
الفايز: الأردن سيبقى حراً سيداً بحكمة قيادته ووعي شعبه ومنعة أجهزتنا الأمنية
أكد رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، أن الأردنيين، وهم يحتفلون بعيد الاستقلال والمناسبات الوطنية، يشعرون بالفخر والاعتزاز بوطنهم، ويواصلون مسيرة الإباء التي صنعها الأجداد بتضحياتهم، إلى جانب تضحيات القيادة الهاشمية، وقواتنا المسلحة، وأجهزتنا الأمنية، متحملين مسؤوليتهم تجاه الوطن، ومتطلعين بعزم وإرادة إلى مستقبل يليق بهذا الوطن الأبي بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، صاحب الشرعية الدينية والسياسية والتاريخية وشرعية الإنجاز.
وقال الفايز خلال رعايته احتفالا وطنيا نظمه الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين بالتعاون مع وزارة الثقافة، بمناسبة عيد الاستقلال، وذكرى الجلوس الملكي، ويوم الجيش، وذكرى انطلاق الثورة العربية الكبرى إن ذكرى الاستقلال هذا العام تأتي في ظل حالة من الفوضى والصراعات والأزمات السياسية والأمنية التي تعصف بالمنطقة والعالم، ما انعكس على المملكة بتداعيات أمنية واقتصادية واجتماعية، معتبرا أن قدر الأردن، بحكم موقعه الجيوسياسي، أن يواجه التحديات منذ التأسيس، وهو ما تجاوزته المملكة دوما بحكمة القيادة الهاشمية، ووعي الشعب، ومنعة أجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة.
وأشار إلى أن الأردن واجه منذ نشأته تحديات كبرى، أبرزها بناء الهوية الوطنية، حيث استطاع المغفور له بإذن الله جلالة الملك عبدالله الأول، وبدعم الزعامات العشائرية، دمج مختلف مكونات المجتمع في مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها القوات المسلحة الأردنية، التي شكلت الأساس في بناء الهوية الوطنية الأردنية الجامعة.
وأضاف، إن المملكة واصلت مواجهة الكثير من التحديات منها على سبيل المثال أزمات اللجوء الفلسطيني عامي 1948 و1967، واللجوء اللبناني والعراقي، وتبعات حربي الخليج الأولى والثانية، ورغم ذلك ظل الأردن قويا عزيزا، وفشلت جميع محاولات العبث بأمنه واستقراره.
وأوضح الفايز أن الأردن واجه في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، تحديات إضافية، من بينها الأزمة الاقتصادية العالمية، وتداعيات الربيع العربي، وانقطاع الغاز المصري والنفط العراقي، وأزمة اللجوء السوري، وتداعيات جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، والتغيرات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، إضافة إلى سياسات الاحتلال الإسرائيلي التوسعية وعدوانها على الشعب الفلسطيني، وسعيها لتهجير الفلسطينيين قسرا، وأخيرا الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي ما تزال اتفاقيات وقفها هشة.
ونبه إلى أن الأردن يواجه اليوم حملات ممنهجة تستهدف العبث بأمنه واستقراره، عبر عشرات الآلاف من الحسابات الوهمية داخل وخارج المملكة التي تبث أخبارا مزيفة وتزج باسم الأردن في الأحداث الإقليمية بهدف زعزعة الوحدة الوطنية واستقرار النسيج الاجتماعي.
وحذر الفايز من محاولات 'الخلايا النائمة والذباب الإلكتروني الخبيث' لإضعاف المواقف الأردنية الثابتة تجاه القضايا العربية العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مؤكدا أن هذه الحملات تستهدف أيضا جهود جلالة الملك عبدالله الثاني الرامية إلى وقف العدوان الإسرائيلي، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
وأكد أن جلالة الملك عبدالله الثاني يواصل تصديه القوي والحازم لمختلف هذه التحديات ولسياسات الاحتلال الإسرائيلي العدوانية، ولكل المشاريع المشبوهة التي تستهدف مصالح الأردن وثوابته، مشددا على أن الأردن، رغم صراعات المنطقة، لن يسمح لأي جهة بالتجاوز على سيادته، ولن يقبل بأية حلول للقضية الفلسطينية على حسابه.
وفي الشأن الاقتصادي، أشار الفايز إلى أن جلالة الملك يدرك جيدا انعكاسات هذه التحديات على الأمن الاقتصادي والاجتماعي، مشيرا إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقها جلالته تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، ومعالجة مشكلتي الفقر والبطالة، وخلق بيئة استثمارية جاذبة، والتخلص من البيروقراطية.
وشدد على أن الأردن بقيادته الهاشمية كان وسيبقى سندا لأمته العربية وقضاياها العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي دافع عنها منذ عهد الإمارة، حيث كان جلالة الملك في طليعة من تصدى للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان أول من كسر الحصار المفروض على القطاع، لافتا إلى استمرار قوافل الخير الهاشمية التي تقدم المساعدات الإنسانية والطبية، إضافة إلى المستشفيات الأردنية الميدانية المنتشرة في قطاع غزة والمدن الفلسطينية.
وأكد الفايز أن الحفاظ على الاستقلال وحماية المنجزات الوطنية تفرض على الجميع مسؤولية الدفاع عن الوطن بالغالي والنفيس، والاصطفاف خلف جلالة الملك عبدالله الثاني، قائد معركة الدفاع عن الثوابت الوطنية، مشددا على أن أمن الوطن واستقراره مسؤولية الجميع وأولوية لا تعلو عليها أية مصلحة، وعدم السماح لأي طرف باستغلال الأحداث الإقليمية للتشكيك بمواقف الأردن الثابتة.
ولفت إلى أهمية المحافظة على وحدة النسيج الاجتماعي، وصيانة الجبهة الداخلية، وتعزيز الروح الوطنية، مؤكدا ضرورة تغليب لغة المصالح الوطنية، وتعزيز الانتماء والولاء للوطن وقيادته الهاشمية، وبما يحصن المملكة ويجعلها صخرة تتحطم عليها كافة المؤامرات والمخططات الخبيثة التي تستهدفها.
وأكد الفايز الحاجة الماسة لاستراتيجية إعلامية وطنية شاملة توحد الخطاب الإعلامي للدولة الأردنية، وتوضح مواقف المملكة تجاه مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية، وبما يساهم في إيصال رسالة الدولة الأردنية ومواقفها إلى العالم، ويكشف زيف الإعلام الموجه والمضلل الذي يستهدف أمن الأردن ومواقفه، ويبرز الدور الريادي لجلالة الملك في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وإحلال السلام، وتعزيز التقارب بين الشعوب، ومحاربة التطرف والإرهاب والطائفية والعنصرية.
وفي الشأن الزراعي، شدد الفايز على ضرورة إيلاء القطاع الزراعي جل الاهتمام، باعتباره من القطاعات الأكثر تشغيلا للأيدي العاملة، وركيزة أساسية في الأمن الغذائي الوطني، داعيا إلى دعم الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين، وتوفير القروض الميسرة لهم، وتطوير سياسات استغلال الأراضي الزراعية، وتوجيهها نحو الزراعات غير التقليدية والاستراتيجية، وعلى رأسها زراعة القمح.
وأشار إلى دعوته المتكررة لتوزيع الأراضي على المواطنين من خلال جمعيات تعاونية وخيرية، شرط تجهيز البنية التحتية اللازمة، بما يعزز الإنتاج الوطني، ويحد من الفقر والبطالة، ويزيد من دخل الأسر الأردنية.
وفي ختام كلمته، ثمن الفايز جهود الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين وكافة القائمين عليه، مشيدا بدورهم في خدمة القطاع الزراعي وحماية المزارعين، والنهوض بهذا القطاع الحيوي الذي يشكل ركيزة أساسية في منظومة الأمن الغذائي الأردني.
وشهد الاحتفال حضورا رسميا رفيعا، تقدمه رئيس مجلس أمناء الجامعة الدكتور عبدالله النسور، ووزير الثقافة مصطفى الرواشدة، وسفراء دولة الكويت وسلطنة عمان، ورئيس الجامعة الأستاذ الدكتور محمد المجالي، ورئيس هيئة المديرين المهندس إياد القرم، ونائب الرئيس الدكتور طارق القرم، وعدد من أعضاء مجلس الأعيان والنواب والمسؤولين، وممثلي الوزارات، وعمداء كليات الزراعة في الجامعات الأردنية، وأعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية.
وأكد وزير الثقافة في كلمة أن الاستقلال ليس مجرد حدث سياسي، بل هو قيمة ثقافية راسخة، تأسست على مبادئ الثورة العربية الكبرى، وأن الأردن بقيادة الهاشميين ظل وفيا لقيم التسامح والعقلانية والعروبة، مشيرا إلى أن مواقف الأردن القومية والإنسانية تتجسد يوما بعد يوم، خصوصا في ظل ما تشهده غزة من معاناة.
وقال رئيس الجامعة الدكتور محمد المجالي إن هذه المناسبات الوطنية تمثل محطات مضيئة في تاريخ الأردن الحديث، وتجسد الإرادة الشعبية والقيادة الحكيمة في بناء الدولة الحديثة، مشيرا إلى أن الأعياد الوطنية ليست مجرد ذكرى، بل نهج مستمر يعكس قصة نجاح أردنية مبنية على التضحية والولاء والانتماء، وشكلت انطلاقة نحو ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، وفرصة للمضي قدما بعزم وإرادة في مسيرة البناء والتطوير.
من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين عودة الرواشدة، أن الاحتفال بهذه المناسبات هو تكريم لتاريخ الوطن وإنجازاته وترسيخ لقيم الوحدة والانتماء، مشيرا إلى أن المزارع الأردني يعي تماما دوره المحوري في دعم الاقتصاد الوطني، ويؤمن بالعمل الجماعي والمستقبلي لتطوير القطاع الزراعي.
وأشار الرواشدة إلى معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، مشيدا بالمواقف الثابتة للأردن وجلالة الملك في دعم الأشقاء، لافتا الى خطاب جلالة الملك في البرلمان الأوروبي الذي تحدث فيه بصوت الضمير الإنساني.
وتضمن الحفل عروضا فنية وشعرية وطنية لاقت استحسان الحضور، من بينها قصائد للشاعرين عيد المساعيد ومهند العظامات، وفقرة غنائية للفنان سعد أبو تايه، وعرضا فلكلوريا لفرقة معان للفنون الشعبية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 4 ساعات
- رؤيا نيوز
أبوغزاله يشكر الملك: بقيادتكم الحكيمة… يبقى الأردن واحة أمان لكل العرب
وجّه سعادة الدكتور طلال أبوغزاله، رئيس ومؤسس مجموعة طلال أبوغزاله العالمية، رسالة شكر وامتنان إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، مشيدًا بقيادته الحكيمة التي جعلت من الأردن نموذجًا في الأمن والاستقرار على مستوى المنطقة العربية. وأكد أن ما تحقق في عهد جلالته من منجزات هو ثمرة للجهود المتواصلة والتوجيهات السديدة، مشيرًا إلى أن الأردن اليوم يشكل ملاذًا آمنًا ومصدر اطمئنان لكل العرب. كما ثمّن الدكتور أبوغزاله دور الأجهزة الأمنية وجهودها في صون أمن الوطن وحماية حقوق المواطنين، معتبرًا ذلك تعبيرًا صادقًا عن الانتماء والتضحية. وتاليا نص الرسالة ….


رؤيا نيوز
منذ 4 ساعات
- رؤيا نيوز
أين السفير الأردني في دمشق؟
لم يعين الأردن سفيرا له في دمشق، حتى الآن برغم تغيير النظام، وبرغم زيارة الرئيس السوري إلى الأردن، وزيارة نائب الرئيس وزير الخارجية إلى دمشق. لا يوجد تبرير واضح لعدم تعيين السفير حتى الآن، إذ إننا نشهد مؤشرات تبدو متناقضة ظاهريا، فالعلاقات السياسية قائمة بشكل مقبول، والتنسيق على المستوى الوزاري معلنة، إضافة إلى التنسيق الفني والأمني والعسكري بين البلدين بخصوص قضايا كثيرة، من بينها الحدود وتهريب السلاح والمخدرات. في تأويلات لمطلعين تقول إن العلاقة الأردنية السورية قد تكون باردة وان لم تكن سيئة، أو أنها تحت التقييم بسبب معايير مختلفة، والكل يعرف أن تعيين سفير للأردن في دمشق، ليس قرارا حكوميا بالمعنى المتعارف عليه، بقدر كونه قرارا لعدة مؤسسات سيادية، يتم اتخاذه وفقا لحسابات قد لا تكون معلنة. تداخل المصالح الأردنية السورية، ووجود قضايا يومية، يوجب تعيين سفير، حتى وان كانت هذه المصالح والقضايا تتم إدارتها حاليا بعيدا عن العمل الدبلوماسي، من خلال قنوات أعلى، وهي قنوات بديلة ليست حلا إستراتيجيا لمستوى التمثيل الدبلوماسي في البلدين المتجاورين، في ظل تغيرات تعصف بالإقليم كل يوم. ربما ينتظر الأردن استقرار هوية النظام الحالي وتعريفاتها الإقليمية والدولية، وهي تعريفات تخضع لتجاذبات كثيرة بعضها عربي وأميركي وأوروبي. هناك اندفاع أردني شعبي نحو دمشق، وليس أدل على ذلك أن أعداد الأردنيين التي ذهبت إلى دمشق والمدن السورية خلال عيد الأضحى، كانت كبيرة، وكأن السياحة إلى سورية جاءت في توقيت تعاني فيه السياحة الأردنية أصلا، من غياب إنفاق الأردنيين، وغياب العرب والأجانب، وهي قضية زادت حدتها خلال الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، مما دفع القطاع السياحي إلى الشكوى من هذا الأمر. مما يقال صراحة هنا أن العلاقات الأردنية الأكثر أهمية تدار أصلا خارج منظوم ة السفراء، ومن خلال قنوات بديلة، وليس ادل على ذلك من أن السفارة الأردنية في دمشق تدار من جانب قائم بالأعمال، لكن الدلالة السياسية لوجود سفير أردني في دمشق، مهمة لأنها ستحدثنا فعليا عن مستوى العلاقة الفعلي بين البلدين، وكيف يفكر الأردن تجاه علاقته بالسوريين، وإلى درجة يصل التنسيق المتبادل هنا. في قراءة محايدة من جانب محللين يعتقد هؤلاء أن العلاقات الأردنية السورية ما تزال تحت الاختبار والتقييم، حتى وان تبدت مؤشرات إيجابية في العلن، على خلفية ملفات عدة أبرزها المساحة التي ستوفرها دمشق أصلا للأردن اقتصاديا في سورية، والملفات الأمنية مثل المخدرات والحدود والسلاح، وملف اللاجئين، وما يرتبط بنفوذ قوى عربية وإقليمية في سورية قد لا تريد منح الأردن إلا الحد الأدنى من المساحة، إضافة إلى ملف الجماعات المتشددة وتصدير العنف خارج الحدود، وما يتعلق أيضا بقدرة دمشق على ضبط إيقاع الاستقرار، في ظل أزمات داخلية. لا يمكن لأي دولة على صلة جيدة بدولة ثانية، ان لا ترسل سفيرها إلى تلك الدولة، لان السفير تعبير عن دلالات سياسية، وفي الحالة الأردنية فإن غياب السفير لا يمكن أن يكون سببه ندرة السفراء المرشحين، ولا غياب مخصصات السفير المالية، ولا يمكن أن تتساوى من جهة ثانية حالة غياب السفير الأردني في ظل النظام السابق، مع حالة غياب السفير في ظل النظام الحالي الذي يجهد بحثا عن اعترافات عربية وإقليمية ودولية في ظل مهددات متعددة.


الغد
منذ 5 ساعات
- الغد
إسرائيل على مفترق طرق: احتلال، إبادة جماعية وموت رؤية
ألون بن مئير* - (مدونة بن مئير) 2025/5/8 لن تستمر الدولة -التي نهضت من رماد ملايين اليهود الذين قضوا في المحرقة- في البقاء على رماد الفلسطينيين. * * * إسرائيل هي تحقيق حلمٍ دام ألف عام: أن تكون حراً، تعيش اضافة اعلان بسلام، تزدهر، وتنمو في وطن ذي سيادة. وقد أصبحت معجزة إنشائها وإنجازاتها وإمكانياتها اللامحدودة المسترشدة بالقيم الأخلاقية السامية التي تركت وراءها الخوف والرعب من الغد، تُسحق الآن أمام أعيننا. بأي مقياس تستطيع إسرائيل مواجهة الموت والدمار والقسوة وسفك الدماء والوحشية والقسوة التي ما تزال تمطر غزة والضفة الغربية؟ إن نزع الصفة الإنسانية وتجاهل الأرواح البشرية والانتقام والقصاص بدم بارد قد خانت مجتمعة رؤية مؤسسي إسرائيل وسلبتها أساسها الأخلاقي، وهو أمر سيظل يطارد إسرائيل لأجيال مقبلة. وتتحمل جميع المؤسسات السياسية الإسرائيلية والجمهور مسؤولية إطالة أمد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعواقبه الوخيمة. نتنياهو: العدو من الداخل لم يؤثر أي رئيس وزراء إسرائيلي سلبًا على حياة ومصير الإسرائيليين أكثر من نتنياهو. وهو بارع في الكذب والتلاعب وخبير في فن الخداع، ونرجسي أناني وفاسد حتى النخاع، يضع مصلحته الذاتية فوق مصلحة الأمة لأكثر من ثلاثة عقود، وهو ما برهن عليه بلا خجل بإطالة أمد الحرب في غزة، فقط لإنقاذ جلده السياسي القبيح. نتنياهو، وليس غيره، هو من أوصل إسرائيل إلى حافة كارثة غير مسبوقة. بالنسبة له، فإن موت الجنود الإسرائيليين وعشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء عبثًا وترك الرهائن لمصيرهم الجهنمي، يستحقان الثمن، ولو كان مجرد الحفاظ على قبضته على السلطة. بدلا من البحث عن سبل جديدة لإيجاد حل للصراع، كثف نتنياهو جهوده لخدمة مشروعه الضخم للاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وهو ما لا يمكن تحقيقه من خلال المفاوضات السلمية، وطرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين. وهو الآن يستخدم الحرب في غزة كمحفز لتحقيق هدفه المشؤوم، غافلًا عن حقيقة أنه بذلك يدمر إسرائيل كما نعرفها. حكومة فاشية ولتحقيق هدفه البغيض، شكل نتنياهو أكثر الحكومات اليمينية المسيانية تطرفًا التي دعا العديد من وزرائها إلى التطهير العرقي للفلسطينيين، بمن فيهم وزير المالية سموتريتش، الذي أكد نوايا الحكومة بتصريحه في 6 أيار (مايو) أن "غزة ستُدمر بالكامل" وأن الفلسطينيين سيبدأون "بالرحيل بأعداد كبيرة".طالب هؤلاء الوزراء المجرمون باستمرار الحرب، وكان نتنياهو، المحارب السعيد، الذي ما يزال يتلذذ بوهم إمكانية القضاء على "حماس" وإطلاق سراح الرهائن، في غاية السعادة لتلبية هذا الطلب. قبل أيام، وافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي بالإجماع على غزو جزء كبير من غزة. وكان الهدف هو إقامة حكم عسكري دائم ومستوطنات يهودية وحشر ما يقرب من 2.2 مليون فلسطيني في الجزء الجنوبي من غزة الذي يمثل أقل من 25 في المائة من إجمالي مساحة القطاع. حقيقة أن مثل هذه العملية ستتسبب في خسائر في أرواح الجنود الإسرائيليين، وربما الرهائن، وستتسبب في أزمة إنسانية كارثية بين الفلسطينيين، علاوة على الظروف المروعة التي يعيشون فيها حاليًا، لا تشغل بال نتنياهو وحكومته الفاشية. إن الفكرة التي أوضحها وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، بأن العملية الجديدة ستحقق هزيمة "حماس" في النهاية وتشكل ضغطًا لا يُقاوم عليها لإطلاق سراح جميع الرهائن، ليست سوى وهم كارثي آخر ستدفع إسرائيل ثمنه غاليًا. يبدو أن نتنياهو وحكومته لم يتعلموا شيئًا من الاحتلال المروع للضفة الغربية الذي دام 57 عامًا، والذي اتسم بالعنف المستمر وأسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وآلاف الجنود والمدنيين الإسرائيليين. التقوى الزائفة للأحزاب الدينية بينما تستمر الحرب الكارثية في التكشف، فإن من يسمون قادة الأحزاب الدينية المتدينين الذين يستحضرون اسم الله في كل جملة، ويتلبسون بثياب التقوى، ويبشرون بإنجيل الرعاية والرحمة، لم يرفعوا أصواتهم أبدًا للاحتجاج على القتل العشوائي للفلسطينيين. وقد أيدت أحزاب شاس ويهودية التوراة المتحدة بقيادة المنافقين العملية الجديدة بلا خجل، بغض النظر عن الدمار الهائل والموت الذي سيلحق بالفلسطينيين. إنهم يُحاكون إلى حد كبير بتسلئيل سموتريتش المتعطش للدماء الذي صرح، في خطاب له في باريس في العام 2023: "لا وجود لأمة فلسطينية. ولا تاريخ فلسطيني. ولا لغة فلسطينية"، وهو ما يبرر في رأيه تدمير الفلسطينيين كشعب. إنهم يبررون ذبح الفلسطينيين كما لو كان ذلك مباركًا من ربهم. ليس من المستغرب أن يسمح هؤلاء المحتالون -الذين يتظاهرون بالإيمان المتحمس- بمثل هذه المجازر بحق رجال ونساء وأطفال فلسطينيين أبرياء. إنهم يرتدون زيهم الديني بفخر بينما يرتكبون جرائم ضد الإنسانية. لقد ضحوا بالقيم والأخلاق اليهودية مقابل الحصول على الأموال التي يريدونها من الحكومة لإدارة مؤسساتهم الدينية، بينما يرفضون إرسال أبنائهم وبناتهم للخدمة في الجيش. لا يهم كم من الجنود الإسرائيليين يُقتلون، بما أنهم لا يضطرون إلى الحداد على موت أبنائهم. عجز أحزاب المعارضة تواصل أحزاب المعارضة السياسية خلافاتها متفقةً أحيانًا على قضايا خارجية وداخلية، لكنها لم تتوصل ولو لمرة واحدة إلى توافق في الآراء حول كيفية إنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وقد خدمت نتنياهو بفشلها الذريع في تحدي استراتيجية نتنياهو لسحق الفلسطينيين. بدلًا من حشد الرأي العام وراء اتفاق سلام قائم على حل الدولتين الذي من شأنه أن يوفر الأمن القومي النهائي، اكتفت بالنقد الفارغ لسياسة نتنياهو وشخصيته، بينما تستمر الحرب في الاشتعال وتتبدد فرص الحل، مما يضر بإسرائيل. اللامبالاة الكارثية للشعب الإسرائيلي لا أحد يتحمل مسؤولية الوضع المأساوي الذي يجتاح البلاد أكثر من الإسرائيليين أنفسهم، الذين، وللمفارقة، هم الجناة الذين سمحوا باستمرار الصراع وهم أيضًا الضحايا الذين يعيشون تحت تهديد الحرب الدائم. لقد تم الكذب عليهم وتضليلهم ليصدقوا أنه لا يمكن إصلاح الفلسطينيين ولا يمكن احتواؤهم إلا بالقوة الغاشمة. لقد ابتلعوا بتهور حجة نتنياهو الزائفة بأن الدولة الفلسطينية تشكل خطرًا وجوديًا نهائيًا عليهم وأنه يجب منعها بأي ثمن. للأسف، أصبح الاحتلال بالنسبة للغالبية العظمى من الإسرائيليين أسلوب حياة. ففي نهاية المطاف، ولد 80 في المائة من الإسرائيليين بعد العام 1967. وبالنسبة لهم، لم يكن للعبودية والمعاناة والحرمان والإذلال الفلسطيني في ظل الاحتلال أي تأثير يذكر على حياتهم اليومية. وقد تظاهروا جماعيًا لمدة ستة أشهر ضد ما يسمى بالإصلاحات القضائية؛ وظلوا يتظاهرون يومًا بعد يوم، مطالبين بإعادة الرهائن، لكنهم لم يتظاهروا جماعيًا قط للمطالبة بإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وحتى يومنا هذا، ما يزالون متمسكين بشدة برواية نتنياهو وعصابته الإجرامية الزائفة بأن الدولة الفلسطينية المستقلة تشكل خطرًا وجوديًا. ولم يطالبوا حكومتهم ولو مرة واحدة باتفاقية سلام بديلة مقبولة من الطرفين، على الأقل على أساس حل الدولتين لإنهاء أعنف وأطول صراع منذ الحرب العالمية الثانية. قد يظن المرء أنه بعد هجوم "حماس" وحرب الانتقام الإسرائيلية سيتوقف الإسرائيليون ويطالبون بحل لهذا الصراع المدمر. لكنهم بدلًا من ذلك ضاعفوا جهودهم واستسلموا للعيش بسلاحهم، مقتنعين بأنه لا يوجد حل. لقد نسوا، متغاضين، عن أن 90 في المائة من الفلسطينيين الأحياء ولدوا تحت الاحتلال ولم يتبق لهم الكثير ليخسروه ولن يكفوا عن مقاومة إسرائيل بعنف حتى يوم الخلاص. حان وقت الحساب متى سيأتي الوقت ليدرك الإسرائيليون أن إسرائيل لن تتمكن أبدًا من السيطرة على الفلسطينيين رغمًا عنهم؟ عليهم أولًا أن يدركوا المعادلة الديموغرافية المرعبة. يعيش سبعة ملايين يهودي في إسرائيل جنبًا إلى جنب مع سبعة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وغزة وداخل إسرائيل نفسها، ولا يمكنهم استعباد الفلسطينيين إلى أجل غير مسمى، مهما بلغت قسوة ووحشية الحكم العسكري، ومهما سجن أو قتل أو طرد أي عدد من الفلسطينيين. ثانيًا، على عكس أي صراع عنيف سابق، أدى حجم الموت والدمار الذي لحق بغزة والضفة الغربية إلى بروز جيل جديد من الفلسطينيين سيعيشون للانتقام لما لحق بشعبهم. فمقابل كل مقاتل فلسطيني يقتل، سيظهر اثنان ليحلا محله. ثالثًا، على الرغم من أن "حماس" قد دُمرت، فإن إسرائيل لن تقضي عليها أبدًا كفكرة وحركة. إن العملية العسكرية للإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل في غزة وخطة نتنياهو لإعادة احتلالها لن تثبت سوى صحة ادعاء "حماس" بأن إسرائيل عازمة على تدمير الفلسطينيين كشعب، الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى تكثيف مقاومتهم العنيفة مهما طال الزمن. سوف يتذكر كل فلسطيني أنه لو شكلت النساء والأطفال وكبار السن الذين قتلوا في هذه الحرب الشرسة صفًا واحدًا لكان طوله 15 ميلًا. 90 في المائة من غزة مدمر، وسكانها جميعًا تقريبًا مهجرون مرارًا وتكرارًا، وهم محرومون من الطعام والدواء ومياه الشرب، والآلاف على شفا المجاعة. هذه مأساة لا تلحق بالفلسطينيين فحسب، بل بإسرائيل نفسها أيضًا التي تدمر الأساس الذي تقوم عليه. على كل إسرائيلي أن يتذكر أن بلاده التي نهضت من رماد ملايين اليهود الذين هلكوا، لن تستمر في البقاء على رماد الفلسطينيين. فقط دولتان مستقلتان تعيشان بسلام جنبا إلى جنب ستنقذان إسرائيل التي جسدت حلم اليهود الذي دام آلاف السنين. *د. ألون بن مئير: أستاذ متقاعد في العلاقات الدولية، يعمل سابقا في مركز الشؤون الدولية بجامعة نيويورك وزميل أول في معهد السياسة العالمية، وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط وغرب البلقان والمفاوضات الدولية وحل النزاعات. في العقدين الماضيين، شارك بن مئير بشكل مباشر في العديد من المفاوضات الخلفية التي شاركت فيها إسرائيل والدول المجاورة لها وتركيا. *نشر هذا المقال تحت عنوان: Israel at the Crossroads: Occupation, Genocide, and the Death of a Vision اقرأ المزيد في ترجمات: أميركا كدولة نفطية: مساوئ الاستقلال في مجال الطاقة