
ما هو السر وراء إقبال الشباب الأمريكي على الكنائس الروسية؟
يسألني الكثير من الناس: "يا أبونا موسى، كيف يمكنني أن أزيد من رجولتي إلى مستويات خيالية؟".
ففي مقطع فيديو على يوتيوب، يظهر كاهن يروّج لنوع من الرجولة القوية وغير المُعتذرة.
وهو يسخر من أشياء يعتبرها أنثوية أكثر من اللازم، مثل البنطال الضيق، وتشبيك الساقين، واستخدام مكواة الملابس، وتنسيق شكل الحواجب، بل وحتى تناول كوباً من الحساء.
وهناك مقاطع فيديو أخرى للأب موسى ماكفيرسون، وهو أب قوي البنية وله 5 أبناء، يظهر فيها وهو يرفع الأثقال على أنغام موسيقى الهيفي ميتال.
روسيا وأوكرانيا: الأمن الأوكراني يداهم أديرة دينية بحثا عن جواسيس روس
ونشأ ماكفيرسون في بيئة بروتستانتية، وعمل سابقاً في مجال تركيب الأسطح، لكنه يخدم الآن ككاهن في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا (آر أو سي أو آر) في بلدة جورجتاون في ولاية تكساس الأمريكية، وهي فرع من الكنيسة الأم في موسكو.
وتُعدّ الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا، شبكة عالمية تتخذ من نيويورك مقراً لها، وقد بدأت مؤخراً بالتوسع في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة، وذلك في الغالب نتيجة لاعتناق أفراد من ديانات أخرى لمعتقدات هذه الطائفة.
وخلال الأشهر الستة الماضية، قام الأب موسى بتعميد 75 مؤمناً جديداً في كنيسته، كنيسة "أم الرب"، الواقعة شمال مدينة أوستن.
ويقول: "عندما اعتنقتُ أنا وزوجتي الأرثوذكسية قبل 20 عاماً، كنّا نصفها بأنها السرّ الأفضل حفظاً، لأنّ الناس ببساطة لم يكونوا يعرفون ما هي".
وأضاف قائلاً: "لكن خلال العام والنصف الماضيين، تضاعف عدد أفراد جماعتنا ثلاث مرات".
BBC
وخلال قداس الأحد في كنيسة الأب موسى، أُدهش لعدد الرجال في العشرينات والثلاثينات من عمرهم وهم يصلّون ويرسمون علامة الصليب في مؤخرة صحن الكنيسة، وكيف أنّ هذا الدين، بتقاليده التي تعود إلى القرن الرابع الميلادي، يبدو أنه يجتذب شباباً يشعرون بعدم الارتياح تجاه الحياة في أمريكا الحديثة.
ويخبرني تيودور، وهو مهندس برمجيات، أنه كان يملك وظيفة أحلام وزوجة يعشقها، لكنه كان يشعر بفراغ داخلي، وكأنّ هناك حفرة في قلبه. ويعتقد أنّ المجتمع كان "قاسياً جداً" على الرجال، ودائماً ما يُشعرهم بأنهم على خطأ، ويشكو من أنّ الرجال يتعرّضون للنقد عندما يرغبون في أن يكونوا المعيل الرئيسي ويُعيلوا زوجة مقيمة في المنزل.
ويضيف تيودور قائلاَ: "يقال لنا إنّ هذه علاقة سامة جداً في وقتنا الحاضر، لكن الأمر ليس كذلك، ولا ينبغي أن يكون كذلك".
وقد قرّر جميع المعتنقين الجدد تقريباً الذين التقيت بهم، تعليم أطفالهم في المنزل، جزئياً لأنهم يؤمنون بأنّ على النساء أن يُولِين الأولوية لعائلاتهن بدلاً من مسيراتهنّ المهنية.
ويقول الأب جون وايتفورد، رئيس الكهنة في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في سبرينغ في شمال هيوستن، إنّ التعليم المنزلي يضمن تربية دينية، ويُعدّ "وسيلة لحماية أطفالك"، فضلاً عن تجنب الحديث عن "التحول الجنسي، أو 57 تصنيفاً جنسياً في الشهر، أو أشياء من هذا القبيل".
وبالمقارنة مع ملايين المصلين في الكنائس الضخمة الإنجيلية بأمريكا، فإنّ أعداد أتباع الأرثوذكسية المسيحية ضئيلة جداً ولا تتجاوز 1 في المئة من السكان. ويشمل ذلك الأرثوذكسية الشرقية، كما تُمارَس في روسيا وأوكرانيا وشرق أوروبا واليونان، إضافة إلى الأرثوذكسية الشرقية القادمة من الشرق الأوسط وأفريقيا.
وتأسست الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا على يد كهنة ورجال دين فرّوا من الثورة الروسية عام 1917، ويُنظر إليها من قبل كثيرين باعتبارها أكثر الهيئات الأرثوذكسية محافظة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإنّ هذه الجماعة الدينية الصغيرة تُعد صوتاً صاخباً، وما يجري داخلها يعكس تحولات سياسية أوسع، خاصة بعد التحوّل الكبير في سياسة الرئيس دونالد ترامب تجاه موسكو.
ويصعب تحديد الزيادة الحقيقية في عدد المعتنقين الجدد، لكنّ بيانات من مركز بيو للأبحاث تشير إلى أنّ 64 في المئة من الأرثوذكس في الولايات المتحدة هم من الذكور، مقارنة بـ46 في المئة في عام 2007.
وتدعم دراسة أصغر شملت 773 معتنقاً جديداً هذا الاتجاه، حيث تبيّن أنّ غالبية المعتنقين الجدد هم من الرجال، وكثير منهم يقولون إنّ الجائحة (كوفيد-19) دفعتهم للبحث عن إيمان جديد. وتعود هذه الدراسة إلى الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا (أو سي إيه)، التي أسسها رهبان روس في ألاسكا في أواخر القرن الثامن عشر، وتضم اليوم أكثر من 700 كنيسة وبعثة وجماعة ودير ومؤسسة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وجميعها تنتمي إلى التقاليد الأرثوذكسية الروسية.
ويقول البروفيسور سكوت كينورثي، المتخصص في تاريخ وفكر المسيحية الأرثوذكسية الشرقية خصوصاً في روسيا الحديثة إنّ كنيسته في مدينة سينسيناتي، والتابعة للكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا "تضج بالمصلين".
ويُضيف أنه ارتاد الكنيسة ذاتها لمدة 24 عاماً، وأنّ أعداد المصلين كانت مستقرة حتى فترة الإغلاق بسبب كوفيد، ومنذ ذلك الحين بدأ تدفّق مستمر من القادمين الجدد والذين يستعدون للمعمودية، ويُعرفون باسم "الموعوظين".
ويقول البروفيسور كينورثي: "هذه الظاهرة لا تقتصر على كنيستي فقط أو على أماكن معينة في تكساس، بل هي بالتأكيد أوسع من ذلك".
ويُعدّ الفضاء الرقمي عاملاً رئيسياً في موجة المعتنقين الجدد هذه، فالأب موسى لديه عدد كبير من المتابعين على الإنترنت، وعندما نشر صورة لاختبار حمل إيجابي على حسابه في إنستغرام، حصل على 6 آلاف إعجاب بمناسبة إعلانه عن قدوم طفله السادس.
لكن هناك العشرات من البودكاستات ومقاطع الفيديو الأخرى التي يقدمها رجال دين أرثوذكس وجيش من المتابعين معظمهم من الذكور.
ويقول الأب موسى لرعيته:" إنّ هناك طريقين لخدمة الله أن تصبح راهباً أو راهبة، أو أن تتزوج، ومن يختار الزواج يجب أن يتجنب موانع الحمل وأن يُنجب أكبر عدد ممكن من الأطفال".
ويضيف قائلاً: "أروني قديساً واحداً في تاريخ الكنيسة بارك أي نوع من موانع الحمل"، أمّا عن الاستمناء، أو ما تسميه الكنيسة الإساءة للذات، فيدين الأب موسى ذلك ويصفه بأنه "أمر مثير للشفقة وغير رجولي".
ويقول الأب موسى إنّ الأرثوذكسية "ليست ذكورية، بل طبيعية"، بينما "كل شيء في الغرب أصبح مؤنثاً للغاية". ويعتقد أنّ بعض الكنائس البروتستانتية موجهة في الأساس للنساء.
ويضيف قائلاً: "لا أريد حضور قداسات تُشبه حفلات تايلور سويفت، إذا نظرت إلى لغة موسيقى العبادة، فكلها مشاعر وعواطف وذلك ليس من شيم الرجال".
أمّا إليسا بيليتيتش ديفيس، وهي بروتستانتية سابقة وتنتمي الآن إلى الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في أوستن، وتُدرّس في مدرسة الأحد ولديها بودكاست خاص، فتقول إنّ كثيراً من المعتنقين الجدد ينتمون إلى "التيار المعادي لليقظة الاجتماعية (anti-woke)"، ولديهم أحياناً أفكار غريبة عن إيمانهم الجديد، خاصة أولئك المنضمون إلى الكنيسة الروسية.
وتضيف إليسا: "يرون الأرثوذكسية كأنها ديانة عسكرية، وصارمة، وانضباطية، وذكورية، وسلطوية، الأمر مضحك نوعاً ما، وكأنّ التطرف الديني عند البيوريتانيين الأمريكيين القدامى عاد للظهور من جديد".
عمل باك جونسون كرجل إطفاء لمدة 25 عاماً، ويُقدّم بودكاست يُدعى "كاونتر فلو" أو "التدفق المضاد".
ويقول إنه كان خائفاً في البداية من دخول كنيسته الأرثوذكسية الروسية المحلية لأنه "يبدو مختلفاً، ومغطى بالوشوم"، لكنه يخبرني بأنه قوبل بترحيب واسع، كما أُعجب ببقاء الكنيسة مفتوحة طوال فترة الإغلاق بسبب كوفيد.
ويقول باك، وهو جالس على أريكة أمام شاشتي تلفزيون ضخمتين في منزله في مدينة لوكهارت، إنّ إيمانه الجديد بدأ يغيّر نظرته للعالم.
ويضيف قائلاُ: "ما يقلقني هو النظرة السلبية الأمريكية تجاه روسيا"، مشيراُ إلى أنّ الإعلام السائد أو "إعلام المؤسسات التقليدية" يقدّم صورة مشوّهة عن غزو أوكرانيا.
ويتابع قائلاً: "أعتقد أنّ الأمر ناتج عن الجيل الذي عاش في حقبة الحرب الباردة، لا أفهم تماماً السبب، لكنهم يقولون إنّ روسيا شريرة".
وقد أيّد رأس الكنيسة الروسية في موسكو، البطريرك كيريل، غزو أوكرانيا بشدة، واعتبره "حرباً مقدسة"، مع إبداء القليل من التعاطف مع الضحايا. وعندما سألتُ رئيس الكهنة الأب جون وايتفورد عن البطريرك كيريل، الذي يعتبره كثيرون محرّضاً على الحرب، أكد لي أنّ تصريحات البطريرك قد تمّ تحريفها.
ويبدو أنّ المقاطع المصوّرة والصور التي تُظهر بوتين وهو يقتبس آيات من الإنجيل، ويُمسك بالشموع خلال القداسات في كاتدرائية المسيح المخلّص بموسكو، أو ينزل بملابس السباحة إلى مياه متجمدة خلال عيد الغطاس، قد تركت أثراً لدى البعض، فهناك من يرى، في أمريكا وغيرها، أنّ روسيا تُجسّد آخر معقل للمسيحية الحقيقية.
BBC
ومنذ ما يقرب من عقد من الزمن، انتقل كاهن آخر من ولاية تكساس كان قد اعتنق الأرثوذكسية، وهو الأب جوزيف غليسون، من أمريكا إلى قرية بوريسوغلِبْسكي الواقعة على بُعد 4 ساعات شمال موسكو، برفقة زوجته وأطفاله الثمانية.
وقال في مقابلة مع مقدم برامج روسي: "روسيا لا تعترف بزواج المثليين، ولا يوجد فيها زواج مدني، وهي مكان يمكنك فيه تعليم أطفالك في المنزل، وبالطبع، أنا أعشق التاريخ الأرثوذكسي الممتد لألف عام هنا".
وهذا التكساسي ذو اللحية الخفيفة يُعتبر في طليعة حركة تدعو المحافظين إلى الانتقال إلى روسيا. وفي أغسطس/آب الماضي، قدّم بوتين تأشيرة "القيم المشتركة" السريعة، للمهاجرين الفارّين من الليبرالية الغربية.
وعودةً إلى تكساس، يقول لي باك إنّه هو وزملاءه من المعتنقين الجدد للأرثوذكسية يديرون ظهورهم لفكرة الإشباع الفوري ولنمط الاستهلاك الأمريكي.
ويضيف قائلاً: "نحن نفكر في الأمور على المدى البعيد، مثل التقاليد، ومحبة الأسرة، ومحبة المجتمع، ومحبة الجيران، وأعتقد أنّ الأرثوذكسية تناسبنا جداً وخصوصاً هنا في تكساس".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 5 أيام
- شفق نيوز
ما هو السر وراء إقبال الشباب الأمريكي على الكنائس الروسية؟
يسألني الكثير من الناس: "يا أبونا موسى، كيف يمكنني أن أزيد من رجولتي إلى مستويات خيالية؟". ففي مقطع فيديو على يوتيوب، يظهر كاهن يروّج لنوع من الرجولة القوية وغير المُعتذرة. وهو يسخر من أشياء يعتبرها أنثوية أكثر من اللازم، مثل البنطال الضيق، وتشبيك الساقين، واستخدام مكواة الملابس، وتنسيق شكل الحواجب، بل وحتى تناول كوباً من الحساء. وهناك مقاطع فيديو أخرى للأب موسى ماكفيرسون، وهو أب قوي البنية وله 5 أبناء، يظهر فيها وهو يرفع الأثقال على أنغام موسيقى الهيفي ميتال. روسيا وأوكرانيا: الأمن الأوكراني يداهم أديرة دينية بحثا عن جواسيس روس ونشأ ماكفيرسون في بيئة بروتستانتية، وعمل سابقاً في مجال تركيب الأسطح، لكنه يخدم الآن ككاهن في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا (آر أو سي أو آر) في بلدة جورجتاون في ولاية تكساس الأمريكية، وهي فرع من الكنيسة الأم في موسكو. وتُعدّ الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا، شبكة عالمية تتخذ من نيويورك مقراً لها، وقد بدأت مؤخراً بالتوسع في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة، وذلك في الغالب نتيجة لاعتناق أفراد من ديانات أخرى لمعتقدات هذه الطائفة. وخلال الأشهر الستة الماضية، قام الأب موسى بتعميد 75 مؤمناً جديداً في كنيسته، كنيسة "أم الرب"، الواقعة شمال مدينة أوستن. ويقول: "عندما اعتنقتُ أنا وزوجتي الأرثوذكسية قبل 20 عاماً، كنّا نصفها بأنها السرّ الأفضل حفظاً، لأنّ الناس ببساطة لم يكونوا يعرفون ما هي". وأضاف قائلاً: "لكن خلال العام والنصف الماضيين، تضاعف عدد أفراد جماعتنا ثلاث مرات". BBC وخلال قداس الأحد في كنيسة الأب موسى، أُدهش لعدد الرجال في العشرينات والثلاثينات من عمرهم وهم يصلّون ويرسمون علامة الصليب في مؤخرة صحن الكنيسة، وكيف أنّ هذا الدين، بتقاليده التي تعود إلى القرن الرابع الميلادي، يبدو أنه يجتذب شباباً يشعرون بعدم الارتياح تجاه الحياة في أمريكا الحديثة. ويخبرني تيودور، وهو مهندس برمجيات، أنه كان يملك وظيفة أحلام وزوجة يعشقها، لكنه كان يشعر بفراغ داخلي، وكأنّ هناك حفرة في قلبه. ويعتقد أنّ المجتمع كان "قاسياً جداً" على الرجال، ودائماً ما يُشعرهم بأنهم على خطأ، ويشكو من أنّ الرجال يتعرّضون للنقد عندما يرغبون في أن يكونوا المعيل الرئيسي ويُعيلوا زوجة مقيمة في المنزل. ويضيف تيودور قائلاَ: "يقال لنا إنّ هذه علاقة سامة جداً في وقتنا الحاضر، لكن الأمر ليس كذلك، ولا ينبغي أن يكون كذلك". وقد قرّر جميع المعتنقين الجدد تقريباً الذين التقيت بهم، تعليم أطفالهم في المنزل، جزئياً لأنهم يؤمنون بأنّ على النساء أن يُولِين الأولوية لعائلاتهن بدلاً من مسيراتهنّ المهنية. ويقول الأب جون وايتفورد، رئيس الكهنة في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في سبرينغ في شمال هيوستن، إنّ التعليم المنزلي يضمن تربية دينية، ويُعدّ "وسيلة لحماية أطفالك"، فضلاً عن تجنب الحديث عن "التحول الجنسي، أو 57 تصنيفاً جنسياً في الشهر، أو أشياء من هذا القبيل". وبالمقارنة مع ملايين المصلين في الكنائس الضخمة الإنجيلية بأمريكا، فإنّ أعداد أتباع الأرثوذكسية المسيحية ضئيلة جداً ولا تتجاوز 1 في المئة من السكان. ويشمل ذلك الأرثوذكسية الشرقية، كما تُمارَس في روسيا وأوكرانيا وشرق أوروبا واليونان، إضافة إلى الأرثوذكسية الشرقية القادمة من الشرق الأوسط وأفريقيا. وتأسست الكنيسة الأرثوذكسية الروسية خارج روسيا على يد كهنة ورجال دين فرّوا من الثورة الروسية عام 1917، ويُنظر إليها من قبل كثيرين باعتبارها أكثر الهيئات الأرثوذكسية محافظة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإنّ هذه الجماعة الدينية الصغيرة تُعد صوتاً صاخباً، وما يجري داخلها يعكس تحولات سياسية أوسع، خاصة بعد التحوّل الكبير في سياسة الرئيس دونالد ترامب تجاه موسكو. ويصعب تحديد الزيادة الحقيقية في عدد المعتنقين الجدد، لكنّ بيانات من مركز بيو للأبحاث تشير إلى أنّ 64 في المئة من الأرثوذكس في الولايات المتحدة هم من الذكور، مقارنة بـ46 في المئة في عام 2007. وتدعم دراسة أصغر شملت 773 معتنقاً جديداً هذا الاتجاه، حيث تبيّن أنّ غالبية المعتنقين الجدد هم من الرجال، وكثير منهم يقولون إنّ الجائحة (كوفيد-19) دفعتهم للبحث عن إيمان جديد. وتعود هذه الدراسة إلى الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا (أو سي إيه)، التي أسسها رهبان روس في ألاسكا في أواخر القرن الثامن عشر، وتضم اليوم أكثر من 700 كنيسة وبعثة وجماعة ودير ومؤسسة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وجميعها تنتمي إلى التقاليد الأرثوذكسية الروسية. ويقول البروفيسور سكوت كينورثي، المتخصص في تاريخ وفكر المسيحية الأرثوذكسية الشرقية خصوصاً في روسيا الحديثة إنّ كنيسته في مدينة سينسيناتي، والتابعة للكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا "تضج بالمصلين". ويُضيف أنه ارتاد الكنيسة ذاتها لمدة 24 عاماً، وأنّ أعداد المصلين كانت مستقرة حتى فترة الإغلاق بسبب كوفيد، ومنذ ذلك الحين بدأ تدفّق مستمر من القادمين الجدد والذين يستعدون للمعمودية، ويُعرفون باسم "الموعوظين". ويقول البروفيسور كينورثي: "هذه الظاهرة لا تقتصر على كنيستي فقط أو على أماكن معينة في تكساس، بل هي بالتأكيد أوسع من ذلك". ويُعدّ الفضاء الرقمي عاملاً رئيسياً في موجة المعتنقين الجدد هذه، فالأب موسى لديه عدد كبير من المتابعين على الإنترنت، وعندما نشر صورة لاختبار حمل إيجابي على حسابه في إنستغرام، حصل على 6 آلاف إعجاب بمناسبة إعلانه عن قدوم طفله السادس. لكن هناك العشرات من البودكاستات ومقاطع الفيديو الأخرى التي يقدمها رجال دين أرثوذكس وجيش من المتابعين معظمهم من الذكور. ويقول الأب موسى لرعيته:" إنّ هناك طريقين لخدمة الله أن تصبح راهباً أو راهبة، أو أن تتزوج، ومن يختار الزواج يجب أن يتجنب موانع الحمل وأن يُنجب أكبر عدد ممكن من الأطفال". ويضيف قائلاً: "أروني قديساً واحداً في تاريخ الكنيسة بارك أي نوع من موانع الحمل"، أمّا عن الاستمناء، أو ما تسميه الكنيسة الإساءة للذات، فيدين الأب موسى ذلك ويصفه بأنه "أمر مثير للشفقة وغير رجولي". ويقول الأب موسى إنّ الأرثوذكسية "ليست ذكورية، بل طبيعية"، بينما "كل شيء في الغرب أصبح مؤنثاً للغاية". ويعتقد أنّ بعض الكنائس البروتستانتية موجهة في الأساس للنساء. ويضيف قائلاً: "لا أريد حضور قداسات تُشبه حفلات تايلور سويفت، إذا نظرت إلى لغة موسيقى العبادة، فكلها مشاعر وعواطف وذلك ليس من شيم الرجال". أمّا إليسا بيليتيتش ديفيس، وهي بروتستانتية سابقة وتنتمي الآن إلى الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في أوستن، وتُدرّس في مدرسة الأحد ولديها بودكاست خاص، فتقول إنّ كثيراً من المعتنقين الجدد ينتمون إلى "التيار المعادي لليقظة الاجتماعية (anti-woke)"، ولديهم أحياناً أفكار غريبة عن إيمانهم الجديد، خاصة أولئك المنضمون إلى الكنيسة الروسية. وتضيف إليسا: "يرون الأرثوذكسية كأنها ديانة عسكرية، وصارمة، وانضباطية، وذكورية، وسلطوية، الأمر مضحك نوعاً ما، وكأنّ التطرف الديني عند البيوريتانيين الأمريكيين القدامى عاد للظهور من جديد". عمل باك جونسون كرجل إطفاء لمدة 25 عاماً، ويُقدّم بودكاست يُدعى "كاونتر فلو" أو "التدفق المضاد". ويقول إنه كان خائفاً في البداية من دخول كنيسته الأرثوذكسية الروسية المحلية لأنه "يبدو مختلفاً، ومغطى بالوشوم"، لكنه يخبرني بأنه قوبل بترحيب واسع، كما أُعجب ببقاء الكنيسة مفتوحة طوال فترة الإغلاق بسبب كوفيد. ويقول باك، وهو جالس على أريكة أمام شاشتي تلفزيون ضخمتين في منزله في مدينة لوكهارت، إنّ إيمانه الجديد بدأ يغيّر نظرته للعالم. ويضيف قائلاُ: "ما يقلقني هو النظرة السلبية الأمريكية تجاه روسيا"، مشيراُ إلى أنّ الإعلام السائد أو "إعلام المؤسسات التقليدية" يقدّم صورة مشوّهة عن غزو أوكرانيا. ويتابع قائلاً: "أعتقد أنّ الأمر ناتج عن الجيل الذي عاش في حقبة الحرب الباردة، لا أفهم تماماً السبب، لكنهم يقولون إنّ روسيا شريرة". وقد أيّد رأس الكنيسة الروسية في موسكو، البطريرك كيريل، غزو أوكرانيا بشدة، واعتبره "حرباً مقدسة"، مع إبداء القليل من التعاطف مع الضحايا. وعندما سألتُ رئيس الكهنة الأب جون وايتفورد عن البطريرك كيريل، الذي يعتبره كثيرون محرّضاً على الحرب، أكد لي أنّ تصريحات البطريرك قد تمّ تحريفها. ويبدو أنّ المقاطع المصوّرة والصور التي تُظهر بوتين وهو يقتبس آيات من الإنجيل، ويُمسك بالشموع خلال القداسات في كاتدرائية المسيح المخلّص بموسكو، أو ينزل بملابس السباحة إلى مياه متجمدة خلال عيد الغطاس، قد تركت أثراً لدى البعض، فهناك من يرى، في أمريكا وغيرها، أنّ روسيا تُجسّد آخر معقل للمسيحية الحقيقية. BBC ومنذ ما يقرب من عقد من الزمن، انتقل كاهن آخر من ولاية تكساس كان قد اعتنق الأرثوذكسية، وهو الأب جوزيف غليسون، من أمريكا إلى قرية بوريسوغلِبْسكي الواقعة على بُعد 4 ساعات شمال موسكو، برفقة زوجته وأطفاله الثمانية. وقال في مقابلة مع مقدم برامج روسي: "روسيا لا تعترف بزواج المثليين، ولا يوجد فيها زواج مدني، وهي مكان يمكنك فيه تعليم أطفالك في المنزل، وبالطبع، أنا أعشق التاريخ الأرثوذكسي الممتد لألف عام هنا". وهذا التكساسي ذو اللحية الخفيفة يُعتبر في طليعة حركة تدعو المحافظين إلى الانتقال إلى روسيا. وفي أغسطس/آب الماضي، قدّم بوتين تأشيرة "القيم المشتركة" السريعة، للمهاجرين الفارّين من الليبرالية الغربية. وعودةً إلى تكساس، يقول لي باك إنّه هو وزملاءه من المعتنقين الجدد للأرثوذكسية يديرون ظهورهم لفكرة الإشباع الفوري ولنمط الاستهلاك الأمريكي. ويضيف قائلاً: "نحن نفكر في الأمور على المدى البعيد، مثل التقاليد، ومحبة الأسرة، ومحبة المجتمع، ومحبة الجيران، وأعتقد أنّ الأرثوذكسية تناسبنا جداً وخصوصاً هنا في تكساس".


وكالة الصحافة المستقلة
٢٦-٠٥-٢٠٢٥
- وكالة الصحافة المستقلة
تامر حسني يفضح حفلة 'وهمية' في العراق!
المستقلة/- حذّر الفنان المصري تامر حسني جمهوره من عملية احتيال جديدة تستغل اسمه وصورته للترويج لحفل فني وهمي يُزعم إقامته في العراق، مؤكدًا أن لا علاقة له بهذه المزاعم، وأن الأخبار المتداولة عبر بعض الصفحات المجهولة لا أساس لها من الصحة. وجاء هذا التحذير بعد تداول منشورات على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة عبر صفحات عراقية، تروج لحفل فني كبير يُفترض أن يحييه تامر حسني برفقة الفنان السوري عبد الرحمن فواز المعروف بلقب 'الشامي'، وذلك بالتزامن مع النجاح الكبير الذي حققه تعاونهما الغنائي الأول 'ملكة جمال الكون'، الذي أُطلق مؤخرًا. ونفى تامر حسني، عبر حسابه الرسمي على إنستغرام، مشاركته في أي حفل من هذا النوع، مشددًا على أن الإعلان كاذب ولا يمت للحقيقة بصلة. وكتب قائلاً: 'الصفحة دي بتعلن عن حفلة وهمية وخبر كاذب.. يا ريت الكل ياخد باله، وطبعًا كل الشرف إننا نغني في العراق، وإن شاء الله آجي قريب، ولكن عن طريق جهة حقيقية.' وجاء تحذير النجم المصري في وقت تشهد فيه أغنية 'ملكة جمال الكون' انتشارًا واسعًا على منصات الاستماع والفيديو، حيث تصدّر الكليب الترند على موقع 'يوتيوب' بعد ساعات من طرحه يوم السبت، محققًا ملايين المشاهدات بفضل إيقاعه المميز الذي يمزج بين الدبكة اللبنانية والأنغام الشرقية الحديثة. ويبدو أن النجاح السريع للأغنية قد دفع بعض الصفحات المشبوهة إلى استغلال شهرة الثنائي للترويج لحفل وهمي لا أساس له، في محاولة للنصب والاحتيال على محبي الفنانين. يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها تامر حسني لمحاولات نصب باسمه، إذ سبق أن حذر في عام 2024 من عمليات احتيال مشابهة، تضمنت جمع تبرعات وهمية أو الترويج لحفلات غير حقيقية. وأكد تامر حسني في ختام رسالته حرصه على التواصل مع جمهوره عبر القنوات الرسمية فقط، داعيًا الجميع إلى توخي الحذر من الحسابات المزيفة التي تنشر معلومات غير دقيقة وتستغل أسماء النجوم لتحقيق أهداف مشبوهة.


شفق نيوز
٢٦-٠٥-٢٠٢٥
- شفق نيوز
تامر حسني يحذر جمهوره من عملية احتيال في العراق
شفق نيوز/ حذّر الفنان المصري تامر حسني جمهوره ومتابعيه من عملية احتيال واسعة تستغل اسمه في الترويج لحفل وهمي مزعوم في العراق، وذلك عبر صفحات مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي. وجاء هذا التحذير بعدما نشرت صفحات عراقية منشورات تروج لإقامة حفل فني كبير في العراق يجمع النجم المصري تامر حسني بالفنان السوري عبد الرحمن فواز، المعروف بلقب "الشامي"، بالتزامن مع طرح أول تعاون غنائي بينهما بعنوان "ملكة جمال الكون" الذي صدر مؤخراً. وأكد تامر حسني عبر خاصية "الستوري" في حسابه الرسمي على موقع "إنستغرام" عدم صحة هذه الأنباء، مشدداً على أنه لا يخطط لإحياء أي حفلات في العراق في الفترة الحالية، خلافاً لما تروج له الصفحات المزيفة. وكتب تامر في منشوره: "الصفحة دي بتعلن عن حفلة وهمية وخبر كاذب.. يا ريت الكل ياخد باله"، مضيفاً: "طبعاً كل الشرف إننا نغني في العراق، وإن شاء الله آجي قريب.. ولكن عن طريق جهة حقيقية". وتصدر كليب أغنية "ملكة جمال الكون"، التي جمعت تامر حسني بالمطرب عبد الرحمن الشامي لأول مرة، قائمة الترند على موقع "يوتيوب" بعد ساعات فقط من طرحه يوم أمس السبت، محققاً مشاهدات قياسية في وقت وجيز. ويأتي هذا التحذير في ظل النجاح الكبير الذي حققته الأغنية، التي جمعت بين إيقاع الدبكة اللبنانية والأنغام الشرقية العصرية، ما ساهم في جذب ملايين المشاهدات خلال فترة قصيرة. وتُعد هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق أن حذر تامر حسني في عام 2024 من عمليات نصب مماثلة استغلت اسمه لجمع تبرعات وهمية أو للترويج لحفلات غير حقيقية.