
وصول الفوج الأول من حجاج فلسطين إلى مكة المكرمة
المصدر -
وصل الفوج الأول من حجاج فلسطين إلى مكة المكرمة ، البالغ عددهم(550) حاجا تقريبا لأداء فريضة الحج هذا العام.
وكان في استقبالهم مطوفي حجاج الدول العربية (أشرقت) ، عبر مركزي الخدمة الميدانية (206) و (207) و 208 الحجاج ، حيث قدمت لهم الهدايا و ماء زمزم والتمر والقهوة والفواكه والورود .
من جانبه أكد رئيس مجلس إدارة مطوفي الدول العربية أ. محمد معاجيني أن أشرقت عبر ذراعها رحلات ومنافع تتشرف بتقديم الخدمة لحجاج فلسطين ، مبيناً أنه هذا العام سيقدم من خلال إكرام الضيف أكثر من 6600 حاج فلسطيني لأداء الفريضة.
ويؤكد الرئيس التنفيذي لأشرقت م. محمد بادغيش حرص مطوفي حجاج الدول العربية على الارتقاء بالخدمات المقدمة لحجاج بيت الله من خلال إطلاق العديد من البرامج والمبادرات التي تهدف لتوفير أجود الخدمات وأرقاها، وإثراء رحلة الحاج لتحقيق رؤية المملكة 2030.
من جهته أوضح الرئيس التنفيذي لرحلات ومنافع أ. محمد الخزامي أن رحلات ومنافع على أتم الجاهزية لاستقبال قرابة 100 ألف حاج من مختلف قارات العالم.
ورحب خزامي بحجاج فلسطين ، مشدداً على سعي رحلات ومنافع بكافة إمكاناتها إلى توفير أقصى درجات الراحة والتيسير خلال فترة أداء نسكهم بكل يسر وسهولة وفق رؤية حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –أيدها الله- للعناية والاهتمام بقاصدي الحرمين الشريفين من ضيوف الرحمن والحرص على تقديم أفضل وأرقى الخدمات والإمكانات لهم ليؤدوا مناسكهم وعباداتهم في أجواء إيمانية.
من جانبه كشف نائب الرئيس التنفيذي لرحلات ومنافع د. شادي مسكي عن تطبيقهم لمبادرة نفذت للمرة الأولى باستقبال الحجاج الفلسطينين ؛ مما أدخل السعادة على قلوبهم، مشيراً إلى أنهم ماضون في تنفيذها بكل برامج الاستقبال المخصصة للحجاج غير الناطقين بالعربية والتي تتشرف رحلات ومنافع بخدمتهم.
يُخْدَمُون عبر 3 مراكز ميدانية ببرامج نوعية ومبتكرة كجزء أساسي من مستهدفاتهم لتقديم أجود خدمة لضيوف الرحمن وتطبيق شعارهم (نصنع الأثر في رحلة العمر ).
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
"طريق مكة".. تطبيقات ومبادرات تعيد تعريف تجربة الحج في العصر الرقمي
رحلة إيمانية تبدأ من خروج الحاج من مقر سكنه في بلاده متجهاً إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، حتى عودته مرة أخرى، عنوانها الحج في العصر الرقمي، حيث يتعامل الحاج مع عدة تقنيات ومبادرات وابتكارات جديدة اعتمدتها الحكومة السعودية في الآونة الأخيرة. أول تعامل للحاج مع الإجراءات السعودية يبدأ من مبادرة "طريق مكة" التي تهدف لتسهيل إجراءات الحج من بلد المغادرة، وإنهائها بالكامل، وتقدم خدمات من خلال بعثات سعودية متكاملة توجد داخل المطارات الدولية في الدول المستهدفة. وتُرسل السعودية فرقاً ميدانية من وزارة الداخلية والجهات الحكومية الشريكة للعمل داخل صالات مخصصة في مطارات الدول المستفيدة، مشكلةً نقاط عبور دولية على هيئة "مطارات مصغرة" خارج حدودها، تُنفذ من خلالها رؤيتها في تيسير رحلة الحج قبل أن تبدأ فعلياً. وتشمل مبادرة "طريق مكة" استكمال جميع الإجراءات النظامية للحجاج، ومن ضمنها التحقق من الاشتراطات الصحية، وأخذ الخصائص الحيوية، وإصدار تأشيرات الحج إلكترونياً، وإنهاء إجراءات الجوازات، وترميز وفرز الأمتعة لتُنقل مباشرة إلى مقار السكن في مكة المكرمة أو المدينة المنورة دون الحاجة للانتظار. وتُنفذ المبادرة خلال العام الجاري في 12 مطاراً بـ8 دول وهي: المغرب، وباكستان، وبنجلاديش، وتركيا، وماليزيا، وإندونيسيا، وكوت ديفوار، والمالديف. وتؤكد الأرقام توسّع مبادرة "طريق مكة" ونموها المتسارع منذ أطلقتها وزارة الداخلية السعودية في عام 2017، إذ بلغ عدد الحجاج المستفيدين منها حتى موسم حج 2024 أكثر من 940 ألف حاج. وبدأت المبادرة بخدمة الحجاج من مطار كوالالمبور فقط، ثم توسّعت لاحقاً لتشمل 5 دول، وصولاً إلى 11 مطاراً من 7 دول في الموسم الحالي، وتُعد المملكة أول دولة في العالم تطبّق هذا النوع من الخدمة خارج أراضيها. وتعمل فرق العمل السعودية بزيها الرسمي داخل مطارات أجنبية، وتختصر أكثر من 6 إجراءات نظامية تُنفذ عادةً في المطارات السعودية إلى خطوة واحدة تُنجز في بلد الحاج. بطاقة وتطبيق "نسك" وأسهمت التطبيقات والمنصات الرقمية السعودية في جعل تجربة الحجاج أكثر مرونة وانسيابية، بدءاً من لحظة وصولهم إلى البلاد، ومروراً بتنظيم إقامتهم وتنقلاتهم، وانتهاء بأداء العبادات والزيارات. ومن هذه التطبيقات والمنصات "نسك" وهي بطاقة تعريفية رسمية عليها باركود تُميّز الحاج النظامي في المشاعر المقدسة وهي بمثابة تطبيق متكامل يتيح لحاملها تسجيل بياناته الشخصية، والصحية، والمعلومات المهمة، والاستفادة من مجموعة واسعة من الخدمات. أبرز معلومات بطاقة "نسك" معلومات الحاج الشخصية. السجل الطبي للحاج. إرشاد الحجاج التائهين من خلال توفير عنوان السكن للحاج بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة. توفر معلومات الشركة المقدمة للخدمة التي يتبع لها الحاج. تنظيم الصعود للحافلات. وتتواجد قوات أمن الحج في المنافذ الرئيسية المؤدية إلى مكة المكرمة، وتمتد الإجراءات لتشمل كل زاوية قد تستغل كثغرة للتسلل، بهدف إحباط أي محاولات دخول غير نظامية. وتُسلّم هذه البطاقة للحجاج النظاميين بوساطة مكاتب الحج بعد إصدار التأشيرة لحجاج الخارج، ومقدّمي الخدمة لحجاج الداخل بعد إصدار تصريح الحج. وتمكّن هذه البطاقة التعريفية الحاج من الدخول إلى كافة المشاعر المقدسة والاستفادة من الخدمات، ويلزم حملها طيلة فترة الحج في كل التنقلات منذ الوصول وداخل المشاعر المقدسة وحتى المغادرة. أبرز خدمات تطبيق "نسك" خدمات إيمانية كالمصحف ومواقيت الصلاة والأذكار والأدعية. إصدار تصريح العمرة. حجز زيارة الروضة الشريفة في المدينة المنورة. حجز الفنادق ورحلات الطيران. حجز الجولات السياحية في مكة والمدينة. تقديم الخدمات ورفع الشكاوى. محطات السمات الحيوية وطبقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، وميناء جدة الإسلامي، لتسهيل إجراءات دخول الحجاج من خلال تجهيز البنية التقنية للمنافذ المخصّصة لاستقبال الحجاج. ويهدف هذا الدعم الفني والتقني لضمان انسيابية العمليات في صالات الحج بمطار الملك عبد العزيز من خلال تجهيز محطات العمل، وربطها بالأنظمة الحكومية، وتهيئة غرف البيانات، وتأمين خدمات الاتصال الأساسية والاحتياطية، لضمان استمرارية العمل دون انقطاع. وعملت "سدايا" على تركيب وتشغيل محطات السمات الحيوية في مطار الملك عبد العزيز، وتحديث الأجهزة بأنظمتها المعتمدة، ما أسهم في تقليص الوقت المستغرق لإنهاء إجراءات دخول الحجاج. وبعدة لغات، تستقبل جوازات مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة الحجاج، حيث لا تستغرق فترة إنهاء إجراءاتهم، أقل من 40 ثانية فقط، بفضل تلك الأنظمة التقنية المتطورة التي تسجل الخصائص الحيوية بشكل فوري ودقيق. ومن جهة أخرى، يُتيح التطبيق الشامل "توكلنا" خدمات نوعية للحجاج شملت استعراض تصاريح المنصة الرقمية الموحدة لتصاريح الحج "منصة تصريح" المعنية بإصدار التراخيص والتصاريح التي تخول لحامليها من حجاج الداخل والخارج الدخول إلى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة من خلال التكامل التقني مع وزارة الحج والعمرة عبر منصة "نسك"، إضافة إلى خدمات داعمة مثل "أسعفني" و"نداء الاستغاثة"، بما يعزز تجربة الحاج الرقمية. تطبيق "أسعفني" ويتيح تطبيق "أسعفني"، للمستخدمين رفع بلاغات الطوارئ إلى هيئة الهلال الأحمر السعودي التي تشرف عليه، إضافة إلى إرسال رسائل الاستغاثة والتعرف على إجراءات الإسعافات الأولية وغيرها. ويقدم التطبيق خدمات عدة، منها: استدعاء الفرق الإسعافية من خلال رفع البلاغات، وطلب المساعدة عبر إرسال نداء استغاثة، ومتابعة مسار البلاغات، وعرض المنشآت الصحية والصيدليات القريبة من المستخدم، ومشاركة معلومات التاريخ الطبي للمستخدم، ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال إتاحة مزايا استدعاء الفرق الإسعافية دون الحاجة للاتصال صوتياً بمركز العمليات، إضافةً إلى عرض الموقع الجغرافي لصاحب البلاغ، حتى تتمكَّن الفرق الإسعافية من الوصول إليه. وتشارك هيئة الهلال الأحمر السعودي هذا العام بأثر من 7 آلاف و500 مسعف، إلى جانب 212 من كوادر الترحيل الطبي من أخصائيين ومرحلين ومشغلي عمليات ومراقبين، بالإضافة إلى 633 محترف دعم إداري ولوجستي، و56 طبيباً لتقديم الرعاية الطبية المتقدمة، إلى جانب 9 طائرات مروحية إسعافية. "روبوت منارة الحرمين" أما رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي فقد دشت النسخة الثانية من "روبوت منارة الحرمين" لإجابة السائلين في المسجد الحرام. وجرى تصميم الروبوت ليكون مرجعاً يعتمد على الذكاء الاصطناعي للإجابة على الأسئلة والاستفسارات الشرعية، من خلال قاعدة بيانات محوكمة متكاملة، مع خدمة التواصل المباشر مع المفتين عبر مكالمة فيديو، إذا لم يكن السؤال مخزناً مسبقاً. ويهدف الروبوت الذي جرى تحديثه بتصميم مستوحى من الزخارف الإسلامية، لتحسين تجربة الحجاج والمعتمرين، ما يتيح لهم الوصول إلى المعلومات بسهولة وسلاسة. كما دشنت وكالة الشؤون النسائية بالمسجد الحرام، الشاشات التفاعلية الذكية داخل المصليات النسائية، وهي الأولى من نوعها؛ بهدف تعزيز الوعي المعرفي الوسطي، وتيسير الوصول للمعلومة الشرعية بأسلوب حديث إبداعي. وستمكّن الشاشات التفاعلية الذكية لقاصدات المسجد الحرام من تصفح الكتب الشرعية، والاستفادة من الفتاوى، وتحميل المحتوى الديني بـ19 لغة عالمية تلبية لاحتياجات القاصدات من مختلف الجنسيات. الطرق المطاطية يغطي ابتكار الطرق المطاطية المرنة أجزاء من المشاعر المقدسة، بهدف توفير طرق ذات مرونة عالية تعمل على امتصاص الصدمات، والإجهادات لضيوف الرحمن، فيما يتمثل ابتكار تبريد الطرق في عكس أشعة الشمس بما يضمن تقليل درجة حرارة سطح الطريق. فبدلاً من تراكم الإطارات المستهلكة، التي تُعد مصدراً رئيسياً للتلوث الهوائي عند حرقها، تسهم هذه التقنية في تدويرها وتحويلها إلى طبقة أسفلتية مرنة تعمل على امتصاص الاجهادات، وتوفير طرق مريحة أثناء المشي. وتساعد هذه الأسطح الذكية على امتصاص الصدمات، وتخفيف الضغط على مفاصل الجسم، خاصةً الكاحل والقدم، وتعطي شعوراً بالراحة أثناء المشي والركض، ما يؤدي إلى تحسين الصحة العامة لحجاج. وأشارت التجارب إلى أن الأسطح الإسفلتية والأرصفة العادية تسبب ردود فعل قوية على كواحل وأقدام الحجاج، خاصةً من كبار السن الذين يشكلون 53% من إجمالي الحجاج، الأمر الذي أدى إلى زيادة الضغط على المنشآت الصحية خلال موسم الحج، حيث تركزت 38% من الإصابات في منطقة القدم والكاحل. أضاحي الحجاج تعمل المنصة الوطنية للعمل الخيري "إحسان" على استقبال طلبات الأضاحي لموسم حج هذا العام، عبر خدماتها الرقمية المخصصة لأداء النسك الشرعي. وتتيح هذه الخدمة للمضحين والحجاج إمكانية التوكيل بأداء النسك بسهولة وأمان، مع ضمان التنفيذ خلال الأوقات الشرعية، والتوزيع على مستحقيها. ويمكن للمضحين أداء النسك بخطوات يسيرة، تتمثل في تسجيل الدخول إلى المنصة، ثم اختيار قائمة برامجنا، بعد ذلك اختيار برنامج الأضاحي، ثم اختيار نوع النسك المراد إخراجه، وتحديد عدده ثم توكيل المنصة. ويوفر البرنامج خيارات متنوعة تلبي احتياجات المتبرعين، تشمل: الأضحية والهدي خلال موسم الحج، والفدية، والعقيقة، والصدقة على مدار العام. ويأتي برنامج الأضاحي تسهيلاً لأداء النسك رقمياً للمضحين والحجاج عبر تقديم طلبات الأضاحي والصدقات، وتوكيل المنصة بإيصالها إلى مستحقيها في وقتها الشرعي.


عكاظ
منذ 7 ساعات
- عكاظ
حارات الحجاج في المدينة !
/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} حسين عويضة محمد البكري عبدالغني القش اكتسب أهل المدينة المنورة، خاصية استقبال ضيوف الرحمن وزوار المسجد النبوي وعُرف عنهم حبهم وترحيبهم وحفاوتهم، ويجد الحاج عندهم الراحة والطمأنينة والسكنية في وقت كان عدد الفنادق قليلاً لا يفي بحاجة آلاف الضيوف.. وهنا تدور أسئلة: كيف كانت الفنادق والدور السكنية تستوعب العدد الكبير؟.. وكيف تحولت منازل أهل المدينة لسكنٍ للحجاج؟ إلى أين يمضي السكان حين ينزل الحجاج في منازلهم؟ ما أبرز ملامح تلك الفترة حين تتحول الأحياء إلى حارات للحجاج؟ مع بداية ظهور مؤسسة الأدلاء، كانت خدمة الحجاج في المدينة المنورة تتم بشكل فردي من بعض الأسر المعروفة وغالباً كانوا من العلماء والوجهاء الذين يقومون بإرشاد الحجاج وتلبية حاجاتهم، وحدد النظام ضوابط ممارسة هذه المهنة وانتخاب هيئة لها من 10 أشخاص، ثم حدث التحول إلى مؤسسة أهلية (1405هـ)، وشكّل ذلك نقطة تحول مهمة، وصدر الأمر بإنشاء المؤسسة الأهلية للأدلاء بالمدينة المنورة، وأحال الأمر الخدمة من الطابع الفردي إلى العمل المؤسسي الجماعي؛ وذلك للارتقاء بمستوى الخدمات، ثم حدث التحول إلى شركة في 1440هـ، واستكملت إجراءات التأسيس لشركة الأدلاء (شركة مساهمة مغلقة)، إنفاذاً للمرسوم الملكي.. العيد في البساتين يواصل حسين عويضة ويضيف: كان القائمون على المتاجر والبسطات من أبناء البلد، وهم أصحابها، يُديرون العمل بأنفسهم، لا يغيب عنّي ذكر المردُود الثقافي والفكري الذي كان يعود على أهل المدينة المنورة، من خلال احتكاكهم بالحجاج بمختلف أطيافهم؛ ما نتج عنه تلاقح فكري وثقافي جعل أبناء المدينة المنورة، أكثر انفتاحاً بالتقائهم الحجاج وتعايشهم معهم في سكن، وازدادوا بها ثقافةً وفكراً وقبولاً للآخرين، ومن الأشياء الجميلة التي كان عليها أهل المدينة المنورة.. بعد مغادرة ضيوف الرحمن للمشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج إذ كانت هناك طقوس جميلة في يوم الوقوف في عرفة تشبه أيام رمضان، وينتشر بيع المأكولات والمشروبات الرمضانية ويتدفّق الأهالي بعد صلاة العصر رجالاً ونساء وأطفالاً قاصدين المسجد النبوي للإفطار وأداء صلاة المغرب في رحابه، ويُسمّى عندهم يوم الوقفة وليلة العيد الكبير، إذ يجتمعون معاً لقضاء أيام عيد الأضحى بقلوب صافية ونفوس راضية أقارب وجيران من الذين لم يُكتب لهم الحج، واعتاد كثير من أهل المدينة المنورة في عيد الأضحى قضاء العيد في مزارع وبساتين المدينة التي تقع في قباء، والعوالي، وقربان، والعيون، والعاقول وبئر عثمان يَذْبحون أُضْحياتهم، ويقضون أحلى أوقاتهم في أجواء أخويّة وأسريّة، يتمتع جميعهم بروح مُتقاربة ومُتحابّة مُتفائلة ومُتسامحة ومُتعاضدة ومُتكاتفة، كان الناس في تلك الأزمنة يعيشون حياة بسيطة جميلة يترفّعون فيها عن الخوض فيما لا يعنيهم، ويتجنبون الإساءة، مُستشعرين قدسيّة المكان وشرف الجيرة، ويتحَلّون بكَظم الغيظ والعفو والسماح والإحسان، جوار سيد الأنبياء والأخيار صلى الله عليه وسلم، في مدينة المهاجرين والأنصار، وفي انتظار الموسم الثاني لاستقبال الحجاج والترحيب والاحتفاء بعد أداء مناسك الحج. يا هلا ويا مرحبا أحد الأدلاء السابقين خير الدين بصراوي، يؤكد ان أهل المدينة المنورة يتميزون بكرم الضيافة وحسن استقبال الزوار وضيوف الرحمن، وهذا جزء أصيل من ثقافتهم وعاداتهم المتوارثة، ويستقبل أهل المدينة المنورة زوارهم بترحيب وابتسامة صادقة، تعكس سعادتهم بقدومهم. عبارات الترحيب مثل «يا هلا ويا مرحبا» و«حياكم الله» تسمع بشكل متكرر، وعرف عنهم إكرام الضيف الذي يعتبر لديهم من القيم الأساسية، ويتجلى ذلك بوضوح في تعاملهم، وتقديم القهوة العربية والتمور يعتبر من أساسيات الضيافة المدنية الأصيلة، ويبادر البعض بدعوة الزوار إلى منازلهم لتقديم وجبة أو استضافتهم، وتوجد جمعيات متخصصة مثل «جمعية ضيافة المدينة المنورة لخدمة الحجاج والمعتمرين»، التي تُعنى بتقديم الضيافة الراقية وتثقيف الزوار المساعدة والتوجيه ويبدي أهل المدينة استعداداً دائماً لمساعدة الزوار وتقديم المعلومات والتوجيهات التي يحتاجونها، وقد يصطحبون الزوار إلى الأماكن الدينية أو يرشدونهم إلى الخدمات المختلفة. كما تشارك العديد من الفرق التطوعية والجهات الخيرية في تنظيم الموائد وتقديم الوجبات للصائمين والزوار، ويشجع أهل المدينة المنورة زوارهم على زيارة المواقع الدينية والتاريخية في المدينة المنورة مثل مسجد قباء، ومقبرة البقيع ويقدمون لهم المعلومات والنصائح المتعلقة بآداب الزيارة وفضل هذه الأماكن، ويحرص أهل المدينة على توفير جو من الهدوء والسكينة للزوار في محيط الأماكن الدينية، ليتمكنوا من أداء عباداتهم ونسكهم براحة، ويتعامل أهل المدينة مع الزوار من مختلف الجنسيات والثقافات بتسامح واحترام، ويعكسون بذلك الصورة الحقيقية للإسلام وقيمه السمحة، وهذه العادات والتقاليد الأصيلة تعكس كرم أهل المدينة المنورة ما يترك انطباعاً طيباً وذكريات جميلة لدى كل من زار هذه البقعة المباركة. الكلام بلغة الإشارة «عكاظ» استطلعت آراء عدد من المختصين في كيفية تحول العمل الفردي لإسكان ضيوف الرحمن في المدينة المنورة إلى عمل مؤسسي منظم، وكيف تحولت منازل الأهالي في فترة سابقة إلى مساكن لضيوف الرحمن. الباحث والمؤرخ الدكتور محمد أنور البكري يشير إلى أن إسكان الحجاج في السابق كان يعتمد على الأدلاء الذين لا يتجاوز عددهم 200 دليل في المدينة المنورة، وكانوا يشرفون على إسكان الحجاج في منازلهم والمنازل المجاورة لهم، وتتم تهيئة المنازل من بعد شوال، ومع نهاية الحج يقوم الأدلاء في المدينة بزيارة الدول لمعرفة عدد الحجاج والاتفاق معهم، وكل دليل معروف يتولى إسكان حجاج دولة معينة، وكان الأدلاء يبرمون اتفاقات بعدم تدخل أي دليل على نشاط الآخر والحرص على التعاون، ويتم توفير السكن المناسب في حالة عدم توفر مساكن للدليل. المهم في الأمر حرص وإجماع كل الأدلاء على راحة ضيوف الرحمن، ويقوم الدليل بتقديم واجبات الضيافة وإكرام الحجاج خير إكرام، ويعمل مع الجيران على توفير متطلباتهم وترتيب زيارة المواقع الإسلامية والتاريخية، وجميع الجهات الحكومية تتضافر لتقديم أفضل الخدمات لهم، وما يميز تلك الفترة الارتباط والصداقات التي تتكون بين ضيوف الرحمن وأهل المدينة وزيارة النساء لبعضهن، والتخاطب بلغة الإشارة في حال عدم التحدث باللغة العربية، وكثير من الحجاج تعرفوا على العادات والتقاليد وعلـي طباع أهل المدينة المنورة في أكلهم وأزيائهم، كما تعلمت النساء في المدينة طهي الأطعمة الهندية والتركستانية وغير ذلك. ويشير البكري إلى أن عدد الحجاج في السابق لم يكن يتجاوز 200 ألف حاج، يأتون عبر القوافل برّاً أو عن طريق البواخر، ومع تزايد أعدادهم نظمت الدولة إسكانهم عبر شركة الأدلاء. أخبار ذات صلة يؤثرون على أنفسهم المستشار الإعلامي عبدالغني القش يقول: أهالي المدينة المنورة درجوا وما زالوا يستقبلون الحجاج بكل فرح وسرور، يسكنونهم في منازلهم، يقدمون لهم الطعام والشراب الذي يأكلون منه إكراماً، لهم فإذا كان المنزل كبيراً فإن العائلة تصعد إلى الدور العلوي وتترك الدور الأرضي للحجاج، والبعض منهم يغادر المنزل بالكامل ويذهب إلى منزل مجاور، إما أن يكون لأبيه أو لأمه أو أحد أقربائه من الدرجة الأولى، ورغم أن المنازل في ذلك الوقت كانت صغيرة المساحة لكن القلوب كانت منشرحة والصدور منفتحة، يفعلون ذلك من باب الإيثار، وهذا يذكرنا بما فعله الأنصار مع المهاجرين رضوان الله عليهم أجمعين. ويا لها من صورة إنسانية رائعة خلدها القرآن لهم وأثنى عليهم ثناءً منقطع النظير، وهذا العمل الذي كان يقوم به أهل المدينة المنورة جعلهم يكتسبون ثقافات متعددة؛ لأن الحجاج الذين كانوا ينزلون في منازلهم من جنسيات مختلفة، ففي عام يكون الحجاج من الأتراك وفي العام الذي يليه من إندونيسيا وبقية دول العالم الإسلامي، فامتزجت الثقافات، واكتسب أهل المدينة المعارف الإنسانية. امتزاج مشترك في التقاليد ويضيف عبدالغني القش: بعض الحجاج كانوا يمتزجون بعادات وتقاليد أهل المدينة المنورة مثلما يمتزج الأهالي بعادات ضيوفهم، ومن ذلك مثلاً تقديم ما يعرف بالحلوى العجمية في المناسبات، والتركية. أما بعض المأكولات فقد باتت مستساغة عند أهل المدينة المنورة، ولا يعرفها الكثير من سكان الجزيرة العربية باستثناء مكة المكرمة، أما في عصرنا الحالي فقد تحولت تلك المنازل والدور إلى فنادق وشقق سكنية تشرف عليها أجهزة الدولة بتنظيم دقيق ومراقبة مستمرة، ما جعل الجيل الحالي بعيداً عن اكتساب تلك العادات والتقاليد والمعارف التي كانت منتشرة في زمن مضى، وعندما يستذكر الإنسان تلك الأيام فإن الابتسامة ترتسم على شفتيه، فقد كانت الحياة بسيطة إلى أبعد الحدود، وكان الحاج لا يحتاج إلى مزيد أثاث، بل ربما افترش بعضهم الأرض والتحف السماء؛ لأنه آت ليكتسب الأجر ويسعى إلى مرضاة الله وينال ثواب الحج؛ ليعود منه كما ولدته أمه، فلا تعنيه الدنيا في شيء لا يهتم لفراش وثير، ولا لتجهيزات حديثة، ولا لأدوات حضارية في صورة إنسانية بديعة قل أن توجد في أرجاء العالم أجمع أخوة الإسلام، وإنسانية الآدميين ورقي الأخلاق والتسامح والتعايش والمودة. لبان لامي وبخور المشرف التربوي والكاتب الصحفي حسين عويضة، يقول: أهل المدينة اعتادوا في شهور الحج تقسيمه إلى موسمين: موسم قبل الحج ويُطلق عليه: الموسم الأول وفيه يتدفّق حَشدٌ كبير من الحجيج لزيارة المسجد النبوي والصلاة فيه، والتشرف بالسلام على رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وصاحبيه رضوان الله عليهما، قبل أدائهم فريضة الحج، والفترة الأخرى بعد الحج ويُطلق عليها: (الموسم الثاني) ويتّجه جمعٌ كبير من الحُجّاج إلى المدينة الّذين لم يسبق لهم زيارتها قبل الحج، ونظراً لافتقار المدينة في تلك الحقْبة الزمنية إلى فنادق ووحدات سكنية خاصة للسّكن كانوا يسكنون في بيوت الأهالي. وكان الأهالي يستعدون قبل الحج بتجهيز ملحقات المنازل في الأسطح بعد إخلاء باقي الغرف لسُكنى الحجّاج، ويتم ذلك في الموسمين الأول والثاني، ويصعب وصف البهجة التي كان يشعر بها أهل المدينة صغاراً وكباراً. عند نزول الحجاج في موسم الحج تشهد المدينة المنورة، حراكاً تجارياً كبيراً، فهو مصدر رزق لأهلها ينتظرونه كل عام، ترى المتاجر ممتلئة بالأقمشة والسجّاد والعِطَارة والمجوهرات والأدوات الكهربائية وغيرها من المستلزمات التي يحتاجها الحاج، وترى البسطات تُنصَب أمام المحلات وبسطات تُنصَب في الطرقات لبيع العُطور والسُّبَح وسجّاد الصلاة والعصيرات والشاي بالحليب والهدايا واللّبان اللامي والشامي والبخُور وغيرها. مواقع تاريخية ترحِّب بزوارها المدينة المنورة تزخر بالمواقع التاريخية والإسلامية، التي يحرص الزوار على زيارتها، وأبرزها مسجد قباء، وهو أول مسجد بني في الإسلام، أسسه النبي -صلى الله عليه وسلم- عند وصوله إلى المدينة المنورة. يقع في الجنوب الغربي من المدينة، ويحرص الزوار على الصلاة فيه اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، ومسجد القبلتين يتميز بأنه المسجد الذي صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون، صلاتين باتجاهين مختلفين للقبلة؛ الأولى باتجاه بيت المقدس والثانية باتجاه الكعبة المشرفة بعد نزول الوحي بتحويل القبلة. والمساجد السبعة: مجموعة من ستة مساجد صغيرة تاريخية تقع في الجهة الغربية من جبل سلع، وترتبط بغزوة الخندق. تشمل مسجد الفتح (أكبرها)، ومسجد سلمان الفارسي، ومسجد أبي بكر الصديق، ومسجد عمر بن الخطاب، ومسجد علي بن أبي طالب، ومسجد فاطمة رضي الله عنهم، ومسجد الجمعة: بُني في الموقع الذي صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- أول صلاة جمعة بعد هجرته إلى المدينة المنورة ومسجد المصلي ويقع بالقرب من المسجد النبوي؛ وهو المكان الذي صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة العيد والاستسقاء. ومسجد الإجابة (بني معاوية): يقع شمال شرقي البقيع، ويُروى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا فيه دعاءً استجاب الله له في ثلاث مسائل، وزيارة بقيع الغرقد: المقبرة الرئيسية في المدينة المنورة، وتضم قبور العديد من آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوجاته وأصحابه الكرام والتابعين، وزيارة جبل أحد وهو موقع غزوة أحد الشهيرة، ويضم مقبرة شهداء أحد، وعلى رأسهم حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه.


الرياض
منذ 10 ساعات
- الرياض
مبادرات المملكة.. استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الترجمةالحـج الـذكـي
كيف تخدم التقنيات الحديثة ضيوف الرحمن؟ الحج شعيرة عظيمة تجمع المسلمين من مختلف بقاع الأرض، في مشهد مهيب يجسد وحدة الأمة الإسلامية رغم اختلاف الأعراق واللغات والثقافات. ومع زيادة أعداد الحجاج عامًا بعد عام، وتعقد متطلبات التنظيم والخدمات أصبحت إدارة هذا الحدث الديني والإنساني الجبار تحدي صعب يتطلب حلولًا مبتكرة وكفاءات تنظيمية عالية، وتقنيات حديثة تستجيب لحجم المسؤولية وتعقيد الظروف الميدانية. ومن بين أبرز التحديات التي ظلت تؤرق المنظمين مسألة التواصل الفعال مع الحجاج الذين يتحدثون عشرات اللغات ويمثلون ثقافات شديدة التنوع وهنا تحديدًا تبرز أهمية الترجمة وخاصة الترجمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، كأداة مهمة في تيسير مناسك الحج وخدمة ضيوف الرحمن. إن الترجمة في الحج لا تعد ترفًا بل ضرورة أساسية لضمان أمن وسلامة الحجاج ولتمكينهم من أداء مناسكهم على الوجه الصحيح، وفهم التعليمات التنظيمية والصحية، والتفاعل مع الفرق الميدانية، والتزود بالمعلومات الدينية بلغاتهم الأم. وفي ظل الحشود الهائلة التي تتدفق إلى مكة والمدينة كل عام من أكثر من مئات الجنسيات، ومع وجود أعداد ضخمة من الحجاج الذين لا يتحدثون العربية أو حتى الإنجليزية فإن استخدام الوسائل التقليدية في الترجمة لم يعد كافيًا أو عمليًا. ومن هنا جاءت الحاجة إلى حلول تقنية ذكية قادرة على توفير الترجمة اللحظية والدقيقة والمتعددة اللغات بطريقة تتسم بالمرونة والسرعة، وتغطي المساحات الواسعة للمشاعر المقدسة والمرافق المحيطة بها. ومع التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي أصبح بالإمكان تطوير تطبيقات ترجمة ذكية لا تقتصر فقط على النصوص بل تتعامل مع الصوت والصورة والإشارات، وتعمل في الزمن الحقيقي وتدعم عشرات اللغات المختلفة. كما أصبحت هذه التطبيقات أساسية في الهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء، والروبوتات، والشاشات التفاعلية، الأمر الذي يجعلها في متناول الجميع ويزيد من فعاليتها في البيئات المزدحمة والمعقدة مثل موسم الحج. وقد أولت المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بتحسين تجربة الحج والعمرة من خلال التوسع في استخدام التقنيات الذكية، حيث أطلقت العديد من المبادرات الرائدة التي تستند إلى الذكاء الاصطناعي، سواء في الترجمة أو إدارة الحشود أو الأمن أو الخدمات الصحية. وتعد مبادرة «حج ذكي» نموذج واضح على هذا التوجه حيث يتم توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لإنشاء منظومة خدماتية متكاملة تعنى بتجربة الحاج من لحظة تسجيله حتى مغادرته، بما في ذلك الترجمة والإرشاد والتوجيه. ولذلك ظهرت تطبيقات خاصة بالترجمة موجهة للحجاج، وغيرها من التطبيقات التي تقدم محتوى ديني وإرشادي متعدد اللغات، مدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتُحدث بشكل مستمر بناءً على احتياجات المستخدمين وسلوكياتهم. هذه المبادرات وغيرها تمثل نقلة نوعية في طريقة التعامل مع حاج غير ناطق بالعربية، وتجعل تجربة الحج تجربة إنسانية وروحية متكاملة. تطور تجربة الحج تاريخيًا لطالما كان الحج شعيرة كبرى تجمع المسلمين على اختلاف أعراقهم ولغاتهم، وقد شهدت هذه الشعيرة تحولات كبرى عبر العصور، ففي حين كان الحج في الماضي يُؤدَّى في ظروف شديدة الصعوبة من ناحية النقل والسكن والتغذية والتواصل، أصبحت تجربة الحج اليوم أكثر أمانًا وتنظيمًا وسهولة. ومع ذلك لا تزال هناك تحديات تفرضها الكثافة العددية، وتعدد اللغات، واختلاف الثقافات، والاحتياجات المتزايدة للحجاج، فأصبح تطوير المنظومة التقنية أحد ضروريات إدارة هذا الحدث العالمي. التحدي اللغوي في مواسم الحج من بين أبرز التحديات التي كانت ولا تزال تواجه منظومة الحج، هو التحدي اللغوي. فالحجاج ينتمون إلى أكثر من 150 جنسية ويتحدثون عشرات اللغات منها من لا يحظى بانتشار واسع، وفي هذا التنوع يصبح من العسير على الجهات التنظيمية أن توصل الرسائل الدينية أو الإدارية أو الأمنية لكل حاج بلغته دون وجود أدوات ترجمة ذكية وفعالة. (الترجمة الآلية والذكاء الاصطناعي) الترجمة الآلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي أصبحت أكثر دقة وهذا التطور جعل التطبيقات مثل Google Translate وMicrosoft Translator وDeepL وحتى تطبيقات مخصصة للحج أكثر قدرة على نقل المعاني بدقة وواقعية. (مبادرات المملكة في توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة الحجاج) تمضي المملكة العربية السعودية بخطوات سريعة نحو تسخير أحدث التقنيات العالمية لتطوير منظومة الحج والعمرة، واضعةً راحة الحجاج وسلامتهم وكرامتهم في صدارة أولوياتها. ويأتي الذكاء الاصطناعي كأحد الأعمدة التقنية الرئيسة التي اعتمدت عليها المملكة في مساعيها لتقديم خدمات مبتكرة واستباقية لضيوف الرحمن. فمن خلال توظيف هذه التقنية المتقدمة، لم تعد الخدمات مقتصرة على الشكل التقليدي، بل تحولت إلى منظومة ذكية وشاملة تسهم في تحسين تجربة الحج من جميع الجوانب: الصحية، التنظيمية، الأمنية، والإرشادية. وقد انعكست هذه الجهود في صورة مبادرات نوعية ومشاريع استراتيجية أطلقتها جهات متعددة مثل وزارة الحج والعمرة، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي 'سدايا'، وغيرها من الجهات المعنية. وامتدت هذه المبادرات لتشمل استخدام الروبوتات الذكية، والسوارات الصحية المتصلة، والمركبات ذاتية القيادة، إلى جانب منظومات رقمية متكاملة لإدارة الحشود، وتحليل البيانات الضخمة لتوقّع السلوكيات وتقديم الحلول في الزمن الحقيقي. وإن هذه النقلة النوعية لا تعد مجرد تحسينات تقنية، بل هي ترجمة عملية لحسن الضيافة السعودية، ولحرص القيادة الرشيدة على أن يكون الحج رحلة إيمانية سلسة وآمنة تعكس روح التقدم والابتكار، دون الإخلال بجوهر الشعيرة وقدسيتها. ومن أهم مبادرات المملكة في توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة الحجاج: روبوت متعدد اللغات أحدثت التقنيات الحديثة نقلة نوعية في مجال الإرشاد الديني داخل الحرم المكي، حيث أطلقت الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين روبوتًا ذكيًا قادرًا على تقديم الفتوى الشرعية بترجمة فورية إلى 11 لغة عالمية. تشمل هذه اللغات: العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الروسية، الفارسية، التركية، الملايوية، الأوردية، الصينية، البنغالية، والهوسا. ويتميز هذا الروبوت بشاشة لمس تتيح للزائرين التفاعل معه بسهولة، فيعزز تجربة الحاج الدينية، وتوفير المعلومات الفقهية بلغته الأم دون الحاجة للانتظار أو البحث. ضمن جهود الحفاظ على بيئة نظيفة وآمنة في الحرم المكي، طورت وكالة الخدمات والشؤون الميدانية 'مكانس تطهير ذكية' تعمل يدويًا وإلكترونيًا، وتدار عبر تطبيق مزوّد بخرائط ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي. وفي جانب آخر، سُخّرت الروبوتات لتوزيع عبوات مياه زمزم على الحجاج بشكل آلي. وأطلقت شركة الزمازمة جهازًا يحمل اسم 'بشرى زمزم'، يتيح للحاج الحصول على ثلاث عبوات يوميًا مجانًا، باستخدام بطاقة الحج الذكية عبر رمز باركود خاص، دون أي تدخل بشري، وقد تم تركيب هذه الأجهزة في عشرة مواقع داخل مساكن الحجاج في مكة المكرمة. الطبيب الآلي.. رعاية صحية دقيقة وسريعة من أبرز الابتكارات التي يشهدها موسم الحج هو إدخال الطبيب الآلي في المرافق الصحية. تم تجهيز الروبوتات لتقديم الاستشارات الطبية للحجاج، ومساعدتهم في الحصول على العلاج دون الحاجة إلى انتظار طويل. ويمكن للروبوت التفاعل مع المرضى، وتقديم توجيهات طبية أولية بناءً على الحالة، وفي الحالات المعقدة يتم تحويل الحالة مباشرة إلى الطبيب المختص، مع إرسال شرح مفصّل عن الأعراض ما يساعد في تسريع عملية التشخيص والعلاج. سوار الحج الذكي من الابتكارات اللافتة 'سوار نسك' الذكي، الذي يرافق الحاج في رحلته ويقدم خدمات صحية فورية مثل قياس مستوى الأكسجين ونبضات القلب، إلى جانب القدرة على إرسال نداءات طوارئ صحية أو أمنية بسرعة فائقة. وتم تحسين التطبيق المرتبط بهذا السوار ليشمل دليلاً شاملاً لأداء المناسك. لذا يعتبر نسك أداة متكاملة تسهل على الحاج تجربته من لحظة وصوله وحتى نهاية المناسك. بطاقة شعائر الذكية اعتمدت وزارة الحج والعمرة بطاقة شعائر الذكية كوسيلة. تسهل على الحجاج الوصول إلى خدمات عديدة بلمسة واحدة. تحتوي البطاقة على بيانات الحاج الصحية والشخصية ومقر إقامتهم، وتمكنه من تقديم الشكاوى وتقييم مستوى الخدمة، وإرشاد التائهين. 'سدايا' تسهم في إدارة الحشود قدمت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي 'سدايا' حزمة من الخدمات التقنية المتقدمة خلال موسم الحج وذلك تنفيذًا لتوجيهات القيادة الرشيدة التي تؤكد على أهمية تسخير أحدث الابتكارات لضمان تجربة حج آمنة وميسرة. ومن بين أبرز هذه المبادرات الرائدة أطلقت سدايا منصتي 'بصير' و'سواهر' وهما نظامان ذكيان يقدمان حلولًا تقنية متكاملة تعزز من جودة التنظيم والمراقبة والتفاعل في المشاعر المقدسة. وتعد 'بصير' منصة وطنية ذكية متقدمة تعتمد على منظومة من الخوارزميات المطورة محليًا وتهدف بشكل أساسي إلى إدارة الحشود داخل المسجد الحرام ومحيطه بكفاءة عالية. وتعمل المنصة على تتبع وتحليل السلوكيات البشرية، وقراءة تعابير الوجوه، وإحصاء أعداد المتواجدين في المنطقة المركزية للحرم، وتحديد مناطق الكثافة والازدحام. كما تسهم 'بصير' في دعم جهود التوجيه والتنظيم من خلال القدرة على رصد الأشخاص التائهين وتوفير تحليلات آنية تساعد الجهات المختصة في تسهيل الحركة خاصة في محيط المسجد الحرام. أما 'سواهر' فهي منصة ذكية متقدمة توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل بث وتسجيلات الكاميرات الأمنية المنتشرة في المشاعر المقدسة. وهكذا تبرهن المبادرات السعودية في توظيف الذكاء الاصطناعي على حرص المملكة على تسخير أحدث التقنيات لخدمة ضيوف الرحمن بما يضمن لهم أداء مناسكهم بأمن ويسر وطمأنينة، ويظهر في الوقت ذاته رؤية وطنية طموحة تتطلع إلى مستقبل ذكي وإنساني في وقت واحد. تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي رغم التقدم الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي والترجمة الآلية إلا أن هناك تحديات حقيقية تواجه استخدامها في الحج، أبرزها تعدد اللهجات المحلية، فبعض الحجاج لا يتحدثون اللغة الرسمية لبلادهم بل يستخدمون لهجات محلية يصعب على أنظمة الذكاء الاصطناعي التعرف عليها بدقة. وأيضًا اللغات النادرة، فلا تزال بعض اللغات المستخدمة في الحج غير مدعومة بشكل كافٍ في التطبيقات الحالية. وغياب الترجمة الدقيقة، فمن الناحية الدينية قد تحمل الكلمة الواحدة دلالات شرعية وفقهية دقيقة يصعب على الترجمة الآلية أن تلتقطها دائمًا بالشكل الصحيح. وأخيرًا تحديات الاتصال بالإنترنت، فبعض خدمات الترجمة تتطلب اتصالاً دائمًا بالشبكة وهو أمر قد لا يكون متاحًا في كل مكان أو لكل حاج خاصةً في أوقات الذروة. أثر الذكاء الاصطناعي على تجربة الحجاج أسهمت تطبيقات الترجمة في مساعدة ملايين الحجاج على فهم مناسك الحج خطوة بخطوة بلغاتهم الأصلية مما سبب بتقليل حالات الخطأ أو الارتباك أو الانقطاع في الشعيرة، كما ساعد على رفع مستوى الطمأنينة والتفاعل. وأيضًا في الحالات الطارئة، يكون التواصل السريع والدقيق أمرًا مهمًا لذا وفرت الترجمة الذكية أداة فعالة لشرح الأعراض وتلقي التعليمات الطبية، وفهم التوجيهات الأمنية بسرعة مما أنقذ حياة العديد من الحجاج، وساعد في السيطرة على الحشود. كما طورت خدمات الترجمة الفورية لخطب الجمعة والدروس العلمية بحيث تبث مباشرة بعدة لغات عبر السماعات والشاشات، وتطبيقات الهواتف الذكية، فساعد ذلك في إيصال المفاهيم الدينية الصحيحة لكل حاج. نواف القحطاني، خبير مهتم في الذكاء الاصطناعي، أكد أن المملكة العربية السعودية تسعى لتحقيق تحول رقمي شامل في كافة جوانب الحج، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي في الحج ليس مجرد أدوات تقنية بل هو حل لتحسين تجربة الحاج بالكامل. وأضاف أن المملكة تطمح من خلال هذه التقنيات إلى تحسين إدارة الحشود بشكل أكثر فاعلية وأمانًا. ومن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي سيتمكن الحجاج من الاستفادة من تقنيات الترجمة الفورية بشكل أكبر، مما يحسن من تواصلهم ويسهم في تقليل الفجوات اللغوية. كما أضاف القحطاني أن التحليل المستمر للبيانات الكبيرة سيمكن من التنبؤ بالأزمات والمشكلات المحتملة في الوقت المناسب مما يسمح باتخاذ إجراءات وقائية فعالة. أما معاذ محمد، مبرمج تطبيقات، فقال أن من المحتمل أن يتم العمل على تطوير تطبيقات ستساعد في تحسين التوجيه وتقديم حلول فورية للمشاكل التي قد تواجه الحجاج. وأكد أن المملكة بصدد تطوير حلول لتوجيه الحجاج في المواقع الأكثر ازدحامًا وهو ما يساهم في تقليل التوتر والازدحام وتحسين تدفق الحجاج. فيما تحدثت سارة عسيري، مترجمة ميدانية، عن التحول الكبير الذي شهدته خدمات الترجمة في موسم الحج خلال السنوات الأخيرة، فقالت: 'التحول كان مذهلًا، ففي السابق كنا نعتمد بشكل كامل على الترجمة البشرية، وكان الضغط كبيرًا جدًا بسبب عدد الحجاج وتنوع لغاتهم. أما اليوم مع إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت أدوات الترجمة الذكية تساندنا بشكل كبير، وأصبح بإمكاننا التفاعل مع الحجاج بشكل أسرع وفهم احتياجاتهم حتى في المواقف الطارئة. وهذا أحدث فرقًا كبيرًا في جودة الخدمة وسرعة الاستجابة.' وأضافت أن الذكاء الاصطناعي ساعد المترجمين على التركيز بشكل أكبر على الإشراف والتدقيق والتفاعل الإنساني مما زاد من دقة وسرعة الترجمة في المواقف الحساسة مثل الإرشاد الديني أو التوجيه الطبي. وتحدثت آية محمد، مترجمة ميدانية، عن التحديات التي كانت تواجه المترجمين قبل إدخال التقنيات الحديثة، قائلة: 'كنا نعتمد على مجهود بشري شاق. تخيل أنك وسط آلاف الحجاج كل منهم يتحدث لغة مختلفة، وكلهم بحاجة لفهم تعليمات دقيقة تتعلق بأمنهم أو شعيرتهم. كنا نترجم بالحدس أحيانًا ونعتمد على الإشارات أو حتى نبحث عمن يمكنه الترجمة معنا. أما اليوم هناك أدوات تقنية جعلت المهمة أكثر تنظيمًا. لا أقول إنها حلت كل شيء، لكنها أحدثت فرقًا عظيمًا.' وأكدت أن التقنية تسهل العمل لكنها لا يمكن أن تحل محل الإحساس البشري خاصة في الأمور الدينية أو لحظات الطوارئ التي تتطلب تعاطفًا وفهمًا عميقًا. مشعل عبدالعزيز، متطوع ميداني، تحدث عن التحديات التي يواجهها في الميدان، فقال: 'اللغة كانت دومًا أكبر تحدي، فأحيانًا نحاول أن نشرح شيئًا بسيطًا مثل الاتجاه الصحيح أو ضرورة الانتظار، ويضيع الوقت لأن الحاج لا يفهم اللغة أو يخاف من الخطأ. وجود أدوات تترجم لحظة بلحظة صار عامل أمان وسرعة وفعالية.' وأضاف أن هذه الأدوات أثرت بشكل كبير على طريقة تفاعله مع الحجاج، قائلاً: 'بدلاً من أن أشعر أنني أكرر نفس الكلمة عشرات المرات، صرت أركز على التوجيه الإنساني، وأرى في وجه الحاج ارتياحًا لا يقدر بثمن. أصبح بيننا نوع من الفهم، وهذا غير كثيرًا في تجربتي.' نوف العنزي، متطوعة ميدانية، تذكرت موقفًا أثر في تجربتها، حيث قالت: 'ذات يوم جاءت إلينا حاجة مسنّة كانت تبكي لأنها ضاعت عن مجموعتها ولا تفهم اللغة. حاولنا تهدئتها ثم استخدمنا وسيلة تواصل آلية لترجمة حديثها. وبمجرد أن فهمنا ما تريده، استطعنا مساعدتها.' وأضافت أن التقنية ساعدت في ذلك كثيرًا، قائلة: 'ما كان سيأخذ منا وقتًا وجهدًا وتوترًا تم خلال دقائق. الحاجة شعرت بالأمان وقالت لي بعدها: «كأنني بين أهلي». شعرت أنني ساعدت إنسانة أن تعيش حجها بسلام.' وفي النهاية يتضح أن استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الترجمة في موسم الحج لم يعد خيارًا تقنيًا بقدر ما أصبح ضرورة لضمان نجاح هذه الشعيرة العظيمة في ظل الأعداد المتزايدة والتنوع اللغوي والثقافي الكبير. لقد استطاعت المملكة العربية السعودية من خلال رؤيتها المستقبلية الطموحة وجهودها المتواصلة أن تحول تجربة الحج من مجرد أداء جماعي لمناسك دينية إلى رحلة إنسانية شاملة تتجسد فيها روح الابتكار والرحمة والعناية الفائقة بضيوف الرحمن. فمع دخول الترجمة الذكية والأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أصبح الحاج اليوم أكثر قدرة على فهم الشعائر وأداء المناسك بثقة وسكينة، بغض النظر عن خلفيته اللغوية أو الثقافية. كما أسهمت هذه التقنيات في تقليص الفجوة بين الحجاج والمنظمين، وساعدت في تقليل حالات التوتر أو التشتت، ورفعت من مستوى التفاعل الإنساني بين الحاج والعاملين في الميدان. وهكذا تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة تقنية إلى رفيق حقيقي للحاج، يسنده ويعينه ويدله في كل خطوة من رحلته المقدسة.