logo
نتنياهو... من براعة الصعود إلى فداحة الهبوط

نتنياهو... من براعة الصعود إلى فداحة الهبوط

العرب اليوم٠٨-٠٤-٢٠٢٥

منذ أن ابتُليت إسرائيل، وابتُلينا معها بالصعود الصاروخي لبنيامين نتنياهو، حدث إجماع على أنه ملك إسرائيل. وهذا لقب لم يحظَ به حتى مؤسسو الدولة وقادتها التاريخيون.
كل الأرقام القياسية التي تتصل بالاستقرار على القمة حققها بنيامين نتنياهو، فهو صاحب أطول ولاية لرئيس وزراء في تاريخ إسرائيل. والأقوى في السيطرة على الأتباع والخصوم، وتوظيفهم لمصلحة بقائه في السلطة، وفي موقع صاحب القرار الأول والأخير في إسرائيل.
في عهده كانت الإخفاقات -مهما بدت ظاهرة- تختفي وراء حاجة إسرائيل لرجل مثله، يجيد الإنجليزية ويجيد أكثر «الأميركية» لاستخدامها في لعبته.
ألم يكن هو من صُفِّق له أربعين مرة وقوفاً في خطابٍ واحدٍ أمام الكونغرس؟
ألم يكن هو الزائر الدائم للبيت الأبيض؟ وإن حدث أن اضطربت علاقته برئيس الولايات المتحدة لأسباب تكتيكية، كان الخلاف يزول لتعود أبواب البيت الأبيض للانفتاح أمامه؟
لقد كان مقاطَعاً من قبل الرئيس بايدن الذي التقاه على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في فندق، إلا أن ما حدث بعد ذلك أن بايدن جاء شخصياً لزيارته في إسرائيل؛ ليس بايدن وحده وإنما كل أركان إدارته، حين وقع زلزال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
مسيرة نتنياهو من القاعدة إلى القمة أقنعت معارضيه قبل مؤيديه بأنه الرجل الذي ما دخل في معركة إلا وكسبها، وخصوصاً في الشأن الداخلي، وذلك كرَّس في وعيه وسلوكه شعوراً عميقاً، عنوانه: «أنا إسرائيل وإسرائيل أنا».
لم يكن نتنياهو ليحقق كل ذلك إلا من خلال إجادته استخدام الدولة وجيشها ومؤسساتها وقدراتها جميعاً، كورقة في لعبة زعامته. حتى الحرب على غزة، نصحه الأميركيون منذ أيامها الأولى بالتوقف عنها والذهاب إلى تسوية سياسية تحقق أهدافها، إلا أنه لم يقل «لا» فقط للأميركيين؛ بل جرَّهم وراءه صاغرين كسيد للعبة، وأميركا «بايدن» مجرد عربة مقطورة وراءه.
نتنياهو الذي صعد بقوة وجلس على القمة أطول مدى في تاريخ إسرائيل، كان -وفق قراراته وسلوكه- متأكداً من أن مصير إسرائيل ارتبط بمصيره الشخصي، وأن التضحية بهوية وخصائص الدولة العميقة أمر يستطيع فعله كما لو أنه يرتشف فنجان قهوة. ومَن غيره منذ وُجدت إسرائيل، تجرَّأ على القضاء ومحكمته العليا، ليحولهما إلى بيدق في لعبة الشطرنج الداخلية، يحركه أينما شاء وكيفما شاء؟
ومَن غيره يقيل وزير الدفاع بينما جيشه في قلب معركة ضارية على الجبهات السبع؟ وكذلك الأمر فعله مع رئيس الأركان، ومع رئيس «الشاباك»، ومع وزراء أبعدهم عن حزبه في وقتٍ كان ضرورياً بالنسبة له إبعادهم فيه، وأعادهم إلى حظيرته في الوقت الذي كانت إعادتهم فيه ضرورية أيضاً.
ومَن غير نتنياهو يحمل على كتفيه أربع قضايا فساد تهد الجبال، والواحدة منها كفيلة بإرساله إلى السجن، أو البيت في أفضل الأحوال؟ ولكنه وهو حامل للقضايا على كتفيه بكل ثقلها، ظل فائزاً في سباق سباحة المسافات القصيرة والطويلة في بحر إسرائيل.
هذا بعضٌ من نتنياهو وليس كله، غير أنه بعد أن ملأته إنجازاته غروراً وثقة زائدة بالنفس، لم يدرك أن للحقيقة وجهاً آخر، فالجلوس على القمة ليس أبدياً، وإذا كان الصعود إليها استغرقه سنوات طويلة، فإن الهبوط عنها ربما يتم في سنة واحدة، هي السنة الأخيرة في آخر ولاية له، فما الذي حدث بالضبط؟
قبل السابع من أكتوبر 2023 امتلأت الشوارع بالمتظاهرين ضده، حتى أنه لم يتمكن من الذهاب إلى مطار بن غوريون للسفر في زيارة رسمية، ما أرغمه على اللجوء إلى مروحية عسكرية نقلته من بيته في القدس إلى المطار.
وحين فُتحت من جديد ملفات الفساد، بدأ يتوسل بالمستشارين والمحامين لإيجاد طريقة لتأجيل البت في القضايا، مستخدماً في ذلك كل الحيل؛ لكن القضايا ظلت قائمة، وظل رعبه منها مستمراً.
حين امتلأت الشوارع بالمتظاهرين ضده، كان يعدُّ أيامه في الرئاسة بالساعة، وانفض من حوله مَن انفض، وبقي معه من بقي، إلا أن براعته في الإفلات من الكمائن التي نُصبت له من قبل كثيرين من حزبه وأحزابٍ أخرى، منحته بعض وقتٍ ليس من أجل النجاة، وإنما للتأجيل فقط.
في السابع من أكتوبر 2023، وجد نتنياهو ضالته ليعود تحت عنوان الحرب الوجودية التي فُرضت على إسرائيل، كي يمسك بزمام المبادرة؛ ليس فقط في شؤون الحرب؛ بل وفي شؤون الدولة العبرية جميعها.
استعاد بفعل ذلك اليوم كل الخيوط التي سُحبت من بين يديه، وأهمها بالنسبة لإسرائيل الحجيج الذي قصده من رئيس الولايات المتحدة إلى وزير الخارجية إلى رئيس الـ«CIA» إلى وزير الدفاع، مصحوباً بجسر جوي أوله في إسرائيل وآخره في «البنتاغون». ومن أجل كسبه الحرب التي تحفَّظ عليها الأميركيون بعد أن قطعت أسابيع قليلة، ومن أجل الحفاظ على ما وفرت له من مزايا للبقاء على قمة السلطة، فقد اخترع لها أوصافاً، مثل: النصر المطلق، والحرب الوجودية، وحرب تغيير الشرق الأوسط.
نتنياهو اليوم غير نتنياهو الأمس، وآخر فضيحة يعاني منها هي لعبة السيطرة، من خلال إقالة رئيس «الشاباك»، وتعيين رئيس بديل له، ثم التراجع عن تعيين البديل، مع دخول معركة جدية مع المحكمة العليا التي أمرته بإرجاء قرار الإقالة والاستبدال، إلا أنه لم يمتثل.
رحلة هبوط نتنياهو من القمة بدأت مع بدايات آخر نوبة له في رئاسة الحكومة، وها هي في طريقها إلى الانتهاء في آخر سنة من سنوات رئاسته طويلة الأمد لإسرائيل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الوكالة الدولية: إيران سرّعت من وتيرة انتاج اليورانيوم المخصب
الوكالة الدولية: إيران سرّعت من وتيرة انتاج اليورانيوم المخصب

الدستور

timeمنذ 5 ساعات

  • الدستور

الوكالة الدولية: إيران سرّعت من وتيرة انتاج اليورانيوم المخصب

طهران - اعتبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران «سرعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المئة القريبة من مستوى 90% المطلوب للاستخدام العسكري».جاء ذلك في تقرير، وُصف بأنه «غير معدّ للنشر»، اطلعت عليه وكالة «فرانس برس»، . ولفتت الوكالة إلى أن المخزون بلغ 408,6 كلغ في 17 أيار/مايو بزيادة 133,8 كلغ خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة مقارنة بزيادة بمقدار 92 كلغ خلال الفترة السابقة.وكتبت الوكالة في التقرير أن «هذه الزيادة الكبيرة في إنتاج إيران، الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج مثل هذه المادة النووية، وتخزينها اليورانيوم العالي التخصيب... تثير مخاوف كبرى». وفي تقرير ثان وضعته الهيئة التابعة للأمم المتحدة بطلب من الدول الغربية بناء على قرار صادر في تشرين الثاني/نوفمبر، نددت الوكالة بتعاون إيران الذي وصفته بأنه «أقل من مرضٍ» بشأن برنامجها النووي. وكتبت في التقرير الثاني الذي اطلعت عليه «فرانس برس» أيضًا، أن «إيران في مرات عدة إما لم تجب أو لم تقدم إجابات ذات مصداقية من الناحية الفنية على أسئلة الوكالة ونظّفت» مواقع، وهذا ما «أعاق أنشطة التحقيق» في ثلاثة مواقع تشتبه الوكالة بأنها شهدت أنشطة نووية غير معلنة، هي لاويسان شيان وورامين وتورقوز آباد. وسارع مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى التفاعل مع تقرير الوكالة الدولية، معتبرًا أنه «يُظهر الهدف من البرنامج النووي الإيراني» وأنه «ليس سلميًا».وقال في بلاغ للإعلام إن التقرير، «يُثبت أن طهران مُصممة على استكمال برنامجها النووي العسكري»، وأنه «يجب على المجتمع الدولي التحرك الآن لوقف إيران».وتنفي طهران سعيها إلى تطوير سلاح ذري، وتتمسك بما تعتبره «حقا» لها في مجال الطاقة النووية السلمية. يشار إلى ان الجولة الخامسة من المحادثات بين طهران وواشنطن بوساطة عُمان انتهت في 23 أيار/مايو في روما من دون تحقيق تقدم يذكر لكن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، ومحاوره الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أبديا استعدادهما لمواصلة المناقشات التي وصفاها بأنها بناءة.ولم يحدد أي موعد في الوقت الحاضر لجولة مقبلة. وكالات

الخارجية السودانية: «الدعم السريع» قتل 26 مدنيًا في كردفان
الخارجية السودانية: «الدعم السريع» قتل 26 مدنيًا في كردفان

الدستور

timeمنذ 5 ساعات

  • الدستور

الخارجية السودانية: «الدعم السريع» قتل 26 مدنيًا في كردفان

الخرطوم - اتهمت وزارة الخارجية السودانية، قوات «الدعم السريع» بقتل 26 مدنيًا بهجمات مختلفة شنتها على عدة مدن في ولايات كردفان الثلاث، خلال 72 ساعة، من بينها قصف مستشفى الأُبيِّض في ولاية شمال كردفان (وسط).وقالت الوزارة في بيان: «ارتكبت ميليشيا الدعم السريع سلسلة جرائم إنسانية شنيعة، استهدفت أهدافا مدنية خالصة، وراح ضحيتها مواطنون أبرياء».وأشار البيان إلى «الدعم السريع» هاجمت، الأربعاء، سوقًا شعبية بمدينة الخوي، في ولاية غرب كردفان (جنوب)، بواسطة الطائرات المسيّرة، ما أدى إلى مقتل 8 مدنيين. كما لفت إلى استهداف حيّ سكني في مدينة الدبيبات، بولاية جنوب كردفان (جنوب)، ما أسفر عن مقتل مدنيَين اثنين. وتابع البيان أن «قوات الدعم السريع قصفت، مستشفى «الأبيض – الضمان، بمدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان، حيث قتلت 16 من المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج، وأصابت عددًا آخرًا من رواد المستشفى وطاقمه الطبي».وفي مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور (غرب)، ذكر البيان أن «الدعم السريع» قصفت «مستودعات برنامج الغذاء العالمي، وأحرقتها بالكامل، بما فيها من مواد غذائية»، فيما لم يتم الإبلاغ عن إصابات.والأربعاء، قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، إن «قوات الدعم السريع قصفت مستودعًا لبرنامج الغذاء العالمي بمدينة الفاشر وأحرقته».وتشهد مدينتا الخوي والدبيبات، لليوم الثاني على التوالي اشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع.ومنذ فترة، تتهم السلطات السودانية «قوات الدعم السريع» بشن هجمات بطائرات مسيّرة على منشآت مدنية، بينها محطات كهرباء وبنية تحتية بمدن البلاد، دون تعليق من الأخيرة.ويخوض الجيش السوداني و»الدعم السريع» منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023 حربًا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفقًا للأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدّرت دراسة أعدّتها جامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا. وكالات

وكالة الطاقة الذرية: إيران سرّعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60%
وكالة الطاقة الذرية: إيران سرّعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60%

أخبارنا

timeمنذ 8 ساعات

  • أخبارنا

وكالة الطاقة الذرية: إيران سرّعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60%

أخبارنا : أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران سرعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المئة القريبة من مستوى 90% المطلوب للاستخدام العسكري، وذلك في تقرير غير معدّ للنشر. ولفتت الوكالة إلى أن المخزون بلغ 408,6 كلغ في 17 أيار/مايو بزيادة 133,8 كلغ خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة مقارنة بزيادة بمقدار 92 كلغ خلال الفترة السابقة، معتبرة أن "هذه الزيادة الكبيرة في إنتاج وتخزين إيران اليورانيوم العالي التخصيب… تثير مخاوف كبرى'. إيران نفذت في السابق أنشطة نووية سرية بمواد لم تعلن عنها للوكالة التابعة للأمم المتحدة في ثلاثة مواقع وأضافت أن إيران نفذت في السابق أنشطة نووية سرية بمواد لم تعلن عنها للوكالة التابعة للأمم المتحدة في ثلاثة مواقع كانت قيد التحقيق منذ فترة طويلة. وجاء في التقرير "الشامل' الذي طلبه مجلس محافظي الوكالة الدولية في نوفمبر تشرين الثاني أن "هذه المواقع الثلاثة، ومواقع أخرى محتملة ذات صلة، كانت جزءا من برنامج نووي منظم غير معلن نفذته إيران حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وأن بعض الأنشطة استخدمت مواد نووية غير معلن عنها'. ونددت الوكالة بتعاون إيران "الأقل من مرض' بشأن برنامجها النووي. وجاء في التقرير السبت أن "إيران في مرات عدة إما لم تجب أو لم تقدم إجابات ذات مصداقية من الناحية الفنية على أسئلة الوكالة ونظّفت' مواقع، وهذا ما "أعاق أنشطة التحقيق للوكالة' في ثلاثة مواقع تشتبه بأنها شهدت أنشطة نووية غير معلنة، هي لاويسان شيان وورامين وتورقوز آباد. في السياق، قالت إسرائيل اليوم السبت إن أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أظهر أن البرنامج النووي الإيراني ليس سلميا وأن طهران لا تزال عازمة على استكمال برنامجها للأسلحة النووية. وقال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان "على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن لوقف إيران'، مضيفا أن مستوى تخصيب اليورانيوم الذي وصلت إليه "لا يوجد إلا في الدول التي تسعى بنشاط لامتلاك أسلحة نووية، وليس له أي مبرر مدني على الإطلاق'. (وكالات)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store