
قصة الهجرة النبوية باختصار .. 24 معلومة نتعلّم منها الدروس والعِبر من هجرة النبي
قصة الهجرة النبوية باختصار
ما هي قصة الهجرة النبوية باختصار ؟ الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة أهم حدث في الحركة الدعوية في التاريخ الإسلامي، فكانت أساساً ومنطلقاً لقيام الدولة الإسلامية، تمكنت من خلاله من توسيع دائرة الدعوة على اعتبار أن رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- رسالةً عالمية. ملخص هجرة الرسول إلى المدينة
هاجر المسلمون مرتين إلى الحبشة نتيجة لما تعرضوا له من الإيذاء والاضطهاد، وقد لاقوا هناك ترحيبًا وحمايةً من النجاشي، كانت محل ثناء من النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الملك، وعندما توفي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة خبر وفاته في نفس اليوم وقد كان هذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، وقال «اليوم مات الملك الصالح» وصلى عليه صلاة الجنازة.
معلومات عن الهجرة النبوية
إن أول هذه المعلومات: أنأول من جعل بداية التقويم الهجري هو شهر المحرم من سنة الهجرة هو عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أما الهجرة النبوية فكانت في شهر ربيع الأول على المشهور، واختار شهر محرم لأنه بعد قدوم الحجاج من الحج.
ثانيًا: تآمرت قريش على قتل المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في مكة، ورغم ذلك لم ينسَ أن يوصي قبل هجرته برد الودائع التي أودعوها عنده.
ثالثًا: أرسل المصطفى بالهدى ودين الحق فكذَّبه قومه وعذَّبوه، لكنه صبر واحتسب على ما تجرَّعه من شدائد؛ إلى أن انقاد له قومه فعفا وأصلح ودخل الناس في دين الله أفواجًا، فالله تعالى يعطي الصابرين ما لا يحصى من الثواب.
رابعًا: هيأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لصحابته مكانًا يأمنون فيه من عدوان المشركين؛ ليجدوا مكانًا يتيح لهم إقامة الشعائر وخوفًا على حياتهم ومعتقداتهم من الفتنة.
خامسًا: بات علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليلة الهجرة على فراش الرسول -صلى الله عله وسلم-، ولم يخشَ من القتل، تضحية بحياته في سبيل الإبقاء على حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
سادساً: هاجر المصطفى صلى الله عليه وسلم- وترك وطنه من أجل رضا الله، فأعز به الإسلام وسخر له الأمم لنصرته.
سابعاً : اختيار الرفيق الصالح في السفر، وعند القيام بصعاب الأمور؛ يقوي العزيمة، ويرفع الهمة.
ثامناً : الأعداء كانوا أمام الغار، إلا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لصاحبه: «ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟».
تاسعا: بيَّنت الهجرة النبوية ذكاء وبراعة المرأة المسلمة، فعندما لم تجد السيدة أسماء بنت أبي بكر ما تحمل فيه الزاد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، شقَّت نطاقها نصفين لتحمله فيه، فلقبت بذات النطاقين تكريمًا لها إلى يوم الدين.
عاشراً : رغم ما لقي -صلى الله عليه وسلم- من الأذى من قومه، وقُذِفَ بالحجارة حتى أسالوا دمه الشريف؛ تمنى لهم الهداية، فصلوات ربي وسلامه على نبي الرحمة.
الحادي عشر: حرص المصطفى -صلى الله عليه وسلم- منذ دخوله المدينة المنورة على ترسيخ مشاعر الحب في الله، بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار؛ لأن الحب أقوى دعائم بناء الأمة.
الثاني عشر: أبرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاهدات مع اليهود في المدينة؛ لأن المشاركة خير وسيلة لإعمار الأرض.
الثالث عشر: لم يكن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ينتقم لنفسه؛ لذلك عندما عاد إلى مكة عفا عن قومه واستغفر لهم، بعد أن حاربوه وقاتلوه إحدى وعشرين سنة.
الرابع عشر: عرضت قريش على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المناصب والأموال ليترك دعوته، فأبى؛ لأنه لم يُرِدْ ملكًا ولا سلطانًا، وإنما هدايةَ القلوب والعقول، فَرِضا الله وجنته أعز وأغلى عنده من كل مناصب الدنيا وجاهها وأموالها.
الخامس عشر: كان الصحابة الكرام يحنُّون إلى مكة ويشتاقون إلى العودة إليها رغم ما ذاقوه فيها من العذاب؛ لأن حب الوطن فطرة إنسانية وفريضة دينية، فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحبِّب الله إليهم المدينة كحبهم لمكة.
السادس عشر: كان دليل المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في هجرته رجلًا غير مسلم هو عبد الله بن أريقط؛ وهذا نموذجٌ عمليٌّ لجواز الاستعانة بغير المسلمين واستعمالهم في دقائق الأعمال.
السابع عشر: لما رأى المصطفى -صلى الله عليه وسلم- صاحبه أبا بكر مشفقًا عليه وجزعًا على ما هما فيه، قال له في ثبات وسكينة: «لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا».
الثامن عشر: طمأنة القلوب وتطييب النفوس من صفات الأنبياء؛ ومن سار على نهجهم من الأتقياء.
التاسع عشر: نجى الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه بعد أن أحاط بهما المشركون في «غار ثور»؛ فالله لطيف بعباده المخلصين، يدافع عنهم ويعمي عنهم أبصار المتربصين بهم.
العشرون: فور هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، كتب وثيقة لتنظيم العلاقة بين المهاجرين والأنصار واليهود، يؤكد فيها على وحدة الأمة من غير تفرقة، والتساوي بينهم في الحقوق والكرامة.
الحادي والعشرون: فور هجرته -صلى الله عليه وسلم- للمدينة، حرص على بناء مسجد قباء؛ ليجتمع المسلمون فيه، وتتحد صفوفهم وتتفق كلمتهم، فتظهر قوتهم وتماسكهم.
الثاني والعشرون: الهجرة النبوية أظهرت المعنى الحقيقي للأخوة في الإسلام، في سلوك الأنصار وتكافلهم للمهاجرين بالسُكنى والمال بعدما تركوا أموالهم وأرضهم.
الثالث والعشرون: الأخوة في الإسلام أن تواسي أخاك المسلم وتشاركه السراء والضراء، وتعينه على قضاء حوائجه، كما فعل الأنصار مع المهاجرين في المدينة، فهم أول من أظهروا المعنى الحقيقي للمؤاخاة.
الرابع والعشرون: من أصلح ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس، فالصحابة رضوان الله عليهم تركوا أرضهم وأموالهم وهاجروا في سبيل رضا الله تعالى ونصرة دينه، فأيدهم الله بنصره، وردهم إلى أرضهم سالمين.وأكدت أن دعوة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لقومه عدة سنوات، حتى آمنوا به وانتشر الإسلام في ربوع الأرض، فربما يتأخر النصر؛ ولكن يأتي الجزاء على قدر الصبر.
أسباب هجرة النبي إلى المدينة
مر المسلمون بكثيرٍ من الظروف التي دفعتهم للتفكير في الهجرة إلى المدينة المنورة فرارًا بدينهم ليقيموا دولة الإسلام فيها، و أبرز هذه الأسباب:
1-الهجرة فُرضت على الأنبياء والمُرسلين لضمان نشر الدعوة إلى الله، وحمايتها من بطش الظالمين: فالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لم يكن أول من هاجر من وطنه بل كان للأنبياء من قبل هجرات؛ كهجرة نوح، وإبراهيم، وموسى عليهم السلام، فالهجرة مطلب دعوي تقتضيه طبيعة النبوة ونشر الرسالة.
2- اشتداد إيذاء المشركين للمؤمنين:حيث طال أذى المشركين جميع المسلمين مع الرسول -؛صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن لهم أحد يحميهم؛ فبلال بن رباح يُجرد من ثيابه ويُطرح على رمال الصحراء الحارقة، ويُؤتى بصخرة تُلقى على بطنه بغية أن يرتد عن دين محمد -صلى الله عليه وسلم- فلا يزيد إلا أن يقول: أحدٌ أحد، وعائلة آل ياسر قد أذاقتهم قريش سُوء العذاب من الضرب والإهانة والتعذيب الشديد.
حتى إن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر عليهم مرة وهم يعذبون فقال لهم: «صبرًا آل ياسرٍ، فإنَّ موعدكم الجنّةُ»،و قد أذن الله بالهجرة درءًا للأذى والعذاب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه. حصار قريش للمسلمين: تآمرت قريشٌ على بني هاشم، وكتبوا صحيفة المقاطعة، وعلقوها في جوف الكعبة، كان مضمونها ألا نزوجهم ولا نتزوج منهم، ولا نبيعهم ولا نبتاع منهم، كما حاصروهم في الشعب، ومنعوا عنهم طعامهم وأموالهم حتى أكل المسلمون أوراق الشجر من شدة الجوع.
3- تآمر كفار قريش على قتل النبي -صلى الله عليه وسلم-:فبعد هجرة جميع المسلمين إلى المدينة، وبقاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع نفرٍ من الصحابة في مكة، اجتمعت قريش في دار النَّدوة، واتَّفقوا على قتله جميعًا حتى يضيع دمه بين القبائل، لكن تدبير الله كان لهم بالمرصاد، فحماه، وأوحى إليه ألا يبيت تلك اللَّيلة في فراشه، وجعل عليًا ينام في مكانه، ثم ألقى الله عليهم النعاس فجعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يخرج من بينهم ويمر من أمامهم بل ويلقي على رؤوسهم التراب وهم لا يشعرون.
4- ضرورة بناء الدولة الإسلامية: وهذا يتطلب أمَّةً إسلاميَّةً متماسكة، وأرضًا تكون مركزًا رئيسًا لها، وكانت المدينة المنوَّرة هي الأنسب والأصلح لذلك؛ لاستقرار الوضع فيها، وتشابُه اللُّغة والتَّقاليد، والجوُّ العامُّ فيها كان متقبِّلًا ومحبًّا للإسلام، وكان ذلك واضحًا في استقبال الأنصار لهذا الدين ولكل من أتى مهاجرًا، وفي استعداد للبذل والتَّضحية في سبيل الله، وقد هيّأت هذه الأرض وهذه الرحلة المسلمين لظروفٍ أشد، ولتكاليف أكثر يقوم عليها مشروع بناء الأُمة الإسلامية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
ذكرى الهجرة النبوية.. 4 معجزات حدثت في رحلة الرسول من مكة إلى المدينة
تحل قريبا ذكرى الهجرة النبوية حيث يبدأ العام الهجري الجديد 1447 خلال ساعات قليلة، ويحتفل المسلمون باستقبال شهر المحرم أول شهور السنة الهجرية الجديدة، وفي السطور التالية نتعرف على أبرز أحداث الهجرة النبوية و4 معجزات حدثت منذ خروج النبي صلى الله عليه وسلم قاطعا مسافة تقدر بـ 380 كيلومترا، من دار السيدة خديجة بنت خويلد في مكة المكرمة حتى وصوله إلى دار عمرو بن عوف في قباء بالمدينة المنورة في 12 ربيع الأول. أحداث الهجرة النبوية بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته في مكة المكرمة منذ أن بُعث نبيًّا لمدة 13 عامًا ولاقى خلال هذه الفترة من المشركين أشد أنواع التنكيل به وبمن آمن معه من أهل مكة، وبقي المسلمون على هذه الحال حتى أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى المدينة المنورة بعدما بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل يثرب على الإسلام. وعندما أذن الله تعالى لرسوله بالهجرة إلى المدينة المنورة، ذهب صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر ليخبره بذلك، ليتجهزا للرحيل، وقدّم أبوبكر راحلتين، كان قد أعدّهما لهذا السفر، واستأجر عبد الله بن أريقط، ليدلّهما على الطريق. خرج رسول الله وأبو بكر من مكة المكرمة في الخفاء، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله بأن يتسمع أخبار أهل مكة، وأمر عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه نهاراً ويريحها عليهما ليلاً، وكانت أسماء تأتيهما بالطعام، وعند وصولهما إلى الغار، دخل أبو بكر الغار قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وذلك ليتأكد أمان الغار لرسول الله. وما إن دخلا إلى الغار حتى أرسل الله تعالى عنكبوتًا، نسجت خيوطها على باب الغار، فسترت رسول الله وأبا بكر عن أعين الناس، وبالأخص قريش. جاء والد الصديق إلى بيته حينما علم بخروج ابنه مع رسول الله، سائلاً إياه عمّا تركه لهم، وكان قد كُفّ بصره، فوضعت حجارة في كيس، فوضعت الكيس في الكرة، فلما مسكها بيده، قال بأن ما تركه خير كثير. وكانت قريش قد أعدّت مكافأة لمن يأتي برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما إن علم سراقة بهذه المكافأة التي وضعتها قريش فجهز فرسه وانطلق نحو رسول الله، وكان كلما أراد الاقتراب من رسول الله غرزت قدما فرسه في التراب، حتى ناداه رسول الله، وأعطاه الأمان على أن يدعو الله أن يكشف عنه ما أصابه، وكتب له رسول الله كتاب أمان، على أن يكف سراقة عنهما الطلب، ويقول لقريش بألّا يبحثوا في الجهة التي هاجر منها رسول الله لأنّه قد بحث فيها جيدًا. معجزة نوم المشركين عند محاصرتهم لبيته روى قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين ليلة الهجرة عندما تآمروا على قتله وحاصروا أهل السير والأخبار ومنهم ابن هشام بسنده، وذكرها ابن كثير في سيرته، حيث اجتمع نفر من قريش يتربصون للرسول، فخرج رسول الله عليهم فأخذ حفنة من البطحاء، فجعل يذره على رؤوسهم وهم لا يرونه. وقال عنها ابن القيم في زاد المعاد: "وأمر عليا أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، واجتمع أولئك النفر من قريش يتطلعون من صير الباب ويرصدونه، ويريدون بياته ويأتمرون أيهم يكون أشقاها، فخرج رسول الله عليهم فأخذ حفنة من البطحاء، فجعل يذره على رؤوسهم وهم لا يرونه وهو يتلو قول الله تعالى: وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون". معجزة عدم رؤية المشركين للرسول في الغار دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى الغار حتى أرسل الله تعالى عنكبوتًا، نسجت خيوطها على باب الغار، فسترت رسول الله وأبا بكر عن أعين الناس. وكان عدم رؤية المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه في غار ثور أثناء الهجرة معجزة وردت في العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة، وأبرزها حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه حيث قال: "نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار، فقلت: يا رسول الله! لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا. فقال صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟". معجزة دعاء النبي على سراقة بن مالك دعا النبي عليه أفضل الصلاة والسلام على سراقة فكانت سيقان فرسه تغوص في الأرض وكان يمشي في أرض صلبة، حيث قال أبو بكر: 'مررنا براع وقد عطش رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر رضي الله عنه فحلبت كثبة من لبن في قدح فشرب حتى رضيت وأتانا سراقة بن جعشم على فرس فدعا عليه فطلب إليه سراقة أن لا يدعو عليه وأن يرجع ففعل النبي صلى الله عليه وسلم'. معجزة شاة أم معبد معجزة شاة أم معبد وذكرتها كتب السير حيث إنها تتحدث عن معجزة حدثت للنبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما مر بخيمة أم معبد أثناء هجرته من مكة إلى المدينة. وعندما نزول الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بخيمة أم معبد بقديد طالبين القرى، فاعتذرت لهم لعدم وجود طعام عندها إلا شاة هزيلة لا تدرّ لبناً، فأخذ الشاة فمسح ضرعها بيده، ودعا الله وحلب في إناء حتى علت الرغوة وشرب الجميع.


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الأمنيات
الرغبة، والطموح، والتمني في بلوغ الأفضل، أو ما تتوق إليه النفس إذا ما كان مشروعًا، ولا ينفصل عن الواقع؛ فتلك أمور حميدة، تشحذ الهمم؛ كي تعلو الهمة، وتنشط الأذهان، وتترجم إرادتنا في صورة أفعال، تحاول أن تحقق أمانينا، التي نتطلع إليها، بل، تحفزنا على تكرار المحاولة في إطار من التخطيط، والتنظيم، والتنفيذ، والمثابرة، والمتابعة، وتقييم ما توصلنا إليه؛ لنزيل العثرات، ونستكمل المسيرة، ونؤكد أن عزيمتنا، وإيجابية النفس لدينا قادرة الدفع بنا دومًا إلى الأمام؛ لنسجل أهدافًا مستحقة. تعالوا بنا نتفق على أمر مهم؛ ألا وهو أن التمني المشروع، إذا ما أردنا ترجمته إلى واقع، وجعلناه هدفًا إجرائيًا؛ فإن ذلك يتطلب منا بصورة واضحة أن نتبنى سيناريوهات، تحمل خطة مرنة تقبل التعديل، والإضافة في مراحل؛ كي نستثمر ما قد يتواتر لدى أذهاننا من أفكار ملهمة بأن نترجمها إلى آليات، أو خطوات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وهنا تبدأ الرحلة في إطار جهود مكثفة تجعلنا نستمتع بما نحققه من مراحل، أو خُطوات، ولو بسيطة. لكن ما نخشاه أن نترك ما نتمنى حدوثه أو تحقيقه لعالم الصدفة، الذي يدفع لنا من بنك الحظ ما تتوق إليه أنفسنا؛ فقد أرى أنه ضرب من وهم الخيال يؤدي بنا إلى منطقة ضبابية، قد تورث في نفوسنا سلبية تؤثر حتمًا على ما قد نتطلع إلى في مستقبلنا القريب، أو البعيد، بل، تضعف لدينا جموح النزال في ساحة المعركة، التي نثبت فيها الذات، ونستطيع أن نؤكد مقدرتنا على تحقيق ما نصبوا إليه؛ لذا يتوجب علينا أن ندرك ماهية التمني وفق الفلسفة، التي ينبثق منها، والتي ينبغي أن تقوم على الربط الوظيفي بين الواقع، وأمنياتنا وتطلعاتنا الإيجابية. رُبّ سائل يسأل، هل هناك ميزان، أو ضابط للأمنيات، التي تلوح في وجدانياتنا؟، نقول بلسان مبين نعم؛ فقد أوضحنا أن ما نضعه من خطط نسير على خطاها، يتوجب أن تتصف بالمرونة، التي تمنحنا حرية الاختيار، وتجعلنا نراعي مستجدات المتغيرات، التي تطرأ على ساحتنا الخاصة؛ ومن ثم تتنامى مقدرتنا على تجاوز التحديات، أو الصعوبات، التي قد تقف حجر عثرة أمام مسيرتنا نحو أمانينا المشروعة، وهنا نحاول أن نميز منذ البداية بين الطريق الصحيح، والأخر المعوّج؛ فنتجنب الغور في سكة الظلام؛ لنخرج في نهاية المطاف مجبوريّ الخاطر. الأمر لم ينته عند هذا الحد؛ فهناك حسابات خاصة ندرك من خلالها ما إذا كانت أمنياتنا في إطار الممكن، أم في طور غير الممكن، أو ما نسميه أحيانًا بالمستحيل، وهذا يؤكد الفلسفة، التي ننادي بها، وهي هدوء الخيال؛ كي لا يجنح بنا إلى آفاق بعيدة المنال؛ فكل ما علينا أن نربط بين الأمنية، ومقومات تحقيقها في ساحة الواقع؛ ومن ثم نستطيع أن ندشن سقفًا زمنيًا، يتسم بالمرونة، ونحاول بصدق العزيمة، وإخلاص النوايا، وبذل الجهود، وإتقان الممارسة أن نبدأ المسيرة، التي أزعم أنها ستكلل بالنجاح بمشيئة الله تعالى. نؤكد أن الأمنيات، التي تكبر في نفوسنا، وتنمو في خيالنا الخصب، وتأخذ مساحة في أذهاننا، تعد ضرورة في توجيه ميولنا، بل، ترتبط بها في كثير من الأحيان، وهذا ما يدفعنا نحو التجربة، ويجعلنا نكتسب مهارات نوعية تضيف إلى رصيد خبراتنا، ناهيك عن سبر غور احتياجاتنا، التي تتغير وفق تدفق الأحداث الجارية، التي تحيط بنا، سواءً داخل الإطار الاجتماعي البسيط، أو الكبير، وهذا ما يولد لدينا قوة الثبات، والصبر، والمثابرة، والمغامرة، التي نتحمل مسئولية نتاجها، وفي كثير من الأحيان تفتح لنا أبوابًا من الابتكار، لم تكن في واحة الحسبان. يصعب أن نتجادل حول ثمرة الأمنية، التي تذيب الفتور، وتحفز الرغبة، وتعلى من مقدار الجهد الصادق؛ لتدفعنا نحو استدامة العطاء؛ فتتبدل مسارات حب الذات، إلى تحقيق غايات نبيلة، يستفيد منها الجميع، فيعم الخير بفضل أفكار منتجة تتدفق من وجدان راقٍ، صافٍ، لا يسمح للأنانية أن تحوز جزءًا منه، وهذا ما يجعل أصحاب الأمنيات المشروعة يمتلكون المقدرة على التواصل، وتقوية الروابط في إطار ما تحث عليه الإنسانية، كما تزداد لديهم روح التفاؤل، والوفاء بما ينعكس إيجابًا على تعزيز الهوية الوطنية، ويجعلنا دومًا في رباط مواثيق المحبة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.


بيروت نيوز
منذ 5 ساعات
- بيروت نيوز
كـونوا وُدَعاء رُحَـماء وصانِـعِـيّ سَلام
إحتَفَلَتِ المدارسُ التّابعَةُ لأبرشيَّةِ بيروت للرّوم الأرثوذكس بتخريجِ دُفعةِ العامِ الدِّراسيِّ 2024-2025، في احتفالٍ شاركَ فيه متعلّمو مدارس: 'الثَّلاثة الأقمار'، 'زهرة الإحسان'، 'مار الياس بطّينا الثانوية'، 'البِشارة الأرثوذكسيَّة'، و'ثانوية السَّيّدة الأرثوذكسيَّة' ممَّن أَتمّوا هذه المرحلةَ بكلِّ جَدارةٍ وتميّز. وأُقيمَ الحفلُ في باحَةِ مدرسة البِشارة الأرثوذكسيَّة – الرّميل، برعاية متروبوليت بيروت وتوابعها المتروبوليت الياس عوده الجزيل الاحترام، الَّذي أَضفى بحضوره بُعدًا روحيًّا ومعنويًّا مميّزًا على المناسبة، وَسْطَ حَشدٍ من الشخصيات الرَّسميّة والتّربويَّة والهيئاتِ الإداريَّة والتَّعليميَّة وذوي الخرّيجين. حَضَر الإحتفال، إلى المتروبوليت الياس، كهنة أبرشية بيروت، وزير الثقافة الدكتور طارق متري، النوّاب غسّان حاصباني، إلياس جراده وملحم خلف، سفيرة اليونان في لبنان ديسبينا كوكولوبولو، محافظ مدينة بيروت مروان عبود، رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء البروفيسور هيام اسحق، رئيس مجموعة 'غلوبال إديوكايشن' الدكتور ميلاد السبعلي، أعضاء مجلسِ إدارةِ جمعيةِ القديسِ بورفيريوس، عدد من أعضاء اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، إِضافة إِلى مسؤولين إِداريّين وهيئات تربويَّة واداريَّة من كل المدارس وأَهالي المتعلّمين. نايلا ضعون بعد الصّلاة الافتتاحيّة والنّشيد الوطنيّ اللُّبنانيّ، أَلقَت مديرةُ مدرسة البِشارة الأرثوذكسيَّة السّيّدة نايلا خوري ضعون كلمة باسم مديرات المدارس. جاء فيها: '… نجتمِعُ اليومَ ببركةِ ورعايةِ سيادةِ متروبوليتَ بيروتَ وتوابِعِها المطران إلياس عوده الجزيلُ الاحترام، لنحتفل بتخريج طلاب مدارس بيروت الأرثوذكسية-دفعة العام 2024-2025، يشرّفني ويَسُرُّني أن أرحِّبَ بضيوفنا الكرام، باسم مديراتِ مدارسِ بيروتَ الأرثوذكسيةِ. في لحظةٍ مِثلَ هذه، حينَ تمتزجُ النِّهاياتُ بالبداياتِ، ويُفتَرضُ أَن نتكلَّمَ عنِ النَّجاح، أَجدُني مَدفوعةً للحديثِ عن شيءٍ أَعمقَ: عنِ السَّلام. السلامُ الذي ننتَظِرُهُ جَميعًا، ولكن نادرًا ما نَسعى إليه أو نبحثُ عنهُ حيثُ يجبُ أَن يكون. لقد أصبحنا، في عالم اليوم، أسرى وَهْمٍ جَماعِيّ بأَنَّ السَّلامَ قَرارٌ سياسيّ يُؤخَذُ في قاعةِ مؤتمرٍ لعظماء العالمِ الأرضيّين. لكن، وكما يقول القديس الشيخ باييسيوس الأثوسي: 'سلامُ العالَمِ يَأتي مِنَ السلامِ الداخِلِيِّ، مُؤتمراتُ السلامِ لا تُجدي!' والسلامُ الداخليُّ عَطِيَّةٌ مِنَ الله، لا يُفرَضُ مِنَ الخارج، بل يُبنى في النَّفس، ويتَرجَمُ في العلاقاتِ، وينعكِسُ في الخَياراتِ والمَواقِفِ اليوميَّة'. أضافت: 'لذلك، ورغم النجاحات الكثيرة التي نحققها في المجالات الأكاديمية، لا تَقتصِرُ رسالَةُ مدارسِنا على مُجرَّدِ تَعليمِ أبنائِنا الحِسابَ واللغاتِ والعلومَ وتمكينهم من الاستعمال الواعي للأدوات التكنولوجية، بل أساسُها أن نبنيَ شخصيتَهم وأَن نزرع فيهم بُذور السلامِ الداخليّ. هذا السلامُ الذي لا يُشتَرى، ولا يُفرَض، بل يُبنى، خطوةً بخطوة، بالتربية على الوعي، والحرية، والرحمة، والايمان ويَكمُلُ بنِعمةِ الله'… وتابعت: '… إننا نخرّج اليوم طلابًا عاشوا تجربةً تربوية، لكننا نَرجو أن يكونوا خرجوا منها وقد أحبَّوا الحقيقةَ، لا مجرَّدَ النجاحِ في عالمٍ مليءٍ بالأصوات العالية التي تصدح كالطبولِ الفارغة، إذ نحن بأَمَسِّ الحاجة إلى أشخاص قد يصمتون أحيانًا، لكنهم ثابتون، منصفون، حُكماءَ، وُدعاءَ، عامِلونَ ومعلِّمونَ، بناةُ سلامٍ حقّ'. وقالت: 'أيّها الخرّيجون الأعزّاء، أنتم الآن في بداية مرحلة جديدة، لكن قبل أن تفكّروا في الاختصاص والوظيفة، اسألوا أنفسكم عن الرسالة، قبل أن تسعوا إلى 'المكانة'، اسألوا عن 'القيمة'. وفي زمن تكثر فيه الحروب، ويُشوَّه فيه الحق، نحن نأمل منكم أن تكونوا بناة سلام. كونوا أشخاصًا لا تُشتَرى ضمائرُهم، ولا تَصدأ أفكارُهم. وإذا اضطررتم للاختيار بين الراحة والحق، فاختاروا الحق…لأن، كما قال القديس يوحنا الذهبي الفم: 'لا شيءَ أقوى من القلب النقي، لأنه يحمل الله في داخله'… المطران عودة ومن ثمَّ كانت كلمة للمطران عودة وجَّهها إِلى المُتخرّجين، قائلا: '… نَـقِـفُ الـيَـوْمَ فـي إِحـدى لَـحَـظـاتِ الـعُـمْـرِ الَّـتـي لا تُـنْـسَـى، تَـخْـتَـصِـرُ سِـنـيـنَ مِـنَ الـتَّـعَـبِ والـدِّراسَـةِ والـنُّـمُـوِّ والـتَّـجـارِبِ الـصَّـغـيـرَةِ والـكَـبِـيـرَةِ الَّـتـي صَـنَـعَــتْ مِـنْـكُـمْ مـا أَنْـتُـمْ عَـلَـيْـهِ الـيَـوْم. إِنَّـهـا لَـحْـظَـةُ امْـتِـنـانٍ وَانْـطِـلاق… أضاف: 'أنـتـم لَـسْـتُـمْ فَـقَـطْ أَبْـنـاءَ هَـذِهِ الـمَـدارِس، بَـلْ أَبْـنـاءُ هـذا الـبَـلَـدِ الـحَـبـيـبِ الـذي شاءكُـم الـرَبُّ فـيـهِ، ورِسـالَـتُـكُـمْ تَـتَجـاوَزُ حُـدودَ الـصَفِّ والـبَـيْـتِ لِــتَــبْــلُغَ الـوَطَـنَ والـمُـجْـتَـمَـعَ والإِنْـسـانَ. أَحِـبَّـائـي، يَـبْـدَأُ الـفَـسـادُ فـي الـمُـجْـتَـمَعِ حِـيـنَ يَـغِــيـبُ الـصِّـدْقُ. أَنْ تَـكُـونَ صـادِقًـا يَـعْــني أَنْ تَحْـتَـرِمَ نَـفْـسَـكَ، أَلَّا تَـتَـلَـوَّنَ بِـحَـسَـبِ الـظُّـروف، أَلَّا تَـتَـنـازَلَ عَـنْ قَـنـاعـاتِـكَ مِـنْ أَجْـلِ مَـصْلَحَـةٍ أَوْ مَـرْكَـزٍ أَوْ لَحْـظَـةِ راحَـةٍ. في سَـنَـواتِ الـدِّراسَـةِ تَـعَـلَّـمْـتُـمْ أَنَّ الـغِــشَّ في الإِمْـتِـحانِ خَطَـأٌ، لَـكِـنَّـكُـم سَـتُـواجِـهُـونَ إِمْـتِـحـانـاتٍ أَكْـبَـرَ في الجامِعَـةِ ثُـمَّ فـي العَــمَـلِ والـمِهْـنَةِ والـحَـياة: الحَسَـدَ والـفَـسادَ والمَـكائـدَ، أو الطائـفِـيَّةَ والإقْـصاءَ والـتَـطَـرُّفَ والـتَـكْـفـيـرَ والعُــنْـفَ والحُروبَ. حافِـظـوا عـلى أخلاقِـكُـم في كُـلِّ الـظُروف، إعْـتَـمِـدوا الـصِدْقَ والشَـفـافِـيَـةَ ولا تَـغِــشُّـوا أَنْـفُـسَـكُـم أوّلاً، لأَنَّـكُم قَـدْ تَخْـدَعُـونَ الـنَّاسَ لِـبَعْـضِ الـوَقْـتِ لَـكِـنَّـكُـم لا تَـسْـتَـطِـيعُـونَ خِـداعَ ضَـمائِـرِكُـم إلـى الأَبَـد'. وتابع: 'لا تَـنْـسَـوا أَنَّـنـا نَعـيـشُ فـي بَـلَـدٍ مُـتَـنَـوِّعٍ، تَـتَـعَــدَّدُ فِـيـهِ الـدِّيـانـاتُ والـطَّـوائِـفُ والـتَّـقـالـيـد. هـذا لَـيْـسَ ضُعْــفًـا بَـلْ غِــنًـى. إِلَّا أَنَّ الـغِــنَى يَـتَـحَـوَّلُ إلـى خَـطَـرٍ حِـيـنَ يَـغــيـبُ الإِحْـتِـرام. لا تَـسْـمَـحُـوا لِـلإِخْـتِـلافِ بِـأَنْ يُـبْـعِــدَكُـم عَـنِ الآخَـرِ بَـلِ اجْـعَـلُـوهُ جِـسْـرًا لِـلـحِـوار. إِسْـتَـمِعُــوا إلـى مَـنْ يُـخـالِـفُـكُـم الـرَّأْيَ ونـاقِـشُـوا بِـجُـرْأَةٍ، لَـكِـنْ دَوْمًـا بِـرُقِـيّ. تَـعَــلَّـمُـوا أَنْ تَـخْـتَـلِـفُـوا بِـمَـحَـبَّـةٍ، وأَنْ تَـحْـتَـرِمُـوا مَـنْ لا يُـشْـبِـهُـكُـمْ. بِهَـذا تَـبْـنُـونَ وَطَـنًـا لا يَـقُـومُ عـلى الـعَــزْلِ والإِلْـغـاءِ، بَـلْ عـلى الـتَّـلاقـي والإِنْـفِـتـاح. الـمَـحَـبَّـةُ لَـيْـسَـتْ كَـلِـمـاتٍ نَـكْـتُــبُـهـا فـي الخِـطـابـاتِ أو نَـتَـغَــنّـى بِهـا فـي الأحـاديـث، بَـلْ سُـلُـوكٌ نَـعــيـشُهُ كُـلَّ يَـوْم. أَحِـبُّـوا بِصِـدْقٍ، لا تَجْعَــلوا مَـنْـفَـذًا لِـلأَنـانِـيَّـةِ والـمَـصالِحِ والـكِـبْـرِيـاءِ إلى نُـفـوسِـكُـم كَـي لا تُـشَـوِّهَ عَـلاقَــتَـكُـمْ مَـعَ أَهْـلِـكُـمْ وأَصْـدِقـائِـكُـمْ وزُمَـلائِـكُـم فـي الجامِعَـةِ أو مَـنْ تُـصادِفـونَـهُ فـي الـشَّـارِع. لِـتَـكُـنْ قُـلـوبُـكُـمْ مَـفْـتُـوحَـةً للآخَـر. كـونوا وُدَعاء، رُحَـماء، صانِـعِـيّ سَلام. سـاعِــدُوا الـمُحْـتـاجَ، واسـوا الـوَحيـدَ والمَـريض، دافِـعــوا عَــنِ الـضَعـيـفِ والـمَـظـلـومِ ومَـنْ لا صَـوْتَ لَهُ. لِـتَـكُـنْ هَـذِهِ الأَهْـدافُ أَمامَـكُـم فـي حَـياتِـكُـم لأنَّ الـمَـحَـبَّـةَ لا تُـعْـلَـنُ قَـوْلًا بَـلْ فِـعْـلًا، ولا تَـحْـتـاجُ ضَـوْءًا وكـامـيـرات، بَـلْ تَـحْـتـاجُ إِنْـسـانًـا نَـقِــيًّـا يَـعْــرِفُ كَـيْـفَ يَـنْـقُــلُـهـا بِـخَـفَـرٍ وتَـواضُعٍ واحـتِـرامٍ، ويَكـونُ نـوراً لِـمَـنْ هُـم حَـولَـهُ كـما أوصانـا الربُّ يسوع عـندما قـال: «لِـيُـضِىء نـورُكُـم هـكَـذا قُـدّامَ الـناسِ لِـكَي يَـرَوا أعْـمالَـكُـم الـصالِـحَـةَ ويُـمَـجِّـدوا أبـاكُـم الـذي فـي السَـمَـوات» ( متى 5 : 16 ). وقال عودة: 'أيُّـهـا الخِـرّيجاتُ والـخِـرّيجـون، أَنْـتُـمْ تَـدْخُـلـونَ عـالَـمًـا لا يَـرْحَـمُ الـكَـسـالَـى، خُـصـوصًـا مَـعَ تَـحَـدِّي الـذَّكـاءِ الإِصْـطِـنـاعِـيِّ الَّـذي يُـشَـكِّـلُ خَـطَــرًا داهِـمًـا عـلـى الـكَـثـيـرِ مِـنَ الـمِهَــنِ والإِخْـتِـصاصات. أَصْـبَـحَـتِ الـكَـفـاءَةُ وَحْـدَهـا لا تَـكْـفِـي، ولا بُـدَّ مِـنَ الـمُـثـابَـرَةِ والإِجْـتِـهـادِ والإِلْـتِـزام، لـكـي تُـؤَكِّـدوا لِـلـعـالَـمِ أَنَّـهُ لا يَـسْـتَـطـيـعُ الـلُـجـوءَ إلـى مـا هُــوَ إصـطِــنـاعِـيٌّ والـتَّـخَـلِّـي عَــنْ بَـشَـرِيَّـتِـكُـم الـمَـخْـلـوقَـةِ عـلـى صُـورَةِ اللهِ ومِـثـالِـه، وأبْـرَزُ مَعـالِـمِهـا أنْ تَـكـونَ إنْسـانـاً، أيْ أنْ يَكـونَ قَــلْـبُــكَ لَحْـمِـيّـاً. يَـقـولُ الـقِـديس بـورفـيـريوس الـرائي: « جـابِـهْ كُـلَّ الأمـورِ بِـمَـحَـبَّـةٍ، بِـطـيـبَـةٍ، بِـوَداعَـةٍ، بِـصَـبْـرٍ وتَـواضُع. كُـنْ دَوْمـاً كـالـصَخْـرِ الـذي يَـمُـرُّ فَـوقَـهُ الـمَـوْجُ ثُـمَّ يَـعـودُ مِـنْ حَـيْـثُ أتى. كُــنْ ثـابِـتـاً غَـيْـرَ مُـتَـزَعْـزِع». سَـيُـواجِـهُـكُـمْ مَـنْ يَـسْـلُـكُ الـطُّـرُقَ الـسَّهْـلَـةَ أَوِ الـمِعْــوَجَّـةَ، مَـنْ يَـغِــشُّ أَوْ يُـساوِمُ أَوْ يَـتَخَلَّـى عَــنْ مَـبـادِئِـهُ… فَـلا تَـتَـأثَّـروا بَـلْ ثَـبِّـتـوا أَنْـفُـسَـكُـمْ عـلى صَخْـرَةِ الـقِــيَـمِ الَّـتـي تَـرَعْـرَعْــتُـم عَـلَـيْـهـا، وإِنْ تَـأَخَّـرَ نَجاحُـكُـمْ لا تَـيْـأَسُـوا، لأَنَّ الأَهَــمَّ أَنْ يَـأتِـي نَجاحُـكُـم حَـقِـيـقِـيًّـا لا مُـزَيَّـفًـا. أَنْ تَـصِـلَ مُـتَـأَخِّـرًا بِـشَـرَفٍ وصِـدْقٍ ونـزاهَـةٍ خَــيْــرٌ مِـنْ أَنْ تَـصِـلَ سَـرِيعًـا بـالـكَـذِبِ والـخِـداع والـرِيـاء. يَـقـولُ الـقِـديس يوحنا الذَهَـبيّ الفَـم: «إخْـجَـلْ عِـنْـدَما تُـخْـطِـئُ ولا تَخْـجَـلْ عِـنْـدَما تَـتـوبُ لأنَّ الخَـطـيـئَـةَ جُـرْحٌ وَالتَـوْبَـةَ هِـيَ العِـلاج». وأكد: 'لُـبْـنـانُ لَـيْـسَ بِخَـيْـرٍ بِـسَـبَـبِ ضَلالِ الـبَعْــضِ ومَـصالِحِ الـبَعْــضِ الآخَـرِ، وبِسَـبَـبِ الـحِـقْــدِ والـحَـسَـدِ والأنـانِـيَّـةِ وغَـيْـرِهـا مِـنَ الآفـات، وأَنْـتُـمْ تَعْـرِفُـونَ ذَلِـكَ وتَعـيـشُـونَهُ. لَـكِـنَّ لُـبْـنـانَ لَـيْـسَ مَـيْـتًـا، فَـفِـي داخِـلِـهِ نَـبْـضٌ، وهُـوَ أَنْـتُـم. لا تَـنْـتَـظِـرُوا الـدَّوْلَـةَ لِـتَــبْــنِـي لَـكُـمُ الـمُـسْـتَـقْـبَـل. أنـتـم الـمُـسْـتَـقْـبَـل. إبْحَـثُـوا عَــنْ سُـبُـلِ الـتَّـغْـيـيـرِ وعَــنْ طُـرُقِ الـبِـنـاء. إِبْـدَأُوا مِـنْ أَنْـفُـسِـكُـمْ، مِـنِ عـائلاتِـكُـمْ وعَــمَـلِـكُـم، ومِـنَ الـشَّـارِعِ حَـيْـثُ تَـقْـطُـنـون. كـونُـوا أُمَـنـاءَ لـهَـذِهِ الأَرْضِ، لـتُـرابِ أَجْـدادِكُـمْ ومَـرْتَـعِ طُـفـولَــتِـكُـمْ، ولأحْـلامِ الأَجْـيـالِ الـسَّـابِـقَـةِ الـتي ضاعَــتْ وأنـتـم سَـتُحْـيـونَهـا. لا تَـسْـمَحُـوا لِـلـيَـأْسِ بِـأَنْ يَـتَـغَــلْـغَـلَ إلـى قُـلـوبِـكُـم. بَـلَـدُكُـمْ الَّـذِي أَنْـجَـبَ رُوَّادَ الـعِـلْـمِ والـفَــنِّ والـثَّـقـافَـةِ والإِبـداعِ، قـادِرٌ أَنْ يَـنْـهَـضَ مُـجَـدَّدًا بِـسَـواعِــدِكُـمْ الـقَـوِيَّـةِ، وعُــقــولِـكُـمْ الـنَّـيِّـرَةِ، وأَخْلاقِـكُـمْ العـالِـيَـة، وَطُـمـوحِـكُـم الذي لا حَـدَّ لَـهُ'. وختم المطران عودة: 'الـحَـيـاةُ لَـنْ تَـكُـونَ دَوْمًـا سَـهْـلَـةً. سَـتُـواجِهُـونَ الـصُّعـوبـاتِ والـحَـيْـرَةَ والـخَـيْـبـاتِ، لَـكِـنَّـكُـمْ لَـسْـتُـمْ وَحِـيـديـن. كُـلُّ قِـيـمَـةٍ زَرَعَــتْهـا مَـدارِسُـكُـم فـي داخِـلِـكُـمْ هِـيَ كَـنْـزٌ. كُـلُّ صَـلاةٍ رُفِـعَــتْ مِـنْ أَجْـلِـكُـمْ هِـيَ زادٌ، كُـلُّ مَـوْقِـفٍ مُـشَـرِّفٍ عِـشْـتُـمُـوهُ، وكُـلُّ كَـلِـمَـةِ حَـقٍّ قِــيـلَـتْ فـي الـصَّـفِّ هِـيَ الـنُّـورُ الَّـذِي سَـيَـهْــدِيـكُـمْ حِـيـنَ تَـشْـتَــدُّ الـعَــتْـمَـة. تَـذَكَّـرُوا دَوْمًـا أَلاَّ قِـيـمَـةَ لِـلـعِـلْـمِ مِـنْ دُونِ أَخْـلاقٍ، ولا مَعْــنًـى لِـلـنَّجـاحِ مِـنْ دُونِ إِنْـسـانِـيَّـةٍ، ولا مُـسْـتَـقْـبَـلَ لِـلـوَطَـنِ إِنْ هَـجَـرَتْـهُ قُـلـوبُ شَـبـابِهِ قَـبْـلَ أَجْـسـادِهِـم. كُـونُـوا فَـخُـورِيـنَ بِـأَنَّـكُـمْ خِـرِّيجُـو هَـذِهِ الـمَـدارِسِ الأرثـوذكـسـيّةِ الـتي تَحْـمِـلُ تـاريخـاً مُـشَـرِّفـاً وتَـتَـطَـلَّعُ إلـى مُـسْـتَـقْـبَـلٍ واعِــد. إِجْـعَـلُـوهـا هِـيَ أَيْـضًـا تَـفْـخَـرُ بِـكُـمْ. بـارَكَـكُـم الـرَّبُّ وسَـدَّدَ خُـطـاكُـم نَـحْـوَ الـخَـيْـرِ'. جمعية القديس بورفيريوس تلا ذلك توزيع الشَّهادات وجوائز التّقدير، وقد قدّمت جمعية القديس بورفيريوس، الذّراع الاجتماعيّة لمطرانيّة بيروت للرّوم الأرثوذكس، مِنَحًا نقديّةً إلى بعض المتعلّمين تقديرًا لتميّزهم خلال العام الدّراسيّ. ومن ثمَّ توالى على إلقاء كلماتِ الخرّيجين، باللُّغات الثّلاث (العربيَّة، والفرنسيَّة، والإنكليزيَّة)، كلّ من إيليو درزي من 'مدرسة زهرة الإحسان'، وزهير محمد الصفّح من 'مدرسة مار الياس بطّينا'، بإدارة مجموعة 'غلوبال إديوكايشن'، وآية برهومي من 'ثانوية السيّدة الأرثوذكسيّة'، فجاءَت كلماتهم صادقة لامست قلوب الحاضرين الّذين استقبلوها بتأثّرٍ وتصفيقٍ حارّ.