
حميدتي يظهر بعد غياب... توسيع للحرب أم دعم للأنصار؟
أنهى قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي) صمتاً طويلاً امتد منذ خسارة قواته وسط البلاد والعاصمة الخرطوم، واسترداد الجيش للقصر الجمهوري في مارس (آذار) الماضي.
أعلن الرجل في خطاب مسجل، تم بثه مساء الاثنين، بدء ما وصفه بـ«مرحلة جديدة» من الحرب، وأرسل خلاله تهديدات بمهاجمة مدن ومناطق جديدة في وسط وشمال السودان، ومن بينها مدينة «الأبيض» حاضرة ولاية شمال كردفان، والولاية الشمالية التي عدّها حاضنة لأنصار نظام البشير من «الإسلاميين»، كما واصل اتهاماته للجيش باستخدام «أسلحة كيميائية» ضد قواته.
جاء الخطاب بعد أيام قليلة من معارك شرسة بين الجيش وحلفائه من جهة، وقوات «الدعم السريع»، في ولايات شمال وجنوب وغرب كردفان، واستطاعت «الدعم السريع» خلالها استرداد مدن وبلدات مهمة من قبضة الجيش، وهي: «النهود، الخوي، الدبيبات، أم صميمة، الحمادي، كازقيل»، وألحقت به خسائر فادحة في الأنفس والعتاد.
وحسب المحللين، فإن الاستيلاء على تلك المناطق فتح الطريق أمام «الدعم السريع»، وجعلها تقترب «كثيراً» من المدينة الاستراتيجية «الأبيض»، التي ظل الجيش يحتفظ بسيطرته عليها منذ بداية الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023، ومناطق الشمال والوسط، بل واستهداف مناطق جديدة، ألمح إليها في خطابه.
خلق الخطاب تباينات كثيرة حول توقيته ومحتواه، فالبعض عدّه مجرد دعاية حربية لرفع الروح المعنوية لقواته، وحرباً نفسية ضد الجيش وحلفائه، اعتماداً على المكاسب التي حققتها قواته أخيراً، وأن التهديدات التي عدّت «تصعيداً خطيراً» يمكن أن توسع رقعة الحرب مجدداً، بعد أن تراجعت غرباً.
وأعقب الخطاب كذلك، سلسلة هزائم متتالية تعرضت لها قوات «الدعم السريع»، وكذلك انتصارات مهمة لها في ولايات كردفان، فما بدا تبريراً للخسائر، واستعراضاً للقوة في الوقت نفسه.
سعى حميدتي في خطابه إلى التهديد بتوسيع رقعة الحرب لتطول مناطق جديدة، واستمرار القتال حتى تصل قواته للعاصمة المؤقتة بورتسودان.
كما كرر قائد «الدعم السريع» اتهاماته لـ«مصر» بدعم الجيش السوداني وتزويده بأسلحة وذخائر، كما لمّح إلى دور إريتري داعم للجيش أيضاً، في الوقت الذي يدعم فيه الإسلاميون السودانيون «الإسلاميين» الإريتريين المناوئين لنظام حكم الرئيس «آسياس أفورقي»، الذي يُعد من داعمي الجيش الرئيسيين. كما زعم أن الجيش يستخدم «أسلحة كيميائية» ضد قواته.
وبدا لافتاً كذلك، تمسك حميدتي برفض العودة إلى مفاوضات جديدة مع الجيش، ورأى أن الحرب تقترب من الانتهاء لصالحه، والوصول للعاصمة المؤقتة بورتسودان يعد أهم ما جاء في الخطاب.
أما الموالون للجيش فقد قللوا من الخطاب، وعدّوه «محاولة لاستعادة زمام المبادرة، وتعويضاً نفسياً لقواته التي منيت بهزائم اضطرتها للانسحاب» من معظم المناطق التي كانت تسيطر عليها، كما رأوا فيه «ارتباكاً».
ويعتقد المحلل السياسي محمد لطيف أن الخطاب جاء «تصعيدياً بامتياز»، وأضاف: «نبرة التهديد الواضحة لمناطق محددة والتلويح بدخولها، تشير إلى أن الرجل ربما أصبح ينطلق من مركز قوة».
وفسر المحلل السوداني نبرة التصعيد بأنها غالباً ترتبط بتطورات عسكرية لأنه «لأول مرة تنضم للقتال معه قوات جديدة هي قوات تجمع (قوى تحرير السودان) بقيادة الطاهر حجر، وحركة (تحرير السودان - المجلس الانتقالي) بقيادة الهادي إدريس، وقوات حركة (العدل والمساواة) بقيادة سليمان صندل، و(الحركة الشعبية لتحرير السودان) بقيادة عبد العزيز الحلو، بكل ثقلها وخبرتها القتالية».
وبحسب لطيف يكمن مصدر القوة في حديث «حميدتي»، أنه جاء بعد «تحقيق ثلاثة انتصارات كبيرة على الجيش وحلفائه، مكنته لأول مرة من السيطرة على (نقطة الوصل) بين غرب السودان ووسطه وشماله».
ويرى لطيف أن «عدم سيطرة قوات حميدتي على هذه النقطة الاستراتيجية، كان أحد الأسباب الرئيسية التي اضطرته للانسحاب من الوسط»، وتابع: «الآن استعاد السيطرة شبه الكاملة على كردفان الكبرى، وأصبحت خطوط إمداده متصلة، وهذا في العمل العسكري مهم واستراتيجي».
ورأى لطيف أن سيطرة حميدتي على «نقطة الوسط»، تجعله قادراً على الوصول لكثير من المناطق في الوسط والشمال، وأضاف: «خطاب الرجل، بما جاء فيه يمثل تهديداً حقيقياً لتلك المناطق».
ورهن لطيف التطمينات التي حاول حميدتي تقديمها للمواطنين في المناطق التي قد تستهدفها قواته، بتقديم «الدعم السريع» لنموذج حقيقي في السيطرة والتأمين والإدارة، وقال: «الانتهاكات الكبيرة والمتعددة التي ظلت ترتكبها قوات الرجل، ستدفع المواطنين للفرار من المناطق التي قد تدخلها، ما لم يقدم تجربة حقيقية على الأرض توقف تلك الانتهاكات».
أما الكاتب الإسلامي والقيادي في حزب المؤتمر الوطني إبراهيم الصديق، فقد قلل في أكثر من منشور في صفحته على منصة «فيسبوك» من الخطاب، ووصفه بأنه «أقوال مبتورة وغير مترابطة، ومشحون بالسباب».
وسخر الصديق من زعم الرجل بأنه دمر 70 في المائة من قوات الجيش.
من جهته، قال الباحث السر السيد، إن الخطاب يتناغم مع ما قاله سابقاً، ووصفه بأنه «تعبوي بامتياز»، وتوقف عند «الخطاب الديني» الذي حمله الخطاب. وأضاف: «أهم ما في الخطاب أنه موجه للدعم السريع، ويتضمن رسائل حرب نفسية، بما في ذلك كشف معلومات عن تسليح الجيش وقدراته وكوادره والمتعاونين معه».
وأشار السيد إلى أن حديث حميدتي لم يتضمن بعداً جهوياً أو قبلياً، وحمل تطمينات للمواطنين في المناطق التي قد تستهدفها قواته، خاصة في الولاية الشمالية وعدم تهديد حياتهم، وقال: «لكن المفارقة أن الرجل لا يزال يعتقد أن الولاية الشمالية معادل موضوعي للمركز وحاضنة للجيش».
وحذر من توسيع رقعة الحرب واستمرارها، وقال إن «الخطاب يشير تلميحاً إلى قوة الجيش وحلفائه، وتعقيدات إمكانية هزيمته»، مبدياً دهشته من تجاهل الخطاب لـ«سيرة (تحالف تأسيس) الذي يتزعمه، وتعيين رئيس وزراء جديد من قبل الحكومة المدعومة من الجيش».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
الكرملين: النزاع في أوكرانيا «قضية وجودية» بالنسبة إلى روسيا
قال الكرملين، الجمعة، إن النزاع في أوكرانيا «قضية وجودية» بالنسبة إلى روسيا، وإن هجومها سيقرر «مستقبل» البلاد، بعدما شبه الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الحرب بين موسكو وكييف بـ«شجار طفلين». وقال الناطق باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، في مؤتمر صحافي: «بالنسبة إلينا: إنها قضية وجودية؛ قضية تتعلق بمصلحتنا الوطنية وأمننا ومستقبلنا ومستقبل أطفالنا وبلدنا». الشرطة تضرب طوقاً أمنياً حول موقع هجمة عسكرية روسية في سومي بأوكرانيا (رويترز) وقال الجيش الروسي، الجمعة، إنه شن هجوماً «ضخماً» بصواريخ وطائرات مسيّرة على أوكرانيا؛ «رداً» على الهجمات الأخيرة التي نفّذتها كييف على روسيا. وأوضحت وزارة الدفاع في موسكو أنه «رداً على الأعمال الإرهابية التي ارتكبها نظام كييف، فقد شنت القوات الروسية خلال الليل ضربة ضخمة باستخدام أسلحة جوية وبحرية وبرية عالية الدقة بعيدة المدى، بالإضافة إلى مسيّرات هجومية»، مضيفة أنها استهدفت مواقع «عسكرية»، أدت إلى مقتل 3 أشخاص، وفق أوكرانيا.


مباشر
منذ 3 ساعات
- مباشر
استياء ودهشة من قرار ترامب بحظر التأشيرات لمواطني 12 دولة
مباشر- عبر مسؤولون وسكان في دول سيمنع رعاياها من دخول الولايات المتحدة قريبا عن استيائهم ودهشتهم اليوم الخميس من حظر شامل فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع تكثيف إدارته لحملتها على الهجرة. ووقع ترامب يوم الأربعاء قرارا بحظر مواطني 12 دولة من دخول الولايات المتحدة اعتبارا من يوم الاثنين المقبل، قائلا إن القيود ضرورية لحماية البلاد من "الإرهابيين الأجانب". ويسلط القرار الضوء على خطوة مماثلة اتخذها ترامب خلال فترة ولايته الأولى عندما حظر دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة وفق رويترز. وواجه القرار تحديات قضائية قبل أن تؤيد المحكمة العليا الأمريكية الحظر في 2018. وألغى الرئيس السابق جو بايدن ذلك الحظر في 2021 ووصفه بأنه "وصمة عار على ضميرنا الوطني". لكن الحظر الجديد أوسع بكثير ويشمل أفغانستان وميانمار وتشاد والكونجو وغينيا الاستوائية وإريتريا وهايتي وإيران وليبيا والصومال والسودان واليمن. ويفرض القرار أيضا قيودا بشكل جزئي على دخول الأشخاص من سبع دول أخرى هي بوروندي وكوبا ولاوس وسيراليون وتوجو وتركمانستان وفنزويلا. وقال دبلوماسي كبير في وزارة الخارجية السودانية طلب عدم نشر اسمه إن تبرير ترامب سيثبت عدم صحته عند التدقيق. وأضاف "لا يُعرف عن السودانيين أنهم يشكلون تهديدا إرهابيا في أي مكان في العالم". وقال الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إنه أصدر تعليمات لحكومته بوقف منح التأشيرات للمواطنين الأمريكيين ردا على إجراء ترامب. وأضاف في منشور على فيسبوك "تشاد ليس لديها طائرات لتقدمها ولا مليارات الدولارات لتمنحها ولكن تشاد لديها كرامة واعتزاز بنفسها"، في إشارة إلى دول مثل قطر التي أهدت ترامب طائرة فاخرة ووعدت باستثمار مليارات الدولارات في الولايات المتحدة. وعبر أفغان عملوا لصالح الولايات المتحدة أو في مشاريع تمولها وكانوا يأملون في إعادة توطينهم هناك عن خوفهم من أن يجبرهم حظر الدخول على العودة إلى أفغانستان، حيث يمكن أن يواجهوا إجراءات انتقامية من طالبان. وقالت فاطمة، وهي أفغانية مدافعة عن حقوق المرأة عمرها 57 عاما وموجودة في باكستان انتظارا للحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، إن أحلامها تحطمت في لحظة بعد قرار ترامب. وقالت لرويترز، طالبة نشر اسمها الأول فقط لأسباب أمنية، "للأسف، ذهبت كل آمالنا وأفكارنا أدراج الرياح بعد القرارات التي اتخذها الرئيس ترامب". * الحظر يدخل حيز التنفيذ الاثنين قال ترامب إن الدول الخاضعة للقيود الأشد صرامة تشهد "وجودا واسع النطاق للإرهابيين"، ولا تتعاون في مجال أمن التأشيرات، ولديها عجز في التحقق من هويات المسافرين، بالإضافة إلى الافتقار لحفظ السجلات الخاصة بالتاريخ الجنائي وتسجيل معدلات مرتفعة لتجاوز مدة تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة. واستشهد بالحادث الذي وقع يوم الأحد في بولدر بولاية كولورادو، حيث ألقى مواطن مصري قنبلة حارقة على حشد من المتظاهرين المؤيدين لإسرائيل كمثال على الحاجة إلى القيود الجديدة. لكن مصر لم يشملها حظر الدخول. وقال ترامب للصحفيين بالبيت الأبيض اليوم الخميس "مصر دولة نتعامل معها عن كثب. والأمور تحت السيطرة". يدخل حظر الدخول حيز التنفيذ في التاسع من يونيو حزيران في الساعة 12:01 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (0401 بتوقيت جرينتش). وجاء في القرار أن التأشيرات الصادرة قبل ذلك التاريخ لن تُلغى. ووفقا لمعهد سياسة الهجرة فإنه جرى إصدار ما يقل قليلا عن 162 ألفا من تأشيرات الهجرة وتأشيرات العمل والدراسة والسفر المؤقتة في السنة المالية 2023 لمواطني الدول المشمولة بالحظر. ومن المرجح أن يواجه الحظر تحديات قانونية. لكن ستيفن يال-لور، أستاذ قانون الهجرة المتقاعد في كلية الحقوق بجامعة كورنيل، قال إنه يتوقع أن تواجه تلك الدعاوى القضائية صعوبات لأن الحظر الأخير يتضمن إعفاءات مختلفة ويذكر مخاوف أمنية محددة بالنسبة لكل دولة. ويشمل الحظر إعفاءات لمزدوجي الجنسية والمقيمين الدائمين ويستثني أيضا تأشيرات الهجرة لأفراد الأسرة المباشرين للمواطنين الأمريكيين والرياضيين القادمين لحضور الأحداث الرياضية الكبرى مثل كأس العالم لكرة القدم. وقال "لقد تعلم ترامب من أخطاء حظر السفر السابق". وقال بعض المسؤولين الأجانب إنهم مستعدون للعمل مع الولايات المتحدة لمعالجة مخاوف ترامب الأمنية. وقال ظاهر حسن عبدي السفير الصومالي لدى الولايات المتحدة في بيان "تقدر الصومال علاقتها طويلة الأمد مع الولايات المتحدة وهي على استعداد للدخول في حوار لمعالجة المخاوف المثارة". ترشيحات


عكاظ
منذ 5 ساعات
- عكاظ
لماذا أغلقت مؤسسة غزة الإنسانية مواقع توزيع المساعدات؟
كشفت منظمة توزيع المساعدات في غزة، اليوم (الجمعة)، أن جميع مواقع التوزيع التابعة لها في القطاع المحاصر «مغلقة» حتى إشعار آخر، ودعت السكان إلى الابتعاد عن هذه المواقع حفاظاً على سلامتهم. وأفادت مؤسسة غزة الإنسانية، التي بدأت الأسبوع الماضي توزيع وجبات على فلسطينيين يواجهون الجوع، بأنه من المقرر إعلان موعد إعادة فتحها في وقت لاحق. وفتحت المؤسسة موقعين في جنوب غزة يوم أمس بعد إغلاق جميع مراكزها في اليوم السابق بسبب حوادث إطلاق رصاص في محيط عملياتها. وتواجه المنظمة المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة انتقادات من قبل منظمات الإغاثة التقليدية، خصوصاً التابعة للأمم المتحدة، على خلفية انحيازها وعدم تحليها بالحياد. أخبار ذات صلة وأوقفت المؤسسة عمليات التوزيع الأربعاء الماضي، وقالت إنها تضغط على القوات الإسرائيلية لتحسين وضع سلامة المدنيين خارج محيط أماكن عملياتها بعد مقتل عشرات الفلسطينيين بالرصاص قرب موقع التوزيع في رفح خلال ثلاثة أيام متتالية. وأقر الجيش الإسرائيلي بأن جنوده أطلقوا طلقات تحذيرية.. وكثفت قوات الاحتلال هجومها على حركة حماس منذ شهر مارس الماضي بعد انهيار وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين في حرب بدأت عند الـ7 من أكتوبر 2023 بعد هجوم شنته حماس عبر الحدود. وحل عيد الأضحى هذا العام على سكان قطاع غزة وسط ظروف كارثية، إذ يواجهون النزوح والإبادة والجوع. ولم تظهر أية طقوس للعيد كما اعتادت غزة أن تحياها، فلم تسمع تكبيرات في المساجد التي هدمها الاحتلال، ولم يشاهد الأطفال وهم يرتدون ملابس جديدة . وأكد فلسطينيون أن المشهد مأساوي بكل تفاصيله ، فالخيام تناثرت على الرمال، والأجساد منهكة من تكرار النزوح وانعدام الغذاء . ومنذ استئناف إسرائيل حرب الإبادة الجماعية في مارس الماضي يعيش أغلبية سكان القطاع وسط مجاعة قاسية نظرا لإغلاق المعابر، وباتوا يتنقلون من منطقة إلى أخرى هربا من الموت، في حين يهدد جيش الاحتلال بتوسعة عدوانه البري وهدم ما تبقى من المنازل، ما يثير الخوف في نفوس السكان.