
تيك توك تحت الحصار.. 16 مليون فيديو محذوف وخطر الإغلاق يهدد مستقبل الإبداع
لكن، بينما تحتفي المنصة بأرقام قياسية في ضبط المحتوى وحماية المجتمع الرقمي، يخيم في الأفق احتمال صادم.. حظر "تيك توك" في مصر. فهل هو قرار تنظيمي لحماية المجتمع؟ أم ضربة قاصمة لقطاع رقمي واعد يشكل متنفسًا للشباب؟
تقرير صرامة لا تساهل فيه.. 16.5 مليون فيديو محذوف في 5 دول
كشفت منصة "تيك توك" مؤخرًا عن تقريرها الفصلي لإنفاذ إرشادات المجتمع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحديدًا في الربع الأول من عام 2025.
وجاء التقرير ليعكس حجم الجهد التقني والبشري المبذول في ضبط المحتوى المخالف، حيث قامت المنصة بحذف أكثر من 16.5 مليون فيديو في خمس دول رئيسية هي: مصر، العراق، لبنان، الإمارات، والمغرب.
التقرير لا يتحدث عن مجرد أرقام، بل عن استراتيجية صارمة لتأمين بيئة رقمية خالية من الإساءة، والتحريض، والمحتوى الضار. في وقت تتجه فيه الأنظار إلى كيفية تعامل المنصات مع ما يُنشر من مواد قد تترك أثرًا نفسيًا أو اجتماعيًا على المستخدمين.
مصر في الصدارة.. ضبط استباقي ووتيرة استجابة مذهلة
في مصر وحدها، تم حذف 2.9 مليون فيديو خلال الفترة من يناير إلى مارس 2025، بنسبة إزالة استباقية بلغت 99.6% أي أن معظم هذا المحتوى أُزيل قبل أن يُبلّغ عنه أصلًا. كما تمت إزالة 94.3% من المواد المخالفة خلال أقل من 24 ساعة من نشرها، وهو معدل يُعد ضمن الأعلى عالميًا.
ولم تقتصر الرقابة على الفيديوهات فقط، بل امتدت إلى البث المباشر؛ حيث حظرت المنصة 347.935 مضيف بث مباشر وأوقفت 587.246 بثًا لمخالفتهم القواعد.
الإمارات.. نموذج رقابة تقنية متطور
في دولة الإمارات، بلغ عدد الفيديوهات المحذوفة أكثر من مليون فيديو (1,051,226)، بمعدل استباقي قوي عند 98.2%. كما تم حظر 86.790 مضيف بث مباشر، مع إيقاف 140.295 بثًا خلال الربع ذاته.
المغرب.. تجاوب سريع ونظام رقابة حيوي
أما المغرب فقد سجل حذف 1.04 مليون فيديو، بينما تم حظر 44.121 مضيف بث مباشر، في مؤشر على تصاعد استخدام المنصة، ومواكبة النظام الرقابي لوتيرة المحتوى.
العراق الأعلى في الحذف.. والأكثر استرجاعًا
العراق تصدّر قائمة الدول من حيث عدد الفيديوهات المحذوفة، بأكثر من 10 ملايين فيديو خلال ثلاثة أشهر فقط. وبلغ معدل الحذف خلال أقل من 24 ساعة 95.5%، مما يعكس شدة الحملات الرقابية هناك. اللافت أيضًا أن العراق كان في صدارة الدول من حيث استرجاع المحتوى المحذوف بعد الطعون، بما يزيد عن 209 ألف حالة استرجاع.
لبنان.. دقة عالية رغم الحجم السكاني الأصغر
رغم العدد السكاني الأصغر، فإن لبنان سجل حذف 1.3 مليون فيديو، بمعدل استباقي مرتفع وصل إلى 99.5%، واستجابة سريعة للغاية بلغت 96.9% خلال أقل من 24 ساعة.
البث المباشر عالميًا.. تضييق الخناق على المحتوى العشوائي
على مستوى العالم، أوقفت تيك توك أكثر من 19 مليون بث مباشر مخالف خلال الربع الأول من 2025، بزيادة 50% عن الربع السابق. في الدول الخمس فقط، تم تعطيل أكثر من 1.5 مليون بث، وهو ما يوضح حجم التحديات الرقابية التي تواجه المنصة.
نظام الطعون.. آلية توازن بين الرقابة وحرية التعبير
تيك توك لم تغفل عن جانب الشفافية، حيث أكدت في تقريرها تفعيل آلية الطعن في قرارات الحذف. وقد بلغ عدد المحتويات التي تم استرجاعها بعد مراجعة الطعون أكثر من 480 ألف حالة، في إشارة إلى اعتماد المنصة على مزيج من الذكاء الاصطناعي والتدخل البشري لتلافي الأخطاء.
رأي خبير: الإغلاق ليس حلاً.. بل مخاطرة اقتصادية واجتماعية
رغم كل ما سبق من جهود وانضباط، تتصاعد في مصر مؤخرًا أصوات تطالب بإغلاق التطبيق. وهو ما أشعل جدلًا واسعًا في الشارع الرقمي المصري، بين من يرى القرار ضرورة أمنية، ومن يراه تهديدًا لمورد دخل بات حيويًا لشريحة كبيرة من المجتمع.
مصدر دخل رئيسي لآلاف الشباب
قال الدكتور رمضان معن، أستاذ الاقتصاد بجامعة طنطا، إن "تيك توك" لم يعد مجرد تطبيق اجتماعي، بل تحول إلى منصة عمل حقيقية للآلاف من الشباب المصري. يعتمد عليه كثيرون في التسويق والإعلانات والبيع المباشر، ما جعله قناة فعّالة في دعم الاقتصاد غير الرسمي. ويضيف: "إغلاق التطبيق يعني حرمان شريحة واسعة من الشباب من مصدر دخل حيوي، في وقت تزداد فيه معدلات البطالة بين الخريجين".
تهديد لأدوات التسويق منخفضة التكلفة
وأكد معن أن العديد من الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة تستخدم "تيك توك" كوسيلة إعلان ذكية، منخفضة التكلفة وذات تأثير مباشر على الجمهور المستهدف. وأوضح أن هذه الفئة تعتمد على مرونة المنصة وسرعة الوصول للمستهلك، وهو ما يصعب تعويضه عبر الوسائل التقليدية. "إغلاق المنصة سيخلق فجوة حقيقية في أدوات التسويق الرقمي، خاصة لدى أصحاب الميزانيات المحدودة"، بحسب تعبيره.
خسارة بيئة خصبة للإبداع والمواهب
وأشار معن إلى أن "تيك توك" يمثل بيئة حيوية لنمو المحتوى الإبداعي وتطوير مهارات الشباب الإعلامية والتسويقية. "وجود التطبيق ساهم في خلق مساحة للتعبير والتجريب، ومنصة لاكتشاف المواهب الصاعدة"، يقول معن، محذرًا من أن إغلاقه قد يُثبط الابتكار، ويحد من فرص التدريب العملي في مجالات الإعلام الرقمي.
إشارة سلبية للمستثمرين
وتطرق الدكتور معن إلى الأثر غير المباشر على مناخ الاستثمار، مشيرًا إلى أن قرارًا مثل إغلاق "تيك توك" قد يُقرأ من قِبل الشركات التكنولوجية العالمية والمستثمرين الأجانب كمؤشر على بيئة غير مستقرة أو غير مشجعة للاستثمار في المجال الرقمي بمصر. هذا بدوره، قد يؤثر على فرص استقطاب رؤوس الأموال والمشروعات المستقبلية في قطاع التكنولوجيا.
تأثير محدود على الاقتصاد الكلي... ولكن!
ورغم كل ما سبق، أوضح معن أن التأثير المباشر على الاقتصاد الكلي سيكون محدودًا، لكن التداعيات طويلة الأجل على قطاعات الابتكار والإبداع الرقمي قد تكون أكثر عمقًا. "القلق يكمن في هروب الكفاءات الرقمية إلى الخارج بحثًا عن بيئة أكثر انفتاحًا وإتاحة، مما يُفقد مصر عقولًا شابة هي الأمل في اقتصاد المستقبل".
أكثر من مجرد تطبيق
في ظل هذا الجدل، يبرز "تيك توك" كنموذج معقّد لمنصة رقمية تجمع بين المرح، والتعبير، والعمل، والتسويق، والتأثير المجتمعي. قرار إغلاقها المحتمل ليس نقاشًا حول تطبيق فحسب، بل حول خيارات الدولة في التعامل مع الاقتصاد الرقمي، ورؤيتها للمستقبل.
بينما لا يزال القرار النهائي بيد الجهات الرسمية، فإن ما هو مؤكد أن "تيك توك" لم يعد مجرد منصة لرقصات عشوائية أو مقاطع ترفيهية، بل أصبح متنفسًا واسعًا لشبابٍ يبحث عن فرصة، وإعلاميين شباب يصنعون محتوى من بيوتهم، ورواد أعمال يبنون مستقبلهم بخطى رقمية. في وقت نحتاج فيه إلى كل منفذ إبداعي، فإن أي قرار يجب أن يُبنى على ميزان دقيق... يراعي الأمان، ويحمي الطموح.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
بعد تصدرها التريند ببوستر أغنيتها الجديدة.. روبي تطرح 'ثانيتين' غداً
قررت روبي إطلاق أغنيتها الجديدة "ثانيتين" غدا الخميس في تمام الساعة السابعة مساء عبر موقع الفيديوهات العالمي يوتيوب ومنصات الموسيقى المختلفة. الأغنية الجديدة تأتي ضمن خطة النجمة روبي لإطلاق مجموعة من الأغنيات على مدار الصيف وهي من كلمات الشاعر الغنائي فلبينو ومن ألحان وتوزيع أحمد طارق يحيي. وكانت روبي تصدرت التريند خلال الساعات الماضية بعد إطلاق البوستر الترويجي للأغنية الجدبدة حيث تداوله الجمهور بشكل موسع على مواقع التواصل الاجتماعي. وتستعد روبي للتواجد بين جمهورها خلال الفترة القادمة في عدد من الحفلات الغنائية التي تحيها داخل وخارج مصر. وطرحت روبي مؤخرا أغنية 'تاني' مع الفنان أحمد سعد بعد نجاح أغنيتهما السابقة يا ليالي وانتشرت بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيق تيك توك.


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
منى عبد الوهاب: لا لحظر تيك توك.. نعم لتنظيم المحتوى وضبط الفوضى الرقمية
طالبت الإعلامية منى عبد الوهاب بضرورة وضع ضوابط واضحة وصارمة لمحتوى تطبيق "تيك توك"، مؤكدة أن حالة الفوضى في نوعية المحتوى المتداول عبر المنصة تهدد الذوق العام، وتكرّس لمستوى متدنٍ من الوعي والسلوك، خاصة في أوساط الشباب. أوضحت عبد الوهاب خلال استضافتها في برنامج "الستات" على قناة النهار، أن حظر التطبيق ليس هو الحل، واصفة الدعوات لحظره بأنها رد فعل عشوائي وسطحي، لا يلامس جوهر الأزمة. وقالت:"أنا بشوف إن الكلام عن حظر التيك توك مش هو الحل، لأنه مجرد رد فعل سطحي. المشكلة الحقيقية إن التيك توك بقى مليان ألفاظ خارجة وسلوكيات غريبة، ومفيش ضوابط تحكم اللي بيتعرض عليه." وأشارت عبد الوهاب إلى أن الحل الذكي والمتوازن يتمثل في الحفاظ على وجود المنصة مع فرض رقابة واضحة وتنظيم المحتوى، قائلة:"المنع مش حل.. الحل إننا نضع قواعد واضحة ونتفق على شكل المحتوى المسموح. المنع هيزود الجذب ويخلق منصات بديلة خارج السيطرة." لفتت عبد الوهاب إلى أن من يقدمون محتوى هابطًا على "تيك توك" ليسوا دائمًا باحثين عن الشهرة فقط، بل في كثير من الحالات يعكسون واقعًا مريرًا لمستوى الوعي، وقالت:"إحنا متخيلين إن الناس بتعمل كدا عشان تتشهر، لكن الحقيقة إنهم كدا فعلًا.. وده أخطر، لأنه معناه إن في مشكلة وعي مجتمعية محتاجة تدخل." وشددت الإعلامية على أن ضبط المحتوى مسؤولية مجتمعية، تبدأ من الأسرة، وتمر بالمؤسسات التعليمية والإعلام، وليس الدولة فقط. ودعت إلى إطلاق حملة توعوية وطنية، تتضافر فيها الجهود الرسمية والشعبية لرفع مستوى الوعي وتنظيم ما يُعرض على المنصات الرقمية.


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
رولا خرسا تفتح النار على "تيك توك": المجتمع يعاني خللًا خطيرًا
وجهت الإعلامية رولا خرسا انتقادات للظواهر الاجتماعية المرتبطة بتطبيق "تيك توك"، مشيرة إلى أنه بات مرآة لتحولات مقلقة داخل المجتمع المصري. قالت خرسا خلال استضافتها في برنامج "الستات" المذاع على قناة النهار، إن عددًا كبيرًا من المستخدمين أصبحوا يعرضون أدق تفاصيل حياتهم على المنصات، من أجل تحقيق الشهرة والمال، واصفة هذه الظاهرة بأنها "أزمة مجتمعية حقيقية"، وليست مجرد تصرفات فردية. وأضافت:"الفلوس والشهرة بقت بتخلي ناس تبيع حياتها بالكامل أونلاين، وتعمل ترند حتى لو على حساب كرامتها أو أهلها. كل ده بيدل على إن في حاجة غلط بتحصل حوالينا." وتحدثت خرسا عن الفجوة الصادمة بين من يسعون للتعليم والارتقاء الأكاديمي، ومن يحققون دخلًا ضخمًا من محتوى ترفيهي، قائلة:"دلوقتي فيه ناس تاخد ماجستير ودكتوراه وتتعب سنين، وفي الآخر تشتغل بـ5 أو 6 آلاف جنيه، وتسمع حد بيقول: أنا جالي عرض بـ100 ألف جنيه علشان أطلع في برنامج! طبيعي الشخص اللي تعب ده يحس بالإحباط."