فى يوبيلها الذهبى: وصايا الكتاب لإحياء إرث «الست»
عمرو سعيدمضت خمسون عامًا على وفاة أم كلثوم، وما زالت كالنجمة العالية البعيدة، لا يمكن مقارنتها بمطرب أو مطربة. إنها العظمة ذاتها، وأكبر دليل على إمكانية وصول الإنسانية إلى درجة الكمال..صارت أم كلثوم أسطورة فى حياتها، وترسخَّت أسطورتها بعد رحيلها، إذ ألهمت أجيالاً وراء أجيال، لكن يبقى السؤال: هل مجرد الاستمتاع والتلذذ بأغانيها هو الغاية المنشودة، أم أن هناك ما هو أعمق يدعونا للتأمل؟ وهل كانت الموهبة وحدها كافية لصنع مجدها، أم أن هناك عوامل أخرى ساهمت فى صعودها؟ وكيف يمكن بعد خمسين عامًا على رحيلها أن نستعيد سحرها ونقدمه لجيل لم يعرف أغنية تمتد لساعات، بل اعتاد على أغانٍ خاطفة؟ والأهم؛ كيف يمكن أن يكون الاحتفاء بذكراها اليوم مختلفًا عن مجرد إعادة إذاعة حفلاتها؟هنا يتحدث كتَّاب صارت أم كلثوم بطلة فى أعمالهم ورواياتهم عن موهبتها وعبقريتها فى إدارتها، وكيف صارت «كوكب الشرق» وملكة متوجة على عرش الغناء العربى.يرى الكاتب شريف صالح، صاحب رواية «مجانين أم كلثوم» الصادرة حديثًا، أن النجاح لم يكن وليد الموهبة فقط، بل العديد من العوامل المساعدة التى لعبت دورًا محوريًا.يقول: «هناك مواهب كبيرة لا تصل إلى شىء، هذا ليس نفيًا لموهبتها الإعجازية وقدرة صوتها على الوصول إلى ست عشرة درجة نغمية، وامتلاكها لقوة الصوت والمساحة العريضة والمرونة والحس الدرامى التعبيرى.لكن العوامل المساعدة لا تقل أهمية؛ بدءًا من أب داعم ومشجع برغم أصوله الريفية لم يتردد فى المجىء بها إلى القاهرة وتوفير أفضل الملابس لها، وأهم العازفين لتشكيل تختها.مرورًا بأساتذة عظام، خصوصًا أربعة، وهم أستاذها الشيخ أبو العلا محمد الذى روض صوتها العفى وأكسبه طاقته التعبيرية بسبب ولعه بالقصائد وعنه ورثت ذلك، ثم الشيخ زكريا أحمد الذى شجعها أيضًا على الاستقرار فى القاهرة وساعدها فى تقديم حفلاتها الأولى بعلاقاته، ثم محمد القصبجى الذى أسس أول تخت لها وتولى قيادته لعشرين عامًا، وقدم لها نقلة موسيقية غير مسبوقة، ورابعهم أحمد رامى شاعرها المفضل ومستشارها الأمين والوحيد الذى استمر معها منذ البداية إلى النهاية. يضاف إلى ذلك ذكاؤها المهنى اللافت فى تشييد اسمها وجعله مؤسسة قائمة بذاتها برغم التقلبات السياسية وتغيرات المجتمع المتسارعة، واستعانتها بأفضل المواهب فى كل عصر كى تعبر عن حساسيته، لذلك أغانى البدايات تختلف جذريًا عن النهايات.والسبب الرابع قوة إرادتها الفولاذية كامرأة وضعت فنها وجمهورها فوق أى اعتبار آخر، أما السبب الأخير فيتمثل فى تعبيرها الفريد عن كافة عواطف شعبها الروحية والقومية والذاتية، بصورة مثالية».ظاهرة فنية«الموهبة وحدها لا تخلق المعجزة» هكذا اتفق الباحث كريم جمال صاحب كتاب «أم كلثوم وسنوات المجهود الحربى» مع رأى شريف صالح، وأكمل: «بالطبع لم تقم تلك الأسطورة على فرادة الصوت والموهبة فقط، بل تحولت أم كلثوم إلى ظاهرة فنية كاسحة فى عصرها، وأهم العوامل بجوار صوتها الفريد هى شخصيتها الفنية، وسيطرتها على محيطها الفنى والإنسانى، وتسخير كل الطاقات المتاحة حولها لخدمة مشروعها، دون الدخول فى متاهات المعارك الصحفية، أو الانشغال بالحياة الشخصية على حساب نتاجها الغنائى، وكذلك هناك عامل الثقافة العامة، وتوسيع مداركها الشعرية دائمًا، والاستفادة من دوائرها الثقافية والرغبة فى توسط دائرة النخبة المصرية المثقفة».وأضاف: «أيضاً هناك اشتباك أم كلثوم مع واقعها المصرى، وعدم وقوفها بعيدًا عن الأحداث السياسية فقد ساعد ذلك بلا شك فى ترسيخ صورة مقدسة لأم كلثوم، باعتبارها نموذجًا فريدًا فى البيئة الفنية المصرية، واعتبارها صورة نسائية مثالية للقومية المصرية، وربما بعد ذلك للقومية العربية فى زمن المد العروبى والناصرى».شخصية منفتحةأما د. أحمد يوسف على أستاذ النقد الأدبى والبلاغة، فيشير إلى أن سر عبقرية أم كلثوم هو وعيها الكبير بالتحولات الاجتماعية والثقافية التى مر بها المجتمع المصرى، وقدرتها على الاستجابة بصدق لمتطلبات هذه التغيرات.ويكمل: «الفكر والفن والثقافة مزيج عجيب صقل موهبة أم كلثوم وبلورها وحافظ عليها عبر السنين. وكانت مصادر هذه الثقافة متنوعة، كما رأينا فى حالات مثل أحمد رامى وطلعت حرب ومصطفى عبد الرازق وكبار الكتاب الصحفيين. كما كانت صلتها بالتراث الشعرى فى عصور ازدهاره وانتظامها فى قراءة عيون القصائد عند البحترى والمتنبى والشريف الرضى ومهيار وأبى فراس الحمدانى موازياً لحرصها على قراءة كتاب الأغانى وهو سفر عظيم فى تاريخ الغناء العربى، وقد مكَّنها من ذلك حفظ القرآن الكريم وترتيله ترتيلاً صحيحاً حسب أصول القراءات.لذلك توجهتْ منذ البداية إلى غناء القصائد والتواشيح، وكانت لها صلة قوية بكتابين هما علامة فى البيان العربى؛ أعنى الأيام لطه حسين والشوقيات التى صارت عنواناً لديوان شوقى».الشخصية الكلثوميةويرى صاحب رواية «زيارة أخيرة لأم كلثوم» الكاتب على عطا، أن هناك عوامل خارجية لعبت دورًا فى ترسيخ مكانة أم كلثوم. يقول: «الشخصية الكلثومية إذا جاز التعبير هى نتاج ما هو أوسع وأعمق من الموهبة وعناصر الدعم التى تشكَّلت من كوكبة كتَّاب وموسيقيين ومثقفين فضلاً عن الظرف التاريخى والجغرافى المحلى الذى بدأ منه الانطلاق إلى العالم بأسره والتأثير فى أجيال متتالية إلى مدى غير معلوم».فنانة الشعبويحدثنا الكاتب الصحفى والروائى محمد بركة عن قدرة «فنانة الشعب» على إدارة موهبتها قائلًا: «قد تمتلك نجاحاً ولكنَّ صنع أسطورة يتطلب ما هو أكثر من موهبة؛ لأنه عند الحديث عن أم كلثوم نحن لا نتحدث عن مجرد قصة نجاح ولكن أسطورة صُنعت من طبقات عديدة وعوامل مختلفة، وعلى سبيل المثال من ضمن هذه العوامل هالة الغموض التى أحاطت بحياتها الخاصة، حيث رفعت شعار ممنوع الاقتراب أو التصوير.كانت أم كلثوم التطبيق الحرفى لكلمة (نجمة) أى البعد عن متناول البشر.. تطل عليهم من السماء، ونلمح أيضاً تركيزها الشديد على بناء هرم عظيم من المجد، بحيث تدهس أى شىء آخر يعوقها عن بلوغ المجد، فسوف تلاحظ أنها لم تكن تريد النجاح بل تريد المجد ودفعت ثمناً باهظاً لذلك، فأصبحت شهوة المجد أقوى لديها من غريزة الأمومة على سبيل المثال، فقد ضحت بالحب والزواج والإنجاب وتكوين أسرة، وتحولت لماكينة منضبطة تحصد المجد ولا شىء غيره.. رواية «حانة الست» التى صدرت قبل أربعة أعوام مهَّدت الطريق وفتحت المجال لأعمال كثيرة للغاية تفتش فى الوجه الإنسانى المسكوت عنه والقصة المحجوبة لأم كلثوم، إذ حاولت تنحية الأسطورة جانباً والتعامل مع أم كلثوم الإنسانة».وعن أسطورة «كوكب الشرق» يقول بركة: «حوَّلتْ أم كلثوم كل شىء فى حياتها إلى مادة تتغذَّى عليها لبناء أسطورتها وحصد المجد، تحول كل شىء إلى سلم يقربها من المجد المنشود. كانت كل الأسلحة بالنسبة لها مشروعة، حتى لو كان هذا السلاح هو استغلال مشاعر الآخرين والعزف على أوتارها».إحياء الماضىوحول أفضل الطرق لإعادة إحياء إرث أم كلثوم، يقول كريم جمال: «هناك خلط شائع بين تسجيلات أم كلثوم الغنائية وبين حفلاتها المسرحية، فلثومة أغانٍ قصيرة لا تتعدى عشر دقائق، مثل أغانيها فى الأفلام وبعض أغانيها الوطنية، وحتى أغانيها العاطفية، وتسجيلاتها الإذاعية لا تتجاوز نصف الساعة، وهناك نسخ تجارية على شبكة الإنترنت تحت عنوان «نسخ قصيرة».ربما تكون تلك التسجيلات مدخل للأجيال الجديدة للتعرف على السيدة حتى لو بشكل بسيط، وأيضاً هناك بعض الأغانى القديمة لأم كلثوم عادت إلى الواجهة بعد انتشارها على منصات التواصل الاجتماعى مثل أغنية «فى نور محياك» التى تحولت إلى - تريند - خاصةً عند الأجيال التى لم تتجاوز العشرين عامًا، وهذا مؤشر قوى على وجود تواصل حى بين الست والأجيال الجديدة».يستدرك: «لكن اسمح لى أن أقول، إن التطويل والإعادة فى الغناء ليس عيبًا، وقصر المدة أو سرعة الغناء ليس دليلاً على تقدم حضارة أو تغير الأجيال أبدًا، نعم إيقاع وآليات العصر تغيرت، لكن ما زالت هناك أوبرات عالمية تُعزَف إلى اليوم وتطول مدتها عن أربع ساعات، فالعمل الجيد يبقى ويستمر مسموعًا حتى مع تغير شكل العصر وإيقاعه».فى الوعى العامأما على عطا فيرى أن إحياء ذكراها يحدث تلقائياً، وإلا كيف نفسِّر ارتباط أجيال لم تعاصرها بأغنيات قدمتها يقترب عمر بعضها من مائة عام. ويضيف: «ومع ذلك يبقى أن تلتفت وزارة الثقافة إلى أهمية تنظيم فعاليات تقدم خلالها أغنيات أم كلثوم، وترعى المواهب الواعدة فى الموسيقى والغناء».وعن الطريقة التى يفضلها للاحتفاء باليوبيل الذهبى لذكرى رحيل أم كلثوم يقول: «الاحتفاء بثومة أمر لا يخص مصر وحدها، بل هو شأن عربى من المحيط إلى الخليج، وهو أيضا شأن إنسانى بما أن تأثير كوكب الشرق بلغ العالمية، وهو ما لم يتحقق بالغناء إلا عبرها وعبر مجموعة من الموسيقيين تجلت مواهبهم معها بالذات، ومنهم القصبجى والسنباطى وعبد الوهاب وصولاً إلى الموجى وبليغ».بينما يعزز د. أحمد يوسف هذا الطرح فيقول: «لا ينبغى تذكر أم كلثوم فى المناسبات بل من الضرورى أن تكون حاضرة فى وعينا الفكرى والموسيقى والغنائى كل الأوقات وأن نقدمها للأجيال بوصفها رائدة من رواد الفكر والفن والثقافة فى مصر مثل طه حسين والعقاد والحكيم ونجيب محفوظ، وأن نتيح تقديم قصائدها الوطنية والدينية والتاريخية والعاطفية».ويبرهن شريف صالح على تربع أم كلثوم على القمة.. حية وحاضرة بقوة وخارج المقارنة. لذلك يظهر تحفظه على تعبير «إحياء» وإنما يفضل مفهوم «تجديد» المشروع الكلثومى بكل ما يعنيه من قيم قومية وجمالية وفنية.ويكمل: «هذا التجديد يتمثل فى تقديم سيرتها بطريقة قصصية جذابة فى المناهج التعليمية بوصفها أعظم سيدة مصرية فى القرن العشرين، والتركيز على كفاحها ودورها الراسخ فى خدمة وطنها. وإطلاق فرقة غنائية باسمها تجوب كافة مدن مصر والدول العربية وإطلاق مسابقة راقية باسمها للغناء الكلاسيكى».وجه إنسانىوفى نقطة جديدة يتحدث محمد بركة عن كيفية ربط صوت «قيثارة الشرق» بالأجيال الجديدة: «هناك خطأ تقليدى نقع فيه أحيانًا، حيث نتصور أن صوتها سيصل تلقائيًا إلى الأجيال الجديدة بما أنها أسطورة. لا. هذا خطأ قاتل، فالأجيال الجديدة لها آلياتها وأساطيرها الخاصة. لذلك، لا بد من إعادة تقديم أم كلثوم للجيل الجديد بأدواته المعاصرة، ومن بينها وسائل التواصل الاجتماعى.فى رواية «حانة الست» اخترت أن أحكى قصة أم كلثوم بشكل متخيل، مركزًا على جانبها الإنسانى وليس على سرديتها الرسمية التقليدية. من خلال الرواية، يستطيع القارئ أن يكتشف أن تقديم الوجه الإنسانى لأم كلثوم هو ما سيجعلها قريبة من قلوب الجيل الجديد.. والفكرة هنا هى أن إبراز الوجه الإنسانى لأم كلثوم يوصل للناس عبقريتها؛ بما يحمله هذا الوجه من ضعف وهشاشة وغضب وغيرة، وغيرها من المشاعر الإنسانية المتناقضة. ذلك ما يُبرز عظمتها كمطربة استثنائية وفريدة.أما أم كلثوم التى تُحاط بهالة من القداسة، فستظل بعيدة عن الأجيال الجديدة التى لا تريد المزيد من المقدسات فى حياتها».بين الأرشيف وإعادة التقديممع إعلان وزارة الثقافة أن عام 2025 سيكون «عام أم كلثوم»، تتعدد الرؤى حول أفضل الطرق للاحتفاء باليوبيل الذهبى لرحيلها، بحيث لا يكون مجرد استعادة تقليدية لإرثها، بل إعادة تقديمه بشكل يواكب العصر.يرى كريم جمال أن أفضل طريقة للحفاوة بالست هى تخصيص لجنة تتولى البحث عن مفقوداتها الغنائية وإعادة أرشفة تسجيلاتها الإذاعية، بالإضافة إلى بث بعض الحفلات التى لم تُذع إلا نادرًا، والبحث فى أرشيف التلفزيون المصرى عن حفلاتها المصورة والمفقودة بحجة أنها تالفة أو غير صالحة للعرض، والعمل على ترميمها رقميًا لتصبح متاحة من جديد.بينما يقترح د. أحمد يوسف الاحتفال بما صدر عنها من كتب فى مصر والعالم، وإعادة نشر سيرتها، وأن يعاد تقديم المسلسل المعروف الذى كتبه محفوظ عبد الرحمن وأخرجته إنعام محمد على، وكذلك أفلامها الستة التى لا تزال تحمل قيمة تاريخية وفنية. يعلق: «لقد أصدرت عنها كتاباً اسمه «أم كلثوم الشعر والغناء» ركزت فيه على سمات عبقريتها فى الغناء واختيار النصوص».الدور المجتمعىفى الختام يقدم كريم جمال لمحة من ملحمة بناء أسطورة «شهيدة العشق الإلهى» قائلًا: «قداسة أم كلثوم ودورها فى التأثير على الجماهير لم يكن وليد مرحلة معينة، ولا يمكن بحال من الأحوال اختصار دورها المجتمعى بعد ثورة يوليو 1952، فظهور أم كلثوم وارتباطها بالنخبة المصرية التى تشكلت فى أعقاب ثورة 1919 ساعد فى تكوين تلك الهالة المقدسة التى أحاطت بها بعد ثورة 1952، ولكن المهم والأكيد أن ذلك الدور كان مرتبطًا برغبة داخلية لديها فى تصدر للمشهد، وأن يكون لها دور مجتمعى يوازى دورها الفنى الفارق، كما أن النخبة المصرية السياسية ساعدت فى بلورة ذلك الدور وتأطيره، سواء كان ذلك قبل ثورة 1952 حين مُنِحت أم كلثوم وسام الكمال من الملك فاروق عام 1944، أو حتى بعد الثورة وصولاً إلى دورها المركزى فى تخطى الهزيمة النفسية والمعنوية بعد كارثة 1967».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ 13 ساعات
- مصرس
المرأة تُسيطر على لجان تحكيم الدورة 25 من مهرجان روتردام للفيلم العربي
- القائمة تضم سلوى محمد علي وأمل عرفة وفاطمة البنوي قررت إدارة مهرجان روتردام للفيلم العربي، أن تتكوّن غالبية لجان تحكيم الدورة ال25 من النساء، التزامًا من المهرجان بإبراز صوت المرأة ومكانتها، وإيمانًا بدورها المؤثر في صناعة السينما، مشيرة إلى أن هذا التوجه جاء تماشيًا مع إعلان مدينة روتردام عام 2025 "سنة المرأة"، وقرار المهرجان تكريم المرأة العربية في السينما، مسلطًا الضوء على رموز فنية تركت بصمات خالدة في تاريخ الفن العربي، بالإضافة إلى الاحتفاء بالسيدة أم كلثوم، بمناسبة مرور 50 سنة على رحيلها.المهرجان الذي يُقام في الفترة من 28 مايو الجاري إلى 1 يونيو المقبل، تضم لجنة تحكيم مسابقته الروائية الطويلة الفنانة السورية أمل عرفة، والمخرج والمنتج المغربي خليل بنكيران، والفنانة السعودية فاطمة البنوي، كما يشارك في لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة الفنانة المصرية سلوى محمد علي، والمخرج والمنتج السوري أحمد الحاج، والمخرجة والمنتجة السعودية رزان الصغير.ويشارك في لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الوثائقية المخرجة الهولندية إليزبيث فرانيا، والمنتج السينمائي العراقي د. حكمت البيضاني، والممثلة والمخرجة المغربية زكية الطاهري.وقال مدير المهرجان روش عبد الفتاح: هذا العام نحتفي بكوكب الشرق أم كلثوم، فهي من أبرز الأصوات التي لا تُنسى في تاريخ الموسيقى العربية، وما قدّمته من أغنيات سيظل خالدًا، فمن منا لم يستمتع بأغنيات مثل "الأطلال"، "إنت عمري"، و"ألف ليلة وليلة"، وغيرها من الأغاني التي لا تزال تُردّد حتى اليوم.وأضاف "روش": تركز دورة هذا العام على إبراز التنوع والثراء الفني الذي تقدمه السينما العربية، عبر منصة تعبّر عن الأحلام والرؤى الاجتماعية والإنسانية للمخرجين العرب سواء من داخل العالم العربي أو من المهجر، حيث سيُعرض خلال المهرجان الفيلم الوثائقي "عاشقات السينما" للمخرجة ماريان خوري.واستكمل روش عبد الفتاح حديثه قائلًا: الفيلم الوثائقي "عاشقات السينما" يوثّق حياة 6 نساء رائدات في السينما المصرية منذ بداياتها في العشرينيات، ومن بينهن المنتجة والممثلة اللبنانية الأصل آسيا داغر التي ساهمت في إنتاج العديد من الأفلام المصرية، وبهيجة حافظ أول امرأة مصرية تؤلف الموسيقى التصويرية للأفلام، وكانت أيضًا مخرجة وممثلة، وكذلك المنتجة والفنانة ماري كويني التي ساهمت في تطوير صناعة السينما المصرية، وعزيزة أمير أول منتجة ومخرجة وممثلة مصرية، وقدمت أول فيلم مصري صامت بعنوان "ليلى"، والفنانة والمخرجة فاطمة رشدي الملقبة ب"سارة برنار الشرق"، والتي أسّست فرقة مسرحية خاصة بها، والفنانة والمنتجة أمينة محمد التي ساهمت في إثراء السينما المصرية بأعمالها المميزة.ويُسلّط الفيلم الوثائقي "عاشقات السينما" الضوء على التحديات التي واجهتها هؤلاء الرائدات في مجتمع محافظ، وكيف تمكّنّ من ترك بصمة لا تُنسى في تاريخ السينما المصرية.ويشهد المهرجان هذا العام حضورًا لعدد من النجمات والسينمائيات العربيات، ومنهن الفنانة المصرية ليلى علوي ضيفة شرف المهرجان، وسيُعرض فيلمها "سمع هوس"، بالإضافة إلى الفنانة هنا شيحة، والفنانة سلوى محمد علي، والفنانة السورية أمل عرفة، والفنانة التونسية درة زروق حيث سيُعرض فيلمها "وين صرنا"، والفنانة السعودية فاطمة البنوي، والفنانة التونسية عفاف بن حمود، والفنانة المغربية زكية الطاهري.ويُعدّ هذا التكريم والاحتفاء بالمرأة العربية في السينما خطوة لتسليط الضوء على إسهاماتها وتاريخها الغني في هذا المجال.كان مهرجان روتردام للفيلم العربي قد أعلن مؤخرًا عن قائمة الأفلام المشاركة في دورته الخامسة والعشرين، وتُعد هذه الدورة استثنائية بكل المقاييس، إذ تأتي احتفالًا بمرور 25 عامًا على انطلاقة المهرجان، حيث يُقدّم المهرجان هذا العام 37 فيلمًا ضمن برامجه المتنوعة في صالات العرض، وإلى جانب العروض السينمائية يُقدّم المهرجان أيضًا 32 فيلمًا قصيرًا عبر الإنترنت من خلال منصة وذلك لتوسيع دائرة الوصول إلى جمهور أوسع داخل هولندا.

مصرس
منذ 13 ساعات
- مصرس
مهرجان روتردام للفيلم العربي يحتفي بالفيلم الوثائقي عاشقات السينما في دورته ال25
- سيطرة نسائية على لجان التحكيم.. والقائمة تضم سلوى محمد على وأمل عرفة وفاطمة البنوى قررت إدارة مهرجان روتردام للفيلم العربى، أن تتكوّن غالبية لجان تحكيم ال 25 من النساء، التزاما من المهرجان بإبراز صوت المرأة ومكانتها، وإيمانا بدورها المؤثر فى صناعة السينما، مشيرة إلى أن هذا الاتجاه جاء تماشيًا مع إعلان مدينة روتردام عام 2025 «سنة المرأة»، وقرار المهرجان تكريم المرأة العربية فى السينما، مسلطًا الضوء على رموز فنية تركت بصمات خالدة فى تاريخ الفن العربى، بالإضافة إلى الاحتفاء بالسيدة أم كلثوم، بمناسبة مرور 50 سنة على رحيلها.المهرجان الذى يقام فى الفترة من 28 مايو الجارى إلى 1 يونيو المقبل، تضم لجنة تحكيم مسابقته الروائية الطويلة الفنانة السورية أمل عرفة، والمخرج والمنتج المغربى خليل بنكيران، والفنانة السعودية فاطمة البنوى، كما يشارك فى لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة الفنانة المصرية سلوى محمد على والمخرج والمنتج السورى أحمد الحاج، والمخرجة والمنتجة السعودية رزان الصغير.ويشارك فى لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الوثائقية المخرجة الهولندية إليزبيث فرانيا، والمنتج السينمائى العراقى د. حكمت البيضانى، والممثلة والمخرجة المغربية زكية الطاهرى.وقال مدير المهرجان روش عبد الفتاح: هذا العام نحتفى بكوكب الشرق أم كلثوم، فهى من أبرز الأصوات التى لا تنسى فى تاريخ الموسيقى العربية، وما قدمته من أغنيات سيظل خالدا فمن منا لم يستمتع بأغنيات مثل «الأطلال»، «إنت عمرى»، و«ألف ليلة وليلة»، وغيرها من الأغانى التى لا تزال تُردد حتى اليوم.وأضاف «روش»: تركز دورة هذا العام على إبراز التنوع والثراء الفنى الذى تقدّمه السينما العربية، عبر منصة تعبّر عن الأحلام والرؤى الاجتماعية والإنسانية للمخرجين العرب سواء من داخل العالم العربى أو من المهجر، حيث سيُعرض خلال المهرجان الفيلم الوثائقى «عاشقات السينما» للمخرجة ماريان خورى.واستكمل روش عبد الفتاح حديثه قائلاً: الفيلم الوثائقى «عاشقات السينما» يوثق حياة 6 نساء رائدات فى السينما المصرية منذ بداياتها فى العشرينيات، ومن بينهن المنتجة والممثلة اللبنانية الأصل آسيا داغر التى ساهمت فى إنتاج العديد من الأفلام المصرية، وبهيجة حافظ أول امرأة مصرية تؤلف الموسيقى التصويرية للأفلام، وكانت أيضًا مخرجة وممثلة، وكذلك المنتجة والفنانة مارى كوينى التى ساهمت فى تطوير صناعة السينما المصرية، وعزيزة أمير أول منتجة ومخرجة وممثلة مصرية، وقدمت أول فيلم مصرى صامت بعنوان «ليلى»، والفنانة والمخرجة فاطمة رشدى الملقبة ب«سارة برنار الشرق»، والتى أسست فرقة مسرحية خاصة بها والفنانة والمنتجة أمينة محمد التى ساهمت فى إثراء السينما المصرية بأعمالها المميزة.ويُسلط الفيلم الوثائقى «عاشقات السينما» الضوء على التحديات التى واجهتها هؤلاء الرائدات فى مجتمع محافظ، وكيف تمكنّ من ترك بصمة لا تُنسى فى تاريخ السينما المصرية.ويشهد المهرجان هذا العام حضورًا لعدد من النجمات والسينمائيات العربيات ومنهنّ الفنانة المصرية ليلى علوى ضيفة شرف المهرجان، وسيُعرض فيلمها «سمع هوس»، بالإضافة إلى الفنانة هنا شيحة والفنانة سلوى محمد على والفنانة السورية أمل عرفة والفنانة التونسية درة زروق حيث سيُعرض فيلمها «وين صرنا»، والفنانة السعودية فاطمة البنوى والفنانة التونسية عفاف بن حمود والفنانة المغربية زكية الطاهرى.ويعد هذا التكريم والاحتفاء بالمرأة العربية فى السينما خطوة لتسليط الضوء على إسهاماتها وتاريخها الغنى فى هذا المجال.كان مهرجان روتردام للفيلم العربى أعلن مؤخرًا عن قائمة الأفلام المشاركة فى دورته الخامسة والعشرين، وتُعد هذه الدورة استثنائية بكل المقاييس، إذ تأتى احتفالًا بمرور 25 عامًا على انطلاقة المهرجان، حيث يقدم المهرجان هذا العام 37 فيلمًا ضمن برامجه المتنوعة فى صالات العرض، وإلى جانب العروض السينمائيّة يقدّم المهرجان أيضًا 32 فيلمًا قصيرًا عبر الإنترنت من خلال منصة وذلك لتوسيع دائرة الوصول إلى جمهور أوسع داخل هولندا.


الأسبوع
منذ يوم واحد
- الأسبوع
جريمة نبش القبور الأدبية: عندما نصحو على فضائح الراحلين.. !
محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث في الجيوسياسية بقلم - محمد سعد عبد اللطيف في زمنٍ اختلط فيه الترفيه بالإعلام، وتحول النقد إلى حفريات في مقابر الرموز، بات من المألوف أن نصحو على "فضيحة جديدة" من حياة راحلٍ عظيم، وكأن الأموات لم ينالوا ما يكفيهم من الإنهاك في حياتهم، حتى يأتي دورنا لنُكمِل عليهم بعد مماتهم. من عبد الحليم حافظ إلى سعاد حسني، من أم كلثوم إلى جمال عبد الناصر، أصبحنا في زمن لا يبحث عن حقيقة، ولا عن تاريخ، بل عن شبهة، وصورة، و"بوست" قابل لإعادة التدوير في ساحة المحكمة الكبرى المسماة: وسائل التواصل الاجتماعي. في هذا المقال الساخر - الجاد في مرآته - أكتب بمرارةٍ وغضب، وشيءٍ من السخرية النبيلة، عن هوايتنا القومية الجديدة: نبش القبور.. هوايتنا القومية الجديدة! من عجائب هذا الزمان أن تتحوّل الكتابة إلى حفّار قبور، وأن يرتدي القارئ عباءة "النيابة العامة" في محكمة التاريخ، لا لشيء سوى محاكمة الموتى بتهمٍ لم تُسجَّل في دفاترهم ولا على شواهدهم. بات النقد عندنا أقرب إلى برنامج فضائحي لا يحتاج إلا إلى "بوست" مفبرك، أو فيديو مجتزأ، وتغريدة منسيّة يُعاد تدويرها تحت عناوين مثيرة: "السر الذي أخفاه عبد الحليم"، أو "صندوق أسرار أم كلثوم"، أو "من كان ناصر يخشاه؟". في بلادنا، لا تكتمل مائدة الإفطار إلا بصحنٍ ممتلئٍ بفضائح قديمة، ومعلّبات من حياة الراحلين. أصبح لدينا طقسٌ جديد أشبه بمراسم عاشوراء، لكن بدلاً من اللطم، نحن "ننبش" ونحلل ونتساءل: هل تزوّج عبد الحليم حافظ من سعاد حسني؟ هل كان جمال عبد الناصر يعرف من كتب البيان الأول؟ هل كانت أم كلثوم ترتدي نظارتها الشمسية لتُخفي دمعة حب أم سخطاً سياسياً؟ جيلٌ بأكمله - بعضه لم يُولد بعد، أو كان لا يزال يرضع من ثدي الإعلام الرسمي - يتقمّص الآن دور المحقق كونان، لكن بمصادره الخاصة: "قرأت بوست"، "شاهدت فيديو على تيك توك"، "قال لي أحدهم في المقهى". تحوّل التاريخ إلى مساحةٍ للثرثرة، والأعراض إلى فقراتٍ للترفيه، والسيرة الذاتية إلى فقرةٍ مسلية قبل النوم. نحن لا نقرأ، نحن نتلصص. لا نبحث عن الحقيقة، بل عن الإثارة، عن الشبهة، عن صورة تُستخدم كدليل إدانة في محكمة فيسبوك الكبرى. ربما تكمن المشكلة في تعريفنا للبطولة والقدوة. حين يغيب المشروع الجماعي، يصبح كل فرد مشروع قاضٍ، أو بالأحرى مشروع مؤرخ حَشري، يحشّ في سيرة العظماء، ويشكك في كل شيء: هل كتب نزار قباني أشعاره وحده؟ هل ماتت أمينة رزق عذراء فعلاً؟ هل كان توفيق الحكيم مؤمناً بالله أم فقط بالريجيم؟ نعيش عصر "ما بعد القبر". مات عبد الناصر؟ لنفتّش في مراسلاته مع هيكل. ماتت سعاد؟ فلنبحث عن صورة لعقد الزواج.. ! غاب عبد الحليم؟ لنُكمل ما بدأته الصحف الصفراء: من دفن أسراره؟ ومن نكأ الجراح؟ الفلسفة هنا أن الحياة لم تعد تُرضينا، فنبحث عن الإثارة في الموتى. السياسة مملة، الاقتصاد موجع، والواقع شحيح.. فلا بأس من إثارة الغبار فوق رفات من رحلوا. لكن مهلاً، أليس هذا إرثاً ثقافياً متجذّراً؟ ألم يبدأ كل شيء منذ جلسات النميمة الريفية تحت ضوء القمر، حين كان الناس يتحدثون عن من هربت مع من، ومن تزوّج سراً، ومن أكل "ورقة الطلاق"؟ الفرق الوحيد الآن أن القمر أصبح شاشة هاتف، والقرية تحوّلت إلى قريةٍ افتراضية. في النهاية، قد نُصاب بشللٍ فكري. فمن يبحث عن فضيحة لا يصنع بطولة، ومن يُفتّش في أوراق الأمس لا يكتب سطور الغد. فلندع عبد الحليم يغني، وسعاد تضحك، وناصر يحلم، ولتَنَم قبورهم في سلام، لأنهم - على الأقل - حاولوا أن يحيوا في زمنٍ كان يستحق الحياة. أما نحن، فنحيا لنحاكم الأموات! ولعل أصدق ما في هذه السخرية أنها كُتبت بمداد الغضب لا الهزل. ففي زمنٍ كهذا، وحدها الكتابة الساخرة تصلح مرآةً لعقلٍ مأزوم.. .أو وطنٍ يعيد تدوير ماضيه في سوق النميمة! محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية [email protected]