logo
نتائج البكالوريا أظهرت تباينا أكاديميا في جغرافيا تونس

نتائج البكالوريا أظهرت تباينا أكاديميا في جغرافيا تونس

Independent عربيةمنذ 15 ساعات

تعكس إحصاءات نتائج الباكالوريا التي تنشرها سنوياً وزارة التربية في تونس تفاوتاً جلياً بين الجهات، يخفي واقعاً تربوياً متبايناً بين العاصمة والمناطق الساحلية من جهة والداخلية من جهة أخرى.
وتكشف الأرقام عن اختلال في العدالة التربوية وهشاشة منظومة التعليم في تونس، بخاصة أنها مرتبطة بالفوارق الجهوية في التنمية، إذ تحافظ المناطق الفقيرة عادة على أرقام متدنية من نسب النجاح علاوة على تنامي ظاهرة الانقطاع المدرسي، بينما تواصل محافظات أخرى طريق التميز منذ أعوام.
فهل من أسباب أعمق لهذا التفاوت بين الجهات في توزيع نتائج الباكالوريا؟ وهل يمكن تعديل هذه النسب، وضمان عدالة تربوية بين جهات الجمهورية؟
وبينما تحظى نتائج الباكالوريا باحتفاء مجتمعي لافت وباهتمام رسمي سنوي، تخفي تلك النتائج حقيقة مؤلمة تمس حظوظ فئات ريفية في تعليم جيد يثمر نتائج تضاهي بقية المناطق.
35 في المئة فقط يصلون إلى البكالوريا
يرى المتخصص في الشأن التربوي، رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ، رضا الزهروني، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن "معضلة التعليم في تونس تعود إلى ثلاثة عقود خلت، بينما لم يجر وضع مقاربة علمية دقيقة تعالج إخلالات المنظومة التربوية"، نافياً أن "يكون هناك تميز في نتائج اختبارات البكالوريا، مقارنة بالمؤشرات العالمية لتعليم ذي جودة عالية".
ويضيف الزهروني أن "النتائج التي تقدمها رسمياً وزارة التربية يجب ألا تخفي حقائق مهمة على غرار الانقطاع المدرسي الذي بات يتهدد المجتمع، إذ تفرز المؤسسات التربوية التونسية سنوياً 100 ألف منقطع، يشكلون في ما بعد عبئاً على المجتمع، منوهاً بخطورة ظاهرة الإخفاق والفشل المدرسي، إذ لا يصل إلى البكالوريا إلا ما نسبته 35 في المئة فقط من التلاميذ في تونس.
ويربط المتخصص في الشأن التربوي بين واقع التنمية والإمكانات المادية والثقافية ونسب النجاح في مختلف الاختبارات الوطنية وبخاصة البكالوريا، إذ يختلف حجم الإنفاق التربوي بين العائلات في العاصمة وفي الساحل وفي داخل الجمهورية، مشدداً على أن خريطة الفقر هي نفسها خريطة نسب النجاح في الاختبارات الوطنية.
ويشير الزهروني إلى أن "المدرسة التونسية لم تعد مجانية، ولم تعد تضمن تكافؤ الفرص وليست مدرسة عادلة، علاوة على أنها باتت عاجزة عن مواكبة التحولات الواقعة في العالم"، داعياً إلى "إيقاف النزف".
الإصلاح التربوي بات ملحاً
وللخروج من الوضع الراهن لقطاع التعليم في تونس، يقترح المتخصص في الشأن التربوي، "إصلاح المنظومة التربوية من خلال تعزيز قدرات ومهارات التلميذ في المرحلة الابتدائية، في القراءة والكتابة والحساب، لضمان الارتقاء المستحق لأكثر عدد ممكن من التلاميذ، مع الإبقاء على المناظرات الوطنية، وهو ما يتطلب جملة من الإجراءات تتعلق بالفضاء المدرسي وبالزمن المدرسي وبتكوين المعلمين وبحقوق المدرسين المادية وحوكمة القطاع وتعزيز تعليم اللغات".
لم يعد التعليم في تونس مصعداً اجتماعياً بالنظر إلى التحولات التي شهدها المجتمع، وبات الواقع التربوي يلقي بظلاله من خلال تزايد أعداد المنقطعين عن الدراسة بخاصة في الداخل من الذين لا تتوفر لهم حلول بديلة في تعليم خاص مناسب أو تكوين مهني لائق، مما يجعل العائلات تدفع فاتورة مضاعفة من خلال خسارة تعليم أبنائها وتحمل تبعات الانقطاع المدرسي، في واقع يجعل الجهات المحرومة أكثر فقراً وأقل حظاً.
ويشير الزهروني إلى أن "الـ100 ألف منقطع سنوياً عن الدراسة كلفوا الدولة 3 آلاف مليار دينار (نحو 1000 مليار دولار) أي ما يقارب الـ40 في المئة من موازنة وزارة التربية من دون احتساب ما تنفقه العائلات على أبنائها التلاميذ قبل انقطاعهم، مما يجعل الخسارة مضاعفة. وأقترح ملاءمة اختصاصات التكوين المهني مع سوق الشغل في داخل تونس وخارجها".
ويخلص المتخصص في الشأن التربوي إلى أن "كلفة الفشل عالية جداً في القطاع التربوي في تونس"، داعياً إلى الانطلاق في إعداد تصور جديد للتعليم في تونس والمرور إلى الإنجاز من أجل جني ثمار هذا الإصلاح في الأعوام المقبلة.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أقل فقراً
من جهته، يشدد المتخصص في علم الاجتماع، في الجامعة التونسية، بالعيد أولاد عبدالله، على أن "التفاوت في نسب النجاح في تونس يعود إلى التباين في حجم المرافقة والإنفاق العائلي والدعم والتأطير ودروس التدارك من جهة إلى أخرى، علاوة على توفر المرافق الأساسية والإطار البشري الكفء من أساتذة ومعلمين".
وتبقى المناطق الأقل فقراً هي الأقل حظاً في نسب النجاح وهو ما يعتبره المتابعون رسالة مشفرة تعكس واقعاً تربوياً غير عادل، ولا يتمتع فيه التلاميذ بفرص متكافئة.
تنوع جغرافي في قائمة المتفوقين
في المقابل، أكد أكرم المنستيري، مدير إدارة مركزية في وزارة التربية، أن "نتائج الدورة الرئيسة لاختبارات البكالوريا لهذا العام كانت مثمرة"، لافتاً إلى "تنوع جغرافي واضح في قائمة المتفوقين، إذ أفضل المعدلات في معاهد موزعة على مختلف الجهات"، وأن "جميع المتفوقين الذين تحصلوا على أفضل المعدلات ينتمون إلى معاهد عمومية"، وهو ما اعتبره دليلاً على أهمية المدرسة العمومية وجودة مخرجاتها في مختلف أقسامها العلمية والأدبية.
ووصف هذا التوزيع المتوازن بـ"علامة فخر"، مؤكداً أن "خريطة التفوق تعكس عدالة الفرص بين مختلف المناطق".
يذكر أن صفاقس 1 وصفاقس 2 احتلتا المراتب الأولى وطنياً بـ55 في المئة، في حين تذيلت القصرين وهي من أفقر محافظات تونس الترتيب بـ24 في المئة، بينما سجلت بعض الولايات تراجعاً نسبياً، مثل باجة وزغوان، مقابل صعود محافظتي مدنين وسيدي بوزيد في القائمة.
تحولت الجغرافيا في تونس إلى محنة تربوية، إذ تقسو على أبناء الداخل مقابل حظوظ أوفر للساحل وتونس الكبرى. انقسام مجالي ما انفك يتعمق ويدعو إلى سد الفجوات من أجل تعليم عمومي عادل يضمن تكافؤ الفرص بين جميع التونسيين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السقطري والتركي يدشنان مشروع حماية أراضي المزارعين في وادي تمنان ويؤكدان دعم التدخلات الطارئة في المضاربة ورأس العارة
السقطري والتركي يدشنان مشروع حماية أراضي المزارعين في وادي تمنان ويؤكدان دعم التدخلات الطارئة في المضاربة ورأس العارة

حضرموت نت

timeمنذ 3 ساعات

  • حضرموت نت

السقطري والتركي يدشنان مشروع حماية أراضي المزارعين في وادي تمنان ويؤكدان دعم التدخلات الطارئة في المضاربة ورأس العارة

نفّذ معالي وزير الزراعة والري والثروة السمكية اللواء سالم عبدالله السقطري، ومعه محافظ محافظة لحج اللواء أحمد عبدالله التركي، زيارة تفقدية إلى مديرية المضاربة ورأس العارة، دشّنا خلالها مشروع حماية أراضي المزارعين وممتلكاتهم في وادي تمنان بالمديرية، والذي تنفذه الوحدة التنفيذية للمشاريع الممولة خارجيًا بالوزارة، عبر مؤسسة السقاف للمقاولات العامة، وبتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، بتكلفة إجمالية تبلغ نصف مليون دولار أمريكي. وفي التدشين الذي شارك فيه مستشار رئيس مجلس القيادة الرئاسي لشئون الدفاع والأمن الفريق محمود الصبيحي، ووكلاء وزارة الزراعة والأسماك أ. غازي لحم ، وم. عبد الملك ناجي، وم. حميد الكربي، ود. مساعد القطيبي، ووكيلة وزارة التخطيط والتعاون الدولي م.وزيرة الشركاني، ورئيس الهيئة العامة للمصائد السمكية في خليج عدن د.عبد السلام احمد علي ومدير عام الصندوق الاجتماعي للتنمية، م. فؤاد طاهر، ومدير مشروع الاشغال العامة م. محسن علوي، أكد الوزير السقطري أن هذا المشروع يأتي تتويجًا لجهود حثيثة بذلتها الوزارة بالتنسيق مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي، باعتباره من المشاريع الطارئة التي تهدف إلى حماية الأراضي الزراعية ومساكن المواطنين في منطقة عزافة والمناطق المجاورة لها، والتي أصبحت مهددة بالانجراف. وأشار السقطري إلى حرص الوزارة على التنسيق مع الشركاء الفاعلين، وفي مقدمتهم الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة، واللذين شاركا في هذه الزيارة إلى جانب الوفد الوزاري، للاطلاع على الاحتياجات الملحة للمديرية ووضع خطة تدخلات عاجلة بالتعاون مع مختلف الشركاء من المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية. الجدير بالذكر أن الزيارة بدأت بتفقّد مراكز الإنزال السمكية في منطقتي خور عميرة ورأس العارة، بالإضافة لمنفذ رأس العارة البحري، حيث اطّلع الوزير السقطري والمحافظ التركي على أوضاعها واحتياجاتها الضرورية. وأكد الوزير السقطري خلال ذلك، أن الوزارة تبذل جهودًا كبيرة لإعادة تأهيل مراكز الإنزال السمكية وتفعيل وتعزيز نشاطها، وذلك بالاستفادة من الدعم المقدّم من المانحين والصناديق والمنظمات الدولية. وشدد السقطري على أهمية إنهاء أي ساحات حراج عشوائية وغير قانونية، باعتبار ذلك شرطًا أساسيًا في إطار خطة الوزارة لإعادة تأهيل مراكز الإنزال السمكية في عموم المحافظات. بدوره أشاد المحافظ تُركي، بالدعم الكبير الذي تقدِّمه وزارة الزراعة والري والثروة السمكية، لمحافظة لحج، من خلال المشاريع التنموية الاستراتيجية المثمرة، ومنها مشروع حماية أراضي المزارعين وممتلكاتهم بوادي تِمنان بمنطقة عُزافة، الذي يجرى تنفيذه اليوم. هذا وقد ضم وفد الوزارة عددًا من وكلاء الوزارة، ورئيس الهيئة العامة للمصائد السمكية في خليج عدن، وعددًا من مدراء العموم والمختصين في الوزارة والهيئة، إلى جانب عدد من قيادة السلطة المحلية في محافظة لحج ومدراء عموم مكاتب الزراعة والأسماك في المحافظة. لحج/ إعلام وزارة الزراعة والري والثروة السمكية

مجموعة السبع تؤيد تسوية مع واشنطن بشأن الضريبة العالمية على الشركات
مجموعة السبع تؤيد تسوية مع واشنطن بشأن الضريبة العالمية على الشركات

الحدث

timeمنذ 5 ساعات

  • الحدث

مجموعة السبع تؤيد تسوية مع واشنطن بشأن الضريبة العالمية على الشركات

أعلنت دول مجموعة السبع دعمها لتسوية مع الولايات المتحدة بشأن الحد الأدنى للضريبة العالمية على الشركات الكبرى. ووفق بيان صادر عن الرئاسة الكندية للمجموعة عقب قمة عُقدت هذا الشهر، اُتُّفِق على إعفاء الشركات الأمريكية من الحد الأدنى، لتخضع بدلًا من ذلك لنظام ضريبي أمريكي موازٍ، ما يتيح التقدم في مكافحة تحويل الأرباح. ويأتي هذا التوجه ضمن إصلاح ضريبي عالمي شاركت فيه نحو (140) دولة عبر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ينص على فرض ضريبة لا تقل عن (15%) على الشركات متعددة الجنسيات التي تتجاوز إيراداتها السنوية (750) مليون يورو (نحو 880 مليون دولار)، بغض النظر عن موقع تحقيق الأرباح. ورحّب وزير المالية الألماني لارس كلينجبايل بالاتفاق، مؤكدًا أنه يمثل خطوة مهمة لمكافحة الملاذات الضريبية والتهرب وسياسات الإغراق الضريبي. وأضاف أن الولايات المتحدة لم تعد تعارض مبدأ الضريبة الدنيا، وتم التخلي عن العقوبات المخطط لها ضد الشركات الأوروبية.

ضبط 1.7 مليون قرص مخدر كبتاغون قبل تهريبها خارج سوريا
ضبط 1.7 مليون قرص مخدر كبتاغون قبل تهريبها خارج سوريا

الموقع بوست

timeمنذ 6 ساعات

  • الموقع بوست

ضبط 1.7 مليون قرص مخدر كبتاغون قبل تهريبها خارج سوريا

وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، الأحد، إن فرع مكافحة المخدرات في درعا (جنوب) يداهم مستودعات شرق المحافظة تحوي مخدرات مخزنة ومعدة للتهريب خارج القطر. وتابع أن العملية أسفرت عن ضبط مليون و700 ألف قرص مخدر من مادة الكبتاغون. والجمعة الماضي، أعلنت وزارة الداخلية السورية ضبط نحو 3 ملايين قرص كبتاغون و50 كيلوغراما من مادة الحشيش، بعد عمليات رصد لإحدى شبكات تجارة وتهريب المخدرات بريف دمشق (وسط). وأعلن مدير إدارة مكافحة المخدرات العميد خالد عيد الخميس الماضي ضبط 13 مستودعا لتصنيع المواد المخدرة، و320 مليون قرص كبتاغون منذ الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد في أواخر عام 2024. وحسب تقديرات الحكومة البريطانية، فإن النظام المخلوع كان مسؤولا عن 80 بالمئة من الإنتاج العالمي للكبتاغون. وتفيد تقديرات بأن القيمة السنوية لتجارة الكبتاغون العالمية تبلغ نحو 10 مليارات دولار، وكان الربح السنوي لعائلة الأسد نحو 2.4 مليار دولار. وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أكملت فصائل سورية بسط سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم نظام البعث، بينها 53 سنة من حكم أسرة الأسد. وأعلنت الإدارة السورية الجديدة، في 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، اختيار أحمد الشرع رئيسا للبلاد خلال مرحلة انتقالية من المقرر أن تستمر 5 سنوات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store