logo
هُوية لا تندثر.. الحِرف التقليدية على خارطة التنمية الخليجية وسلطنة عمان في المقدمة

هُوية لا تندثر.. الحِرف التقليدية على خارطة التنمية الخليجية وسلطنة عمان في المقدمة

الشبيبة٢٥-٠٣-٢٠٢٥

مسقط - وكالات
رغم التقدم التكنولوجي والنهضة العمرانية التي غيّرت ملامح الحياة في دول الخليج العربي، ما زالت الحرف التقليدية حاضرة بقوة في المشهد الثقافي، حاملةً بين تفاصيلها عبق الماضي وروح الأصالة.
الوعي الخليجي الشعبي والرسمي بقيمة الموروث الحرفي يستمر في تسجيل ارتفاع متجسداً في مبادرات الحكومات الخليجية عبر تبنّي مبادرات ومهرجانات وبرامج تعليمية، بهدف الحفاظ على هذا التراث من الاندثار وضمان انتقاله إلى الأجيال القادمة، وفق تقرير لصحيفة الخليج أون لاين.
الحِرف اليدوية لم تكن مجرد نشاط جانبي في حياة الأجداد، بل كانت جزءاً لا يتجزأ من الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وتشكلت وفقاً لاحتياجات البيئة المحيطة.
ومن أبرز تلك الحرف: السدو (الغزل والنسيج)، والخوصيات (سعف النخيل)، وصناعة السفن، والفخار، والذهب والفضة، والعطور والبخور، والدباغة والجلود، وصناعة السيوف والخناجر، والتطريز اليدوي، والمشالح الرجالية.
ضمن استراتيجياتها الثقافية، حرصت دول الخليج على دمج الحرف التقليدية في السياسات التعليمية والتنموية، وتمثلت أبرز هذه الجهود في:
إدخال بعض الحرف ضمن مناهج التربية الفنية في المدارس.
تنظيم ورش عمل ميدانية داخل القرى التراثية والمراكز الثقافية.
دعم مشاريع شبابية تدمج التراث في منتجات حديثة.
إطلاق منصات إلكترونية توثّق الحرف وتتيح تعلّمها عن بُعد.
اليوم، لم تعد الحرف اليدوية مجرد رموز من الماضي، بل تحولت إلى فرصة اقتصادية وسياحية حقيقية، حيث تُباع منتجاتها في المتاجر الراقية وتُعرض في معارض دولية، وتُسهم في تعزيز السياحة الثقافية، إلى جانب توفير فرص عمل للحرفيين.
سلطنة عمان.. أرقام تعكس حيوية التراث
في سلطنة عمان، تشير بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن عدد الحرفيين في البلاد تجاوز 23 ألفاً.
وتتصدر صناعة النسيج القطني قائمة الحرف بـ7502 حرفي، تليها النسيج الصوفي بـ5327، ثم البخور والتجميل بـ4045 حرفياً.
أحدث ما أطلقته دولة قطر من برامج للحفاظ على الحرف التقليدية، كان إطلاق مؤسسة قطر برنامج "حرفتي" في بيت آل خاطر التراثي، والذي يمتد من أكتوبر 2024 حتى يونيو 2025، مستهدفاً تمكين المجتمع من استكشاف الحرف القطرية والإسلامية.
يقدّم البرنامج دورات عملية في الخزف، والأعمال الخشبية، والنحت، والرسم الزخرفي، ويساعد المشاركين على فهم المواد الطبيعية وتحويلها إلى أعمال فنية تمزج بين الأصالة والإبداع الحديث.
السعودية خصصت عام 2025 ليكون "عام الحرف اليدوية"، في مبادرة رسمية لتكريم هذا الإرث الثقافي.
وبحسب وكالة "واس" أكد وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان أن هذه الخطوة جاءت تجسيداً لما تمثله الحرف من فخر واعتزاز بالهوية، وسعياً لتمكين الحرفيين وزيادة مساهمتهم في الاقتصاد.
وتزخر الحرف السعودية بتنوع واسع، مثل الفخار، والخرازة، والخياطة، وصياغة المجوهرات، والحدادة، وقد بدأت هذه الصناعات تأخذ حضوراً قوياً في المعارض والأسواق العالمية.
في إنجاز نوعي، منح مجلس الحرف العالمي الكويت لقب "مدينة عالمية لحرفة نسيج السدو".
الاعتماد جاء بعد تقييم ميداني شمل زيارة مواقع حرفية، والتفاعل مع الحرفيين المحليين، والاطلاع على جهود الدولة في استدامة الحرفة.
وتقول الشيخة بيبي دعيج الصباح، رئيسة جمعية السدو، إن الحرفة تعكس عمق التراث البدوي، وتواصلها اليوم يجسد التزام الكويت بحماية هذا التراث وتطويره، وفق وكالة "كونا".
منذ السبعينيات أدركت دولة الإمارات، بقيادة الشيخ زايد، أهمية الحفاظ على الحرف، فأنشئ أول مركز للصناعات التقليدية عام 1978، بإشراف الاتحاد النسائي العام.
ويُعد "بيت الحرفيين" في منطقة الحصن بأبوظبي اليوم منصة تعليمية وثقافية تستقطب آلاف الزوار سنوياً.
يقدم المركز ورشاً في الخوص، والسدو، والعطور، والنقش، ويشكل حلقة وصل بين الأجيال، حيث يُنقل التراث بطرق تفاعلية تجمع المهارة التقليدية والتكنولوجيا الحديثة.
في البحرين، يُعد مركز الجسرة للحرف اليدوية من أبرز الوجهات التراثية، إذ يحتضن ورشاً متخصصة في الفخار، وصناعة السيوف والخناجر، والسلال، والعود، والسفن، والنسيج، والنقش، والتطريز، ويقدّم لزوّاره فرصة فريدة لتجربة هذه الحرف وممارستها.
نجح المركز في جمع الحرفيين من مختلف مناطق البحرين تحت سقف واحد، إلى جانب تنظيمه دورات تدريبية تستهدف المهتمين، لا سيما الشباب، في محاولة لإعادة إحياء مهارات كانت جزءاً من الحياة اليومية البحرينية.
على الرغم من كل هذا الدعم فإنّ الحرف التقليدية تواجه تحدياً، بحسب ما يذكر الكاتب البحريني محمد الزكري، الذي يحذر من انتشار منتجات مشابهة تغمر الأسواق الإقليمية، ما قد يؤثر سلباً على فرص الحرفيين في إبراز أعمالهم والتميّز بها.
وفي مقال بصحيفة "البلاد" البحرينية، أشار الزكري إلى أن التقاليد العريقة للحرف اليدوية تشهد تحولاً لافتاً مع تنامي الاهتمام بالسياحة التراثية وزيادة الطلب على المنتجات المحلية، داعياً إلى ضرورة تحديث هذه الحرف بما يتماشى مع متطلبات العصر، مع الحفاظ على أصالتها.
وأضاف أن التشابه الجغرافي والثقافي بين دول الخليج ساهم في خلق تقاليد حرفية متقاربة، لكنه أشار إلى وجود "خصوصيات نسبية" تميّز كل مجتمع عن الآخر، معتبراً أن تجاهل هذه التفاصيل من قِبل خبراء السياحة والتراث قد يؤدي إلى تراجع تنوّع المعروض.
وأوضح أن الحرفيين يواجهون صعوبة في تسويق منتجاتهم داخل الأسواق الخليجية التي باتت تعجّ بمنتجات تقليدية متشابهة، ما يدفع السائح للاكتفاء بشراء الحرف من وجهة واحدة فقط، بدلاً من اقتنائها من مختلف دول المنطقة.
ويلفت إلى ضرورة اتخاذ إجراءات تمنح المنتجات الخليجية خصوصية، تتمثل في الحفاظ على الهوية الثقافية، والمزج بين التراث والحداثة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

توقعات جوية أدق
توقعات جوية أدق

جريدة الوطن

timeمنذ 20 دقائق

  • جريدة الوطن

توقعات جوية أدق

أبرزت دراسة علمية أميركية حديثة نجاح نموذج ذكاء اصطناعي من شركة مايكروسوفت في إنتاج توقعات جوية لمدة 10 أيام بشكل أكثر دقة، وبتكلفة أقل من النماذج التقليدية التي تعتمدها الهيئات الدولية المختصة الكبرى في مجال التوقعات الجوية. وأوضح الباحثون، خلال الإعلان عن نتائج دراستهم، أن نموذج التعلم الآلي «أورورا» من «مايكروسوفت» تفوق على التوقعات التشغيلية في التنبؤ بجودة الهواء، وأمواج المحيط، ومسارات الأعاصير المدارية، وظروف الطقس العالية الدقة، مؤكدين أن هذا الأمر تحقق بتكلفة حسابية أدنى بكثير من التكاليف المعتمدة حاليا. وتشكل هذه النتائج التجريبية غير المتاحة للعامة إنجازا، فيما تسعى الهيئات الكبرى المختصة إلى إنتاج توقعات أكثر موثوقية لظواهر الطقس الحادة التي تتسبب بأضرار بشرية ومادية، وتفاقمت بفعل الاحترار المناخي العالمي.

يرى ويسمع.. بالعكس
يرى ويسمع.. بالعكس

جريدة الوطن

timeمنذ 20 دقائق

  • جريدة الوطن

يرى ويسمع.. بالعكس

في حادثة فريدة تعود إلى عام 1938 خلال الحرب الأهلية الإسبانية، تعرّض رجل لإصابة مباشرة برصاصة في دماغه، لكنه نجا بطريقة لا تُصدق. ما حدث بعد ذلك حوّل هذه الإصابة إلى واحدة من أكثر الحالات غرابة في تاريخ الطب العصبي، بعدما استيقظ ليرى ويسمع العالم بشكل مختلف. بعد تعافيه الأولي، لاحظ المريض أن الأشخاص والأشياء تظهر له من الاتجاه المعاكس لمكانها الحقيقي، كما امتد التشويش ليشمل السمع وأحيانا حاسة اللمس. كان يرى العالم وكأنه مقلوب ومرآتي في آن واحد، حتى أنه شعر بالارتباك حين رأى عمال بناء يعملون على سقالات تبدو مقلوبة تماما أمام عينيه. المثير أكثر أن المريض كان قادرا على قراءة الحروف والأرقام في الاتجاهين الطبيعي والمعكوس دون تمييز، وكأن دماغه أزال الفارق بين الشكلين. حتى ساعة اليد، كان بوسعه قراءتها من أي زاوية ممكنة. لم تتوقف الأعراض عند الانعكاس البصري فقط، بل عانى أيضا من تشوهات حسية شديدة، مثل رؤية الألوان منفصلة عن الأجسام، وانقسام الأجسام أمامه إلى ثلاث نسخ، إضافة إلى نوبات من عمى الألوان. ورغم غرابة هذه الأعراض، تعامل المريض معها بهدوء لافت.

شاحنات مساعدات تدخل إلى قطاع غزة لأول مرة منذ مارس الماضي
شاحنات مساعدات تدخل إلى قطاع غزة لأول مرة منذ مارس الماضي

العربي الجديد

timeمنذ 21 دقائق

  • العربي الجديد

شاحنات مساعدات تدخل إلى قطاع غزة لأول مرة منذ مارس الماضي

وسط الحصار الإسرائيلي المشدّد على قطاع غزة منذ الثاني من مارس/ آذار الماضي، دخلت نحو 90 شاحنة إلى القطاع في اليومَين الأخيرَين، وهي تحمل مواد غذائية، ولا سيّما الدقيق، علماً أنّ شاحنة واحدة فقط حُمّلت بأدوية لفائدة المستشفيات. وبعد 81 يوماً من الإغلاق الإسرائيلي المطبق، راحت أفران معدودة تؤمّن الخبز للفلسطينيين الذين طاولهم الجوع فيما تهدّدهم المجاعة، خصوصاً في الشمال، وسط الحرب المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، على الرغم من هدنة هشّة لم تدم شهرَين قبل أن تستأنف قوات الاحتلال عدوانها في 18 مارس الماضي. يُذكر أنّ الإمدادات التي سمحت السلطات الإسرائيلية بإدخالها لم تصل إلى المنطقة الشمالية من القطاع المحاصر والمستهدف، وبقيت محصورة في الجنوب والوسط. ويعاني معظم سكان قطاع غزة من الجوع بعد خلوّ الأسواق من المواد الغذائية، ولا سيّما السلع الأساسية، إذ منعت سلطات الاحتلال إدخال أيّ مساعدات إلى الفلسطينيين المحاصرين، حتى تلك المنقذة للحياة. وهذه ليست المرّة الأولى التي يجد فيها أهل القطاع أنفسهم في أوضاع مشابهة في خلال حرب الإبادة المتواصلة، وقد وصل الأمر بأهل الشمال إلى حدّ تناول علف الحيوانات لسدّ جوعهم في فترات سابقة. يُذكر أنّ المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، كان قد حذّر، يوم الاثنين الماضي، من خطر المجاعة في قطاع غزة حيث " يتضوّر مليونا شخص جوعاً ". وتتزامن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة وسياسة التجويع التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية مع قرارات صادرة عن جيش الاحتلال بإخلاء مناطق واسعة من منطقة شمال قطاع غزة (تضمّ محافظة غزة ومحافظة شمال غزة) في إطار توسيع العمليات العسكرية وزيادة نطاق التوغّل البري في القطاع. الصورة تفريغ شاحنات مساعدات مخصّصة للفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة عند معبر كرم أبو سالم، 22 مايو 2025 (Getty) ومن خلال برنامج الأغذية العالمي، راح عدد محدود من الأفران أو المخابز يستفيد من الدقيق الذي سمحت سلطات الاحتلال بإدخاله أخيراً إلى قطاع غزة، وبدأت تؤمّن الخبز للسكان اليوم. يُذكر أنّ 76 شاحنة من الدقيق وصلت إلى القطاع، لكنّ التوزيع سيقتصر على مناطق في وسط القطاع وجنوبه في الوقت الراهن. أمّا منطقة شمال قطاع غزة، فما زالت حتى اللحظة محرومة أبسط مقوّمات الحياة، ولم يصل إليها دقيق ولا أيّ نوع آخر من المساعدات، وسط عدم وضوح في الرؤية بشأن سماح الاحتلال بتشغيل المخابز فيها. وقد أعلن برنامج الأغذية العالمي، في بيان أصده اليوم الخميس، أنّ "عدداً قليلاً من المخابز" في جنوب قطاع غزة ووسطه "استأنف إنتاج الخبز بعد أن تمكّنت عشرات الشاحنات أخيراً من تسلّم حمولتها من معبر كرم أبو سالم الحدودي وتسليمها في خلال الليل". أضاف أنّ "هذه المخابز تعمل الآن على توزيع الخبز عبر مطابخ الوجبات الساخنة". الصورة إعادة تشغيل مخبز تابع لبرنامج الأغذية العالمي في دير البلح وسط قطاع غزة، 22 مايو 2025 (علي جاد الله/ الأناضول) في هذا الإطار، يقول المدير التنفيذي لشبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا لـ"العربي الجديد" إنّ عمليات تشغيل المخابز وتوزيع الخبز انطلقت اليوم الخميس، بعد توزيع كميات محدودة من الدقيق لإعداد الخبز والوقود لتشغيل المخابز. ويشير إلى أنّ "شاحنات الدقيق التي بلغ عددها 76 مجرّد نقطة في بحر احتياجات سكان قطاع غزة في ظلّ التجويع وإغلاق المعابر منذ مارس الماضي". يضيف الشوا أنّ "المرحلة الأولى من عمليات التوزيع ستكون في جنوب القطاع ووسطه، وثمّة تنسيق مع الأمم المتحدة من أجل تشغيل المخابز في محافظة غزة ومحافظة شمال غزة (تمثّلان المنطقة الشمالية في القطاع)"، مشيراً إلى "وعود بالتنسيق مع الطرف الإسرائيلي للقيام بذلك". ويرى الشوا أنّ "الجوع مستمرّ، وخصوصاً أنّ ما يدخل إلى قطاع غزة قليل جداً ويشمل أصنافاً محدودة جداً، الأمر الذي لا يلبّي الحدّ الأدنى من الاحتياجات"، ويشرح أنّ "2.4 مليون نسمة يحتاجون إلى الغذاء، من دون أن ننسى مستوى العطش، إلى جانب خروج معظم المستشفيات في شمال القطاع وجنوبه عن الخدمة". قضايا وناس التحديثات الحية لجنة أممية تحذّر: الحصار المستمر يقتل مزيداً من أطفال غزة من جهة أخرى، يبيّن المدير التنفيذي لشبكة المنظمات الأهلية أنّ "وفيات عديدة سُجّلت بين الأطفال في قطاع غزة نتيجة الجوع (...) وسط خشية على حياة 14 ألف طفل بفعل التجويع". يضيف الشوا أنّ "58 وفاة رُصدت في صفوف الأطفال منذ بداية الحرب على قطاع غزة بفعل التجويع والحصار ونقص الأدوية وخروج المستشفيات عن الخدمة". تجدر الإشارة إلى أنّ وتيرة المطالبات الدولية، ولا سيّما الأوروبية، راحت تتصاعد في الأيام الأخيرة، من أجل فتح المعابر وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر والمستهدف. وقد ناشدت كلّ من المملكة المتحدة وفرنسا وكندا، إلى جانب 22 دولة أخرى، إسرائيل رفع حصارها عن الفلسطينيين في قطاع غزة، بالإضافة إلى إنهاء الحرب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store