
دورة الخذلان من الاستغلال إلى النكران
دورة الخذلان: من الاستغلال إلى النكران
في أعماق العلاقات البشرية، تسكن دوائر خفية من الألم لا تُرى، لكنها تُعاش، وتبدأ أحيانًا بخيط رفيع من الثقة يتحول ببطء إلى حبل من الخذلان. تمر بعض العلاقات بأربعة مراحل قاسية:
الاستغلال ➝ الاستغفال ➝ الاستغناء ➝ نكران الجميل
وكأن الشخص المُحب يُستهلك روحه شيئًا فشيئًا حتى لا يبقى منه إلا بقايا خائبة.
١. الاستغلال: حين تُختزل إنسانيتك في منفعة
الاستغلال هو أول أبواب الظلم في العلاقة. أن تكون مهمًا فقط وقت الحاجة. أن تُقدَّر بقدر ما تعطي، لا بقدر من تكون.
يراك الطرف الآخر وسيلة، لا غاية.
يستفيد منك عاطفيًا، ماديًا، نفسيًا… ثم لا يرى فيك شخصًا بل أداة.
تحليل نفسي:
المستغِل غالبًا شخصية نرجسية أو انتهازية.
يرى الناس من منظور 'ما سأجنيه منهم'.
يعاني من فراغ داخلي، ويبحث عن من يملأه بلا مقابل.
مثال واقعي:
فتاة تبذل كل ما بوسعها في علاقة عاطفية، تعطي، تصبر، تسامح… حتى تكتشف في النهاية أنها لم تكن أكثر من 'مرحلة مؤقتة' في حياة الطرف الآخر.
٢. الاستغفال: حين يُسخَّف عقلك ويُستخف بوعيك
بعد أن ينال منك ما يريد، يبدأ في تضليلك.
يكذب ويخفي ويتلاعب.
يجعلك تشك في نفسك وتبرر له أخطاءه.
يضعك في حالة 'إنكار' وتغافل قسري.
تحليل نفسي:
هنا تبدأ الغازلايتنج (Gaslighting)، وهي عملية نفسية لتقويض ثقة الشخص بنفسه.
يُسقط عيوبه عليك، ويشعرك أنك السبب في كل المشاكل.
مثال واقعي:
صديقة تقول لك: 'انتي حساسة بزيادة'، بعد كل مرة تجرحك فيها. ليست المشكلة فيك، بل في طريقتها المؤذية.
٣. الاستغناء: نهاية مؤقتة بطابع دائم
الطرف الآخر يُقرر أن 'ينتهي دورك'.
بلا مبررات، يبتعد.
لا يقدّر ما فعلته.
يتجاهلك وكأنك لم تكن.
تحليل نفسي:
الاستغناء في هذه الحالة يدل على انعدام التعاطف، وربما وجود اضطراب في الشخصية (مثل الشخصية النرجسية أو السيكوباتية).
يشعر بأنك لم تعد تخدم أهدافه، فيتخلى.
مثال واقعي:
شخص يقول لك: 'أنا محتاج وقت لوحدي'، ثم تكتشف أنه بدأ علاقة جديدة فورًا بعدك.
٤. نكران الجميل: طمس للتاريخ والمواقف
هنا تأتي الطعنة الكبرى.
لا يذكر خيرك.
يُلغي كل ما قدمته.
وربما يهاجمك ويشوّهك أمام الآخرين.
تحليل نفسي:
النكران هو آلية دفاعية لإسقاط الذنب من النفس.
قد يكون أيضًا وسيلة لتبرير أفعاله الخاطئة أمام نفسه والناس.
مثال واقعي:
أحدهم يقول عنك: 'ماعملتش معايا حاجة'، رغم أنك كنت سندًا له في أصعب لحظاته.
لماذا نقع في هذه الدورة المؤلمة؟
لأننا نحب أكثر مما يجب، ونعطي بلا شروط، ونغفر بلا توقف.
لأننا نصدّق أن النية الطيبة تكفي وحدها لتجعل الآخر جيدًا.
ولأن البعض لا يرى في طيبتك إلا ضعفًا، ولا في عطائك إلا واجبًا، ولا في حبك إلا فرصة للاستنزاف.
الحلول النفسية والتحصين الداخلي
1. ضع حدودًا واضحة من البداية
لا تسمح لأي علاقة أن تكون مفتوحة على كل الاتجاهات دون سياج نفسي يحميك.
2. راقب الأفعال لا الأقوال
لا تنخدع بالكلام الجميل، بل لاحظ كيف يُعاملك فعلًا.
3. تعلّم فن الانسحاب المبكر
إن شعرت أنك مجرد وسيلة، لا تنتظر الطعنة. غادر بهدوء وكرامة.
4. لا تعتذر عن طيبتك، لكن لا تفرّط بها
الطيبة ليست ضعفًا، لكن يجب أن تكون مصحوبة بالوعي.
5. رمّم نفسك بعد كل خذلان
لا تسمح لخيبة واحدة أن تفسد ثقتك في الحياة، لكن اجعلها درسًا.
من نور الوحي: آيات وأحاديث
قال تعالى: 'هل جزاء الإحسان إلا الإحسان'
[الرحمن: 60]
من يُقابل الإحسان بالجحود، لا يظلمك فقط بل يُخالف سنن الله.
وقال تعالى:
'ولا تنسوا الفضل بينكم'
[البقرة: 237]
حتى في نهاية العلاقات، يبقى الفضل والجميل محفوظًا في ميزان الله.
وقال النبي ﷺ:
'من لا يشكر الناس لا يشكر الله'
[رواه الترمذي]
نكران الجميل علامة قسوة قلب، وبعد عن الأخلاق النبوية.
الخلاصة:
في كل علاقة تمر بدورة الخذلان، هناك لحظة يجب أن تقول فيها: 'كفى'.
ليس لأنك قسوت، بل لأنك أخيرًا رأيت الحقيقة.
ولأن نفسك تستحق أن تُحاط بمن يرى قيمتها، لا بمن يستغلها… ثم ينكر وجودها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نون الإخبارية
منذ 39 دقائق
- نون الإخبارية
فريهان طايع تكتب: المعجزات تفتح أبواب الأمل
الحياة تصبح أجمل وأعمق عندما يكون الإنسان قريبًا من الله، عندما يسعى لإرضائه دون الالتفات لإرضاء الناس. في اختيار الحلال بدلًا من الحرام، وفي معاركك اليومية للدفاع عن مبادئك، عندما ترفض الخطأ بكل شجاعة وتعلن رفضك بأعلى صوت، لأن الخطأ لا يعبر عن حقيقتك ولا يناسب الصورة التي يجب أن تكون عليها في هذه الحياة. طريق الله ليس بعيدًا، فهو موجود معك في كل خطواتك، يراقب حياتك بكل لحظة، ويحميك في كل الأوقات، بصراحة، مررت بمواقف كثيرة شعرت فيها بحماية تفوق قدرتي على توفيرها لنفسي، حماية لا تُقاس بأي جهد يمكن أن أبذله، كان الله دائمًا ينتشلني من الأخطار بقوته التي تشمل كل شيء. تتجلى عظمة الله في ترتيب الأمور غير المتوقعة، وفي جعل كل تفاصيل الحياة تسير وفق حكمة ودقة مذهلة. في حياتي اليوم تعلمت ألا أبحث عن إجابة سؤال «لماذا» لأي شيء يحدث، لأنني أصبحت أؤمن بأنها ترتيبات القدر. لم أعد أرهق نفسي بالتفكير أو اللوم أو العتاب؛ ختمت كل أمري بتفويضه للخالق بعدما رأيت عجائب قدرته تتجلى في كل موقف. حتى في أصعب اللحظات التي كنت أعتقد أنها تفوق طاقتي، رأيت رحمة الله تتجسد في نتائج تلك الأمور، أصبحت أسترجع شريط الذكريات الممتلئ بالمواقف التي كنت أشعر فيها بالعجز، وأحمد الله عليها لأنه كان يرافقني. عندما تخطو حياتك في ظل قربك من الله، لن تضيع في متاهات الدنيا، ستشعر بالأمان وبالحماية وبقوة داخلية تسندك مهما اشتدت الصعوبات. وستجد المعجزات التي تزلزل همومك وتعيد ترتيب حياتك لتصبح أفضل مما كنت تتخيل. للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

مصرس
منذ ساعة واحدة
- مصرس
طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق
شيخ الأزهر يلتقي طلاب مدرسة الإمام الطيب.. ويستذكر معهم تجربته في حفظ القرآن الكريم في كُتَّاب القرية شيخ الأزهر لطلاب مدرسة الإمام الطيب: أنتم بمنزلة أحفادي وحفيداتي.. ومكتبي مفتوح لكم دائماشيخ الأزهر يوجه بتوفير الرعاية الكاملة لطلاب مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن وتجويدهاستقبل الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر، اليوم السبت بمشيخة الأزهر، مجموعة من الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة (الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده)، بحضور الدكتورة نهلة الصعيدي مستشار شيخ الأزهر لشئون الوافدين، رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب بالأزهر، وعددٍ من أعضاء هيئة التدريس بالمدرسة.ورحب شيخ الأزهر، بأبنائه الطلاب، معربًا عن سعادته باستقبال حفظة كتاب الله، مؤكدًا حرص الأزهر الشريف على تعليم القرآن الكريم ونشر علومه، وإتاحة فرصة الدراسة الحرة لحفظ القرآن الكريم والتفقه في علومه وضبط التلاوة للطلاب الوافدين، ومساعدتهم في تعلم النطق الصحيح لآيات كتاب الله، وتعليم التجويد وأحكام التلاوة، بجانب نشر المنهج الأزهري الوسطي المعتدل.وأثناء تبادل الحديث مع الطلاب، استذكر شيخ الأزهر، تجربته مع أبناء جيله في حفظ القرآن الكريم في "كُتَّاب القرية"، قائلا: "كنا نذهب يوميًّا من بعد صلاة الفجر إلى الكُتاب لنحفظ ونراجع الأجزاء الحديثة علينا في المصحف الشريف، وذلك دون أن نتناول وجبة الإفطار، وكان من المتعارف وقتها أنه إذا تناول الطالب الطعام كان سينتابه الخمول والكسل عن الحفظ".وتابع: "كان المحفظ يسمى بالخطيب إذ كان يمارس الخطابة بجانب تحفيظ القرآن، وكان يتمتع بمهارات خاصة في تقويم وتصحيح قراءة أكثر من طالب في آن واحد، وكان يجلس على حصير من ليف، بينما كنا نجلس على التراب ومعنا ألواح من حديد وأقلام من البوص، وكان هناك مظاهر خاصة لا تنسى لتكريم المتميزين في الحفظ ومن رزقوا ختم كتاب الله بأن يحملوهم ويطوفون بهم في شوارع القرية تعريفا بهم وتشجيعا لهم، وكانت لي ذكريات كثيرة مازلت أسترجعها حتى الآن".وحرص شيخ الأزهر، للاستماع إلى تلاوات عدد من الطلاب لآيات من القرآن الكريم، التي تلاها الطالب صفي الله تيمور من دولة أفغانستان، والطالب ثاني الأول من دولة نيجيريا، والطالبة مريم محمد حسين من دولة تشاد، وأثنى فضيلته على أصواتهم الحسنة وتمكنهم من القراءة الصحيحة بأحكام التجويد وحفظهم للمتون.ووجه بحسن رعاية طلاب المدرسة، وتذليل كل العقبات أمامهم، ومتابعة أمورهم كاتفة؛ لضمان تفرغهم لتحصيل العلوم والالتزام بالمنهج الأزهر الوسطي، وتدريبهم حتى يكونوا دعاة قادرين على تفنيد الأفكار المغلوطة، وحتى يكونوا خير سفراء للأزهر في بلادهم.ومن جانبهم، أعرب طلاب مدرسة (الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده)، عن بالغ سعادتهم بلقاء فضيلة الإمام الأكبر.وحرص فضيلته على توفير العناية والرعاية الخاصة بهم، مؤكدين على أن هذا اللقاء يعد دافعًا كبيرًا لهم لمواصلة دراستهم بتفوق.وأشار الطلاب، إلى أن كلمات الإمام الأكبر ونصائحه الأبوية ستظل نبراسًا يضيء لهم طريقهم.وأعربوا عن امتنانهم وشكرهم العميق للأزهر الشريف، على ما يقدمه من دعم متواصل للطلاب الوافدين من مختلف دول العالم.


Economic Key
منذ ساعة واحدة
- Economic Key
الفلك يكشف موعد شهر رمضان 2026 وفق الحسابات الهجرية
كتبت – يسرا السيوفي كشفت الحسابات الفلكية للعام الهجري الجديد 1447 هـ، عن موعد حلول شهر رمضان 2026 ، حيث تشير التقديرات إلى أن غرة رمضان ستكون مساء الثلاثاء 17 فبراير 2026، على أن ينتهي الشهر الفضيل مساء السبت 21 مارس 2026. ويعتمد التقويم الهجري أو القمري على الدورة الكاملة للقمر حول الأرض، حيث يبلغ طول الشهر القمري الفترة الزمنية التي يستغرقها القمر لإتمام دورة كاملة. وتشمل الأشهر الهجرية بالترتيب: المحرم، صفر، ربيع الأول، ربيع الآخر، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، وذو الحجة. ويُستخدم التقويم الهجري في عدد من الدول العربية والإسلامية مثل المملكة العربية السعودية كتقويم رسمي، وقد أُنشئ في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي جعل هجرة النبي محمد ﷺ من مكة إلى المدينة في 12 ربيع الأول (الموافق 24 سبتمبر 622م) بدايةً لأول سنة في هذا التقويم، وهو ما يفسر تسميته بالتقويم الهجري.