
قلق علمي من صورة جديدة للثقب الأسود في مجرّتنا مولّدة بالذكاء الاصطناعي
أثار استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد صورة جديدة للثقب الأسود العملاق الواقع في مركز مجرة درب التبانة، المعروف باسم 'القوس A*' (Sagittarius A*)، جدلاً علمياً واسعاً، بعد أن شكك عدد من الخبراء في دقة النموذج المعتمد، رغم ما وصفه الباحثون بأنه إنجاز تقني غير مسبوق.
وقد كشف فريق دولي من العلماء عن صورة محسّنة للثقب الأسود، جرى إنشاؤها بواسطة نموذج ذكاء اصطناعي مدرّب جزئياً على بيانات معقدة جُمعت من تلسكوب 'أفق الحدث' (EHT). هذه البيانات كانت في السابق تعتبر مشوشة للغاية وغير صالحة للاستخدام العلمي، لكن الفريق نجح – بحسب ما أعلن – في استخراج تفاصيل جديدة منها.
ووفقًا للدراسة المنشورة هذا الشهر في مجلة Astronomy & Astrophysics، توصل الفريق إلى أن الثقب الأسود ربما يدور بسرعة تقارب الحد الأقصى الممكن، وأن محور دورانه قد يكون موجهًا نحو الأرض.
لكن هذا التقدير لم يمر دون انتقادات، إذ أبدى البروفيسور راينهارد غينزل، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2020، تحفظه على دقة النتائج، قائلاً: 'أنا متفهم ومهتم بما يحاولون تحقيقه، لكن الذكاء الاصطناعي ليس عصا سحرية'، في إشارة إلى احتمالية انحراف النموذج بفعل ضعف جودة البيانات الأصلية.
ويعتمد تلسكوب 'أفق الحدث' على تقنية تُعرف باسم 'القياس التداخلي لخط الأساس الطويل جداً'، والتي تستخدم أطوالًا موجية راديوية تصل إلى المليمتر لقياس الضوء المحيط بالثقب الأسود. لكن هذه التقنية تواجه صعوبات كبيرة بسبب تداخل بخار الماء في الغلاف الجوي، ما يجعل البيانات عرضة للتشويش.
الباحث مايكل يانسن، من جامعة رادبود في هولندا، وأحد مؤلفي الدراسة، أوضح أن نموذج الذكاء الاصطناعي 'صُمم خصيصاً للتعامل مع هذه البيانات المعقدة، التي لم يكن من الممكن تفسيرها بالوسائل التقليدية'.
الصورة الجديدة، التي أظهرت أربع حلقات ذهبية حول بقعة مظلمة، تأتي في سياق الجهود المتواصلة منذ عقود لفهم بنية وسلوك الثقوب السوداء فائقة الكتلة، خصوصاً تلك الواقعة في قلب مجرتنا، والتي تم تصويرها لأول مرة عام 2022 باستخدام شبكة تلسكوبات EHT.
ومن شأن تحديد سرعة دوران 'القوس A*' أن يوفر أدلة مهمة حول كيفية تفاعل الإشعاع مع الثقوب السوداء العملاقة، ويساعد في تفسير استقرار القرص المحيط بها والمكوّن من الغاز والمادة الساخنة.
ورغم التشكيك في دقة النموذج الحالي، يخطط الفريق العلمي لاستخدامه لاحقًا مع بيانات أحدث، ومقارنتها بنتائج المراقبة الحقيقية، في خطوة تهدف إلى تحسين دقة المحاكاة وصقل أدوات التحليل المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وفي ظلّ التسارع الهائل في توظيف الذكاء الاصطناعي في علوم الفضاء، يبقى التحدي الأكبر هو الموازنة بين القدرة الحسابية الهائلة لهذه الأدوات، وضرورة التحقق من نتائجها علميًا وموضوعيًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوئام
منذ 19 ساعات
- الوئام
قلق علمي من صورة جديدة للثقب الأسود في مجرّتنا مولّدة بالذكاء الاصطناعي
أثار استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد صورة جديدة للثقب الأسود العملاق الواقع في مركز مجرة درب التبانة، المعروف باسم 'القوس A*' (Sagittarius A*)، جدلاً علمياً واسعاً، بعد أن شكك عدد من الخبراء في دقة النموذج المعتمد، رغم ما وصفه الباحثون بأنه إنجاز تقني غير مسبوق. وقد كشف فريق دولي من العلماء عن صورة محسّنة للثقب الأسود، جرى إنشاؤها بواسطة نموذج ذكاء اصطناعي مدرّب جزئياً على بيانات معقدة جُمعت من تلسكوب 'أفق الحدث' (EHT). هذه البيانات كانت في السابق تعتبر مشوشة للغاية وغير صالحة للاستخدام العلمي، لكن الفريق نجح – بحسب ما أعلن – في استخراج تفاصيل جديدة منها. ووفقًا للدراسة المنشورة هذا الشهر في مجلة Astronomy & Astrophysics، توصل الفريق إلى أن الثقب الأسود ربما يدور بسرعة تقارب الحد الأقصى الممكن، وأن محور دورانه قد يكون موجهًا نحو الأرض. لكن هذا التقدير لم يمر دون انتقادات، إذ أبدى البروفيسور راينهارد غينزل، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2020، تحفظه على دقة النتائج، قائلاً: 'أنا متفهم ومهتم بما يحاولون تحقيقه، لكن الذكاء الاصطناعي ليس عصا سحرية'، في إشارة إلى احتمالية انحراف النموذج بفعل ضعف جودة البيانات الأصلية. ويعتمد تلسكوب 'أفق الحدث' على تقنية تُعرف باسم 'القياس التداخلي لخط الأساس الطويل جداً'، والتي تستخدم أطوالًا موجية راديوية تصل إلى المليمتر لقياس الضوء المحيط بالثقب الأسود. لكن هذه التقنية تواجه صعوبات كبيرة بسبب تداخل بخار الماء في الغلاف الجوي، ما يجعل البيانات عرضة للتشويش. الباحث مايكل يانسن، من جامعة رادبود في هولندا، وأحد مؤلفي الدراسة، أوضح أن نموذج الذكاء الاصطناعي 'صُمم خصيصاً للتعامل مع هذه البيانات المعقدة، التي لم يكن من الممكن تفسيرها بالوسائل التقليدية'. الصورة الجديدة، التي أظهرت أربع حلقات ذهبية حول بقعة مظلمة، تأتي في سياق الجهود المتواصلة منذ عقود لفهم بنية وسلوك الثقوب السوداء فائقة الكتلة، خصوصاً تلك الواقعة في قلب مجرتنا، والتي تم تصويرها لأول مرة عام 2022 باستخدام شبكة تلسكوبات EHT. ومن شأن تحديد سرعة دوران 'القوس A*' أن يوفر أدلة مهمة حول كيفية تفاعل الإشعاع مع الثقوب السوداء العملاقة، ويساعد في تفسير استقرار القرص المحيط بها والمكوّن من الغاز والمادة الساخنة. ورغم التشكيك في دقة النموذج الحالي، يخطط الفريق العلمي لاستخدامه لاحقًا مع بيانات أحدث، ومقارنتها بنتائج المراقبة الحقيقية، في خطوة تهدف إلى تحسين دقة المحاكاة وصقل أدوات التحليل المدعومة بالذكاء الاصطناعي. وفي ظلّ التسارع الهائل في توظيف الذكاء الاصطناعي في علوم الفضاء، يبقى التحدي الأكبر هو الموازنة بين القدرة الحسابية الهائلة لهذه الأدوات، وضرورة التحقق من نتائجها علميًا وموضوعيًا.

سعورس
منذ 5 أيام
- سعورس
وظيفتك والذكاء الاصطناعي 4 أساسيات تحسم الجواب
أولًا: السرعة في المهام التي تتطلب أداءً سريعًا، يبرع الذكاء الاصطناعي بشكل لافت. فعلى سبيل المثال، في معالجة الصور منخفضة الجودة، يستطيع الذكاء الاصطناعي إنتاج نسخ محسنة بدقة وسرعة تتجاوز قدرات الإنسان. هذا التفوق لا يقتصر على التجميل البصري، بل يمتد إلى مجالات صناعية حيوية مثل تحليل صور الأقمار الصناعية، ضغط ملفات الفيديو، وتحسين أداء الألعاب. في هذه السياقات، تكون السرعة أمرًا حاسمًا، والذكاء الاصطناعي يوفر أداءً فوريًا يصعب على الإنسان مجاراته. يمتلك الذكاء الاصطناعي قدرة على التوسع وتنفيذ المهام في ملايين المواقع بالتوازي، وهي ميزة تعجز عنها القوى البشرية. أوضح مثال على ذلك هو تخصيص الإعلانات عبر الإنترنت. فبينما يستطيع المسوق البشري التنبؤ بأنماط معينة من الاستجابة، بإمكان الذكاء الاصطناعي تطبيق هذا التخصيص عبر كل مستخدم وكل منصة بشكل لحظي، من خلال آليات دقيقة للمزايدة الفورية. هذا النوع من التشغيل على نطاق واسع لا يمكن تحقيقه يدويًا. ثانيًا: المقياس يتميز الذكاء الاصطناعي التوليدي – مثل ChatGPT – بالقدرة على تغطية مجالات معرفية متعددة ومتنوعة. فبينما يتفوق البشر المتخصصون في مجالاتهم، لا يمكن لأي شخص بمفرده أن يمتلك الكفاءة في البرمجة، والشعر، والتحليل العلمي، والكتابة الإبداعية في الوقت ذاته. الذكاء الاصطناعي قد لا يكون الأفضل في كل مجال، لكنه جيد بما يكفي في الكثير منها، وهذا التعدد يجعل منه أداة مثالية عند الحاجة إلى نتائج مقبولة في وقت قصير. ثالثا: النطاق الذكاء الاصطناعي لا يكرر القواعد التي يعتمد عليها البشر، بل يحلل بيانات هائلة ليتوصل إلى حلول جديدة غير مألوفة. هذا النهج أنتج نجاحات مذهلة، مثل نموذج AlphaFold2 الذي قلب موازين علم الأحياء الهيكلي، واستحق جائزة نوبل في الكيمياء. هذا التطور لا يعني بالضرورة فهمًا بشريًا لطريقة عمل الذكاء الاصطناعي، لكن نتائجه تدفع العلوم قدمًا. رابعا: التطور القيمة الحقيقية أوضح المحاضر بروس شناير (مدرسة هارفارد كينيدي) وناثان ساندرز (جامعة هارفارد) أن هذه الأبعاد الأربعة لا تعني أن الذكاء الاصطناعي سيتفوق دائمًا على الإنسان، بل إن القيمة الحقيقية تنشأ حين يشكل أحد هذه الأبعاد اختناقًا حقيقيًا في العملية البشرية. حينها يكون المنطقي التفكير في الاستعانة بالذكاء الاصطناعي. أما في غياب هذه التحديات، فإن تدخل الذكاء الاصطناعي قد يربك الأداء، كما يحدث في كثير من روبوتات خدمة العملاء التي تُستَخدم لتقليل التكاليف لكنها تؤدي إلى تجربة مستخدم سيئة.


الوطن
منذ 5 أيام
- الوطن
وظيفتك والذكاء الاصطناعي 4 أساسيات تحسم الجواب
تتزايد المخاوف من أن الذكاء الاصطناعي سيأخذ وظائف البشر أو يحرمهم من مصدر رزقهم، غير أن هذه المخاوف تقابل أحيانًا بنوع من الطمأنينة الساخرة عندما يُظهر الذكاء الاصطناعي إخفاقات فادحة. رغم ذلك، لا يمكن إنكار أن الذكاء الاصطناعي يملك مزايا واضحة على الإنسان في مجالات محددة. ولكي نفهم تأثيره الحقيقي على سوق العمل، لا بد من تحليل أبعاده الأربعة الأساسية التي تمنحه الأفضلية: السرعة، والمقياس، والنطاق، والتطور. أولًا: السرعة في المهام التي تتطلب أداءً سريعًا، يبرع الذكاء الاصطناعي بشكل لافت. فعلى سبيل المثال، في معالجة الصور منخفضة الجودة، يستطيع الذكاء الاصطناعي إنتاج نسخ محسنة بدقة وسرعة تتجاوز قدرات الإنسان. هذا التفوق لا يقتصر على التجميل البصري، بل يمتد إلى مجالات صناعية حيوية مثل تحليل صور الأقمار الصناعية، ضغط ملفات الفيديو، وتحسين أداء الألعاب. في هذه السياقات، تكون السرعة أمرًا حاسمًا، والذكاء الاصطناعي يوفر أداءً فوريًا يصعب على الإنسان مجاراته. يمتلك الذكاء الاصطناعي قدرة على التوسع وتنفيذ المهام في ملايين المواقع بالتوازي، وهي ميزة تعجز عنها القوى البشرية. أوضح مثال على ذلك هو تخصيص الإعلانات عبر الإنترنت. فبينما يستطيع المسوق البشري التنبؤ بأنماط معينة من الاستجابة، بإمكان الذكاء الاصطناعي تطبيق هذا التخصيص عبر كل مستخدم وكل منصة بشكل لحظي، من خلال آليات دقيقة للمزايدة الفورية. هذا النوع من التشغيل على نطاق واسع لا يمكن تحقيقه يدويًا. ثانيًا: المقياس يتميز الذكاء الاصطناعي التوليدي – مثل ChatGPT – بالقدرة على تغطية مجالات معرفية متعددة ومتنوعة. فبينما يتفوق البشر المتخصصون في مجالاتهم، لا يمكن لأي شخص بمفرده أن يمتلك الكفاءة في البرمجة، والشعر، والتحليل العلمي، والكتابة الإبداعية في الوقت ذاته. الذكاء الاصطناعي قد لا يكون الأفضل في كل مجال، لكنه جيد بما يكفي في الكثير منها، وهذا التعدد يجعل منه أداة مثالية عند الحاجة إلى نتائج مقبولة في وقت قصير. ثالثا: النطاق الذكاء الاصطناعي لا يكرر القواعد التي يعتمد عليها البشر، بل يحلل بيانات هائلة ليتوصل إلى حلول جديدة غير مألوفة. هذا النهج أنتج نجاحات مذهلة، مثل نموذج AlphaFold2 الذي قلب موازين علم الأحياء الهيكلي، واستحق جائزة نوبل في الكيمياء. هذا التطور لا يعني بالضرورة فهمًا بشريًا لطريقة عمل الذكاء الاصطناعي، لكن نتائجه تدفع العلوم قدمًا. رابعا: التطور القيمة الحقيقية أوضح المحاضر بروس شناير (مدرسة هارفارد كينيدي) وناثان ساندرز (جامعة هارفارد) أن هذه الأبعاد الأربعة لا تعني أن الذكاء الاصطناعي سيتفوق دائمًا على الإنسان، بل إن القيمة الحقيقية تنشأ حين يشكل أحد هذه الأبعاد اختناقًا حقيقيًا في العملية البشرية. حينها يكون المنطقي التفكير في الاستعانة بالذكاء الاصطناعي. أما في غياب هذه التحديات، فإن تدخل الذكاء الاصطناعي قد يربك الأداء، كما يحدث في كثير من روبوتات خدمة العملاء التي تُستَخدم لتقليل التكاليف لكنها تؤدي إلى تجربة مستخدم سيئة.