logo
التفراوتي يبحث دور الإعلام البيئي في كسب رهانات تغير المناخ: من التوعية إلى بناء الصمود المجتمعي

التفراوتي يبحث دور الإعلام البيئي في كسب رهانات تغير المناخ: من التوعية إلى بناء الصمود المجتمعي

صوت المواطن٠٣-٠٦-٢٠٢٥

محمد التفراوتي – ناشط وإعلامي بيئي
في ظل تصاعد التحذيرات العلمية بشأن التغيرات المناخية وما يرافقها من اختلالات بيئية متفاقمة، بات الإعلام البيئي يحتل موقعا استراتيجيا لا يمكن تجاهله في خريطة المواجهة العالمية. إنه ليس مجرد ناقل للمعلومة البيئية، بل فاعل أساسي في تشكيل وعي جماعي بيئي، وتحفيز المجتمعات على الصمود والتأقلم مع واقع جديد تحكمه هشاشة النظم الإيكولوجية وتحديات التنمية المستدامة.
من الظواهر إلى الوقائع: مناخ يختل وإعلام يلاحق
لم تعد التغيرات المناخية سيناريوهات مستقبلية أو مواضيع بحث أكاديمي فقط، بل أصبحت واقعا يوميا يفرض نفسه على المجتمعات والاقتصادات والحكومات. بين حرائق الغابات التي تلتهم الواحات والغابات، وموجات الجفاف التي تقتل الزراعة، والعواصف التي تدمر البنية التحتية، تبرز هذه الأحداث الحاجة إلى إعلام بيئي فاعل قادر على الربط بين هذه الظواهر المناخية وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
في المغرب، على سبيل المثال، تكشف حرائق الواحات المتكررة، وندرة المياه في المناطق شبه القاحلة، وتراجع الغطاء النباتي، عن صورة مصغرة لتأثير المناخ على نمط الحياة والأنشطة الفلاحية، وتؤكد الحاجة الملحة لإعلام يتناول هذه القضايا بعمق واستمرارية.
من التوعية إلى التمكين: دور الإعلام في دعم التأقلم
وظيفة الإعلام البيئي لا تقتصر على التحسيس بالخطر أو نقل الأخبار البيئية عند حدوث الكوارث، بل تمتد لتشمل التوعية بالحلول، وتسليط الضوء على المبادرات المحلية، وتبسيط لغة العلم كي تصل إلى المواطن البسيط.
فما معنى الحديث عن 'التأقلم المناخي' في مجتمعات لا تدرك حتى أسباب التصحر أو نفوق النحل؟ كيف يمكن الحديث عن 'الصمود البيئي' دون إعلام يوضح أهمية تقنيات الزراعة المستدامة، أو أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي في مواجهة تغير المناخ؟
هنا يأتي دور الإعلام البيئي في بناء الثقة بين المعرفة والمجتمع، وتحفيز السلوكيات البيئية الإيجابية، من خلال سرد قصص النجاح، وتجارب التعاونيات البيئية، والمشاريع الشبابية في إعادة التشجير، وحصاد المياه، والاقتصاد الأخضر.
فجوة التغطية: الإعلام البيئي في العالم العربي
في المنطقة العربية، لا تزال التغطية البيئية تعاني من التهميش مقارنة بباقي المواضيع. الإعلام العام نادرا ما يعطي الأولوية للقضايا البيئية، فيما الإعلام المتخصص يعاني من قلة الموارد والدعم المؤسسي. ويظل الإعلاميون البيئيون في كثير من الأحيان عرضة للتهميش أو العزلة داخل مؤسساتهم.
رغم بعض المبادرات التي أطلقتها منظمات دولية وإقليمية ومحلية لتكوين الصحفيين البيئيين (كـ UNESCO، و IUCN، و Earth Journalism Network)، ووزارة المعنية لقطاع البيئة في أيام سالفة إلا أن الحاجة ماسة إلى توسيع قاعدة التكوين، وربط الصحفيين بالباحثين، وتمويل مشاريع إنتاج إعلامي بيئي متعدد الوسائط، قادر على مواكبة تحديات العصر المناخي.
ومن ضمن المبادرات الشخصية التي شكلت نماذج للترافع الإعلامي البيئي، برزت ممارسات ميدانية ترتكز على إعداد مقالات وتحقيقات صحفية حول التدهور البيئي للواحات، وتأثيرات تغير المناخ على النظم التقليدية للعيش، مما ساهم في لفت انتباه الرأي العام ومختلف الجهات المعنية.
كما اعتمدت بعض المقاربات على المراسلات المفتوحة كأداة ضغط ناعم، من خلال توجيه رسائل مفتوحة إلى مسؤولين حكوميين، من قبيل وزراء الفلاحة والصيد البحري، للمطالبة بإدراج قضايا مثل حرائق الواحات، وانقراض بعض الأنواع المحلية، وتراجع الغطاء النباتي، ضمن أولويات التدخلات القطاعية. هذه الرسائل، التي نشرت أحيانا عبر منصات رقمية وإعلامية، ساهمت في إعادة طرح إشكاليات بيئية ملحة على طاولة النقاش العمومي.
من جهة أخرى، وفرت منصات دولية متخصصة مثل شبكة Earth Journalism Network (EJN)، فضاء لعرض هذه القضايا في بعد عالمي، عبر مقالات تحليلية تناولت تحولات البيئة الواحية، والنزوح البيئي، وقضايا الحوكمة المناخية، مما جعل الإعلام البيئي المغربي يفرض حضوره داخل النقاشات الدولية المرتبطة بالعدالة المناخية.
وتكمن أهمية هذه المبادرات في اعتمادها على ربط العلم بالميدان والإعلام بالمجتمع المحلي، حيث انطلقت من التقاطات واقعية وتحقيقات ميدانية، مدعمة بالشهادات والصور والمعطيات، ما عزز مصداقيتها، وجعل منها نماذج يحتذى بها في بناء إعلام بيئي ملتزم وهادف.
إن الرهان اليوم، في ظل التسارع البيئي والمناخي، يتمثل في تعميم ثقافة الإعلام البيئي، وتكوين الصحفيين في مجالات التغير المناخي، وتثمين التجارب الوطنية الناجحة التي استطاعت التأثير في القرار وتوجيه الرأي العام نحو ضرورة الصمود والتأقلم.
التوصيات: نحو إعلام بيئي مقاوم
تعزيز التكوين الإعلامي البيئي داخل المؤسسات التعليمية والصحفية. إدماج البعد المناخي في كافة الأجناس الصحفية، وليس فقط في التقارير المتخصصة. تشجيع الصحافة البيئية الاستقصائية لمساءلة السياسات ومتابعة الالتزامات الدولية. التحفيز على إنتاج قصص بيئية إنسانية تقرّب القضية من المواطن بلغة بسيطة وعاطفية. خلق شراكات بين الإعلاميين والباحثين البيئيين لتطوير محتوى رصين وموثوق. تمويل منصات بيئية رقمية تقدم محتوى تفاعليًا يستهدف الشباب ويعزز ثقافة 'البيئة اليومية'.
خاتمة:
أمام هذا المنعطف المناخي الحرج، لا يمكن أن يكون الإعلام البيئي مجرد خيار، بل ضرورة وجودية لبناء وعي جماعي قادر على اتخاذ قرارات صائبة، ومجتمعات قادرة على الصمود والتكيف. وحده إعلام بيئي شجاع، مستقل، ومدعوم بالعلم والمعرفة، يستطيع أن يتحول من ناقل للخبر إلى صانع للتغيير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

التفراوتي يبحث دور الإعلام البيئي في كسب رهانات تغير المناخ: من التوعية إلى بناء الصمود المجتمعي
التفراوتي يبحث دور الإعلام البيئي في كسب رهانات تغير المناخ: من التوعية إلى بناء الصمود المجتمعي

صوت المواطن

time٠٣-٠٦-٢٠٢٥

  • صوت المواطن

التفراوتي يبحث دور الإعلام البيئي في كسب رهانات تغير المناخ: من التوعية إلى بناء الصمود المجتمعي

محمد التفراوتي – ناشط وإعلامي بيئي في ظل تصاعد التحذيرات العلمية بشأن التغيرات المناخية وما يرافقها من اختلالات بيئية متفاقمة، بات الإعلام البيئي يحتل موقعا استراتيجيا لا يمكن تجاهله في خريطة المواجهة العالمية. إنه ليس مجرد ناقل للمعلومة البيئية، بل فاعل أساسي في تشكيل وعي جماعي بيئي، وتحفيز المجتمعات على الصمود والتأقلم مع واقع جديد تحكمه هشاشة النظم الإيكولوجية وتحديات التنمية المستدامة. من الظواهر إلى الوقائع: مناخ يختل وإعلام يلاحق لم تعد التغيرات المناخية سيناريوهات مستقبلية أو مواضيع بحث أكاديمي فقط، بل أصبحت واقعا يوميا يفرض نفسه على المجتمعات والاقتصادات والحكومات. بين حرائق الغابات التي تلتهم الواحات والغابات، وموجات الجفاف التي تقتل الزراعة، والعواصف التي تدمر البنية التحتية، تبرز هذه الأحداث الحاجة إلى إعلام بيئي فاعل قادر على الربط بين هذه الظواهر المناخية وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. في المغرب، على سبيل المثال، تكشف حرائق الواحات المتكررة، وندرة المياه في المناطق شبه القاحلة، وتراجع الغطاء النباتي، عن صورة مصغرة لتأثير المناخ على نمط الحياة والأنشطة الفلاحية، وتؤكد الحاجة الملحة لإعلام يتناول هذه القضايا بعمق واستمرارية. من التوعية إلى التمكين: دور الإعلام في دعم التأقلم وظيفة الإعلام البيئي لا تقتصر على التحسيس بالخطر أو نقل الأخبار البيئية عند حدوث الكوارث، بل تمتد لتشمل التوعية بالحلول، وتسليط الضوء على المبادرات المحلية، وتبسيط لغة العلم كي تصل إلى المواطن البسيط. فما معنى الحديث عن 'التأقلم المناخي' في مجتمعات لا تدرك حتى أسباب التصحر أو نفوق النحل؟ كيف يمكن الحديث عن 'الصمود البيئي' دون إعلام يوضح أهمية تقنيات الزراعة المستدامة، أو أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي في مواجهة تغير المناخ؟ هنا يأتي دور الإعلام البيئي في بناء الثقة بين المعرفة والمجتمع، وتحفيز السلوكيات البيئية الإيجابية، من خلال سرد قصص النجاح، وتجارب التعاونيات البيئية، والمشاريع الشبابية في إعادة التشجير، وحصاد المياه، والاقتصاد الأخضر. فجوة التغطية: الإعلام البيئي في العالم العربي في المنطقة العربية، لا تزال التغطية البيئية تعاني من التهميش مقارنة بباقي المواضيع. الإعلام العام نادرا ما يعطي الأولوية للقضايا البيئية، فيما الإعلام المتخصص يعاني من قلة الموارد والدعم المؤسسي. ويظل الإعلاميون البيئيون في كثير من الأحيان عرضة للتهميش أو العزلة داخل مؤسساتهم. رغم بعض المبادرات التي أطلقتها منظمات دولية وإقليمية ومحلية لتكوين الصحفيين البيئيين (كـ UNESCO، و IUCN، و Earth Journalism Network)، ووزارة المعنية لقطاع البيئة في أيام سالفة إلا أن الحاجة ماسة إلى توسيع قاعدة التكوين، وربط الصحفيين بالباحثين، وتمويل مشاريع إنتاج إعلامي بيئي متعدد الوسائط، قادر على مواكبة تحديات العصر المناخي. ومن ضمن المبادرات الشخصية التي شكلت نماذج للترافع الإعلامي البيئي، برزت ممارسات ميدانية ترتكز على إعداد مقالات وتحقيقات صحفية حول التدهور البيئي للواحات، وتأثيرات تغير المناخ على النظم التقليدية للعيش، مما ساهم في لفت انتباه الرأي العام ومختلف الجهات المعنية. كما اعتمدت بعض المقاربات على المراسلات المفتوحة كأداة ضغط ناعم، من خلال توجيه رسائل مفتوحة إلى مسؤولين حكوميين، من قبيل وزراء الفلاحة والصيد البحري، للمطالبة بإدراج قضايا مثل حرائق الواحات، وانقراض بعض الأنواع المحلية، وتراجع الغطاء النباتي، ضمن أولويات التدخلات القطاعية. هذه الرسائل، التي نشرت أحيانا عبر منصات رقمية وإعلامية، ساهمت في إعادة طرح إشكاليات بيئية ملحة على طاولة النقاش العمومي. من جهة أخرى، وفرت منصات دولية متخصصة مثل شبكة Earth Journalism Network (EJN)، فضاء لعرض هذه القضايا في بعد عالمي، عبر مقالات تحليلية تناولت تحولات البيئة الواحية، والنزوح البيئي، وقضايا الحوكمة المناخية، مما جعل الإعلام البيئي المغربي يفرض حضوره داخل النقاشات الدولية المرتبطة بالعدالة المناخية. وتكمن أهمية هذه المبادرات في اعتمادها على ربط العلم بالميدان والإعلام بالمجتمع المحلي، حيث انطلقت من التقاطات واقعية وتحقيقات ميدانية، مدعمة بالشهادات والصور والمعطيات، ما عزز مصداقيتها، وجعل منها نماذج يحتذى بها في بناء إعلام بيئي ملتزم وهادف. إن الرهان اليوم، في ظل التسارع البيئي والمناخي، يتمثل في تعميم ثقافة الإعلام البيئي، وتكوين الصحفيين في مجالات التغير المناخي، وتثمين التجارب الوطنية الناجحة التي استطاعت التأثير في القرار وتوجيه الرأي العام نحو ضرورة الصمود والتأقلم. التوصيات: نحو إعلام بيئي مقاوم تعزيز التكوين الإعلامي البيئي داخل المؤسسات التعليمية والصحفية. إدماج البعد المناخي في كافة الأجناس الصحفية، وليس فقط في التقارير المتخصصة. تشجيع الصحافة البيئية الاستقصائية لمساءلة السياسات ومتابعة الالتزامات الدولية. التحفيز على إنتاج قصص بيئية إنسانية تقرّب القضية من المواطن بلغة بسيطة وعاطفية. خلق شراكات بين الإعلاميين والباحثين البيئيين لتطوير محتوى رصين وموثوق. تمويل منصات بيئية رقمية تقدم محتوى تفاعليًا يستهدف الشباب ويعزز ثقافة 'البيئة اليومية'. خاتمة: أمام هذا المنعطف المناخي الحرج، لا يمكن أن يكون الإعلام البيئي مجرد خيار، بل ضرورة وجودية لبناء وعي جماعي قادر على اتخاذ قرارات صائبة، ومجتمعات قادرة على الصمود والتكيف. وحده إعلام بيئي شجاع، مستقل، ومدعوم بالعلم والمعرفة، يستطيع أن يتحول من ناقل للخبر إلى صانع للتغيير.

التفراوتي يدعو من مراكش إلى إعلام بيئي مقاوم: من التوعية إلى بناء الصمود المجتمعي
التفراوتي يدعو من مراكش إلى إعلام بيئي مقاوم: من التوعية إلى بناء الصمود المجتمعي

أكادير 24

time٣١-٠٥-٢٠٢٥

  • أكادير 24

التفراوتي يدعو من مراكش إلى إعلام بيئي مقاوم: من التوعية إلى بناء الصمود المجتمعي

agadir24 – أكادير24 دعا الناشط البيئي محمد التفراوتي، إلى تعزيز دور الإعلام البيئي في مواجهة التغيرات المناخية وبناء الصمود المجتمعي، مؤكداً أن المرحلة الراهنة تقتضي تحولا نوعيا في الوظيفة الإعلامية لتواكب التحولات البيئية غير المسبوقة. و أكد التفراوتي في عرض قدّمه التفراوتي، اليوم السبت 31 ماي 2025، خلال اللقاء الإعلامي الجهوي المنظم بمراكش تحت شعار: 'الإعلام ودوره في تعزيز القدرة على الصمود المناخي'، والذي خُصص لبحث سبل انخراط الإعلام في تعزيز وعي بيئي مجتمعي مستدام، (أكد) أن الإعلام البيئي لم يعد مجرد ناقل للأخبار أو وسيلة للتحسيس، بل صار فاعلاً استراتيجياً في زمن الأزمات المناخية والاختلالات البيئية المتفاقمة، حيث تتطلب المرحلة إعلاماً قادراً على بناء الثقة بين العلم والمجتمع، وتحفيز التغيير الإيجابي. الإعلام في قلب العاصفة المناخية وأوضح المتحدث أن التغيرات المناخية لم تعد سيناريوهات نظرية، بل واقع يومي تعكسه حرائق الواحات المتكررة، وندرة المياه، وتآكل الغطاء النباتي، مشيرًا إلى أن هذه الوقائع تؤكد الحاجة لإعلام بيئي قادر على الربط بين الظواهر المناخية وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وسجّل أن الإعلام البيئي ينبغي أن يتحول من مجرد أداة تحسيسية إلى آلية لتمكين المجتمعات، من خلال تبسيط المفاهيم العلمية، ونقل المبادرات المحلية، وسرد قصص النجاح في مجالات التشجير، الزراعة المستدامة، الاقتصاد الأخضر، وحصاد المياه. فجوة التغطية المناخية في العالم العربي وفي تشخيصه لوضع الإعلام البيئي بالمنطقة العربية، أوضح التفراوتي أن التغطية البيئية تعاني من هامشية واضحة، حيث لا تحظى الأولوية في وسائل الإعلام العامة، ويواجه الصحفيون البيئيون نقصاً في التكوين والدعم المؤسسي والتمويل. وأشار إلى مبادرات دولية مهمة مثل اليونسكو، والاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، وشبكة Earth Journalism Network، والتي وفّرت فرصا لتكوين الصحفيين، غير أن الحاجة لا تزال ملحة لتوسيع القاعدة، وربط الصحفيين بالباحثين، وتمويل محتوى بيئي متعدد الوسائط. تجارب مغربية في الترافع البيئي سلّط التفراوتي الضوء على مجموعة من التجارب الميدانية المغربية في الترافع البيئي، من بينها تحقيقات صحفية حول تدهور الواحات وتأثير تغير المناخ على سبل العيش التقليدية، والتي ساهمت في لفت أنظار الرأي العام والجهات المسؤولة. كما أشار إلى المراسلات المفتوحة كأداة ضغط ناعم، من خلال توجيه رسائل إلى وزراء ومسؤولين حكوميين، للمطالبة بإدراج قضايا مثل حرائق الواحات، وانقراض الأنواع المحلية، وتراجع الغطاء النباتي، ضمن الأولويات الوطنية، مضيفاً أن هذه الرسائل نُشرت على منصات رقمية ووسائل إعلامية وأثّرت في جدول النقاش العمومي. واستعرض التفراوتي كذلك دور الإعلام البيئي المغربي على الساحة الدولية، من خلال مقالات نُشرت في شبكة EJN حول النزوح البيئي، والعدالة المناخية، وتحولات البيئة الواحية، وحوكمة الموارد الطبيعية، مؤكداً أن الإعلام المغربي استطاع أن يُسمع صوته في المنابر العالمية رغم الإكراهات. نحو إعلام بيئي مقاوم ومُمكّن وشدد المتحدث نفسه، على أن التحدي اليوم هو إرساء نموذج إعلام بيئي مقاوم، مدعوم بالعلم والمعرفة، ومستقل في خطابه، قادر على توجيه السياسات العمومية والمساهمة في صناعة القرار البيئي. واختتم التفراوتي عرضه بتقديم مجموعة من التوصيات التي وصفها بـ'العاجلة' لتعزيز حضور الإعلام البيئيو ذكر منها : إدماج الإعلام البيئي في المناهج التكوينية للمؤسسات التعليمية والصحفية. اعتماد سرديات إنسانية بيئية تقرّب القضايا من المواطنين بلغة بسيطة وعاطفية. تطوير محتوى تفاعلي على المنصات الرقمية يستهدف الشباب. تشجيع الصحافة البيئية الاستقصائية لمساءلة المسؤولين وتتبع الالتزامات المناخية. خلق شراكات دائمة بين الإعلاميين والعلماء والخبراء في مجالات البيئة والمناخ. خاتمة: الإعلام ليس ترفًا بل ضرورة وجودية وأكد محمد التفراوتي أن مواجهة التغيرات المناخية لا تكتمل بدون إعلام بيئي شجاع ومهني، محذراً من أن تجاهل هذا الدور يهدد بغياب حلقة الوصل بين المعرفة العلمية والوعي المجتمعي، داعياً إلى اعتبار الإعلام البيئي ضرورة وجودية لبناء مجتمعات قادرة على الصمود واتخاذ قرارات ذكية في زمن الأزمات المناخية. وفيما يلي تصريح محمد التفراوتي لأكادير 24 بخصوص هذا الموضوع :

ندوة علمية بسلا تناقش التدبير المستدام للغابات والموارد المائية بجهة الرباط – سلا
ندوة علمية بسلا تناقش التدبير المستدام للغابات والموارد المائية بجهة الرباط – سلا

صوت المواطن

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • صوت المواطن

ندوة علمية بسلا تناقش التدبير المستدام للغابات والموارد المائية بجهة الرباط – سلا

محمد التفراوتي في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الموارد الطبيعية بالمغرب، نظّم النادي المغربي للبيئة والتنمية، بشراكة مع المعهد الملكي للتقنيين المتخصصين في المياه والغابات بسلا، ندوة علمية يوم 29 أبريل 2025 تحت شعار: 'تحديات التدبير المستدام للغابة والموارد المائية بجهة الرباط – سلا – القنيطرة: أي دور للفاعلين والأطراف المعنية؟'. وقد جاء تنظيم هذا اللقاء العلمي تزامنا مع عدد من الأيام البيئية العالمية، أبرزها اليوم العالمي للماء، واليوم العالمي للغابة، واليوم العالمي للأرصاد الجوية، واقتراب الاحتفاء باليوم العالمي للتنوع البيولوجي. وهو ما أضفى على الندوة بعدا رمزيا يعكس الترابط العضوي بين هذه المنظومات البيئية، ويبرز الحاجة الملحة إلى نهج مقاربة مندمجة في تدبيرها. في كلمته الافتتاحية، رحب السيد نور الدين عميرات، مدير المعهد الملكي، بانعقاد هذه الندوة المشتركة مع المجتمع المدني، مؤكدا على أهمية تكامل الأدوار بين مؤسسات التكوين والمجتمع المدني والجهات الوصية على الموارد الطبيعية، بغية تعزيز الوعي وترسيخ ثقافة الاستدامة. وأبرز السيد محمد فتوحي، رئيس النادي المغربي للبيئة والتنمية، السياق البيئي العام الذي يشهده المغرب، خاصة جهة الرباط – سلا – القنيطرة، مشيرا إلى أن المغرب انتقل من مرحلة وفرة الموارد إلى وضعية خصاص ثم ندرة، خاصة في ما يتعلق بالماء والغطاء الغابوي، بفعل التغيرات المناخية والاستغلال غير المستدام. ودعا إلى اعتبار هذه الأزمة فرصة لتعزيز التنسيق وتفعيل الحلول المبتكرة. الجلسة العلمية الأولى: تشخيص الواقع البيئي بين المؤهلات والإكراهات خصصت هذه الجلسة لتحليل الوضع البيئي الراهن بالجهة من منظور علمي ومجالي. استهلها الأستاذ عبد الرحمان عافي بعرض معمق حول المؤهلات الطبيعية للجهة، مؤكدا غناها بالغابات والشبكات المائية، وكذا تنوعها البيولوجي الفريد. كما أشار إلى الضغط المتزايد على هذه الموارد بفعل التوسع العمراني، وتزايد الكثافة السكانية، والتغيرات المناخية المتسارعة. بعده، تناول السيد الحسين جديرة، رئيس مصلحة المحافظة وتنمية الموارد الغابوية بالمديرية الجهوية للمياه والغابات، الوضع الراهن للثروة الغابوية، مستعرضا استراتيجية 'غابات المغرب 2020 – 2030″، التي تقوم على أربعة محاور رئيسية: التهيئة المجالية التشاركية، إشراك الجماعات المحلية، إدماج الرقمنة، والإصلاح المؤسسي. وسلط الضوء على أهمية غابة المعمورة بوصفها من أكبر الغابات الفلينية في العالم، وكذا دور الغابات الحضرية في التخفيف من آثار التغيرات المناخية، وتحسين جودة الحياة. الجلسة الثانية: حلقة حوارية (PANEL) حملت الجلسة الثانية عنوان 'وضعية قطاع الماء والغابات بالجهة: التحديات والفرص والآفاق'، وأدارها الأستاذ محمد فتوحي، بمشاركة ممثلين من المكتب الوطني للكهرباء والماء، وكالة الحوض المائي لأبي رقراق، المجتمع المدني، وأطر المعهد الملكي، وممثل عن الاتحاد الدولي لصون الطبيعة. تركز النقاش حول إشكالية الماء الصالح للشرب، خصوصا في ظل التغيرات المناخية التي أثرت على مستوى حقينة السدود وتدفق المياه الجوفية. كما ناقش المتدخلون تحديات التدبير المندمج للموارد المائية. وأهمية التوعية البيئية، وتثمين الموارد الطبيعية عبر حلول قائمة على الطبيعة. أبرز النقاط التي طرحت تمثلت في ضرورة تعزيز الشراكات بين الفاعلين العموميين والمحليين، ودعم البحث العلمي الميداني، وتحقيق انسجام مؤسساتي يضمن الالتقائية بين البرامج العمومية. التربية البيئية: من التنظير إلى الممارسة واختتمت أشغال الندوة بجولة ميدانية داخل مرافق المعهد الملكي، شملت مشتل إنتاج الشتلات، مركز الفروسية، وأماكن تربية الطيور، إضافة إلى تنظيم ورشات عملية لغرس الأشجار. وقد شكلت هذه الأنشطة فرصة لترسيخ مفاهيم التربية البيئية لدى المشاركين من خلال الربط بين الجانب النظري والممارسة الميدانية. توصيات عملية نحو حكامة بيئية رشيدة خرج المشاركون في ختام الندوة بمجموعة من التوصيات الهادفة إلى تعزيز الحكامة البيئية المستدامة على مستوى جهة الرباط سلا القنيطرة حيث أكدوا على أهمية تبني مقاربة مندمجة لتدبير الموارد الطبيعية تأخذ بعين الاعتبار الترابط بين الماء والغابة والتنوع البيولوجي. كما دعوا إلى تعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين من مؤسسات عمومية ومجتمع مدني وجماعات ترابية عبر إرساء آليات دائمة وفعالة للتشبيك وتبادل الخبرات. وشددوا على ضرورة دعم برامج التوعية والتحسيس الموجهة إلى فئات الشباب والنساء والساكنة القروية قصد ترسيخ الثقافة البيئية في السلوك اليومي. وأوصوا بتعزيز البحث العلمي التطبيقي وربطه ببرامج التخطيط المجالي من أجل تطوير حلول مبتكرة وملائمة للسياق المحلي. كما تم التأكيد على أهمية توفير الموارد المالية والتقنية الكفيلة بدعم جهود إعادة التشجير وترميم الغطاء الغابوي مع إعطاء الأفضلية للأصناف المحلية المقاومة للتغيرات المناخية. ودعا المشاركون إلى مراجعة الإطار القانوني المنظم لقطاعي المياه والغابات بما يواكب التحولات البيئية والاجتماعية. وأجمعوا على أهمية الاستثمار في الحلول المبنية على الطبيعة لتقوية قدرة المنظومات البيئية على الصمود والتكيف مع الأزمات المناخية. كما اقترحوا تفعيل التربية البيئية الميدانية من خلال تنظيم زيارات ميدانية إلى الفضاءات الطبيعية والغابات والمناطق الرطبة لفائدة التلاميذ والطلبة. ونبهوا إلى ضرورة التكوين المستمر لفائدة الموارد البشرية العاملة في ميادين الماء والغابات والتنوع البيولوجي من أجل رفع كفاءتها وتعزيز جاهزيتها في مواجهة التحديات البيئية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store