
أحمد الحامد.. المذيع الذي تماهى مع الصوت حتى صار مرآةً له
في المسافة ما بين الحضور والاختفاء، اختار أحمد الحامد أن يقيم. لم يكن يوماً صوتاً يتقدم عليك، بل كان صوتاً يتقاطع معك، يُحاورك كأنكما تتحدثان في الغرفة نفسها. ومنذ أن انطلق صوته من لندن عبر إذاعة MBC FM منتصف التسعينات، بدا أنه لا يُخاطب جمهوراً، بل يخاطب فرداً.. بعينين مفتوحتين على الداخل، وبصوت يُحسن الإصغاء قبل أن يتقن الحديث.
في برنامجه «ليلة خميس»، لم يكن يطرح الأسئلة من أجل إجابات لامعة، بل كان ينسج سياقاً يجعل الضيف يُفكر، ويتأمل، وأحياناً يُعيد اكتشاف نفسه. كان يُدير الحوار دون أن يفرضه، ويصنع اللحظة دون أن يقتحمها. هو من مدرسة الإعلام التي تؤمن بأن الحضور لا يُقاس بعدد الجمل، بل بوزنها.
شغفه بالإذاعة لم يكن انتماءً عابراً، بل هوية. ولذلك حين شارك في تأسيس «صوت الخليج» عام 2002، كان يمضي لا ليُجرّب، بل ليؤسّس فضاءً يستحق البقاء. ثم حين عاد إلى «MBC FM»، لم يكن رجوعه ارتداداً إلى الماضي، بل كان استمراراً لمسار طويل لم ينقطع.
لاحقاً، عبر التلفزيون في «الصفقة» و«تالي الليل»، احتفظ بذات الحضور: مذيع لا يعلو صوته، لكن كلماته تصل. لا يُغريه الطرح الصادم، بل يبحث عن العمق المطمئن، ويمنح الشاشة ملمس الإذاعة: ناعماً، صادقاً، ومترفاً بالتأني.
وخارج المايكرفون، هو شاعر حين يريد، وكاتب حين يلزم، لكنه قبل كل شيء حارس للذائقة. لا يساوم عليها، ولا يتنازل عنها. بموهبته، وبحسّه الداخلي المرهف، استطاع أن يترك أثراً هادئاً لكنه باقٍ، يشبه تلك الأصوات التي تسمعها مرة.. فلا تنساها. لأنه حين يتحدث، لا يُحدّثك عن نفسه، بل يُحاكي فيك شيئاً تعرفه ولا تستطيع قوله.
أخبار ذات صلة
أحمد الحامد

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- سعورس
«المذيع المتميز» موهبة في فناء مستقبل «MBC»
وكان الاختيار قد وقع على 30 من أبرز المتقدمين والمتقدمات للمشاركة في البرنامج بدورته الثانية من بين آلافٍ آخرين، حيث التحق المتدرّبون والمتدرّبات بفعاليات الدورة التي أقيمت في الإذاعات العربية لمجموعة MBC - وهما إذاعتَي MBC FM وبانوراما FM - تحت إشراف نخبة من الاختصاصيين في هذا القطاع على مدى 90 يوماً. وخلال الحفل قال زياد حمزة، مدير عام القطاع الإذاعي والموسيقي في "مجموعة MBC": "من الرائع أن نشهد نجاح الدورة الثانية من برنامج "المذيع المتميز" كثمرة تعاون بين أكاديمية MBC والإذاعات العربية في المجموعة، من ضمن سلسة من المشاريع التي تحرص مجموعة MBC على أن تكون متوافقة مع رؤية 2030". وأضاف زياد حمزة: "ما رأيناه من أداء متميز قدمه المتدربون والمتدربات يؤكد بأننا على الطريق الصحيح في تطوير أساسات الطاقات البشرية الشابة التي ستخوض مستقبلاً مجال الإعلام الإذاعي والوظائف التي تدور في فلكه. أهنّئ اليوم المتدربين الثلاثين على إكمالهم هذه الدورة، وأشكر أكاديمية MBC على هذه الشراكة البنّاءة". من جانبها، قالت زينب أبو السمح، مدير عام أكاديمية MBC ووكالة MBC للمواهب وإستوديوهات MBC السعودية: "نسدل الستار على الدورة الثانية من المذيع المتميز مع نجاح جديد ومتجدد لطاقاتنا البشرية في قطاع الإعلام الإذاعي. المذيع المتميز هي واحدة من أكثر المبادرات التي تشهد روح الفريق والأداء الجماعي، فضلاً عن التنظيم والتناسق بين التلاميذ والإذاعات والأكاديمية، ونتطلع لاستكمال شراكات قادمة إن شاء الله مع القطاع الإذاعي والموسيقي في MBC وغيره من الأقسام والإدارات داخل المجموعة وكذلك مع شركاء أكاديمية MBC". الدورة الثانية من «المذيع المتميز»


الوئام
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- الوئام
ابتسام لطفي.. رحلة صوت تخطى الظلام ووصل إلى عرش الطرب السعودي
احتفلت إذاعة 'صوت الخليج' القطرية بعودة الفنانة السعودية ابتسام لطفي إلى الساحة الفنية بعد غياب دام أكثر من 25 عامًا، تحت إشراف مدير الإذاعة محمد المرزوقي. وأجرت الإذاعة حوارًا خاصًا مع ابتسام لطفي ضمن برنامج 'سهرة خاصة'، استمر لساعتين وتخللته مداخلات من فنانين وجمهور عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي. من هي ابتسام لطفي؟ ابتسام لطفي، واسمها الحقيقي خيرية قربان عبد الهادي، وُلدت عام 1951 في مدينة الطائف، السعودية. نشأت بين أجواء دينية وثقافية ساعدتها على تعلم تجويد القرآن منذ طفولتها، ما أكسب صوتها صلابة ورخامة نادرتين. ورغم فقدانها البصر في سن مبكرة بسبب مرض مزمن، واصلت شغفها بالغناء. في بداياتها، أبهرت الحضور في المجالس النسائية بأداء أغنيات أم كلثوم وشادية، إلى جانب إحياء حفلات الأفراح بتراث الحجاز الغنائي. وخلال مسيرتها تعاونت مع كبار رواد الأغنية السعودية. رغم أنها فقدت بصرها بسبب مرض مزمن في سن مبكرة، إلا أن ذلك لم يمنعها من تحقيق نجاحات كبيرة في عالم الغناء، استطاعت تحويل التحديات إلى مصدر قوة. محطات حاسمة في مسيرتها عرفت الفنانة ابتسام لطفي طريقها إلى الشهرة عام 1968 حين أصبحت واحدة من أوائل الأصوات النسائية التي تبث أغنياتها عبر الإذاعة السعودية. في ذلك الوقت، كانت موهبتها حديث المجالس، حتى وصلت أخبار صوتها العذب إلى مسامع الملك فيصل، الذي طلب لقاءها تقديرًا لما سمع عنها من تميز. وكان أول أعمالها الإذاعية قصيدة 'عبير' من كلمات الشاعر أحمد قنديل وألحان الموسيقار الراحل عمر كدرس، تلتها أغنية 'نام القمر بدري' التي عززت مكانتها في الساحة الغنائية، ولفتت الأنظار إلى موهبة استثنائية تستحق المتابعة. مع نهاية الستينيات، انتقلت ابتسام لطفي إلى مدينة جدة، حيث جمعتها الصدفة لأول مرة مع الموسيقار الكبير طلال مداح في منزله. ويُروى أن طلال، بعد أن استمع لصوتها، أطلق عليها اسم 'ابتسام لطفي' قائلًا: 'لعل الزمن يبتسم لك'، من تلك اللحظة، بدأت بينهما علاقة فنية وإنسانية متينة، أثمرت عن عمل غنائي بعنوان 'فات الأوان' من كلمات الشاعر لطفي زيني، والذي كان أول وآخر تعاون غنائي رسمي بينهما. وعُرفت ابتسام بحبها للأغنية العربية الفصحى وولعها بالشعر، وهو ما ظهر جليًا في تعاونها الطويل مع الأديب طاهر زمخشري، الذي اعتبرته رفيق دربها. قدما معًا قصائد مغنّاة لا تزال حاضرة في الذاكرة، أبرزها 'النجوى الهامسة'، التي يُقال إن ألحانها كانت من وضع ابتسام نفسها تحت اسم مستعار هو أبو عماد. وشمل التعاون بينهما أغنيات أخرى مثل 'جسر الصبر' و'لو تسألوني'، وأسهم زمخشري كذلك في تعريفها على الشاعر الكبير أحمد رامي، الذي كانت تحلم بالغناء من كلماته. في منتصف السبعينيات، خاضت ابتسام لطفي تجربة فنية بالغة الأهمية مع رياض السنباطي، أحد أعمدة الموسيقى العربية. ووفقًا لما روته في إحدى مقابلاتها، فإن مدير التلفزيون المصري آنذاك طلب من السنباطي تلحين عمل لها. ورغم تردد الموسيقار المصري، الذي اشترط أن يسمع صوتها قبل أن يقرر التعاون معها، تم اللقاء. وبعد سماعه لصوتها، أبدى إعجابه الشديد واعتذر عن شكوكه، وقرر إهداءها اللحن دون مقابل، وكانت تلك التجربة من أكثر المحطات التي اعتزت بها ابتسام في مسيرتها، خاصة أنها جاءت من أحد أعظم ملحني القرن العشرين. بقيت تلك النجاحات تتوالى حتى عام 1988، عندما قررت الفنانة السعودية وضع حد لمسيرتها بعد وفاة والدتها، التي كانت السند الأكبر في حياتها الفنية. ولأن ارتباطها العاطفي بوالدتها كان يفوق كل شيء، رأت أن استمرارها في الساحة الغنائية لم يعد ممكنًا دونها. تكريم بيلبورد عربية لأيقونات الغناء في يوم المرأة العالمي، أدرجت بيلبورد عربية اسم ابتسام لطفي ضمن قائمة '13 أيقونة غنائية عبر التاريخ'، إلى جانب أسماء خالدة مثل منيرة المهدية، أم كلثوم، فيروز، وصليحة. ضمّت القائمة أسماء لفنانات لم يتم اختيارهن لموهبتهن فقط، بل لكونهن قائدات لحركة فنية غيّرت قواعد اللعبة في الموسيقى العربية. وأشارت بيلبورد عربية في بيانها إلى أن الموسيقى كانت وستظل دائمًا طريقًا للتحدي والتعبير عن الهوية والحرية. الاعتزال والعودة عام 1988، قررت اعتزال الساحة الفنية عقب وفاة والدتها، التي كانت سندها الأكبر. وبعد نحو 25 عامًا من الغياب، عادت عام 2013 عبر حسابها على تويتر بدعوة من أحد أفراد عائلتها، لتفاجأ بحجم التفاعل والرسائل المطالبة بعودتها، وقدمت بعدها ظهورًا خاطفًا عبر صوت الخليج وقناة روتانا خليجية، قبل أن تعود مجددًا إلى صمتها.


عكاظ
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- عكاظ
سعود الدوسري.. ظلّ الأناقة في إشراق الغياب
في مثل هذا اليوم من شوال، قبل 10 أعوام، انطفأ في باريس ضوء الزميل العزيز سعود الدوسري، لكن شعاعه حتى اليوم لم ينحسر. أغمض عينيه بهدوء يشبه حضوره، ورحل عنا كما عاش بيننا: أنيقًا، نبيلًا، بلا ضجيج. لم يكن مجرد وجه جميل يطل من الشاشة، بل كان إنسانًا يحمل رهافة الداخل، وحضورًا يعكس ذوقًا نادرًا، لا يُصطنع. الدوسري، القادم من الدلم، لم يكن سهل التعريف أو التصنيف، ففي وجهه سكينة، وفي صوته اتزان، وفي حرفه لمسة شاعر لا يقول كل شيء لكنه يوصل كل شعور. من إذاعة القرآن الكريم، إلى إذاعة الرياض، ثم إلى أثير MBC FM في لندن، بدأ رحلته بتؤدة العارف أن ما يُبنى على الحضور لا يسقط بالغفلة. كان رحمه الله، من أولئك الذين لا يحتلون الشاشة، بل يسكنونها كما يسكن الهدوء الأماكن الرحبة. تسلل إلى القلوب لا بصخب، بل بنبرة صادقة، وبأسئلة تعرف إلى أين تتجه. عرفته في «ليلة خميس» بصحبة صديقه أحمد الحامد. تألق في «نقطة تحول»، ولامس الأرواح في «ليطمئن قلبي»، وبث الحنين في «جار القمر» و«حنين»، فكانت برامجه صورة منه: أنيقة، راقية، لا تُشبه إلا نفسها. في كواليس العمل، كان سعوديًّا خالصًا في ودّه، متجردًا من المناصب، كريم المعشر، واسع الصدر، لا يترك مجلسًا دون أن يملأه دفئًا. صداقاته لم تكن عابرة، بل ممتدة كظلال النخل، تظلل وتمنح. وحين يسكن بيروت أو الرياض أو باريس، يسكن معه كل من عرفه، لأن سعود لم يكن عابرًا في أحد. نال جوائز مرموقة، كأفضل مذيع عربي 1995، و«جوردن أووردز» 2010، لكنها لم تكن تكريمه الأهم؛ لأن تكريمه الأصدق كان في محبة الناس، في دمعة زميل، في دعاء مشاهد، وفي ذكرى تتجدد كل عام. مات الدوسري، لكنه أبقى لنا الهدوء الذي عاش به، والقيمة التي مثّلها، والذوق الذي افتقدناه كثيرًا في زحام المشهد. هو ليس فقط ما كان عليه، بل ما كان يزرعه فينا: إن الإعلام يمكن أن يكون مهذّبًا، راقيًا، وإن الحضور لا يصنعه الصخب، بل الإنسان. أخبار ذات صلة سعود الدوسري