
الخبير الأمريكي جون بيركنز يدعو لبناء نظم اقتصادية عادلة ومستقلة عن الهيمنة الأمريكيـة
يمن إيكو|تقرير:
دعا الخبير الاقتصادي الأمريكي مؤلف كتاب 'اعترافات قاتل اقتصادي' جون بيركنز، شعوب وأنظمة العالم إلى بناء نظم اقتصادية عادلة ومستقلة، تواجه سياسات الهيمنة الاقتصادية الأمريكية وعلى رأسها سياسات الديون، معتبراً أن ما يجري في دول الجنوب العالمي، من أزمات ديون وانهيارات اقتصادية، ليس سوى استمرار للسياسات ذاتها، لكنها باتت أكثر ذكاءً وشرعية ظاهرية، وهو ما يجعل مواجهتها أكثر صعوبة.
وقال بيركنز- في مقابلة جديدة على قناة الجزيرة تابعها موقع 'يمن إيكو'- إن العالم اليوم لم يتغير كثيراً، بل أصبح أكثر تعقيداً، إذ تطورت أدوات الهيمنة لتشمل التكنولوجيا الرقمية والاحتكارات الإعلامية، إلى جانب المؤسسات المالية العالمية'، مشدداً على ضرورة تعزيز التعليم وإشراك المجتمع المدني في صنع القرار الاقتصادي.
وأكد بيركنز أن الهيمنة الاقتصادية الأمريكية اعتمدت- عبر هذه المؤسسات المالية- على أساليب التلاعب بالقيادات المحلية من خلال الرشاوى أو التهديدات أو الانقلابات إن لزم الأمر، مؤكداً أنه لعب دوراً وظيفياً في هذا السياق، حيث أنيط به كـ'قاتل اقتصادي' إقناع قادة الدول بأن القروض الضخمة ستؤدي إلى النمو، مع أن الدراسات الداخلية كانت تُظهر بوضوح أن الشعوب لن تجني من ذلك سوى الفقر والتبعية والبطالة.
وبدأت تجربة جون بيركنز، كـ'قاتل اقتصادي' في السبعينيات حين عُيّن في شركة استشارات دولية كبرى، وبدأ في إعداد تقارير مالية مضللة لتضخيم حاجة دول نامية لقروض بمليارات الدولارات، لاستخدامها في مشاريع بنية تحتية ضخمة، حسب إجاباته لقناة الجزيرة.
وأوضح بيركنز أن الهدف من هذه القروض لم يكن دعم تلك الدول، بل إغراقها في ديون غير قابلة للسداد، تضمن تبعيتها السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة، في إطار استراتيجية وصفها بـ'الاستعمار المالي العصري'، مؤكداً أن بلداناً عديدة في أمريكا اللاتينية، وأخرى في آسيا والشرق الأوسط، كانت ساحة لتلك الممارسات.
ولفت إلى أن الدول المتضررة كانت تُجبر لاحقاً على خصخصة قطاعاتها الحيوية وفتح أسواقها أمام الشركات الأمريكية، مقابل إعادة جدولة ديونها، وهي سياسة وُضعت لضمان سيطرة واشنطن الدائمة على مقدرات تلك الدول.
وتحدث بيركنز- في المقابلة- عن محطات مفصلية دفعت به إلى التمرد على هذا النظام، أبرزها اغتيال الرئيس الإكوادوري خايمي رولدوس عام 1981، والذي كان يرفض الانصياع للإملاءات الأمريكية، وشعر بأنه كان مستهدفاً من قبل النظام نفسه، مشيراً إلى أن حادثة اغتيال الرئيس البنمي عمر توريخوس في العام نفسه، وحوادث أخرى هزّت قناعاته، وأدرك حينها أن اللعبة التي يعمل ضمنها ليست مجرد اقتصادات وأسواق، بل لعبة نفوذ دموي لا تعرف خطوطاً حمراء، فقرر في بداية الثمانينيات التوقف عن العمل في مجال 'القتل الاقتصادي'، وبدأ كتابة مذكراته، إلا أنه واجه ضغوطا كبيرة من شركات وعملاء سابقين لثنيه عن مواصلة مشروعه.
وقال الخبير الاقتصادي الأمريكي بيركنز، إن حياته وأسرته كانت مهددة خلال فترة كتابته العمل الذي كشف كيف تستخدم أمريكا أدوات اقتصادية للهيمنة على دول العالم الثالث، مؤكداً أن ضغوطاً هائلة مورست عليه من قبل جهات نافذة لمنع نشر الكتاب، بلغت حد تلقيه تهديدات مباشرة باستهداف ابنته الرضيعة إن لم يتوقف عن مشروعه.
وأوضح أن تلك التهديدات لم تكن من الحكومة الأمريكية مباشرة، بل من جهات ترتبط بما سماه 'الكوربوقراطية'، وهي شبكة تضم كبرى الشركات العالمية المتحالفة مع مؤسسات الدولة لتحقيق مصالح استراتيجية مشتركة، مبيناً أن إحدى الشركات عرضت عليه مبلغ نصف مليون دولار مقابل ألا يكتب أي شيء عن تجاربه السابقة، وهو ما وافق عليه حينها بسبب خوفه على أسرته، لكنه لم يلبث أن نكث الاتفاق بعد أن تفجرت في داخله مشاعر الغضب والندم.
وأوضح أنه في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، شعر أن الوقت قد حان ليكشف الحقائق، خاصة بعدما لاحظ كيف استُخدمت تلك الهجمات لتبرير حروب جديدة وهيمنة اقتصادية متسارعة على مناطق مختلفة من العالم.
وفي عام 2004 نشر بيركنز كتابه الشهير 'اعترافات قاتل اقتصادي' وبترجمة أخرى 'الاغتيال الاقتصادي للأمم'، وهو ما حوّل مساره المهني بالكامل، وحوله من شخصية مصرفية متخصصة في 'الهندسة المالية للاستعمار الحديث' إلى ناشط سياسي يسعى إلى فضح أدوات الهيمنة الاقتصادية المعاصرة، حسب بيركنز الذي أكد بيع أكثر من مليون نسخة، من كتابه الذي ترجم إلى أكثر من 30 لغة، ما جعله مرجعاً مهماً في فهم كيف تمارس واشنطن هيمنتها من دون الحاجة إلى قوات عسكرية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 25 دقائق
- اليمن الآن
انخفاض الطلب على الدولار في مزاد مركزي عدن والتلاعب بسعره بمحلات الصرافة
انخفاض الطلب على الدولار في مزاد مركزي عدن والتلاعب بسعره بمحلات الصرافة في الوقت الذي تشهد فيه العملة الوطنية تراجعًا حادًا مقابل العملات الأجنبية، أعلن البنك المركزي بالعاصمة عدن عن تأجيل المزاد الـ 14 لبيع العملة الصعبة للبنوك التجارية بسبب تدني الطلب على المزاد . وأعلن البنك في بيان عن تأجيل مزاد بيع عملة أجنبية رقم 14-2025 "حتى موعد آخر سيتم الإعلان عنه". البنك المركزي برر في إعلانه التأجيل بسبب "تدني نسبة الطلبات المقدمة، وبناءً على طلب البنوك المشاركة". وأعتبر مختصون بالشأن الاقتصادي إعلان البنك تأجيل المزاد الى وقت غير معلوم دليل إضافي على غياب الطلب الحقيقي للعملة الصعبة بالمناطق المحررة. وبحسب إعلان البنك عن المزاد الأخير يوم الثلاثاء الماضي لبيع 30 مليون دولار ، بلغت حجم العطاءات المقدمة من البنوك المشاركة في المزاد بلغت 6 ملايين و664 ألف دولار فقط، بنسبة تغطية 22%. وجاء الطلب المتدني على مزاد البنك لبيع الدولار رغم اعتماد البنك لأقل سعر مُقدم في المزاد 2518 ريالاً للدولار فقط ، وهو أقل من سعر الصرف بالمناطق المحررة مساء يوم المزاد والذي وصل الى 2560 ريالاً. مصادر اقتصادية اعتبرت تدني الطلب على الدولار يعتبر مؤشرًا على تعافي العملة الوطنية إلا أن ذلك لم يحدث متسائلين كيف يرتفع سعر الدولار في السوق المحلية وينخفض الطلب عليه بمزادات البنك المركزي، مما يؤكد ان مركزي عدن يلعب دور في المضاربة بالعملة وترك الصرافة تتحكم وتتلاعب بسعر العملات من دولار وريال سعودي .


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
انخفاض في أسعار أجهزة ستارلينك بمناطق الشرعية.. والطرح الرسمي يقترب بعد العيد!
شمسان بوست / خاص: شهدت أسعار أجهزة الإنترنت الفضائي 'ستارلينك' انخفاضًا كبيرًا في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، بعد أن كانت أسعارها قد بلغت مستويات قياسية خلال الأشهر الماضية في السوق السوداء. ووفقًا لمصدر محلي، فقد تراجع سعر الجهاز إلى 450 دولارًا فقط، مقارنةً بسعر سابق تجاوز 2000 دولار عند بداية دخوله عبر قنوات غير رسمية. ويعزى هذا الانخفاض إلى إعلان رسمي من مؤسسة الاتصالات في مناطق الشرعية عن وصول دفعة جديدة من الأجهزة، سيتم طرحها للبيع عقب عيد الأضحى المبارك. هذا الإعلان أثار ارتياح واسع لدى المواطنين، خاصة في ظل غياب أو ضعف خدمات الإنترنت الأرضي في العديد من المناطق، ما جعل 'ستارلينك' خيارًا مهمًا لتأمين الاتصال بشبكة الإنترنت. ويتوقع مختصون أن يسهم توفر الأجهزة بأسعار مناسبة وبشكل رسمي في تحسين البنية الرقمية وتوسيع تغطية الإنترنت، لا سيما في المناطق الريفية والنائية التي تفتقر إلى بنى تحتية متطورة.


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
وزير المالية الفرنسي ينتقد استثمار "سانوفي" الضخم في أمريكا: "إشارة سيئة لفرنسا
انتقد وزير المالية الفرنسي إريك لومبارد بشدة قرار شركة "سانوفي" استثمار 20 مليار دولار في الولايات المتحدة بحلول عام 2030، واصفًا الخطوة بأنها "إشارة سيئة" في وقت تكثف فيه باريس جهودها لتعزيز السيادة الاقتصادية وجذب الاستثمارات الوطنية. ويعكس إعلان "سانوفي" – إحدى أكبر شركات الأدوية واللقاحات عالميًا – ميلًا متصاعدًا بين شركات أوروبية للاستفادة من الحوافز الأميركية في مجالات التكنولوجيا الحيوية والصناعات الدوائية، ما يمثل تحديًا مباشرًا لمحاولات باريس تعزيز مكانتها كمركز ابتكار صناعي. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تُوجّه صفعة رمزية لاستراتيجية الرئيس ماكرون الرامية إلى تقليل الاعتماد على الخارج في القطاعات الحيوية، وسط منافسة شرسة من الولايات المتحدة والصين على استقطاب الاستثمارات الاستراتيجية.