
الشعب الجائع لا يحتاج الاعتراف بدولة
بعض الدول الأوروبية، التي وخزها ضميرها على ما يجري في قطاع غزة من إبادة بالتجويع والتهجير والذبح، انتفضت بعد مرور ثمانية عشر شهراً، غيرة وحميّة، وهددت إسرائيل بمعاقبتها، إذا لم توقف حملة الإبادة، وذلك بالاعتراف بدولة فلسطين. إننا نشكر هذه الدول على نخوتها على أي حال، فهي أفضل كثيراً من معظم الدول العربية، التي لاذت بالصمت المريب على ما يجري، وأقرب إلى الله من معظم الدول الإسلامية، التي انشغلت عن محرقة غزة بالدعاء إلى الله تعالى بأن يخفف أوجاع أهلنا في الوطن المحتل، ومع ذلك، فإن على هذه الدول الأوروبية – إن أرادت فعلاً المساعدة – أن تتحرك في الاتجاه الذي يحدث أثراً ويأتي بنتائج، ولا تلجأ إلى الجانب الدبلوماسي.
إن الاعتراف بدولة فلسطين عمل جيد، ولكنه لا يحدث الأثر الذي يطلبه أهلنا في غزة. إن الاعتراف الدبلوماسي لا يقدم لجوعى غزة رغيفاً من الخبز، ولا جرعة من دواء، ولا يؤمنهم من خوف. إن الاعتراف الدبلوماسي لا يُنشئ دولة، ولا عدم الاعتراف يسقط دولة، وطلاب القانون يدركون ذلك تمام الإدراك، وهناك السابقة القانونية التي هي المرجعية الأهم في مسألة الاعتراف، ففي القضية المشهورة (قضية تينوكو) ويتعلق الأمر بالنزاع الذي نشب بين بريطانيا وكوستاريكا، وأحيلت القضية للتحكيم، وكان المحكم الوحيد رئيس المحكمة الفيدرالية العليا الأمريكية، القاضي وليام ثافت، وقضی في عام 1923 برد دعوى بريطانيا، وقال إن عدم اعتراف الحكومات، بما فيها الحكومة البريطانية بحكومة كوستاريكا لا يقوّض وضعها كحكومة. ولا بدّ أننا نذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعترف رسمياً بالصين الشعبية، إلا في عام 1979، مع العلم أن الرئيس نيكسون، زارها في عام 1971، وظلت الصين دولة قبل وبعد الاعتراف الأمريكي بها.
وثانياً، لا بدّ أن الجميع يعلم أن فلسطين حازت الاعتراف الدولي، كما ورد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 177/43 الصادر بتاریخ 29 نوفمبر 2012، وصحيح أنه تم الاعتراف بها كدولة «مراقب» وليست عضواً في هيئة الأمم، إلاّ أن ذلك لا يقدح في وصفها كدولة، وقد وقعت على العديد من الاتفاقيات الدولية، بما فيها اتفاقية روما، التي أُسست بموجبها المحكمة الجنائية الدولية، وأصبح لفلسطين مقعد على قدم المساواة مع الدول الأعضاء في هيئة الأمم، ولها حق اقتراح بنود في جداول أعمال الجمعية العامة، ولكن دون حق التصويت، باعتبار أنها ليست عضواً. وحازت فلسطين اعتراف 147 دولة من أصل 193 دولة عدد أعضاء الهيئة الدولية. إن اعترافات خمس دول أوروبية إضافية، على أهميته، لا يغيّر من وضع فلسطين كأرضٍ محتلة، ولا يغيّر من وضع شعبها الذي يعيش محرقة كاملة المواصفات من ذبح وحرق وتجويع وتهجير.
الاعتراف بدولة فلسطين عمل جيد، ولكنه لا يحدث الأثر الذي يطلبه أهلنا في غزة.. فهو لا يقدم لجوعى غزة رغيفاً من الخبز، ولا جرعة من دواء، ولا يؤمنهم من خوف
إن على الدول الأوروبية، التي استفزّت مشاعرها محرقة غزة، أن تتخذ الإجراءات التي رسمتها محكمة العدل الدولية في فتواها الصادرة في 19 يوليو 2024. في تلك الفتوى قالت المحكمة، ابتداءً، إن الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة هو وجود غير شرعي، وإن إسرائيل ارتكبت في تلك الأراضي منذ احتلالها في عام 1967 جريمة الاستيطان والاستعمار، وجريمة الأبارتهايد وجريمة الاحتلال. وعلى سندٍ من هذه الكبائر الثلاث، قالت المحكمة إن على الدول محاصرة إسرائيل وعزلها بقطع العلاقات الدبلوماسية معها، ومقاطعتها تجارياً وعلمياً واقتصادياً وسياسياً، إلى أن تنصاع إلى اشتراطات القانون الدولي. ولم يرد في ذلك الرأي أن طالبت المحكمة الدول بالاعتراف بدولة فلسطين، ذلك أنها تدرك أن الاعتراف قد يفيد فلسطين، ولكنه لا يحمل إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي. إن المقاطعة، التي قد تمارسها الدول التي تريد الاعتراف بدولة فلسطين، يجب أن تنصب على وقف تزويد إسرائیل بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية. ونعلم – على سبيل المثال – أن بريطانيا قدمت لإسرائيل معلومات استخباراتية جمعتها بريطانيا من أكثر من أربعمئة طلعة جوية انطلقت فيها طائراتها من قاعدتها العسكرية في أكروتيري في قبرص وجمعت معلومات عن القطاع وزودت بها إسرائيل. على ألمانيا وفرنسا وقف إرسال السلاح إلى إسرائيل، بل إلى إلغاء المعاهدة التجارية الموقعة مع إسرائيل.
أيها السادة، إن الشخص العاري لا يحتاج إلى ربطة عنق في وقت الزمهرير، بل يحتاج الى لباس من الصوف يتدفأ به. إن ما يحتاجه شعبنا وقف المحرقة وحمل إسرائيل على السماح بالمساعدات الإنسانية، وهذا ما أمرت به محكمة العدل الدولية في ثلاثة قرارات وقتية، أصدرتها المحكمة في عام 2024، وهي قرارات ملزمة قانونياً. ومن المؤكد أن لا أحد سوف يتهم المحكمة الدولية بالعداء للسامية! ومن المؤكد كذلك أن التزامكم بقرار المحكمة سوف لا يقدح في ولائكم لسلطة الاحتلال.
ألم يحن الوقت للدول الأوروبية أن تتخلّى عن عقليتها الاستعمارية، ولو لمرة واحدة، لمواجهة جريمة إبادة منظمة متوحشة مبرمجة ترافقها تصريحات رسمية من مسؤولين إسرائيليين بأن قصد العملية التدمير الكامل والاقتلاع الكامل والتطهير العرقي الكامل لكل ما على أرض غزة، وما في باطن أرض غزة.
كيف يستساغ للمسؤولين في هذه الدول الأوروبية آن يتحدثوا بلسان دبلوماسي وهم الذين يقومون ـ في الوقت نفسه – بدعم الاحتلال عسكرياً ومادياً وسياسياً؟ ألا يدرك هؤلاء المسؤولون، أن الاعتراف بدولة فلسطينية، قد أصبح لا يساوي الورقة التي يكتب عليها، الاعتراف بعد أن استفحل الاستعمار الصهيوني في الأرض الفلسطينية وبدعم من الدول الأوروبية إياها. إن الفلسطينيين لا تنقصهم «دولة» بل هم يحتاجون أولاً الى «التحرر» من رجس الصهيونية والاحتلال والرياء الأوروبي.
محام وكاتب فلسطيني

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
الحجاج يتوافدون إلى عرفات لأداء ركن الحج الأعظم
يتوافد الحجاج اليوم الخميس إلى صعيد عرفات في مكة المكرمة غربي السعودية لأداء ركن الحج الأعظم بعد أن باتوا الليلة الماضية في مشعر منى بختام "يوم التروية". وأفادت وكالة الأنباء السعودية "واس"، بأن "حجاج بيت الله الحرام بدؤوا مع إشراقة صباح الخميس التاسع من شهر ذي الحجة لعام 1446هـ (5 يونيو/حزيران) بالتوجه إلى صعيد عرفات الطاهر". ووصفت الوكالة مشهد الحجاج بالقول إنهم "يتوافدون مفعمين بأجواء إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة، وتحفّهم العناية الإلهية، ملبّين متضرّعين داعين الله عز وجل أن يَمُنّ عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار". وقال حسن علي سلامة من مصر لرويترز من فوق عرفات: "إحساس وشعور لا يوصف، سبحان الله.. قلب الواحد يرجف من السعادة والفرحة". وأضاف "نحن على جبل الرحمة، كأن الرحمة فعلاً نزلت علينا". وواكبت قوافل ضيوف الرحمن إلى مشعر عرفات "متابعة أمنية مباشرة يقوم بها أفراد مختلف القطاعات الأمنية التي أحاطت طرق المركبات ودروب المشاة لتنظيمهم بحسب خطط تصعيد وتفويج الحجيج إلى جانب إرشادهم وتأمين السلامة اللازمة لهم". وذكرت الوكالة أنه خلال عملية انتقال جموع الحجيج من منى إلى عرفات "اتسمت الحركة المرورية بالانسيابية". قضايا وناس التحديثات الحية اكتمال وصول الحجاج إلى مشعر منى في يوم التروية ومن المقرر أن يستمع الحجاج في وقت لاحق من اليوم إلى خطبة يوم عرفة من مسجد نمرة، قبل أداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً، اقتداء بسنة النبي محمد. ومع غروب شمس يوم عرفة، يبدأ الحجاج النفرة إلى مشعر مزدلفة، حيث سيؤدون صلاتي المغرب والعشاء ويبيتون ليلتهم هناك، تمهيداً للانتقال إلى منى صباح غداً الجمعة لأداء مناسك يوم النحر وطواف الإفاضة (بمكة). ومن السبت إلى الاثنين، يستمر الحجاج في رمي الجمرات مجدداً (في مِنَى)، فيما يختتم الحج بأداء طواف الوداع في مكة. والأربعاء، أعلن متحدث وزارة الحج غسان النويمي، أن عدد الحجاج الذين وصلوا من خارج السعودية تجاوز مليون و500 ألف حاج. ويضاف إلى هذه الأعداد إحصائيات بشأن حجاج الداخل، والتي عادة تعلن بنهاية أداء مناسك الحج. وفي موسم العام الماضي، بلغ إجمالي أعداد الحجاج مليوناً و833 ألفاً و164 حاجاً وحاجة بينهم 221 ألفاً و854 من داخل المملكة، بحسب ما أعلنه وزير الحج والعمرة السعودي توفيق الربيعة. (رويترز، الأناضول)


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
مؤسسة غزة الإنسانية ترجئ إعادة فتح مراكزها في القطاع
أرجأت "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتّحدة ليل الأربعاء-الخميس إعادة فتح مراكزها في القطاع بعدما أغلقتها عقب استشهاد عشرات الأشخاص على هامش عملياتها لتوزيع المساعدات خلال الأيام الأخيرة، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي الطرق المؤدية إلى هذه المراكز "مناطق قتال". وقالت المؤسسة في منشور على صفحتها في موقع فيسبوك إنّ "مواقع التوزيع الخاصة بنا لن تفتح في وقت مبكر من صباح" الخميس كما كان مقررا "وذلك بسبب أعمال الصيانة والإصلاح الجارية في المواقع"، مشيرة إلى أنّها ستعلن عن "مواعيد الافتتاح فور انتهاء العمل". وأضافت أنها "تعمل على جعل توزيع صناديق الطعام أكثر أمانا قدر الإمكان، رغم صعوبة الظروف، ونحثّ بشدة جميع المتوجهين إلى مواقعنا على اتباع الطرق التي حددها جيش الدفاع الإسرائيلي لضمان المرور الآمن". وبدأت "مؤسسة غزة الإنسانية" عملياتها قبل أكثر من أسبوع بقليل، إلا ان توزيع المساعدات شهد فوضى عارمة مع تقارير عن سقوط ضحايا بنيران إسرائيلية قرب المراكز. وأكد الجيش الإسرائيلي الإقفال الموقت، محذرا من التنقّل على "الطرق المؤدية إلى مراكز التوزيع التي تعتبر مناطق قتال". رصد التحديثات الحية شركة أميركية تنهي عقدها مع مؤسسة غزة الإنسانية وكان الدفاع المدني أعلن الثلاثاء استشهاد 27 شخصا "عندما أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار من دبابات وطائرات مسيرة على آلاف المواطنين الذين تجمعوا قرب دوار العلم... وكانوا في طريقهم إلى مركز المساعدات الأميركي في رفح (جنوب) للحصول على مساعدات غذائية". وقال الجيش الإسرائيلي مساء الثلاثاء، إن قواته "أطلقت عيارات نارية تحذيرية على بعد حوالى نصف كيلومتر من منطقة توزيع المساعدات، باتجاه مشتبه بهم كانوا يقتربون بشكل عرّض سلامة الجنود للخطر". وندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بـ"إطلاق النار"، معتبرا أنه "من غير المقبول أن يخسر مدنيون حياتهم لمجرد أنهم يسعون الى الحصول على غذاء"، مكررا الدعوة الى إجراء تحقيق مستقل في ما جرى. كذلك، دعت لندن الأربعاء إلى إجراء "تحقيق فوري ومستقل". واعتبر منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر أن "المشاهد المروّعة" لمقتل فلسطينيين أثناء سعيهم للحصول على مساعدات سببها "خيارات متعمدة" لحرمانهم وسائل البقاء على قيد الحياة. وقال في بيان "يشاهد العالم، يوما تلو الآخر، المشاهد المروّعة لفلسطينيين يتعرضون لإطلاق النار أو الاصابة أو القتل في غزة، وهم يحاولون ببساطة الحصول على الطعام". من جانبه، أعلن البيت الأبيض أنه "ينظر في مدى صحة" معلومات تحدثت عن إطلاق نيران وسقوط قتلى قرب مركز لتوزيع المساعدات في جنوب القطاع. وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية كارولاين ليفيت "نحن لا نثق تماما بما تقوله حماس". وكان الدفاع المدني في القطاع أعلن الأحد استشهاد 31 شخصا وإصابة أكثر من 176 آخرين بنيران إسرائيلية خلال توزيع مساعدات غذائية في رفح أيضا. وترفض الأمم المتحدة والكثير من المنظمات غير الحكومية العمل مع "مؤسسة غزة الإنسانية" بسب مخاوف بشأن طريقة عملها وحيادها. (فرانس برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
عقوبات بنوك اليمن تعرقل تمويل المنظمات الأممية
قالت منظمات أممية عاملة في اليمن إنها تواجه صعوبات كبيرة في "معالجة المدفوعات النقدية لشركائها على مستوى البلاد في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية مع تراجع مؤثر في حجم التمويلات والمساعدات الدولية المقدمة لليمن. ويعود ذلك وفق تقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة مطلع يونيو/ حزيران، اطلع عليه "العربي الجديد"، إلى القيود المالية المرتبطة بالعقوبات الأميركية المفروضة على بعض البنوك مثل بنك اليمن الدولي في صنعاء، وأزمة السيولة التي يعاني منها القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين. وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت في 17 إبريل/نيسان الماضي 2025، عن فرض عقوبات على بنك اليمن الدولي (IBY)، أحد أهم وأكبر البنوك العاملة في اليمن لدعمه المالي كما زعمت لجماعة الحوثيين، حيث طاولت العقوبات أيضاً ثلاثة مسؤولين رئيسيين في البنك، وذلك بعد نحو أربعة أشهر من فرض عقوبات مماثلة فرضتها الخزانة الأميركية على بنك اليمن والكويت الاستثماري. وبررت الإجراء الذي تم اتخاذه ضد بنك اليمن الدولي ومسؤوليه، والذي يتبع تصنيف بنك اليمن والكويت للتجارة والاستثمار في 17 يناير/ كانون الثاني 2025، بأنه يستهدف بشكل أكبر وصول الحوثيين واستغلالهم للقطاع المصرفي اليمني، وكذا تأكيد دعم وزارة الخزانة لسيادة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على النظام المصرفي اليمني. الباحث الاقتصادي، جمال راوح، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن تبعات تصنيف الحوثيين في اليمن من قبل الإدارة الأميركية كمنظمة إرهابية، وما سبق ذلك من تمهيد للقرار بتصنيف أهم بنكين عاملين في صنعاء، أثر بشكل كبير على عمل المنظمات الأممية والدولية، إضافة إلى تأثير ذلك على التمويلات المقدمة لليمن وبرامج المساعدات المقدم من قبل المنظمات الدولية. ويؤكد راوح أن ذلك تزامن مع قرار الإدارة الأميركية إيقاف مؤسسة التمويل الدولية الأميركية التي كان لها ارتباط واسع مع المنظمات الأممية والدولية، وتأثير كبير في برامج التمويلات والمساعدات المقدمة للدول النامية مثل اليمن وبعض الدول، إذ فرض كل ذلك قيودا وصعوبات واسعة على عمل المنظمات التي عملت على مراجعة برامجها وانشطتها في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين التي تعتبر الأكثر تأثراً ليس فقط بقرار التصنيف، بل أيضاً بتراجع التمويلات والمساعدات. وبالرغم من تأكيد برنامج الأغذية العالمي أن قيمة العملة المحلية في المناطق الخاضعة في اليمن لسيطرة الحوثيين، ظلت ثابتة خلال الشهر الماضي، لكن مع ذلك لا تزال التحديات الاقتصادية قائمة، بما فيها مخاوف السيولة، وتناقص الاحتياطيات الأجنبية، واضطراب العمليات المصرفية الدولية نتيجة التصنيف الأميركي للحوثيين منظمة إرهابية أجنبية. وفي المقابل، أشار برنامج الأغذية العالمي، إلى أن العملة المحلية في المناطق الواقعة ضمن نفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، فقدت نحو 54% من قيمتها مقابل الدولار، منذ توقف صادرات النفط الخام في أكتوبر/تشرين الأول 2022. اقتصاد دولي التحديثات الحية أفقر 10 دول لعام 2025… اليمن والصومال في القائمة كما استمرت قيمة الريال اليمني في مناطق الحكومة في الانخفاض خلال الأشهر السابقة، ووصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند أكثر من 2500 ريال مقابل الدولار الواحد بحلول نهاية إبريل/نيسان الماضي. في السياق، يرى خبراء اقتصاد أن الضغط المتواصل على القطاع المالي والمصرفي في هذه الظروف الصعبة والحرجة التي يمر بها اليمن، يفاقم حدة الأزمة الإنسانية والغذائية في ظل تدهور معيشة اليمنيين إلى مستويات يفوق تحملها. المحلل الاقتصادي مراد منصور، يقول في هذا الخصوص لـ"العربي الجديد"، إن ما يحصل من ضغط على القطاع المالي والمصرفي قد لا يكون بهدف دفع البنوك لنقل إدارة عملياتها من صنعاء إلى عدن العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً، بل يرجح أن يكون له هدف أخر لفك الحظر الذي يفرضه الحوثيون على تصدير الحكومة للنفط الخام من الحقول التي تقع في مناطق إدارتها. الجدير بالذكر، أن قيمة الريال اليمني تراجعت بنسبة 33% مقابل الدولار خلال الأربعة أشهر الأولى من هذا العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، كما فقد نحو 73% من قيمته على مدى السنوات الخمس الماضية، ويرجع ذلك إلى "انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، ونقص الإيرادات الناجم عن توقف الصادرات النفطية. وأكد برنامج الأغذية العالمي أن انخفاض قيمة العملة المحلية أدى إلى زيادة أسعار الوقود والمواد الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة في مناطق الحكومة خلال إبريل/نيسان الماضي، حيث شهدت زيادة بنسبة 20% للبنزين و29% للديزل، فيما ارتفعت تكلفة سلة الغذاء بنسبة 33% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.