
«قصر كوير» أو قصر حارة البيبان
مع احتضان مدينة مكة المكرمة عددًا من المعالم التاريخية التي تُجسد تميز وتطور بيئتها العمرانية عبر مختلف العصور، تعكس تصاميمها الخصائص العمرانية الفريدة، يبرز ..قصر كوير.. أو قصر حارة البيبان من بين هذه المعالم بصفته واحدًا من أقدم وأجمل القصور التاريخية، إذ يجمع بين البعد المعماري الأصيل والبعد الرمزي المرتبط بالتنوع المجتمعي والثقافي في أوائل القرن العشرين، ويمثل القصر أنموذجًا فريدًا للعمارة المحلية، وعلاقتها بالتحولات الاجتماعية في أحياء مكة المكرمة، ومكانتها في الذاكرة المجتمعية للأهالي، وتأكيد أهمية المحافظة عليها. وتعود ملكيته إلى أحد تجار مكة في أوائل القرن العشرين، الذي اشتهر بلقب ..كوير.. نسبة إلى تجارته في النورة (الجير) وهي مادة البناء الشائعة آنذاك، إضافة إلى تجارته في العسل والسمن، وهو ما انعكس على هندسة القصر وموقعه الإستراتيجي في حي ..البيبان.. أحد أبرز أحياء مكة المكرمة. يقول رئيس قسم العمارة بجامعة أم القرى الدكتور عمر عدنان أسرة، إن القصر بني في بدايات القرن العشرين تقريبًا تلك الفترة ما بين (1910..1920م) (أصح الأقوال أنه بني بين عامي 1365.. 1370هـ) التي شهدت فيها مكة تحولات اقتصادية واجتماعية وعمرانية كبرى نتيجة دخول الطباعة، والتوسع في الحج، وتطور وسائل النقل، واتضح ذلك في التفاصيل المعمارية المميزة وميلها إلى الفخامة المستمدة من العمارة في مكة، مشيرًا إلى أن القصر يقع على تلة مرتفعة نسبيًا تُطل على حي ..البيبان.. التاريخي؛ مما يمنحه مشهدًا بانوراميًّا ضمن محيطه العمراني، ويعد المسقط الأفقي للقصر أقرب إلى المربع، وهو تخطيط يميز القصور المكية القديمة، التي تهدف إلى ضمان الخصوصية والتهوية الطبيعية في الوقت ذاته، وقد عرفت المنطقة بكونها متنفسًا لأهالي مدينة مكة، لاعتدال مناخها ووُجود المزارع بها وعدد من القصور الأخرى.
وعن تفاصيل بناء القصر بيّن الدكتور عدنان، استخدام عدد من المواد والتقنيات المحلية الشائعة في مكة آنذاك، من أبرزها ..الحجر المحلي.. أساسًا قويًّا للبناء، والنورة (الجير) لعزل الجدران، والطين والخشب والجص في تغطية الأسطح الداخلية والأسقف، واستخدام أخشاب الساج الهندية الفاخرة في بعض الأبواب والنوافذ، كما زُيِّنَت الواجهات عبر نوافذ خشبية منقوشة تسمى (روشان) وزخارف هندسية ونباتية، أما الأسقف فقد حملت زخارف جصية يدوية تؤكد تفوق الصناع المحليين آنذاك، ويتكون القصر من خمسة أدوار، وهو عدد مرتفع نسبيًا مقارنة بالقصور الأخرى في تلك الفترة، ويحتوي على العديد من القاعات والصالات الواسعة، إضافة إلى ساحات داخلية (أحواش)، تتيح التهوية، وتعزز الخصوصية في آن واحد، وأنه استُخدم مكانَ إقامة الأمير محمد بن عبدالعزيز (حيث كان يستأجره بشكل سنوي)، كما زاره الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ..رحمه الله.. في أثناء وجوده في مكة المكرمة.
وكشف رئيس قسم العمارة من خلال تحليل القصر بأنه يمكن استخلاص عدد من الدروس المعمارية المهمة منها: تكامل الشكل والوظيفة، إذ إن العمارة التقليدية وفّرت حلولًا ذكية للتهوية، والخصوصية، والعزل الحراري، بما يتناسب مع هوية المكان والبيئة المحلية، وبعيدًا عن النسخ المعماري المستورد، ويمكن كذلك توظيف القصر بعد الترميم في عدة مسارات مثل: إنشاء متحف للعمارة المكية التقليدية، يعرض أدوات البناء، وتقنيات التهوية، وتطور أشكال النوافذ والمداخل، واستخدامه كذلك مركزًا ثقافيًّا مجتمعيًّا، لإقامة فعاليات أدبية أو فنية أو معارض تراثية، وأيضًا بيت ضيافة تراثي فاخر، ضمن سياحة التجربة المكانية.
المصدر: عاجل
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوئام
منذ 15 دقائق
- الوئام
النقل: أكثر من 44 ألف رحلة عبر الحافلات بين المدن خلال الربع الثاني
أعلنت الهيئة العامة للنقل، اليوم، أن مشاريع النقل بالحافلات بين مدن المملكة سجلت أكثر من (44) ألف رحلة خلال الربع الثاني من عام 2025، ما يعكس الإقبال المتزايد على هذا القطاع في المملكة. وبحسب الإحصائية الصادرة عن الهيئة، بلغ عدد الركاب الذين تنقلوا باستخدام الحافلات بين المدن أكثر من (958) ألف راكب خلال هذا الربع. ويعكس هذا النمو تزايد الاعتماد على النقل بالحافلات، بوصفه خيارًا يُسهم في تسهيل التنقل بين المدن، لما يتميز به من تجهيزات فنية تدعم أعلى المواصفات التشغيلية. وتصدرت منطقة مكة المكرمة قائمة المناطق في عدد الركاب الذين تنقلوا عبر الحافلات، مسجلةً (226,893) راكبًا، تلتها منطقة الرياض بـ (222,960) راكبًا، ثم المنطقة الشرقية بـ (144,972) راكبًا، والمدينة المنورة بـ (69,562) راكبًا. كما سجّلت منطقة عسير (60,450) راكبًا، تلتها تبوك بـ (50,351) راكبًا، ثم جازان بـ (32,463) راكبًا، وأخيرًا القصيم بـ (24,824) راكبًا. يُذكر أن الهيئة تعمل بشكل مستمر على تطوير خدمات النقل بالحافلات والتوسع في هذا القطاع، بما يضمن وصول الخدمة إلى جميع المستفيدين في مختلف مناطق المملكة.


صحيفة سبق
منذ 15 دقائق
- صحيفة سبق
"هيئة الطرق": طريق أبو حدرية أول طريق سريع في المملكة ويتجاوز تاريخه 40 عامًا
أوضحت الهيئة العامة للطرق أن طريق "أبو حدرية" في المنطقة الشرقية، يُعد من أهم الطرق في المملكة، ودُشن قبل نحو 40 عامًا في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، والأول من نوعه بصفته طريقًا سريعًا في المملكة بطول يتجاوز الـ(300) كم. وبيّنت "هيئة الطرق" أن الطريق يربط عدة مدن، بدءًا من الدمام وصولًا إلى الخفجي، مرورًا بالجبيل، وأم الساهك، وسيهات، والقطيف، ومدينة صفوى، وطريق مطار الملك فهد الدولي. ويخدم الطريق سكان المنطقة وزوارها من المناطق المجاورة، إضافة إلى العاملين في شركات الجبيل الصناعية، ويُعزز التواصل مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يسهم في تعزيز الحركة التجارية والاقتصادية، مما يجعله شريانًا حيويًا يشهد كثافة مرور مرتفعة على مدار الساعة. وأفادت الهيئة أن تسمية "أبو حدرية" تعود إلى جبل صغير يقع على بُعد 10 كم غرب الطريق الرئيسي داخل الصحراء باتجاه الكويت شمالًا، ويبقى معلمًا معروفًا في ذاكرة المنطقة. وأكدت مواصلة تنفيذ العديد من المشاريع والمبادرات الحيوية للارتقاء بقطاع الطرق، الذي يُعد أحد أهم القطاعات الحيوية والممكنة للعديد من القطاعات الواعدة مثل: قطاع الحج والعمرة، وقطاع الصناعة، والسياحة، والتجارة، والخدمات اللوجستية، والعديد من القطاعات الحيوية الأخرى. وجددت الهيئة حرصها على تحقيق مستهدفات إستراتيجية قطاع الطرق بالوصول للتصنيف السادس في مؤشر جودة الطرق عالميًا في 2030، وخفض الوفيات على الطرق لأقل من (5) حالات لكل (100) ألف نسمة، وتغطية شبكة الطرق بعوامل السلامة المرورية حسب تصنيف البرنامج الدولي لتقييم الطرق IRAP، والمحافظة على مستوى خدمات متقدمة لمستوى الطاقة الاستيعابية لشبكة الطرق، ورفع مشاركة القطاع الخاص في الأعمال التشغيلية.


عكاظ
منذ 31 دقائق
- عكاظ
غرق عبارة في نيجيريا ووفاة 13 شخصاً
لقي 13 شخصاً مصرعهم، بينهم أطفال، في حادثة غرق عبّارة نهرية بولاية النيجر (شمال نيجيريا) كانت تقل 39 شخصاً متجهين إلى السوق المحلية أمس (الأحد). وأوضح المتحدث باسم خدمات الطوارئ إبراهيم أودو حسيني أن فرق الإنقاذ تمكنت من انتشال 13 جثة، وإنقاذ 26 آخرين، وذلك في أحدث فصول سلسلة من الحوادث المائية المتكررة التي تشهدها البلاد. فيما قال المسؤول في الصليب الأحمر بولاية النيجر أبو بكر إدريس إن القارب كان محمّلاً بالحبوب والمواشي، عازياً أسباب الغرق إلى الحمولة الزائدة. وشهد النيجر في نوفمبر الماضي غرق 27 شخصاً بعد انقلاب قارب في نهر النيجر، شهد قبله بشهر غرق العشرات إثر انقلاب قارب كان يقل نحو 300 شخص معظمهم نساء وأطفال كانوا متجهين لحضور مهرجان، وفي سبتمبر الماضي لقي أكثر من 40 شخصاً حتفهم جراء غرق قارب مكتظ في نهر غومي بولاية زامفارا. وتعاني نيجيريا، الدولة الأكبر في أفريقيا من حيث عدد السكان، من ضعف في أنظمة السلامة البحرية، إضافة إلى سوء الأحوال الجوية والفيضانات خلال موسم الأمطار، وتكرار استخدام القوارب المحمّلة بأكثر من طاقتها. وتُثير هذه الحوادث المتكررة مخاوف متزايدة بشأن ضعف البنية التحتية في وسائل النقل النهري في نيجيريا، إلى جانب غياب الرقابة الفعالة على شروط السلامة والحمولات المسموح بها. وتطالب منظمات محلية ودولية بإصلاحات عاجلة لضمان سلامة المواطنين الذين يعتمدون على النقل النهري، خصوصاً في المناطق الريفية النائية التي تفتقر إلى طرق برية مناسبة. أخبار ذات صلة