الملك بين رفاق السلاح.. صوت الاعتدال في زمن الاصطفاف
في ظل الأوضاع السياسية المشحونة بالأحداث والتوترات، يبرز جلالة الملك عبد الله الثاني كواحد من أكثر القادة حكمة ومرونة في التعاطي مع المستجدات الإقليمية والدولية، لا بالصوت المرتفع ولا بالخطابات الطنانة، بل برؤية متزنة، تقرأ الواقع وتتهيأ للمستقبل، وتوازن ما بين الثوابت الوطنية والاستحقاقات الجيوسياسية المتغيرة.
لقاء الملك بالمتقاعدين العسكريين في قصر الحسينية، بدا وكأنه استدعاء للذاكرة الأردنية العميقة، حين كانت البندقية الأردنية لا تطلق إلا دفاعاً عن السيادة، وعمق الدولة لا يُقاس بعدد التصريحات بل بعمق الالتزام بكرامة المواطن وحماية الحدود. الملك، وهو يضع أولويات الأمن والاستقرار الأردني فوق كل اعتبار، بعث برسائل واضحة: الأردن لا يسمح بأن يكون ميداناً للانفجار، ولا ساحة للتصعيد، مهما ضاقت الجغرافيا، واشتدت المعادلات.
وفي لحظة اشتعلت فيها الضفة الغربية بالنار، واحترقت غزة تحت نيران الاحتلال، كان صوت الملك في الداخل والخارج يطالب بوقف الحرب لا بتجميلها، بتهدئة شاملة لا مؤقتة، وبسلام يعيد الحق لا يجمّد المعركة. وعندما رحّب الملك بالجهود الأميركية لخفض التصعيد، لم يكن ذلك موقف مجاملة، بل قراءة دقيقة لميزان القوى، وتحريك لعجلة الضغط السياسي ضمن هوامش التحرك المتاحة، تماماً كما يفعل القادة الذين يفهمون أن البراعة السياسية ليست في كسب المعركة بل في تجنيب أوطانهم خوضها.
الملك في كلماته أمام رفاق السلاح، لم يُطلق مواقف فضفاضة، بل ركّز على عناصر واضحة: حماية المواطن، التنسيق مع الحلفاء، واحترام القانون الدولي. كل كلمة كانت محسوبة، نابعة من مدرسة سياسية نضجت في أتون الأزمات، لا في مكاتب التنظير ولا في قاعات التصفيق. حتى حين تحدث عن «محاربة الإرهاب والتطرف»، أعاد التأكيد على دور الأردن في تلك المعركة الأخلاقية الكبرى، التي لم يتخلَّ عنها يوماً رغم كل ما جرى من تحولات إقليمية.
حضور، وهم من أبناء المؤسسة العسكرية التي صنعت الكرامة الأردنية، لم يخفوا فخرهم بالملك، ليس من باب الولاء التقليدي، بل من إيمانهم بأن هذا القائد لا يبدّل موقعه عند اشتداد الرياح. الأردن معه، ليس دولة تترنح بين المحاور، بل دولة لها إحداثياتها الخاصة، تقف بثقة، وتُشيد بنيانها بهدوء بعيداً عن ضجيج الساحات.
وفي لحظة يُختبر فيها كل شيء، من الحدود إلى المبادئ، يظهر الملك عبد الله كما عهدناه: قائدًا لا يُجامل على حساب السيادة، ولا يُقايض المبادئ بالواقع، بل يصوغ معادلة أردنية خالصة، تقوم على المصلحة الوطنية أولاً، وعلى صلابة الموقف في زمن السيولة.
بصراحة من يعرف السياسة يعرف أن الحنكة لا تُقاس بعدد المؤتمرات ولا بحجم الضجيج الإعلامي، بل بقدرة القائد على الإمساك بخيوط الأزمة، وتوجيه البوصلة حين يضيع الاتجاه، وهذا ما يفعله الملك عبد الله الثاني، مرة بعد مرة، دون أن يُشهر النصر، لأن النصر عنده ليس صورة تُلتقط، بل وطن يُصان.. حمى الله الوطن وقائده من كل مكروه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 2 ساعات
- الغد
القسام: نفذنا كمينا مركبا في خان يونس
اضافة اعلان وبحسب ما نشرت القسام عبر حسابها الرسمي على منصة "تيلغرام"، فقد "تمكن مجاهدو القسام من تنفيذ كمين مركب استهدف قوة صهيونية تحصنت داخل أحد المنازل بقذيفة "الياسين 105" وقذيفة "RBG" وأوقعوا جنود العدو بين قتيل وجريح ومن ثم استهداف المبنى بالأسلحة الرشاشة في منطقة "الترخيص القديم" جنوب مدينة خانيونس جنوب القطاع".وفي اليوم الـ100 من استئناف حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب مجازر جديدة بحق المجوّعين قرب مراكز توزيع المساعدات في وسط وجنوب القطاع.في الأثناء، تكبد جيش الاحتلال العديد من القتلى والجرحى في كمين مركب للمقاومة الفلسطينية بخان يونس جنوبي القطاع.وفي الضفة الغربية المحتلة، استشهد طفل فلسطيني برصاص الاحتلال شرق رام الله، في حين واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي هدم المنازل في المخيمات.


أخبارنا
منذ 4 ساعات
- أخبارنا
شحادة ابو بقر يكتب : مسرحية بالذخيرة الحية .. ماذا عن العرب!
ذاب الثلج وبان المرج، فهناك مشروعان يتصارعان تارة ويتوافقان تارة وكل منهما يسعى وينفذ مخططا للهيمنة على بلاد العرب في مشرقهم. المشروع الفارسي والذي كان بسط نفوذه على أربع عواصم عربية تحت غطاء الانتصار لفلسطين فقد كثيرا من ذلك النفوذ على يد مشروع الاحتلال المدعوم اميركيا وإنكفأ على نفسه ولو إلى حين ، فيما تجبر مشروع الاحتلال وحطم اذرع المشروع الفارسي في بلاد العرب ثم واصل التحطيم في إيران ذاتها مستعينا بأمريكا التي أعادت البرنامج النووي الإيراني سنوات إلى الوراء . الحرب كانت فعلا مسرحية ولكن بالذخيرة الحية حيث دمار هنا وهناك، والآن حان وقت تقاسم النفوذ على الفريسة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. أميركا أدارت المشهد بذكاء حافظت من خلاله على التفوق العسكري للاحتلال وأبقت لإيران دورها المعروف في تهديد العرب ، وهي بذلك تبقي العرب في الحالة ذاتها حيث الحاجة لاميركا لرد أي تهديد فارسي ممكن أو مزعوم لهم . هذا هو الواقع الذي إنخدع به العرب حتى اليوم، فالمطلوب أميركيا وغربيا واحتلاليا إبقاؤهم في حالة تحت رحمة هؤلاء تخوفا من التهديد الإيراني . إيران ظهرت على حقيقتها كنمر من ورق لا أكثر، وإسرائيل هي الأخرى ظهرت على حقيقتها التي تقول أنها تموت فورا إذا إنقطاع الحبل السري الأميركي تحديدا والغربي عموما . الله سبحانه وتعالى منح العرب قوة وموارد بشرية وطبيعية ودينية وجغرافية وثروات هائلة لم يمنح أيا من أمم الأرض مثلها ، ومع ذلك فهم مشتتون يتقوقع كل منهم داخل حدوده وليس لديهم مشروع سياسي عسكري إقتصادي كالاحتلال والفرس برغم توفر كل الإمكانات اللازمة ولايحتاج الأمر سوى لقرار سياسي قومي عروبي صادق . لو توحدت إرادة العرب رسميا فالشعوب العربية كلها جاهزة وتواقة لهكذا مشروع يخيف الأعداء ويحفظ للعرب كرامتهم ويعيد حقوقهم المنهوبة عينك عينك على أيدي شذاذ الآفاق . أردنيا .. ما جرى حتى الآن وبالذات حرب الأيام الإثنين عشر حملت دروسا وعبر وعظات كبرى لا يجب القفز عنها بل لا بد وحفاظا عل بلدنا عقد مؤتمر وطني كبير يحدد المطلوب منا وطنيا لتقوية عود وطننا وصونه من كل أذى ومطامع أيا كان مصدرها ، وهي لا شك ستطل برؤوسها أكثر وأكثر وقريبا جدا . الأردن الرسمي مطالب بوضع حروفه على نقاطه بقوة إجتماعيا وعسكريا وأمنيا وإقتصاديا فليس لدينا ترف الانتظار أو التعامي عما جرى وما سيجري قريبا . لا بستغربن احد رؤية تنسيق إيراني إسرائيلي سرا وعلنا على تقاسم الغنيمة العربية ما دام هذا هو حال العرب . ترى لماذا فقد عرب اليوم قيم النخوة والشهامة والغيرة الوطنية والقومية في وقت هم فيه أقوى أمم الأرض ولبس بهم حاجة لو جمعوا صفهم لاميركا ولا للغرب ولا الشرق كله بل هؤلاء هم بحاجة للعرب . مرة ثانية الأردن بأمس الحاجة لإستخلاص العبر وصياغة مشروع وطني إستراتيجي شامل كبير لبناء حالة وطنية مختلفة عما هو الحال المائل وهذا لبس صعبا أبدا إذا ما توفرت الإرادة السياسية. والأردنيون جميعا تواقون لشيء من هذا صونا للوطن والهوية وردا للاطماع والتطلعات الشريرة .


أخبارنا
منذ 4 ساعات
- أخبارنا
لارا علي العتوم : حمى الله الأردن
أخبارنا : لا أحد يستطيع تفسير الحب الاسرائيلي لسفك الدماء والهدم، لعله مسار لن ينتهي الا بانتهاء الدم العربي، او هكذا يبدو، ولا سيما انها كانت قد بدأت بفكرة الهروب من الظلم لتبدأ الظلم وسفك الدماء في فلسطين ولعل افعالها في غزة تتفوق على كل معاني الوحشية، لتدق ابواب ايران كما كانت قد دقت ابواب العراق بحجة القنبلة النووية التي لم يُرى اثرها حتى يومنا الذي تدق به ابواب ايران بحجة برنامجها النووي، لتزج المنطقة بمظاهر الحرب العالمية الثالثة وتجز بشعب المنطقة تحت التهديد المُبطن وتحت وزر الخوف والتوتر، والقتل لاهالي قطاع غزة، حتى شعبها لم تأبه بأمنه بل عملت على اخراجه ونزوحه فلم يكف الحكومة الاسرائيلية بأن وضعت شعبها في خانة كره الشعوب له حتى زجته في خانة الهروب او الموت. التبريرات تلو التبريرات رافقتها التحذيرات تلو التحذيرات من الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ولكن هل من آذان صاغية، فالآذان تتوق لحرب شاملة لن تخرج منها المنطقة والعالم لسنوات. الأردن قلب العالم، لموقعه الجغرافي المتميز وتاريخه المميز بالحضارات التي تعتبر اصل العالم اليوم، وكما كان لحكمة جلالة الملك عبدالله الثاني الاثر الكبير في صلابة الاردن تعود حكمته لتنقذ الاراضي الاردنية من ان تصبح مشاعاً لأطراف نزاع يتخذ كل منهما من الآخر الفزاعة لشحذ همم الحكومات، حيث ان دوافع الطرفين تتمحور حول غاية شخصية من اسرائيل. ثقة الشعب العربي بقياداته جعلت منه العائلة الواحدة، المتماسكة والمتلاحمة، أمام التشدق الاسرائيلي للقتل والتدمير، ولن يُثنيها ما يحدث عن صمود مواقفها مع الحق الفلسطيني وانهاء المحرقة الاسرائيلية لاهل غزة، وستبقى أمة على قول واحد. وسيبقى الأردن بملكه وشعبه قلب العالم رغم الاوضاع الاقتصادية التي زجت بها اسرائيل اليه كتراجع السياحة الخارجية، ولربما ارتفاع في الاسعار بشكل عام وارتفاع كلف الكهرباء بشكل خاص وارتفاع أسعار العملات والذهب، بجانب الزيادات الجديدة في أسعار المحروقات في حال استمرار التصعيد المستمر والغير مُبرر من الجانب الاسرائيلي لمنطقتنا. حتى باتت الاجراءات التي تتخذها الحكومة الأردنية وجعل حتمية ارتفاع الاسعار في وضعية الاحتمال، ومواجهة تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واضطرابات البحر الأحمر وباب المندب، كالذي يدفع الثمن في معركة موقفه الوطني والقومي. وإلى متى وإلى أين سينتهي هذا المسار الاجباري الذي وجدت منطقتنا نفسها فيه، حيث اصبح السلام كالجزرة التي تلوح به أياد خفية وكأن الحرب أصبحت المأوى لطموحاتهم. حمى الله أمتنا