logo
شيخ العقل: ما حصل ‏في سوريا مشروع فتنة وندعو دول العالم لتحمّل ‏مسؤولياتها

شيخ العقل: ما حصل ‏في سوريا مشروع فتنة وندعو دول العالم لتحمّل ‏مسؤولياتها

صوت بيروت٠٢-٠٥-٢٠٢٥

رأى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى أن 'ما حصل ‏من أحداث دامية في سوريا كان مشروع فتنة'، داعيا 'الدول العربية والإسلامية والعالمية المؤثرة الى تحمّل ‏مسؤولياتها في ضبط الأمور ومنع تنفيذ المشاريع المشبوهة ولجم الخطاب التحريضي'، رافضا 'المخططات التي تدفع الى اعتبار الدروز دينا مستقلا او قومية مستقلة'.
كلام شيخ العقل جاء خلال لقاء مع عدد من السفراء العرب وسفير تركيا في دار طائفة الموحدين الدروز في فردان – بيروت، بهدف شرح الموقف من الاحداث في سوريا ونقل هواجس الطائفة والتأكيد على ضرورة احتضان مطالبها ورعاية التفاهمات التي تم التوصل اليها لتدارك الامتداد الى لبنان.
وشارك في اللقاء سفراء عرب ومعتمدون في لبنان: المملكة العربية السعودية وليد البخاري، تركيا مراد لو تيم، مصر علاء موسى، قطر سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، المملكة الهاشمية الاردنية وليد الحديد، فلسطين أشرف دبور، تونس بوراوي الامام، الجزائر كمال بو شامة، المملكة المغربية امحمد كرين وسلطنة عمان احمد بن محمد السعيدي.
كما حضر النواب: مروان حمادة، اكرم شهيب، هادي أبو الحسن، وائل أبو فاعور وفيصل الصايغ، الوزير السابق عباس الحلبي، النائب السابق ايمن شقير، أعضاء مجلس إدارة المجلس المذهبي ومديرو مشيخة العقل والمجلس ومستشارون.
استهل الاجتماع بقراءة الفاتحة على أرواح جميع الشهداء الذين سقطوا في مناطق السويداء وجرمانا وأشرفية صحنايا على يد المجموعات الخارجة عن القانون.
ابي المنى
ثم قال شيخ العقل: 'أصحاب السعادة السفراء الأعزّاء، أصحاب السعادة النواب الكرام، أصحاب الفضيلة والسيادة، إخواني في المجلس المذهبي ومشيخة العقل.
قال تعالى في كتابه العزيز: 'ولا تَنازَعوا فتفشلوا وتذهبَ ريحُكم'، وقال سبحانه وتعالى: 'والفتنةُ أشدُّ من القتل'. في كلا القولين المنزَلين دعوةٌ إلى عدم التنازع وإلى اتَّقاء الفتنة، لأنهما سبيل إلى الضَّعف والفشل، وهو ما لا ينبغي الوقوع فيه بين أبناء الإسلام على اختلاف مذاهبهم، ولا بين أبناء الوطن الواحد على تنوُّع مشاربهم، ولا بين بني الأديان والإنسانية على تباين معتقداتهم وأعراقهم. لذلك، تمنينا عليكم أصحاب السعادة، وتداعينا معكم وإياكم للقاء السريع، سعياً منّا لتوضيح الموقف ولتناول الموضوع وتفادي ما هو أسوأ، وللإعراب عن أسفنا لما حصل في اليومين الماضيين من استفزازات وشحن وتعدّيات، نتيجة كلامٍ تحريضي فتنوي، مؤكدين أن المسلمين الموحدين الدروز ما كانوا يوماً عبر تاريخهم إلا مخلصين لدينهم الإسلامي، مناضلين في سبيل وحدة أوطانهم واستقلالها، حافظين حق الجار ولو جار، ومدافعين عن ثلاثية مقدسة لديهم، الأرض والعِرض والفرض'.
أضاف: 'لقد وضعنا ثقتنا بالحكومة السورية منذ البداية، وما زلنا نأمل منها تحمل مسؤولياتها بوضع حد للتجاوزات والإساءات، وفي الوقت نفسه ناشدنا ونناشد أهلنا المسلمين الموحدين الدروز في سوريا، لعدم الانجرار إلى التنازع والفتنة، والاحتكام إلى لغة العقل والحكمة، ومد يد التعاون والتشارك مع إخوانهم ومواطنيهم السوريين، ومع الحكومة التي تخوض تجربة استعادة الدولة وبناء المؤسسات، فالجميع معنيون بالبناء وبخوض هذه التجربة التي نقلتهم من عهد الظلم والقهر والاستبداد الى عهد جديد نستبشر به خيرا'.
وتابع: 'نقول لأهلنا: فلنفسح المجال امام هذه الادارة الجديدة، كي تثبت جدارتها وتطمئن ناسها، وتزرع الثقة في مجتمعها أولا، وتعالج أمور الناس، الذين يحق لهم ان يطمئنوا أولا، فيمدوا يد العون والتعاون، لبناء سوريا الجديدة على أسس ديموقراطية من العدالة والمساواة'.
واردف: 'إن الموحّدين الدروز عشيرة معروفية إسلامية عربية أصيلة، وأبناؤها جديرون بإثبات وطنيتهم وعروبتهم ودينهم، بما لهم من تاريخٍ نضاليٍّ مشرِّف وبما هم عليه من مسلك توحيدي راقٍ، وتجذر بالأرض والوطن والتراث، وهم ليسوا ليرضوا بأي انحراف عن الإسلام، الذي هو الدين عند الله، 'إن ‏الدين عند الله الإسلام'، ولا دين غير الإسلام، وان ‏كان مذهبهم هو التوحيد، لكن عمقه وجذوره هو الإسلام، وإنهم يعتّزون بذلك ولا يقبلون بأيّ إساءة إلى إخوانهم أهل السنة وأبناء المذاهب الإسلامية الأخرى ولا إلى إخوتهم المؤمنين إلى أي عائلة روحية انتموا. هذا هو تاريخهم وهذا هو واقعهم وما هم عليه'.
وقال: 'كما أننا نرفض المخططات التي تدفع الى اعتبارهم ديناً مستقلا او قومية مستقلة، وننبّه إلى تحاشي توجيه ‏خطاب أحد من قادتهم باتجاه خلق قومية خاصة بهم، او خلق حالة عدائية مع أي مذهب إسلامي، وتحديداً مع أهل السنة الذين تجمعهم بهم علاقة وطيدة، أكان في لبنان أو في سوريا ام على امتداد العالمين العربي والإسلامي'.
اضاف: 'من هنا، فإننا نستنكر التعرض للمقدسات والكرامات من هذه المجموعة أو من تلك الجماعة، وندين ما حصل في الأيام الماضية، من كلام فتنوي مشبوه، ومن مواقف رخيصة من قبل بعض المتطرفين، الذين لا يعبرون عن مكنون الحقيقة ولا عن موقف أهلها. وإذ يترحمون على الشهداء الذين سقطوا ويرجون الشفاء للجرحى نتيجة الصدامات والاعتداءات على البيوت الآمنة احيانا، فإنهم يحيّون المواقفَ الشجاعة والهمم العالية لمشايخ العقل العقلاء ولأهلهم في سوريا، والتي سعت وتسعى لتطويق الحوادث وحصرها، أملاً في وأد الفتنة نهائيا، بالتعاون مع المسؤولين والقوى الأمنية، ومع القوى المؤثرة في الدول العربية والإسلامية والعالمية، وفي عدم تكرار مثل تلك التحدّيات والمواجهات، لتنصب الجهود وتتلاقى، من أجل حفظ الأمن وتمتّين اللُّحمة بين أبناء الوطن الواحد الموحَّد'.
وتابع: 'نعتبر أن ما حصل ‏كان مشروع فتنة، فالتسجيل المشبوه الذي يسيء الى النبي عليه الصلاة والسلام مرفوض، لكن السوريين الذين أسقطوا نظام القهر والظلم والفساد ‏والاستبداد لا يجوز لهم ان ينطلقوا إلى ردّات فعلٍ غرائزية وتعصّبٍ مقيتٍ أعمى، وإلى محاربة بعضهم ‏بعضاً، ولا يجوز لأحد من مكوّنات سورية ان يقف موقف العداء لهذه الثورة ‏التي قلعت نظام القهر من أساسه، لتنطلق الى بناء دولة جديدة. وعلى الدولة أن تسعى لتحقيق آمال الشعب واثبات قدرتها، وعلى إرساء الديمقراطية في البلاد'.
واردف: 'إننا ندعوكم أيها الاخوة وندعو الدول العربية والإسلامية والعالمية المؤثرة الى تحمّل ‏مسؤولياتها في ضبط الأمور، وفي منع المخططات المشبوهة، ولجم الخطاب التحريضي، وبالفعل فقد عشنا في الأيام الماضية لحظات عصيبة نتيجة الاتصالات والمشاهد والتسجيلات التي سمعناها وأثارت المشاعر لدى أهلنا الموحدين، أكان في سوريا ام في لبنان وفلسطين المحتلة، اثارت المشاعر لكننا وبالرغم من ذلك كنا نعمل على تهدئة الشارع والخواطر وعلى تطمين الناس بأننا لسنا متروكين لوحدنا انما العالم من حولنا واخوتنا العرب الى جانبنا وإخواننا المسلمون الى جانبنا ايضاً لكي ندرأ هذا الخطر وهذه الفتنة، التي كان يتوقع البعض ان تتمادى وتستمر، وتهجّر الناس من بيوتهم لا سمح الله، لكننا بالحكمة والوعي دائما نواجه الأمور، ونعتبر ان الحكمة والتعقل هما امضى سلاح واقوى درع في مواجهة أي تحدٍ'.
وأمل 'التدخل السريع والدائم والجدّي، لضبط الوضع في سوريا، كي لا ينعكس على الدول المجاورة ولبنان بالتحديد، وقد عملنا بالأمس على تهدئة الناس، كي لا تحصل ردّات فعل بين أبنائنا الموحدين الدروز واخواننا السوريين الموجودين في لبنان واخواننا السنة وغيرهم، ولا نريد الوقوع بالفوضى'.
وقال: 'إننا نضع كل قوتنا وجهودنا في سبيل حفظ الوضع، طبعا، وليد 'بك' هو في المقدمة، في القيادة الحكيمة، وأصحاب السعادة والنواب، الذين أيضا يصلون الليل بالنهار، لكي نمنع هذه الفوضى التي يمكن لا سمح الله ان تقع إذا استمرت الأمور في سوريا نحو الأسوأ، لكن ما حصل البارحة من تفاهمات واتفاقات أكان في جرمانا او السويداء تبشّر بالخير، والعبرة في تنفيذ ما اتفق عليه. أهلنا هناك ليسوا خارجين عن القانون والنظام، بل هم ملتزمون بدولتهم ووطنهم، ويشهد بذلك تاريخ سلطان باشا الأطرش وشكيب أرسلان وكمال جنبلاط وكل القيادات وتاريخ الموحدين الدروز، الذين لم يكونوا يوما خارجين عن القانون ولا عن وطنيتهم وعروبتهم واسلامهم'.
اضاف: 'أردنا ان نلتقي اليوم، لنرفع الصوت، ونعلن الموقف، وننبّه وتساعدونا في التنبيه وفي مواجهة أي مخطط إذا كان موجودا، لضرب السوريين وأبناء المذاهب الإسلامية بعضهم ببعض، اننا لا نرضى بذلك ونرفع الصوت معكم من اجل استتباب الامن واحلال السلام. أردنا اللقاء لنتشاور معا، هذه كلمة افتتاحية نمهّد بعدها لكلماتكم وللنقاش والتداول بالأمور ونسمع مواقفكم'.
وختم: 'نحن شاكرون لكم، للمملكة العربية السعودية وقطر وتركيا والأردن والمغرب والجزائر وسلطنة عمان وتونس وفلسطين التي تبقى دائما بالقلب، ومصر قلب العروبة النابض، تحياتنا لكم جميعا ونحن واياكم قلب واحد، وانني اشير انه كان لي تواصل صباحي لأكثر من مرة مع صاحب السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية ونحن واياه يد واحدة وقلب واحد وموقف واحد، واهلا وسهلا بكم'.
رسائل ونقاش
بعد ذلك تسلّم السفراء من ابي المنى رسائل خاصة لملوك ورؤساء دولهم بخصوص الواقع واهداف اللقاء.
ثم جرى نقاش، وكانت كلمات للسفراء والنواب لتقييم الواقع الحاصل.
سفير مصر
وبعد الاجتماع صرّح السفير المصري علاء موسى باسم السفراء: 'تلقينا دعوة كريمة من سماحة الشيخ سامي ابي المنى شيخ عقل الموحدين الدروز، وحضرت مجموعة من السفراء العرب والسفراء المعتمدين في لبنان، وكان محور الحديث التطورات الأخيرة وما تمر به طائفة الموحدين الدروز، وكانت رسالة من سماحة الشيخ، لضرورة التعقل والهدوء والبحث عن المشتركات لأنها كثيرة وضرورة البناء عليها، وضرورة التواصل والتنسيق مع السلطات، لحل هذه الأمور بشكل ودّي، لان الحوار والتنسيق هما السبيل الوحيد لوأد مثل هذه الأمور منذ البداية'.
أضاف: 'لقد تحدثنا كثيرا وتوافقنا، على ان الفترة الحالية حرجة، وثمة ثوابت توافقنا عليها أيضا، وهي وحدة التراب السوري ووحدة الدولة السورية، وبذل المزيد من الجهود، للتأكيد على ان الحوادث لا تتكرر في المستقبل والبديل عنها هو الحوار الدائم بين المكونات المختلفة، باعتبار الحوار كما ذكرنا هو السبيل الوحيد لحل مثل هذه الاختلافات، فكانت رسالة مهمة تبنيناها جميعا، وان شاء الله نجد لها السبيل للتطبيق في المستقبل'.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مفهوم التعددية وتطبيقاته عند الامام الشيرازي
مفهوم التعددية وتطبيقاته عند الامام الشيرازي

شبكة النبأ

timeمنذ 15 ساعات

  • شبكة النبأ

مفهوم التعددية وتطبيقاته عند الامام الشيرازي

شكل السيد محمد الشيرازي علامة فارقة في الفكر الإسلامي المعاصر، لا سيما في تناوله لمفهوم التعددية بمستوياته المختلفة، وقد استطاع أن يقدم رؤية إسلامية عقلانية وإنسانية للتعدد، تنبع من القرآن والسنة، وتدعو إلى احترام الاختلاف، وتغليب الحوار، وتكريس الشورى، ونبذ الاستبداد والتسلط، وتعزيز ثقافة الحوار ودعم الافكار الداعية لنشر... تعد التعددية من أبرز المفاهيم التي يتم تناولها بشكل متعمق ومفصل، لما تمثله من فكرة محورية تنبثق من حتمية التنوع الكوني والانساني، وقد غابت عن تناول الكثير من المفكرين والإسلاميين ولم يكن هناك سعي مستدام لتأصيل هذا المفهوم ضمن الإطار الإسلامي، بما ينسجم مع قيم الإسلام وتعاليمه التي دعت الى الحرية ورفع الاكراه وتمكين الارادة، وقد برز المرجع الديني الراحل والمجدد الإسلامي البارز الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي، كأبرز المنظرين في هذا المجال. لقد خص الشيرازي (رحمه الله) مفهوم التعددية باهتمام بالغ في مختلف مؤلفاته وكتاباته ومحاضراته، حيث قدم رؤية إسلامية أصيلة تنسجم مع الفطرة الانسانية، وتؤكد على احترام التعدد والاختلاف، وتدعو إلى التعايش السلمي بين المذاهب والأديان والثقافات. نهدف في هذا المقال إلى استعراض وتحليل مفهوم التعددية في فكر السيد محمد الشيرازي، من خلال التطرق إلى أبعاده الفكرية والدينية والاجتماعية والسياسية، والوقوف على المنطلقات التي أسس عليها رؤيته. مفهوم التعددية التعددية (Pluralism) هي مصطلح يشير إلى القبول والاعتراف بوجود تنوع في الآراء والأفكار والمعتقدات والثقافات والمذاهب ضمن مجتمع أو نظام معين، مع الاعتراف بحق هذا التعدد في الوجود، وضرورة التفاعل والتعايش معه بشكل سلمي. تطرح التعددية في سياقات مختلفة، مثل التعددية الدينية، والسياسية، والفكرية، والمذهبية، والعرقية، وهي على النقيض من الأحادية والتفرد أو الإقصاء او التهميش والابعاد، حيث يفترض في التعددية احترام الآخر المختلف وعدم فرض الرأي أو المعتقد الواحد على الجميع. التعددية في المنظور الإسلامي من منظور إسلامي، يمكن القول إن التعددية ليست فكرة غريبة عن الإسلام، بل هي موجودة في صلب تعاليمه، فالقرآن الكريم يؤكد على خلق الله للناس مختلفين، ويقر بحرية العقيدة، ويعترف بوجود أديان وشعوب متعددة، يقول الله تعالى: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين" (هود: 118) كما يؤكد الباري (عز وجل) على التنوع والتعددية في قولة: "وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا" (الحجرات: 13) ويقول تعالى: "لكم دينكم ولي دين" (الكافرون: 6) إلا أن التحدي يكمن في كيفية تفسير هذه الآيات وتطبيقها في الواقع الاجتماعي والسياسي والديني والمذهبي، حتى لا تحرّف عن سياقاتها الطبيعية، او يستهدفها الافراط والتفريط، ومع كثرة التفسيرات والتجاذبات في حدود وانواع ومفاهيم وابعاد التعددية، برزت الافكار التي طرحها الامام الراحل كمفهوم اسلامي اصيل يراعي التناغم الانساني ويحفظ كرامة الفرد والمجتمع. التعددية في فكر الشيرازي يمثل السيد الشيرازي صوتًا بارزًا في الدفاع عن التعددية داخل المنظومة الإسلامية، وقد قدم رؤية متكاملة تضع التعددية كضرورة عقلية واجتماعية يقرها الشارع المقدس، ويمكن تحليل هذا المفهوم عنده في عدة مستويات: 1. التعددية الدينية والمذهبية: يرى السيد الشيرازي أن الإسلام دين يعترف بالتعددية والتنوع والاختلاف، ويحترم أتباع الأديان الأخرى، فهو لا ينادي بفرض الإسلام بالقوة، ويرفض استخدام العنف والاكراه في قبول الافكار والمعتقدات، بل بالدعوة السلمية والحوار الهادئ والتعايش السلمي، وقد أكد في كتاباته عن آداب الحوار على ضرورة احترام أتباع الديانات الأخرى، خصوصا أهل الكتاب. كما كان من دعاة التقريب بين المذاهب الإسلامية، وأكد على أهمية احترام المذاهب الإسلامية المختلفة، ودعا إلى التفاهم بدل التكفير، والحوار بدل الصراع، وكان يعتبر أن وحدة الأمة لا تعني إلغاء المذاهب، بل تعني تعايشها في ظل الاحترام المتبادل. 2. التعددية السياسية: تبنى الامام الشيرازي في كتابه "السبيل إلى إنهاض المسلمين" نظام الشورى كبديل عن الاستبداد، ورأى أن الإسلام لا يعارض التعددية الحزبية أو السياسية، طالما أن هذه الأحزاب تعمل ضمن إطار سلمي وتحترم القيم الإسلامية العامة، ورفض مبدأ القمع والإقصاء والتسلط. ولا يمكن ضمان التعددية في ظل نظام دكتاتوري مستبد لذلك يحارب الامام الراحل كل اشكال الاستبداد اينما ظهرت من اجل ضمان الاستقامة والحياة الكريمة: "لا دكتاتورية في الإسلام، لا في الحكم ولا في المرجعية الدينية، ولا في الأحزاب والحركات والتنظيمات، فالإسلام دين الحريات والعدالة الاجتماعية". 3. التعددية الفكرية والثقافية: في كتابه "الحرية الاسلامية"، دعا السيد الشيرازي إلى حرية التعبير وحرية التفكير، ورفض الرقابة على الفكر أو الحجر على الآراء المختلفة، حتى وإن خالفته، وكان يرى أن النقد البناء ضروري لتطور الأمة، وأن الاجتهاد لا يجوز أن يتوقف، وكان يرى انه: "من اللازم إطلاق الحريات، وتوفير شرائطها من ناحية، وتحديدها بحدود الصلاح والحكمة، من ناحية أخرى، وهذا هو شأن القيادة الصحيحة للفرد والجماعة، وقد لاحظ الإسلام الناحيتين، ووضع الخطط العامة، للسير بالبشرية نحو التقدم والرقي، بدقة وإتقان". وكان الشيرازي يؤمن إن: "الإنسان مطوي على أكبر قدر من الطاقات الوثابة، فإذا وجد الحرية الكاملة والظروف المناسبة تقدم تقدماً مدهشاً". 4. التعددية الاجتماعية والعرقية: في كتاب "الصياغة الجديدة"، دعا إلى المساواة بين الأعراق والقبائل والشعوب، واعتبر أن الإنسان مكرم بإنسانيته، لا بعرقه أو قوميته، وكان يؤمن أن الإسلام جاء لإزالة الحواجز العنصرية والقبلية حيث قال: "تقوم الأديان السماوية على مصلحة الإنسان، لذلك فإن للأديان وخصوصاً الإسلام القدرة على اقتلاع جذور الأفكار الضيقة المبنية على مصلحة القوم أو الفئة أو العرق أو اللغة أو الجغرافية، وبالدين تكونت أمم عامرة وقامت حضارات زاهرة". المنطلقات الفكرية للتعددية - القرآن الكريم: انطلق السيد الشيرازي في رؤيته من نصوص قرآنية تؤكد على الاختلاف والتنوع كقانون كوني. - السيرة النبوية: استشهد بسيرة الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) في تعامله مع اليهود والمشركين والمنافقين في المدينة، حيث اعتمد أسلوب الحوار والمعاهدات من اجل بناء ثقافة التعددية والتعايش السلمي. - العقل والبرهان: رأى أن العقل يقتضي احترام التعدد وقبول الاخر المختلف، لأن القمع لا يؤدي إلا إلى الفتنة والانفجار، والعنف لا يولد الى المزيد من العنف المقابل. - الواقع الاجتماعي والسياسي: اعتبر أن التعددية أصبحت ضرورة اجتماعية وسياسية في ظل تداخل المجتمعات وتنوعها. تطبيقات التعددية ا. دعوته إلى تأسيس منظمات المجتمع المدني. ب. دعوته إلى إنشاء "مجالس شورى محلية" في البلاد الإسلامية. ج. تبنيه لمبدأ اللاعنف كوسيلة للتغيير السياسي والاجتماعي. د. دعمه للمؤسسات الثقافية التي تنشر الفكر المعتدل وتقبل الحوار. الخاتمة لقد شكل المرجع الراحل السيد محمد الشيرازي علامة فارقة في الفكر الإسلامي المعاصر، لا سيما في تناوله لمفهوم التعددية بمستوياته المختلفة، وقد استطاع أن يقدم رؤية إسلامية عقلانية وإنسانية للتعدد، تنبع من القرآن والسنة، وتدعو إلى احترام الاختلاف، وتغليب الحوار، وتكريس الشورى، ونبذ الاستبداد والتسلط، ومن هذا الاساس يمكن ذكر جملة من التوصيات التي تسهم في زيادة الوعي الاجتماعي في نشر ثقافة التعددية وتطبيقها: 1. تعزيز ثقافة الحوار بين الاديان السماوية من اجل ضمان تقارب المجتمعات الانسانية، فضلاً عن ترسيخ مبدأ الحوار والتفاهم والانسجام بين المذاهب الإسلامية لتعزيز روح الاخوة الاسلامية. 2. إدراج مفاهيم التعددية السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية ضمن المناهج التعليمية لتنشئة اجيال مؤمنة بأهمية التعددية. 3. دعم الافكار الداعية لنشر الحرية والشورى والتعايش السلمي والايمان بالتعددية والحوار وغيرها من القيم الاسلامية الاصيلة. 4. إنشاء مؤسسات بحثية تعنى بالبحث في مضمار التعددية وتطبيقاتها العملية. 5. نشر مؤلفات الامام الشيرازي المتعلقة بالتعددية بشكل موسع في المكتبات والجامعات. 6. الدعوة الى تعزيز العمل المؤسسي والشوروي في المؤسسات الدينية والاجتماعية والسياسية. 7. تشجيع النقاشات الحرة والبناءة في المجتمعات الإسلامية.

مبادرة من الملك سلمان: استضافة 1000 فلسطيني لأداء الحج
مبادرة من الملك سلمان: استضافة 1000 فلسطيني لأداء الحج

النهار

timeمنذ يوم واحد

  • النهار

مبادرة من الملك سلمان: استضافة 1000 فلسطيني لأداء الحج

وجّه الملك سلمان باستضافة 1000 حاج وحاجة من "ذوي الشهداء والأسرى والجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق" على نفقته الخاصة لأداء مناسك الحج لهذا العام، ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة، الذي تنفّذه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد. وشكر وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد المشرف العام على برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ الملك سلمان وولي العهد رئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان على "هذه اللفتة الكريمة التي تعكس اهتمام المملكة وقيادتها الحكيمة، وحرصها الدائم على دعم أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، وترسيخ أواصر الأخوة الإسلامية". حجاج. (وكالات) وأكّد أن "هذه الاستضافة تأتي امتداداً لما توليه القيادة من حرص على تيسير أداء مناسك الحج لأبناء الشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أن "الوزارة باشرت فور صدور التوجيه بوضع خطة تنفيذية متكاملة لتقديم التسهيلات والخدمات للحجاج الفلسطينيين، بدءاً من مغادرتهم بلادهم وحتى عودتهم بعد أداء المناسك، وسط منظومة متكاملة خلال إقامتهم في مكّة المكرمة، والمدينة المنورة". وأوضح آل الشيخ أن "البرنامج استضاف منذ انطلاقه أكثر من 64 ألف حاج وحاجة من مختلف دول العالم، وهو ما يعكس الجهود المستمرّة لقيادة المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، وتعزيز مكانتها كونها قلباً للعالم الإسلامي وقبلةً للمسلمين".

قاسم في ذكرى رئيسي وعبداللهيان: للمقاومة الإسلامية الشرف أن تكون في جبهة الشرف
قاسم في ذكرى رئيسي وعبداللهيان: للمقاومة الإسلامية الشرف أن تكون في جبهة الشرف

النشرة

timeمنذ 2 أيام

  • النشرة

قاسم في ذكرى رئيسي وعبداللهيان: للمقاومة الإسلامية الشرف أن تكون في جبهة الشرف

أكَّد الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، أنَّ للمقاومة الإسلامية الشرف أن تكون في جبهة الشرف، جبهة المقاومة مع فلسطين ولبنان وإيران الإسلام وكل المقاومين الشرفاء في المنطقة. وفي كلمة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان ورفاقهما، اعتبر قاسم ان "هذه المسيرة هي مسيرة العطاءات، ونحن نحيي هذا الإنسان العظيم الذي تسلّم مناصب حساسة في حياته". وأضاف: "في كل هذه المواقع، آية الله السيد رئيسي لم يتغير"، لافتاً إلى أن "رئيسي كان دائمًا يسأل عن المقاومة في المنطقة وعن سيدها، سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله، وكان يسأل عن التفاصيل". وأكد قاسم أنَّ السيد رئيسي كان مقرّباً جداً من سيد محور المقاومة الحاج قاسم سليماني "وهو قيمة عظيمة لإيران"، وتابع: " كانت فلسطين في قلب الشهيد رئيسي وعقله والمقاومة بالنسبة إليه الأمل الذي كان يرغب في أن يبقى ساطعاً"، مؤكداً ان "عمل الشهيد السيد رئيسي كان نتاجًا من زرع الإمام الخميني بقيادة الإمام الخامنئي". واضاف "السيد رئيسي كان واحدًا من المهمين جدًا من الذين دعموا المقاومة في لبنان، ولن يكون لنا الشرف إلا أن نكون في جبهة الشرف، جبهة المقاومة مع فلسطين ولبنان وإيران الإسلام وكل المقاومين الشرفاء في المنطقة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store