
أيّ وجه للشرق الأوسط غيّرت "إسرائيل"؟
فلسطين اليوم
الكاتب: أحمد عبد الرحمن
منذ خطابه الأول الذي تلا هجوم "طوفان الأقصى" المجيد، وما تبع ذلك من خطابات وإطلالات متعاقبة، حرص رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو على رفع شعار "تغيير وجه الشرق الأوسط"، والقضاء على كلّ أعداء "إسرائيل" القريبين والبعيدين.
وقد بدا واضحاً خلال الشهور التي تلت الطوفان أنّ "الدولة" العبرية سعت بالفعل إلى تحقيق هذا الهدف، مستفيدة من الدعم الأميركي غير المسبوق، والذي وصل إلى مرحلة متقدّمة من التعاون والتنسيق بين الحليفين الاستراتيجيين، بل وزاد على ذلك من خلال المشاركة الأميركية المباشرة في الكثير من المهام العسكرية والاستخبارية في كلّ الساحات التي شملتها المواجهة مع العدو الصهيوني، وخصوصاً في الساحة اليمنية، والتي تحوّلت إلى جبهة الإسناد الرئيسية لقطاع غزة بعد توقّف نظيراتها في لبنان والعراق لأسباب يعرفها الجميع.
إضافة إلى الموقف الأميركي، فقد استفادت "إسرائيل" في سعيها المُشار إليه أعلاه من الموقف الدولي والعالمي المنحاز، والذي كان وما زال عدا بعض الاستثناءات ينظر إلى مجريات الأمور في المنطقة عموماً، وفي غزة خصوصاً من خلال العين الإسرائيلية، تلك العين التي ترى أصحاب الحقّ بأنهم "إرهابيون"، وتنظر إلى العدوان وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو بأنها دفاع عن النفس.
إلى جانب ما سبق فقد استغلّت "الدولة" العبرية الموقف العربي والإسلامي الضعيف والعاجز بأفضل طريقة ممكنة، إذ إنّ هذا الموقف الذي لم يكن مُتوقّعاً أو مُنتظراً من تلك الدول والممالك والإمارات تجاه إخوانهم في فلسطين، قد منح العدو كامل المساحة والوقت ليرتكب ما شاء من جرائم، وليذهب بعيداً في ضربه عرض الحائط بكلّ القوانين الضامنة لحقّ الإنسان في الحياة حتى لو كان تحت الاحتلال، أو في أوقات الحروب والنزاعات.
على كلّ حال، وبما أن "الدولة" العبرية قد استفادت واستغلّت كلّ الأجواء التي هُيّئت لها للمضي قدماً في خططها لتغيير وجه المنطقة، ومن أجل فرض نفسها كشرطيّ وحيد يضرب بعصاه الغليظة كلّ أعدائه ومخالفيه، وبعد إعلان العديد من قادتها بأنهم تمكّنوا فعلاً من تحقيق هذا الهدف، وأنّ ما كانوا يسعون إليه منذ سنوات طويلة قد أصبح فعلاً حقيقة واقعة، وأنّ أعداءهم تعرّضوا لانتكاسات كبيرة ومؤلمة وغير مسبوقة، بعد كلّ ذلك يبرز سؤال مهمّ وجوهري عن حقيقة هذا الإعلان ومدى مطابقته للواقع، وهل فعلاً تمكّنت "إسرائيل" من تغيير وجه الشرق الأوسط على الشكل الذي تريده؟ وهل نجحت في ردع أعدائها، ودفعهم للتراجع إلى الوراء؟
هناك وجهة نظر تقول إنّ المنطقة شهدت بالفعل الكثير من التطوّرات والتحوّلات خلال الأشهر الأخيرة، وهي تشير بوضوح إلى أنّ هناك جملة من التغيّرات قد جرت، وفي المقدّمة منها سقوط النظام السوري السابق، إلى جانب توقّف جبهتي الإسناد اللبنانية والعراقية، بل وتراجع ملحوظ في الموقف الإيراني الداعم للقضية الفلسطينية، ولا سيّما في ضوء انشغال الجمهورية الإسلامية في قضايا أخرى تراها أكثر أهمية.
إلا أنه في حقيقة الأمر، وبعد قراءة المشهد من زوايا أخرى، وبعيداً عن النظرة السطحية المبالغ فيها من قبل البعض، لا يبدو أنّ الاحتفاء الإسرائيلي بما تحقّق من "إنجازات" يعبّر عن واقع حقيقي، وأنّ جزءاً كبيراً منه يدخل في إطار حملة كبيرة من الكذب مارسها الكيان منذ بداية العدوان على غزة، وأصبح يستخدمها للتغطية على عجزه وفشله المتراكم، والذي تُقرّ به كبريات مراكز البحث العالمية، إضافة إلى وسائل الإعلام العبرية، والتي تعتقد أنّ الائتلاف الحاكم في "إسرائيل" يحاول الهروب من استحقاقات ما بعد الحرب بواسطة بروباغندا سوداء يستخدمها لإخفاء سلسلة طويلة من الإخفاقات الاستراتيجية، مستغلّاً بعض الإنجازات التكتيكية التي سرعان ما يخبو بريقها، وتسقط نتائجها.
فيما يخصّ قطاع غزة يدّعي العدو أنه تمكّن من تحقيق معظم أهدافه التي أعلن عنها في بداية العدوان، وفي المقدّمة منها القضاء على فصائل المقاومة، أو على الجزء الأكبر من قدراتها العسكرية وقياداتها المركزية، إلى جانب تدمير جزء كبير من المناطق العمرانية في القطاع، وهذا الأمر تحديداً يعتبر هدفاً أساسياً للحرب وإن كان لم يعلن عنه بشكل رسمي.
هذا الأمر ينسحب أيضاً على الضفة الغربية المحتلة، ولا سيّما محافظاتها الشمالية مثل جنين وطولكرم ونابلس، والتي تقول المصادر العسكرية الإسرائيلية بأنها نجحت في تدمير بنية المقاومة الأساسية فيها، وقتل واعتقال المئات من عناصرها وكوادرها.
على أرض الواقع تبدو معظم الادّعاءات الإسرائيلية في غير مكانها، فلا المقاومة في غزة انهزمت، ولا انكسرت، ولا رفعت الرايات البيضاء، بل ورغم ما لحق بها من خسائر، وما يتعرّض له شعبها من حصار وتجويع وإبادة جماعية على مدار الساعة ما زالت تسطّر ملاحم بطولية في كلّ الساحات، وما حدث في رفح والشجاعية خلال الأسبوعين الماضيين خير دليل على ذلك.
في الضفة أيضاً، وعلى الرغم من كلّ الجرائم التي تُرتكب بحقّ المدنيين الفلسطينيين، وعمليات التهجير والتدمير الواسعة وغير المسبوقة، إلّا أنّ هجمات المقاومة ما زالت مستمرة وإن بوتيرة أقل نظراً للظروف الراهنة، وهي أي المقاومة تعمل على التكيّف مع المتغيّرات التي يفرضها الهجوم الإسرائيلي الواسع، وتحاول تحيّن الفرصة للانقضاض على قواته ومستوطنيه في معظم جغرافيا الضفة.
على صعيد الجبهة اللبنانية، والتي قدّم فيها حزب الله وفصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية تضحيات هائلة، وبذلوا كلّ ما يستطيعون من أجل إشغال "جيش" الاحتلال، ومنعه من الاستفراد بقطاع غزة، وقد نجحوا في ذلك أيّما نجاح حتى تمّ التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار على تلك الجبهة الحيوية والمهمّة.
بعد هذا الاتفاق الذي جاء في ظلّ ظروف معيّنة تحدّثنا عنها سابقاً، اعتقدت "دولة" الاحتلال أنها نجحت في فصل الجبهات، وأنها تمكّنت من تحييد ساحة مهمّة من ساحات محور المقاومة في الإقليم، وأن حزب الله تحديداً قد أصبح جزءاً من الماضي، إلّا أنّ حقيقة الأمر تقول عكس ذلك، إذ أنه على الرغم من الضربات المؤلمة التي تلقّتها المقاومة اللبنانية، وعلى الرغم من عدم ردّها خلال الفترة التي تلت وقف القتال على الخروقات الإسرائيلية المستمرة، إلا أنها لم تتخلّ عن دورها في مواجهة العدوان، والتصدّي لمخططاته ومؤامراته، وهي تعمل على استعادة عافيتها بشكل كامل وعلى كلّ الصعد العسكرية والسياسية، لتكون جاهزة في فترة مقبلة لخوض مواجهة قد تبدو مفروضة في ظل عدم التزام العدو باتفاق وقف إطلاق النار، وفشل الدولة اللبنانية والوسطاء الدوليّين في إرغامه على ذلك.
في سوريا يعتقد العدو بأنه قد تمكّن من إسقاط النظام السابق، والذي كان ركيزة أساسية من ركائز محور المقاومة، وكان يُعتبر خط إمداد رئيسياً للمقاومة في لبنان، وداعماً أساسياً للمقاومة في فلسطين أيضاً، ويُفاخر نتنياهو على الملأ بأنّ "إسرائيل" كانت لاعباً فاعلاً في إسقاط النظام، والذي تلاه من تدمير كامل لكلّ القدرات العسكرية السورية، في ظلّ صمت مُطبق من حكّام سوريا الجدد، الذين انشغلوا عن ذلك في إجراء مفاوضات مباشرة مع "دولة" الاحتلال، ومحاولة تقديم فروض الطاعة للإسرائيلي والأميركي، واعتقال قيادات المقاومة الفلسطينية خير دليل.
صحيح أنّ ما جرى يُعتبر إنجازاً كبيراً لـ "دولة" الاحتلال، وصحيح أنها تخلّصت من عدو تاريخي لطالما قضّ مضجعها، إلّا أنّ هذا الحال لا يبدو أنه سيكون مستداماً، إذ إنّ هناك الكثير من المعلومات والمؤشرات التي تشير إلى إمكانية تشكّل مقاومة سورية تقف في وجه أطماع الاحتلال، وتتصدّى لعدوانه الذي لا يتوقّف، وتعمل على طرد قواته من أرضها على الرغم من تنكّر السلطات الرسمية الجديدة لذلك.
أمّا في اليمن العزيز والأبي، والذي تحوّل إلى كابوس يلاحق الإسرائيليين كلّ صباح ومساء، وعلى الرغم من محاولة الاحتلال الادّعاء بأنه تمكّن من توجيه ضربات موجّهة لأنصار الله، والتي كانت عبارة عن هجمات جوية على أعيان مدنيّة، وعلى مطار صنعاء وبعض المصانع والمنشآت، إلّا أنّ الحقيقة التي يقرّ بها كلّ الخبراء والمحللين الصهاينة تقول إنه فشل فشلاً ذريعاً في وقف جبهة الإسناد اليمنية، وإنّ كلّ محاولاته في هذا الاتجاه قد سقطت تحت أقدام أبطال اليمن البواسل، وإنّ الدعم الأميركي والبريطاني لهذه الهجمات من خلال المشاركة المباشرة فيها لم تمنحها أيّ فرصة لتحقيق نجاح حتى لو كان نسبياً، وهو الأمر الذي تأكّد بعد رفع أميركا يدها من هذا الملف، وإعلانها التوصّل إلى وقف إطلاق نار متبادل مع أنصار الله يشمل سفنها ومصالحها في البحر الأحمر فقط، فيما تركت "إسرائيل" تواجه مصيرها لوحدها.
بخصوص إيران لا يبدو أنّ ادّعاء نتنياهو ووزير حربه الأحمق يسرائيل كاتس أنّها رُدعت، وتمّ ثنيها عن تقديم الدعم للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، وتقليص دعمها لحليفها الأبرز في لبنان حزب الله، وأنّ نفوذها الإقليمي قد تقلّص بشكل لافت، لا يبدو كلّ ذلك صحيحاً، فعلى الرغم من أنّ الساحة السورية كانت مهمة للغاية بالنسبة للإيرانيين، والخسائر التي تلقّاها حزب الله كانت قاسية وغير منتظرة، إلّا أنّ الدور الإيراني في المنطقة بما له من تأثير ملحوظ لم يتراجع، ولم يدخل في مرحلة من السبات، وهو ما دفع الولايات المتحدة الأميركية لبدء مرحلة جديدة من التفاوض مع إيران فيما يتعلّق بالاتفاق النووي بعد فشل سياسة التهديد والوعيد التي حاول ترامب استخدامها.
ختاماً يمكن لنا أن نقول، وعلى ضوء ما استعرضناه من مُعطيات يكاد يراها ويلمسها الجميع، بأنّ الشرق الأوسط مُقبل بالفعل على تحوّلات قد تغيّر وجهه وربما ملامحه، وقد تؤدّي في بعض مراحلها إلى بروز كيانات واختفاء أخرى، ولكن نحن موقنون بما لا يدع مجالاً للشكّ أنّ وجه هذا الشرق لن يكون إسرائيلياً، ولن يكون أميركياً، وسيبقى شرقاً عربياً إسلامياً خالصاً كما كان على الدوام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 3 ساعات
- فلسطين أون لاين
"يسار" يائير غولان وقيح الصهيونية المعاصرة
التعريف الموسوعي لحزب «الديمقراطيون» الإسرائيلي، الذي يتزعمه اليوم يائير غولان، الجنرال في الاحتياط ونائب قائد جيش الاحتلال والمنافس القوي الأسبق (المفضّل عند بنيامين نتنياهو!) لرئاسة الأركان أمام غادي آيزنكوت؛ يشير إلى أنه تأسس من اندماج «حزب العمل» وحزب «ميرتس»، في تموز (يوليو) 2024. والحزب يصنّف عادة في خانة «معارضة» فضفاضة العقيدة، غائمة الملامح، تُسند إليها صفة حاضنة «يسار» إسرائيلي مفلس في صناديق الاقتراع، إذا لم يكن قد اندثر فعلياً أو يكاد. وقبل أيام أطلق غولان سلسلة تصريحات، حول جيش إسرائيلي يقتل الرضّع على سبيل الهواية ويهجّر السكان، وحكومة تحوّل الكيان الصهيوني إلى «دولة منبوذة في العالم، على غرار جنوب أفريقيا التاريخية»، وتزدحم بأناس «لا علاقة لهم باليهودية إلا القليل»، وهم «انتقاميون بلا أخلاق وبلا قدرة على إدارة دولة في زمن الطوارئ»، وفي هذا «خطر على وجودنا». وكان منتظراً أنّ ثقب دمامل مثل هذه وسواها، على الملأ هكذا، سيتكفل برشق الكثير من القيح على وجوه غالبية ساحقة من ساسة الاحتلال، ليس داخل ائتلاف بنيامين نتنياهو الحاكم فقط، بل على امتداد معظم أحزاب «المعارضة» وقواها المختلفة. صحيح أنّ غولان صاحب سابقتين من عيار ثقيل في مضمار نقد جيش الاحتلال، إذْ عقد في سنة 2019 مقارنة بين صعود النازية في ألمانيا، وحال دولة الاحتلال مع المتطرفين في حكومة نتنياهو: «أذكّر الجميع بأنّ النازيين وصلوا إلى السلطة بطريقة ديمقراطية». قبل هذه السابقة، كان قد أثار غضباً عارماً حين قارن بين بعض المواقف الإسرائيلية الراهنة و«الاتجاهات المقززة» في ألمانيا خلال ثلاثينيات القرن المنصرم: «إذا هناك أمر مثير للفزع في استذكار الهولوكوست، فهو ملاحظة السيرورات الفظيعة التي تنامت في أوروبا، خصوصاً ألمانيا، قبل 70 أو 80 أو 90 سنة، وإدراك أنّ بقاياها قائمة هنا في إسرائيل، بين صفوفنا في هذه السنة 2016». صحيح أيضاً، بل أوّلاً وقبلئذ، أنّ غولان كان أحد كبار المشاركين في تلك السياسات، العنصرية والاستيطانية والفاشية والمدانية للنازية، خلال سنوات طويلة من مساره المهني في جيش الاحتلال؛ حيث خاض شتى المعارك، في اجتياح لبنان سنة 1982، والانتفاضة الأولى، وجنوب لبنان خلال سنوات 1985 ـ 2000، والانتفاضة الثانية، وعملية «الدرع الواقي» 2002، والعدوان على لبنان 2006، والحروب المتعاقبة على قطاع غزّة حتى سنة 2014. وبين 2008 و2011 كان قائد «الجبهة الداخلية» وتولى قيادة عملية «الرصاص المصبوب»، ثمّ ترأس «قيادة الشمال»، وتولى موقع نائب رئيس الأركان أواخر 2014… وقد يُمنح غولان فضيلة الشكّ في أنه يخشى، بالفعل، انقلاب الكيان من «دولة راشدة» تجسد حلماً صهيونياً/ يهودياً/ ديمقراطياً، كما يزعم؛ إلى قاتلة رضّع (وأغفل، عن سابق قصد غالباً، أنّ جيشها يقتل أيضاً الجنين في بطن الحامل) وتجوّع الأطفال والنساء والشيوخ على مرأى ومسمع العالم وبأيدي الجنود أحفاد الهولوكوست، وسوف ينبذها العالم تباعاً (وكان في وسعه، لو أراد، اقتباس الممثلة الفرنسية جولييت بينوش خلال افتتاح مهرجان كان السينمائي لهذا العام). الأمر الذي لا يمنحه فضيلة الصدق والنزاهة والاستقامة، ليس لأنه الجنرال الاحتياط في هذا الجيش الهمجي مجرم الحرب، فحسب؛ بل، أساساً ومبدئياً، لأنه أحد «الأبطال» الذين انتفض ساسة الاحتلال للدفاع عنهم في وجه اتهامات غولان. لا عجب، والحال الراهنة هذه في المشهد السياسي الإسرائيلي، أن تُلصق بالجنرال غولان صفة «الإرهابي» التي كانت حكراً على الفلسطيني، وأنه «يخرّب الجهود لتحقيق أهداف الحرب، ويخرّب سلامة مقاتلي جيش الدفاع، ويخرّب الديمقراطية الإسرائيلية»، حسب شلومو قرعي وزير الاتصالات في حكومة نتنياهو. من جانبه لم يتردد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في التصريح بأنّ غولان «استعار صفحة من الناطق باسم حماس»، وهوايته كانت دائماً «نشر فريات الدم المعادية للسامية ضدّ دولة إسرائيل». وزير المال بتسلئيل سموتيرتش اتهم غولان بمنح أعداء الاتحاد «سيفاً لقتلنا»، داعياً «كلّ صهيوني شريف وأخلاقي إلى إدانة الجنرال الاحتياط، لأنه «ثمة خطوط حمراء ممنوع تجاوزها». وأمّا أقطاب المعارضة، أمثال يائير لبيد وبني غانتس، فقد خاضوا الغمار وأبلوا في قدح غولان البلاء الأقصى. غير أنّ زاوية نظر أخرى إلى تصريحات غولان يمكن أن تفضي، على نحو مشروع يندرج ضمن منطق صحيح، إلى حال التأزّم الشاملة التي يعيشها ما تبقى اليوم من «يسار» إسرائيلي؛ إزاء ما تصاعد ويتصاعد من يمين ليكودي، متحالف مع يمين متطرف قوموي أو ديني أو عنصري أو فاشي، يختصره ائتلاف نتنياهو الحاكم، وصاحب أغلبية الحدّ الأدنى في الكنيست. وإذا لم يكن غولان قد قصد لفت الانتباه العامّ عن طريق ثقب الدمامل طافحة القيح، وهذه نيّة ليس من الجائز استبعادها تماماً، فإنّ التصريحات بلغت فعلياً مستوى متقدماً من لفت الانتباه إلى «يسار» إسرائيلي بائس، بأذيال صهيونية مترنحة أو كسيحة؛ أمام زحف يواصله نتنياهو طوال 17 سنة ونيف، أطول حتى من دافيد بن غوريون. لافتة، في هذا الصدد، سلسلة سجالات انخرط فيها عدد من ديناصورات ذلك «اليسار» الإسرائيلي، من قادة سابقين أو حاليين في «العمل» و«ميرتس» بصفة خاصة؛ ليس اشتباك غابة التفاسير حول ألعاب نتنياهو في استدراج الناخب الإسرائيلي، تسع مرّات وكان الحبل على الجرار كما يُقال؛ وليس، كذلك، نجاحه في استمالة الحشود، وتعطيل عواقب السجلّ المشين أمام القضاء خصوصاً، وبراعته في حيازة لقب «الساحر» تارة و«ملك إسرائيل» تارة أخرى… بل، في المقام الأوّل، على صعيد تمكّنه من تفكيك جبهات خصومه تباعاً، أياً كانت هوية المهندسين فيها، وسواء تألفت من الجنرالات الاحتياط، في «أزرق ــ أبيض» مثلاً أو غولان نفسه، أم ضمّت كبار متقاعدي أحزاب تصدّرت طويلاً هرم السياسة والحكم في دولة الاحتلال. وكان مزيج عجيب من رثاء الحاضر ونوستالجيا الماضي قد طبع تصريحات يوسي بيلين، أحد كبار مخضرمي «العمل» وصاحب مشروع التسوية الشهير الذي كان إحدى النُسخ الأولى المبكرة عن «صفقة القرن» الشهيرة، على جولة انتخابات الكنيست الثالثة تحت قبضة نتنياهو: «النتيجة المتواضعة التي حققتها القائمة المشتركة للعمل وغيشر وميرتس محزنة»، ولكنّ «الفكرة حيّة ترزق عندنا وفي العالم أيضاً». ذلك لأنها، عنده، «الأفكار التي وضعها العمل وميرتس وقبلها الجمهور الغفير كأمور مسلّم بها»، في المجال الاقتصادي الاجتماعي؛ وكذلك ــ يا للعجب! ــ لأنّ «حلّ الدولتين أصبح حجر الزاوية» في الخطط الأمريكية. وتكفي إطلالة عابرة على حاضر السياسات الإسرائيلية كما يواصل ائتلاف نتنياهو صياغتها، ويتابع تنفيذها في خضمّ حروب إبادة جماعية وتهجير وتجويع باتت تحرج أقرب حلفاء دولة الاحتلال واصدقائها؛ كي يتكشف مقدار القيح الذي دفع غولان إلى النطق بما هو مسكوت عنه أقرب إلى محرّم تسيّجه عشرات الخطوط الحمر. وليس بعيداً ذلك الزمن الذي شهد انشقاق إيهود باراك عن حزب «العمل»، وتشكيل حزب «عتسمؤوت»، بذريعة أنّ الحزب الأمّ «انزلق إلى أقصى اليسار»، وأخذ يعتنق «آراء ما بعد حداثية وما بعد صهيونية»! فهل ثمة إفراط في مقاربة ترى أنّ القيح الناجم عن دمامل غولان أقرب إلى مزيج من مراجعات «ما بعد صهيونية»، وشطط إرهابي مستعار من «حماس»، في آن معاً، وعلى ألسنة ساسة إسرائيل على الضفاف كافة؛ يمينية كانت أم يسارية أم في منزلة تائهة بين بين؟ المصدر / القدس العربي


فلسطين اليوم
منذ 6 ساعات
- فلسطين اليوم
أي مصير ينتظر "عربات" نتنياهو في قطاع غزة؟
فلسطين اليوم الكاتب: أحمد عبد الرحمن على الرغم من الهالة الكبيرة التي حاولت وسائل الإعلام الإسرائيلية إضفاءها على قرار توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، وبعيداً من إطلاق "جيش" الاحتلال مسمّاه الجديد القادم من عمق التاريخ الصهيوني المعبّأ بالأكاذيب والأراجيف، فإن المعطيات على الأرض، ونتيجة الكثير من المتغيّرات تجعل من إمكانية تحقيق عملية "عربات جدعون"، أو "عربات نتنياهو" أهدافها المُعلنة أمراً بالغ الصعوبة والتعقيد، بل ربما تصل إلى حد الاستحالة، على حدّ وصف الكثير من الخبراء العسكريين الصهاينة، والذين يرون في قرار توسيع العمليات مجرد عودة إلى الدوران في الحلقة المفرغة، التي يسعى من خلالها نتنياهو للتهرّب من استحقاقات اليوم التالي للحرب. قبل تسعة عشر شهراً تقريباً، أي عندما دشّنت "الدولة" العبرية حربها الإجرامية ضد قطاع غزة، كانت الأجواء المحيطة بتلك العملية تختلف شكلاً وموضوعاً عن مثيلاتها القائمة حالياً، سواء على المستوى الإسرائيلي الداخلي، أو في ما يتعلّق بالمزاج الدولي العام، والذي يشهد في هذه الأيام تغيّراً لافتاً لم يحدث طوال الأشهر الماضية، بالإضافة إلى الصعوبات التي بات يعاني منها "جيش" الاحتلال، والذي لم يعتد القتال خلال تاريخه القديم أو الحديث لفترات زمنية طويلة، إلى جانب ما يتركه هذا القتال من تداعيات سلبية على عديد المجالات داخل الكيان الصهيوني، وفي المقدمة منها تأثيره على الاقتصاد، وعلى الترابط الاجتماعي، إلى جانب ارتفاع منسوب الصراعات السياسية بين الأحزاب المختلفة. على عكس عملية "السيوف الحديدية" التي انطلقت بعد هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر من عام 2023، فإن عربات نتنياهو "جدعون" تواجه مروحة واسعة من العقبات والعراقيل، تبدأ من المشكلات المتعلّقة باستدعاء جنود الاحتياط للالتحاق بوحداتهم القتالية، ولا تنتهي ببروز موقف دولي وعالمي رافض لاستمرار الحرب، ومُستنكر لما ينتج عنها من خسائر بشرية ومادية غير مسبوقة. على صعيد تجهيز الوحدات القتالية اللازمة لإجراء مناورة برية واسعة، كما يروّج نتنياهو وكاتس وغيرهما من أقطاب اليمين المتطرّف، لا تبدو الأوضاع على الأرض على خير ما يُرام، إذ إن العدد المطلوب من الجنود لتحرّك كهذا لم يتم الحصول عليه حتى الآن على أقل تقدير، على الرغم من أن العملية العسكرية الجديدة دخلت في مرحلتها الثانية، كما قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" قبل أيام، وهو ما يتطلّب وجود تلك القوات في مسرح العمليات أو قريباً منه، إلا أن هذا الأمر لم يحدث، ولا يبدو أنه سيحدث في القريب العاجل. وعلى الرغم من محاولة وزير حرب العدو ورئيس أركانه الادّعاء بأن ثمانين في المائة من قوات الاحتياط التي تم استدعاؤها قد التحقت بوحداتها القتالية، فإن الواقع لا يشير إلى ذلك، لا سيّما مع انخفاض عدد القوات التي بدأت العمل في شمال القطاع وفي جنوبه، وهو ما أكدته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، والتي أشارت إلى أن عدد الذين استجابوا لأوامر الاستدعاء من الجنود أقل من النصف، فيما لم تتجاوز نسبة المستجيبين من الحريديم 1.7 % حسب "يسرائيل هيوم". الوضع الداخلي في "إسرائيل" يُعدّ أيضاً من العراقيل التي تواجه استمرار "عربات جدعون" في طريقها نحو تحقيق النصر الحاسم الذي يبشّر به نتنياهو، إذ إن الانقسام الحاد الذي يضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية، والذي ظهر في صورة لا تقبل التأويل بعد تصريحات "يائير جولان"، رئيس حزب الديمقراطيين الإسرائيلي، والذي وصف عمليات القتل التي تجري ضد المدنيين في قطاع غزة بأنها عبارة عن هواية، إلى جانب تصريحات زعيم المعارضة "يائير لابيد "، الذي هاجم فيها نتنياهو من جديد، محمّلاً إياه مسؤولية كل الإخفاقات التي تواجهها "الدولة" منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن. هذه التصريحات، إضافة إلى مواقف كثير من القادة السابقين لأجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية، تُلقي مزيداً من الشك حول إمكانية نجاح ما يخطّط له رئيس وزراء الاحتلال وائتلافه المتطرّف، وتجعل مسألة وجود إجماع على ما يجري في غزة أمراً مستحيلاً. متغيّر ثالث يمكن الإشارة إليه للدلالة على كمية العراقيل التي تواجه "عربات نتنياهو" في غزة، وهو ارتفاع منسوب الخسائر الاقتصادية الناتجة عن استمرار الحرب، سواء نتيجة مشاركة جنود الاحتياط في الحرب لفترات طويلة، وهم الذين يشكّلون عصباً مهماً لدورة الإنتاج الإسرائيلية، أو نتيجة هروب المئات من رؤوس الأموال من "الدولة" بحثاً عن أماكن أكثر أمناً لاستثماراتهم، وخوفاً من تعرّضهم لخسائر إضافية من جرّاء تضرّر قطاع الصناعة والتجارة في الكيان، والتي بلغت مستويات خسائره حتى الآن نسباً غير مسبوقة، وهو الأمر الذي أشارت إليه صحيفة "يديعوت أحرونوت" بقولها : "إن مكانة إسرائيل في انهيار، والضرر في اقتصادها يمكن أن يصل إلى مليارات الدولارات". وبما أن أحد أهم مصادر قوة "دولة" الاحتلال هو الاقتصاد، الذي وضعها في مصاف الدول الكبرى على مستوى العالم في هذا المجال، فإن إمكانية تأثير هذا المعطى على استمرار العملية العسكرية يبدو أمراً وارداً وممكناً. خارجياً، يمكن ملاحظة عديد من التطورات والتغيّرات على المواقف الدولية، والتي يبدو أنها باتت على قناعة كاملة بضرورة إيقاف الحرب، أو عدم الذهاب في اتجاه توسيعها على أقل تقدير، وضرورة الحد من تداعياتها الكارثية على المدنيين الفلسطينيين، وخصوصاً ما يتعلّق منها بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، إلى جانب التداعيات الناتجة عن استمرار إغلاق المعابر، ووقف إدخال المساعدات الغذائية والدوائية لأكثر من مليونين وربع مليون مواطن يعيشون داخل قطاع غزة. في مقدّمة تلك التطورات يأتي الموقف الأميركي الذي، وإن كان يشوبه الكثير من الكذب والنفاق، لا سيّما في ظل استمرار واشنطن بدعمها العسكري والسياسي غير المحدود لـ"دولة" الكيان، ومعارضتها فرض أي عقوبات عليه، على الرغم من كل ما يرتكبه من جرائم ومذابح، فإن هناك ما يشير إلى حدوث نوع من التباين بين الجانبين الإسرائيلي والأميركي، خصوصاً مع رغبة الرئيس ترامب في عدم إفساد الحرب على غزة مشاريعه القادمة في المنطقة، والتي تعتمد في الأساس على الجانب الاقتصادي، وهو ما كان واضحاً خلال زيارته الأخيرة إلى دول الخليج، والتي عاد منها وفي جعبته تريليونات الدولارات. التغيّر الذي طرأ على الموقف الأميركي كان واضحاً في عدم زيارة ترامب إلى "إسرائيل" خلال جولته الأخيرة في المنطقة، وهو الأمر الذي كرّره نائبه "جيمس ديفيد فانس"، الذي ألغى زيارته إلى الكيان العبري حتى لا يُفهم منها بأنها دعم لتوسيع العمليات في غزة، حسب وصف موقع "أكسيوس" الأميركي. صحيح أن هذا الموقف لم ينضج بعد ليشكّل ضغطاً حقيقياً على "إسرائيل" لوقف جرائمها، وصحيح أن الدعم العسكري والسياسي الأميركي للكيان الصهيوني ما زال على حاله، إلا أن بروز تباينات بين الجانبين يمكن أن يُعطي مزيداً من الأمل في إمكانية حدوث تحوّل ما قد يساعد في وقف المجزرة المُرتكبة في غزة. على غرار الموقف الأميركي، وربما بدرجة أكثر وضوحاً، ظهر عديد من المواقف لدول أخرى حول العالم، وفي المقدّمة منها مجموعة من الدول الأوروبية، إذ شهدت الأيام الأخيرة عاصفة من الانتقادات صادرة عن تلك الدول ضد استمرار الحرب، وضد توسيعها، لا سيّما من بعض العواصم التي كانت منذ بداية العدوان تقف إلى جانب "دولة" الاحتلال، بل وقدّمت لها دعماً عسكرياً واستخبارياً لافتاً، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا على سبيل المثال، ناهيك بالدعم السياسي والاقتصادي والإعلامي. أحد أهم المواقف الأوروبية التي صدرت أخيراً كان من قِبل وزير الخارجية البريطاني "ديفيد لامي"، الذي طالب بوقف الحرب، وتعليق المفاوضات المتعلّقة باتفاقية التجارة الحرّة مع "دولة" الاحتلال، إضافة إلى تهديده باتخاذ خطوات أخرى في حال استمر العدوان. هذا الأمر تكرّر على لسان وزير البيئة في الحكومة البريطانية، والذي وصف الوضع في غزة بأنه لا يُطاق، متّهماً حكومة نتنياهو بتعقيد الأمور، ومطالباً إيّاها بوقف ما وصفه بالأعمال العدائية فوراً. تصريحات أخرى مشابهة صدرت عن وزراء ومسؤولين من فرنسا وهولندا وبلجيكا والنرويج وإسبانيا وإيرلندا وغيرها، دعت جميعها إلى ضرورة وقف الحرب، وسرعة إدخال المساعدات الإنسانية لسكّان القطاع، بل وصل الأمر إلى الذهاب نحو إقرار مشاريع لوقف تصدير السلاح إلى "إسرائيل"، وإلى فرض عقوبات عليها، وهو الأمر الذي يحدث للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين تلك الدول والكيان الصهيوني. على كل حال، بعد هذا العرض المختصر لجملة من المتغيّرات والتحوّلات التي تجعل من إمكانية نجاح مغامرة نتنياهو الجديدة أمراً شبه مستحيل، يمكننا أن نشير إلى عامل آخر سيجعل من هذه المغامرة المستحيل بعينه، هذا العامل يتعلّق بصمود الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة في قطاع غزة، بالإضافة إلى دعم ومساندة حلفائه في المنطقة وعلى رأسهم جبهة الإسناد اليمنية. إذ إن هذا العامل الذي شكّل خلال شهور الحرب الماضية حائط صد في وجه كل مخطّطات الاحتلال، وأفشل بما لا يدع مجالاً للشك كل المشاريع الهادفة إلى دفع الشعب الفلسطيني إلى رفع راية الاستسلام، والهجرة عن أرضه رغماً عنه، سيُفشل من جديد خطط الاحتلال ومشاريعه مهما كلّف ذلك من ثمن، ومهما تطلّب الأمر من تضحيات. صحيح أن الأوضاع الإنسانية والحياتية في قطاع غزة كارثية بكل ما للكلمة من معنى، وصحيح أن عدّاد الشهداء والجرحى ما زال في ارتفاع، وبلغ نِسَباً قياسية خلال الأسبوعين الأخيرين، بيد أن كل ذلك لن يدفع هذا الشعب المعطاء إلى التوقّف أو التراجع، بل هو مصرّ على مواصلة مسيرته المعمّدة بالدم والأشلاء حتى تحقيق أهدافه المحقّة والمشروعة، تلك الأهداف التي لن تكسرها سيوف نتنياهو المثلومة، ولن تقف في طريقها عرباته التي ستتعطّل وتتحطّم أمام بأس هذا الشعب العظيم وإصراره.


شبكة أنباء شفا
منذ يوم واحد
- شبكة أنباء شفا
الجهاد الاسلامي : تصريحات عضو بالكونغرس الأمريكي بقصف غزة بالنووي دعوة لارتكاب جرائم ضد الإنسانية
شفا – عبرت حركة الجهاد الإسلامي، اليوم الجمعة، بأشد عبارات الإدانة والاستنكار، عن غضبها العارم ورفضها القاطع للتصريحات المشينة التي أدلى بها عضو الكونغرس الأميركي الجمهوري، راندي فاين، التي دعا فيها علناً إلى قصف قطاع غزة بالأسلحة النووية، مبرراً ذلك بخطاب يحضّ على الكراهية والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني مستخدماً لغة الإبادة الجماعية كخيار سياسي. وعدّت الحركة في تصريح صحفي، أن هذه التصريحات دعوة علنية لارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتذكيراً مرعباً بالفاشية التي أدانها التاريخ، ووصمة عار في جبين الكونغرس الأميركي الذي صفق غالبية أعضائه لمجرم الحرب بنيامين نتنياهو وهو يرتكب أبشع الجرائم ضد الإنسانية في العصر الحديث. وقالت: 'إن تشبيه أكثر من مليوني إنسان من سكان غزة، نصفهم من الأطفال، بالنازيين أو اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية، يُعدّ تحريضاً مباشراً على الإبادة الجماعية، ويتناقض مع أدنى إحساس بالإنسانية والحس الأخلاقي ويتنافى مع أبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف، وكل المواثيق التي تحرم استخدام السلاح النووي ضد المدنيين'. وأضافت: 'نُذكّر ما يسمى بالمجتمع الدولي، ومؤسسات العدالة، والرأي العام الحر، بأن مثل هذه التصريحات لا يمكن ولا يجب أن تمرّ مرور الكرام. فالسكوت عنها تواطؤ، والتغاضي عنها هو مساهمة في شرعنة خطاب الإبادة والقتل الجماعي'. وتابعت: 'ونُذكر السيد فاين أن الشعب الفلسطيني ليس عدوًا ولا خصمًا عسكريًا، بل شعب واقع تحت احتلال ظالم منذ عقود، يدافع عن حقه في الحياة، وفي الكرامة، وفي الحرية. وإذا كان هناك 'شرّ' يجب تسميته، فهو الاحتلال العسكري، والحصار الجماعي، والسياسات العنصرية التي تقتل الفلسطينيين كل يوم على مرأى من العالم، بدعم وغطاء متواصل من الإدارات الأمريكية ومن أمثاله في الكونغرس الأمريكي. وأكدت حركة الجهاد الإسلامي، أن هذه التصريحات، رغم خطورتها، لن تنال من صمود شعبنا الفلسطيني، ولن تزعزع إيماننا بعدالة قضيتنا التي أسقطت الكثير من الأقنعة عن الوجوه القبيحة.