logo
هل إيلون ماسك مصيرنا؟

هل إيلون ماسك مصيرنا؟

الوطن١٧-٠٢-٢٠٢٥

في انحسار الزمن تحت ثقل الإنتروبيا - الإنتروبيا مصطلح اخترعه لأول مرة رودولف كلاوزيوس. لكنه لم يعطِ لا هو ولا غيره تعريفاً واضحاً له، حتى أدخل بولتزمان عليه مفهوماً إحصائياً بحتاً. فالإنتروبيا باختصار شديد هي مقياس لفوضى نظام معيَّن - وفي انشطار الوجود بين التلاشي والخلق، ينسج جان فرانسوا ليوتار في «أخلاقيات ما بعد الحداثة» سردًا يستشرف انهيار النظام كما نعرفه، أو بالأحرى، استحالته إلى صورة أخرى لا تعترف بمقاييس الحداثة. الحكاية ليست إلا انعكاسًا لنزاع كوني بين مبدأين: الأول هو التفكك الحتمي الذي تفرضه قوانين الإنتروبيا، والثاني هو القفزات العشوائية نحو نظام جديد يتشكل وفق احتمالات نادرة وغير متوقعة. في هذه المعادلة، الإنسان ليس سوى عارضٍ زائل، يتذبذب بين عقلٍ يشكل الواقع وواقعٍ يعيد تشكيل العقل.
لكن الأزمة التي يكشفها ليوتار ليست أزمة مستقبل بعيد، بل هي أزمة راهنة، تتجلى في اهتزاز الحقيقة، في تقويض الدولة وسيادتها، وفي تآكل الأشكال السياسية التي بدت لوهلة وكأنها انتصار للعقلانية والحرية. الديمقراطية، ذلك المشروع الذي ظن الحداثيون أنه الغاية المثلى، لم تعد أكثر من فكرة تائهة في فضاء لا يكترث إلا لفاعلية القوة وسرعة الانتقال بين الأنظمة.
يتجسد هذا التحول في لحظةٍ معاصرةٍ من خلال صعود نموذج جديد للسلطة، يجسده إيلون ماسك كأيقونة للنظام ما بعد السياسي. بدأ مساره من افتتان بالسفر إلى الفضاء، لكنه لم يكن افتتانًا علميًا بقدر ما كان مشروعًا لإعادة تشكيل الواقع وفق شروط رأس المال المطلق. المريخ ليس مجرد كوكب، بل هو استعارة لحلم الفناء وإعادة الولادة، حلم يتجاوز الدولة والقانون والمجتمع، حيث لا يبقى سوى ملكية فردية تعيد تعريف السياسة كمنظومة تعاقدية محضة. في هذا العالم، المؤسسات والتاريخ وحتى الإنسان ليسوا سوى متغيرات مؤقتة في معادلة السيادة المطلقة.
إيلون ماسك بهذا المعنى ليس شخصًا بل ظاهرة: تكثيف لعناصر العدمية النشطة تلك التي لا تؤمن بالإصلاح بل تعمل على تسريع انهيار القائم بغرض كشف بنيته التحتية، وتحويله إلى مادة خام لمشروع هيمنة بلا حدود. إنه يسعى إلى مضاعفة الفوضى بحيث تولد منها طاقة جديدة تعيد تشكيل علاقات القوة وفق منطق السوق، حيث لا وجود للأمم بل شبكات، ولا وجود للحدود بل فضاءات سيولة بلا نهاية.
هذا الحلم التكنوقراطي لا يضع اختيارات بقدر ما يخلق احتمالات قابلة للتسريع. فالمجتمع المدني كما نعرفه، لا مكان له على المريخ، تمامًا كما لا مكان له في عالم تحكمه المنصات الرقمية وعقود الملكية المطلقة. الأرض، من منظور هذا المشروع، لم تعد سوى محطة مؤقتة، ميدان تجارب لخلق الفراغ المدني الذي سيُعاد إنتاجه لاحقًا في الفضاء الخارجي.
الاستبدال هنا هو القاعدة، والكلمات التي شكلت روح الحداثة- الحرية، المساواة، الإخاء- لم تعد إلا علاماتٍ فارغة، هاشتاقات تتكرر ضمن دوائر مغلقة، لا تحيل إلى مرجع حقيقي سوى آلية اشتغالها الخاصة. هكذا تتحول الشبكات الاجتماعية إلى مساحات تتلاشى فيها الحقائق، حيث تصبح المعلومة مجرد ضوضاء اتصال، ويصبح الزمن السياسي مشوهًا تحت وطأة اللحظة الفورية. فالتاريخ نفسه، كما كان يُبنى على صراعات وتحولات، يُعاد تشكيله اليوم كحدثٍ شبكي بلا ذاكرة.
لكن هذا لا يعني أن مشروع ماسك استبدادي بالمعنى التقليدي، فهو لا يؤمن بالحكم بقدر ما يؤمن بتفكيك البنى التي تجعل الحكم ممكنًا. إنه لا يسعى إلى السلطة كغاية، بل إلى خلق منظومة تكون فيها السلطة بلا مركز، حيث تتكاثر مراكز القوة ضمن شبكة تتوسع كالفيروس، تتجاوز الحدود، وتتلاعب بمفاهيم السيادة كما يتلاعب رأس المال بالمجتمعات.
صلب هذه الرؤية ليس التكنولوجيا في حد ذاتها، بل مفهوم الزمن الذي يُعاد تشكيله وفق شروط رأس المال المطلق. الفورية هي القانون الجديد: لا انتظار، لا تخطيط، بل استثمار اللحظة بوصفها فرصة للتوسع. كل شيء يجب أن يحدث الآن، وبأقصى سرعة ممكنة. حتى الحروب، حتى الأزمات، ليست سوى وقود لهذه العملية.
في قلب هذا المشهد، يصبح الإنسان- أو دماغه- مجرد كيان قابل للاستبدال، شبكة من الذبذبات العصبية التي يمكن محاكاتها أو تجاوزها. وإذا كان ديكارت قد قال «أنا أفكر، إذن أنا موجود»، فإن ما بعد الحداثة التكنوقراطية تهمس: «أنا متصل، إذن أنا قابل للاستبدال». الإنسان لم يعد هو المركز، بل بات هامشًا في معادلة لا تبحث عن الثبات، بل عن التحول المستمر.
هكذا، يقف إيلون ماسك ليس كمبتكر بل كمهندس للفراغ: حيث لا تبقى السياسة سوى ظلٍ باهتٍ لمشروع أكبر، مشروع يمحو الحدود بين الافتراضي والحقيقي، ويحوّل العالم إلى مختبر دائم لإعادة إنتاج الهيمنة بوسائل لم تعد تحتاج إلى العنف التقليدي، بل تكتفي بخلق شروط الاستغناء عن كل ما كان يبدو يومًا ضروريًا. في هذه الرؤية، لا مكان للتاريخ، ولا مكان للإنسان، بل فقط تسارعٌ بلا وجهة، حيث يصبح العالم كله مادة أولية لحلمٍ تكنوقراطيٍ بلا نهاية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ملايين المشاهدات عبر "إكس" لأغنية تمجد هتلر لكانييه ويست
ملايين المشاهدات عبر "إكس" لأغنية تمجد هتلر لكانييه ويست

Independent عربية

timeمنذ 4 أيام

  • Independent عربية

ملايين المشاهدات عبر "إكس" لأغنية تمجد هتلر لكانييه ويست

حققت أغنية "هيل هتلر" (Heil Hitler) للمغني الأميركي كانييه ويست ملايين المشاهدات على منصة "إكس" المملوكة لإيلون ماسك منذ إصدارها في الثامن من مايو (أيار) الجاري، على رغم حظر الأغنية من منصات رئيسة أخرى مثل "يوتيوب". وبعدما حقق هذا الفنان الذي بات يعرف باسم "يي" شهرة بفضل أغانيه التي نال من خلالها 24 جائزة غرامي، أطلق المغني سلسلة تصريحات معادية للسامية ومؤيدة للنازية في السنوات الأخيرة. وعلى حسابه في منصة "إكس"، حقق المقطع الذي نشر في ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما يقارب 10 ملايين مشاهدة حتى الأحد. وتظهر في الأغنية مجموعة من الأميركيين السود يرتدون جلود الحيوانات ويرددون عنوان الأغنية الذي يحيي أدولف هتلر، مهندس إبادة نحو ستة ملايين يهودي في أوروبا بين عامي 1933 و1945. وتنتهي الأغنية بخطاب ألقاه الديكتاتور النازي. وبحسب بيان نقلته محطة "أن بي سي نيوز" الأميركية قررت "يوتيوب" "إزالة المحتوى" المذكور، مؤكدة أنها ستواصل "إزالة التحميلات الجديدة" للأغنية من منصتها. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقالت شبكة التواصل الاجتماعي "ريديت" للوسيلة الإعلامية نفسها إنها ستزيل أي تحميلات للأغنية من المنصة. وقال ناطق باسم الموقع "الكراهية ومعاداة السامية ليس لها مكان على الإطلاق على ريديت". وأزيلت الأغنية أيضاً من منصتي البث الموسيقي الرئيستين سبوتيفاي وآبل ميوزيك. منذ استحواذه على "تويتر" في أواخر عام 2022، قرر إيلون ماسك السماح بخطاب الكراهية والمعلومات المضللة على المنصة التي بات اسمها "إكس". وينصب أغنى أغنياء العالم نفسه مدافعاً عن حرية التعبير، لكن منتقديه يتهمونه بالترويج لمعتقداته السياسية الخاصة. وأصبح رئيس شركتي "تيسلا" و"سبايس إكس" حليفاً وثيقاً لدونالد ترمب خلال الحملة الرئاسية الأميركية لعام 2024، وخصص 277 مليون دولار من ثروته الشخصية لدعم المرشح الجمهوري وحزبه. ولم ترد "إكس" على الفور على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية في الموضوع. في فبراير (شباط) الماضي أعلن كانييه ويست عزمه الانكفاء عن منصة "إكس"، حيث اختفى حسابه لأيام، ولم يتضح بعد إذا كان قد تم حظره أو أن المغني ألغى الحساب بنفسه. وقبل ذلك بفترة وجيزة، كان قد نشر رسائل معادية للسامية مثل "أنا أحب هتلر"، وأعرب عن دعمه لمغني الراب شون كومز، المعروف أيضاً باسم "بي. ديدي"، والذي يخضع للمحاكمة حالياً في نيويورك في قضية كبرى تتعلق بالاتجار بالجنس. كذلك جرى إغلاق موقع العلامة التجارية للأزياء "ييزي" في فبراير من جانب منصة "شوبيفاي"، بعدما طرح عليها للبيع قمصاناً بيضاء عليها صليب معقوف. وفي خريف عام 2022 كان كانييه ويست الذي يقول إنه يعاني الاضطراب ثنائي القطب، أدلى بتصريحات معادية للسامية. وجرى تعليق حساب الفنان على "تويتر" بسبب "التحريض على العنف" بعد نشر صورة تظهر صليباً معقوفاً متشابكاً مع نجمة داوود. وأعيد تفعيل حسابه لاحقاً بواسطة الشبكة الاجتماعية التي اشتراها إيلون ماسك. كذلك، قررت شركة المعدات والألبسة الرياضية "أديداس" إنهاء تعاونها مع مغني الراب، أحد أنجح نجوم عالم الموضة.

بالفيديو .. روبوت تسلا يرقص ويتمايل برشاقة كالبشر!
بالفيديو .. روبوت تسلا يرقص ويتمايل برشاقة كالبشر!

صحيفة مال

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • صحيفة مال

بالفيديو .. روبوت تسلا يرقص ويتمايل برشاقة كالبشر!

نشر الملياردير الأمريكي إيلون ماسك مقطع فيديو أظهر فيه قدرات حركية فريدة لروبوت Optimus الذي تطوره شركة تسلا. ووفقا لـ RT يظهر في المقطع كيف استطاع الروبوت تأدية رقصات مميزة، تمايل فيها بحركات رشيقة تشبه حركات البشر إلى حد كبير. ووعد ماسك محبي الروبوتات أن شركة تسلا هذا العام ستكون قادرة على إنتاج ما بين 50 و100 ألف روبوت من نوع Optimus، وخصوصا أنها بدأت باستخدام هذه الروبوتات في مصانعها للاعتماد عليها في العديد من المهام. اقرأ المزيد تم تصميم Optimus في الأصل ليكون روبوتا شبيها بالبشر متعدد الاستخدامات، وكشفت شركة تسلا عن نماذج له العام الماضي، مشيرة إلى أن هذه الروبوتات قادرة على مساعدة الإنسان في العديد من المهام، مثل الأعمال في المصانع، وحتى المهام المنزلية. ويظهر مقطع الفيديو الذي نشر مؤخرا قدرات هذا الروبوت على القيام بحركات معقدة كان يعتقد أن الروبوتات لا تستطيع القيام بها، ما يدل على عزم تسلا تطوير أجيال جديدة من الروبوتات المتطوّرة من جميع المقاييس.

توأما أمبر هيرد يثيران الجدل من جديد.. والأنظار تتجه نحو إيلون ماسك
توأما أمبر هيرد يثيران الجدل من جديد.. والأنظار تتجه نحو إيلون ماسك

الرجل

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الرجل

توأما أمبر هيرد يثيران الجدل من جديد.. والأنظار تتجه نحو إيلون ماسك

أثارت الممثلة الأمريكية أمبر هيرد موجة مفاجئة من الجدل بعد إعلانها ولادة توأمين — فتاة وصبي — عبر منشور على حسابها في "إنستجرام"، دون أن تكشف عن هوية والد الطفلين. لكن، وفقًا لما نشرته صحيفة Daily Mail البريطانية، بدأت التكهنات تتصاعد بسرعة، وتُشير أصابع الاتهام إلى الملياردير إيلون ماسك. علاقة قديمة وأسرار مجمدة الصحيفة أشارت إلى أن السبب الرئيس وراء هذه الشكوك يعود إلى تاريخ العلاقة التي جمعت ماسك وهيرد بين عامي 2016 و2018، والتي لم تكن مجرد قصة عاطفية عابرة، بل شابتها تكهنات حول تجميد أجنة خلال فترة ارتباطهما. ووفقًا لإفادة قانونية سابقة قُدّمت في قضية التشهير التي رفعها جوني ديب ضد هيرد، فقد ذكرت جينيفر هاول، زميلة شقيقة هيرد، أن الأخيرة كانت في نزاع قانوني مع ماسك حول مصير الأجنة المجمدة، إذ أراد ماسك التخلص منها بينما كانت هيرد تصرّ على الاحتفاظ بها. توقيت الولادة... وعلامات غير عشوائية بحسب "ديلي ميل"، فإن الولادة جاءت قبل موعدها بنحو شهر، ويُرجح أن التوأم وُلدا عبر أم بديلة في الولايات المتحدة — تمامًا كما أنجبت هيرد ابنتها الأولى أوناغ عام 2021. وبما أن هيرد تقيم حاليًّا في مدريد، حيث تُحظر عمليات تأجير الأرحام قانونًا، فإن خيار الولادة في أمريكا يبدو مرجحًا من حيث التوقيت والإجراءات. توأم أمبر هيرد يثير الجدل من جديد.. والأنظار تتجه نحو إيلون ماسك الصحيفة لم تتوقف عند خلفية العلاقة، بل أشارت إلى أن ماسك أعلن صراحةً في أكثر من مناسبة أن إنجاب عدد كبير من الأطفال هو "مهمة شخصية"له. وكشفت تسريبات حديثة أنه قال للمؤثرة آشلي سانت كلير إن عليهما "الاستعانة بأمهات بديلات" لإنجاب أكبر عدد ممكن من الأطفال، هذه التصريحات تعزز الشكوك حول احتمالية دعمه لأمبر هيرد في قرارها الأخير. اقرأ أيضًا: إيلون ماسك يسعى لتحسين صورة X بعد موجة الانتقادات ما لا تقوله أمبر... يتحدث عنه الجمهور المنشور الذي شاركته هيرد على "إنستجرام" اقتصر على صورة لأقدام الطفلين الصغيرين، دون أي تفاصيل عن الأب، لكن ذلك لم يمنع الجمهور من إطلاق سيل من التعليقات التي تربط ماسك بالولادة. وتساءل كثيرون: "لماذا لم تكشف عن الأب؟" و"هل هي ثمرة نزاع الأجنة؟"، بينما اكتفى البعض بالإشارة إلى ماسك مباشرة. ومع أن هيرد لم تؤكد أو تنفي هذه الفرضيات، فإن توقيت الإعلان، وسابقة الخلاف حول الأجنة، وعلاقة الصداقة المستمرة مع ماسك، جميعها تجعل من فرضية "أبوة إيلون ماسك" للتوأمين أمرًا أقرب إلى الاحتمال منه إلى الخيال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store