logo
مهمة مستحيلة.. لماذا لا يمكن هزيمة الحوثيين في اليمن؟ (ترجمة خاصة)

مهمة مستحيلة.. لماذا لا يمكن هزيمة الحوثيين في اليمن؟ (ترجمة خاصة)

اليمن الآنمنذ يوم واحد

منذ ظهورهم كقوة سياسية داخل اليمن في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تحول المتمردون الحوثيون، إلى قوة إقليمية رئيسية تحمل أفعالها عواقب عالمية.
سواءً أكان ذلك بإسقاط النظام القديم في اليمن، أو مقاومة التحالف العربي بقيادة السعودية، أو محاربة الولايات المتحدة حتى الجمود، فقد أظهر الحوثيون صمودًا يُثير الصدمة بقدر ما يثير الإعجاب، بالنظر إلى تفاوت القوة الظاهري بينهم وبين خصومهم.
ورغم وصفهم خطأً بالوكلاء لإيران، فقد أظهر الحوثيون استقلالية في أفعالهم الداخلية والخارجية، مما جعل إيجاد حل لمقاومتهم المستمرة في مواجهة صعوبات تبدو ساحقة مهمة مستحيلة.
تستمد حركة الحوثيين في اليمن اسمها من قبيلة الحوثي التي تهيمن على صفوفها التنظيمية والحكومية، بما في ذلك أعلى المناصب. يتجذر الحوثيون في هوية دينية زيدية شيعية تتجاوز البعد الروحي إلى جوهر قضيتهم - واجب مقاومة الظلم.
هذا يكمن في صميم المذهب الزيدي، الذي تأسس على ثورة القرن الثامن التي قادها زيد بن علي ضد الخلافة الأموية، والتي تنص على أن أي سليل عالم من سلالة علي يمكن أن يصبح إمامًا بإثبات حقه والدفاع عنه.
وهذا يتعارض مع المعتقد الشيعي التقليدي القائل بأن الأئمة يجب أن يكونوا معينين من الله. هذا الاختلاف العقائدي هو أحد الأسباب الرئيسية لعدم خضوع الحوثيين لإيران: فمبدأ ولاية الفقيه، المفهوم الذي يقوم عليه الحكم الديني الأعلى في إيران، يُبغضه الحوثيون.
أطلق الحوثيون على حركتهم اسم "أنصار الله". هذا ليس مجرد لقب، بل إشارة إلى أهل المدينة الذين رحّبوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه ودعموه وحموه في السنوات الأولى للإسلام. يحمل مصطلح "أنصار الله" في طياته التزامًا قويًا بالإيمان واستعدادًا للدفاع عن الحق. في حين يُستهزأ بالحماسة الدينية في الغرب أو يُقلل من شأنها، فإن صدق إيمان الحوثيين، ومدى تحديده لوجودهم، يكمن في أساس ثبات قناعاتهم ومرونتهم في نضالهم.
تاريخ من النضال
بدأت المظاهر المعاصرة لإحياء الحوثيين بدافع المقاومة في تسعينيات القرن الماضي كصحوة ثقافية ودينية زيدية تُسمى "الشباب المؤمن"، تطورت إلى انتفاضة مسلحة بحلول عام 2004 بعد مقتل زعيم الشباب المؤمن على يد قوات الأمن أثناء اعتقاله. يكمن جوهر مقاومة الحوثيين في الدين وفي المفهوم الأكثر علمانية للاستقلال عن التدخل الخارجي (ولا سيما تأثير كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية على شؤون اليمن).
تقوم حركة الحوثيين اليوم على ثلاثة مبادئ أساسية: الهوية الطائفية (الزيدية)، والحكم الذاتي المحلي، ورفض التدخل الأجنبي. ثار الحوثيون ضد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في عام 2014. وبعد السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء، تحولت الجماعة من تمرد كلاسيكي إلى كيان سياسي شرعي أثبت قدرته على تولي مهام تحديد وبناء هياكل الدولة بما يتجاوز مجرد الجيش.
في عام 2015، أطلقت المملكة العربية السعودية، بالتعاون مع تحالف من الدول العربية وبدعم كامل من الولايات المتحدة، عملية "عاصفة الحزم"، وهي هجوم جوي ضخم ضد الحوثيين، بهدف سحقهم كحركة عسكرية وسياسية، وتنصيب حكومة موالية لهم مكانهم. أدى فشل العملية في تحقيق النتائج المرجوة إلى تصعيد السعوديين لحربهم من خلال شنّ توغل بري في اليمن الخاضع لسيطرة الحوثيين.
وعلى الفور تقريبًا، واجه السعوديون حقيقة أن الحوثيين لا يُرهبون بسهولة. توسعت مقاومة الحوثيين من إحباط التوغلات التي تقودها السعودية إلى نقل المعركة إلى المملكة العربية السعودية، وضرب البنية التحتية الحيوية للطاقة بالصواريخ والطائرات المسيرة، بينما شنّوا هجماتهم البرية على الأراضي السعودية. وبحلول عام 2023، كان السعوديون يتطلعون إلى إنهاء حربهم مع الحوثيين. في الواقع، كان إنهاء الصراع مع الحوثيين عاملاً دافعاً وراء التقارب الذي توسطت فيه الصين بين المملكة العربية السعودية وإيران في ربيع عام 2023.
انسحاب الولايات المتحدة
شكّل هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مبرراً للحوثيين لبدء عمليات عسكرية ضد السفن الإسرائيلية بهدف فرض حصار بحري فعلي على ميناء إيلات جنوب إسرائيل. ربط الحوثيون أفعالهم بمطلب إسرائيل قبول وقف إطلاق النار ضد حماس والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة. من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى يناير/كانون الثاني 2025، هاجم الحوثيون أكثر من 100 سفينة تجارية كانت تعبر مضيق باب المندب الاستراتيجي الرابط بين البحر الأحمر وخليج عدن.
أدى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني 2025، إلى تهدئة مؤقتة لهجمات الحوثيين على السفن، لكنها استؤنفت في مارس/آذار 2025 عندما انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار. بالإضافة إلى مهاجمة السفن، أطلق الحوثيون طائرات مسيرة وصواريخ باليستية على إسرائيل، مهددين بفرض حصار جوي عبر منع الرحلات التجارية من وإلى مطار بن غوريون الإسرائيلي.
بدأت الولايات المتحدة، بدعم من المملكة المتحدة وانضمت إليها إسرائيل، حملة جوية واسعة النطاق تهدف إلى معاقبة الحوثيين وردعهم عن تنفيذ هذه الهجمات. كان الضرر الذي ألحقته هذه الضربات بالبنية التحتية المدنية في اليمن الخاضع لسيطرة الحوثيين كبيرًا، مما أسفر عن سقوط مئات الضحايا المدنيين. إلا أن التأثير العسكري لغارات القصف التي قادتها الولايات المتحدة كان أقل إثارة للإعجاب، حيث هدد الحوثيون سفن البحرية الأمريكية العاملة في البحر الأحمر، بينما استمروا في ضرب إسرائيل بالصواريخ الباليستية.
في حين أن العديد من المراقبين يصورون الحوثيين على أنهم ذراع تابعة لـ"محور المقاومة" الموجه من إيران، ومهمته مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة ودول الخليج العربية، فإن مستوى استقلالية الحوثيين في العمل مرتفع للغاية. في الواقع، اتُخذ قرار البدء في اعتراض الشحن الإسرائيلي بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 دون موافقة إيران.
علاوة على ذلك، فإن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أوائل مايو بين الولايات المتحدة والحوثيين، والذي وافقت فيه إدارة ترامب على وقف الغارات الجوية مقابل موافقة الحوثيين على وقف مهاجمة السفن الأمريكية، قد تم التوصل إليه إلى حد كبير لأن الصراع الحوثي الأمريكي كان يقوض جهود الولايات المتحدة للتفاوض على اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.
لكن المثير في الاتفاق الأمريكي الحوثي هو أنه لم يُلزم الحوثيين بوقف هجماتهم الصاروخية ضد إسرائيل. إن حقيقة أن إدارة ترامب نفذت هذا الاتفاق بشكل مستقل عن إسرائيل تؤكد حقيقة أن مقاومة الحوثيين لا يمكن كسرها بقوة النيران الأمريكية، وأن استمرار العمل العسكري ضدهم سيضر بمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.
لقد خرج الحوثيون من صراعهم مع الولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى، سواء من حيث الشرعية المحلية أو من منظور دولي، حيث قاتلوا أقوى جيش في العالم حتى جمدوا شوكتهم، بينما فرضوا إرادتهم على الواقع الجيوسياسي العالمي. لقد ثبت أن روح الحوثيين الصلبة تُشكل مشكلةً مستعصية على الحل بالنسبة للدول التي وقعت في مرمى نيران شعورهم بمقاومة الظلم.
*يمكن الرجوع للمادة الأصل:
هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صنعاء.. فعاليتان للهيئة النسائية في مديرية سنحان بذكرى يوم الولاية
صنعاء.. فعاليتان للهيئة النسائية في مديرية سنحان بذكرى يوم الولاية

وكالة الأنباء اليمنية

timeمنذ 29 دقائق

  • وكالة الأنباء اليمنية

صنعاء.. فعاليتان للهيئة النسائية في مديرية سنحان بذكرى يوم الولاية

صنعاء - سبأ: أقامت الهيئة النسائية في مديرية سنحان محافظة صنعاء، اليوم، فعاليتين خطابيتين في منطقتي دار غلاب والمحاقرة إحياءً ليوم الولاية "عيد الغدير" تحت شعار 'من كنت مولاه فهذا علي مولاه'. وأكدت كلمات الفعاليتين أهمية إحياء المناسبة التي تمثل ذكرى عظيمة ويوم عظيم في تاريخ الأمة بإعلان الرسول الأعظم محمد -صلوات الله عليه وآله- ولاية الإمام علي -عليه السلام- مبينًا للأمة المسار الحق الذي يجب أن تسير عليه. وأشارت إلى أن مناسبة الولاية وإحياء عيد الغدير محطة لاستلهام الدروس والعِبر في الشجاعة والتضحية والإقدام في نصرة الدين ومواجهة الأعداء من خلال التولي والارتباط الصادق بولاية الإمام علي -عليه السلام- وآل بيت الرسول محمد -صلوات الله عليه وآله. تخللت الفعاليتين فقرات إنشادية عبَّرت عن المحبة والوفاء، والتمسك بمبدأ الولاية، وقيمة التولي الصادق لمن أمر الله -عز وجل- بتوليهم.

الدكتور بن حبتور يعزِّي في وفاة الدكتور سالم ناصر سريع
الدكتور بن حبتور يعزِّي في وفاة الدكتور سالم ناصر سريع

وكالة الأنباء اليمنية

timeمنذ 29 دقائق

  • وكالة الأنباء اليمنية

الدكتور بن حبتور يعزِّي في وفاة الدكتور سالم ناصر سريع

صنعاء - سبأ: بعث عضو المجلس السياسي الأعلى، الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، برقية عزاء ومواساة في وفاة الدكتور سالم ناصر طالب سريع، المحاضر في جامعة شبوه، بعد مسيرة أكاديمية حفلت بالعطاء. وأشاد عضو المجلس السياسي الأعلى في البرقية، التي بعثها إلى شقيقي الفقيد الشيخ خالد وعلي وبقية افراد الاسرة وآل سريع في شبوة واليمن عموما والمهجر، والاكاديميين والمثقفين في شبوة، بمناقب الفقيد وإسهامه الاكاديمي والبحثي على مستوى جامعة شبوة، وتفانيه في أداء رسالته التعليمية والأكاديمية وخدمة مسار التنمية البشرية على مستوى المحافظة. وأكد أن محافظة وجامعة شبوة، والتعليم العالي عموما، فقدوا أستاذاً جامعيا مميّزا وإنسانا محبا لوطنه ومجتمعه. وعبَّر الدكتور بن حبتور عن بالغ العزاء والمواساة لشقيقي الفقيد وآل سريع كافة والأكاديميين، وشريحة المثقفين في شبوة بهذا المصاب.. سائلا الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه وطلابه ومحبيه الصبر والسلوان. " إنا لله وإنا إليه راجعون ".

ترامب يتوعد بتدمير إيران والقضاء عليها بالأسلحة الأكثر فتكا
ترامب يتوعد بتدمير إيران والقضاء عليها بالأسلحة الأكثر فتكا

اليمن الآن

timeمنذ ساعة واحدة

  • اليمن الآن

ترامب يتوعد بتدمير إيران والقضاء عليها بالأسلحة الأكثر فتكا

ضرب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" عرض الحائط بكل التهديدات التي اطلقتها القيادة الإيرانية بتوجيه صواريخها للقواعد الأمريكية، وأعلن بشكل رسمي الحرب على إيران، مؤكدا انه سيتم استخدام الأسلحة الأمريكية الاكثر فتكا في هذه الحرب، وأن إيران ستدفع ثمن تعنتها وعدم توقيعها للاتفاق . سيل التهديدات التي أطلقها ترامب بشأن توفر الأسلحة الأمريكية الأكثر فتكا في الترسانة العسكرية الإسرائيلية وقدرتها على البطش بالقدرات الإيرانية لا تبعث بالطمأنينة للقيادة في إسرائيل، فهم يدركون انه رجل متقلب يقول الشيء ثم ينقضه أو يفعل عكسه، ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته، لذلك فإن إسرائيل وايران والعالم اجمع لن يكتشفون الوجه الحقيقي للرئيس ترامب من هذه الحرب إلا بعد الرد الإيراني على الضربة الإسرائيلية. فقد حذر " ترامب إيران " من أن "الهجمات القادمة المخطط لها ستكون أكثر وحشية"، معلنا أن كميات كبيرة من الأسلحة الأمريكية الأكثر فتكا في العالم في طريقها إلى إسرائيل. وقال ترامب في منشور له على منصة "تروث سوشيال "منحت إيران فرصة تلو الأخرى لعقد اتفاق، وخاطبتها بأشد العبارات مشيرا إلى أنه رغم كل محاولات إيران واقترابها من تحقيق ذلك، فإنها لم تتمكن من إبرام الاتفاق"، كما أكد أنه حذرهم من أن ما ينتظر إيران سيكون أسوأ بكثير مما تعرفه أو تتوقعه أو سمح لها بمعرفته، لافتا الى أن "الولايات المتحدة تصنع أفضل وأكثر الأسلحة فتكا في العالم، وبفارق كبير، وأن لدى إسرائيل كميات كبيرة منها، والمزيد في الطريق، قائلا " إن الإسرائيليين يعرفون جيدا كيف يستخدمون تلك الأسلحة". ترامب ألقى باللوم في اندلاع الحرب على بعض المتشددين الإيرانيين قائلا انهم تحدثوا بشجاعة، لكنهم لم يدركوا ما كان على وشك الحدوث، وجميعهم باتوا أمواتا الآن، و الوضع سيزداد سوءا". وترك ترامب باب الأمل مفتوحا لوقف هذه الكارثة التي ستؤدي للقتل والدمار وربما تقود إلى حرب عالمية سيكون الجميع فيها خاسرا، ولن يكون هناك رابح، وفي هذا السياق يقول ترامب" هناك بالفعل قدرا كبيرا من الموت والدمار، لكن الفرصة لا تزال متاحة لوقف هذا "الذبح"، محذرًا من أن الهجمات القادمة المخطط لها ستكون أكثر وحشية. وختم ترامب تهديداته النارية بتوجيه دعوة صريحة للايرانيين بإبرام اتفاق، وإنقاذ ما تبقى مما كان يعرف يوما بـ"الإمبراطورية الفارسية" لافتا إلى أن موافقة الجانب الإيراني لتوقيع إتفاق نووي مع أمريكا هو الطريق الوحيد لمنع مزيد من الموت، و الدمار، قائلا " فقط افعلوها، قبل فوات الأوان. بارك الله فيكم"

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store