logo
السودان يقرر قطع علاقاته مع الإمارات ومسيرات "الدعم السريع" تعطل المنشآت الحيوية في بورتسودان

السودان يقرر قطع علاقاته مع الإمارات ومسيرات "الدعم السريع" تعطل المنشآت الحيوية في بورتسودان

Independent عربية٠٦-٠٥-٢٠٢٥

قال مجلس الأمن والدفاع السوداني اليوم الثلاثاء إن السودان قرر قطع العلاقات مع الإمارات، وذلك بعد اتهامه لأبوظبي بتمويل قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية التي تخوض قتالا ضده، وهو ما نفته الإمارات مراراً.
ولليوم الثالث على التوالي، قصفت مسيرات اليوم الثلاثاء المطار وقاعدة للجيش ومحطة الكهرباء في مدينة بورتسودان، المقر الموقت للحكومة السودانية الموالية للجيش.
بعد أن تعرض مطار المدينة وقاعدتها العسكرية للقصف فجر اليوم الثلاثاء، قصفت مسيرات محطة الكهرباء الرئيسة متسببة بانقطاع التيار الكهربائي.
تأتي الهجمات بعد يوم على تعرض المستودع الرئيس للوقود ما تسبب بحريق كبير في جنوب المدينة التي كانت إلى وقت قريب تُعد ملاذاً آمناً لمئات آلاف النازحين الفارين بسبب الحرب المستمرة منذ عامين.
وأعلنت الشركة الوطنية للكهرباء أن الهجمات استهدفت محطة بورتسودان التحويلية وأن فرقها تعمل على تقييم الأضرار، وقالت إن طائرات مُسيّرة ضربت محطة الكهرباء الرئيسية في بورتسودان اليوم الثلاثاء، مما تسبب في انقطاع كامل للتيار الكهربائي في المدينة الواقعة بشرق السودان والتي باتت المقر الموقت للحكومة الموالية للجيش.
وأفادت شركة كهرباء السودان في بيان بأن فرقها انتشرت في موقع محطة بورتسودان التحويلية لتقييم الأضرار، وهذه الضربات بالطائرات المسيرة تستهدف لليوم الثالث على التوالي المدينة الساحلية الواقعة على البحر الأحمر.
وأفاد أحد مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية بسماع دوي انفجارات فجراً وتصاعد سحب الدخان فوق المدينة، من ناحية الميناء ومن مستودع الوقود في الجنوب، وهي مشاهد التقطتها عدسة الوكالة وتظهر مدى قوة الضربة.
وقالت شركة "أمبري" البريطانية للأمن البحري اليوم الثلاثاء إنها على علم بواقعة حدثت في ميناء بورتسودان الذي يحمل اسم المدينة الساحلية الرئيسية في السودان، وأضافت الشركة أنها تجري تحريات عن الواقعة وستعلن عن أي معلومات إضافية عند توافرها.
وقال حسين إبراهيم البالغ 64 سنة والنازح من ولاية الجزيرة بسبب الحرب وهو يتابع الدخان الكثيف المنبعث من الحريق إن "ما حدث أمس واليوم أكد لنا أن هذه الحرب ستصلنا في أي مكان"، يقف في الشارع يراقب الدخان المنبعث من الحريق.
وقال مسؤول في المطار إن مسيّرة "استهدفت الجزء المدني من مطار بورتسودان" بعد يومين من أول استهداف لهذه القاعدة نسبها الجيش السوداني لقوات "الدعم السريع"، وألغيت كل الرحلات في المطار الذي يعد بوابة الوصول الرئيسة للبلد الذي دمرته الحرب، وفق المسؤول ذاته.
وقال مصدر في الجيش إن مسيرة أخرى استهدفت القاعدة الرئيسية للجيش في وسط المدينة، فيما أفاد شهود بسقوط مسيرة في محيط أحد الفنادق.
وتقع قاعدة الجيش كما الفندق على مقربة من مقر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الذي يخوض منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً ضد قوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو "حميدتي"، على خلفية صراع على السلطة.
وقصفت مسيرة ثالثة مستودع الوقود بالقرب من الجزء الجنوبي من ميناء بورتسودان في الوسط المكتظ للمدينة التي انتقلت إليها الأمم المتحدة ووكالات إنسانية ومئات آلاف الأشخاص بعد مغادرة العاصمة الخرطوم، وأفاد شهود في شمال المدينة بسماع أصوات مضادات أرضية تنطلق من قاعدة عسكرية.
وتستخدم قوات "الدعم السريع" الطائرات المسيّرة منذ خسارتها أراضي من بينها كامل الخرطوم تقريباً، وباتت تشن هجمات على مواقع في عمق مناطق سيطرة الجيش.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس الإثنين إن الهجوم على المدينة "تطور مقلق يهدد حماية المدنيين والعمليات الإنسانية".
تصل إلى بورتسودان الغالبية العظمى من المساعدات الإنسانية إلى السودان الذي أعلنت فيه المجاعة ويعاني نحو 25 مليوناً من سكانه من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
وفي المطار "اندلعت النيران إلى عدد من المنشآت" عقب القصف بحسب ما أفاد أحد المسافرين، وقال المصدر في الجيش إن الضربة "استهدفت خزانات الوقود في مطار بورتسودان".
في الأسابيع القليلة الماضية قصفت قوات "الدعم السريع" بنى تحتية مدنية في مناطق مختلفة من شمال شرقي البلاد الذي يسيطر عليه الجيش، ما تسبب بانقطاع واسع النطاق للكهرباء عن ملايين الأشخاص.
وأسفرت الحرب في السودان عن سقوط عشرات آلاف القتلى وتشريد 13 مليون نسمة فيما تعاني بعض المناطق المجاعة، وسط "أسوأ أزمة إنسانية" في العالم بحسب الأمم المتحدة.
زاد اعتماد قوات "الدعم السريع" التي تسيطر مع حلفائها على معظم إقليم دارفور في الغرب ومناطق في الجنوب، على الطائرات المسيّرة والمدافع بعيدة المدى في الآونة الأخيرة بعد خسارتها مواقع عسكرية في الخرطوم ووسط السودان.
وتستخدم قوات "الدعم السريع" طائرات مُسيّرة بدائية الصنع وأخرى متطورة، يتهم الجيش الإمارات بتزويدها بها، واتهم وزير الإعلام السوداني خالد العيسى الإمارات مجدداً بتزويد قوات "الدعم السريع" بالطائرات المسيرة المستخدمة في الهجمات.
وقال الوزير "زرت قبل قليل مستودعات الوقود بالميناء الجنوبي في مدينة بورتسودان والتي تعرضت صباح اليوم لاعتداء إجرامي وإرهابي باستخدام الطائرات المسيّرة التي توفرها الإمارات لوكيلها المتمثل في ميليشيات 'الدعم السريع' الإرهابية".
رفضت محكمة العدل الدولية أمس الإثنين دعوى رفعها السودان ضد الإمارات بتهمة التواطؤ في ارتكاب إبادة جماعية بدعمها لقوات "الدعم السريع"، وأكدت وزارة الخارجية السودانية اليوم الثلاثاء احترام حجة أن المحكمة لا تتمتع بالاختصاص القضائي للبت في القضية بسبب إبداء الإمارات تحفظاً لدى توقيعها اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية عام 2005.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نشوة روسيا الكاذبة
نشوة روسيا الكاذبة

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

نشوة روسيا الكاذبة

لسنوات قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام احتفالات يوم النصر السنوية في 9 مايو (أيار)، والتي تحيي ذكرى الانتصار السوفياتي على هتلر في الحرب العالمية الثانية، كي يُظهر عظمته الشخصية. فالنصر السوفياتي عام 1945 كان دائماً ويبقى أحد الأحداث التاريخية القليلة جداً التي توحد الشعب الروسي بصدق، وطبعاً لم يسَعْ بوتين مع نضوج نظامه إلا استغلال المناسبة والاستفادة منها. وفوق ذلك، أضفى طابعاً شخصياً على الحدث، مستولياً حتى على بعده الوطني وطقوسه العامة. إذ إن "الفوج الخالد"، مثلاً، الذي يعد مبادرة من المجتمع المدني تجتذب مئات آلاف الروس العاديين للاشتراك في مسيرة كبرى يحملون خلالها صور أسلافهم الذين قاتلوا في الحرب، قد وُضع تحت إمرة الكرملين بشكل كامل. وفي عام 2015، في الذكرى السبعين ليوم النصر، قاد بوتين بنفسه، في وسط موسكو، أحد أرتال الفوج المذكور. لكن هذه المناسبة السنوية اكتسبت معنى معاصراً منذ بدأت روسيا "عمليتها الخاصة" في أوكرانيا عام 2022. إذ على مدى السنوات الثلاث الماضية روّج الكرملين بقوة لفكرة تقول إن النزاع القائم في الجوار (في أوكرانيا) يمثل استمراراً للحرب الوطنية الكبرى ضد الغرب، العدو الذي مثله في القرون الماضية نابليون وهتلر، وتمثله اليوم أوكرانيا وأوروبا (بعد أن جرى استثناء الولايات المتحدة من لائحة الأعداء إثر عودة دونالد ترمب إلى الرئاسة). وهذا غدا جزءاً أساسياً من الدعاية السياسية الرسمية للدولة الروسية، وقد جرى في السياق تصميم استعراضات "يوم النصر" والاحتفالات والطقوس المرتبطة به، من أجل ترسيخ هذه الأطروحة في أذهان الناس. وقد بدا بوتين في هذا السياق، لهذه الأسباب كلها، عازماً على الاحتفال بالذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي، بجلبة خاصة. إذ هدفه اليوم أن يظهر أيضاً أنه غير معزول عن العالم، وأن أفضل جزء من هذا العالم، أي تلك الدول والشعوب التي حاربت ولا تزال تحارب ما يسميه الكرملين "الهيمنة الغربية" و"الاستعمار"، تدعم روسيا، على رغم الاستعمار الإمبراطوري الصرف للعملية الأوكرانية. من هنا، ولهذا السبب، جرت دعوة ممثلي "الغالبية العالمية"، المصطلح الذي يعتمده الكرملين للإشارة إلى دول ما يعرف بـ "الجنوب العالمي"، والتي يتخيل بوتين نفسه قائداً غير رسمي لها، للمشاركة في استعراضات يوم النصر هذا العام. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقد كان من بين المشاركين في العروض جنود من ميانمار، إضافة إلى ضيوف كبار الشخصيات من غينيا الاستوائية، وبوركينا فاسو، ودول أخرى. ومن نافل القول هنا إن تلك الدول لم يكن لها أي صلة بانتصار عام 1945. بيد أن حليفاً تاريخياً واحداً لروسيا حضر من دون شك: الصين، ممثلة بزعيمها الكبير شي جينبينغ، الذي التقى بوتين في الكرملين عشية الاحتفالات. وقد كان لعراضة الوحدة والتحالف هذه بين موسكو وبكين، قيمة رمزية مهمة، على رغم أن حاجة شي لبوتين تبقى أقل بكثير من حاجة بوتين إليه. ومع ذلك من الصعب عدم ملاحظة أن حلفاء الاتحاد السوفياتي الأساسيين في الحرب العالمية الثانية، الذين حققوا معاً النصر التاريخين، لم يكونوا حاضرين في احتفالات بوتين. فما معنى هذا الأمر غير العزلة عن العالم؟ مع ذلك، يكمن خلف هذه الذكرى السنوية الخاصة تغيير أكثر أهمية ويتمثل بالعلاقة المتحولة بين روسيا والولايات المتحدة منذ عودة ترمب إلى الرئاسة. لقد تضاءلت، في اللحظة الراهنة، النشوة الروسية التي احتفت بتحسن العلاقات مع واشنطن هذا الربيع، لكن العديد من أفراد النخبة الروسية والمواطنين الروس العاديين ما زالوا يعلقون آمالهم على إدارة ترمب للقيام بوساطة ناجحة لإنهاء الحرب، وتأمين الدعم الأميركي للشروط والمطالب الروسية. إذ إن الإدارة الأميركية الجديدة، بالنسبة لبوتين، لا توفر فقط فرصة لتحقيق اتفاق اقتصادي مؤات في لحظة أخطار متزايدة تواجهها روسيا، بل تتيح أيضاً فرصة للخروج من مستنقع الفوضى في أوكرانيا مع الاحتفاظ بماء الوجه. وعلى رغم عدم حضور ترمب أو أي ممثل آخر من إدارته احتفالات يوم النصر (في موسكو)، إلا أنه تم رفع الولايات المتحدة في بيانات الكرملين الرسمية وفي دعايته، إلى مرتبة الشريك، شريك تاريخي يشكل نقيضاً مباشراً لأوروبا، التي غدت الآن (بالنسبة لبوتين) العدو الأساسي. هذا الأمر، منذ وقت ليس ببعيد، كان معكوساً. التناغم مع ترمب منذ بداية الحرب الباردة على الأقل، لعبت الولايات المتحدة دوراً مركزياً في الوعي الجمعي الروسي. وكان الروس ينظرون إلى هذه القوة العظمى التي تنافسهم بمزيج من الإعجاب والكراهية والاستعلاء والحسد. هم غالباً كانوا يعدون أنفسهم أكثر تفوقاً من الناحية الروحية، لكن أدنى مادياً من منافسيهم "اليانكيين" (الأميركيين). وقد أسهم الذهن المؤامراتي، بطبيعة الحال، وعلى مدى فترة طويلة من الزمن، بترسيخ فكرة وقوف الولايات المتحدة خلف كل حدث استثنائي في العالم، بما في ذلك مشكلات روسيا الداخلية، التي هي، بحسب أصحاب ذاك النمط من التفكير، نتيجة سياسات أميركية خفية. وفي الدعاية السياسية الروسية بالسنوات الأخيرة بات شائعاً سماع إحالات إلى "الإمبريالية الأنغلو-أميركية" أو "الأنغلو-ساكسونية"، المصطلحين اللذين يشكلان تعبيراً روسياً مهيناً عن الهيمنة الخطرة التي تمارسها الولايات المتحدة وبريطانيا. وقد أدرجت أوروبا ببساطة، في مركّب الكراهية هذا، في خانة عامة لمصطلح "الغرب". ونتيجة لذلك عوملت أوروبا، حتى في عهد بوتين، بالطريقة عينها تقريباً التي عوملت بها الولايات المتحدة، إذ كلما ساءت المواقف تجاه الولايات المتحدة، غدا الروس أكثر تشككاً وريبة تجاه الاتحاد الأوروبي. بيد أن انتصار ترمب (في الانتخابات الأميركية) وجهوده الهادفة لتحقيق السلام جاءت كي تقلب هذا التفكير (الروسي) التقليدي رأساً على عقب. فأوروبا الآن، بما في ذلك المملكة المتحدة، غدت المصدر الرئيس للشر، فيما باتت الولايات المتحدة هي الخيرة. وفي أواخر فبراير (شباط)، خلال زيارة قام بها لمقر "جهاز الأمن الفيدرالي" (خليفة الـ "كي جي بي"، الجهاز الأمني السوفياتي الذي تخرج منه)، أشار بوتين إلى أن الاتصالات مع الإدارة الجديدة في واشنطن "تستحضر آمالاً معينة"، مضيفاً "ليس الجميع سعداء أمام اسئناف التواصل الروسي – الأميركي"، وأنه على الأجهزة الأمنية (الروسية) البقاء متيقظة كي لا تحيد "المحادثات" الجديدة عن مسارها. واستكمالاً لهذا السياق والنهج أبدى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد أيام قليلة تعليقاً ذكر فيه أنه خلافاً للعقيدة السوفياتية والروسية القديمة، فإن الولايات المتحدة لم تكن يوماً من دعاة الحرب على روسيا، بل أن أوروبا هي من شكل الخطر الأساسي. إذ "على مدى الـ 500 عام الماضية، انبثقت جميع مآسي العالم من أوروبا أو حدثت بفعل السياسات الأوروبية"، وفق كلامه. وقد راح العديد من المواطنين العاديين في روسيا وحتى أفراد من النخبة السياسية يتصورون، على وقع هذه التصريحات (الرسمية)، صيغاً ورؤًى للسلام. وبحلول النصف الثاني من عام 2024 غدا واضحاً سلفاً أن غالبية الروس يرغبون في قيام محادثات سلام، إلا أن هذا الاتجاه تزايد على نحو ملحوظ مع وصول ترمب إلى الرئاسة مجدداً. ويرى العديد من الروس الآن أن الولايات المتحدة تمثل شريكاً برغماتياً، ويتوقعون نهاية الحرب عبر مفاوضات مباشرة بين موسكو وواشنطن. ووفق استطلاع أجراه في يناير (كانون الثاني) "مركز ليفادا" المستقل، توافق المستطلعون على أن السلام، من حيث المبدأ، يمكن تحقيقه فقط عبر وسيط، وهذا الوسيط طبعاً قد يكون الولايات المتحدة إلى جانب آخرين. على أن تلك القناعة بوساطة تقودها الولايات المتحدة بدت مترسخة على نحو ملحوظ مع حلول فبراير. إذ في استطلاع آخر أجراه "مركز ليفادا" بذلك الشهر، قالت غالبية كبيرة من المستطلعين، 70 في المئة، إنه يجب أن تكون الولايات المتحدة إلى مائدة المفاوضات مع روسيا، حتى أن غالبية أكبر، 85 في المئة، وافقت على انعقاد الاجتماعات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة التي بدأت في المملكة العربية السعودية بذلك الشهر. فعلى رغم فهمهم لضرورة وجود اتفاقيات مع أوكرانيا، يبقى الهدف الأكثر أهمية بنظر الرأي العام الروسي متمثلاً بإيجاد أرضية مشتركة مع ترمب. إذ عبر إقناع الرئيس (الأميركي) لدعم مطالب بوتين الأساسية، سيُضمن لروسيا راهناً التوصل إلى اتفاقية سلام مستدامة، وإقامة روابط اقتصادية مفيدة في المستقبل. وعلى وقع هذه التوقعات خفف الروس على نحو ملحوظ مشاعر عدائهم لأميركا. فبعد أن كانت نسبة المستطلعين الذين أظهروا موقفاً إيجابياً من الولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2024 لا تتعدى الـ 16 في المئة، فإن نسبة هؤلاء تضاعفت تقريباً وسجلت معدل الـ 30 في المئة مع حلول فبراير 2025. غالبية الروس يلتزمون ما يشبه "توافق الصمت" حيال الحرب القائمة كذلك فإن التركيز البلاغي تجاه الولايات المتحدة الذي مارسه الكرملين أسهم في تعزيز شعبية هذا الأخير. وفي السياق وربما مدفوعة بآمال تحقيق السلام، ارتفعت وفق استطلاعات ليفادا أيضاً، نسبة تأييد وزير الخارجية سيرغي لافروف، التي كانت سابقاً في حالة ركود، وذاك جعله لفترة وجيزة ثاني أكثر السياسيين موثوقية بعد بوتين، على رغم تراجعه مرة أخرى إلى المركز الثالث في أبريل (نيسان) حين بدأت المفاوضات تتعثر، ليعاود الحلول خلف رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين صاحب المركز الثاني في العادة. كما كان استعداد واشنطن الواضح لعقد صفقات مع موسكو في ذاك السياق قد شجع مجتمع الأعمال الروسي، حتى أن البعض رأى إمكانية أن تغدو الولايات المتحدة مصدراً للإيرادات في الموازنة الوطنية. وذاك أمر من شأنه أن يكون مهماً، إذ إن عائدات النفط التي أسهمت في تجديد موارد خزائن المال الروسية بمعظم فترة الحرب، تشهد في عام 2025 انخفاضاً كبيراً بفضل التدني العالمي في الأسعار. وتدرك النخب السياسية والتجارية الروسية في هذا الإطار أن سياسات ترمب الاقتصادية قد تؤدي إلى المزيد من التآكل في أسعار النفط وإلى تعقيد صادرات الطاقة الروسية. بوتين من جهته، بتركيبته وعقده النفسية (إحساسه بالعظمة الشخصية) وبمخططاته الجيوسياسية (حلمه بروسيا الكبرى) بات له في نهاية المطاف، كما يرى كثيرون من الروس، نظيراً يمكنه أن يتفق معه على إعادة تقسيم العالم. إذ مع ترمب، وفق رأي كثيرين، يمكن لبوتين أن يحول الحرب المستعرة إلى حرب باردة ويكتفي بذلك– إذ إن الموارد العسكرية والمالية الروسية لها حدود في النهاية. وهذه الافتراضات تغذيها النظرة الروسية لترمب نفسه. إذ إن جزءاً كبيراً من الروس يرون في ترمب صانع سلام حقيقياً وسياسياً "رصيناً وحاذقاً"، وفق ما وصف بعض المشاركين في استطلاع ليفادا. وهو أيضاً، للعديد من الروس العاديين، رجل أعمال يفهم لغة الصفقات البرغماتية، المتضمنة سلاماً يأمل الروس في أن يكون بطريقه إليهم. إلى هذا، وعلى نقيض النظرة إلى الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، لا يرى معظم الروس في ترمب معادياً لروسيا. وعلى رغم غياب التقدم (في المساعي السلمية) تبقى الآمال بوساطة تقودها الولايات المتحدة موجودة، وليس هناك في أوساط الروس، حتى الآن على الأقل، خيبة أمل من ترمب. لكن من المهم الملاحظة هنا أن المواقف الإيجابية الجديدة التي يعتمدها الروس تجاه الولايات المتحدة ليست سوى جزء من التوقعات الكبرى التي كانت سائدة وتتطلع لنجاح مفاوضات السلام. ففي أوساط الطبقة الليبرالية الصغيرة في روسيا يفصل الناس ترمب عن الولايات المتحدة. إذ إنهم عموماً ينظرون بشكل سلبي إلى زعيم الـ"ماغا"، إن لم يكن برعب، لكنهم يميلون إلى اعتبار الولايات المتحدة معقلاً للعالم الغربي والديمقراطية. وتأمل هذه الفئة الليبرالية بأن تسهم المؤسسات الديمقراطية في البلاد (في الولايات المتحدة) بمنع الأخيرة من الغرق في الاستبداد. هذه الشريحة من المواطنين الروس تضم من الناحية السوسيولوجية الفئة الشبابية الأكثر تعليماً والأشخاص الذين لا يوافقون على سياسات بوتين بما في ذلك حربه في أوكرانيا؛ إضافة، على وجه التحديد، لأولئك الذين لديهم توجه ليبرالي. ويميل أفراد هذه الشريحة إلى متابعة واستهلاك الأخبار المستقلة، غالباً عبر "يوتيوب" (الذي يمكن مشاهدته من خلال "في بي أن" VPN [الشبكة الخاصة الافتراضية وهي تقنية تسمح للمتصفح بتفادي الحظر الإلكتروني وإخفاء المكان الجغرافي للمتصفح])، الغادي الآن للعديد من الروس منصة أساسية لتلقي المعلومات والآراء بعيداً من القنوات الرسمية. لذا، بطريقة أو بأخرى، فإن نظرة الروس إلى الولايات المتحدة تبقى عاملاً أساسياً في تكوين نظرتهم بالنسبة لموقع روسيا في العالم. سلام أو مماطلة؟ في خلفية آمال الروس الجديدة بالسلام، تتراكم الآثار النفسية للحرب، فقد خلّف الثمن الإنساني الباهظ، وضراوة القتال، واستمراريته التي تبدو بلا نهاية، أثراً صامتاً على السكان. وعلى رغم أن المعارك لم تقتصر آثارها على من في الجبهات، فإن غالبية الروس ما زالوا يلتزمون ما يشبه "توافق الصمت" حيال صدمات الحرب. ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة "ليفادا" في أبريل، يرى 40 في المئة من الروس أن سياسات بوتين التوسعية ألحقت ضرراً بالبلاد، مقابل 33 في المئة يعتقدون أنها أفادتها، بينما بقي 28 في المئة غير متأكدين. ويشير أولئك الذين يرون ضرراً أكثر من نفع إلى حجم الخسائر البشرية، فيما يتمسك الفريق الآخر بفكرة "استعادة الأراضي الروسية التاريخية". وبالنسبة لكثيرين من الروس، يبدو أن من الأسهل الحفاظ على حياة طبيعية من خلال تجاهل واقع الحرب أو تجنّب التفكير فيها. فباستثناء المناطق الحدودية، تبقى "العملية الخاصة" بعيدة من حياة معظم الناس، ولم تؤدِ الضربات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية أو في منطقة كورسك إلى كسر هذا الحاجز النفسي. ومع ذلك، فإن غالبية واضحة من الروس تتمنى لو أن الحرب تنتهي وتختفي. وهناك في هذا الإطار بالطبع أولئك الذين كانوا على الدوام ضد الحرب، إلا أن هؤلاء لا يتجاوزون نسبة الـ 20 في المئة من السكان– أي نفس حجم الفئة المتحمسة بتأييدها لبوتين والتي يعرف أفرادها بلقب "الوطنيون الألتراس"، الذين يريدون استمرار الحرب مجادلين بضرورة أن تُنهي روسيا المهمة. أما معظم الناس العاديين المؤيدين لعقد محادثات سلام فما زالوا يضعون شرطين أساسيين لذلك: ألا تنضم أوكرانيا لحلف الناتو، وأن تبقى الأراضي التي احتلها الجيش الروسي جزءاً من الأراضي الروسية. كذلك هناك مشكلة أخرى أيضاً، وهي أن العديد من الناس استفادوا مالياً من الاقتصاد العسكري والمكافآت المختلفة وزيادات الرواتب التي جاءت في سياقه. لذا فإن البعض ينظر لاحتمالات السلام الوشيكة على أنها تهديد لمكاسبه المحتملة، وذاك أمر سارعت الدولة، التي تعاني دائماً من نقص القوى العاملة، للاستفادة منه. ففي الأشهر الماضية بدأت تظهر في الأمكنة العامة ملصقات تدعو الروس إلى الإسراع، قبل انتهاء الحرب، لتوقيع عقد عسكري مربح. مع هذا، ولكل متابع جيد للوقائع، يبقى السلام بعيد المنال. وبما أن ترمب وبوتين تباحثا في الفكرة، سيتعين على الزعيم الروسي في هذا السياق أن يبدأ بتصوير ما أنجزه حتى الآن على أنه انتصار. ولأن الكرملين تجنب تحديد ما يعنيه "النصر"، فإن غالبية الروس على الأرجح سيرون اتفاق السلام متوافقاً بالحد الأدنى مع مطالب بوتين، ومتناسباً بالتالي مع المواصفات المطلوبة. بعبارة أخرى، ليس ضرورياً أن تزيد القوات الروسية تحركها غرباً كي تزعم موسكو تحقيق النصر. علاوة على ذلك، بمواصلة الحرب وتكبد المزيد من الخسائر الروسية، قد يُصعّب بوتين تحقيق نهاية يمكن للجمهور أن يسميها نصراً: فروسيا لم تشهد بعد كارثة اقتصادية، لكن "الركود التضخمي"، الذي هو مزيج من النمو الاقتصادي البطيء والتضخم المرتفع، ترسخ على نحو جلي. التحدي الأكبر بالنسبة لبوتين يتمثل بكيفية الحفاظ على الاستقرار حين يتوقف القتال. إذ إن مئات آلاف المحاربين سيعودون من الجبهات. وهؤلاء جميعهم أبطال حرب، وسيطالبون بأن يجري التعامل معهم على هذا الأساس. لكن لن يكون هناك في المتناول ما يكفي من فرص العمل المرغوبة وغيرها من المكافآت. وهنا قد تبدأ المشكلات بالتفاقم. فالمجتمع العادي نفسه الذي اعتاد لفترة طويلة على تجاهل الحرب وعدم الاكتراث لها، قد يبدأ بالنظر إلى المحاربين القدامى على أنهم منافسون في مجالات الوظائف، غير مرحب بهم. إلى هذا، فإن التغييرات الهيكلية في الاقتصاد التي أجراها الكرملين منذ عام 2022، المتضمنة أجوراً أعلى ومعاملة تفضيلية للشركات والعمال ضمن المجمع الصناعي - العسكري، يجب أن تُعكس. ويمكن لهذا الأمر أن ينتج آثاراً مزعزعة للاستقرار. لكن إن استمرت الحرب وفشلت الحكومة في تلبية حاجات المحاربين القادمين من الجبهات، أو تلكأت في التعامل مع التشوهات المتزايدة في الاقتصاد المحلي، فستواجه حتى مشكلة أعظم. من هنا فإن بوتين يواجه أزمة توقعات متضخمة. وهو عبر إطالته أمد التفاوض مع ترمب، يقوم بممارسة التحوط: فإنهاء المرحلة المستعرة من النزاع سيؤدي، من جهة، إلى تحولات مزعزعة للاستقرار في الاقتصاد والمجتمع؛ وسينبغي عاجلاً أم آجلاً، من الجهة الأخرى، إرضاء التوقعات العامة المتزايدة التي ترى السلام آتياً. في الوقت الراهن لا يملك بوتين أي حل، وهو يماطل. وقد يدرك أن معظم الروس مستعدين، على الأقل لفترة أطول قليلاً، لتقبل مماطلته وتسويفه في إنهاء الحرب. لكن أيضاً هناك عامل آخر يلعب دوراً، وهو صبر ترمب المحدود. المستبد الروسي في المقابل لن يرغب في تفويت فرصة نادرة متمثلة بالتحالف مع رئيس أميركي، وذلك لسببين اثنين، سياسي واقتصادي: فمعاهدة السلام قد تنقلب إلى صفقة اقتصادية مؤاتية، وعائداتها ستطيل عمر نظام بوتين. لا أحد في الواقع يمكنه أن يتنبأ متى قد "ينسحب" ترمب من جهوده السلمية، وفق ما هدد مسؤولون في إدارته، أو كيف يمكن لبوتين أن يتفاعل مع فكرة غياب أي صفقة محتملة. بيد أن رفض التفاوض قد يزيد الوضع العام السائد تعقيداً وخطورة. تلك هي معضلة بوتين في الحقيقة. ولاء المستهلك النخب الروسية وسط حالة عدم اليقين هذه، تبقى بمثابة الصندوق الأسود. من الصعب قياس رغبة تلك النخب بالسلام أو تقدير مواقفها تجاه النظام الذي تخدمه. فالناس غير الراضين (عن الوضع) هم في حالة صمت، أما الفئة الأكثر تكيفاً فيندفع أفرادها لبناء مستقبل مهني يمكنهم من خلاله الجمع بين الولاء السياسي الكامل وبين الكفاءة التكنوقراطية. حتى أن العديد من أفراد النخبة هؤلاء يتوقعون نهاية الحرب، وإن لم يكن ذلك قريباً. إذ مثلاً، وفي إحدى أحدث مقابلاته، بدا لافروف مستهدفاً المسؤولين الروس الليبراليين الذين يتصورون مستقبلاً مختلفاً بعد الحرب. وقد حذر لافروف في السياق أنه لو رفعت العقوبات فإن بعض "الليبراليين" سيحاول "التراجع عن إنجازي استبدال الواردات والسيادة في اقتصادنا". من غير الواضح من قصد وزير الخارجية في كلامه هذا، ناهيك عن قلة ما يمكن للسياسات المتبعة خلال الحرب أن تظهره لأولئك الذين قصدهم. فعمليات تحقيق "السيادة" (الاقتصادية، أي الاعتماد على الذات) والمستويات غير المنضبطة في الإنفاق العسكري خلقت سلفاً مشكلات اقتصادية هائلة وطويلة الأجل. في كل الأحوال، علينا ألا نخلط بين توقعات السلام والنصر المتزايدة وبين الآمال التي ترى أن الكرملين سيتبنى الليبرالية مرة أخرى. فنظام بوتين هو جامد وشديد القمعية. وبحسب موقع منظمة "أو في دي إنفو" OVD-info، الهيئة المستقلة لمراقبة مسائل حقوق الإنسان في روسيا، فإن الدولة هناك، اعتباراً من مطلع مايو، وجهت اتهامات بارتكاب جرائم سياسية بحق أكثر من 3284 شخصاً، يقبع الآن 1590 شخصاً منهم في السجن. وقد قامت وزارة العدل (الروسية) راهناً بتصنيف أكثر من 900 كيان روسي "كعملاء أجانب"، مع إضافة كيانات جديدة إلى اللائحة أسبوعياً، علماً أن أكثر من 500 كيان منها هم أفراد مواطنون يواجهون قيوداً شديدة من ناحية الحقوق. كذلك تضع الدولة قائمة منفصلة تضم المنظمات غير المرغوب بها في البلاد، سواء كانت روسية أو أجنبية، وكل من يتعاون مع تلك المنظمات قد يواجه ملاحقة جنائية. هذا ويطبق الحظر على جميع الوسائط المستقلة على الإنترنت، فلا يمكنها العمل إلا بطريقة غير قانونية، ولا يمكن الاطلاع على محتواها وقراءتها ومشاهدتها إلا من خلال الـ "في بي أن". هذه الدولة الحصينة لن تختف بسهولة وبساطة عندما تصمت المدافع. فالشروط التي لا تنفك تتزايد والتي تطلب إظهار السلوك الوطني، من اعتماد طقوس الولاء (الوطني) في المدارس إلى التصريحات اللفظية التي تعبر عن الولاء "للبوتينية" من قبل رؤساء الشركات والجامعات والمكتبات وغيرها من المؤسسات والمعاهد، لن تنحسر. كما أن النظام لن يوقف حربه التي يشنها على المجتمع المدني. لا بل إن الكرملين في الحقيقة، مع انتهاء انشغاله بالحرب، يمكن أن يضاعف القمع والتلقين العقائدي بحق الشباب الروسي. يواجه بوتين أزمة "توقعات متضخمة" وإن انفتح الغرب من جديد أمام الروس وتمكنت النزعة الاستهلاكية من معاودة الازدهار، قد يكون كافياً لإبقاء شريحة السكان الكبيرة التي لا تهتم بالشؤون السياسية ممتثلة، في ظل نظام ينحو حتى نحو المزيد من التشدد والقسوة. هناك بالفعل مقدار كبير من التكهنات بعودة وشيكة للعلامات التجارية الغربية إلى روسيا. ففي مارس (آذار)، قال قرابة نصف الأشخاص الذين استطلعهم مركز ليفادا إنه ينبغي التدقيق بكل شركة غربية، ولا ينبغي السماح بالعودة إلى السوق الروسية إلا للشركات التي تعد موالية لروسيا. وقال قرابة 20 في المئة من المستطلعين إنه ينبغي السماح لجميع الشركات التي غادرت بالعودة إلى روسيا من دون قيود، فيما قال ربع المستطلعين إنه لا ينبغي أبداً السماح لتلك الشركات بالعودة. وهنا يمكن القول بكلام آخر إن العديد من الروس على ما يبدو يفترضون أن الشركات الغربية ستتدفق إلى روسيا بمجرد انتهاء الحرب. وذاك يعني أن العديد من الروس هم أيضاً عرضة لـ"التوقعات المتضخمة". لإشباع أي من تلك الرغبات سيتعين على بوتين التوصل لإتفاق سلام، ويفضل أن يستتبعه بصفقة اقتصادية مع ترمب، أو بسلسلة من الصفقات. حينها فقط سيكون بالإمكان إطالة أمد العقد الاجتماعي الضمني الذي أبرمه الكرملين مع المجتمع الروسي. فمقابل قيام الدولة بتحقيق السلام والنصر، سيتوقع من المواطنين إظهار الولاء الكامل للنظام (والذين لا يفعلون ذلك سيواجهون ردود فعل انتقامية). وكمكافأة على ذلك، سيتم الحفاظ على اقتصاد السوق ومستويات الاستهلاك الطبيعية. طبعاً لقد نجح بوتين فعلاً في جعل أعداد كبيرة من المواطنين الروس متواطئين معه، وذاك إلى حد ما، يضمن ولاءهم له. لكن إبقاء شعب بأكمله رهينة سياسية، فيه جانب سلبي. إذ لو أزيل العنصر الأساسي لهذا النظام، أي بوتين، فسيبدأ ذاك النظام بالانهيار. إزاء هكذا سيناريو، ومع تكيف الروس تجاه الظروف الخارجية الجديدة، قد تولد توقعات متضخمة مستجدة. لكن حينها، عند تلك النقطة، سيتم توجيه هذه التوقعات نحو زعيم جديد. أندريه كوليسنيكوف كاتب أعمدة صحافية في "نيويورك تايمز" الأميركية و"نوفايا غازيتا" الروسية. مترجم عن "فورين أفيرز"، 9 مايو 2025

"اندبندنت عربية" تكشف هوية المنظمة البريطانية التي دربت الشرع سياسيا
"اندبندنت عربية" تكشف هوية المنظمة البريطانية التي دربت الشرع سياسيا

Independent عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • Independent عربية

"اندبندنت عربية" تكشف هوية المنظمة البريطانية التي دربت الشرع سياسيا

كشفت مصادر مطلعة لـ"اندبندنت عربية" عن أن المنظمة البريطانية التي قدمت الدعم والتأهيل السياسي إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، هي منظمة "إنتر ميديت" ومقرها لندن. وكان السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد أشار في وقت سابق هذا الشهر إلى عمله مع المنظمة لتقديم المشورة للشرع قبل نحو عامين من إسقاطه نظام بشار الأسد. مؤسسها مستشار الأمن القومي البريطاني الحالي "إنتر ميديت" هي منظمة بريطانية غير حكومية متخصصة في الوساطة والتفاوض في النزاعات المعقدة وفق موقعها الرسمي الذي اطلعت عليه "اندبندنت عربية"، وأسسها عام 2011 جوناثان باول الذي شغل سابقاً منصب كبير الموظفين لدى رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. وغادر جوناثان باول المنظمة في ديسمبر (كانون الأول) عام 2024 بعدما عيّنه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مستشاراً للأمن القومي، إذ يشرف على تنسيق ملفات السياسة الخارجية والأمن والدفاع والعلاقات الأوروبية والشؤون الاقتصادية الدولية من مقر رئاسة الوزراء في "10 داونينغ ستريت". وشارك في تأسيس "إنتر ميديت" أيضاً الدبلوماسي البريطاني مارتن غريفيث، المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ حتى يوليو (تموز) عام 2024. متخصصة في عقد الحوارات السرية وتعرّف "إنتر ميديت" نفسها بأنها منظمة تركز على حل النزاعات الأكثر خطورة وتعقيداً والتي يصعب على منظمات أخرى العمل فيها. وبحسب موقعها، "تضم المؤسسة نخبة من أبرز خبراء التفاوض والحوار في العالم، وتعمل بفريق صغير ومرن يسعى إلى ملء الفراغ في مشهد حل النزاعات". وتؤكد المنظمة البريطانية أنها تسعى إلى إطلاق "حوارات مجدية وسرية"، بخاصة في الصراعات التي تفتقر إلى قنوات فاعلة، مما يبرر غموض دورها في سوريا. كما يفيد موقعها الرسمي بأنها "تعمل كمنصة تواصل لأطراف النزاعات حول العالم. وتعتمد على خبرة ومعرفة كبار السياسيين والدبلوماسيين والخبراء، وتستجيب لحاجات الأطراف من خلال مشاركة تجاربها في عمليات السلام السابقة". مديرة تنفيذية جديدة أصولها فلسطينية - يهودية وبالتزامن مع مغادرة باول، أعلن مجلس أمناء المنظمة تعيين كلير حجاج مديرة تنفيذية جديدة اعتباراً من الثاني من ديسمبر 2024، وبحسب موقع المنظمة، فإن حجاج من أصول فلسطينية ويهودية وانضمت إلى المنظمة عام 2018، حيث عملت كمديرة للسياسات ثم نائبة للرئيس التنفيذي، وكانت مسؤولة عن قيادة الاستراتيجية والإشراف على أبرز مشاريع في مناطق متعددة من العالم، من هايتي إلى غزة. وبدأت حجاج مسيرتها المهنية في مجال حل النزاعات والتفاوض ضمن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2002، حيث عملت مع لجنة مكافحة الإرهاب. وعلى مدى أكثر من 20 عاماً، أسهمت في مفاوضات إنسانية وسياسية وأمنية في مناطق النزاع في العالم، بما في ذلك لبنان وكوسوفو والعراق وميانمار ونيجيريا وأفغانستان وباكستان. وعملت مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى العراق في ذروة التمرد بعد الغزو الأميركي. ويشير موقع "إنتر ميديت" أنها تسعى إلى الاستفادة من موارد المنظمات الكبرى، مثل الحكومات والمؤسسات الدولية التي تنفق مليارات الدولارات سنوياً للتعامل مع آثار النزاعات، عبر جهود حفظ السلام والتدخلات الإنسانية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) روبرت فورد يكشف عن كواليس الدور البريطاني وفي وقت سابق من هذا الشهر، كشف السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد خلال جلسة لـ"مجلس العلاقات الدولية في بالتيمور" عن أن منظمة بريطانية متخصصة في حل النزاعات، لم يسمِّها حينها، كانت وراء مبادرة لدمج أحمد الشرع في الحياة السياسية، بعد أعوام من انخراطه في جماعات مصنفة إرهابياً على المستوى الدولي. وأكد السفير السابق أنه كان متردداً في البداية في الانضمام إلى المبادرة ولقاء الشرع، لكنه وافق لاحقاً على تقديم المساعدة بدعوة من المنظمة البريطانية. مدينة حماة السورية وكان فورد أول دبلوماسي غربي يزور مدينة حماة السورية في بدايات الثورة عام 2011، في خطوة أثارت غضب النظام السوري، مما دفع واشنطن لاحقاً إلى سحبه لأسباب أمنية، وهو اليوم من أبرز الأصوات الأميركية في الشأن السوري، ويعمل باحثاً في عدد من مراكز الفكر والسياسات. من جانبها وصفت الرئاسة السورية تصريحات فورد حول لقاءاته مع الرئيس الشرع بأنها "غير صحيحة" وأن الجلسات التي حضرها كانت مخصصة لتجربة إدلب مع وفود أجنبية زائرة، مشيرة إلى أن الدبلوماسي المتقاعد كان ضمن وفد تابع لمنظمة بريطانية للدراسات والأبحاث. وحاولت "اندبندنت عربية" التواصل مع منظمة "إنتر ميديت"، لكنها لم تتلقَّ رداً. دور المنظمات غير الحكومية وعن دور المنظمات غير الحكومية، أشار الباحث في الشأن السوري تشارلز ليستر إلى أن منظمات عدة غير حكومية مرموقة شاركت خلال الأعوام الأخيرة في حوارات مع الأطراف السورية، ولا يقتصر ذلك على "هيئة تحرير الشام" آنذاك بقيادة الشرع، بل حتى مع نظام الأسد و"قوات سوريا الديمقراطية"، بهدف فهم أجنداتهم السياسية وإشراكهم في المفاوضات. أضاف، "بصفتي شخصاً قضى سنوات طويلة منضوياً بعمق في إدارة مثل هذه الحوارات في الماضي، أستطيع أن أؤكد بثقة أن هذه العمليات تقوم بدور بالغ الأهمية في تمهيد الطريق نحو تفاهم أفضل، بعيداً من انعدام الثقة والعداء، وفي نهاية المطاف بناء الثقة اللازمة لتحقيق تقدم دبلوماسي حقيقي".

الجولة الخامسة من المحادثات النووية تعقد الجمعة في روما
الجولة الخامسة من المحادثات النووية تعقد الجمعة في روما

Independent عربية

timeمنذ 3 ساعات

  • Independent عربية

الجولة الخامسة من المحادثات النووية تعقد الجمعة في روما

تعقد الجولة المقبلة من المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران حول البرنامج النووي لطهران بعد غدٍ الجمعة في روما، وفق ما أعلن وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي الذي تتولى بلاده وساطة بين طهران وواشنطن. خلافات حول التخصيب في الأثناء قالت ثلاثة مصادر إيرانية إن القيادة تفتقر إلى خطة بديلة واضحة لتطبيقها في حال انهيار الجهود الرامية إلى حل الخلاف النووي المستمر منذ عقود، في ظل تعثر المحادثات بين واشنطن وطهران جراء التوتر المتصاعد بين الطرفين حول تخصيب اليورانيوم. وأضافت المصادر أن إيران ربما تلجأ إلى الصين وروسيا "كخطة بديلة" إذا استمر هذا التعثر. لكن في ظل الحرب التجارية بين بكين وواشنطن وانشغال موسكو بحربها في أوكرانيا، تبدو خطة طهران البديلة هشة. وقال مسؤول إيراني كبير "الخطة البديلة هي مواصلة الاستراتيجية قبل بدء المحادثات. ستتجنب إيران تصعيد التوتر، وهي مستعدة للدفاع عن نفسها. وتتضمن الاستراتيجية أيضاً تعزيز العلاقات مع حلفاء مثل روسيا والصين". ونقلت وسائل إعلام رسمية عن المرشد الإيراني علي خامنئي قوله في وقت سابق أمس الثلاثاء إن مطالب الولايات المتحدة بامتناع طهران عن تخصيب اليورانيوم "زائدة عن الحد ومهينة"، معبراً عن شكوكه في ما إذا كانت المحادثات النووية ستفضي إلى اتفاق. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) عقبات وبعد أربع جولات من المفاوضات التي تهدف إلى كبح البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات، لا تزال هناك العديد عقبات عدة تعترض طريق المحادثات. وقال اثنان من المسؤولين الإيرانيين ودبلوماسي أوروبي إن طهران ترفض شحن كل مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى الخارج أو الدخول في نقاش حول برنامجها للصواريخ الباليستية. وذكرت المصادر أنه مع إحياء الرئيس الأميركي دونالد ترمب السريع سياسة "أقصى الضغوط" على طهران منذ فبراير (شباط) الماضي، بما في ذلك تشديد العقوبات والتهديدات العسكرية، فإن القيادة الإيرانية "ليس لديها خيار أفضل" من اتفاق جديد لتجنب الفوضى الاقتصادية في الداخل التي قد تهدد حكمها. وقال المسؤول الثاني الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية القضية "من دون رفع العقوبات لتمكين مبيعات النفط الحرة والوصول إلى الأموال، لا يمكن للاقتصاد الإيراني أن يتعافى".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store