logo
لا يقبل الإنكار.. رغم تأويلات ليلى طاهر للآيات القرآنية الأزهر والإفتاء يؤكدان فريضة الحجاب بالأدلة

لا يقبل الإنكار.. رغم تأويلات ليلى طاهر للآيات القرآنية الأزهر والإفتاء يؤكدان فريضة الحجاب بالأدلة

أثارت الفنانة ليلى طاهر عاصفة من الجدل بتصريحاتها الأخيرة حول عدم اقتناعها بفرضية الحجاب، لافتة إلى أنها لا تؤمن بأن تغطية الشعر واجب ديني، وأن الآيات القرآنية لا تشير بشكل مباشر إلى غطاء الرأس، وأن الحجاب في القرآن يُفهم على أنه "حاجز" لا "غطاء".
تصريحات الفنانة قوبلت برد حاسم ومباشر من أعلى المرجعيات الدينية في مصر، فقد أكد كل من الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية بالإجماع أن الحجاب فريضة شرعية على كل فتاة مسلمة بلغت سن التكليف، وليس مجرد خيار شخصي أو مظهر اجتماعي.
شيخ الأزهر: الحجاب "وارد بالقرآن" و"معصية لا خروج عن الإسلام"
حسم الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الجدل في لقاء تليفزيوني، موضحًا أن الحجاب – بمعنى تغطية شعر الرأس – أمر وارد في القرآن الكريم وأجمعت عليه الأمة الإسلامية. وأضاف فضيلته أن المرأة التي لا ترتدي الحجاب لا تُعد خارجة عن الإسلام، بل تكون قد ارتكبت معصية، مشددًا على أن المسألة محسومة شرعًا وليست محل نزاع فكري أو اجتماعي كما يروّج البعض.
ولم يتوقف الأمر عند تصريح شيخ الأزهر، فقد شدد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على أن الحجاب فريضة شرعية بدليل صريح من القرآن الكريم.
واستشهد المركز بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ) [الأحزاب: 59]، وقوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) [النور: 31].
وأوضح المركز أن "الخمار" في لغة العرب هو غطاء الرأس، وأن دلالة الآيات واضحة وصريحة لا تحتمل التأويل.
دار الإفتاء: إجماع فقهي لا يقبل الإنكار
من جانبها، أكدت دار الإفتاء المصرية أن الحجاب فرض على كل امرأة مسلمة بلغت سن الحيض، وهو واجب بنصوص قطعية الثبوت والدلالة في القرآن والسنة.
واستدلت الدار بالحديث النبوي الشريف: "يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يُرى منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه، بالإضافة إلى حديث آخر: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار".
وشددت دار الإفتاء على أن وجوب الحجاب من المسائل التي أجمعت عليها الأمة الإسلامية سلفًا وخلفًا، وهو جزء من الدين لا يجوز إنكاره. وأكدت أن أي خلاف حوله ليس علميًا معتبرًا، بل هو مخالف لما استقر عليه علماء الشريعة عبر العصور.
وبناءً عليه، فإن القول بأن الحجاب ليس فرضًا لا يستند إلى أي أساس شرعي معتبر، ويتعارض مع ما ثبت في القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع الفقهي عبر قرون من الزمان.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد انسداد شريانه.. القصة الكاملة لأزمة مسلم مع نقيب الموسيقيين
بعد انسداد شريانه.. القصة الكاملة لأزمة مسلم مع نقيب الموسيقيين

24 القاهرة

timeمنذ 17 دقائق

  • 24 القاهرة

بعد انسداد شريانه.. القصة الكاملة لأزمة مسلم مع نقيب الموسيقيين

تصاعدت أزمة مطرب المهرجانات مسلم بعد منشور كتبه عبر حسابه الرسمي على إنستجرام من داخل المستشفى، أعلن إصابته بانسداد في أحد شرايين القلب، متهمًا نقيب المهن الموسيقية مصطفى كامل بأنه السبب في ما يمر به من تدهور صحي ونفسي. القصة الكاملة لأزمة مسلم مع نقيب الموسيقيين وقال مسلم في منشوره: حسبي الله ونعم الوكيل، الصبح اتسد ليا شريان في القلب، وبالليل أنا ومراتي بنموت، حرفيًا شوفت الموت، وكل دا بسبب ظلم ناس معينين، وأنتم عارفينهم. واتهم الفنان نقيب الموسيقيين بعدم مراعاة حالته الصحية ووقفه عن الغناء دون استدعائه أو التحقيق معه، معتبرًا القرار تعسفيًا وجاء في وقت يمر فيه بأصعب ظروف حياته. إيقاف مسلم عن الغناء في المقابل، أوضحت نقابة المهن الموسيقية أن قرار وقف مسلم عن العمل صدر بعد شكاوى رسمية من متعهدي الحفلات بسبب عدم التزامه بمواعيد الحفلات وتكرار غيابه، ما تسبب في أضرار مادية لهم. مسلم: اعتذرت عن الحفلة بسبب ميكروب في الدم.. وقرار النقابة كان تعسفيا وسأتجه للقضاء وفي وقت سابق، خرج مسلم بفيديو عبر حسابه الرسمي على إنستجرام، معلنا اعتراضه الشديد على قرار نقابة المهن الموسيقية بإيقافه عن الغناء، واصفا القرار بأنه تعسفي وغير قانوني. وأوضح مسلم في تصريحاته أن النقابة لم تتواصل معه أو تحقق في الواقعة قبل إصدار القرار، قائلا: قرار النقابة بوقفي ماكنش سهل، وأي نقابة في العالم المفروض تحقق مع الفنان قبل ما توقفه، لكن محدش كلمني، رغم إني كنت بحاول أوضح موقفي. وأشار إلى أنه كان قد اعتذر عن إحياء إحدى الحفلات بسبب إصابته بعدوى في الدم، مؤكدا امتلاكه تقارير طبية رسمية تثبت حالته الصحية في ذلك الوقت، قائلا: أنا اعتذرت عن الحفلة لأن كان عندي ميكروب في الدم، ومعايا ورق رسمي يثبت ده، لكن لما حاولت أتواصل معاهم محدش رد. وأضاف أن القرار الصادر لم يحمل توقيع نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، مما دفعه للتفكير في اتخاذ إجراء قانوني ضد النقابة، موضحًا: القرار اللي طلع ماكانش موقع من مصطفى كامل، وأنا قررت أرفع قضية علشان آخد حقي. وكان مسلم قد نشر أيضا رسالة غاضبة عبر ستوري على حسابه، جاء فيها: حسبي الله ونعم الوكيل في النقابة وكل اللي فيها، وربنا كبير ومش هيسيب حقي، أنا اتظلمت كتير ومش هسكت، وبعيش في دولة قانون، وهعرف أجيب حقي، حتى لو كرهكم لنجاحي كان سببه. واختتم مسلم تصريحاته مؤكدا أنه سيواصل طريقه الفني رغم كل ما واجهه من عوائق وظلم، متمسكا بحلمه ودفاعه عن حقه القانوني. متحدث نقابة الموسيقيين: قرعة التجديد النصفي استحقاق قانوني التزم به مصطفى كامل لترسيخ العدالة على فراش المرض.. مسلم يهاجم نقيب الموسيقيين: شرياني مسدود وأنا ومراتي بنموت بسببك

الأوطان ليست حفنة من تراب.. موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم
الأوطان ليست حفنة من تراب.. موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم

24 القاهرة

timeمنذ 18 دقائق

  • 24 القاهرة

الأوطان ليست حفنة من تراب.. موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم بعنوان: الأوطان ليست حفنة من تراب، وقالت وزارة الأوقاف: إن الهدف من هذه الخطبة هو بيان أهمية العقل والوطن، والتحذير من الفكر المتطرف الذي يفسد العقل ويدمر الأوطان، مع التأكيد على أن حب الوطن جزء من التدين الحقيقي، وأن الحفاظ على ممتلكاته وهويته، واقتصاده، من أعظم صور البر بالوطن. نص الخطبة اليوم الحمد لله رب العالمين، هدى العقول ببدائع حكمه، ووسع الخلائق بجلائل نعمه، أقام الكون بعظمة تجليه، وأنزل الهدى على أنبيائه ومرسليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها أحدا فردا صمدا، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، وختاما للأنبياء والمرسلين، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فإن الوطن قصة تروى على ألسنة الأجيال، وروح تسكن في كل زاوية ودرب، الوطن شعب عريق، وحضارة سامقة، ومؤسسات تقوم بسواعد البناء، وانتصارات تسطر بدماء الأبطال، ورجال عباقرة نسجوا مجده، وعلماء ومخترعون ومبدعون وقفوا على ثغور العلم وأبهروا العقول، ومناضلون صنعوا المجد، فالوطن يعيش فينا كما نعيش فيه. أيها الناس، إن من يختزل هذه الكلية الأبدية الساحرة في "حفنة تراب" إنما ارتكب عقوقا وطنيا، وشوه مفهوما عظيما، قال سيد الزهاد إبراهيم بن أدهم –رحمه الله - معبرا عن قيمة وطنه: "ما قاسيت فيما تركت شيئا أشد علي من مفارقة الأوطان". أيها الكرام، هذه رسالة إلى من قست قلوبهم تجاه أوطانهم، ألم يأت القرآن والسنة بالآيات والأحاديث التي تدل على الأهمية العظمى للوطن؟، ألم يشر القرآن في عشرات الآيات إلى قيمة الوطن؟ ألم يقرن الله تعالى مفارقة الأوطان بقتل النفس في قوله: {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم}؟، ألم يجعل الله سبحانه وتعالى الجلاء عن الوطن عذابا للمخالفين، فقال: {ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا}؟ أيها الكرام، هل تدركون أن الوطن ليس جمادا لا إحساس له، بل هو كائن يتنفس؟ ألم يخبرنا الحبيب المصطفى ﷺ أن الحجر سلم عليه قبل البعثة؟، ألم يحن إليه الجذع ويبك شوقا حتى سكن بين يديه الشريفتين، ألم يسبح الحصى في كفه الشريف، ألم تشك إليه الحيوانات والدواب، كل هذا ينبئنا أن الكائنات تعي وتشعر. عباد الله تدبروا، إن الوطن يحزن ويفرح، يرضى ويغضب، فهو قيم وأخلاق، وعادات وتقاليد، وولاء وانتماء، وإخلاص ووفاء، وحضارة وثقافة، وجمال يأسر الألباب، إنه حنين إلى البقاع، وشوق إلى المراقد، وإحساس بكل ذرة فيه، وتأملوا قوله ﷺ عن جبل أحد: "أحد جبل يحبنا ونحبه"، فكيف بوطن بأسره؟ أيها المكرمون، لقد ضرب لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في حب الوطن، فقال سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر، فنظر إلى جدرات المدينة، أوضع راحلته، وإن كان على دابة حركها؛ من حبها"، ويعقب الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله على هذا الحديث في "فتح الباري" فيقول: (وفي الحديث دلالة على مشروعية حب الوطن والحنين إليه)، وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله معبرا عن هذا الحب الفطري: "وكانت العرب إذا سافرت، حملت معها من تربة بلدها تستشفي به عند مرض يعرض". أيها النبلاء... اقدروا للوطن قدره، فإن حب الوطن ليس مجرد شعارات ترفع، بل هو عمل جاد وإتقان في كل موقع، فالموظف الأمين، والعامل المتقن، والطالب المجتهد، والمعلم المربي، والطبيب الحريص، والتاجر الصدوق، كل هؤلاء يبنون وطنهم بإخلاصهم، وحفاظهم على هويته الثقافية والدينية، ولغته المبدعة العلية، ومرافقه العامة. دامت لنا نعمة مصر محفوظة مرعية مجبورة منصورة، ببركة دعوة صالحة من آل بيت الجناب المعظم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فيا أيها الناس، إن الحب الحقيقي للوطن يتجلى في أفعالنا، في مدى حرصنا على كل ما يخص هذا الوطن، وأولى هذه المظاهر وأوضحها، الحفاظ على الممتلكات العامة التي هي ملك لنا جميعا، هذه الممتلكات، أيها الإخوة، هي ملك لنا جميعا، ومن صور ذلك الحفاظ على وسائل النقل العام، ومنها القطارات، فإنها شرايين حياة تربط أرجاء الوطن، فهل يعقل أن تلقى الحجارة عليها؟، كيف لإنسان أن يخرب قطارا ويعبث بمرافقه التي تنفع الركاب؟ هل يقبل أن تؤذي إنسانا، أو تكون سببا في هلاكه؟ إن من يقوم بذلك لا يدرك أنه يعيق تقدم بلده، ويؤخر مسيرة التنمية، ويؤثر سلبا على آلاف المواطنين الذين يعتمدون على هذه الوسيلة الحيوية. أيها الكرام، واعلموا أن من أهم دلالات حب الوطن الحفاظ على هويتنا الثقافية الأصيلة، ولغتنا العربية الشريفة، هويتنا الثقافية هي مرآة تعكس تاريخنا وحضارتنا وقيمنا، وعمود هذه الهوية لغتنا العربية، لغة القرآن الكريم، لغة الضاد، التي بها نفكر، وبها نتواصل، وبها نعبر عن ذواتنا، فهل يرضى محب لوطنه أن يرى لغته تضعف، وأن تهجر كلماتها، وأن يستولي عليها الأجنبي؟ إن الاعتزاز بلغتنا واستخدامها الصحيح، وتشجيع أبنائنا على تعلمها وإتقانها، هو جزء لا يتجزأ من حب الوطن، إن الحفاظ على ثقافتنا ولغتنا هو صون لتراث الأجداد، وبناء لمستقبل الأبناء. واعلموا أن من صور حب الوطن العملية المساهمة في بناء اقتصادنا الوطني، فاقتصاد الوطن هو عصب الحياة، وقاطرة التنمية، فكل جهد يبذله الواحد منا في عمله، كل إخلاص في وظيفته، كل إتقان لمهنته، يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، شراء المنتجات المحلية، دعم الصناعات الوطنية، تشجيع الاستثمار، محاربة الفساد، كلها خطوات عملية تعزز من قوة اقتصادنا، وتوفر فرص العمل لأبنائنا، وتمكن بلدنا من تحقيق الاكتفاء الذاتي والتقدم، إن الجندي الذي يدافع عن وطنه، والعامل الذي يخلص في صنعته، والتاجر الذي يتحرى الأمانة في بيعه، كلهم جنود في سبيل بناء هذا الوطن ورفعته، ولقد قال الله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}، فهي دعوة إلهية للعمل والإتقان، وما أعظم أن يكون عملنا في خدمة الوطن وصالح الناس. فلنتق الله أيها الأحبة، ولنجعل من حب الوطن دافعا لنا للعمل الصالح، وللحفاظ على كل ما يخصه، ليكن كل واحد منا حصنا منيعا يحافظ على ممتلكات وطنه، ولسانا فصيحا يدافع عن لغته، ويدا عاملة تسهم في بناء اقتصاده. اللهم انثر في بلادنا مصر بساط الرزق والعافية واهدنا سبل السلام والأمان والإكرام

أخبار العالم : "الأوطان ليست حفنة من تراب".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 13 يونيو 2025
أخبار العالم : "الأوطان ليست حفنة من تراب".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 13 يونيو 2025

نافذة على العالم

timeمنذ 23 دقائق

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : "الأوطان ليست حفنة من تراب".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 13 يونيو 2025

الجمعة 13 يونيو 2025 08:30 صباحاً نافذة على العالم - حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 13 يونيو 2025 الموافق 17 من ذي الحجة 1446 بعنوان: "الأوطان ليست حفنة من تراب". وقالت وزارة الأوقاف: 'إن الهدف من هذه الخطبة هو بيان أهمية العقل والوطن، والتحذير من الفكر المتطرف الذي يفسد العقل ويدمر الأوطان، مع التأكيد على أن حب الوطن جزء من التدين الحقيقي، وأن الحفاظ على ممتلكاته وهويته، واقتصاده، من أعظم صور البر بالوطن'. نص خطبة الجمعة اليوم 13 مايو 2025 "الأوطان ليست حفنة من تراب" الحمد لله رب العالمين، هدى العقول ببدائع حكمه، ووسع الخلائق بجلائل نعمه، أقام الكون بعظمة تجليه، وأنزل الهدى على أنبيائه ومرسليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها أحدا فردا صمدا، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، وختاما للأنبياء والمرسلين، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فإن الوطن قصة تروى على ألسنة الأجيال، وروح تسكن في كل زاوية ودرب، الوطن شعب عريق، وحضارة سامقة، ومؤسسات تقوم بسواعد البناء، وانتصارات تسطر بدماء الأبطال، ورجال عباقرة نسجوا مجده، وعلماء ومخترعون ومبدعون وقفوا على ثغور العلم وأبهروا العقول، ومناضلون صنعوا المجد، فالوطن يعيش فينا كما نعيش فيه. أيها الناس، إن من يختزل هذه الكلية الأبدية الساحرة في "حفنة تراب" إنما ارتكب عقوقا وطنيا، وشوه مفهوما عظيما، قال سيد الزهاد إبراهيم بن أدهم –رحمه الله - معبرا عن قيمة وطنه: "ما قاسيت فيما تركت شيئا أشد علي من مفارقة الأوطان". أيها الكرام، هذه رسالة إلى من قست قلوبهم تجاه أوطانهم، ألم يأت القرآن والسنة بالآيات والأحاديث التي تدل على الأهمية العظمى للوطن؟، ألم يشر القرآن في عشرات الآيات إلى قيمة الوطن؟ ألم يقرن الله تعالى مفارقة الأوطان بقتل النفس في قوله: {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم}؟، ألم يجعل الله سبحانه وتعالى الجلاء عن الوطن عذابا للمخالفين، فقال: {ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا}؟ أيها الكرام، هل تدركون أن الوطن ليس جمادا لا إحساس له، بل هو كائن يتنفس؟ ألم يخبرنا الحبيب المصطفى ﷺ أن الحجر سلم عليه قبل البعثة؟، ألم يحن إليه الجذع ويبك شوقا حتى سكن بين يديه الشريفتين، ألم يسبح الحصى في كفه الشريف، ألم تشك إليه الحيوانات والدواب، كل هذا ينبئنا أن الكائنات تعي وتشعر. عباد الله تدبروا، إن الوطن يحزن ويفرح، يرضى ويغضب، فهو قيم وأخلاق، وعادات وتقاليد، وولاء وانتماء، وإخلاص ووفاء، وحضارة وثقافة، وجمال يأسر الألباب، إنه حنين إلى البقاع، وشوق إلى المراقد، وإحساس بكل ذرة فيه، وتأملوا قوله ﷺ عن جبل أحد: "أحد جبل يحبنا ونحبه"، فكيف بوطن بأسره؟ أيها المكرمون، لقد ضرب لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في حب الوطن، فقال سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر، فنظر إلى جدرات المدينة، أوضع راحلته، وإن كان على دابة حركها؛ من حبها"، ويعقب الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله على هذا الحديث في "فتح الباري" فيقول: (وفي الحديث دلالة على مشروعية حب الوطن والحنين إليه)، وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله معبرا عن هذا الحب الفطري: "وكانت العرب إذا سافرت، حملت معها من تربة بلدها تستشفي به عند مرض يعرض". أيها النبلاء... اقدروا للوطن قدره، فإن حب الوطن ليس مجرد شعارات ترفع، بل هو عمل جاد وإتقان في كل موقع، فالموظف الأمين، والعامل المتقن، والطالب المجتهد، والمعلم المربي، والطبيب الحريص، والتاجر الصدوق، كل هؤلاء يبنون وطنهم بإخلاصهم، وحفاظهم على هويته الثقافية والدينية، ولغته المبدعة العلية، ومرافقه العامة. دامت لنا نعمة مصر محفوظة مرعية مجبورة منصورة، ببركة دعوة صالحة من آل بيت الجناب المعظم. *** الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فيا أيها الناس، إن الحب الحقيقي للوطن يتجلى في أفعالنا، في مدى حرصنا على كل ما يخص هذا الوطن، وأولى هذه المظاهر وأوضحها، الحفاظ على الممتلكات العامة التي هي ملك لنا جميعا، هذه الممتلكات، أيها الإخوة، هي ملك لنا جميعا، ومن صور ذلك الحفاظ على وسائل النقل العام، ومنها القطارات، فإنها شرايين حياة تربط أرجاء الوطن، فهل يعقل أن تلقى الحجارة عليها؟، كيف لإنسان أن يخرب قطارا ويعبث بمرافقه التي تنفع الركاب؟ هل يقبل أن تؤذي إنسانا، أو تكون سببا في هلاكه؟ إن من يقوم بذلك لا يدرك أنه يعيق تقدم بلده، ويؤخر مسيرة التنمية، ويؤثر سلبا على آلاف المواطنين الذين يعتمدون على هذه الوسيلة الحيوية. أيها الكرام، واعلموا أن من أهم دلالات حب الوطن الحفاظ على هويتنا الثقافية الأصيلة، ولغتنا العربية الشريفة، هويتنا الثقافية هي مرآة تعكس تاريخنا وحضارتنا وقيمنا، وعمود هذه الهوية لغتنا العربية، لغة القرآن الكريم، لغة الضاد، التي بها نفكر، وبها نتواصل، وبها نعبر عن ذواتنا، فهل يرضى محب لوطنه أن يرى لغته تضعف، وأن تهجر كلماتها، وأن يستولي عليها الأجنبي؟ إن الاعتزاز بلغتنا واستخدامها الصحيح، وتشجيع أبنائنا على تعلمها وإتقانها، هو جزء لا يتجزأ من حب الوطن، إن الحفاظ على ثقافتنا ولغتنا هو صون لتراث الأجداد، وبناء لمستقبل الأبناء. واعلموا أن من صور حب الوطن العملية المساهمة في بناء اقتصادنا الوطني، فاقتصاد الوطن هو عصب الحياة، وقاطرة التنمية، فكل جهد يبذله الواحد منا في عمله، كل إخلاص في وظيفته، كل إتقان لمهنته، يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، شراء المنتجات المحلية، دعم الصناعات الوطنية، تشجيع الاستثمار، محاربة الفساد، كلها خطوات عملية تعزز من قوة اقتصادنا، وتوفر فرص العمل لأبنائنا، وتمكن بلدنا من تحقيق الاكتفاء الذاتي والتقدم، إن الجندي الذي يدافع عن وطنه، والعامل الذي يخلص في صنعته، والتاجر الذي يتحرى الأمانة في بيعه، كلهم جنود في سبيل بناء هذا الوطن ورفعته، ولقد قال الله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}، فهي دعوة إلهية للعمل والإتقان، وما أعظم أن يكون عملنا في خدمة الوطن وصالح الناس. فلنتق الله أيها الأحبة، ولنجعل من حب الوطن دافعا لنا للعمل الصالح، وللحفاظ على كل ما يخصه، ليكن كل واحد منا حصنا منيعا يحافظ على ممتلكات وطنه، ولسانا فصيحا يدافع عن لغته، ويدا عاملة تسهم في بناء اقتصاده. اللهم انثر في بلادنا مصر بساط الرزق والعافية. وأهدنا سبل السلام والأمان والإكرام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store