logo
عاجل.. إنقاذ طفلة بعد ليلة كاملة في عرض البحر في تونس

عاجل.. إنقاذ طفلة بعد ليلة كاملة في عرض البحر في تونس

هبة بريسمنذ 18 ساعات

أنقذت فرق الحماية المدنية التونسية، اليوم الإثنين، طفلة تبلغ من العمر 3 سنوات، بعد أن جرفتها مياه البحر لمسافة طويلة إثر اختفائها أمس من شاطئ قليبية بولاية نابل، على متن قارب مطاطي صغير (شمبرير)، حيث تم العثور عليها في شاطئ الشرف بمدينة بقالطة التابعة لولاية المنستير، في مشهد وصفه كثيرون بـ'المعجزة'.
وبحسب المعطيات، كانت الطفلة رفقة والدتها حين حملتها تيارات البحر القوية فجأة إلى عرض البحر دون أن تنتبه الأم، مما أدى إلى إطلاق عمليات بحث واسعة استمرت طوال الليل.
وأكد شهود عيان أن طاقمًا بحريًا كان على متن سفينة في المنطقة لاحظ وجود الطفلة على متن القارب الصغير، وعلى الفور تدخل أعوان الحماية المدنية في قصر هلال وبرج المراقبة بالشاطئ لتحديد موقعها وإنقاذها بسرعة.
وقد عُثر على الطفلة سالمة معافاة دون أن تتعرض لأي أذى جسدي، وسط فرحة غامرة من عائلتها والمواطنين، الذين اعتبروا الحادثة 'رسالة أمل وتجسيدًا لقدرة الله في حفظ الأرواح الضعيفة'. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وسط قلق أسرته.. القضاء الجزائري يفصل في قضية بوعلام صنصال اليوم الثلاثاء
وسط قلق أسرته.. القضاء الجزائري يفصل في قضية بوعلام صنصال اليوم الثلاثاء

هبة بريس

timeمنذ 25 دقائق

  • هبة بريس

وسط قلق أسرته.. القضاء الجزائري يفصل في قضية بوعلام صنصال اليوم الثلاثاء

هبة بريس من المنتظر أن تُصدر محكمة الاستئناف في الجزائر، اليوم الثلاثاء، حكمها في قضية الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، البالغ من العمر 80 عامًا، والذي يقبع في الحبس منذ أكثر من سبعة أشهر. تصاعد التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وفرنسا وتأتي هذه المحاكمة في سياق تصاعد التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وفرنسا، خاصة بعد مطالبة النيابة العامة بإنزال عقوبة عشر سنوات سجنًا في حق الكاتب. وكانت المحكمة الابتدائية قد أدانته بالسجن خمس سنوات على خلفية تصريحات أدلى بها لإحدى وسائل الإعلام الفرنسية، عبّر فيها عن رأي يُنظر إليه على أنه متقارب مع الموقف المغربي بشأن الحدود التي رسمها الاستعمار الفرنسي بين الجزائر والمغرب. واعتبرت السلطات الجزائرية تلك التصريحات 'مساسًا بوحدة التراب الوطني'، إلى جانب توجيه تهم أخرى له، منها إهانة هيئة نظامية، والإضرار بالاقتصاد الوطني، وحيازة منشورات من شأنها تهديد الأمن العام. وقد استأنف الطرفان الحكم الابتدائي، حيث عادت النيابة العامة للمطالبة بتشديد العقوبة، مطالبة بأقصى العقوبات المنصوص عليها. وتحولت قضية صنصال، الذي يعاني من سرطان البروستاتا بحسب ما أكدته مصادر قريبة منه، إلى موضوع شائك في العلاقات الجزائرية الفرنسية، لا سيما منذ توقيفه بمطار الجزائر في 16 نوفمبر 2024. ومنذ ذلك الحين، توالت نداءات محلية ودولية تدعو إلى إطلاق سراحه، لكنها لم تلقَ حتى الآن أي استجابة رسمية. وكان من المزمع أن تُعقد جلسة الاستئناف يوم 20 مايو، غير أنها أُرجئت إلى 24 يونيو بناءً على طلب المتهم ليتسنى له تعيين محامٍ. لكن الجلسة انعقدت دون حضور أي محامٍ، واقتصرت على دفاع الكاتب عن نفسه، حيث بدا في حالة صحية جيدة، وأكد للمحكمة أن تصريحاته تندرج ضمن حرية التعبير وقراءة فكرية للتاريخ، نافياً أي خلفية سياسية. فرنسا رسمت حدود الجزائر وقال صنصال في مرافعته إن 'فرنسا هي من رسمت حدود الجزائر خلال الاستعمار'، مشيرًا إلى أن 'الاتحاد الإفريقي رسّخ بعد الاستقلال مبدأ احترام الحدود الموروثة عن المرحلة الاستعمارية'، وهو ما رآه إطارًا قانونيًا لتصريحه. ورغم النداءات المتكررة الموجهة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من أجل الإفراج عنه، بما في ذلك طلب مباشر من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن السلطات الجزائرية لم تُصدر أي موقف رسمي بشأن القضية حتى الآن. كما انضم الكاتب المعروف ياسمينة خضرا (الاسم الأدبي لمحمد مولسهول) إلى قائمة المثقفين الذين طالبوا بالإفراج عن صنصال، مشيرًا بعد لقائه الرئيس تبون في نهاية مايو إلى أنه قام بواجبه الأدبي، معتبراً أن أي مبادرة تُنهي هذا الوضع يجب اغتنامها. وتُعلّق أسرة صنصال، وخاصة ابنتاه، آمالاً كبيرة على احتمال إصدار عفو رئاسي عنه بمناسبة احتفالات عيد الاستقلال في 5 يوليو، على أمل أن تكون هذه الخطوة لمسة إنسانية تعيده إلى حريته وتضع حدًا لفصل مؤلم من حياته. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X

الداخلة.. التحرش بمهاجرة وابتزازها ماديا يقود "مخزني" للإيقاف
الداخلة.. التحرش بمهاجرة وابتزازها ماديا يقود "مخزني" للإيقاف

هبة بريس

timeمنذ 35 دقائق

  • هبة بريس

الداخلة.. التحرش بمهاجرة وابتزازها ماديا يقود "مخزني" للإيقاف

هبة بريس أفادت السلطات المحلية بولاية جهة الداخلة – وادي الذهب أن مصالح الدرك الملكي بمدينة الداخلة فتحت بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، أمس الاثنين، وذلك لتحديد ظروف وملابسات تورط أحد أفراد القوات المساعدة في قضية تتعلق بالتحرش والابتزاز المادي. وأوضحت أن المعطيات الأولية للبحث تشير إلى تقدم مهاجرة منحدرة من إحدى دول إفريقيا جنوب الصحراء، بشكاية للقائمين على أحد مراكز استقبال المهاجرين الكائن بجماعة العركوب، تنسب فيها إلى فرد القوات المساعدة المعني بالأمر تعريضها داخل المركز للتحرش والابتزاز المادي، داعمة تصريحاتها بمقطع فيديو يوثق لهذه الأفعال. وهي الوقائع التي تم إشعار مصالح الدرك الملكي بها، حيث تم تحديد هوية المعني بالأمر وتوقيفه. وأضافت المصادر ذاتها أنه جرى الاحتفاظ بفرد القوات المساعدة المعني بالأمر تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي أمرت به النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات وخلفيات هذه القضية، فيما أصدرت المفتشية العامة للقوات المساعدة – شطر الجنوب – قرارا يقضي بتوقيف المعني بالأمر عن العمل في انتظار مآل المسطرة القضائية الجارية، من أجل ترتيب الجزاءات التأديبية في حقه. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة

صلاح الأحمر
صلاح الأحمر

لكم

timeمنذ 2 ساعات

  • لكم

صلاح الأحمر

المكان : قرية ( عِدِيدْ السُّرَه ) في محافظة الجزيرة بوسط السودان. الزمان : حقبةٌ تمتد من منتصف ستينات القرن العشرين حتى منتصف السبعينات منه. بطلُ حكايتنا اسمه التِلِبْ ود عَجَبِينْ ولا أحد يناديه سوى باسم (النَّو) الذي اشْتُهر به بين الناس. كان شخصا نحيفاً ضئيل الحجم ضامر البنية ، يمشي مسرع الخطى وهو يتمايل محركا رأسه يمنةً ويسارا كمن يتلفت متوجساً أو هارباً من مطاردةٍ لا توجد إلا في خياله. تخطى الخامسة والأربعين عاماً بل ربما هو في خمسيناته، لكنه يبدو كشابً في الثلاثين لولا الشيب الذي علا هامته وغطى فوديه. النو شخصيةٌ غريبة الأطوار،في حديثه ميوعةٌ بادية تسائل رجولته فطريقة كلامه أقرب لأسلوب النساء ،لدرجة أن البعض يتهمه بالشذوذ مع أنه لم يثبت قط أن ضبط بالجرم عياناً بياناً. يمازح هذا ويشاغب ذاك كمن يبحث عن خطيئةٍ لم يرتكبها ولم يسبق أن صرح بها علانيةً. اشتهر النو بأنه دائما ما يحمل حبات الودع في جيبه المليء بالغرائب والعجائب من علكةٍ وبخورٍ وعملاتٍ معدنية تحمل صور الملك فاروق ولم تعد صالحة للتعامل منذ أن نال السودان استقلاله عن الاستعمار الثنائي المصري البريطاني في عام 1956. يجلس النو القرفصاء ويسحب حبات الودع من جيبه الواسع الممتد بعرض صدره ويدعوك كي يقرأ لك طالعك ويكشف لك ما خفي من أسرار عن حياتك ، مستقبلك، المال ، الزواج، الحظ،الأهل، الاصدقاء والأعداء ، ثم قصص القلوب والمغامرات وحكايات العشق الممنوع. يختم تنبؤاته بصمتٍ عميق لا تشوش عليه إلا حركات عينيه إذ تدوران في محجريهما بسرعة ٍملفتةٍ وكأنهما كرتان زجاجيتان في لعبةٍ ضمها صندوقُ ساحرٍ من زمنٍ سحيق .يرفع النو الجلسة بضحكةٍ طويلةٍ مخنثة ويفاجئك بلمسةٍ مفاجئةٍ في خاصرتك وهو يقهقه عاليا قائلاً لك : (بِرِيْدَنّكْ)،أي أنك أثير لدى بنات حواء وأنهن يحببنك. كان النو شخصيةً فريدةً من نوعها ، يبدو وكأنه قادمٌ ٌمن عالم الأساطير والقصص الخيالية . لم يكن الناس في القرية قادرين على تصنيفه ، فقد احتاروا في أمره، هل هو مجذوبٌ من عيال الله لا يدرك أحدٌ سره، أم هو درويشٌ كسائر الدراويش في بلدٍ يهرب فيه ملايين الناس من حياة الضنك وشظف العيش وقسوة الظروف وقلة الحيلة إلى أحضان الخرافات والانغماس في صفوف حركاتٍ صوفية تعتاش من تشوهات واقعٍ أليم وتقتات من بساطة الناس ومآسيهم ، وتستغل جهلهم وتمتص دماءهم بإثقال كواهلهم بما هو فوق طاقاتهم. النو حالةٌ نادرة من نوعها لامثيل لها في الواقع ولا نظير لها في الحكاوي ، كان مزيجاً عجيباً لنفسٍ بشريةٍ معذبةٍ في الوجود ، وروحٍ إنسانيةٍ هائمةٍ في متاهات الكون الشاسعة . لم يستطع أيٌ كان أن يدرك كنهه و لا أحدٌ ادّعي أنه تمكن من سبر أغواره العميقة وعوالمه المبهمة. يظهرُ تارةً ثم يغيب لمدةٍ تطول أو تقصر لكنه حاضرٌ دائماً في مواسم الأعراس وزمن الحصاد عندما تكتنز المطامير بعطاء أمنا الأرض غلةً وأماناً وفرحاً ورضىً، وحين تفيض النفوس بكرم الضيافة وتكثر الخيرات في بيئةٍ ترتبط معيشتها و أفراحها وكل طقوس حياتها بمواسم الحرث والزراعة والحصاد. عاش النو مع الناس مسافرا لا يكل بين القرى والحلّال (جمع حِلَّه وهي القرية الصغيرة أو الفريق أو الحارة في القرية)، متنقلاً من فريقٍ إلى حوشٍ ثم دار. ينزل مع أسرٍ بعينها يختارها بعنايةِ خبيرٍ في لمس طيبوبة أفرادها ، فيقيم بينهم لفتراتٍ متقطعة يختفي بعدها بلا سابق إخطار ودون أن يعرف أحدٌ إلى أين ذهب. كل ما يعرفه الناس أنه سائحٌ جوال ينحدر من حلة (طرفة ود الشبلي) إحدى حلّال(الضهاري- أي محيط المراكز)الصغيرة المنتشرة في أرض الجزيرة بين النيلين الازرق والأبيض. يرتدي النو على امتداد العام في حره وبرده جلباباً متسخاً من قماش ٍ خشن تخاله من نسيج (التيل)الابيض المائل للصفار يلبسه الافندية والمدرسين في أردية قصيرة ورثوا عادة ارتدائها من الخواجات إبان فترة الاحتلال الانجليزي ، أو أولاد جون كما يسميهم السودانيون. لم يكن النو يغيٌر ذلك الجلباب على امتداد فصول العام حتى تحول لون قماشه من (الدمورية وزن عشرة) السمراء إلى لون التراب من كثرة ماعلق به من غبارٍ وأوساخٍ وكأنه ممسحةٌ للأرض . في حله وترحاله وتجواله بين الحلّال والقرى كان النو محلَّ ترحيبٍ وقِبلة محبةٍ أينما نزل . يجتمع حوله الصغار قبل الكبار يستمعون بشغف شديد لحديثه الفكه وحكاياته الآسرة ونبواءته الساحرة ولم لا بعض بذاءاته المغلفة التي تثير عاصفةً هستيرية ًمن الضحك في مجتمعات تغلب عليها روح الحشمة ويغطيها وجه الحياء وتحيط بها روعة الستر وعفة اللسان. كانت حلقاته المفضلة بين النساء اللاتي يفجرن مكبوتاتهن ويجهرن بالمسكوت عنه في حضرة النو بلا مكابحٍ أو قيود.تعلو ضحكاتهن فوق أسوار البيوت دون مجونٍ أو تعمدٍ في وسط اجتماعي لا ترفيه فيه سوى المذياع وتجمعات الأنس البريئة والحكي الذي لا ينقطع بقصصه ونميمته وحتى فضائحه. كان الغموض يحيط بشخصية النو وتشعباتها في المكان والزمان الممتدين بلا حدودٍ أو شروطٍ في ذلك الفضاء الذي يمنحك الاحساس بأن الحياة تمضي بطيئة ورتيبة لدرجة أن الناس يخلقون من كل حدث مناسبة للتجمع والكلام الذي لا ينتهي . كان البعض يعتقد أن النو مملوك ٌ للجن ينطق بما يملونه عليه ،بينما كان هناك من يعطف عليه باعتباره من عطايا الرب ، و آخرون يكرهونه لاقتحامه حرمات البيوت وتسلله إلى مجالس النساء اللائي لم يكن ينظرن إليه كبقية الرجال. أما البعض فيرونه من الأولياء الصالحين وعباد الله الذين لا يعلم سرهم إلا خالقهم . وهنالك من يجزم بأنه دجالٌ صغير يقتات من غفلة النساء وعاطفتهن ويعيش على هبات الكرماء من بسطاء الناس. كان النو يقيم في القرية التي يحل بها لفترة قد تمتد إلى أسبوعٍ أو أكثر قليلا. وأينما حل كان يصطحب معه ثلاثة صناديق كبيرة من الزنك الملون بالزخارف تبدو ثقيلة الوزن ولها عدة أقفال محكمة الإغلاق ،كان النو حريصاً على ألا يغفل عنها في يقظته ومنامه ،يحمل مفاتيحها تحت جلبابه الفضفاض ويخفيها في حزام سرواله الداخلي. كان أغلب الناس يعتقدون أن تلك الصناديق محشوةٌ بالذهب والنقود والعجائب مع أن أحداً لم تتاح له رؤية محتواها.وبسبب هذا الاعتقاد تعرض النو عدة مرات لمحاولات اعتداءٍ ونهبٍ من قبل قطاع الطرق ، لكنه في كل مرة كان ينجو بأقل الأضرار والاصابات وسلامة صناديقه العجيبة من السرقة. مضت أعوامٌ عديدة غادرت فيها البلد نحو بريطانيا لاستكمال تعليمي ،حيث مكثت هناك لمدة تجاوزت الخمس سنوات . لم تنقطع صلتي بالمكان وناسه الطيبين من أهلٍ وجيران وأصدقاء. كانت الرسائل البريدية وسيلة التواصل الوحيدة في ذلك العهد بيني وبين جذوري . ظللت أسأل باستمرار عن مختلف الأشخاص غريبي الاطوار الذين كان يؤثثون مدارات قريتنا وما أكثرهم، ديّان، عنبر، حواء كباتو ، كتيرة مراة المغو، تكل، فكي حسن، اسحق ستربا والنو صاحب هذه الحكاية. كان شقيقي الأكبر من هواة كتابة الرسائل وتضمينها الأخبار المفصلة لكل أهل القرية ،ذلك المجتمع الصغير الذي يعرف فيه الناس بعضهم فرداً فردا. في إحدى المرات تلقيت رسالة ثقيلة الوزن من كثرة أوراقها ، كنت منشغلا حينها بالإعداد لامتحان نهاية عام دراسي فلم أفتح تلك الرسالة وتركتها جانبا لأتفرغ لقراءتها عقب الامتحانات. بقيت الرسالة موضوعة على الطاولة التي تتوسط غرفة الجلوس ، تطل على ناظري في كل لحظة وكأنها تلح عليّ بأن أفتحها فلربما تحمل أخباراً مهمة لا تحتمل التأجيل. قاومت تلك الرغبة الملحة ورفضت كل وساوس العقل وإغراءاته . كنت مرهقا تلك الليلة فاستغرقت في النوم مبكرا وأفقت في منتصف الليل منزعجا إثر حلم رأيت فيه النو يخاطبني بنبرة حزينة وهو مطرق جالساً في مكان تحيط به المياه من كل جانب . قال لي هل وصلتك أخباري ؟ ترى ماذا كان يقصد بهذا السؤال؟ مددت يدي إلى مفتاح الضوء قرب سريري ،نهضت مسرعاً وتناولت رسالة شقيقي حسن . كان كعادته يستهلها بالسلام والسؤال عن الحال والمآل ويضمِّنها أخبار الأسرة والجوار وشلة أصدقائي الذين تركتهم خلفي ثم يحشوها بأخبار أهل كل القرية ،من غادرها ومن تزوج ومن طلّق ومن خلّف ومن رحل عن الدنيا وكل التفاصيل الدقيقة . أخذت أقفز بين سطور الرسالة متلهفاً لأجد تفسيرا يلجم فضولي تجاه كلام النو في ذلك الحلم . بلغت الصفحة السادسة ولم أعثر على مبتغاي ، تجاوزت السابعة بقراءةٍ سريعة وأدرت الصفحة الاخيرة في عصبيةٍ زائدة بعد أن كدت أيأس من وجود أي إشارة إلى النو. وفي آخر سطور الرسالة بعد التحية والسلام ،قرأت جملة تقول ( النو تعيش انت عليه رحمة الله). يا الله نزل الخبر علي كالصاعقة ودار أمامي شريطٌ طويل من ذكرياتٍ وصور وحكاياتٍ كان فيها النو قاسماً مشتركاً مع المكان والزمان وحكاياته بين الناس منهم وإليهم . تذكرت في تلك اللحظة نبوءته الغريبة حين قال لي ذات مرة ستعيش كل حياتك غريبا وبعيدا عن الاهل والديار. عدت إلى البلد في عطلة دراسية بعد عامين منذ أن غادرتها ، لم يفارق النو خيالي وكان من بين أول أسئلتي بعد وصولي . قيل لي فيما قيل أنه كان يعبر النهر من قريتنا (عِدِيَدْ السُرّه ) إلى الضفة المقابلة قاصدا حلة (رِهِيدْ السُنُطْ). كان الوقت خريفا في زمن (الدميرة) أي لدى الفيضان حين يمتلئ النيل الازرق الهدار بحمولة مهولة من مياه الامطار التي تهطل في هضاب الحبشة فيتضاعف حجمه وتتباعد ضفتاه. كان النو بين ركاب عبّارة خشبية تقليدية تحركها المجاذيف. تسع في جوفها البشر والانعام والدواب التي تحمل البضائع وصناديق النو الثلاثة . كانت الحمولة فوق طاقة العبارة التي لم تستطع الصمود بسبب تمايلها إثر اهتزازاتٍ مفاجئة أحدثتها حركة الدواب. حاول قائد المركب ومساعده انقاذ الموقف بمناوراتٍ حثيثة عبر المجاذيف والدفة لتثبيت مسارها الذي بدأ يتأرجح ويتلاعب به التيار الجارف لعنفوان النهر. تسربت المياه من جنبات العبّارة الى داخلها وحدث هرجٌ ومرجٌ وفوضى عارمة بين صراخ الاطفال وعويل النساء وجلبة الرجال الذين قفز بعضهم ممن يجيدون السباحة إلى النهر أملا في انقاذ القارب ،لكن الأقدار كانت هي صاحبة القرار .انقلب المركب في ثوانٍ معدودة وغاص سريعاً إلى أعماق النهر . مات من غرق ونجا من عام وجرف الموج صناديق النو إلى وجهةٍ مجهولة لتزداد غموضاً فوق غموضها إذ لم يعرف مصيرها إلى الأبد.أما النو فقد بقي عالقا ً في أذهان الناس من خلال سيرته التي تعملقت حتى غدت أسطورةً تغذيها حكايات الإنسان من واقع الحقائق ومن بخار الخيال البشري الذي لن ينضب إلا بنهاية الوجود

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store