
بانوراما نيويورك التسعينيات مجمدة بالزمن.. هل ستخضع للتحديث؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يبلغ ارتفاع مبنى إمباير ستيت حوالي 38.1 سنتيمترًا، في حين يبلغ ارتفاع تمثال الحرية أقل بقليل من 5 سنتيمترات من دون قاعدته. وبهذا المقياس، حتى النمل سيكون ضخمًا جدًا كي يُمثل الناس في الشوارع بالأسفل.
هذه المجسّمات المصغّرة الواقعية للمعالم الشهيرة موجودة على البانوراما التي تبلغ مساحتها 867،25 مترًا مربعًا، وتجسّد أكبر نموذج لمدينة نيويورك، وقد بُني يدويًا بدقة عالية بمقياس 1:1,200.
وللنموذج مترامي الأطراف غرفة خاصة في متحف كوينز، حيث تم تركيبه لأول مرة في ستينيات القرن الماضي، ويدور برقة بين إضاءة النهار والليل، فيما يُمنح الزوار على الممرات الزجاجية إطلالة بانورامية على جميع أحياء المدينة الخمسة.
وبعد الاحتفال بالذكرى الستين للنموذج، العام الماضي، نشر المتحف كتابًا جديدًا يقدم نظرة من خلف الكواليس على كيفية صنع البانوراما. كما عُرضت في المتحف لقطات أصلية لآخر تحديث رئيسي للنموذج، الذي اكتمل العام ١٩٩٢، كجزء من فيديو مدته ١٢ دقيقة يتضمن مقابلات مع بعض المُجدِّدين.
رافقت لين ماليسزيوسكي، مساعدة مدير الأرشيف والمجموعات في متحف كوينز، CNN بزيارة إلى بانوراما في مطلع مارس/ آذار، وأعربت عن أملها بأن يساعد الكتاب والفيديو على جذب المزيد من الزوار، والانتباه إلى الجهد الكبير الذي بُذل في بناء النموذج، أكثر من ١٠٠ عامل بدوام كامل، من يوليو/ تموز ١٩٦١ إلى أبريل/ نيسان ١٩٦٤.
ولفتت ماليسزيوسكي: "أحيانًا عندما أدخل إلى هنا، تنتابني القشعريرة، لأن هذا النموذج يُجسّد الأحلام، والآمال، والعائلة، والنضال، واليأس، والحماس.. كل جانب من جوانب المشاعر الإنسانية موجود هنا (في نيويورك) في ذات الوقت. إنه يُظهر لنا أشياء لا يُمكنك إدراكها وأنت على أرض الواقع".
بُنيت بانوراما في الأصل لمعرض نيويورك العالمي العام ١٩٦٤، الذي كان آنذاك أكبر معرض دولي في الولايات المتحدة، وكان يهدف إلى تسليط الضوء على ابتكارات المدينة.
أشرف على المعرض روبرت موزس، مخطط المدن المؤثر والمعروف، والذي تسببت مشاريعه للطرق السريعة في نزوح مئات الآلاف من سكان نيويورك. عندما كُلّف موزس ببناء بانوراما كانت تحتوي على أجزاء قابلة للإزالة وإعادة تصميمها بغية تحديد أنماط حركة المرور الجديدة وتصاميم الأحياء، فرأى فيها فرصةً لاستخدامها كأداة تخطيط للمدينة.
بُني النموذج وعُدِّل أساسًا، بهامش خطأ أدنى من 1%، وحُدِّث مرات عدّة قبل تسعينيات القرن الماضي، إلا أنه مُجمَّد الآن في الزمن. ووفق ماليسزيوسكي، فقد كلَّف صنعه أكثر من 672,000 دولار أمريكي في العام 1964، (6.8 مليون دولار أمريكي بأسعار اليوم)، وأُنفق قرابة مليوني دولار أمريكي (حوالي 4.5 مليون دولار أمريكي بأسعار اليوم) عند آخر تعديل له في العام 1992.
أما عن سبب عدم تحديث البانوراما منذ ذلك الحين، فتعتقد ماليسزيوسكي أن الموارد البشرية والمالية اللازمة لتصوير ثلاثة عقود من المباني الجديدة ستكون "استثنائية". إضافةً إلى ذلك، تتطلب صناعة النماذج الفريدة متخصصين يصعب العثور عليهم.
وأوضحت ماليسزيوسكي أنه في حين أن هذه الحرفة كانت تُستخدم في السابق من قِبل العديد من المهندسين المعماريين ومخططي المدن والمصممين، فقد استُبدلت إلى حد كبير بالنمذجة الرقمية.
ومع ذلك، تُضفي الدقة التاريخية للنموذج سحرًا خاصًا.
ولفتت ماليسزيوسكي إلى أنّ "ما ننظر إليه هو الأول من يناير/ كانون الثاني 1992، وهو أمرٌ مُذهل، بالنظر إلى مدى التغيير الذي طرأ، وكم من الأحياء ستُصبح غير قابلة للتمييز حتى لو صغر حجمها وظهرت على هذا النموذج".
وأضافت: "يستمر العالم في التطور بسرعة كبيرة، أليس كذلك؟ لكن في مدينة نيويورك، من حيث البنية التحتية، فإنّ التطور أسرع".
يُدعم نموذج البانوراما بـ497 دعامة فولاذية، مُغطاة بطبقات من الخشب والإسفنج نُحتت لتشبه تضاريس مدينة نيويورك، وفقًا للكتاب. وتُزيّن جسور صغيرة مصنوعة من النحاس، والعديد من عربات أكريليك، وحافلات، وقطارات، وعربات مترو أنفاق، النموذج الذي صُمم في الأصل ليمشي عليه الزوار، تحديدًا في المناطق ذات المباني المسطحة والأصغر، والممرات المائية والحدائق الواسعة.
يحتوي النموذج على حوالي 895,000 نسخة طبق الأصل من المباني، ضمنًا منازل من الحجر البني ومنازل خاصة، مصنوعة بتقنية حقن الأكريليك، بالإضافة إلى مبانٍ مميزة، مثل ناطحات السحاب والمتاحف والكنائس، مصنوعة من الخشب والورق المطلي يدويًا.
وخضع النموذج لخمس عمليات تحديث، شملت أبرز الإضافات مجمع مركز التجارة العالمي العملاق، ولا يزال البرجان التوأمان معروضين في النموذج، بالإضافة إلى مدينة باتري بارك، وهي مكب نفايات سابق أُعيد تطويره في سبعينيات القرن الماضي، ومركز لينكولن، حجر الزاوية في الفنون والثقافة في المدينة.
وبين المعالم الجديدة المفقودة بشكل ملحوظ، حي هدسون ياردز (الذي يضم أيضًا أحد مقرات CNN)، وهاي لاين، وهو ممشى بطول 1.45 ميل (2،33 مترًا) حُوِّل من سكة حديدية للشحن في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والعديد من ناطحات السحاب "النحيفة للغاية" التي تُهيمن الآن على أجزاء من أفق المدينة.
يتذكر توم جارو، أحد أعضاء فريق العمل المشاركين في مراجعة العام ١٩٩٢، رؤية النموذج خلال المعرض العالمي للعامين ١٩٦٤-١٩٦٥، عندما كان في السابعة من عمره تقريبًا. في ذلك الوقت، كانت هناك لعبة "هليكوبتر" مصنوعة من سيارة بلاستيكية مجنزرة تدور حول محيطها، ما يسمح للركاب برؤية نموذج المدينة على ارتفاع ٢٠ ألف قدم.
صرح جارو لـCNN أنّه "بالنظر إلى النموذج، من المخيف التفكير في أن أي شخص يمكنه إنشاء نموذج بهذا الحجم والضخامة (وبهذا القدر) من التفاصيل".
استذكر جارو، الذي عمل لدى ليستر وشركاه، الشركة الرائدة في تصميم نماذج البانوراما المعمارية، لمدة 15 عامًا قبل أن يؤسس شركته الخاصة المتخصصة في المعارض، إس-تيك أسوشيتس، بعض المهام الدقيقة التي نُفذت خلال عملية التجديد، والتي كانت المرة الوحيدة التي أُزيل فيها النموذج، الذي يزن حوالي 45,000 رطل، من الغرفة التي يوجد فيها حاليًا.
وشملت بعض الأعمال حفر أدق تفاصيل النوافذ والأبواب باستخدام مادة حمضية، وصب مئات الأشكال الجديدة للمباني الإضافية، وإنتاج أشجار وشجيرات صغيرة من الإسفنج المطلي.
وقال جارو: "لو كانت لدينا طابعات ثلاثية البعد حينها لكان الأمر رائعًا، كان بإمكاننا طباعة كل شيء بتقنية ثلاثية البعد، لكن كل شيء كان يتم يدويًا".
كان العمل الرئيسي لجارو كهربائيًا. كانت البانوراما تُضاء سابقًا بأكثر من 3000 مصباح صغير ملون، كان يتعين فكها يدويًا في كل مرة لزم استبدالها. وكجزء من عملية التجديد، قام جارو بتحديث النموذج بأضواء أكثر سطوعًا، رغم أنه اضطر إلى استخدام تقنية كانت تُعتبر قديمة حتى ذلك الوقت بسبب قيود الأسعار، كما يتذكر. وقال: "هناك أميال وأميال من الأسلاك أسفل هذا النموذج، وكلها إضاءة منخفضة الجهد". معظم المصابيح، التي كانت تُستخدم في الأصل لترميز ألوان مرافق البلدية المختلفة في جميع أنحاء المدينة، لم تعد تعمل اليوم.
يتفق كل من جارو وماليسزيوسكي على أن النموذج الحالي سيستفيد من نظام إضاءة أكثر حداثة تسهل إدارته، ويكون أيضًا أكثر تفاعلية مع الزوار، وهو ما يعمل المتحف على تحقيقه بحلول العام 2027، من خلال منحة ممولة من معهد خدمات المتاحف والمكتبات. إلى ذلك، يرغب المتحف بإضافة خطوط مترو الأنفاق رقميًا، والتي لا تظهر حاليًا في النموذج لكنها تلعب دورًا رئيسيًا في تجربة المواطن النيويوركي العادي، بحسب ماليسزيوسكي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


CNN عربية
منذ 3 أيام
- CNN عربية
شاهد نجمة اليوتيوب "المعلمة راشيل" تغني مع طفلة مبتورة القدمين من غزة
التقت نجمة اليوتيوب ومعلمة الأطفال، راشيل أكورسو المعروفة باسم "المعلمة راشيل"، التي حققت أغنيتها "أغاني للصغار" مليارات المشاهدات، بطفلة من غزة، تبلغ من العمر ثلاث سنوات، مبتورة القدمين، وغنت معها إحدى أغانيها الشهيرة. أكورسو، التي يتابعها الملايين عبر منصات التواصل الاجتماعي، كانت صريحة في آرائها حول معاناة أطفال غزة من أزمة إنسانية، وتقول إنها تلقت الدعم والتنمر بسبب منشوراتها. المزيد من التفاصيل في تقرير مراسلة شبكة CNN، مينا دورسون من نيويورك. قراءة المزيد أمريكا إسرائيل أطفال غزة


CNN عربية
منذ 4 أيام
- CNN عربية
شاب متعدد اللغات يحصد الملايين عبر الإنترنت..ماذا قال عن العربية؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- "المعذرة، من أين أنت؟ أراهن أنني أستطيع تخمين لغتك". عندما يتجول يوجي بيليزا في شوارع العاصمة النمساوية فيينا، فإنه لا يرى الحشود فحسب، بل يرى تحديًا وفرصةً للتواصل. خلال مقابلات عفوية في الشارع، يُفاجئ الشاب الياباني الأيرلندي متعدّد اللغات المارة بإلقاء التحية عليهم بلغتهم الأم.بابتسامته العريضة ومهاراته اللغوية السريعة، أصبح بيليزا نجمًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتمتع بأكثر من 2.7 مليون متابع على "إنستغرام"، و3.6 مليون على "تيك توك"، و388 ألف متابع على "يوتيوب". قال الشاب البالغ من العمر 27 عامًا: "إذا قلتَ بضع عبارات فحسب، فإن ذلك طريقة رائعة لكسر الجليد". اكتشف بيليزا موهبته في اللغات في وقتٍ مبكر من حياته، بفضل نشأته في بيئة متعددة الثقافات. نشأ الشاب في كيوتو باليابان مع أم أيرلندية تُدرّس اللغة الإنجليزية وتتحدث أربع لغات، وهي الإنجليزية، والأيرلندية، واليابانية، والإسبانية، وأب ياباني يعمل كحارس أمن. التحق بيليزا بالمدارس الحكومية المحلية في كيوتو، حيث كان طالبًا مجتهدًا، ولعب كرة السلة، وتمتع بأصدقاء. لكنه لم يشعر قط بأنه مقبول تمامًا، إذ أوضح: "كانوا يشيرون إلي بعبارة أجنبي دائمًا لأنّي كنت الطفل الوحيد في المدرسة من عرق مختلط. شعرتُ وكأنني لا أعرف إلى أين أنتمي". في السادسة عشرة من عمره، أمضى بيليزا عامًا تكوينيًا في تيبيراري بقلب أيرلندا، للتواصل مع ثقافة والدته. لكن لم يُنظر إليه كأيرلندي بالكامل أيضًا في الجهة الأخرى من العالم. انجذب بيليزا نحو مجتمع المهاجرين المحلي، حيث التقى بأشخاصٍ من ليتوانيا وبولندا يتحدثون لغتهم المشتركة، أي الروسية. وفكّر الشاب آنذاك: "إذا أردتُ تكوين صداقات أكثر، يجب عليّ تعلم الروسية أيضًا. هذا ما حفّزني حقًا". ألهمته تجربته في أيرلندا لدراسة اللغة الروسية في الجامعة وقضاء عام في برنامج تبادل طلابي في سانت بطرسبرغ بروسيا. أثناء تعلم لغات جديدة، يعتمد بيليزا على مجموعة من الاستراتيجيات، مثل مشاهدة مقاطع الفيديو عبر الإنترنت، وتدوين الملاحظات في دفتره، والتدرب مع الأصدقاء، والاستماع إلى المذكرات الصوتية على هاتفه، ودراسة الكتب التقليدية. بما أنّه كان مهتمًا بتطوير لغته الألمانية بشكلٍ خاص، قرّر الشاب الالتحاق ببرنامج ماجستير في العلوم السياسية في فيينا بالنمسا، حيث يمكنه مواصلة ممارسة اللغة.عاش بيليزا في المقاطعة العاشرة بفيينا، المعروفة بكثرة المهاجرين، وكان يسمع باستمرار محادثات بالتركية، والصربية، والعربية، والكردية حوله، ما أتاح له فرص عديدة لتنمية مهاراته اللغوية.وجد بيليزا نفسه عند مفترق طرق عندما تخرج من برنامج الماجستير في عام 2023، وكان طموحه العمل في مجال الشؤون الدولية. وبينما كان ينتظر ردودًا على طلبات التوظيف، عاد إلى اليابان بحثًا عن فرصة عمل. لكن مع مرور الأشهر من دون ظهور أي فرص في الأفق، قرر المخاطرة والعودة إلى فيينا. بدأ بيليزا باستكشاف فكرة إنتاج مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال: "سليمان من تركيا من أعز أصدقائي. وقد شجعني على البدء بنشر مقاطع فيديو لنفسي وأنا أتحدث اللغة التركية". من ثمّ بدأ المعلقون يشجعونه على التحدث باللغة الكازاخستانية أكثر، وانخرط بيليزا في الأمر. لذا بدأ الشاب بتصوير مقاطع فيديو باللغة الكازاخستانية. وأوضح بيليزا، الذي عُيّن مؤخرًا سفيرًا رسميًا للسياحة الكازاخستانية: "تراكمت الأمور تدريجيًا منذ ذلك الحين"، لافتًا إلى أن "مقاطع الفيديو الكازاخستانية لم تكن برعاية أي جهة، بل كانت نابعة من حب حقيقي وفضول تجاه الثقافة الكازاخستانية". أكسبته مقاطع الفيديو الطريفة في البداية بعض الكباب المجاني هنا وهناك، لكنه الآن يتعاون مع مجموعة واسعة من الجهات الراعية، من تطبيقات اللغات، إلى شركات الاتصالات، والعناية بالأسنان، ما مكّنه من تحويل حبه للغة إلى مهنة. يتحدث بيليزا الآن خمس لغات بطلاقة (اليابانية، والإنجليزية، والروسية، والألمانية، والتركية)، كما أنّه يستطيع إجراء محادثات بعشر لغات أخرى تقريبًا. عند مشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة به، يتّضح مدى سرعة تعرّفه إلى اللغات واستجابته لها، في غضون ثوانٍ فقط غالبًا. A post shared by Yuji Beleza (@yuji_beleza) مشهد يتكرّر 17 مرة في اليوم.. زوار محطة باليابان ينتظرون هذه "القُبلة" بفارغ الصبر يستطيع بيليزا قول عدّة عبارات بأكثر من 40 لغة الآن، ولكنه لا يزال يتلعثم أحيانًا، وفقًا لما قاله، إذ شرح: "اللغة العربية صعبة عليّ، وخاصةً من ناحية النطق. كما أنّ لغات جنوب شرق آسيا، مثل الفيتنامية، والتايلاندية، تُشكّل تحديًا خاصًا". رُغم ما توحي به مقاطع الفيديو التي ينشرها، إلا أنّه لا يعتبر نفسه موهوبًا بشكلٍ طبيعي، حيث أوضح: "في الواقع، لم أكن أحبّ تعلم اللغات في المدرسة. لم أجد دافعًا حقيقيًا إلا بعد رحلتي إلى أيرلندا".يعمل بيليزا، بالتعاون مع مصوره ومدير أعماله الحالي على تطوير منصة لتعلم اللغات تُسمى " Zero to Fluent"، وهي مصممة لجعل تعلم اللغات أكثر متعة وسهولة. على المدى البعيد، يحلم الشاب بالسفر حول العالم، وتسليط الضوء على اللغات والثقافات من خلال مقاطع فيديو قصيرة ومشاريع قصصية سردية أعمق. وسط اللا مكان.. كوخ عمره 200 عام يحصل على نجمة ميشلان بأيرلندا


CNN عربية
منذ 4 أيام
- CNN عربية
مصورة تعيد إنشاء صور رحلات والدتها من التسعينيات
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تقضي المصورة البريطانية روزي لاغ غالبية وقتها مع والدتها هايلي تشامبيون. قالت لاغ لـCNN: "والدتي هي أفضل صديقة لي. نتناول الفطور معًا، نذهب إلى صالة الألعاب الرياضية معًا، نخرج في نزهات معًا، ونتحدث عن أي شيء وكل شيء تقريبًا". لذلك، عندما بدأت لاغ، التي تبلغ من العمر 22 عامًا، التخطيط لمغامرة سفر مدتها ثلاثة أشهر إلى جنوب شرق آسيا، وهي أول رحلة طويلة لها مع حبيبها، شاركت أفكار السفر فورًا مع والدتها. بدورها، بدأت والدة لاغ تتحدث عن ذكرياتها خلال فترة إقامتها في تايلاند وماليزيا، حيث عملت لفترة في منتصف فترة التسعينيات. وأخبرت ابنتها أن لديها مجموعة من الصور من تلك الفترة، مخبأة داخل صندوق في مكان ما بالمنزل. شجعتها لاغ للبحث عن الصور، إذ كانت مهتمة بذلك جزئيًا كمصورة، خاصة أنها أحبت أيضا فكرة إلقاء نظرة على سنوات شباب والدتها وقصة الحب التي جمعت بين والديها. علمت لاغ أن والدتها ووالدها التقيا خلال فترة التسعينيات أثناء تدريسهما لرياضة الغوص في ماليزيا، لكنها لم تكن تعرف الكثير عن تلك الفترة من حياتهما هناك. وتتذكر قائلة: "أخذتني أمي في جولة بين جميع صور الأفلام التي تحتفظ بها في العلّية". وكانت قد التقطت الصور باستخدام كاميرا "Olympus mju"، وهي كاميرا فيلم صغيرة فضية اللون طُرحت للبيع لأول مرة في عام 1991، وكانت تشامبيون تحملها في حقيبتها بالعقد الذي تلى ذلك. وقد شهدت هذه الكاميرا نهضة في موقع "eBay" خلال السنوات الأخيرة، لكن لاغ وقعت في حب صور والدتها التي التقطتها بهذه الكاميرا في أوائل العشرينيات من عمرها، حيث كانت تبتسم للكاميرا، وتتناول الزلابية، وتستكشف الأسواق، وتسير على الشواطئ الرملية. كانت تلك الصور بمثابة نافذة رائعة تطل بها على حياة والدتها ورحلاتها قبل ثلاثة عقود. التقوا بإجازة في المكسيك.. 3 أصدقاء يعيدون إنشاء صورة عمرها 30 عاما لكن، ما أثار دهشة كل من الأم والابنة في ذلك اليوم، هو الشبه الكبير بينهما كأم وابنتها. بينما كانت تتصفح الصور، تشكلّت فكرة في ذهنها، حيث التفتت إلى والدتها وقالت: سيكون من الرائع لو تمكنت من إعادة إنشاء هذه الصور". وقد ترسخت هذه الفكرة عندما اكتشفت تشامبيون أنها ما زالت تحتفظ بالكاميرا القديمة، رغم أنها توقفت عن استخدامها منذ وقت طويل لصالح هاتفها الذكي. وهكذا، وضعت لاغ الكاميرا التي مضى عليها 30 عامًا داخل حقيبة ظهرها، واستقلت طائرتها إلى تايلاند. وصلت لاغ إلى جنوب شرق آسيا وهي تحمل الكاميرا القديمة، وصور والدتها المحفوظة في هاتفها، ومن دون أي خطة واضحة، بدأت رحلتها في إندونيسيا، إذ كانت تخطط لاستكشاف كل من سنغافورة، وماليزيا، وتايلاند، وفيتنام، والفلبين. لم تكن لاغ تمتلك المواقع الدقيقة التي التُقطت فيها صور والدتها في التسعينيات. وبدلًا من محاولة العثور على الأماكن ذاتها، قررت لاغ أن تبحث فقط عن أماكن تُشبه تلك التي تظهر بصور والدتها. كانت تريد أن تركز أكثر على التقاط لحظة مماثلة في الزمن. على سبيل المثال، ظهرت تشامبيون بإحدى الصور من التسعينيات، وهي تمشي مبتعدة عن الكاميرا على شاطئ رملي فارغ، إذ تعتقد أن هذه الصورة التقطت في جزيرة "Ko Phi Phi Don" التايلاندية. بعد ثلاثة عقود، وجدت لاغ نفسها جالسة على شاطئ "Selong" بجزيرة لومبوك في إندونيسيا، تنظر إلى الأفق. ولاحظت أن خط الساحل كان مشابها لذلك الموجود في صورة والدتها. رغم أن جزيرة "Ko Phi Phi Don" تبعد حوالي 2،600 كيلومتر عن لومبوك، شعرت لاغ أن هناك تشابهًا جماليًا بينهما يستحق التوثيق. 4 صديقات يعدن إنشاء صورة التقطت لهن أثناء إجازة في عام 1972 كان لون السماء أزرق بشكل مشابه، كما أنها شعرت بالسعادة الهادئة التي بدت بالصورة الأصلية. قامت لاغ بضبط زاوية التصوير، ثم سلّمت الكاميرا إلى حبيبها، وبدأت تمشي مبتعدة عن الكاميرا، تمامًا كما فعلت والدتها في الصورة من التسعينيات. نظرًا لطبيعة التصوير الفوتوغرافي على الفيلم، لم يكن بوسع لاغ أن تفكر كثيرًا في النتيجة، إذ أن شريط الفيلم يحتوي على 36 صورة فقط، إذ تذكرت موضحة: "كل صورة التقطناها كانت بمحاولة واحدة فقط". وأضافت أن هذا القيد كان جزءًا من مشروعها لإعادة إنشاء صور والدتها. بعد حوالي عقدين..طيار وابنته يعيدان إنشاء الصورة ذاتها بقمرة القيادة في لحظة "رائعة" في وقت لاحق من رحلتها، أثناء وجودها في الفلبين وفيتنام، قامت لاغ بتحميض بعض الصور التي التقطتها، وشاهدت لأول مرة صورها المعاد تجسيدها. وقد أسعدتها النتائج كثيرًا، وأرسلت بعض الصور إلى والدتها في المملكة المتحدة. لفتت لاغ إلى أن والدتها أحبت الصور، ولم يكن الشبه بينهما يومًا بهذا الوضوح. عند وضع الصور جنبًا إلى جنب، كان من الصعب أحيانًا التمييز ما إذا كانت الصورة للاغ أم لوالدتها تشامبيون، وما إذا كانت التُقطت في عام 1994 أم عام 2024. وأكدّت لاغ: "كان من الممتع جدًا إعادة تجسيد الصور ورؤية مدى التشابه بيننا في الواقع".