
قوة البحث الإجرائي في مواكبة المعلم أفضل ممارسات التعلم والتعليم
نعيش في عصر تغيراته أصبحت سريعة جدًّا، ومواكبة هذه التغيرات أمر يحتاج إلى ممارسات عملية تستوعب أطرافه المختلفة، لا سيما عصر الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الكثيرة والمتطورة بسرعة هائلة جدًّا، وفي سباق غير معهود بين الدول المتقدمة والشركات ذات العلاقة. وبما أن الميدان التربوي جزء لا يتجزأ من هذا الحراك العالمي، وأكاد أجزم أنه العنصر الأكثر تأثرًا وتأثيرًا فيه، كما أن المعلم والطالب العنصران الأساسان في منظومة التعلم والتعليم، وفي الوقت الذي يؤكد فيه جون هاتي أن المعلم هو الأكثر تأثيرًا في تعلّم الطلبة، نجده أمام تحديات كبيرة نتيجة المتغيرات السريعة من حوله وأولها الطالب. فالمعلم إن لم يعمل بجد وبشكل حثيث على تطوير معارفه – المهارات الصلبة Solid Skills – ومهاراته وممارساته التدريسية Soft Skills- وكذلك اتجاهاته وقيمه Values and Attitudes – سيصبح (المعلم) كالجوال الذكي الذي لم يحدّث نظامه التشغيلي (برامجه) Software، وعلى ذلك فإن طالب اليوم (يشبه بالتطبيقات والبرامج الجديدة) بتنوع معارفه، وأنماط تفكيره، وتفضيلاته التعلمية، وخبراته السابقة وتجاربه المتنوعة والعديدة، وقيمه واتجاهاته وتعدد الذكاءات والاهتمامات التي تتطور وتتغير ويعاد ترتيبها يومًا بعد يوم، فإن المعلم بذلك يصبح غير قادر على تقبل هذه التطبيقات (الطلبة). وبهذا فإن التنمية المهنية للمعلمين أصبحت جواز السفر لدخول الحرم الأكاديمي وممارسة التعلّم والتعليم، فهي ليست مطلبًا، بل ضرورة مهنية على التربويين وخصوصًا المعلمين. من هنا جاء هذا المقال البسيط ليُسلّط الضوء على واحدة ربما تكون من أفضل الممارسات التي تجعله مواكبًا للمتغيرات في بيئة عمله وهي البحث الإجرائي (Action Research).
وبعض التربويين يوظف ما يسمى بالبحث الاستقصائي (Inquiry Research)، فيما يستخدم البعض مصطلح Capstone. حيث يعتبر بحثًا علميًّا، لكنه يمثل نمطًا للبحوث التطبيقية التي تستهدف اختبار الفروض والنظريات واستخدام النتائج المترتبة عليها في حل المشكلات العملية وفق محددات متعددة كحجم العينة، ومدة التطبيق، وصدق وثبات الأدوات المستخدمة في جمع البيانات.
ويهدف البحث الإجرائي إلى ربط النظرية بالتطبيق، ما يتيح للمعلم فرصة تعديل الأطر الفكرية للنظريات التربوية، وقد يتم تعديل بعض المقررات التعليمية في ضوء نتائج البحوث التي يجريها المعلمون في الميدان. وبهذا فإن البحث الإجرائي يحفز المسؤولية الذاتية للمعلم، ويطور مهاراته من خلال بحث وتحليل المشكلات الحقيقية التي تواجهه داخل الصف، وهو ما يقود إلى تحسن أدائه ودافعيته تجاه مهنته.
السؤال المهم هنا، لماذا البحث الإجرائي للتربويين؟ وكيف يمكن أن يكون فعّالًا في إحداث التغيير المطلوب؟
يجمع معظم التربويين على أن الهدف الأساس من البحث الإجرائي في التعلم والتعليم هو تحديد التحديات داخل الغرفة الصفية وتطوير حلول عملية مبنية على ممارسات قائمة على الأدلة. ومن خلال تبني البحث الإجرائي، يمكن للمعلمين تحسين منهجياتهم والمناحي والاستراتيجيات التعليمية باستمرار. وهذا سيساعد المعلمين في تحسين ممارسات التدريس، ويسمح بتقييم ما يحدث في الصف بشكل ناقد، مستنتجًا أثر التغييرات البسيطة على نجاح الطلبة وتحسين أدائهم، كما يساعد البحث الإجرائي على التخطيط والتنظيم والتأمل في الممارسات.
في ضوء ما تقدّم يشير العديد من المهتمين في الشأن التربوي إلى أن نجاح هذا التوجه يعتمد على مجموعة من العناصر، أهمها الدافعية الداخلية (الذاتية) للمعلم بحيث يكون الحافز لإجراء البحث نابعًا نتيجة إحساسهم بالمسؤولية تجاه ممارساتهم التدريسية. بالإضافة إلى العمل الجاد على تبني هذه الممارسة – البحث الإجرائي – بشكل منظم وممنهج بحيث تُمارس وفقاً للمنهجية العلمية والاستقصاء العلمي، مع توفر المرونة والابتكار من قبل المعلمين، وأن تصبح البحوث جزءًا مهمًّا من عناصر الممارسة المهنية للمعلمين. وهذا بالطبع يؤدي إلى تشجيع المعلمين على التأمل في الممارسات ونتائجها وربطها بالعوامل التي تحدث الفرق – وربما هنا نوظف قانون باريتو (20/80) والعمل على تطوير وتعديل ما وراءه من معارف نظرية واتخاذ القرارات المناسبة تجاهها. وهذا في النهاية يخلق ثقافة التناوب مع الممارسة بحيث تصبح عملية مستمرة لا تنتهي بالتوصل إلى فهم الظواهر وتعديل الممارسات، بل تؤدي لمزيد من البحث للقيام بالممارسات الجديدة واختبارها، ما يضفي عليها علاقة تتسم بالتجدد والاستمرارية.
تقوم فكرة البحث الإجرائي – Action Research – على أن المعلم متعلم ذاتي ومتعلم مدى الحياة. فهو يتبنى هذه الثقافة كوسيلة فعّالة يستخدمها في الغرفة الصفية كما يستخدم الطبيب في غرفة المعاينة الأدوات والأجهزة وطلب الفحوصات المتنوعة لتشخيص المريض ومن ثم اتخاذ القرار في تقديم العلاج المناسب. وهنا يعمل المعلم على جمع بيانات أولية يشخص فيها مشكلة محددة لفئة معينة من الطلبة ويقرأ عنها وما هي أفضل الممارسات المتوفرة في الأدب عالميًّا، إقليميًّا ومحليًّا، ومن ثم التفكير في توظيف إحدى هذه الاستراتيجيات بما يتوافق مع متغيرات البيئة التعليمية – المدرسية والصفية للمعلم والطلبة – ويعيد بناء المحتوى المعرفي وفق تلك الاستراتيجية، ويبني أدوات لجمع البيانات المرتبطة بالمشكلة التي تم تشخيصها عند الطلبة وبما يتوافق مع النتاجات المستهدفة، وبعد ذلك البدء بالتنفيذ (التدخل المناسب) وما يصاحبه ويتبعه من جمع البيانات المتنوعة – الكمية والنوعية – ذات العلاقة وبعد ذلك تنظيم وترتيب البيانات وتحليلها ومن ثم التوصل إلى النتائج من جدوى – دور أو فاعلية – الاستراتيجية - على حل المشكلة.
ومن المأمول من هذه الممارسات أن تغير من فكر وثقافة المعلم ونظرته إلى مهنته والخروج من الصندوق كليًّا وليس التفكير خارجه فقط. حيث المعلم يسعى باستمرار إلى التطور والبحث عن أفضل الممارسات في بناء جيل متكامل (معرفيًّا، مهاريًّا، وقيميًّا)، بالإضافة إلى دوره الفعال في تعزيز دور البيئة المدرسية وإشراكها في ذلك ونقل هذه الثقافة – العدوى الحميدة – إلى الزملاء في المجتمع الأكاديمي وخلق ثقافة وحراك عام وتبادل الخبرات والتجارب بما يعزز تعلم الطلبة وبناء جيل مواكب لمتطلبات العصر وتغيراته السريعة، وبالتالي تقديم مخرجات متسلحة بمتطلبات سوق العمل ولديها القدرة على التكيف والمرونة بما يحقق نتاجات أكثر إبداعًا.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن هناك العديد من مؤسسات التعليم العالمية الراقية المعنية بإعداد المعلمين وتأهيلهم، والتي تتبنى هذه الثقافة باعتبارها من أفضل الممارسات في تعزيز قدرات المعلمين المهنية التي تخلق منه متعلمًا ذاتيًّا ومدى الحياة ومواكبًا لأفضل وأحدث ممارسات التعليم والتعلم في العالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

يمرس
منذ 28 دقائق
- يمرس
حيدر اليمن وسيد الحكام العرب
كما كشفت الديناميكيات الجديدة التي تحكم التوجهات العربية إزاء القضية الفلسطينية فبينما تمسكت بعض الدول العربية بمواقفها التقليدية الداعمة للحقوق الفلسطينية عبر التصريحات الرسمية والتحركات الدبلوماسية اتجهت أخرى نحو تبني مقاربات أكثر "براغماتية" تراوحت ما بين الوساطة الدبلوماسية والاكتفاء ببيانات الشجب والتنديد، والانخراط في مسارات التطبيع التي باتت تُلقي بظلالها على المشهد الإقليمي في المقابل برزت الجمهورية اليمنية بقيادة السيد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي بمواقف استثنائية تجاوزت الإطار الخطابي إلى خطوات عملية غير مسبوقة في السياق العربي الحديث فإلى جانب تبني مواقف سياسية منددة فرضت حظراً بحرياً على السفن المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة الواقعة تحت سيطرة الكيان الإسرائيلي الغاصب عبر باب المندب ثم تطور الموقف إلى التدخل العسكري من خلال العمليات العسكرية المباشرة ضد الكيان الغاصب وشمل ذلك استهداف مواقع استراتيجية داخل فلسطين المحتلة ، ثم تطور الموقف إلى استهداف السفن الأمريكية وذلك بعد اعتراف الأخيرة بدعمها المباشر وتدخلها العسكري مع الكيان الغاصب وأخيرًا قام رجال الله بفرض حصار جوي على الكيان الغاصب وذلك بالاستهداف المتكرر لمطار اللد (بن غريون) وبعد أن أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بالتورط بشن غارات على مواقع مختلفة في اليمن تلقت بالمقابل ضربات قوية وغير متوقعة لحاملات طائراتها ومعداتها الحربية في البحر الأحمر وتم إسقاط العديد من طائراتها التي تعد فخر صناعتها الحربية في أجواء اليمن والبحر الأحمر كل هذا جعل من أعظم دولة عسكريًا تقف عاجزة أمام الصمود والقوة اليمنية مما اضطرها للاستسلام والخضوع واللجوء إلى إبرام اتفاق مع رجال الرجال في اليمن وتخلت لفظياً وفعلياً عن أكبر حليف لها في منطقة الشرق الأوسط وهي إسرائيل. لكن حكام العرب ما يزالون مستمرين في الخضوع والذل وتقديم الجزية لترمب ودولته المجرمة على حساب القضية الفلسطينية والمستضعفين في غزة وقد ظهر هذا جلياً من خلال استقبالهم له وخطاباتهم معه ووصفهم له بأرقى وأجمل العبارات وتقديم الأموال الطائلة له تحت مُسمى الاستثمارات والتي نعرف جيداً بأنها استثمارات وهمية وإن كانت حقيقة فهي تصب بالدرجة الأولى في صالح الولايات المتحدة الأمريكية بينما يوجه له السيد القائد عبدالملك الحوثي في خطاباته أقسى العبارات وأشدها وأكثرها تناسباً معه كترمب الكافر أو العجوز الأرعن والمجرم وغيرها من العبارات التي تجعل كل حكام العرب مندهشين من قوة العبارات التي يستخدمها السيد عبدالملك وما يقابلها من صمت أمريكي إزاء هذه الكلمات المهينة بحق من يعتبرونه ربهم الأعلى، وكذلك دعوته دائمًا إلى مقاطعة البضائع الأمريكية. يتجلى لنا من خلال ما سبق سرده قوة الإيمان والعزة والشموخ والرحمة والرأفة والإسناد للمؤمنين والمستضعفين والشدة والغلظة على الكفار وما يقابلها من ضعف إيمان أو انعدامه لدى البعض وخنوع وخضوع ومهانة وذل أمام الكفار والشدة والغلظة واللامبالاة تجاه المؤمنين والمستضعفين من أبناء الأمة الإسلامية الذين يعتبرون قادة لهم، فلله الحمد والمنة على نعمة الإيمان والقيادة والمشروع القرآني.


مستقبل وطن
منذ 28 دقائق
- مستقبل وطن
مائل للحرارة على السواحل الغربية.. تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين
توقع خبراء هيئة الأرصاد الجوية أن يشهد اليوم الإثنين طقسًا شديد الحرارة نهارًا على القاهرة الكبرى، والوجه البحري، والسواحل الشرقية، وجنوب سيناء، وجنوب البلاد، مع طقس مائل للحرارة على السواحل الغربية، فيما يكون الطقس معتدلاً ليلاً على أغلب أنحاء البلاد. النشرة الجوية: تستمر الرياح مثيرة للرمال والأتربة على مناطق من الصحراء الغربية، وجنوب البلاد، بالإضافة إلى المناطق المكشوفة في القاهرة الكبرى، والوجه البحري، والسواحل الغربية، ومدن القناة، على فترات متقطعة. حالة البحر: البحر المتوسط: مضطرب، وارتفاع الموج يتراوح بين مترين ونصف إلى أربعة أمتار، مع رياح شمالية غربية سطحية. البحر الأحمر: معتدل، وارتفاع الموج من متر ونصف إلى مترين، والرياح السطحية شمالية غربية. درجات الحرارة المتوقعة في بعض المدن المصرية: المدينة العظمى (°م) الصغرى (°م) القاهرة 40 21 العاصمة الإدارية 41 22 6 أكتوبر 41 22 الزقازيق 40 25 الإسكندرية 26 18 شرم الشيخ 40 27 الأقصر 43 26 أسوان 43 26 درجات الحرارة في بعض العواصم العربية: المدينة العظمى (°م) الصغرى (°م) مكة 43 30 الرياض 42 27 أبوظبي 42 32 الكويت 45 30 بيروت 27 24 دمشق 36 21 درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم: المدينة العظمى (°م) الصغرى (°م) إسطنبول 20 14 نيودلهي 37 29 روما 26 14 باريس 19 12 نيويورك 22 13


بوابة الفجر
منذ 35 دقائق
- بوابة الفجر
أبطال فيلم "ريستارت" يدخلون على السجادة الحمراء بـ " عربية ربع نقل"
أقيم العرض الخاص لفيلم ريستارت بأحد المسارح في مدينة السادس من أكتوبر، استعدادًا لطرحه بالسينمات يوم 29 من شهر مايو الجاري. وحرص أبطال العمل على الدخول إلى السجادة الحمراء بعربية ربع نقل "تمنايه" يقودها محمد ثروت وبجانبه تامر حسني وباقي فريق العمل. قصة فيلم ريستارت يحلم "محمد" تامر حسني مهندس بسيط يعمل في صيانة الهواتف، بالزواج من عفاف "هنا الزاهد "فتاة طموحة تسعى للانتشار كمؤثرة على السوشيال ميديا. لكن الظروف المادية تقف عائقًا أمام تحقيق حلمهما. فيقرر الثنائي خوض مغامرة غير متوقعة بمساعدة عائلتيهما، المعروفَتين بروحهما الفكاهية، لتحقيق الشهرة عبر الإنترنت، ومع دخول "الجوكر"، وكيل رقمي غامض وذو نوايا مبهمة، تنقلب حياتهم رأسًا على عقب، ويصلون إلى قمة النجاح. لكن هذا النجاح لا يأتي بلا ثمن، إذ تبدأ العائلة في التفكك تدريجيًا، وتضيع المبادئ التي كانت تجمعهم. أبطال فيلم ريستارت يضم العمل مجموعة لافتة من النجوم إلى جانب تامر حسني وهنا الزاهد، منهم عصام السقا، محمد ثروت، باسم سمرة، ميمي جمال، ورانيا منصور، مع ظهور مميز لعدد من ضيوف الشرف، الفيلم من توقيع المخرجة سارة وفيق، المعروفة بقدرتها على تقديم أعمال فنية نابضة بالحيوية. الأغنية الدعائية لفيلم ريستارت وطرح تامر حسني كليب بالمشاركة مع رضا البحراوي لأغنية "المقص" وهى الأغنية الدعائية لفيلم ريستارت ، من كلمات تامر حسني . كلمات الأغنية بغني وأقول موال عن صحبة الأندال لما صاحبنا آمنا ولما عاشرنا ندمنا بس خلاص اتعلمنا يا معانا يا مش معانا مالناش في النص نص عايز تقطع علاقتنا خد يلا المقص وقص ناس غريبة جدًا ولا أي شيء كان عاجب نديهم عنينا يقولوا طب ما تجيبوا الحواجب مش مهم الوجع المهم عرفنا مين فينا ندل ومين جدع إحنا آه جدعان وناس أصيلة وطيبين بس عند الكرامة لأ ولا بيفرق هنخسر مين إحنا ماسبناش حد كويس هو اللي مامسكش كويس بس خلاص