
فراغ الرأي المختص
في خضم الصراعات الاقتصادية التي تشهدها الساحة العالمية، تبرز حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين كأحد أبرز التحديات التي تعصف باستقرار الاقتصاد العالمي. هذا التراشق، الذي بدأ بقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم على سلع من دول عدة، لم يكن مجرد نزاع ثنائي، بل تحول إلى موجة اهتزازات اقتصادية طالت أسواق النفط والذهب، وهددت بجر العالم نحو ركود اقتصادي محتمل. وسط هذا المشهد المعقد، برزت أصوات محلية في مملكة البحرين عبر منصات إعلامية واجتماعية، تحاول تفسير تداعيات هذه الأزمة، لكن غاب عن الكثيرين منهم عمق التحليل وشمولية الرؤية.
لقد استبعد البعض تأثر مملكة البحرين بالرسوم الجمركية الأمريكية، متعللين بأن العلاقة التجارية المباشرة بين البحرين والولايات المتحدة قد لا تتأثر بشكل واضح. هذا الرأي، وإن بدا منطقياً في ظاهره، يغفل حقيقة أساسية، أن الاقتصاد العالمي شبكة مترابطة، لا يمكن فصل أي جزء فيها عن الآخر. فعندما تُفرض رسوم على بضائع من الصين ودول أخرى، ترتفع تكلفة السلع الأمريكية التي تصل إلى أسواقنا، لأن هذه السلع نفسها تأثرت بارتفاع تكاليف الإنتاج والتوريد عالمياً. إن النظر إلى المشهد من زاوية ضيقة، كما يفعل البعض، يشبه من يراقب موجة في البحر دون أن يدرك أنها جزء من تسونامي اقتصادي أكبر.
على الجانب الآخر، ذهب رأي آخر إلى توقع ارتفاع أسعار البضائع الأمريكية بنسبة تزيد عن 30%، دون أن يقدم تفسيراً علمياً لهذه النسبة، أو يأخذ في الحسبان أن التأثير لا يقتصر على السلع الأمريكية وحدها. فالنفط تراجعت أسعاره نتيجة مخاوف تباطؤ النمو العالمي، فيما تجاوزت خسائر الأسواق العالمية 8.5 تريليون دولار أمريكي، أما الذهب فقد ارتفع باعتباره ملاذاً آمناً، وهذه جميعها دلائل على أن الرسوم الجمركية ألقت بظلالها على كل ركن من أركان الاقتصاد. إن التغافل عن هذا الترابط يعكس فراغاً في الرأي المختص، يحتاج إلى سد عاجل بأصوات تملك العمق والخبرة.
هنا، تبرز الحاجة الماسة إلى شخصيات اقتصادية بحرينية تملك القدرة على قراءة المشهد ببعد استراتيجي، وتقديم رؤى تخدم صناع القرار والمجتمع على حد سواء. أسماء على سبيل المثال لا الحصر، الدكتور عبدالله الصادق، والدكتورة سارة البلوشي، والدكتورة سارة محمد الفيحاني، تُعد من الأكاديميين الذين يمتلكون خبرة نظرية وعملية تمكنهم من تحليل التحديات الاقتصادية بمهنية عالية. كذلك، شخصيات مثل الأستاذ عدنان أحمد يوسف، والأستاذة نورا الفيحاني، والأستاذ عارف خليفة، يملكون سجلاً حافلاً في تقديم رؤى استشرافية، سواء في القطاع المصرفي أو الاستثماري أو التحليل الاقتصادي.
إن استدعاء هذه الكفاءات ضرورة وطنية، ففي زمن تتسارع فيه الأحداث الاقتصادية، نحتاج إلى من يرسم لنا صورة واضحة لما قد يحمله المستقبل، ويقدم توصيات عملية تحمي الاقتصاد الوطني من الصدمات العالمية. هؤلاء الخبراء قادرون على تثقيف المجتمع، وتوضيح أن ما يحدث ليس مجرد أرقام ونسب، بل تحديات تؤثر على حياة كل مواطن. يمكنهم أيضاً مساعدة الحكومة في صياغة سياسات مرنة، تستفيد من تنوع الاقتصاد البحريني، الذي أسهم القطاع غير النفطي فيه بنسبة تزيد عن 83% -حسب بيانات 2023-، لتكون المملكة نموذجاً للاستقرار في خضم العواصف العالمية.
إن غياب الرأي المختص لا يمنع وقوع الضرر الاقتصادي، لكنه يُضعف قدرتنا على فهمه والتعامل معه بفعالية، ويترك المجال لتفسيرات سطحية تزيد من الارتباك. دعونا نعزز دور خبرائنا الاقتصاديين، ونفتح لهم منابر الإعلام والمؤسسات ليقودوا النقاش العام نحو مستقبل اقتصادي أكثر أماناً واستدامة.
فالاقتصاد ليس شأناً حكومياً فقط، بل مسؤولية مشتركة، تبدأ بفهم المواطن، وتنتهي بتخطيط الدولة. البحرين، بما تملكه من عقول واعدة، قادرة على أن تكون صوتاً مسموعاً في زمن التحولات الكبرى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 2 ساعات
- البلاد البحرينية
سيكو تفوز بجوائز مرموقة من ضمن جوائز يوروموني للتميز لعام 2025
فازت سيكو ش.م.ب (م)، البنك الإقليمي الرائد في مجال إدارة الأصول والوساطة والخدمات المصرفية الاستثمارية والذي يحظى بتواجد مباشر في البحرين والسعودية والامارات العربية المتحدة، بجوائز يوروموني الشرق الأوسط للتميز، وذلك لإنجازاته كبنك استثماري رائد، والتزامه الراسخ بخلق بيئة عمل تتميز بالتنوع والمساواة والشمولية. تمكنت سيكو وعلى مدى ثلاثة عقود من تعزيز مكانتها باعتبارها البنك الاستثماري المفضل في السوق البحرينية من خلال تقديم خدمات استشارية استراتيجية وتنفيذ صفقات نوعية ومبتكرة على مستوى المنطقة. والجدير بالذكر ان جائزة أفضل بنك استثماري في البحرين قد حصلت عليها سيكو 7 مرات منها، 6 أعوام على التوالي. وفي عام 2024، تولّت سيكو إدارة الطرح العام الأولي لمجموعة مطاعم الأبراج. كما لعبت دور المدير الرئيسي المشترك ومدير السجل المشترك في إصدار سندات مقومة بالدولار الأمريكي لبنك البحرين والكويت، كما تم تعيين سيكو كمدير اكتتاب مشترك للطرح العام الأولي لشركة لولو القابضة، إلى جانب تنفيذ صفقة استحواذ بقيمة مليار دولار أمريكي، تمثلت في استحواذ شركة التعدين العربية السعودية "معادن" على حصة "سابك للاستثمارات الصناعية" في شركة ألمنيوم البحرين "ألبا". كما فازت سيكو للمرة الثالثة بجائزة "أفضل بنك في التنوع والشمولية" في البحرين، تقديراً لجهودها في تمكين المرأة وتعزيز بيئة العمل الشاملة. وتشغل النساء 36% من المناصب الإدارية، و40% من مقاعد مجلس الإدارة، وهي النسبة الأعلى بين الشركات المدرجة في بورصة البحرين. تعد جائزة يوروموني الشرق الأوسط للتميز جائزة سنوية تمنحها مجلة يوروموني لتكريم المؤسسات المالية التي تُظهر إمكانيات قيادية استثنائية، وقدرة على الابتكار، وخدمات مصرفية متميزة. وتعكس هذه الجوائز رفيعة المستوي التزام سيكو المتواصل بتحقيق التميز، فضلا عن دورها الاستراتيجي في تعزيز التنمية الاقتصادية ودعم نمو الأسواق في البحرين والمنطقة. نبذة عن سيكو تمثل سيكو أحد أبرز البنوك الإقليمية الرائدة المتخصصة في إدارة الأصول والوساطة والخدمات المصرفية الاستثمارية، وتصل قيمة الأصول تحت الإدارة لديها إلى 7.9 مليار دولار أمريكي. وتعمل سيكو اليوم بموجب ترخيص من مصرف البحرين المركزي كبنك جملة تقليدي، كما تُشرف على شركتين تابعتين ومملوكتين لها بالكامل: سيكو إنفست وهي دار وساطة مالية مقرها أبوظبي، وسيكو المالية المزودة للخدمات المصرفية الاستثمارية والواقع مقرها في المملكة العربية السعودية. وتتخذ سيكو من مملكة البحرين مقرًا لها، وهي آخذة في التوسع على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما تتمتع بسجل حافل بالإنجازات باعتبارها بنكاً إقليمياً موثوق يقدم مجموعة متكاملة من الحلول المالية، بما في ذلك إدارة الأصول والوساطة والخدمات المصرفية الاستثمارية وصناعة السوق، والتي يدعمها فريق بحوث قوي من أمهر الخبراء يوفر رؤية ثاقبة وتحليلات مدروسة عن أكثر من 90 بالمائة من الأسهم الرئيسية في المنطقة. ومنذ تأسيسها عام 1995، دأبت سيكو على تحقيق أداء متفوق في السوق، وأصبحت لها قاعدة عملاء عريضة من كبرى المؤسسات. وتمضي سيكو قدمًا في مسيرتها نحو المزيد من النمو والازدهار، والتي يقودها التزامها الراسخ بإطار حوكمة مؤسساتية قوي، فضلا عن سعيها الدائم إلى توطيد أواصر الثقة مع عملائها. وستواصل سيكو الاستثمار في تطوير إمكاناتها التقنية ورأس مالها البشري الذي يتألف من نحو 150 موظفاً متميزاً عبر المجموعة.


البلاد البحرينية
منذ 4 ساعات
- البلاد البحرينية
تفاصيل عن القبة الذهبية التي أعلن ترامب عنها.. وعلاقة الصين بها
العربية نت: نظام القبة الذهبية هو "مشروع سيغير قواعد اللعبة" كما وصفه وزير الدفاع الأميركي، وأعلن عن بنائه الرئيس دونالد ترامب، الثلاثاء. فما هو هذا النظام؟ تعتزم الولايات المتحدة بناء منظومة دفاع صاروخي جديدة باسم "القبة الذهبية" بتكلفة 175 مليار دولار، على أن تكون جاهزة للعمل بنهاية فترة ترامب الرئاسية في 2029. ترامب أوضح من البيت الأبيض أن كندا أبدت رغبتها في الانضمام إلى المنظومة، لافتا إلى أنها ستوفر حماية شاملة لأميركا من الهجمات الصاروخية، بما في ذلك التهديدات القادمة من الفضاء. وتتضمن الرؤية المقترحة لمنظومة "القبة الذهبية" قدرات أرضية وفضائية يمكنها رصد واعتراض الصواريخ في المراحل الأربع الرئيسية لهجوم محتمل، بدءا من اكتشافها وتدميرها قبل الإطلاق، ثم اعتراضها في مراحلها الأولى بعد الإطلاق، مرورا بمرحلة التحليق في الجو، وانتهاء بالمرحلة النهائية أثناء اقترابها من الهدف. الأول من نوعه وخلال الأشهر الماضية، عمل مخططو البنتاغون على إعداد خيارات متعددة للمشروع، وصفها مسؤول أميركي بأنها "متوسطة، وعالية، وفائقة الارتفاع" من حيث التكلفة، وتشتمل جميعها على قدرات اعتراض فضائية. ونظام القبة الذهبية هو الأول من نوعه الذي يتضمن نشر أسلحة أميركية في الفضاء. وبهذا الصدد، سئل ترامب خلال الإعلان عن القبة الذهبية، عن إمكانية أن يؤدي ذلك إلى سباق تسلح في الفضاء.. ورد قائلا: "هذا أمر خاطئ". لماذا الآن؟ لكن اللافت أن الإعلان عن القبة الذهبية، جاء بعد أيام قليلة من تحذيرات استخباراتية أميركية من أن صواريخ مدارية نووية صينية قد تضرب الولايات المتحدة من الفضاء.. ما هي تفاصيل هذه التحذيرات؟ للمرة الأولى تُطرح في واشنطن فرضية أن تهاجم الصين أراضي الولايات المتحدة من مدار منخفض بصواريخ جديدة فائقة السرعة والدقة. فوكالة استخبارات الدفاع الأميركية "DIA" حذرت من أن الصين قد تملك خلال عشر سنوات، عشرات الصواريخ المدارية المزودة برؤوس نووية ضمن نظام يُعرف باسم القصف المداري الجزئي أو "FOBS". وتستطيع هذه الصواريخ أن تضرب أميركا من الفضاء خلال وقت أقصر بكثير من أي صاروخ تقليدي، بحسب ما نقله موقع "Eurasian Times". وهذا النوع من الصواريخ يدخل أولا في مدار منخفض الارتفاع قبل أن يعود لضرب هدفه، كما يمكنه المرور فوق القطب الجنوبي لتجنب أنظمة الإنذار المبكر والدفاعات الصاروخية، وهو ما يمنحه مسارا غير متوقع، ويربك كل أنظمة الدفاع الموجودة. وبحسب وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية، قد تمتلك الصين بحلول 2035 نحو 60 صاروخا مداريًا من هذا النوع، بينما قد تصل روسيا إلى 12 صاروخًا. ولهذه القدرة آثار استراتيجية واسعة، سواء استُخدمت برؤوس حربية تقليدية أو نووية، ومع ذلك، لم تُطور أو تُنشر بالكامل بواسطة أي دولة في العالم، لذا لا يزال هذا التهديد مستقبلياً. لكن المخاوف من هذه التهديدات حتى وإن مستقبلية فواشنطن واجهتها بخطة ردع دفاعية وهي القبة الذهبية.


الوطن
منذ 6 ساعات
- الوطن
ETH/BTC يقفز 34% خلال أسبوع.. هل بدأ موسم العملات البديلة؟
شهد زوج التداولETH/BTC قفزة بنسبة 34% خلال أسبوع، مما أثار موجة تفاؤل في السوق بأن موسم العملات البديلة ربما يكون قد بدأ، ولكن قراءة متأنية في تاريخ السوق تشير إلى أن هذا التفاؤل قد يكون مبالغًا فيه. قوة الاختراق تعيد الأمل للمرة الأولى منذ ديسمبر 2024 كسر زوج إيثريوم مقابل بيتكوين اتجاهه الهابط وسجل قاعًا أعلى، ما يعد إشارة فنية إيجابية تدل عادة على بداية صعود، وهذا الارتفاع الحاد هو الأكبر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، حين قفز الزوج بنسبة 56% في يوليو 2022. لكن حين نعود إلى تلك الفترة نجد أن الارتفاع القوي في إيثريوم حينها أدى بالفعل إلى موسم حقيقي للعملات البديلة في أغسطس 2022، حيث تخطت 75% من أكبر 50 عملة أداء بيتكوين، وارتفع مؤشر موسم العملات البديلة إلى 96، أما اليوم فالمؤشر يقف عند18 فقط، مع وجود 18% فقط من العملات تتفوق على بيتكوين. هل يستطيع سعر إيثريوم تكرار سيناريو 2022؟ صحيح أن إيثريوم صعد بنسبة 32% في الأيام الأخيرة، إلا أن الوصول إلى قمة 2022 يتطلب ارتفاعًا إضافيًا بنسبة 67% ليصل إلى 4,004 دولار، وهذا الاحتمال يبدو صعبًا في ظل ظروف السوق الحالية، خاصة أن تجاوز مستوى المقاومة عند 2,814 دولار وتحويله إلى دعم يُعد حاسمًا لمواصلة الصعود. لكن السيناريو الإيجابي هذا محفوف بالمخاطر، فإذا فشل السعر في الثبات فوق 2,654 دولار، وقد يتراجع حتى مستويات حرجة مثل 2,344 أو حتى 2,141 دولار فإن المكاسب الأخيرة قد تتلاشى بسرعة ويخسر السوق زخمه. موسم العملات البديلة.. هل هو وهم جديد؟ رغم أن الصعود الأخير أعاد الأمل للمتداولين، إلا أن البيانات توضح أن بيتكوين لا تزال تهيمن على السوق بقوة، ومؤشرات الزخم لم تصل بعد إلى المستوى الذي يشير إلى تحول شامل نحو العملات البديلة، وحتى الآن لا يوجد تأكيد بأننا في بداية موسم جديد مشابه لعام 2022. ومع ذلك إذا استمرت بيتكوين في الارتفاع فمن الممكن أن تتبعها بعض العملات الكبرى، ما قد يمهد لموسم بديل جزئي قبل نهاية الربع الثاني من العام.