
المدرسة الرشيدية.. صرح مقدسي يقاوم منذ عهد السلطان عبد الحميد الثاني
تقع المدرسة في الجهة الشمالية ل سور القدس التاريخي ، وعرفت كذلك باسم "المدرسة السلطانية"، ودرست فيها قيادات سياسية وثقافية فلسطينية.
الموقع
تقع المدرسة الرشيدية على بعد خمسين مترا من باب الساهرة في الجهة الشمالية لسور القدس.
يحدها من الجنوب الشارع العام الذي يفصل بينها وبين سور البلدة القديمة ، ومن الشمال فندق الأراضي المقدسة، ومن الشرق المتحف الفلسطيني قديما، والمعروف باسم متحف "روكفلر"، ومن الغرب الشارع العام الذي يفصل بينها وبين مؤسسة البريد.
التسمية والنشأة
تعود تسمية المدرسة بـ"الرشيدية" إلى ما كان متعارفا عليه في ذلك الزمن، إذ كانت هذه التسمية تطلق على المدارس التي تستقبل الطلاب "الراشدين"، وكانت هذه التسمية تشير في الغالب إلى طلاب المرحلة التعليمية المتوسطة.
وقد انتشرت المدارس المسماة بـ"الرشيدية" آنذاك في العالم الإسلامي في أكثر من دولة، مثل فلسطين و الأردن و العراق ، وبنيت جميعها في عهد السلطان عبد المجيد بعد عام 1850م، لكنها انتشرت في أماكن واسعة ب الشرق الأوسط في عهد السلطان عبد الحميد الثاني.
كما ذهبت بعض المصادر إلى أنها سميت كذلك نسبة إلى حاكم القدس الرشيد بك، وهو ما يعتبره مختصون في التاريخ "خطأ شائعا".
كانت بدايات المسيرة التربوية التعليمية في المدرسة الرشيدية بعد 3 سنوات من تأسيسها، وكانت الدراسة فيها تقتصر على المراحل الأولى، وكانت تضم قسما للتعليم الثانوي.
قصدها العديد من الطلبة من داخل فلسطين وخارجها، وتطورت بعد الحرب العالمية الأولى ، وأصبحت مدرسة ثانوية كاملة، وعرفت كذلك بـ"المدرسة السلطانية"، أو "المكتب السلطاني".
تطور نحو الثانوية
تطور التعليم فيها، وصارت تؤهل خريجيها الحاصلين على شهادة الثانوية العامة، وذلك بدراسة مواد خاصة تحضيرية لدراسة الطب والهندسة.
تشير سجلات المدرسة إلى أن الأكاديميين الذين تلقوا علومهم فيها أتموا دراستهم في جامعة إسطنبول، مثل رشدي الإمام الحسيني، الذي تخرج فيها عام 1913 وعين مهندسا للمجلس الإسلامي الأعلى في القدس.
كما تخرج فيها المهندس راغب النشاشيبي، رئيس بلدية القدس في عهد الانتداب البريطاني، والمهندس نظيف الخالدي، الذي أسهم في بناء سكة حديد الحجاز عام 1916م، وعلي النشاشيبي، الطبيب البيطري الفلسطيني الشهير وكذا الطبيب الفلسطيني المعروف حسام الدين أبو سعود.
كما تخرج فيها عدد من الحقوقيين الفلسطينيين أمثال عارف بكر الدجاني وطاهر علي الأفغاني وعبد الكريم الكرمي و يوسف الخالدي ومصطفى الخالدي.
ومن القامات التربوية الفلسطينية التي أنجبتها المدرسة الرشيدية أيضا الشيخ إبراهيم العوري ومحمد حسن زلاطيمو وفوزي النشاشيبي وزهير الشهابي وياسين الخالدي.
وتعاقب على إدارة المدرسة في الفترة (1908- 1948) مديرون عدة بينهم شريف النشاشيبي وعارف البديري ومحمد الحاج جبر وحسن عرفات.
ومن أشهر أساتذتها الشيخ ضياء الدين الخطيب وحسن الكرمي وشكري المهندي وإحسان هاشم ومحمد البرغوثي وحسام الأموي وعثمان بدران وإسحاق موسى الحسيني وممدوح الخالدي وعبد الملك الناشف وصفي العنبتاوي وحسني الأشهب وأنور الخطيب.
وأثناء حرب 1948 تعطلت المدرسة، ومع بداية العهد الأردني أصبحت ضمن المدارس التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم، وأصبحت ضمن برنامج امتحانات الدراسة الثانوية الأردنية.
في عام 1967 بلغ عدد طلاب المدرسة الرشيدية في القدس 950 طالبا، وكانت فيها ثلاثون شعبة و28 معلما، وأشرف على إدارتها يوسف جلاجل وتوفيق أبو السعود وأحمد عودة وعبد اللطيف الحسيني ومحمد القيمري.
تأثر بالنكسة
تأثرت المدرسة الرشيدية ب هزيمة 1967م ، وأصبح الإقبال عليها ضعيفا، وسيطرت عليها قوات الاحتلال وجعلتها في الأيام الأولى مقرا للجيش الإسرائيلي ، ثم أخلتها واستولت عليها وزارة المعارف الإسرائيلية وبلدية القدس استنادا على قرار ضم القدس بعد احتلالها.
تولى إدارتها راتب الرابي، وبتضافر جهود أهالي القدس قاوموا المنهاج الإسرائيلي الذي حاول الاحتلال فرضه على المدرسة. فقد دعا الرابي إلى إضراب عام عن التعليم وجمع الطلبة في ساحة المدرسة وطلب منهم أن يغادروا إلى بيوتهم حتى يخرج الاحتلال من مدرستهم ويعود المنهاج الأردني إليها.
وبالفعل بدأت مرحلة تطبيق المنهاج الأردني في الفترة (1973-1981م) مع الإبقاء على تدريس اللغة العبرية. وتم ذلك على مراحل، إذ بدأت بالثانوي ثم الإعدادي فالابتدائي، وبقي يطبق فيها المنهاج الأردني حتى عام 1994 عندما طبقت المنهاج الفلسطيني.
ونتيجة لتطبيق المنهاج الأردني ثم الفلسطيني، واستقرار المدرسة وتحسين رواتب موظفيها، ظهر تحسن في أداء المدرسة الرشيدية واستوعبت أعدادا إضافية من الطلاب، حتى بلغوا عام 2001 نحو ألف طالب في 24 شعبة يدرسهم 40 معلما.
يتكون مبنى المدرسة الرشيدية من ثلاثة طوابق يُصعد إليها بدرج عريض من الساحة الخارجية، ويأخذ شكل المباني المعلقة العثمانية المتأخرة.
ويفضي الدرج إلى ساحة واسعة مسقوفة، وعلى يمينها ويسارها مدخلان إلى غرف صفية متعددة.
ويفضي الطابق العلوي إلى ممر وعلى جانبيه أيضا غرف صفية كبيرة مسقوفة بالقرميد على شكل مثمن.
بعد توسع المدرسة الرشيدية تمت إضافة مبنيين يتكون كل منهما من طابقين، وفيهما أكثر من عشرين غرفة صفية وأمام هذه المباني الثلاثة ساحة واسعة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 15 ساعات
- الجزيرة
بلا طعام ولا أهل.. حازم البردويل يروي حكاية البقاء في غزة
غزة- من قلب منطقة النصيرات ، وسط قطاع غزة وتحديدا في منطقة الحساينة التي أصبحت أثرا بعد عين، يقف حازم البردويل (30 عاما) فوق ركام بيته الذي دفن تحت أنقاضه جميع من أحبهم، فلم يخسر مجرد الجدران، بل فقدَ في لحظة واحدة عائلته بأكملها بما في ذلك حضن أمه، وصوت أبيه، وضحكات إخوته، ودفء زوجته، وبراءة أطفاله. وقد نجا البردويل وحيدا من بين ركام الموت، وكأن القدر أبقى جسده حيا ليذوق مرارة الفقد ويكمل الحياة بقلب مُنتزع. وكل صباح، يستيقظ على صمت قاتل، وحزن كبير، فلم يعد هناك صوت يُوقظه، فلا بكاء للأطفال، ولا رائحة للخبز من يد زوجته، ليستيقظ على فراغ لا يسكن معدته فقط، بل يمتد إلى أعماق روحه، حيث لا شيء سوى العتمة والبرد والحنين. من الغيبوبة إلى الفقد في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، دمرت غارة إسرائيلية منزل البردويل المكوَّن من 3 طوابق، وأودت بحياة جميع من كان فيه، وحده نجا ليُلقى بجسده المثخن في سرير العناية المركزة، غائبا عن الوعي، قبل أن يصحو على واقع أليم. واليوم يعيش البردويل داخل خيمة قماشية قرب أنقاض بيته، بلا ماء أو طعام أو كهرباء. ويقول للجزيرة نت بصوت يتهدج بالألم "لم يتبق لي سوى الذكريات، كنت محاطا بأطفالي وأهلي، واليوم أبحث في الركام عن صورة، عن رائحة، عن أي شيء يثبت أنهم كانوا هنا يوما ما". ولم يعد الشاب يطلب الطعام كما يفعل الآخرون، بل جل أحلامه في عودة نكهة العائلة التي كانت تملأ حياته، حتى عندما لا يجد سوى القليل من الطعام، فالجوع لديه لم يعد فقط جوع الخبز، بل جوع الأمان والحنان، وجوع الاشتياق لأبيه وأمه وأخيه وأخته، وجوع الأحاديث اليومية مع زوجته في لحظة صفاء. ويتحدث البردويل عن ذلك بالتأكيد بالقول "أشتاق لنكهة العائلة، لا أحد يعرف ما أحتاجه، لا يوجد من يطهو لي أو يتفقدني". ويعتبر هذا المواطن حياته في ظل الحرب صعبة جدا بلا عائلة تعرف احتياجاته وتوفر متطلباته، ويُتابع "أصبحت أنظف خيمتي وأغسل ملابسي بنفسي، ولا أعرف كيف أطهو الطعام أو أُحضّر الخبز، تمرّ عليّ أيام عديدة دون أن أتناول الطعام، أحياناً أحاول شراء الخبز وبعض المعجنات من السوق إن توفّر معي بعض المال، وفي أحيان أخرى أحاول التأقلم مع حياة لم أعتد عليها، لكنها فُرضت عليّ". إعلان ولا يملك البردويل طعاما يكفي، ولا دواء يخفف آلام جسده المصاب، وهو يحتاج إلى أطعمة غنية بالبروتين والكالسيوم والفيتامينات الضرورية، لكن الحصار الإسرائيلي الخانق يمنع دخول الأغذية والمستلزمات الطبية، حتى المسكنات الأساسية لم تعد متوفرة. ويضيف "أحتاج لأدوية خاصة، لكنها بطبيعة الحال مفقودة، وإن وُجدت الأطعمة فإن أسعارها مرتفعة، وكل شيء أصبح صعبا، حتى أبسط حقوقنا في الحياة أصبح الحصول عليه مستحيلا". خيمة وهاتف ورغم الفقد والجوع والمرض، يحاول البردويل أن يتمسك بشيء من الحياة، يحتفظ بهاتفه -الناجي الوحيد معه-، ويعمل من خلاله على الإنترنت، حيث يحصل على تحويلات صغيرة من المال من عملاء قدامى، بالكاد تكفي لسد رمقه. ويعمل البردويل من تحت شادر متهالك في خيمته، ويقول بابتسامة حزينة "أعلم جيدا أن ما أقوم به لن يعيد لي عائلتي، لكن سأبقى مستمرا على ذلك حتى أبقى على قيد الحياة". ويختم حديثه بصوت يملؤه الحزن والألم "الجوع في حياتي وإن بدا صعبا وقاتلا، إلا أنه هين ويسير أمام مأساة الفقد ولوعة الفراق، فالجوع أستطيع التحايل عليه بالاحتمال والصبر، وإن لم أفلح فسيقتلني مرة واحدة". ويضيف مستدركا "لكن فراق أحبتي وعائلتي وزوجتي وأطفالي، وغياب أرواحهم، يعذبني ويكوي أضلعي، إنه يقتلني في اليوم ألف مرة، وكأن الله يريد أن يختبر صبري، وأنا أحاول مقاومة الجوع بالحياة رغم صعوبتها وقساوتها". وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، دخل قطاع غزة المرحلة الثالثة من المجاعة، وفق تصنيف شبكة معلومات الأمن الغذائي العالمية (آي بي سي) حيث تتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير، وسط نقص حاد في الدواء وانعدام شبه تام للغذاء.


الجزيرة
منذ 19 ساعات
- الجزيرة
مسجد القلعة صرح إسلامي من العهد المملوكي في القدس
مسجد القلعة هو مسجد من العهد المملوكي، يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس ، بناه الملك الناصر محمد بن قلاوون في القرن الثامن الهجري (الـ14 ميلادي). تظهر مئذنته من مختلف أنحاء البلدة القديمة ومحيط المدينة المقدسة، وهو من المعالم والآثار التاريخية الشاهدة على إسلامية القدس وعروبتها. الموقع يقع المسجد في الزاوية الجنوبية الغربية من قلعة القدس التاريخية المشهورة في الجهة الغربية من المدينة، وإلى الجهة الجنوبية من باب الخليل، أو على يمين الداخل إلى المدينة من هذا الباب. التاريخ والتأسيس يفيد نقش تاريخي في المسجد بأن السلطان المملوكي الملك الناصر محمد بن قلاوون (741-709 هجري/ 1340-1309 ميلادي) هو من بناه داخل القلعة سنة 710 هجرية/ 1310 ميلادية. والنقش المذكور مثبت على الحائط الشرقي للمسجد من الداخل، وهو مكتوب بالخط النسخي المملوكي، ونصه "بسم الله الرحمن الرحيم، أنشأ هذا الجامع المبارك مولانا السلطان الناصر ناصر الدنيا والدين محمد بن السلطان الملك المنصور سيف الدنيا قلاوون أعز الله أنصاره في تاريخ سنة 710 هجرية". وقد جدد العثمانيون المسجد في زمن السلطان سليمان القانوني الذي زاد عليه مئذنة في القرن الـ16، ثم في زمن السلطان محمد الرابع، وكذلك السلطان عبد الحميد الثاني. صلاة العساكر كان مسجد القلعة "جامعا"، أي كانت تقام فيه صلاة الجمعة، ولم تكن تقام في البلدة القديمة إلا فيه وفي المسجد الأقصى. خُصص مسجد القلعة لصلاة عساكرها، وهم من كانوا يعيّنون الإمام والمؤذن ويتولون شؤون المسجد بالتنسيق مع إدارة أوقاف القدس التي تولت الإشراف العام عليه طوال الفترة العثمانية. ونظرا لموقعه الإستراتيجي تغيرت وظيفته مع التغيرات السياسية التي حدثت في مدينة القدس، ففي الحرب العالمية الأولى سيطرت عليه قوات الجيش العثماني الرابع، وفي عهد سلطة الانتداب البريطاني بدأت بتقليص صلاحيات المجلس الإسلامي الأعلى، كما صرحت لمدرسة الآثار الأميركية بتحويل المسجد إلى معرض للصور ومخزن للأثريات القديمة. لكن اعتراضات المجلس ودائرة أوقاف القدس حالت دون ذلك، وطالب المجلس في كتاب مرسل بتاريخ 13 أبريل/نيسان 1947 برفع الآثار منه وإعادة استلام مفتاحه. وبعد رحيل الانتداب البريطاني عن فلسطين أصبح المسجد وقلعة القدس في عهدة الجيش العربي الأردني الذي رابط في المسجد محاولا الاستفادة من موقعه الإستراتيجي في الدفاع عن عروبة القدس وهويتها، ثم أعاد المسجد إلى وظيفته الأصلية. وفي سنة 1956 أرسل قائد لواء الأميرة عالية كتابا إلى الأوقاف يفيد بإصلاح وتعمير المئذنة، لأنها كانت في حالة خطرة تهددها بالانهيار. وبعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس في سنة 1967 ميلادية استولت سلطاته على القلعة ومسجدها وحولتهما إلى متحف سمته "متحف قلعة داود"، ومنعت الصلاة فيه. تبلغ مساحة المسجد نحو 144 مترا مربعا، أما ارتفاعه من الداخل فيصل إلى نحو 6 أمتار. يتكون المسجد من مصلى يقود إليه مدخل شرقي صغير الحجم نسبيا، ومسقوف بطريقة القبو البرميلي، وفيه محراب مزخرف يعود إلى الفترة الأيوبية، عبارة عن حنية حجرية متوجة بطاقية يتقدمها عقد ترتكز أرجله على عمودين قائمين على جانبي المحراب، ويقوم على يساره منبر حجري يعود إلى الفترة العثمانية. وتعلو المسجد مئذنة ترجع إلى الفترة العثمانية، إذ بنيت سنة 938 هجرية/ 1531 ميلادية، وجُددت في زمن السلطان العثماني محمد الرابع سنة 1065 هجرية/ 1654 ميلادية. تتكون المئذنة من 3 طبقات حجرية، أولاها عبارة عن قاعدة مربعة الشكل، والثانية والثالثة أسطوانيتا الشكل.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
تهافت الغزيين على التكايا الخيرية في ظل تفاقم المجاعة
يعتمد سكان قطاع غزة على التكايا الخيرية التي تقدم القليل من الطعام، بعد أن توقف معظمها في ظل الحصار الإسرائيلي المطبق وانتهاج إسرائيل سياسة التجويع سلاحا في خضم حربها على القطاع. اقرأ المزيد