logo
Warfare: فيلم قتال يرفض أن يكون مسلياً

Warfare: فيلم قتال يرفض أن يكون مسلياً

الجمهورية٠٣-٠٥-٢٠٢٥

أعلى ثناء يمكنني أن أقدّمه لفيلم Warfare، القاسي الذي لا يَلين عن الحياة والموت في المعركة، هو أنّه ليس مثيراً بل حزين غاضب عمداً، وهو في آنٍ معاً مرثي وتحذير. وهذا يتماشى مع هدف هذه القصة الخيالية المستندة إلى وقائع حقيقية، التي تتعقب فصيلة من قوات Navy SEALs الأميركية خلال مهمّة كارثية في العراق.
هناك، تحت جنح ليلة ساكنة خلاف ذلك، تستولي القوات على منزل يبدو عادياً، تضع سكّانه تحت الحراسة، وتراقب المنطقة. ثم يجلس الرجال ويقفون ويتجوّلون بقلق أحياناً محدّقين من النوافذ باسم قضية لا يشرحها أحد صراحة.
من بين الذين لا يَشرحون أياً من هذا، الكاتبان والمخرجان أليكس غارلاند وراي ميندوزا. كان Civil War (2024) آخر أفلام غارلاند، شريحة غريبة وواقعية بشكل غير مريح من الخيال التأمّلي تدور أحداثها في الولايات المتحدة التي مزّقتها الحرب، وقد عمل ميندوزا، العضو السابق في قوات SEALs، مستشاراً عسكرياً فيه. وأدّى ذلك إلى صداقة، والآن إلى Warfare، الذي يستند إلى عملية حقيقية في عام 2006 شارك فيها ميندوزا.
في ذلك الوقت، كان الأميركيون يحاولون السيطرة على الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار. بحلول ذلك الحين، كانت الحرب قد دخلت عامها الثالث، وقُدّر عدد القتلى العراقيِّين بـ600 ألف، فيما كانت الوفيات الأميركية على وشك أن تصل إلى 3 آلاف.
تدور معظم أحداث Warfare في الزمن الحقيقي داخل مبنى مكوّن من طابقين، حيث كان السكان، ومن بينهم أطفال عدة، نائمين عندما اقتحمه الأميركيون. محتشدون في غرفة نوم واحدة تحت مراقبة حرّاس يتناوَبون، لا يُذكر أسماء العراقيِّين (على حدّ ما أتذكر)، ولا يُميَّزون. أمّا العسكريّون فكانوا أكثر تميّزاً، إلى حدٍ كبير لأنّ بعضهم يؤدّي أدوارهم ممثلون معروفون نوعاً ما - ويل بولتر بدور النقيب إريك، قائد العملية المبدئية - أو يملكون سمات مميّزة، مثل الشارب الكثيف على وجه إليوت (كوزمو جارفيز)، القناص الأول (الفيلم مُهدى إلى إليوت ميلر الحقيقي، الذي نجا بطريقة ما من العملية).
يبرع غارلاند جداً في بناء التشويق، وهو ماهر تحديداً في تحويل المساحات الهادئة إلى مناطق رعب لا تهدأ. يبدأ Warfare بانفجار من العبث الصاخب، حيث يحتشد رجال يرتدون الزي العسكري حول شاشة مراقبة صغيرة لمشاهدة فيديو موسيقي مبتذلٍ للغاية لأغنية الرقص Call on Me. يدور الفيديو في ما يُفترض أنّه استوديو تمارين إيروبيك من حقبة الثمانينات، ويضمّ حشداً من النساء ذوات الشعر الكثيف والأفخاذ المشدودة (ورجل مسكين واحد)، وهنّ يتمططن ويرقصن وكأنهنّ يستعدن لماراثون جماعي شهواني. إنّه مشهد يتفرّج عليه الرجال جماعياً بمتعة وصخب، ويؤكّد أنّك دخلت عالما محدّداً للرجال، عالماً يصمت بشكل مريب بعد دقائق في بلدة بلا اسم.
تُسَيطر وحدة SEAL على المنزل العراقي بسرعة، مخترقة طابقاً علوياً مغلقاً بالطوب، حيث يتمركز معظمهم. في إحدى الغرف، يستلقي إليوت، محدّقاً بعينَين نصف مغمّضتَين ووجه يتصبّب عرقاً، على بطنه فوق منصة موقتة، يُراقب الشارع من خلال فتحة متعرّجة كبيرة اخترقت الحائط. ومع مرور الدقائق، يواصل الرجال الانتظار، يستمعون إلى أوامر عبر الراديو ويراقبون لقطات المراقبة.
من حين إلى آخر، يُدوِّن إليوت ملاحظة، مثل القناص الثاني فرانك (تايلور جون سميث). يتولّى فرانك المهمّة موقتاً عندما يحتاج إليوت لاستبدال علبة تبغه والتبوّل في زجاجة ماء فارغة - أمر أشك أنّ جون واين فعله يوماً.
فيلم The Green Berets (1968)، كان أدنى مستوى في مسيرة جون واين، فهو فيلم حرب متعصّب تدور أحداثه في فيتنام، أسقطته ريني تا أدلر في مراجعتها في «نيويورك تايمز» بعبارة لا تُنسى، واصفة إياه بأنّه «لا يُوصَف، غبي جداً، فاسد وزائف جداً» إلى درجة أنّها رأت فيه دعوة إلى الحزن على «ما آلَ إليه جهاز صناعة الخيال في هذا البلد».
على مدار نصف قرن لاحق، واصل الجهاز عمله، وأحياناً ازدهر، بينما كان يطلق عدداً أقل من أنواع الأفلام المتنوّعة. حين عُرض The Green Berets، كانت الاستوديوهات لا تزال تُقدّم تنوّعاً حقيقياً في الأنواع، بما في ذلك الأفلام الموسيقية. في أيامنا، قد يبدو أنّ الخيار الوحيد في صالات العرض هو نوع من أفلام الحرب المليئة بمقاتلين يرتدون لباس الأبطال الخارقين، أو بزات رجال الشرطة، أو غير ذلك.
لقد أصبح صانعو الأفلام الأميركيون بارعين جداً في تصوير الحرب (موهبة زادتها المؤثرات الرقمية) حتى أصبح من الممكن أن يبدو كل إصدار جديد مناسبة أخرى للاستمتاع بالموت والدمار. وبقدر ما يبدو ذلك معاكساً للفطرة، يدفع غارلاند وميندوزا ضدّ هذا التوجّه في Warfare، من خلال تجريد المشاهد من أي متعة افتراضية في رؤية شخصيات تقتل. وهذا أصعب ممّا قد يبدو عليه، جزئياً لأنّ العنف يكاد يكون طبيعياً على الشاشة.
على الأقل هكذا يمكن أن يبدو بعد أكثر من قرن من أفلام الويسترن، المغامرات، عصابات الجريمة، التحقيقات البوليسية، والأبطال الخارقين، سواء تميّزت بمجازر بلا دماء أو بنفاثات شرايين مضاءة ومصوّرة بعناية.
الأداء في Warfare مقنّع ومضبوط، إلّا عندما يصرخ الرجال الجرحى من الألم: يموت واحد على الأقل، ويتعرّض آخرون إلى جروح شنيعة. لكن لا توجد مجازر مصمّمة بإعجاب في Warfare، ولا مونولوغات تستحق الجوائز. هناك قتال والمزيد من القتال، انفجارات، دخان، فوضى، وجدّية عميقة كامنة قد تبدو نادرة في الأفلام الأميركية المعاصرة.
في لحظة ما، تصرخ امرأة: «لماذا؟»، وهو في النهاية السؤال الوحيد الذي يبدو جديراً بالطرح عندما يُرسل مَن في السلطة أبناء الآخرين ليموتوا. وأعتقد أنّ غارلاند وميندوزا يطرحانه أيضاً. أشك أنّ جون واين كان سيُحب Warfare.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في عيد الاستقلال... نحن أبناء هذا التراب
في عيد الاستقلال... نحن أبناء هذا التراب

الدستور

timeمنذ 25 دقائق

  • الدستور

في عيد الاستقلال... نحن أبناء هذا التراب

تلوّن رايات الأردن سماءنا، وتتعالى الزغاريد وتغمر الشوارع أصوات الفرح، فيتجدد في قلبي شعور لا يمكن اختزاله في كلمات. شعور بالانتماء، بالدفء، وبأنني لم أكن يومًا غريبة على هذه الأرض، بل كنت دومًا منها، ولها. أنا ابنة هذا الوطن. أردنية في القلب والعقل والانتماء. ومسيحية، نعم، لكن في الأردن لم تكن يوماً الطائفة حاجزًا ولا الاختلاف مدعاة للريبة، بل كانت الصلوات باختلاف معابدها ظلالًا لوحدة أعمق. في يوم استقلالنا، لا أحتفل بصفتي أقلية، بل كابنة لهذا البيت الكبير الذي اسمه الأردن. في ساحات الاحتفال، بجانب إخوتي وأحبتي، نرفع علمًا واحدًا وننشد نشيدًا واحدًا. ونحمل حبًا واحدًا لهذا التراب. نشأتُ على أن الوطن ليس مجرد حدود على الخريطة، بل هو دفء العلاقات، وصدق الألفة، وطمأنينة الانتماء. هو أن تمشي في أي شارع وتشعر أنك في بيتك. هو أن تعرف أن لك هنا مكانًا، ليس لأنك «مقبول» بل لأنك «أصيل». لم أسأل يومًا عن ديانة جاري، ولا عن مذهب صديقتي، ولم يسألني أحد. كنا نأكل معًا، نحتفل معًا، ونتقاسم الهمّ والفرح، لأن ما يجمعنا ببساطة أقوى من أي تصنيف. وفي كل عيد فطر أو ميلاد مجيد، كانت تتعانق التهاني كما تتعانق الأرواح. كانت زغاريد العيد تُطلق من النوافذ، لا لتميز بين مناسبة وأخرى، بل لتقول: هذا بيت، وهذه عائلة، وهذا وطن لا يفرّق بين أولاده. عيد الاستقلال بالنسبة لي، ليس يومًا وطنيًا فحسب، بل يوم نُعيد فيه تأكيد الحقيقة التي نشأنا عليها: أن هذا البلد يتسع لنا جميعًا، وأن الوفاء لا يُقاس بالكلمات بل بالفعل، بالمحبة، وبالإيمان العميق بأننا شعب واحد مهما اختلفت تفاصيلنا. اليوم، وأنا أرى وجوه الناس تضيء بالشعور بالفخر، أتذكر لحظات كثيرة شعرت فيها أنني في وطني بكل ما تحمله الكلمة من معنى. في المدرسة، في الكنيسة، في الشارع، في طقوس العيد، في طمأنينة الحياة اليومية... شعرت دومًا أن لي مكانًا لا يُنتزع. مكانًا اسمه الأردن. وفي هذا العيد، أردد مع كل صوت يرتفع بالدعاء: حفظك الله يا أردن، وطنًا ومثالًا. وأدعوه من القلب أن يعمّ السلام أرضك، ويمتد ليشمل كل أرض يعاني فيها إنسان من ألم أو ظلم. فالأردن، الذي هو نموذج في محبة أهله لبعضهم، هو أيضًا صوت محبة ونصرة للآخرين، لا ينكفئ على ذاته، بل يفتح قلبه لكل محتاج، ويمنح السلام من عمق معاناته وتجربته. عيد استقلالنا ليس فقط ذكرى حرية... بل هو مناسبة نستذكر فيها كيف أصبحنا هذا النموذج الفريد، وكيف سنحميه بالمحبة، وبالإيمان العميق بأننا وُجدنا هنا لا لنتجاور فقط، بل لنتكاتف.

مصر.. بيان رسمي حول الانفجار أمام نادي ضباط المنيا
مصر.. بيان رسمي حول الانفجار أمام نادي ضباط المنيا

روسيا اليوم

timeمنذ 25 دقائق

  • روسيا اليوم

مصر.. بيان رسمي حول الانفجار أمام نادي ضباط المنيا

وصرح مصدر أمنى أنه في حوالى الساعة 9,27 مساء اليوم تبلغ من شهود عيان أنه أثناء سير شخصين بشارع كورنيش النيل بدائرة قسم شرطة أول المنيا أحدهما يحمل كيس بداخله أنبوبة بوتاجاز صغيرة إلا أن الأنبوبة انفجرت. وأوضح المصدر الأمني المصري أن انفجار الأسطوانة أدى إلى إصابة حاملها بتهتك شديد باليد ومناطق متفرقة بالجسم كما أصيب الشخص المرافق له بإصابات متوسطة دون حدوث أية إصابات أو تلفيات أخرى. وأشار المصدر أنه تم نقلهما إلى إحدى المستشفيات لتلقى العلاج اللازم، وجارى اتخاذ الإجراءات القانونية واستكمال الفحص والتحري. وكانت الأجهزة فرضت طوقا أمنيا في محيط حادث الانفجار أمام نادي ضباط الشرطة في محافظة المنيا لحين التأكد من أسباب الانفجار.

مواجهة حادة بين رئيس الشاباك الجديد ورئيس الأركان السابق حول قضية الأسرى في غزة
مواجهة حادة بين رئيس الشاباك الجديد ورئيس الأركان السابق حول قضية الأسرى في غزة

روسيا اليوم

timeمنذ 25 دقائق

  • روسيا اليوم

مواجهة حادة بين رئيس الشاباك الجديد ورئيس الأركان السابق حول قضية الأسرى في غزة

تحدثت القناة 12 الإسرائيلية عن تصاعد التوتر بشكل غير مسبوق بين اللواء دافيد زيني، المعين لرئاسة جهاز الأمن العام (الشاباك)، ورئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي، على خلفية الخلاف بشأن إدارة ملف المختطفين لدى حركة "حماس". وجاء في تقرير القناة أن زيني أدلى بتصريحات حادة خلال اجتماع مغلق في هيئة الأركان العامة، حيث قال: "أنا ضد صفقات الرهائن، هذه حرب أبدية"، وهو ما أثار موجة من الاستياء في أوساط عائلات المختطفين. وأشار التقرير إلى أن هذه التصريحات لم تكن الأولى من نوعها. فقد نقل عن مشاركين في اجتماع سابق عُقد في القيادة الجنوبية أن زيني وجه انتقادا صريحا لهاليفي، قائلاً: "أنت تعطي الأولوية لإعادة الرهائن على تدمير "حماس""، مما أدى إلى نشوب مشادة كلامية بين الطرفين. وأعربت مصادر أمنية مطلعة عن قلقها من توجهات زيني، مشيرة إلى أنه "لا يأخذ قضية الرهائن بالحسبان"، في تناقض مع نهج الجيش القائم على التوازن بين الضغط العسكري والحفاظ على حياة المختطفين. وقال أحد المسؤولين الأمنيين للقناة 12 إن "زيني كان من بين الأقلية في هيئة الأركان التي عارضت صفقات تبادل الأسرى، ولم يكن لصوته تأثير يُذكر حتى الآن. لكن تعيينه رئيسا للشاباك قد يغير هذا الواقع". ولم تتأخر ردود الفعل الغاضبة من عائلات المختطفين، حيث طالبت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة بتوضيح عاجل من الحكومة، معتبرة أن تصريحات زيني "خطيرة وتستوجب الإدانة". وجاء في بيان لعائلات الأسرى: "إذا كانت هذه التصريحات صحيحة، فهي تمثل خرقا أخلاقيا يمسّ بالقيم الإنسانية ويسيء إلى الشعب الإسرائيلي بأسره. نطالب بإعادة النظر فورا في تعيينه". من جهتها، طالبت جمعية "منتدى حاييم" التي تمثل عشرات العائلات بإلغاء التعيين فورا، محذرة من أن تصريحات زيني تعكس نهجا يتعارض مع مطلب الجمهور الإسرائيلي بإنهاء الحرب وإعادة المختطفين. وأثار التعيين موجة انتقادات سياسية أيضا، حيث اعتبرت جهات أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اختار تعيين شخصية تعارض صفقات تبادل الرهائن، رغم أن سلفه في الشاباك ساهم في إعادة العشرات منهم. وهاجمت ناتالي تسينجوكار شقيقة أحد المختطفين زيني قائلة: "أنا لا أثق بك لإعادة أخي، ولا في قدرتك على حماية أرواح الجنود الذين يضحون لتهيئة الظروف لصفقة تنهي الحرب". المصدر: "القناة 12" الإسرائيلية وصل وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بن عبدالله اليوم السبت إلى مدينة مدريد عاصمة إسبانيا للمشاركة مدريد للمشاركة في الاجتماع الموسع حول غزة. أكدت المستشارة في الخارجية السعودية منال رضوان ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتأسيس دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة بصفته السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وصف الحرس الثوري الإسلامي في إيران، ذكرى تحرير خرمشهر، بأنها "رمز لتجلي الإرادة الإلهية ودرس للأعداء المفترضين"، بما في ذلك إسرائيل. أفادت مراسلة RT بإصابة شاب فلسطيني اليوم السبت برصاص الجيش الإسرائيلي قرب حاجز تمار في حي تل الرميدة وسط مدينة الخليل، بدعوى محاولته تنفيذ عملية طعن. ذكرت القناة 12 العبرية أن رئيس الشاباك المعين اللواء ديفيد زيني عارض خلال اجتماع مغلق صفقات تبادل الأسرى مع حماس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store