logo
مبادرات المملكة.. استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الترجمةالحـج الـذكـي

مبادرات المملكة.. استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الترجمةالحـج الـذكـي

الرياضمنذ يوم واحد

كيف تخدم التقنيات الحديثة ضيوف الرحمن؟
الحج شعيرة عظيمة تجمع المسلمين من مختلف بقاع الأرض، في مشهد مهيب يجسد وحدة الأمة الإسلامية رغم اختلاف الأعراق واللغات والثقافات. ومع زيادة أعداد الحجاج عامًا بعد عام، وتعقد متطلبات التنظيم والخدمات أصبحت إدارة هذا الحدث الديني والإنساني الجبار تحدي صعب يتطلب حلولًا مبتكرة وكفاءات تنظيمية عالية، وتقنيات حديثة تستجيب لحجم المسؤولية وتعقيد الظروف الميدانية. ومن بين أبرز التحديات التي ظلت تؤرق المنظمين مسألة التواصل الفعال مع الحجاج الذين يتحدثون عشرات اللغات ويمثلون ثقافات شديدة التنوع وهنا تحديدًا تبرز أهمية الترجمة وخاصة الترجمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، كأداة مهمة في تيسير مناسك الحج وخدمة ضيوف الرحمن.
إن الترجمة في الحج لا تعد ترفًا بل ضرورة أساسية لضمان أمن وسلامة الحجاج ولتمكينهم من أداء مناسكهم على الوجه الصحيح، وفهم التعليمات التنظيمية والصحية، والتفاعل مع الفرق الميدانية، والتزود بالمعلومات الدينية بلغاتهم الأم. وفي ظل الحشود الهائلة التي تتدفق إلى مكة والمدينة كل عام من أكثر من مئات الجنسيات، ومع وجود أعداد ضخمة من الحجاج الذين لا يتحدثون العربية أو حتى الإنجليزية فإن استخدام الوسائل التقليدية في الترجمة لم يعد كافيًا أو عمليًا. ومن هنا جاءت الحاجة إلى حلول تقنية ذكية قادرة على توفير الترجمة اللحظية والدقيقة والمتعددة اللغات بطريقة تتسم بالمرونة والسرعة، وتغطي المساحات الواسعة للمشاعر المقدسة والمرافق المحيطة بها.
ومع التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي أصبح بالإمكان تطوير تطبيقات ترجمة ذكية لا تقتصر فقط على النصوص بل تتعامل مع الصوت والصورة والإشارات، وتعمل في الزمن الحقيقي وتدعم عشرات اللغات المختلفة. كما أصبحت هذه التطبيقات أساسية في الهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء، والروبوتات، والشاشات التفاعلية، الأمر الذي يجعلها في متناول الجميع ويزيد من فعاليتها في البيئات المزدحمة والمعقدة مثل موسم الحج.
وقد أولت المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بتحسين تجربة الحج والعمرة من خلال التوسع في استخدام التقنيات الذكية، حيث أطلقت العديد من المبادرات الرائدة التي تستند إلى الذكاء الاصطناعي، سواء في الترجمة أو إدارة الحشود أو الأمن أو الخدمات الصحية. وتعد مبادرة «حج ذكي» نموذج واضح على هذا التوجه حيث يتم توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لإنشاء منظومة خدماتية متكاملة تعنى بتجربة الحاج من لحظة تسجيله حتى مغادرته، بما في ذلك الترجمة والإرشاد والتوجيه.
ولذلك ظهرت تطبيقات خاصة بالترجمة موجهة للحجاج، وغيرها من التطبيقات التي تقدم محتوى ديني وإرشادي متعدد اللغات، مدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتُحدث بشكل مستمر بناءً على احتياجات المستخدمين وسلوكياتهم. هذه المبادرات وغيرها تمثل نقلة نوعية في طريقة التعامل مع حاج غير ناطق بالعربية، وتجعل تجربة الحج تجربة إنسانية وروحية متكاملة.
تطور تجربة الحج تاريخيًا
لطالما كان الحج شعيرة كبرى تجمع المسلمين على اختلاف أعراقهم ولغاتهم، وقد شهدت هذه الشعيرة تحولات كبرى عبر العصور، ففي حين كان الحج في الماضي يُؤدَّى في ظروف شديدة الصعوبة من ناحية النقل والسكن والتغذية والتواصل، أصبحت تجربة الحج اليوم أكثر أمانًا وتنظيمًا وسهولة. ومع ذلك لا تزال هناك تحديات تفرضها الكثافة العددية، وتعدد اللغات، واختلاف الثقافات، والاحتياجات المتزايدة للحجاج، فأصبح تطوير المنظومة التقنية أحد ضروريات إدارة هذا الحدث العالمي.
التحدي اللغوي في مواسم الحج
من بين أبرز التحديات التي كانت ولا تزال تواجه منظومة الحج، هو التحدي اللغوي. فالحجاج ينتمون إلى أكثر من 150 جنسية ويتحدثون عشرات اللغات منها من لا يحظى بانتشار واسع، وفي هذا التنوع يصبح من العسير على الجهات التنظيمية أن توصل الرسائل الدينية أو الإدارية أو الأمنية لكل حاج بلغته دون وجود أدوات ترجمة ذكية وفعالة.
(الترجمة الآلية والذكاء الاصطناعي)
الترجمة الآلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي أصبحت أكثر دقة وهذا التطور جعل التطبيقات مثل Google Translate وMicrosoft Translator وDeepL وحتى تطبيقات مخصصة للحج أكثر قدرة على نقل المعاني بدقة وواقعية.
(مبادرات المملكة في توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة الحجاج)
تمضي المملكة العربية السعودية بخطوات سريعة نحو تسخير أحدث التقنيات العالمية لتطوير منظومة الحج والعمرة، واضعةً راحة الحجاج وسلامتهم وكرامتهم في صدارة أولوياتها. ويأتي الذكاء الاصطناعي كأحد الأعمدة التقنية الرئيسة التي اعتمدت عليها المملكة في مساعيها لتقديم خدمات مبتكرة واستباقية لضيوف الرحمن. فمن خلال توظيف هذه التقنية المتقدمة، لم تعد الخدمات مقتصرة على الشكل التقليدي، بل تحولت إلى منظومة ذكية وشاملة تسهم في تحسين تجربة الحج من جميع الجوانب: الصحية، التنظيمية، الأمنية، والإرشادية.
وقد انعكست هذه الجهود في صورة مبادرات نوعية ومشاريع استراتيجية أطلقتها جهات متعددة مثل وزارة الحج والعمرة، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي 'سدايا'، وغيرها من الجهات المعنية. وامتدت هذه المبادرات لتشمل استخدام الروبوتات الذكية، والسوارات الصحية المتصلة، والمركبات ذاتية القيادة، إلى جانب منظومات رقمية متكاملة لإدارة الحشود، وتحليل البيانات الضخمة لتوقّع السلوكيات وتقديم الحلول في الزمن الحقيقي. وإن هذه النقلة النوعية لا تعد مجرد تحسينات تقنية، بل هي ترجمة عملية لحسن الضيافة السعودية، ولحرص القيادة الرشيدة على أن يكون الحج رحلة إيمانية سلسة وآمنة تعكس روح التقدم والابتكار، دون الإخلال بجوهر الشعيرة وقدسيتها. ومن أهم مبادرات المملكة في توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة الحجاج:
روبوت متعدد اللغات
أحدثت التقنيات الحديثة نقلة نوعية في مجال الإرشاد الديني داخل الحرم المكي، حيث أطلقت الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين روبوتًا ذكيًا قادرًا على تقديم الفتوى الشرعية بترجمة فورية إلى 11 لغة عالمية. تشمل هذه اللغات: العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الروسية، الفارسية، التركية، الملايوية، الأوردية، الصينية، البنغالية، والهوسا. ويتميز هذا الروبوت بشاشة لمس تتيح للزائرين التفاعل معه بسهولة، فيعزز تجربة الحاج الدينية، وتوفير المعلومات الفقهية بلغته الأم دون الحاجة للانتظار أو البحث.
ضمن جهود الحفاظ على بيئة نظيفة وآمنة في الحرم المكي، طورت وكالة الخدمات والشؤون الميدانية 'مكانس تطهير ذكية' تعمل يدويًا وإلكترونيًا، وتدار عبر تطبيق مزوّد بخرائط ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي. وفي جانب آخر، سُخّرت الروبوتات لتوزيع عبوات مياه زمزم على الحجاج بشكل آلي. وأطلقت شركة الزمازمة جهازًا يحمل اسم 'بشرى زمزم'، يتيح للحاج الحصول على ثلاث عبوات يوميًا مجانًا، باستخدام بطاقة الحج الذكية عبر رمز باركود خاص، دون أي تدخل بشري، وقد تم تركيب هذه الأجهزة في عشرة مواقع داخل مساكن الحجاج في مكة المكرمة.
الطبيب الآلي.. رعاية صحية دقيقة وسريعة
من أبرز الابتكارات التي يشهدها موسم الحج هو إدخال الطبيب الآلي في المرافق الصحية. تم تجهيز الروبوتات لتقديم الاستشارات الطبية للحجاج، ومساعدتهم في الحصول على العلاج دون الحاجة إلى انتظار طويل. ويمكن للروبوت التفاعل مع المرضى، وتقديم توجيهات طبية أولية بناءً على الحالة، وفي الحالات المعقدة يتم تحويل الحالة مباشرة إلى الطبيب المختص، مع إرسال شرح مفصّل عن الأعراض ما يساعد في تسريع عملية التشخيص والعلاج.
سوار الحج الذكي
من الابتكارات اللافتة 'سوار نسك' الذكي، الذي يرافق الحاج في رحلته ويقدم خدمات صحية فورية مثل قياس مستوى الأكسجين ونبضات القلب، إلى جانب القدرة على إرسال نداءات طوارئ صحية أو أمنية بسرعة فائقة. وتم تحسين التطبيق المرتبط بهذا السوار ليشمل دليلاً شاملاً لأداء المناسك. لذا يعتبر نسك أداة متكاملة تسهل على الحاج تجربته من لحظة وصوله وحتى نهاية المناسك.
بطاقة شعائر الذكية
اعتمدت وزارة الحج والعمرة بطاقة شعائر الذكية كوسيلة. تسهل على الحجاج الوصول إلى خدمات عديدة بلمسة واحدة. تحتوي البطاقة على بيانات الحاج الصحية والشخصية ومقر إقامتهم، وتمكنه من تقديم الشكاوى وتقييم مستوى الخدمة، وإرشاد التائهين.
'سدايا' تسهم في إدارة الحشود
قدمت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي 'سدايا' حزمة من الخدمات التقنية المتقدمة خلال موسم الحج وذلك تنفيذًا لتوجيهات القيادة الرشيدة التي تؤكد على أهمية تسخير أحدث الابتكارات لضمان تجربة حج آمنة وميسرة. ومن بين أبرز هذه المبادرات الرائدة أطلقت سدايا منصتي 'بصير' و'سواهر' وهما نظامان ذكيان يقدمان حلولًا تقنية متكاملة تعزز من جودة التنظيم والمراقبة والتفاعل في المشاعر المقدسة. وتعد 'بصير' منصة وطنية ذكية متقدمة تعتمد على منظومة من الخوارزميات المطورة محليًا وتهدف بشكل أساسي إلى إدارة الحشود داخل المسجد الحرام ومحيطه بكفاءة عالية. وتعمل المنصة على تتبع وتحليل السلوكيات البشرية، وقراءة تعابير الوجوه، وإحصاء أعداد المتواجدين في المنطقة المركزية للحرم، وتحديد مناطق الكثافة والازدحام. كما تسهم 'بصير' في دعم جهود التوجيه والتنظيم من خلال القدرة على رصد الأشخاص التائهين وتوفير تحليلات آنية تساعد الجهات المختصة في تسهيل الحركة خاصة في محيط المسجد الحرام. أما 'سواهر' فهي منصة ذكية متقدمة توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل بث وتسجيلات الكاميرات الأمنية المنتشرة في المشاعر المقدسة.
وهكذا تبرهن المبادرات السعودية في توظيف الذكاء الاصطناعي على حرص المملكة على تسخير أحدث التقنيات لخدمة ضيوف الرحمن بما يضمن لهم أداء مناسكهم بأمن ويسر وطمأنينة، ويظهر في الوقت ذاته رؤية وطنية طموحة تتطلع إلى مستقبل ذكي وإنساني في وقت واحد.
تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي
رغم التقدم الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي والترجمة الآلية إلا أن هناك تحديات حقيقية تواجه استخدامها في الحج، أبرزها تعدد اللهجات المحلية، فبعض الحجاج لا يتحدثون اللغة الرسمية لبلادهم بل يستخدمون لهجات محلية يصعب على أنظمة الذكاء الاصطناعي التعرف عليها بدقة. وأيضًا اللغات النادرة، فلا تزال بعض اللغات المستخدمة في الحج غير مدعومة بشكل كافٍ في التطبيقات الحالية. وغياب الترجمة الدقيقة، فمن الناحية الدينية قد تحمل الكلمة الواحدة دلالات شرعية وفقهية دقيقة يصعب على الترجمة الآلية أن تلتقطها دائمًا بالشكل الصحيح. وأخيرًا تحديات الاتصال بالإنترنت، فبعض خدمات الترجمة تتطلب اتصالاً دائمًا بالشبكة وهو أمر قد لا يكون متاحًا في كل مكان أو لكل حاج خاصةً في أوقات الذروة.
أثر الذكاء الاصطناعي على تجربة الحجاج
أسهمت تطبيقات الترجمة في مساعدة ملايين الحجاج على فهم مناسك الحج خطوة بخطوة بلغاتهم الأصلية مما سبب بتقليل حالات الخطأ أو الارتباك أو الانقطاع في الشعيرة، كما ساعد على رفع مستوى الطمأنينة والتفاعل. وأيضًا في الحالات الطارئة، يكون التواصل السريع والدقيق أمرًا مهمًا لذا وفرت الترجمة الذكية أداة فعالة لشرح الأعراض وتلقي التعليمات الطبية، وفهم التوجيهات الأمنية بسرعة مما أنقذ حياة العديد من الحجاج، وساعد في السيطرة على الحشود. كما طورت خدمات الترجمة الفورية لخطب الجمعة والدروس العلمية بحيث تبث مباشرة بعدة لغات عبر السماعات والشاشات، وتطبيقات الهواتف الذكية، فساعد ذلك في إيصال المفاهيم الدينية الصحيحة لكل حاج.
نواف القحطاني، خبير مهتم في الذكاء الاصطناعي، أكد أن المملكة العربية السعودية تسعى لتحقيق تحول رقمي شامل في كافة جوانب الحج، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي في الحج ليس مجرد أدوات تقنية بل هو حل لتحسين تجربة الحاج بالكامل. وأضاف أن المملكة تطمح من خلال هذه التقنيات إلى تحسين إدارة الحشود بشكل أكثر فاعلية وأمانًا. ومن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي سيتمكن الحجاج من الاستفادة من تقنيات الترجمة الفورية بشكل أكبر، مما يحسن من تواصلهم ويسهم في تقليل الفجوات اللغوية. كما أضاف القحطاني أن التحليل المستمر للبيانات الكبيرة سيمكن من التنبؤ بالأزمات والمشكلات المحتملة في الوقت المناسب مما يسمح باتخاذ إجراءات وقائية فعالة.
أما معاذ محمد، مبرمج تطبيقات، فقال أن من المحتمل أن يتم العمل على تطوير تطبيقات ستساعد في تحسين التوجيه وتقديم حلول فورية للمشاكل التي قد تواجه الحجاج. وأكد أن المملكة بصدد تطوير حلول لتوجيه الحجاج في المواقع الأكثر ازدحامًا وهو ما يساهم في تقليل التوتر والازدحام وتحسين تدفق الحجاج.
فيما تحدثت سارة عسيري، مترجمة ميدانية، عن التحول الكبير الذي شهدته خدمات الترجمة في موسم الحج خلال السنوات الأخيرة، فقالت: 'التحول كان مذهلًا، ففي السابق كنا نعتمد بشكل كامل على الترجمة البشرية، وكان الضغط كبيرًا جدًا بسبب عدد الحجاج وتنوع لغاتهم. أما اليوم مع إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت أدوات الترجمة الذكية تساندنا بشكل كبير، وأصبح بإمكاننا التفاعل مع الحجاج بشكل أسرع وفهم احتياجاتهم حتى في المواقف الطارئة. وهذا أحدث فرقًا كبيرًا في جودة الخدمة وسرعة الاستجابة.' وأضافت أن الذكاء الاصطناعي ساعد المترجمين على التركيز بشكل أكبر على الإشراف والتدقيق والتفاعل الإنساني مما زاد من دقة وسرعة الترجمة في المواقف الحساسة مثل الإرشاد الديني أو التوجيه الطبي.
وتحدثت آية محمد، مترجمة ميدانية، عن التحديات التي كانت تواجه المترجمين قبل إدخال التقنيات الحديثة، قائلة: 'كنا نعتمد على مجهود بشري شاق. تخيل أنك وسط آلاف الحجاج كل منهم يتحدث لغة مختلفة، وكلهم بحاجة لفهم تعليمات دقيقة تتعلق بأمنهم أو شعيرتهم. كنا نترجم بالحدس أحيانًا ونعتمد على الإشارات أو حتى نبحث عمن يمكنه الترجمة معنا. أما اليوم هناك أدوات تقنية جعلت المهمة أكثر تنظيمًا. لا أقول إنها حلت كل شيء، لكنها أحدثت فرقًا عظيمًا.' وأكدت أن التقنية تسهل العمل لكنها لا يمكن أن تحل محل الإحساس البشري خاصة في الأمور الدينية أو لحظات الطوارئ التي تتطلب تعاطفًا وفهمًا عميقًا.
مشعل عبدالعزيز، متطوع ميداني، تحدث عن التحديات التي يواجهها في الميدان، فقال: 'اللغة كانت دومًا أكبر تحدي، فأحيانًا نحاول أن نشرح شيئًا بسيطًا مثل الاتجاه الصحيح أو ضرورة الانتظار، ويضيع الوقت لأن الحاج لا يفهم اللغة أو يخاف من الخطأ. وجود أدوات تترجم لحظة بلحظة صار عامل أمان وسرعة وفعالية.' وأضاف أن هذه الأدوات أثرت بشكل كبير على طريقة تفاعله مع الحجاج، قائلاً: 'بدلاً من أن أشعر أنني أكرر نفس الكلمة عشرات المرات، صرت أركز على التوجيه الإنساني، وأرى في وجه الحاج ارتياحًا لا يقدر بثمن. أصبح بيننا نوع من الفهم، وهذا غير كثيرًا في تجربتي.' نوف العنزي، متطوعة ميدانية، تذكرت موقفًا أثر في تجربتها، حيث قالت: 'ذات يوم جاءت إلينا حاجة مسنّة كانت تبكي لأنها ضاعت عن مجموعتها ولا تفهم اللغة. حاولنا تهدئتها ثم استخدمنا وسيلة تواصل آلية لترجمة حديثها. وبمجرد أن فهمنا ما تريده، استطعنا مساعدتها.' وأضافت أن التقنية ساعدت في ذلك كثيرًا، قائلة: 'ما كان سيأخذ منا وقتًا وجهدًا وتوترًا تم خلال دقائق. الحاجة شعرت بالأمان وقالت لي بعدها: «كأنني بين أهلي». شعرت أنني ساعدت إنسانة أن تعيش حجها بسلام.' وفي النهاية يتضح أن استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الترجمة في موسم الحج لم يعد خيارًا تقنيًا بقدر ما أصبح ضرورة لضمان نجاح هذه الشعيرة العظيمة في ظل الأعداد المتزايدة والتنوع اللغوي والثقافي الكبير. لقد استطاعت المملكة العربية السعودية من خلال رؤيتها المستقبلية الطموحة وجهودها المتواصلة أن تحول تجربة الحج من مجرد أداء جماعي لمناسك دينية إلى رحلة إنسانية شاملة تتجسد فيها روح الابتكار والرحمة والعناية الفائقة بضيوف الرحمن. فمع دخول الترجمة الذكية والأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أصبح الحاج اليوم أكثر قدرة على فهم الشعائر وأداء المناسك بثقة وسكينة، بغض النظر عن خلفيته اللغوية أو الثقافية. كما أسهمت هذه التقنيات في تقليص الفجوة بين الحجاج والمنظمين، وساعدت في تقليل حالات التوتر أو التشتت، ورفعت من مستوى التفاعل الإنساني بين الحاج والعاملين في الميدان. وهكذا تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة تقنية إلى رفيق حقيقي للحاج، يسنده ويعينه ويدله في كل خطوة من رحلته المقدسة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نافذة أمل
نافذة أمل

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

نافذة أمل

في السنوات الأخيرة الماضية، كان يشوب العلاقات بين دول الخليج ولبنان توتر ملحوظ، لذا تُعدّ زيارة الرئيس جوزيف عون إلى السعودية نافذة أمل ونقطة محورية لتصحيح المسار وإعادة الثقة بقدرة لبنان على تحقيق الاستقرار. فدول الخليج وبخاصة السعودية، احتضنت لبنان ووقفت إلى جانبه في السرّاء والضرّاء، وأكبر دليل على ذلك «وثيقة الوفاق الوطني» (اتفاق الطائف) التي تمّ إقرارها في الطائف إذ كانت المملكة الداعم والعامل الرئيسي لإقرارها، لتصبح الركيزة الأساسية لوقف الحرب الأهلية والاقتتال في لبنان. وفي مرحلة إعادة الإعمار، كانت المملكة السند الأساسي إلى جانب الدول الخليجية في تنفيذ مئات المشاريع. فالعلاقة بين لبنان والسعودية هي تاريخ طويل من المودة، خصوصاً السعودية المساهم الأول في مساعدة لبنان واستقراره. ولطالما كانت السعودية السند الحاضن والداعم الأساسي للبنان في مختلف ظروفه منذ تأسيس الدولة اللبنانية حتى يومنا هذا. فبعد الطفرة النفطية عام 1973، سافر مئات آلاف اللبنانيين على مدى عقود، للعمل في دول الخليج التي وفّرت دعماً مالياً للحكومات المتعاقبة، أو للسياحة، أو للاستثمار. وكانت العمق والمتنفس الاقتصادي للبنان، والعامل الأول للاستقرار الاجتماعي فيه. وبما أن لبنان، الذي كان على الدوام شريكاً استراتيجياً للدول الخليجية في مسيرتها النهضوية والتنموية، لذا لا بدّ من ترسيخ هذه الشراكة أكثر فأكثر، حفاظاً على هذا المسار الاستراتيجي للمستقبل. أما رؤية لبنان للمستقبل، في المرحلة المقبلة قبل الانسحاب الإسرائيلي وبعده فهي من النقاط الاستراتيجية الخمس الحدودية، فتحمل فرصاً وتحدّيات كبيرة وبخاصة بعد فتح أبواب وآفاق الخليج، والتعاون المشترك مع دول مجلس التعاون الخليجي يتطلب تفعيل وتنفيذ الإصلاحات الجذرية المطلوبة على مختلف الأصعدة من أهمها السياسية والاقتصادية والأمنية. وخلال هذه السنوات من الغياب بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية، خسر لبنان الكثير سياسياً واقتصادياً؛ فضلاً عن أن السياحة الخليجية كانت العمود الفقري للإيرادات السياحية اللبنانية، وتُقدّر بأربعة ملايين دولار خسائر، كما أن لبنان يصدّر أكثر من 60 في المائة من إنتاجه الزراعي إلى دول الخليج، وهذا قبل الحرب الأخيرة بين «حزب الله» وإسرائيل، فكيف ما بعدها؟ وفي السياق نفسه، أكّد رئيس الحكومة اللبنانية نوّاف سلام، ووزيرة السياحة لورا الخازن لحود، خلال اجتماع مع سفراء دول مجلس التعاون الخليجي، أن الدولة اللبنانية اتخذت إجراءات أمنية استثنائية بالتعاون مع وزارتي الداخلية والدفاع، لتهيئة الأجواء الآمنة للوافدين. بينما جاءت الرسائل الخليجية، وفق صحيفة «الأنباء» الكويتية، بعدما رصدت انتخابات بلدية ناجحة في جبل لبنان، والآن بعد انتخابات بيروت والبقاع الناجحة أيضاً، إشارة إيجابية إلى استعادة الثقة بلبنان ومؤسساته، لا سيما الأمنية منها. وهكذا نشهد اليوم فرصة ذهبية لإعادة لبنان إلى الخريطة السياحية. ولكن لا تقتصر العلاقات اللبنانية - الخليجية على السياحة فحسب، بل تتعدّاها إلى عدد من القطاعات والجوانب الاقتصادية، ليصبح، وفي أصعب الظروف، واحة للاستثمارات الخليجية ومقصداً للطبابة والاستشفاء والتعليم... وبلا شك، لا ولن ننسى الدور الكبير الذي لعبته دول الخليج في السنوات الماضية، ما قبل الحرب الأخيرة على لبنان، في دعم الاستقرار النقدي، وتمويل البنى التحتية بهبات وقروض ميسرة، وذلك حرصاً على استقرار لبنان سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. إنّ هذه الدول تشكّل العمق الاقتصادي للبنان، فهي تستضيف أكثر من 350 ألف لبناني (وهذا قبل حرب «حزب الله» مع إسرائيل) يعملون في كل المجالات. لم يكن الاقتصاد اللبناني بأفضل حالاته قبل تدهور العلاقات اللبنانية - الخليجية منذ عام 2016، لذا فإن زيارة الرئيس جوزيف عون إلى دول الخليج، قد تمّت تمهيداً لواقع سياسي ومستقبل جديد في لبنان، خصوصاً أن الزيارة أتت في وضع استثنائي، في ظلّ الانهيار الاقتصادي من جهة، وتقدّم ملف إعادة الإعمار بعد الحرب الإسرائيلية من جهة أخرى.

بصورة وتعليق: "الجارديان" البريطانية توثق الجهود والتسهيلات السعودية لضيوف الرحمن
بصورة وتعليق: "الجارديان" البريطانية توثق الجهود والتسهيلات السعودية لضيوف الرحمن

صحيفة سبق

timeمنذ 2 ساعات

  • صحيفة سبق

بصورة وتعليق: "الجارديان" البريطانية توثق الجهود والتسهيلات السعودية لضيوف الرحمن

تستعد المملكة العربية السعودية على قدم وساق؛ لتمكين حجاج بيت الله الحرام من أداء مناسك وشعائر فريضة الحج بكل سهولة ويُسر. ووثقت صحيفة "الجارديان" من خلال لقطة مصورة تلك الاستعدادات الهائلة، والمنظومة المتكاملة التي وضعتها المملكة لراحة الحجاج، وتحسين تجربتهم الروحانية الفريدة. وأظهرت اللقطة عددًا من الحجاج يتبردون برذاذ المراوح، التي تعمل على تلطيف الأجواء وتهوية المساحات المفتوحة؛ وهو ما يساعد على تخفيف وطأة الحرارة عن زوَّار الحرم المكي والمشاعر المقدسة. وتعمل هذه المراوح بتقنية "تبريد الهواء بالرذاذ"؛ إذ ترش كميات صغيرة من الماء في الهواء؛ ما يساعد على خفض درجة الحرارة بشكل فعَّال. وتتوزع تلك المراوح في عدد من الأماكن التي يؤدي فيها ضيوف الرحمن شعائرهم، منها الحرم المكي وساحاته، والمشاعر المقدسة في منى وعرفات. وعلقت الصحيفة البريطانية على الصورة، قائلة: "تشمل الاستعدادات لموسم الحج القادم تركيب أنظمة التبريد والاستراحات ومحطات شحن الهواتف المحمولة.. وكلها تهدف إلى تعزيز راحة الحجاج وسلامتهم".

الرئيس اليمني يثمن قرار المملكة بتمديد عقد مشروع مسام لنزع الألغام في بلاده
الرئيس اليمني يثمن قرار المملكة بتمديد عقد مشروع مسام لنزع الألغام في بلاده

الرياض

timeمنذ 2 ساعات

  • الرياض

الرئيس اليمني يثمن قرار المملكة بتمديد عقد مشروع مسام لنزع الألغام في بلاده

ثمن فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي في الجمهورية اليمنية، قرار المملكة العربية السعودية، بتمديد عقد مشروع "مسام" لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام. وأشاد فخامته -في تصريح بثته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)- بقيادة البرنامج وفريقه، وجميع المؤسسات في المملكة وإسهاماتها الإنسانية والخدمية، والإنمائية في مختلف المجالات. وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: "إن هذا الجهد الإنساني العظيم للمملكة عبر مشروع "مسام" الذي نزع حتى اليوم نحو 500 ألف من الألغام والقذائف المتنوعة، يُجسّد التزامًا أخويًا نبيلًا تجاه اليمن وشعبه، ويُسهم في التخفيف من ويلات الحرب".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store