
أوجاع القلوب
د. #حفظي_اشتية
هذا مقال كنت قد كتبته قبل عدة سنوات، وكنت أظن أنّ الألم قد بلغ أقصاه، وأنّ اليأس قد وصل إلى منتهاه، وما كنت أعلم، وليتني ما عشت كي أعلم، أن سيولا من الدماء والدموع والآلام سوف تتفجر في بلاد العروبة والإسلام، من اليمن إلى لبنان إلى سوريا إلى بكائية الدهر وفاجعة الزمان وتجليات الخذلان في غزة….إلخ .
وما كنت أعلم أن أجنحة العدوّ وجنازير دباباته، وخنازير جنده ستستبيح المشرق العربي بهذه الصورة التي تحرق القلوب، وتسحق الأرواح.
مقالات ذات صلة تأملات قرآنية
أعيد نشر المقال للتعبير عن سوء المنقلب وانحدار الحال، ففي التعبير عن الألم أحيانا بعض راحة للقلوب المتعَبة.
يا ربّ، وحقّك لقد تعبنا
على أطلال أحبّة رحلوا، وقفوا وبكوا، واستنطقوا النؤي وبقايا الأثافي، ونحن نقف على أطلال عام مضى يرحل عنّا ينظر إلينا ويبتسم كفاتنة الموناليزا، فلا نعلم إن كانت ابتسامة السخرية أم الحزن أم الازدراء، أم هي ابتسامة بلهاء انشقت عن صدمة الأهوال.
– عالم عربي هو قلب الدنيا، يعوم على معظم مقدّرات الأرض، حباه الله بكلّ مقومات العزّة والحياة، يتحوّل تباعاً إلى مِزق وأشلاء، وفِرق شعارها الاقتتال حتى الفناء، وممالك الطوائف تتهاوى، وخيول فيردناند وإيزابيلا تجتاح البقاع، والصغير يقف على تلّة الوداع، يحدّق في قصر الحمراء، يصرعه الحزن، سلاحه البكاء، وأمٌّ تُدمي قلبه بالتبكيت، ولات حين مندم، ويصحو كلّ منّا على جرحه يطلب النصرة من أخيه فيراه مسربلاً بدمائه، وأنين الظمأ يملأ الفضاء، يردّد :
يا نائح الطلح أشباهٌ عوادينا نأسى لواديك أم نشجى لوادينا…
ويدور الكأس على شهداء اليرموك الثلاثة، تتصاعد أرواحهم تترى، والكأس تبقى مترعة!!!
– يا ربّ، وحقّك لقد تعبنا:
يُلقي الحُرّ منّا جسده المتهالك على فراشه يستقطر النوم، ويناجيك أن تكون نومة أبديّة لا يقظة منها إلّا بين يدي رحمتك، فإن قدّرتَ له قياماً من رقود، استيقظ طريح الهمّ، ينصدع وعيه بذكريات القوم يتنادون سراعاً يدقّون بينهم عِطر المنشم، فتتهاوى أقمار الرجال على حقّ مغصوب لفرس لم يسبق، أو ضرع ناقة أصابه سهم أحمق، أو أبله يظنّ نفسه أعزّ العرب، يمدّ رجله في السوق ويصيح متحديأ: مَن يقطعها؟؟!!
وما زالت الحال ذات الحال، وما زلنا نصرخ: يا لثارات بكر أو تغلب، !!! وما زال القتال يُردف علينا أعجازه وننوء بكلكله على خلاف سياسي حدث قبل ألف و أربعمائة عام، والأخطار تُحدق بنا جميعاً، بينما الرؤوس الحامية الخرقاء غارقة في الرمال غائصة تسفّ التراب كالنعام.
– يا ربّ، وحقّك لقد تعبنا:
ثروات هائلة تتبدّد على حروب عبثية، وحماقات ترفيّة، بينما شباب الأمّة وشيوخها وأطفالها ورجالها ونساؤها تبتلعهم أجواف البحار، أو تلفظهم على الشواطئ لترفضهم دول الأغراب، فتكون حالهم كالمستجير من الرمضاء بالنار، أو يتصدقون عليهم بالشفقة لتلمّهم الملاجئ، وليغمّسوا فتات الطعام بالكرامة المسحوقة، وذلّ العار، والحنين القاتل للأوطان التي غادروها غصباً، وتركوا فيها وراءهم قلوبهم وأحلامهم.
– يا ربّ، وحقّك لقد تعبنا:
يسِّرْ لنا ديكتاتوراً في جلبابه ألف ألف حَجّاج، يقودنا كرهاً نحو الخضوع والتوحّد، وتطير رؤوسنا إذا مسسنا حصى المسجد، ونندسّ في فراشنا فوراً بعد صلاة العشاء، لكننا نطير فجراً على صهوات الجياد مع محمد بن القاسم وقتيبة بن مسلم، ندقُّ بوابات الهند، ويأتينا تراب الصين مع الجزية في صحاف الذهب، فذلك أرحم لنا ألف مرّة من ديمقراطياتنا البهلوانية، وتُرّهات مجلس حكماء روما، وغمغماتهم الغبية وتنكيلهم الدائم باللغة العربية، وهجماتهم العرمرميّة التي ما كانت يوماً ذوداً عن حياض الوطن، أو المصالح العامّة، أو للارتقاء بالتشريعات، أو لملمة الثروات، أو مجابهة مصاصي دماء الفقراء، أو إغاثة الملهوفين، وإعالة المحتاجين وتشغيل العاطلين، أو إقامة البنيان الاقتصاديّ على الأركان المكينة، أو التخطيط لحلّ المشكلات المستعصية المتينة، أو النهوض بمستوى المناهج والتعليم والصحة، أو الحفاظ على المساواة بين الناس وحفظ كراماتهم، أو محاربة الفاسدين والظالمين في الإدارات، أو استنهاض عظمة الأمة وإعادة رسم وجودها على الخريطة العالميّة لينشد عمرو بن كلثوم ذات يوم في هيئة الأمم:
ألا لا يجـــهلنْ أحـــد عليــــنا فنجهلَ فوق جهل الجاهلينا
ونشربُ إنْ وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا كدراً وطينا
إذا بــــلغ الفِــــطامَ لــنا صبيٌّ تـخرُّ له الجبــــابـر ساجدينا !!!!!!
– يا ربّ، وحقّك لقد تعبنا:
أنت خلقتنا وزرعت فينا جينات الأعراب العنجهيّة، والحَرَد ورفض الانقياد لبعضنا، وتلك شنشنة نعرفها من أخزم، وأشار إليها ابن خلدون قبل ستة قرون، فأعد لنا مَن يصرخ:
لو رأينا فيك اعوجاجاً لقوّمناه بسيوفنا، ومَن يسمع هذا فيحمد الله، ويعمّ في نفسه الشعور بالأمان والرضا.
وإلّا فعَلّمنا مِن لدنك كيف ننصاع لديكتاتورية القانون العادل الشامل، يسري على الجميع، كما هو شأن دول الخَلق الراشدة العاقلة، فلا نرى في ذلك غضاضة، لأنّ القانون ليس شيخ قبيلة يلزمنا دوماً أن نعلّمه بالنبأ، بينما هو مشغول بقنص أربعة أخماس الغنائم!!!!
– يا ربّ، وحقّك لقد تعبنا:
فإن لم تكن هذه ولا تلك، فأرسل علينا طيراً أبابيل تعيد إلينا الصحراء عربية كما كانت، لنعود إلى رَحِمها، ونأنس بوحوشها بعيداً عن بني البشر، ونردّد مع الشنفرى لاميّة العرب:
أقيموا بني أمي صدور مطيّكم فإني إلى قوم سواكم لأَمْيَلُ
ولي دونكم أهلون سِيد عملّسٌ وأرقطُ زهلول وعرفاء جَيأَلُ (يعني الذئب والنمر والضبع)
– يا ربّ، وحقّك لقد تعبنا………

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبرني
منذ ساعة واحدة
- خبرني
تعزية بوفاة الحاج حامد عرابي عابدين (ابو صبحي)
خبرني - يتقدم ال السختيان والادهم في الاردن وفلسطين والمهجر بصادق مشاعر العزاء الى ال عابدين الكرام بوفاة فقيدهم المغفور له باذن الله الحاج حامد عرابي عابدين (ابو صبحي) الذي وافته المنية يوم السبت في عمان الاردن.


جفرا نيوز
منذ 5 ساعات
- جفرا نيوز
صالون الدكتور مهدي العلمي يستضيف الأديبة الشيخة سارة السهيل
جفرا نيوز - استضاف صالون الدكتور مهدي العلمي الثقافي الدكتورة الكاتبة والأديبة سارة طالب السهيل ضمن أمسية الجمعة الثقافية حيث قدمت محاضرة تحت عنوان"كيف نطبق المهارات الحياتية بخطوات بسيطة" وأدار الحوار الدكتور مهدي العلمي. وقالت السهيل إن المهارات الحياتية تدخل في تفاصيل حياتنا العملية والاجتماعية وفي كافة مراحل العمر ولا نتعلمها ضمن تخصصات جامعية وتأخذ من الخبرات الحياتية والتجارب الشخصية بين نجاح وفشل ويجب التركيز على تعلم المهارات الحياتية منذ الصغر بين مهارات اسرية واجتماعية ومهارات تتعلق بالعمل والأهم المهارات الحياتية تبدأ مع الذات ثم الأسرة وبعدها المجتمع. وأضافت السهيل أن المهارات الحياتية هي مجموعة من الكفاءات النفسية والاجتماعية والمعرفية المكتسبة شخصيا من ذاته أو مجتمعه أو من العلم والدراسة والثقافة وهذه كلها تمنح الإنسان إتخاذ القرار وحل المشكلات والتواصل الفعال والتفكير النقدي ولهذا المهارات الحياتية ضرورة لكافة الأجيال ولها علاقة بتطور المجتمع ونهظة الأمم. وأشارت السهيل وركزت على المهارات الحياتية في العلاقات الاجتماعية مع الأسرة والأهل والجيران ومحيط العمل وخاصة أن ديننا يحظ على ذلك من خلال صلة الرحم والجيرة الحسنة وتكون قائمة على حسن الخلق الذي علمنا اياه القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم. وركزت السهيل على مهارات التكيف والإدارة الذاتية ومن خلالها نعرف نقاط الضعف والقيم الشخصية من أجل أن نعرف نحن أين وبأي مرحلة وما هو القادم وكيف نتعامل معه وهذا يحتاج وقفة مع الذات ممكن ساعة أسبوعيا لتقييم ما أنجز ومعرفة نقاط الضعف والقوة والايجابيات والسلبيات ورسم المرحلة القادمة بناء على المراجعة الذاتية وكذلك التعامل مع الضغوط وإدارة التوتر والقلق والتكيف مع المواقف الصعبه وتنظيم الوقت وتحديد الأهداف وتحمل المسؤولية. وشددت السهيل أن المهارات الحياتية تساعد الأفراد على النجاح والتفاعل مع الحياة ومتطلباتها المختلفة واتخاذ قرارت صحيحة وحل المشكلات التي تواجههم والثقة بالنفس والقدرة على التكيف مع التغيرات وتساهم في بناء علاقات صحية وايجابية. ودار حوار موسع بين الدكتورة الكاتبة الاديبة سارة طالب السهيل والحضور من الادباء المثقفين تركز على المهارات الحياتية انطلاقا من الذات والأسرة والمجتمع والعمل وانها ركيزة أساسية للنجاح إجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وهي مهمة من أجل نجاح المجتمع والنهوض بالاوطان لمواكبة التطور العالمي. وشكرت الكاتبة سارة السهيل الدكتور مهدي العلمي وصالونه الثقافي الذي أثرى المشهد الثقافي والعلمي والادبي في الأردن وقالت انا اعتز أن أكون في هذا المكان وبين هذه القامات الثقافية فكل الشكر للدكتور العلمي هذه القامة الثقافية والعلمية والاخلاقية وعائلة العلمي العريقة في النضال من أجل فلسطين المحتلة وكذلك عطاء في كافة المجالات محليا وعربيا وعالميا. وكان الدكتور مهدي العلمي قد رحب بالدكتورة الكاتبة والأديبة سارة طالب السهيل التي لبت الدعوة لتقديم هذه المحاضرة القيمة التي تركز على المهارات الحياتية والتي يحتاجها الإنسان من أجل تحسين العلاقات وزيادة الانتاجية وتحسين الصحة النفسية وقدم العلمي السيرة الذاتية للكاتبة الدكتورة السهيل التي درست في مدرسة راهبات الوردية في عمان واكملت دراستها في بريطانيا بإدارة الأعمال وبكالوريوس اعلام من جامعة القاهرة وماجستير في علم النفس وآخر في حقوق الإنسان وآخر في القانون الخاص والعلوم الإدارية والدكتوراه في القانون الدولي وحقوق الإنسان والشؤون الدولية من جامعة عين شمس في مصر. وأضاف العلمي وقال نشأت الكاتبة سارة السهيل بين الكتب والمجالس الثقافية، وهو ما صقل موهبتها ووجّه اهتمامها نحو عالم الأدب والكتابة ، مما ساعدها على تطوير مهاراتها في التعبير والاتصال، وفتح لها أبواباً في مجالات الصحافة والمقالة الأدبية وبدأت السهيل الكتابة منذ سن صغيرة، ولفتت الأنظار بقدرتها على المزج بين الخيال الأدبي والرسالة التربوية، خاصة في مجال أدب الطفل فقدّمت أعمالاً تركت بصمة واضحة، وساهمت في إثراء مكتبة الطفل العربي. من أبرز أعمالها:"سلمى والعلبة السحرية" "نعمان والأرض الطيبة" "ليلى والذئب – قراءة جديدة للقصة الشهيرة"ديوان "حب بلا حدود" (شعر بالعربية)"Whispers of the Desert" (ديوان مترجم إلى الإنجليزية) الكتابة والمجتمع إلى جانب إنتاجها الأدبي، اشتهرت سارة طالب السهيل بنشاطها الإنساني والاجتماعي، لا سيما في مجال الدفاع عن حقوق الطفل شاركت في حملات للتوعية بمخاطر زواج القاصرات والعنف الأسري، وساهمت في مبادرات تعليمية وتثقيفية في عدد من الدول العربية كما أنها صوت نسائي بارز في الدعوة إلى التسامح والسلام، وقد مثلت الثقافة العربية في مهرجانات عربية وأوروبية عدة. وفي ختام المحاضرة قدم الدكتور مهدي العلمي شهادة تقدير للكاتبة والأديبة سارة طالب السهيل وقال انها ليست مجرد كاتبة، بل هي نموذج للمرأة العربية المثقفة والملتزمة بقضايا مجتمعها، والتي تمزج بين الإبداع الأدبي والوعي الإنساني إن مسيرتها تمثل إشعاعاً أدبياً وإنسانياً يستحق التقدير والاحتفاء وقدم لها العلمي كتب من تأليفه في المجال الاقتصادي والإنساني والاجتماعي والتاريخي كما قدم الأدباء من الحضور كتب من انتاجهم للكاتبة والأديبة سارة طالب السهيل، كما قدمت السهيل كتاب" العنف والهوية الضائعة ً من تأليفها للدكتور العلمي والذي أخذ منها عشر سنوات لإنجازه.

سرايا الإخبارية
منذ 6 ساعات
- سرايا الإخبارية
الدكتور مروان جميل أبو حمد .. مبارك
سرايا - بكل الفخر والاعتزاز، أتقدم بأحرّ التهاني وأصدق التبريكات إلى الدكتور مروان جميل أبو حمد بمناسبة حصوله على درجة الدكتوراه في أساليب تدريس اللغة الإنجليزية من أم الجامعات – الجامعة الأردنية، وبتقدير امتياز، وتخريجك ضمن الفوج الستين من حملة الشهادات العليا، وذلك بعد مشوار تعليمي حافل بالعطاء والاجتهاد استمر خمس سنوات. أسأل الله أن ينفع بعلمكم، ويجعل ما حققتموه عونًا لكم في خدمة وطننا الغالي، وعقبال أعلى المناصب ومزيد من التألق والتميّز. ألف مبارك، ومنها لأعلى إن شاء الله. مع أطيب الأمنيات، الدكتور عدنان كريشان