
تدشين محطة شمس المطار للطاقة في مطار الملكة علياء الدولي
بترا
دشنت وزيرة النقل المهندسة وسام التهتموني، يوم الخميس،محطة شمس المطار للطاقة في مطار الملكة علياء الدولي بقدرة 4.8 ميجاواط.
وتعد المحطة مشروعًا بارزًا يدعم الطموحات الوطنية الأردنية الرامية إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة الوطني.
كما يعزّز مكانة مطار الملكة علياء الدولي بوصفه رائدًا إقليميًا في تشغيل المطارات المستدامة.
وأُقيمت مراسم التدشين في موقع المحطة، بحضور رئيس مجلس إدارة مجموعة المطار الدولي فرناندو إتشيجاراي، وأعضاء المجلس، والرئيس التنفيذي، وعدد من المسؤولين التنفيذيين، إلى جانب الشركة المطورة للمشروع، وكبار المسؤولين الحكوميين، والجهات المختصة بشؤون المطار، فضلًا عن الشركاء الاستراتيجيين.
وأُنشئت محطة شمس المطار للطاقة في مطار الملكة علياء الدولي على مساحة تُقدّر بحوالي 65 ألف متر مربع من الأراضي غير المستغلة سابقًا؛ حيث تستفيد من أشعة الشمس الوفيرة على مدار العام في الأردن لإنتاج أكثر من 10.5 جيجاواط/ ساعة من الكهرباء سنويًا، ما يغطي نحو 25 بالمئة من إجمالي احتياجات مجموعة المطار الدولي التشغيلية من الطاقة، أي ما يعادل تزويد أكثر من 3 الآف منزل بالكهرباء. ونظرًا لعدم وجود أي انبعاثات خلال فترة التشغيل، سيسهم المشروع في تقليص ما يُقارب الـ 6 الآف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا، فضلًا عن تحقيق وفورات مالية كبيرة على المدى الطويل في تكاليف الكهرباء.
وعملت شركة "شمس المطار للطاقة" على تصميم المشروع وإنشائه وتشغيله، وهي مملوكة بالكامل لشركة "قعوار للاستثمار".
ويمكّن المشروع مطار الملكة علياء الدولي من إنتاج طاقة نظيفة داخل الموقع، دون التأثير على سير العمليات التشغيلية فيه.
ومن خلال استبدال مصادر الطاقة التقليدية بالطاقة الشمسية، يوفر المشروع حلًا عمليًا وفاعلًا لتحديين مزدوجين: تزايد الطلب على الكهرباء، والحاجة إلى استدامة بيئية.
وبوصفه أحد أكبر المطارات العاملة بالطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أصبح مطار الملكة علياء الدولي اليوم مرجعًا لكيفية دمج مشاريع البنية التحتية الكبرى للطاقة المتجددة بطرق قابلة للتكرار والتوسع. ويُسهم المشروع بشكل مباشر في تحقيق أهداف الأردن في مجال الطاقة المتجددة، ويشكّل أنموذجًا يُحتذى به لمبادرات مماثلة في قطاع الطيران وغيره من القطاعات على المستويين المحلي والإقليمي.
وتُعدّ هذه المبادرة الريادية عنصرًا محوريًا في الاستراتيجية البيئية الشاملة التي تتبعها مجموعة المطار الدولي، وتدعم خريطة طريق مطار الملكة علياء الدولي نحو تحقيق الصفر الصافي لانبعاث الكربون بحلول عام 2050، كما تؤكد دور المطار في قيادة التقدم المستدام على الصعيدين الوطني والإقليمي.
وتركّز الاستراتيجية أيضًا على الحد من الآثار البيئية حول المطار وإدارتها بشكل أفضل، بما في ذلك التلوّث الهوائي والضوضائي، مما يخدم جميع الأطراف المعنية، لا سيّما المجتمعات المجاورة وشركات الطيران الشريكة.
وقالت وزيرة النقل المهندسة وسام التهتموني، خلال الحفل، إن افتتاح هذه المحطة يمثل إنجازًا نوعيًا يجسد التزام الأردن بالتحول نحو الطاقة النظيفة، ويعزز موقع مطار الملكة علياء الدولي بوصفه واحدًا من أكبر المطارات العاملة بالطاقة الشمسية في المنطقة.
وأكدت، أن المشروع يعزز جهود المملكة في تقليل الانبعاثات الكربونية في قطاع النقل، ويقربنا من هدف الوصول إلى الصفر الصافي بحلول عام 2050، بما ينسجم مع الرؤية الملكية والتوجهات الوطنية في مجال الاستدامة البيئية.
وأضافت التهتموني، أن وزارة النقل تدعم بكل قوة المبادرات الريادية التي تُسهم في تطوير منظومة النقل الوطنية وفق أسس مستدامة وذكية، مبينة أن هذا المشروع يُعدّ نموذجًا يحتذى به في الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الأهداف التنموية والبيئية للمملكة.
وقال رئيس مجلس إدارة مجموعة المطار الدولي فرناندو إتشيجاراي "إن تدشين محطة شمس المطار للطاقة في مطار الملكة علياء الدولي اليوم ليس مجرد إطلاق مشروع فحسب، بل يعكس رؤية الأردن لمستقبل أكثر خضرة واستدامة ومرونة. بوصفه البوابة الجوية الرئيسة للأردن على العالم، يتحمّل المطار مسؤولية تتجاوز الربط بين الشعوب والثقافات والاقتصادات.
وأضاف: نحن هنا لنكون قدوة يُحتذى بها، من خلال تبني حلول مبتكرة ومستدامة تُسهم في دفع قطاعنا، والأردن بأكمله، نحو المستقبل. ومن خلال تسخير طاقة الشمس، يعزّز هذا المشروع مكانة المملكة في مجال الطاقة المتجددة، ويدعم استراتيجيتها في توسيع استخدام الطاقة النظيفة، كما يعكس التزامنا الجماعي-دولة وقطاعًا- بتأدية دور حقيقي في الاستجابة العالمية لتغيّر المناخ.
وعبر باسم مجموعة المطار الدولي، "عن الشكر لكل من أسهم في إنجاح هذا المشروع، وعلى رأسهم وزارة النقل، التي كان لدعمها المتواصل دور جوهري في مسيرة الاستدامة الخاصة بالمطار، وشركائنا في مجموعة قعوار، الذين ساعدنا التزامهم وخبرتهم في تحويل هذه الرؤية إلى واقع".
ومن جهته، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة المطار الدولي نيكولا دفيليير:"يُعدّ تدشين محطة شمس المطار للطاقة في مطار الملكة علياء الدولي خطوة متقدمة نحو جعل العمليات التشغيلية أكثر استدامة على جميع الصُعد.
وأضاف: وبوصفنا المشغّل للمطار، لطالما كانت المسؤولية البيئية في صميم مهمتنا، وقد تُوّج هذا الالتزام بجوائز واعتمادات دولية عدة على مر الأعوام، ومع توقع زيادة أعداد المسافرين، واستمرار تزايد الطلب على الكهرباء، يُسهم هذا المشروع في تحقيق التوازن بين متطلبات التشغيل وواجباتنا البيئية.
وتابع "من خلال إنتاج الطاقة النظيفة في الموقع، فإننا لا نُخفّض الكلف والاعتماد على الوقود الأحفوري فحسب، بل نعزّز أيضًا مرونة شبكة الطاقة لدينا، مما يضمن استمرارية العمليات بسلاسة في مختلف الظروف، وإضافةً إلى الأثر البيئي والتشغيلي، تُرسّخ هذه المحطة الشمسية مكانة المطار بوصفه مطارًا مستعدًا للمستقبل يتماشى مع قيم المسافرين والشركاء والجهات المعنية الذين يضعون الاستدامة في مقدمة أولوياتهم. فخورون بالمضي قدمًا في الاتجاه الصحيح، لنُمكّن المطار من تقديم خدمات بمستوى عالمي، تكون في ذات الوقت كفؤة ومسؤولة ومستدامة".
وقال رئيس مجلس إدارة شركة قعوار للطاقة حنّة الزغلول: "تحتفل شركة قعوار للطاقة، إلى جانب شريكها الاستراتيجي مجموعة المطار الدولي، ببدء التشغيل التجاري لمحطة شمس المطار للطاقة في مطار الملكة علياء الدولي- وهو مشروع محوري يجسّد التزام الأردن بالطيران المستدام والانتقال إلى الطاقة النظيفة.
وبوصفها المطوّر والمستثمر والمقاول المسؤول عن الهندسة والتوريد والإنشاء وأعمال التشغيل والصيانة، قدّمت شركة قعوار للطاقة خبرتها الواسعة؛ حيث طوّرت حتى اليوم نحو 13 بالمئة من القدرة الإنتاجية للطاقة الشمسية الكهروضوئية في الأردن.
وأشار إلى أن هذا المشروع "يؤكد إيماننا بأن النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية يسيران جنبًا إلى جنب، في حين يُبرز التعاون بين مجموعة المطار الدولي وشركة قعوار للطاقة أهمية الشراكة بين القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية في تسريع وتيرة استخدام الطاقة المتجددة، وجذب الاستثمارات، وتوفير فرص العمل".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 6 ساعات
- السوسنة
الأردن يعزز استقلاله الطاقي بمشاريع متجددة استراتيجية
السوسنة - شهد قطاع الطاقة في الأردن تطوراً لافتاً منذ الاستقلال، مدفوعاً باهتمام خاص من جلالة الملك عبد الله الثاني، بهدف ترسيخ استقلال المملكة الطاقي وتعزيز أمنها الاقتصادي والبيئي. ووفق وزارة الطاقة والثروة المعدنية، بلغ حجم الاستثمارات في الطاقة المتجددة وحدها 2.15 مليار دينار، فيما تخطّت الاستثمارات الكلية في قطاع الطاقة منذ عام 1999 حاجز 10 مليارات دولار.وتحوّلت مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الكهرباء من أقل من 0.5% في 2014 إلى 26.9% نهاية 2024، في قصة نجاح أردنية لاقت إشادة إقليمية وعالمية. كما ارتفعت الاستطاعة الكهربائية للمشاريع المتجددة إلى نحو 2840 ميجاواط، موزعة بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.وواصلت المملكة تطوير شبكة الربط الإقليمي، إذ ترتبط كهربائياً بمصر منذ 1999 وفلسطين منذ 2008، كما أُنجز الربط مع العراق عام 2023. وعلى صعيد الغاز، توسعت مصادر التزويد من مصدر واحد عام 2004 إلى أربعة مصادر حتى 2021، وتم إنشاء خط الغاز العربي لتوريد الغاز المصري إلى عدة دول عبر الأراضي الأردنية.وشهدت سوق المشتقات النفطية انفتاحاً منذ 2013 مع ترخيص ثلاث شركات تسويق، وجرى رفع السعات التخزينية وتحسين الأمن النفطي عبر الشركة اللوجستية للمرافق النفطية. كما تم رفع كفاية مخزون المشتقات لتتجاوز 60 يوماً.وفي مجال الغاز الطبيعي، ارتفعت استطاعة حقل الريشة إلى 32 مليون قدم مكعب يومياً عام 2022، فيما تضاعف إنتاج حقل حمزة إلى 70 برميلاً يومياً بحلول 2024. كما بلغت مساهمة الصخر الزيتي في توليد الكهرباء 15% بعد تشغيل أول محطة للحرق المباشر عام 2022.وعلى الصعيد التنظيمي، أنشئت هيئة تنظيم قطاع الكهرباء عام 2001، وتم تطويرها لاحقاً لتصبح هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن. كما تأسس صندوق الطاقة المتجددة عام 2015، لتسريع التحول نحو مصادر نظيفة وكفاءة في استهلاك الطاقة.ويُعد الهيدروجين الأخضر أحد أبرز توجهات الوزارة المستقبلية، حيث تم إعداد استراتيجية وطنية وخارطة طريق بالتعاون مع شركاء دوليين، وتم توقيع مذكرات تفاهم مع 13 شركة عالمية لدراسة مشاريع استثمارية.وعلى صعيد التعدين، أطلقت الوزارة خرائط تفاعلية للاستثمار في الثروات المعدنية، ووقعت 11 مذكرة تفاهم للتنقيب عن معادن استراتيجية مثل الذهب والنحاس والفوسفات. كما تم إنشاء منصة إلكترونية لعرض الفرص الاستثمارية وربطها بالجهات الرسمية.وتسعى الاستراتيجية الوطنية للطاقة (2020–2030) إلى رفع مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى 31% بحلول 2030، مع العمل على تحقيق نسبة 50% مستقبلاً، من خلال مشاريع التخزين، والشبكات الذكية، والربط الكهربائي الإقليمي.كما أطلقت الحكومة رؤية التحديث الاقتصادي في 2022، التي وضعت قطاع الطاقة ضمن محور الموارد المستدامة، مع التركيز على التحول للطاقة البديلة، وتوسيع استخدام الغاز الطبيعي، ودعم النقل الكهربائي.وأسهمت هذه الجهود في خفض اعتماد الأردن على استيراد الطاقة من 94% عام 2000 إلى 76% في 2023، ما يعزز الاستقلال الوطني، ويخفض الكلفة، ويدعم الالتزامات البيئية بتقليل انبعاثات الكربون بنسبة 10% حتى عام 2030، مستفيداً من أكثر من 300 يوم شمس سنوياً وظروف مثالية لتوليد طاقة الرياح. أقرأ أيضًا:


جو 24
منذ 6 ساعات
- جو 24
النهضة المؤجلة: إعادة ابتكار الاقتصاد الأردني في زمن التحول الإقليمي والرقمي #عاجل
جو 24 : كتب وائل المنسي - يمر الاقتصاد الأردني بمنعطف حاسم يتطلب إعادة تقييم شاملة للمسار التنموي الذي اتبعته المملكة على مدى العقود الماضية، في ضوء رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقتها اللجنة الملكية، والتي تسعى إلى تحفيز النمو وخلق مليون فرصة عمل بحلول عام 2033. يتزامن هذا الجهد مع تحولات إقليمية ودولية متسارعة، ما يستدعي تفكيك بنية التحديات البنيوية التي يواجهها الاقتصاد، وتحليل الإمكانات غير المستغلة ضمن منظور استراتيجي شمولي. إن فهم الواقع الاقتصادي الأردني لا يمكن أن يتم خارج سياق المصالح الإقليمية الجديدة، والمشاريع العابرة للحدود، والتحولات في سلاسل الإمداد والطاقة والتكنولوجيا، والتي تفرض على الأردن ضرورة التموقع من جديد ضمن شبكة القيم الاقتصادية العالمية. في هذا السياق، يبرز الموقع الجغرافي للأردن كأحد نقاط القوة المركزية، فهو يشكل معبرًا حيويًا بين آسيا وإفريقيا وأوروبا، ما يتيح له إمكانية التحول إلى مركز لوجستي إقليمي، إذا ما تم الاستثمار في البنية التحتية للنقل والتجارة وربطها بالمشاريع الإقليمية مثل "الممر الهندي–الأوروبي' ومشاريع الربط الكهربائي مع الخليج والعراق ومصر. كما يملك الأردن رأسمال بشري نوعي يتمثل في نسب التعليم المرتفعة، خاصة في المجالات التكنولوجية والصحية، وقد أثبت هذا المورد البشري قدرته على المنافسة إقليميًا، إلا أن هذا المورد يظل محدود الأثر التنموي بسبب الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق، إضافة إلى ضعف استراتيجيات التوظيف والربط مع القطاعات الإنتاجية. لكن هذه المزايا تتقاطع مع عدد من نقاط الضعف البنيوية، أبرزها ارتفاع حجم الدين العام إلى مستويات مقلقة، وغياب سياسة صناعية واضحة، واستمرار الاعتماد على المنح الخارجية التي ترتبط غالبًا بحسابات سياسية مؤقتة، ما يقلل من القدرة على بناء اقتصاد منتج ومستقل. يُضاف إلى ذلك بيئة بيروقراطية مثقلة بالتعقيدات، وانخفاض فاعلية القطاع العام، الأمر الذي يُضعف ثقة القطاع الخاص ويُحد من تدفق الاستثمارات النوعية. كما أن معدلات البطالة المرتفعة، خاصة بين الشباب والنساء، تعكس اختلالات هيكلية لا يمكن إصلاحها فقط من خلال النمو الاقتصادي، بل تتطلب تدخلات اجتماعية ومؤسساتية متكاملة. رؤية التحديث الاقتصادي، رغم طموحها، تظل معرضة للتهديد ما لم تترافق مع إصلاح إداري جذري يعيد الاعتبار للحوكمة الفعالة ويضع معايير واضحة للمساءلة والتنفيذ. فالمصفوفة التنفيذية للرؤية (2023–2025) التي تضم أكثر من 500 أولوية و380 مبادرة، تعكس رغبة في التنظيم والتوجيه، لكنها بحاجة إلى إرادة سياسية تضمن التنفيذ الميداني المتكامل، خاصة أن الاستثمار المرصود لا يتجاوز 734 مليون دينار، وهو رقم متواضع قياسًا بأهداف خلق فرص العمل وتحفيز النمو. في المقابل، فإن البيئة الإقليمية تفتح فرصًا غير مسبوقة أمام الأردن، خصوصًا في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، حيث يتمتع الأردن بميزات جغرافية ومناخية تجعله مرشحًا لأن يكون مركزًا لهذا النوع من الطاقة، في ظل توجه عالمي متسارع نحو إزالة الكربون. كما تشكل مشاريع الربط الكهربائي الإقليمي فرصة استراتيجية ليس فقط لتصدير الطاقة بل لتعزيز الاعتماد المتبادل مع دول الجوار. وعلى مستوى التحولات الجيوسياسية، فإن اشتراك الأردن في الممرات الاقتصادية الكبرى يعطيه فرصة لإعادة التموضع داخل سلاسل القيمة العالمية، ما يتطلب استباقًا استراتيجيًا في السياسات الصناعية والبنية التحتية. كذلك فإن التحولات في النظام الاقتصادي العالمي، وتراجع نموذج العولمة التقليدي، تمنح الدول المتوسطة مثل الأردن فرصة لإعادة بناء سيادتها الاقتصادية من خلال التركيز على الأمن الغذائي والمائي، والتصنيع المحلي، وتطوير التكنولوجيا الوطنية. ومن أبرز الفرص الاستراتيجية التي برزت مؤخرًا على الصعيد الإقليمي هي طفرة الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، إذ باتت دول الخليج تستثمر بمليارات الدولارات في مراكز بيانات عملاقة، ومراكز بحث وتطوير، وسحابات رقمية سيادية، بالتعاون مع كبرى شركات التقنية العالمية. في هذا الإطار، يشكل الأردن مرشحًا قويًا للمشاركة في هذا التحول، نظرًا لما يملكه من كفاءات بشرية متميزة في مجالات البرمجيات والتحليل الرقمي، وعدد كبير من الخريجين المتخصصين في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات. إذا تم تبني استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، مدعومة بسياسات تحفيزية واستثمارات بنية تحتية ذكية، يمكن أن يتحول الأردن إلى حاضنة إقليمية للتقنيات المتقدمة، ما سيسهم في خلق وظائف عالية القيمة وتعزيز صادرات الخدمات الرقمية. إلا أن هذا التحول التكنولوجي، كما أشار إليه الاقتصادي الأمريكي الحائز على نوبل جوزيف ستيغليتز، يحمل في طياته مخاطر تعميق الفجوة الاجتماعية، ما لم تقترن التكنولوجيا بسياسات إعادة توزيع عادلة وحماية اجتماعية شاملة. فالتقدم التكنولوجي لا يضمن تلقائيًا تحسين جودة الحياة، بل قد يعيد إنتاج أنماط الإقصاء ما لم يتم توجيهه ضمن نموذج تنموي عادل. ومن هنا تبرز أهمية دمج مبادئ اقتصاد السوق الاجتماعي في السياسات الاقتصادية الأردنية، حيث يتم الموازنة بين ديناميكية السوق وضرورة العدالة الاجتماعية، عبر تدخل الدولة في ضمان التعليم والرعاية الصحية والتدريب المهني والحد الأدنى للأجور. كما أن هذا النموذج يوفر أرضية صلبة لتوجيه التكنولوجيا نحو خدمة التنمية البشرية لا استغلالها. خارطة الطريق المقترحة للاقتصاد الأردني يجب أن تنطلق من تبني سياسة إنتاجية جديدة قائمة على دعم القطاعات القابلة للتصدير، مثل الصناعات الدوائية والغذائية وتكنولوجيا المعلومات، مع التركيز على تعزيز سلاسل القيمة المضافة محليًا. ويجب أن يترافق ذلك مع إصلاحات مؤسسية عميقة تضمن استقلالية القرار الاقتصادي وتكامل الأدوار بين القطاعين العام والخاص، من خلال بناء بيئة استثمارية شفافة وفعالة. ولا يمكن لأي سياسة اقتصادية أن تنجح دون ربط التعليم بسوق العمل وتحديث المناهج لتتواكب مع احتياجات الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر، مع ضرورة دمج النساء والشباب في هذه السياسات لضمان عدالة التنمية واستدامتها. ولأن التحولات الرقمية تحمل إمكانات هائلة، فإن الاستثمار في القدرات البشرية وتعزيز العدالة الاقتصادية لم يعد خيارًا بل شرطًا لاستقرار المجتمعات. إن اللحظة الاقتصادية الأردنية تتطلب أكثر من مجرد إصلاح تقني أو إداري، بل إعادة تعريف لدور الدولة ووظيفتها الاقتصادية والاجتماعية، وتحولاً جذريًا في آليات صنع القرار الاقتصادي، من عقلية الاسترضاء السياسي إلى منطق الكفاءة والاستثمار في المستقبل. فالموارد المحدودة، إذا ما أُديرت بعقل استراتيجي، يمكن أن تتحول إلى ميزات تنافسية. ويبقى التحدي الأساسي هو في القدرة على الترجمة الفعلية للرؤية إلى نتائج ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية، عبر نمو اقتصادي شامل يربط بين العدالة الاجتماعية والإنتاجية، ويجعل من الأردن دولة ذات سيادة اقتصادية ومكانة إقليمية متقدمة. تابعو الأردن 24 على


Amman Xchange
منذ 4 أيام
- Amman Xchange
تراجع التضخم السنوي في كندا إلى 1.7 %
أعلنت «هيئة الإحصاء الكندية»، الثلاثاء، أن معدل التضخم السنوي في كندا تراجع إلى 1.7 في المائة خلال أبريل (نيسان) الماضي، متأثراً بانخفاض حاد في أسعار الطاقة بعد إلغاء ضريبة الكربون الفيدرالية من على المستهلكين، في حين سجّل التضخم الأساسي ارتفاعاً طفيفاً. وارتفع اثنان من المؤشرات الثلاثة الأساسية للتضخم، التي يراقبها «بنك كندا» من كثب، إلى أعلى مستوياتهما في 13 شهراً نتيجة استمرار ضغوط الأسعار الأساسية، وفق «رويترز». وكان المحللون قد توقعوا أن ينخفض معدل التضخم السنوي إلى 1.6 في المائة خلال أبريل الماضي، مقارنة بـ2.3 في المائة خلال مارس (آذار) الذي سبقه، بينما توقع «بنك كندا» الشهر الماضي أن يصل إلى نحو 1.5 في المائة، نتيجة إلغاء ضريبة الكربون وانخفاض أسعار النفط الخام. وسجلت أسعار الطاقة تراجعاً بنسبة 12.7 في المائة الشهر الماضي، فقد انخفضت أسعار البنزين بنسبة 18.1 في المائة مقارنة بالعام السابق، وتراجعت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 14.1 في المائة على أساس سنوي. ورغم ذلك، فإن أسعار البقالة ارتفعت بنسبة 3.8 في المائة على أساس سنوي، مقارنة بـ3.2 في المائة خلال مارس الماضي، كما زادت أسعار الرحلات السياحية بنسبة 6.7 في المائة خلال أبريل مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وعلى أساس شهري، انخفض مؤشر التضخم بنسبة 0.1 في المائة، وهو انخفاض أقل من التوقعات التي رجّحت تراجعاً قدره 0.2 في المائة. وعقب صدور البيانات، ارتفعت قيمة الدولار الكندي بنسبة 0.1 في المائة إلى 1.3940 دولار كندي مقابل الدولار الأميركي؛ وهو ما يعادل نحو 71.74 سنت أميركي. وتُعد هذه البيانات المؤشر الرئيسي ما قبل الأخير قبيل قرار «بنك كندا» المرتقب بشأن سعر الفائدة في 4 يونيو (حزيران) المقبل. ومن المقرر صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول في 30 مايو (أيار) الحالي. وقد تراجعت احتمالات خفض سعر الفائدة إلى 48 في المائة، مقارنة بـ65 في المائة قبل صدور البيانات، وفق توقعات سوق مقايضة العملات. وكان «البنك المركزي» قد أبقى أسعار الفائدة دون تغيير في 16 أبريل الماضي بعد سلسلة من 7 تخفيضات متتالية منذ يونيو الماضي، مؤكداً استعداده لاتخاذ خطوات حازمة عند الضرورة لضبط التضخم. ويُولي «بنك كندا» اهتماماً خاصاً للمقاييس الأساسية للتضخم التي تستثني السلع الأكثر تقلباً، ولا تتأثر بإلغاء ضريبة الكربون. وارتفع متوسط مؤشر أسعار المستهلك - الذي يعكس متوسط معدل التضخم عبر مكونات المؤشر - من 2.8 في المائة خلال مارس إلى 3.2 في المائة خلال أبريل، وهو أعلى مستوى له منذ مارس 2024. كما ارتفع مؤشر التضخم المعدل، الذي يستبعد القيم المتطرفة، من 2.9 في المائة إلى 3.1 في المائة، وهو أيضاً الأعلى خلال 13 شهراً.