
«دم أول»... فيلم سياسي صوَّر حرب الداخل
وتقوم الخطّة على عدم إعادة تصوير القصة نفسها، بل تقديم فيلم يُعدّ بمثابة مقدّمة (Prequel) لأحداث الفيلم الأصلي.
عُيِّن المخرج جالماري هيلاندر لكن لم يتم اختيار الممثل الذي سيلعب دور جون رامبو، الذي أدّاه ستالون في الفيلم السابق. نجاح ذلك الفيلم نتج عنه 4 أفلام «رامبو» أخرى ما بين 1985 و2019.
برايان دنهي يوقف رامبو بلا تهمة (أورايون بيكتشرز)
متعدد الجبهات
المهمّة لن تكون سهلة لا من حيث الكتابة الفعلية، ولا من حيث إقناع المشاهدين بأن هناك حاجة «غير تجارية» لتقديم فيلم تدور أحداثه في السنوات القليلة التي سبقت «دم أول». فيلم كوتشِف عن رواية ممتعة وضعها ديفيد موريل (اشتراها هذا الناقد من مكتبة أنطوان في بيروت وقرأها في يوم وليلة). هذا لأن «دم أول» لم يكن مجرد فيلم أكشن، ولا حتى مجرد فيلم حرب، بسبب أن شخصيّته الأولى «رامبو» خريج الحرب الفيتنامية. في الواقع كان أكثر بطبقات متعددة من مجرد فيلم عن رجل عاد إلى الولايات المتحدة محمّلاً قسوة تلك الحرب.
«دم أول» متعدد الجبهات، ولو أن الخط العام لقصّته يدور حول عودة ذلك المحارب من أرض الحرب ليواجه حرباً أخرى في بلاده. كلتا الحربين، كما يقول الفيلم، فُرضتا عليه.
رسائل «دم أول» تأتي مباشرة مع مشهد البداية: رامبو، بجاكيت عسكرية وبحقيبة يحملها فوق ظهره، يصل إلى منزل صغير خارج المدينة. هناك امرأة أفرو - أميركية تنشر الغسيل. رامبو يحيّيها ويسألها عن رفيق سلاح. يُريها صورة تجمعهما. تقول له إن ابنها (رفيق رامبو) قُتل في تلك الحرب. يُبدي أسفه ويبتعد. المفاد هنا أن مقتل جندي أسود في تلك الحرب لم يكن، لدى القيادة، موضوع اهتمام لإعلام أحد بذلك سوى والدته.
جاك ستارِت (إلى اليمين) يمنع رامبو من المقاومة (أورايون بيكتشرز)
قوّة منظّمة
في المشهد التالي، يتوجَّه رامبو صوب البلدة الواقعة عند سفح جبل شمال أميركا. يتوقف شريف البلدة (برايان دنهي) ويسأله عن مقصده، ثم يطلب منه أن يستقل السيارة ليعود به من حيث جاء عند مطلع الجسر. لكن رامبو ما إن يخرج من السيارة حتى يعود أدراجه.
موقف الشريف منه يفتح صندوقاً من المعاني: رامبو غير مرحّب به لأنه بدوره شخص غير مهم في مجتمع يعدّه الآن تجسيداً للهزيمة. لم يفعل شيئاً معادياً لأحد، بل مارس حقّه في الذهاب أينما يريد في أرض وطنه. مع تحديد الفيلم هذه الحقيقة وتحديد خطأ البوليس في احتجازه لأنه لم يمتثل لطلب عدم دخوله البلدة، يتبدّى أن القوّة المنظّمة والمحمية باسم القانون هي التي تخرج عنه.
يُقاد رامبو إلى الزنزانة، ويتسلَّى نائب الشريف غولت (جاك ستارت، الذي أخرج أفلاماً عدّة بدوره) بممارسة ساديّته بلا مبرر. يدرك غولت أن رامبو غير مذنب، وأنه عائد من فيتنام التي خرجت منها أميركا خاسرة. رامبو الآن هو رمز جاهز لخسارة أميركا تلك الحرب.
لكن رامبو ليس ضعيفاً. إنه خريج قوّة خاصة تدرّبت جيداً على التحمّل والبقاء على قيد الحياة. يواجه رجال البوليس ثم يهرب على دراجة نارية منطلقاً صوب الجبال.
هناك مشهد رائع لغولت وهو يحاول قنص رامبو من طائرة مروحية قبل أن يصيبه رامبو فيسقط غولت من علٍ. سيهرب رامبو من مطارديه، لكنه سيستخدم مهاراته القتالية للإيقاع بهم. هو لم يسفك الدم الأول، بل ما زال يدافع عن نفسه كما فعل في فيتنام.
في النهاية سيفصح عن موقفه بقوله إنه عاد من حرب فُرضت عليه وتلاعب بنتائجها السياسيون مما أدى إلى الهزيمة.
الفيلم المقبل
في ثلث الساعة الأخيرة يبدأ رامبو بالانتقام من البلدة التي عادته. وفي هذا الفصل يتحوّل الفيلم إلى رغبة في تسديد الهدف لتأكيد المفادات السياسية والاجتماعية التي وردت، والربط بين الحرب التي كان على رامبو خوضها في فيتنام وتلك الحالية التي فُرضت عليه في موطنه.
الفيلم الجديد يريد سرد الأحداث التي سبقت «دم أول»، لكن هذا يفتح السؤال، والسيناريو ليس مُتاحاً بعد، حول ما الذي يمكن للفيلم الجديد إضافته إلى الحكاية التي شوهدت. هل عليه أن يعود إلى الحرب الفيتنامية ليسرد تاريخ رامبو؟ هل سيجمع بين مشاهد تلك الحرب ووصول رامبو إلى تلك البلدة المعادية؟
الأهم أن التيمة التي انطلق منها المؤلف موريل، ثم تبنّاها الفيلم لاحقاً، حملت أبعاداً عميقة عن المقاتل الذي لم يجد في وطنه رفيقاً ولا أُلفة يحتاجهما في عزلته. لم يجد من يشاركه آلامه وذكرياته، بل قُوبل بعداء صريح. في المقابل، لا يبدو أن الفيلم المرتقب سيكون أكثر من مشاهد «أكشن» مترافقة مع جرعات من التعذيب، وهو ما لا يلبّي الحاجة الملحّة إلى عمل يرقى إلى القيمة والعمق اللذين جسّدهما «دم أول» بوضوح.
في كل الحالات، فإن ما سيرد في هذا الفيلم المزمع إنتاجه ورد مثيله في الجزء الثاني من «رامبو» (1985)، الذي يعود فيه رامبو إلى فيتنام لتحرير رهائن. في ذلك الفيلم تحوّل كل شيء إلى معرض قتل وقتال، وهذا ما يبدو أن صانعي الفيلم المقبل سيُقدمون عليه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 30 دقائق
- الشرق الأوسط
فلسطين ــ الأوسكار: دورة ثانية
> انتخاب فيلم «فلسطين 36» ليدخل ترشيحات الأوسكار المقبل (98) خطوة جيّدة من وزارة الثقافة الفلسطينية لتأكيد حضور فلسطين والقضية نفسها في أهم محفل سينمائي دولي. > الفيلم من إخراج ماري آن جاسر («ملح هذا البحر»، و«واجب») التي تتمتع بجودة تنفيذ أعمالها وما تحتويه من موضوعات تبحث في تاريخ علاقة الإنسان الفلسطيني بأرضه. فيلمها الجديد سينطلق لعرض عالمي أول خلال «مهرجان تورنتو» المقبل؛ 4 - 14 سبتمبر (أيلول)، وسيكون ثاني فيلم فلسطيني يُرشَّح على التوالي للأوسكار بعد فيلم «لا أرض أخرى» الذي فاز بأوسكار أفضل فيلم تسجيلي في مطلع العام الحالي. > على ذكر هذا الفيلم، يجب التأكيد أن الفوز بحد ذاته لا يعني أن توزيعه في أرجاء الولايات المتحدة (أو حتى خارجها) أمرٌ مضمون. بل هو ممكن على نحو محدود، وهذا ما حدث مع «لا أرض أُخرى». تحدّث عن كيف يتم طرد فلسطينيي الضفة من بيوتهم وهدمها وإجبارهم على العيش في الكهوف، وهذا ليس في الزمن الحاضر بل هو منوال متّبع منذ عقود. > حظي الفيلم بعروض جيّدة في عدد محدود من المدن الأميركية (العاصمة واشنطن، ولوس أنجليس، ونيويورك وسواها)، مما عكس حب الأميركيين لمعرفة الحقيقة. بعض تلك العروض باعت تذاكرها، مما أدّى إلى استمرار عرضه لأسابيع أكثر. > ولم يخلُ الأمر من معارضة، مثل ما حدث في مدينة ميامي بيتش (ولاية فلوريدا) عندما هدّد محافظ المدينة بعدم تجديد عقد صالة السينما التي عرضته قبل أن يتراجع عن معارضته. > كل ما سبق يؤكد أن الأفلام لا تزال المصدر الأول لحريّة الرأي وفتح الملفّات وإطلاع الرأي العام على حقائق كانت مخفية أو مجهولة. هي منارات للمعرفة وسط عالم مكتظ بأشباه الحقائق.


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
سوق الإعلام الرياضي الرقمي العالمي يُقدَّر حاليًا بما بين 0.5 إلى 1.2 مليار دولارتوطين الإعلام الرياضي الغربي في السعودية
تستهدف المملكة في القطاع الرياضي مساهمة تصل إلى 22 مليار دولار سنويًا ظهور نجم عالمي من إنتاج سعودي تتغير معه نظرة السوق والجمهور الاكتفاء بمنصات محلية محدودة الوصول أصبحت جزءًا من الماضي في قلب التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة العربية السعودية، تبرز الحاجة إلى مشروع إعلامي رياضي يتجاوز النمط التقليدي للتغطية الإخبارية والبرامج التحليلية، ليصبح أداة استراتيجية لتشكيل وعي محلي ودولي جديد حول المملكة، وموقعها كلاعب محوري في صناعة الرياضة العالمية. المبادرة المقترحة لا تتوقف عند إنشاء منصة إعلامية رياضية، بل ترتكز على الاستحواذ الذكي لمنصات إعلامية دولية راسخة، معروفة، وعالية التأثير، يتم توطينها في السعودية وإعادة توجيه رسالتها لتخدم الرؤية الوطنية على مختلف الأصعدة. نحن لا نتحدث هنا عن مجرد توسيع المحتوى المحلي، بل عن نقل الشبكات الإعلامية العالمية إلى الداخل السعودي، واستثمار قواعد جماهيرية ضخمة وبنى تحتية رقمية متقدمة في أوروبا وأمريكا وآسيا، وجعلها جزءًا من منظومة إعلامية سعودية جديدة. التوطين هنا لا يعني التقليد، بل الامتلاك والتحكم، التأثير لا التبعية، والتصدير لا الاستيراد. منصات مثل The Athletic، Bleacher Report، COPA90، وحتى بعض كيانات ESPN وDAZN الإقليمية، جميعها نماذج قابلة للاستحواذ أو الشراكة الاستراتيجية، تفتح بوابات ضخمة إلى الجماهير والمهنيين في أكثر من 30 دولة، وتمنح المملكة وصولًا فوريًا إلى مئات الملايين من المتابعين حول العالم. أحد أهم عناصر هذا المشروع هو تشغيل هذه المنصات بكفاءات دولية بارزة: محللون رياضيون عالميون، مقدمو برامج لديهم قاعدة جماهيرية واسعة، فنيون ومدراء إنتاج بخبرات من البطولات الكبرى مثل دوري أبطال أوروبا، NFL، UFC، وغيرهم. حين يظهر نجم عالمي مثل تيري هنري، أو نجم تحليلي مثل غاري نيفيل، أو حتى وجه إعلامي من فورمولا 1 ضمن إنتاج سعودي الهوية والملكية، فإن الانطباع العالمي يتغير، وتتغير معه نظرة السوق والجمهور والدول. هذه المبادرة لا تصب في قناة الإعلام الرياضي فقط، بل هي رافعة استراتيجية متعددة الأوجه. أولًا، من الناحية السياسية، تبني المملكة صورة القوة الناعمة الذكية، القادرة على التأثير في الخطاب العالمي. ثانيًا، من الزاوية الثقافية، تفتح هذه المنصات أبوابًا لعرض الثقافة السعودية من خلال الرياضة، في مزيج ذكي من الأصالة والتحديث. ثالثًا، من الجانب الاقتصادي، فإن سوق الإعلام الرياضي الرقمي العالمي يُقدَّر حاليًا بما بين 0.5 إلى 1.2 مليار دولار، في حين يُتوقّع أن يتجاوز سوق تقنيات البث الرقمي الرياضي أكثر من 85 مليار دولار في عام 2025، وقد يصل إلى 146 مليار دولار بحلول عام 2034، بينما تستهدف المملكة في القطاع الرياضي المحلي مساهمة تصل إلى 22 مليار دولار سنويًا، مما يجعل الاستثمار الإعلامي محفزًا للنمو. أما من ناحية السياحة الرياضية، فتُظهر الأرقام أن الأحداث الكبرى المدعومة بإعلام عالمي محترف قادرة على مضاعفة عدد الزوار. المملكة تستهدف أكثر من 10 ملايين زائر رياضي بحلول 2030، لكن من دون خطاب إعلامي دولي من داخل المنصات العالمية نفسها، سيكون من الصعب منافسة مدن مثل باريس، لندن، أو لوس أنجلوس. الإعلام هو البوابة الأولى للسياحة، والعدسة التي يرى بها العالم الحقيقة أو يتجاهلها. وليس هذا فقط، بل إن هذا المشروع سيعمل كـ'مسرّع' للاستثمارات الصناعية والترفيهية المرتبطة بالرياضة. شركات المنتجات الرياضية، شركات التقنية المرتبطة بالبث، وحتى صناعة الألعاب الإلكترونية الرياضية، جميعها تبحث عن سوق إعلامية قوية تدخل من خلالها. عندما تمتلك المملكة أدوات الإعلام، تمتلك معها القدرة على صياغة البيئة الاستثمارية الكاملة. من هنا، فإن فكرة الاكتفاء بمنصات محلية محدودة الوصول أصبحت جزءًا من الماضي. اليوم، يتطلب الطموح الوطني تبني رؤية جريئة: امتلاك صوت عالمي لا يُستأذن، بل يُصغى إليه. منصاتنا يجب أن تتحدث الإنجليزية والفرنسية والإسبانية بجودة لا تقل عن سكاي سبورتس أو بي بي سي، ويجب أن تكون صور ملاعبنا وصوت جمهورنا هو ما يراه ويتابعه مشجع كرة القدم في ساو باولو وطوكيو ونيويورك. الوقت الآن مثالي لهذه المبادرة. فالمملكة تقف على أعتاب تنظيم أكبر حدث رياضي في العالم – كأس العالم 2034 – وهي تقود طموحًا إقليميًا غير مسبوق في الاستثمار الرياضي. التردد لم يعد خيارًا، والعالم لا ينتظر، مشروع الاستحواذ الإعلامي الدولي وتوطينه محليًا سيكون الحلقة المفقودة بين القوة الميدانية السعودية في الرياضة، وقوة سرد القصة أمام العالم.


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
مُجسّمات عالمية
تزيّنت بحيرة الأربعين في جدة التاريخية بمجسّمات فنية عالمية، أضفت بعدًا جماليًا وإبداعيًا يُبرز التقاء الفن المعاصر بعراقة المكان، وأسهمت في تعزيز حضور المدينة على خارطة الثقافة العالمية، ضمن رؤية تسعى إلى إعادة اكتشاف الهوية البصرية للمنطقة من خلال الفنون. وتضم جدة التاريخية 14 مجسمًا فنيًا عالميًا، أُدرجت ضمن المشهد البصري في إطار جهود وزارة الثقافة بالتعاون مع أمانة جدة لإحياء المنطقة، وإبراز هويتها الثقافية، وتمثّل هذه المجسمات نتاجًا تفاعليًّا حيًّا بين الماضي والحاضر، وتجسيدًا لمشهد بصري متكامل يُجسد روح المدينة وتاريخها العريق. ومن أبرز المجسمات التي تحتضنها بحيرة الأربعين، عمل الفنان فيكتور فاساريلي بعنوان «وهم المكعب الثاني»، ومجسم «رووج» و«مرونة التوازن» للفنان ألكسندر كالدر، ومجسم «كتلة دائرية» للفنان أرنالدو بومودورو، إلى جانب مجسم «الطائر» لخوان ميرو، ومجسم «إعطاء وتلقي الحب» للفنان لورينزو كوين، الذي يعبّر عن القيم الإنسانية من خلال تكوينات نحتية بصرية مؤثرة.