بيان لرئاسة لبنان .
وأضاف عون: إن الرحبانى كان يكتب وجع الناس، ويعزف على أوتار الحقيقة، من دون مواربة، ومن خلال مسرحه الهادف وموسيقاه المتقدة بالإبداع المتناهي بين الكلاسيك والجاز والموسيقى الشرقية، قدم رؤية فنية فريدة، وفتح نوافذ جديدة في التعبير الثقافي اللبناني بلغ العالمية وأبدع بها.
لقد كان زياد امتدادًا طبيعيًا للعائلة الرحبانية التي أعطت لبنان الكثير من نذر الجمال والكرامة، وهو ابن المبدع عاصي الرحباني وفيروز، سفيرتنا إلى النجوم، التي نوجه لها اليوم أصدق التعازي، وقلوبنا معها في هذا المصاب الجلل، تشاركها ألم فقدان من كان لها أكثر من سند، كما نعزي العائلة الرحبانية الكريمة بهذه الخسارة الكبيرة.
وكتب أيضا رئيس الحكومة نواف سلام، عبر حسابه الرسمى على منصة "إكس" ، ناعياً الموسيقار زياد الرحبانى، "بغيابزياد الرحباني، يفقد لبنان فنانا مبدعا استثنائيا وصوتا حرا ظل وفيا لقيم العدالة والكرامة.
أضاف سلام: جسد زياد التزامًا عميقًا بقضايا الإنسان والوطن، من على خشبة المسرح، وفي الموسيقى والكلمة، قال زياد ما لم يجرؤ كثيرون على قوله، ولامس آمال اللبنانيين وآلامهم على مدى عقود. بصراحته الجارحة، زرع وعيًا جديدًا في وجدان الثقافة الوطنية. أتقدّم من القلب بأحرّ التعازي لعائلته، ولكل اللبنانيين الذين أحبّوه واعتبروه صوتهم.
نعى رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري الفنان الكبير زياد الرحباني عبر حسابه على "اكس" وكتب: "برحيل زياد الرحباني، يخسر لبنان قيمة فنية وموسيقية عالمية. احر التعازي لعائلته وبخاصة للسيدة والدته فيروز، اطال الله بعمرها".
سبب موت الرحبانى
رحل الفنان زياد الرحبانى بعد صراع طويل مع المرض حيث أصيب بتليف فى الكبد ، وكان مستشفى خوري، الذي خضع فيه زياد الرحباني للعلاج، قد ذكر في بيان صحفي، أنه في تمام الساعة التاسعة من صباح السبت، فارق زياد عاصي الرحباني الحياة وقد تم إبلاغ العائلة على الفور إن القدر شاء أن يرحل هذا الفنان الاستثنائي، الذي شكل بصمة فارقة في تاريخ الفن والمسرح والموسيقى اللبنانية".
وزياد الرحباني هو نجل "فيروز" والراحل "عاصي الرحباني" ويُعد أحد أبرز المجددين في الأغنية اللبنانية والمسرح السياسي الساخر وبدأ مسيرته الفنية مطلع السبعينيات، حين قدم أولى مسرحياته الشهيرة "سهرية".
وزياد الرحباني لم يكن مجرد فنان، بل كان حالة فكرية وثقافية متكاملة، وأكثر، كان ضميرًا حيا، وصوتا متمردا على الظلم، ومرآة صادقة للمعذبين والمهمشين، حيث كان يكتب وجع الناس، ويعزف على أوتار الحقيقة، من دون مواربة ومن خلال مسرحه الهادف وموسيقاه المتقدة بالإبداع المتناهي بين الكلاسيك والجاز والموسيقى الشرقية، قدّم رؤية فنية فريدة، وفتح نوافذ جديدة في التعبير الثقافي اللبناني بلغ العالمية وأبدع بها".
وكان امتدادا طبيعيا للعائلة الرحبانية التي أعطت لبنان الكثير من نذر الجمال والكرامة، المبدع عاصي الرحباني والسيدة فيروز، وستبقى أعمال زياد الكثيرة والمميزة حية في ذاكرة اللبنانيين والعرب، تلهم الأجيال القادمة وتذكرهم بأن الفن يمكن أن يكون مقاومة، وأن الكلمة يمكن أن تكون موقفًا، كما ستبقى موسيقاه ومسرحياته النابضة بالذاكرة والحياة، نبراسًا للحرية ونداء للكرامة الإنسانية.
وولد زياد الرحباني في 1 يناير عام 1956 في بلدة أنطلياس، وهو الابن الأكبر لفيروز وعاصي الرحباني، أحد مؤسسي المدرسة الموسيقية والمسرحية اللبنانية الحديثة.
ولم يظن الأبوان أبدا أن مولودهما هذا، سيتحول إلى شخصية مثيرة للجدل في عصره من خلال موسيقاه وشعره ومسرحياته، فبعد عامه السادس، اعتاد الرحباني الصغير أن يقطع دروسه المدرسية ويتابع ألحان والده ويسأله عن مقطوعاته، وقد كان عاصي أيضا يسأل زياد دائما عن كل لحن جديد يقوم به، إن كان جميلاً أم لا، وبعدما كان زياد يدندن لحناً انتهى إلى أذن عاصي، الذي سأل ابنه: " أين سمعت هذا اللحن من قبل؟!! ", فكانت إجابة الصغير: " لم أسمعه مطلقاً، بل هو يتردد في ذهني منذ حين، حينها فقط أدرك عاصي الموهبة الموسيقية لابنه، وفي عام 1967–1968 كتب أول ديوان شعري/نثري بعنوان "صديقي الله"، نشره له والده .
وفي عام 1971 كان أول لحن لزياد وهو لأغنية "ضلك حبيني يا لوزية"، وفي عمر السابعة عشرة، أي في عام 1973 تحديداً قام زياد بتقديم أول لحن لوالدته فيروز وكان والده عاصي حينها في المستشفى، وقد كان مقرراً لفيروز أن تلعب الدور الرئيسي في مسرحية المحطة للأخوين رحباني، ولهذا كتب منصور (أحد الأخوين رحباني) كلمات أغنية تعبر فيها فيروز عن غياب عاصي لتغنيها في المسرحية، وألقى بمهمة تلحينها إلى زياد، وكانت تلك أغنية هي "سألوني الناس»"والتي تقول:" سألوني الناس عنك يا حبيبي... كتبوا المكاتيب وأخدها الهوا بيعز عليي غني يا حبيبي... ولأول مرة ما منكون سوا سألوني الناس عنك سألوني... قلتلن راجع أوعى تلوموني غمضت عيوني خوفي للناس... يشوفوك مخبى بعيوني وهب الهوى وبكاني الهوى... لأول مرة ما منكون سوا طل من الليل قلي ضويني... لاقاني الليل وطفى قناديلي ولا تسأليني كيف استهديت... كان قلبي لعندك دليلي واللي اكتوى بالشوق اكتوى... لأول مرة ما منكون سوا".
ولاقت تلك الأغنية نجاحاً كبيراً، ودهش الجمهور للرصانة الموسيقية لابن السابعة عشرة، وقدرته على إخراج لحن يضاهي ألحان والده، ولو أنه قريب من المدرسة الرحبانية في التأليف الموسيقي.
كما شارك في مسرحية "المحطة" بدور الشرطي، ومثل لاحقًا في مسرحية "ميس الريم" عام 1975، وفي العام نفسه، كتب وأخرج أولى مسرحياته الخاصة "سهرية" (1973)، تلتها "نزل السرور" (1974)، ثم أعمال أكثر جرأة مثل "بالنسبة لبكرا شو؟" (1978)، و"فيلم أميركي طويل" (1980)، و"شي فاشل" عام (1983) والتي مثلت تحولاً واضحًا نحو المسرح السياسي الواقعي والنقد الاجتماعي بأسلوب ساخر .
واشتهر زياد باعتماده على ما يُعرف بـالجاز الشرقي، والمزج بين الارتجال الغربي والموسيقى العربية وإلى جانب أعماله المسرحية، أنتج ألبومات موسيقية لافتة تعاون فيها مع فنانين عرب كبار مثل لطيفة وسامي حواط وجوزيف صقر.
ولم تقتصر مساهماته على التلحين، بل شملت توزيع أعمال مثل الأغنية الملحمية "أحمد الزعتر" لكلام محمود درويش وغناء خالد الهبر عام 1977، بالإضافة إلى توزيع "مديح الظل العالي" عام 1987، والتي نُفذت أوركستراليًا.
وأهتم زياد بالمجتمع والسياسة إلى جانب الفن، فقد أطلق برامج إذاعية نقدية من إذاعة "صوت الشعب" في منتصف السبعينيات مثل: "بعدنا طيبين، قول الله" و"تابع لشي تابع شي"، التي تناولت بشكل مباشر أولى سنوات الحرب الأهلية اللبنانية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ظهور جارة القمر فيروز في ثاني أيام عزاء زياد الرحباني مع صور
ظهور جارة القمر فيروز في ثاني أيام عزاء زياد الرحباني مع صور

خبر صح

timeمنذ 7 دقائق

  • خبر صح

ظهور جارة القمر فيروز في ثاني أيام عزاء زياد الرحباني مع صور

استقبلت جارة القمر، الفنانة الكبيرة فيروز، عزاء ابنها الموسيقار الراحل، وذلك لليوم الثاني على التوالي في كنيسة رقاد السيدة في بكفيا بلبنان، وقد بدت ملامح الحزن الشديد واضحة على وجهها، حيث ارتدت ملابس سوداء ونظارة شمسية، وسط دعم ومواساة كبيرة من الحضور الذين شملوا أصدقاءها المقربين، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات العامة. ظهور جارة القمر فيروز في ثاني أيام عزاء زياد الرحباني مع صور ممكن يعجبك: انتهاء تصوير فيلم «تحت الطلب» آخر أعمال الفنان الراحل سليمان عيد الرئيس اللبناني السابق ميشال عون يعزي فيروز في ابنها قدّم الرئيس اللبناني السابق ميشال عون واجب العزاء للنجمة الكبيرة فيروز داخل كنيسة رقاد السيدة في بكفيا، في اليوم الثاني من مراسم العزاء في نجلها الموسيقار الراحل زياد الرحباني. مقال له علاقة: نجاح مسلسل فهد البطل في رمضان الماضي يعيد عرضه على منصة شاهد حقيقة دفن نجل فيروز في حديقة منزلها كشفت الإعلامية اللبنانية الكبيرة نضال الأحمدية تفاصيل دفن الموسيقار زياد الرحباني، نجل جارة القمر فيروز، والذي شُيعت جنازته صباح الأمس الإثنين من كنيسة رقاد السيدة في لبنان، حيث قالت نضال في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم: 'فيروز إنسانة مؤمنة ورزينة وتشبه الناس، ولا تتبع الحركات الغريبة، ودفن في مدفن العائلة مع والده وأخته ليال التي توفيت بانفجار في الدماغ مثل والدها'، وحول سبب وفاة زياد الرحباني، علقت: 'زياد توقف قلبه وتوفي وليس هناك أي سبب آخر للوفاة'، وقد تداولت عدد من وسائل الإعلام اللبنانية أنباء تشير إلى دفن الموسيقار زياد الرحباني في مدفن حديقة منزل والدته النجمة الكبيرة فيروز. جنازة نجل فيروز حرص عدد من المشاهير على حضور مراسم تشييع جنازة الموسيقار زياد الرحباني، ابنة جارة القمر الفنانة الكبيرة فيروز، من كنيسة رقاد السيدة المحيدثة في لبنان، ومن بين الحضور كانت الفنانة هدى حداد شقيقة فيروز والفنانة كارمن لبس، وغيرهم من الشخصيات العامة وأصدقاء وأقارب الراحل وفيروز، حيث سجلت جارة القمر الفنانة الكبيرة فيروز ظهورًا نادرًا خلال تشييع جنازة ابنها، حيث بدت آثار الحزن واضحة على وداع ابنها وسط مواساة من الحضور، وقد ألقى اللبنانيون بالأمس الوداع الأخير على الفنان الراحل زياد الرحباني أثناء نقله من مستشفى الخوري في الحمراء ببيروت إلى بلدة يكفيا في جبل لبنان حيث سيكون مثواه الأخير، وقد تم ذلك بالورود والتصفيق وعلى أنغام أعماله الفنية.

أخبار العالم : الأم الحزينة في حضرة الغياب: أغنية فيروز الأخيرة مع زياد
أخبار العالم : الأم الحزينة في حضرة الغياب: أغنية فيروز الأخيرة مع زياد

نافذة على العالم

timeمنذ 37 دقائق

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : الأم الحزينة في حضرة الغياب: أغنية فيروز الأخيرة مع زياد

الثلاثاء 29 يوليو 2025 06:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، AFP التعليق على الصورة، السيدة فيروز وابنتها ريما الرحباني أمام نعش زياد الرحباني Article Information Author, سناء الخوري Role, بي بي سي نيوز عربي قبل 31 دقيقة لم يكن محبّو فيروز يتمنّون أن يكون اللقاء المنتظر بها في مناسبة أليمة، كعزاء ابنها زياد الرحباني. توافد المئات إلى كنيسة رقاد السيّدة في بلدة المحيدثة - بكفيا الجبلية، في منطقة المتن (جبل لبنان)، يوم الإثنين، لتشييع الموسيقار الراحل عن 69 عاماً. في باحة الكنيسة، كنا نسمع الناس يتهامسون: "هل رأيتِ الستّ؟ هل فيروز هنا حقاً؟ سلّمتَ عليها؟ معقول سوف نراها؟" تقدّم المعزّون نحو فيروز كما لو أنهم في حالة انخطاف. كانت تجلس في ركن الصالة، يقتربون منها بصمت، ينحنون أمامها لثوانٍ، يُتمتِمون كلمات مواساة، ثم يمضون، وكأنهم تبرّكوا. بدت، بمنديلها الأسود المُسدل على شعرها، بوقارها وثباتها، كأنها نواة مجرّة تدور الكواكب حولها في صمت. الناس يقتربون منها كأنّهم مأخوذون بجاذبية لا تُقاوَم، تخضع لقوانين فيروزيّة خفيّة. في حضرة فيروز، وقف الجميع دون تمييز بين شخصيات عامّة ومواطنين، بين أصحاب سلطة وبسطاء؛ كلّهم سواء، ينتظرون لحظة الوقوف أمامها. لأعوام طويلة، اعتادت فيروز الغياب. اختارت الابتعاد عن الأضواء، ونادراً ما ظهرت في حفلات أو أصدرت أغنيات جديدة أو تحدّثت في مقابلات صحافية. لذلك، ترك وجودها، على مقربة من المئات ولساعات طويلة، محاطة بالكاميرات، أثراً عميقاً في نفوس الحاضرين. على وجوه الناس في باحة الكنيسة ارتسم شيء من عدم التصديق: عدم تصديق لرحيل زياد، الفنان الذي ترك أثراً عملاقاً في الموسيقى والمسرح العربي لأكثر من نصف قرن، وعدم تصديق لوجود والدته بينهم. لكنها كانت هناك، جالسة أمام نعش ابنها، لا كأيقونة، ولا كفنانة، ولا كمحبوبة جماهير، ولا حتى كفيروز، بل كأم زياد فقط، كصاحبة العزاء. وفي حضرة حزنها، وأمام نعش زياد، تكثّف الصمت. همس الناس همساً. لحظة وصولها إلى صالة العزاء صباح الإثنين، ارتبك الصحافيون تحت وقع المفاجأة، فحدث تدافع لبضع دقائق، وحاول بعضهم اقتحام خصوصيّة العائلة. لكن، ما إن جلست على كرسيها، سكن كل شيء. لم يعد أحد يرغب بإزعاجها، وعلت أصوات المرتّلين. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، السيدة فيروز تتقبل التعازي بابنها الموسيقار الراحل زياد الرحباني البعيدة القريبة غياب فيروز وحضورها مسألتان لطالما أثارتا الجدل. بعضهم يلومها على "الاعتصام في برجها العاجي"، كما يُقال. وبعضهم يروّج لتكهّنات حول حالتها الصحية مع تقدّمها في العمر. وآخرون يدافعون عن حقّها في العزلة واحترام خصوصيّتها ورغبتها في حياة هادئة تشبهها، بعيدة عن الضجيج. لكنّ خيار الاحتجاب، في عيون محبّيها، يثير الشوق والغصّة معاً، لأن خفوت حضورها لا يتناسب مع حجم العاطفة الجارفة تجاهها. فمحبّة فيروز، في الوجدان العام، ليست مجرّد ذائقة فنية أو إعجاباً بسيدة صنعت مجداً غنائياً ومسرحياً فريداً، وكانت العمود الثالث في المدرسة الرحبانية مع رفيق دربها عاصي، وشقيقه منصور. محبّة فيروز جزء من هوية الناس، من طريقتهم في التعريف عن أنفسهم. مكانتها كأيقونة ورمز وإرث، ليست تفصيلاً في يوميات ملايين اللبنانيين والعرب، بل ظلٌّ طاغٍ. لكن هل تعني المسافة الغياب حقاً؟ صحيح أن فيروز معتصمة في بيتها، إلا أنها لم تخرج من قلوب الناس. فهي بعيدة قريبة، تغيب ولا تغيب، مثل نجمة كفرغار، كما في أغنيتها الشهيرة من فيلم "بنت الحارس" (1968). يرى كثيرون في ابتعادها حكمة، وقراراً مدروساً. فربما ترى أن الكلام لم يعد يضيف ولا ينقص، وأن مواقفها، باتت حملاً ثقيلاً. ففي السنوات الماضية، تعرّضت فيروز أحياناً لهجمات بسبب تصريحات لم تصدر عنها، بل نُسبت إليها. فالكلّ يريد لفيروز أن تشبهه، بينما ترى هي، أن من واجبها وحقّها الحفاظ على إرث يتجاوز المناكفات. الكبار يصلون إلى مرحلة ما بعد الحاجة للكلام. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، فيروز محاطة بابنتها ريما الرحباني ومحاميها فوزي مطران ونائب رئيس مجلس النواب اللبناني الياس بو صعب يتدثّرون بمنديلها كان آخر ظهور علنيّ لفيروز في سبتمبر/أيلول 2020، حين زارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منزلها، وقلّدها وسام جوقة الشرف الفرنسي، أرفع وسام تمنحه الدولة الفرنسية. خرجت عن اللقاء يومها مجموعة صور نادرة لفيروز، لم يحظ بها محبّوها منذ زمن. جاءت الزيارة في خضمّ الانهيار المالي وأزمة المصارف وتفجير مرفأ بيروت، وكأنها تذكير بأن لبنان، رغم كل ما خسره، ما زال يملك فيروز. تكرّست هذه المكانة الأيقونية بمرور الزمن، إذ عايشت المغنية التسعينية مآسي أبناء بلدها كافة، على امتداد ما يقارب القرن، وتقاطعت مآسي الوطن مع مآسيها الشخصية، من الحرب الأهلية، إلى رحيل زوجها عاصي الرحباني عام 1986، ثم وفاة ابنتها ليال عام 1988. ومع جلوسها أمام نعش زياد، تجلّت لحظة لا تكثّف حزنها الخاص فقط، بل حزن وطن لم يعد يحتمل المزيد من الخسارات. ومع أنها صاحبة المصاب، إلا أن الناس، وهم يلتفّون حولها، بدا كأنهم يرغبون في التدثّر بمنديلها، لكي تعزّيهم هي، وتُطمئنهم أن ظلّها لا يزال بينهم. في وداع زياد، كانت "سيّدة الأصول"، تؤدّي واجبها، متقدّمة عائلة الرحباني، متعالية على خلافات طالما كُتب عنها، وعن معارك قضائية بين ورثة عاصي وورثة منصور كان لها وقع إعلاميّ سلبيّ على مدى سنوات. ورغم ثقل اللحظة، كانت الساعات التي قضتها بين الناس، نافذة إلى معرفة نادرة وثمينة. عرفنا أنها بصحة جيدة، رغم التعب والشيخوخة وخطواتها التي أثقلها الحداد. عرفنا أيضاً أنها محاطة بأيدٍ أمينة: فإلي يمينها جلست ابنتها ريما الرحباني، تراقب كلّ حركات والدتها، وإلى يسارها محاميها الشخصي فوزي مطران، الذي حرص على ألّا يبالغ أحد المعزّين بالانفعال أمامها. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، فيروز ترنم تراتيل الجمعة العظيمة في كنيسة مار الياس في بيروت في أبريل/ نيسان 2008 الأم الحزينة صور فيروز في جنازة ابنها تستحضر سلسلة من المشاهد القديمة، ارتبط فيها حضورها العام بارتداء الأسود، خصوصاً في تسجيلاتها لترانيم الجمعة العظيمة (أي ذكرى صلب المسيح، لدى الطوائف المسيحية). على مدى العقود الثلاثة الماضية، تحوّل هذا الطقس إلى موعد ثابت، ينتظره الناس للحصول على إطلالة نادرة على "الستّ". كانت تظهر في تلك التسجيلات القليلة جاثية، تغطي رأسها بالمنديل الأسود، وترنّم. لهذا لم يكن غريباً أن يُشبِّبها كثيرون على مواقع التواصل، بـ"الأم الحزينة"، بعد انتشار صورها في العزاء، في استعارة من صورة مريم العذراء في صلوات الرثاء المسيحية. في الذاكرة الدينية والأسطورية على السواء، تظهر الأم والإبن كمحورين لمشهد الفقد. في اللاوعي الجمعي، ثمة دائماً ذلك الرابط المقدّس بين الأم وابنها، سواء في المسيحية، أو في الميثولوجيا القديمة حيث كانت الديانات تستعيد صورة "الأم الإلهة" و"الابن المخلّص"، بتمثيلات وطرق مختلفة. لكن، إلى جانب صورة الأم المكلومة، برز نوع آخر من الحداد: حداد على علاقة فنية استثنائية جمعت فيروز بزياد. في تلك العلاقة، لم يكن زياد مجرّد امتداد لمدرسة الرحابنة، بل كان صوتاً خاصاً، اصطدم بإرث والده، وجادل صورة والدته، وغيرّ مسارها الفنّي. لم يتعامل زياد مع فيروز كرمز لا يمسّ، بل كمغنية يملك صوتها قابلية التعبير عن أبعاد لم تُلامسها من قبل. حرّكها من موقع الأيقونة، إلى امرأة تغنّي عن الخوف، عن الخيبة، عن الحبّ المتعثّر، عن هشاشتها، عن رغبتها بالانعتاق من صور الرومانسية التقليدية. ذلك التحوّل لم يكن صوتياً أو تقنياً أو موسيقياً فقط. في نظر كثيرين، كان لحظة إعادة تعريف لصوت فيروز. جعله أقرب، أكثر عرضة للانكسار، بدون أن يفقده هيبته. لم تكن تلك الأغاني مجرّد تجريب موسيقي. أعاد زياد رسم ملامح فيروز، ووسّع حدودها. وفي الوقت نفسه، رسّخ مكانته كملحّن مختلف، صاحب مشروع فني مستقل، في أعمال مثل "كيفك إنت"، و"بلا ولا شي"، و"كبيرة المزحة".

بالدموع والزغاريد والتصفيق جمهور زياد الرحباني يودعه لمثواه الأخير
بالدموع والزغاريد والتصفيق جمهور زياد الرحباني يودعه لمثواه الأخير

في الفن

timeمنذ ساعة واحدة

  • في الفن

بالدموع والزغاريد والتصفيق جمهور زياد الرحباني يودعه لمثواه الأخير

بدأت منذ قليل مراسم تشييع جنازة الفنان اللبناني زياد الرحباني. وانتشرت فيديوهات لتجمع جمهور ومحبي زياد الرحباني أمام المستشفى منتظرين لحظة خروج الجثمان. تابعوا قناة على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا وبالدموع والزغاريد والتصفيق استقبل محبو زياد الرحباني جثمانه ليودعوه الوداع الأخير. نرشح لك: هدى المفتي: أغنية "البخت" مش ليا وأنا وويجز مش أصحاب مقربين A post shared by One TV (@onetvlebanon) ودخل زياد الرحباني المستشفى قبل أيام وحالته الصحية متدهورة، وتوفى في صباح السبت 26 يوليو في التاسعة صباحا بعدما توقف قلبه، بعد صراع كبير مع مرض تليف الكبد، بعدما ساءت حالته في آخر 15 يوما قبل الوفاة التي جاءت بشكل طبيعي. يذكر أن زياد الرحباني، ولد في 1 يناير 1956، هو فنان وملحن ومسرحي وكاتب لبناني اشتهر بموسيقاه الحديثة وتمثيلياته السياسية الناقدة التي تصف الواقع اللبناني الحزين بفكاهة عالية الدقة. وتميز أسلوب زياد الرحباني بالسخرية والعمق في معالجة الموضوع، كما أنه يعتبر صاحب مدرسة في الموسيقى العربية والمسرح العربي المعاصر. وزياد الرحباني مواليد والدته هي الفنانة اللبنانية فيروز ووالده هو عاصي الرحباني أحد الأخوين رحباني الرواد في الموسيقى والمسرح اللبناني. لحن زياد الرحباني لوالدته النجمة فيروز عددا كبيرا من الأغاني منها "صباح ومسا"، "البوسطة"، "سلملي عليه"، "عندي ثقة فيك" وغيرها من الأغنيات. اقرأ أيضا: القصة الكاملة لاتهام وفاء عامر ببيع أعضاء إبراهيم شيكا … النجوم يدعمونها وزوجة اللاعب تبرأها إسراء عبد الفتاح تستمتع بإجازتها في المالديف مع ابنتها والجمهور يسأل "فين حمدي الميرغني؟" منة عرفة تلفت الأنظار في أحدث جلسة تصوير من المالديف يارا السكري بكامل أناقتها على البحر خلال إجازتها الصيفية لا يفوتك: ليه كلنا بنحب عبلة كامل؟ حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم) جوجل بلاي| آب ستور| هواوي آب جاليري|

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store