
صرخة فلسطينيين بريطانيين من لندن: أوقفوا تجويع عائلاتنا في غزة
دعت اللجنة البريطانية الفلسطينية ومنظمة "مجتمع غزة" في
المملكة المتحدة
، الخميس، إلى التدخل العاجل لوقف سياسة التجويع المتعمد التي تمارسها
إسرائيل
ضد سكان قطاع غزة. وخلال مؤتمر صحافي، سرد فلسطينيون بريطانيون شهادات مؤثرة عن المعاناة التي يعيشها ذووهم تحت الحصار والقصف المستمر منذ نحو عشرين شهرًا، وطالبوا الحكومة البريطانية باتخاذ إجراءات ملموسة تشمل وقف الدعم العسكري والدبلوماسي لإسرائيل. وشارك في المؤتمر، عبر تقنية الاتصال المرئي، عاملون في المجال الإنساني وقادة مجتمع من داخل غزة، إلى جانب أطباء يعملون حاليًا أو عادوا مؤخرًا من القطاع، حيث نقلوا مشاهداتهم عن الأوضاع الصحية والإنسانية المتدهورة.
وقالت سارة الحسيني، مديرة اللجنة البريطانية الفلسطينية، إنّ "ما نشهده في غزة ليس أزمة إنسانية ناجمة عن كارثة طبيعية، بل مجاعة مصنوعة ومفروضة عمدًا من قبل القوات الإسرائيلية". وأكدت أن الحكومة البريطانية ليست مجرد متفرج، بل شريك فاعل عبر صفقات السلاح والعلاقات السياسية رغم وجود أدلة واسعة على وقوع جرائم حرب. وشددت الحسيني على أن ما يحدث في غزة يترك أثرًا مباشرًا على المجتمع الفلسطيني في بريطانيا الذي يشعر بالعجز والألم بينما يُباد أقاربه على مرأى العالم.
تقارير دولية
التحديثات الحية
سلسلة بشرية تطوّق البرلمان البريطاني لوقف تسليح إسرائيل
وفي مداخلة عبر الإنترنت، وصف النائب العمالي ستيف ويذردين ما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية مستمرة"، محذرًا من أن إسرائيل قد تواصل العدوان حتى تُراق آخر قطرة دم فلسطيني، إن لم تُردع. وقال إنه طالب خلال جلسة برلمانية بتعليق فوري لصادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل، متهماً الحكومة بالتقاعس عن واجبها الأخلاقي والقانوني، متسائلًا: "من يحاسبها على تواطؤها في جرائم الحرب؟". وانتقد ويذردين غياب الشفافية بشأن صادرات السلاح، داعيًا إلى نشر تقارير علنية عن التراخيص، وتساءل: "هل كانت الحكومة ستتسامح مع هذا الدمار لو كان المدنيون البريطانيون هم الضحايا؟". وأكد عزمه على توجيه رسالة رسمية إلى الوزير المعني لمساءلته، مشيرًا إلى استمراره في الضغط حتى تتحمل الحكومة مسؤوليتها، ومشيدًا بالاحتجاجات التي شكّلت "خطًا بشريًا أحمر" حول البرلمان.
من جهته، قدّم باسم فرج الله، عضو "مجتمع غزة في المملكة المتحدة"، شهادة مؤثرة عن المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع، وانعكاسها اليومي على حياة ذويهم في بريطانيا. وأوضح أن معظم أبناء الجالية لديهم أقارب من الدرجة الأولى في غزة، ويعيشون في خوف دائم على مصير أحبائهم. وقال: "إذا استمر هذا الجوع، فلن تنجو عائلاتنا لأسبوع أو حتى لأيام". وروى فرج الله كيف يخرج قريبه يوميًا بحثًا عن طعام لأسرته، لكنه قبل أيام عاد باكيًا لأنه لم يجد ما يسد به جوع أطفاله. كما تحدّث عن شقيقته المصابة بالسكري وارتفاع الضغط، والتي تعيش على الخبز فقط. وناشد الحكومة البريطانية بفرض حظر شامل على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وتطبيق عقوبات سياسية واقتصادية، وضمان دخول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، ومحاسبة كل المتورطين في هذه الجرائم.
تقارير دولية
التحديثات الحية
لندن تطالب بـ"تحقيق فوري ومستقل" بشأن قتل طالبي المساعدات في غزة
وتحدّث أمجد الشوا، مدير الشبكة الفلسطينية للمنظمات في غزة، مسلطًا الضوء على البُعد الإنساني الكارثي للأوضاع في القطاع، ليس فقط من زاوية المجاعة، بل من زاوية استهداف المدنيين والمنشآت الصحية بشكل مباشر. وقال: "نعم، ينبغي أن نتحدث عن المجاعة"، مشيرًا إلى وجود مؤشر خطير على تدمير المنظومة الصحية. وأوضح أن أكثر من 80% من المستشفيات أصبحت خارج الخدمة، فيما الـ20% المتبقية تعمل جزئيًا وسط نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
وأشار الشوا إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، منذ اليوم الأول للحرب، اتخذت قرارًا واضحًا بتجويع غزة عبر منع دخول الغذاء والدواء والوقود والكهرباء والماء، واصفًا ذلك بـ"الخنق الكامل للحياة". وتطرق إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم في يناير/كانون الثاني، موضحًا أنه سمح بدخول نحو 600 شاحنة مساعدات يوميًا، وهو رقم ضئيل جدًا في ظل الدمار الواسع للبنية التحتية. وأوضح أنه بعد انهيار الهدنة في 2 مارس/آذار، "لم يدخل إلى غزة أي شيء على الإطلاق". وتحدّث عن توقف إنتاج الدقيق، الغذاء الأساسي للغزيين، في منتصف إبريل/نيسان تقريبًا، مشيرًا إلى أنه بات "في يد قلة" وفقدت معظم الأسر القدرة على شرائه. وانتقد الشوا تقاعس المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، محليًا ودوليًا، عن مواجهة حجم الكارثة.
من جانبه، قال أحمد أبو رزق، مؤسس "عقول غزة العظيمة"، وهي مبادرة لتعليم الأطفال في الخيام والمباني المدمرة، إن سكان غزة يخوضون معركتين في آنٍ واحد: "معركة ضد الجوع، وأخرى ضد القصف والدمار". وأشار إلى مبادرات المعلمين الذين واصلوا تدريس الأطفال رغم الظروف، وقال: "افتتحنا مدارس مؤقتة في الخيام والمنازل، فقط لنُشعر الأطفال بأنهم ما زالوا يستحقون التعليم والحياة". ولفت علي موسى، وهو فلسطيني بريطاني، إلى الألم النفسي العميق الذي يعيشه سكان غزة، حتى باتوا لا يعرفون متى يُسمح لهم بالبكاء أو الحديث. ووجّه رسالة إلى أهله في غزة: "نحن هنا من أجلكم، ولن نترككم أبدًا. وجودكم رغم كل شيء يمنحنا الإيمان بأن الحقيقة لا تزال حية وسط العاصفة". وأكد أن الفلسطينيين "لا يحبون الموت بل الحياة".
الصورة
علي موسى يتحدث في المؤتمر، لندن 5 يونيو 2025 (العربي الجديد)
ومن غزة، تحدّثت هند، شقيقة علي موسى، من داخل منطقة على بُعد أمتار من مواقع أمر جيش الاحتلال بإخلائها، وقالت: "نحن نختنق وسط الاكتظاظ، وإذا طُلبت منا المغادرة، فلا أعلم إلى أين سنذهب. نحن نتضوّر جوعًا، ولا أحد يستطيع فعل شيء". وأضافت: "نقدّر بيانات التضامن، لكنها لا تكفي. ما يحدث هو إبادة جماعية، والعالم لا يمكنه الاكتفاء بالمراقبة. يجب أن تتحركوا، أن تضغطوا على حكوماتكم لوقف تمويل آلات القتل".
من جانبه، قال الطبيب النفسي المقيم في غزة مصطفى الأشقر: "أنا طبيب نفسي، لكن أهل غزة ليسوا مرضى نفسيين، بل هم محاصرون في عالم مريض. الاحتلال هو المرض. الإبادة الجماعية هي المرض. وصمت العالم عنها مَرَض مريع". وأوضح أن أهل غزة لا يتحدثون عن مشاعرهم، ليس لأنهم لا يشعرون، بل لأن الحديث عن المشاعر ترف لا يمكن تحمّله في جحيم يوميّ. وناشد الحكومة البريطانية أن تُسمي ما يحدث بوصفه "إبادة جماعية"، وأن تطالب بوقف فوري لإطلاق النار ورفع الحصار وإنهاء الاحتلال، ليس فقط بالكلمات، بل بالفعل.
كما تحدّثت جراحة التجميل والترميم روسيل موهريج، التي زارت غزة مرارًا، قائلة: "على مدار العشرين شهرًا الماضية، تراكمت لدينا الأدلة والشهادات والصور، ما يكفي أخلاقيًا وقانونيًا لإنهاء هذه المجزرة، ومع ذلك، ما زالت مستمرة". وأضافت: "كنت أعتني في الغالب بالأطفال، بأطراف مبتورة، بحروق وجروح لا يجب أن يتحملها أي طفل على وجه الأرض. المستشفيات هناك مثقلة بما يتجاوز الخيال". وأشارت موهريج إلى أن الأطباء كانوا يُجبرون على اتخاذ قرارات مستحيلة، ويُجرون العمليات من دون صور أشعة أو مضادات حيوية أو ضمادات معقمة. وقالت: "بترنا أطرافًا بأدوات غير مخصصة، وعالجنا الجروح بمواد طبخ مثل الخل للتعقيم". أما وفاء شملخ، وهي أم بريطانية فلسطينية ومترجمة طبية وناشطة في المجال الإنساني، فقالت: "نحن بشر لدينا عائلات وثقافة وأحلام... نحب بشدة، ونقاوم التجريد من إنسانيتنا بشراسة. لذلك أسألكم: بأي حق تختزلوننا إلى أرقام؟". وسألت الحكومة البريطانية: "كم طفلًا آخر يجب أن يموت قبل أن تتحرّكوا؟ كم أمًّا أخرى يجب أن تدفن أبناءها؟".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 10 ساعات
- القدس العربي
فلسطينيون حُرموا العيد في جنين بعدما قتل الجيش الإسرائيلي أبناءهم
جنين: لم تتمكن عبير غزاوي سوى من قضاء دقائق معدودة لزيارة قبري ابنيها صباح عيد الأضحى المبارك، قبل أن يُخلي الجنود الإسرائيليون المقبرة القريبة من مخيم جنين للاجئين، الذي أخلي من سكانه في الضفة الغربية المحتلة. نفذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية استمرت شهورًا في المخيم، ما أجبر عبير غزاوي، وآلاف السكان الآخرين، على الفرار والنزوح بعيدًا عن منازلهم. تعتز عبير غزاوي بتحقيق 'انتصار صغير' خلال الدقائق القليلة الثمينة التي قضتها عند قبري ابنيها ومع ذلك، تعتز غزاوي بتحقيق 'انتصار صغير' خلال الدقائق القليلة الثمينة التي قضتها عند قبري ابنيها. قالت عبير، البالغة من العمر 48 عامًا: 'في العيد الماضي (عيد الفطر) اقتحموا المخيم. حتى إنهم أطلقوا النار علينا. لكن في هذا العيد، لم يطلقوا النار، فقط طردونا من المقبرة مرتين'. وأضافت: 'تمكّنا من زيارة أرضنا، وتنظيف محيط القبور، وسكب ماء الورد وبعض العطر عليها'، كما جرت العادة في أول أيام عيد الأضحى، الذي بدأ الجمعة. جاء رجال ونساء إلى مقبرة مخيم جنين حاملين الزهور والرياحين. وجلس كثيرون بجانب القبور يصلّون، ويمسحون عنها الغبار، ويقتلعون الأعشاب. بعد ذلك بوقت قصير، وصلت سيارة مدرعة إلى الموقع، وترجّل منها جنود لإخلاء المقبرة من المعزين، الذين غادروها بصمت ووقار، من دون احتجاج. قُتل محمد وباسل، ابنا عبير، في كانون الثاني/يناير 2024، في مستشفى جنين، برصاص عناصر وحدة إسرائيلية متنكرة بلباس مدني. وقد نعتهما لاحقًا حركة 'الجهاد الإسلامي'. ومثل الأم الثكلى، رثى كثيرون من أهالي جنين أبناءهم الذين قُتلوا خلال عمليات الاقتحام الإسرائيلية المتكررة للمدينة، التي تضم فصائل فلسطينية تقاتل إسرائيل. 'ليس هناك عيد' في العملية العسكرية، الجارية منذ أشهر، في شمال الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، أخلت القوات الإسرائيلية، التي تقول إنها تستهدف المقاتلين، ثلاثة مخيمات للاجئين من جميع سكانها، ونشرت دبابات في جنين. ذهب محمد أبو حجاب، البالغ 51 عامًا، إلى المقبرة الواقعة في الطرف الآخر من المدينة، لزيارة قبر ابنه، الذي قُتل في كانون الثاني/يناير، في غارة إسرائيلية أسفرت عن مقتل خمسة آخرين. وقال بحزن، واقفًا بجانب شواهد القبور الستة الصغيرة: 'ليس هناك عيد. فقدت ابني، كيف يمكنني أن أحتفل بالعيد؟'. لم يقدم الجيش الإسرائيلي تفاصيل في حينه، مكتفيًا بالقول إنه نفذ 'عملية في منطقة جنين'. وأضاف أبو حجاب: 'لا حسيب ولا رقيب. أحد الضحايا كان طفلًا، من مواليد 2008، لم يتجاوز السادسة عشرة'. وتابع، مشيرًا إلى استمرار انتشار الجيش في جنين: 'ما زال لديّ ثلاثة أطفال آخرين. أعيش 24 ساعة في اليوم في حالة من القلق، لا نعرف راحة البال'. من حوله، جلس أفراد العائلات أو وقفوا حول القبور في مقبرة الحي الشرقي في جنين، التي توجّهوا إليها بعد صلاة العيد في المسجد الكبير القريب. محمد حزوزي: كل احتلال سينتهي في النهاية، مهما طال الأمر… إن شاء الله سنحقق هدفنا في إقامة دولتنا الفلسطينية. هذا أملنا الوحيد أقام إمام المسجد صلاة الغائب في المقبرة على أرواح من قُتلوا في غزة، ومن قُتلوا في جنين، خصوصًا على يد الجيش الإسرائيلي. وقال همام السعدي، البالغ 31 عامًا، إنه يزور المقبرة في كل مناسبة دينية منذ مقتل شقيقه في غارة إسرائيلية، 'لمجرد أن أجلس معه'. 'أملنا الوحيد' على عدد كبير من القبور كُتبت كلمة 'الشهيد'، ووُضعت صور لشباب يحملون بنادق. فقد محمد حزوزي، البالغ 61 عامًا، ابنه خلال عملية عسكرية، في تشرين الثاني/نوفمبر 2024. ويعاني الأب من البطالة منذ أوقفت إسرائيل إصدار تصاريح العمل لسكان الضفة الغربية، بعد اندلاع حرب غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023. ورغم الانتشار العسكري الإسرائيلي في جنين، لا يزال حزوزي متمسكًا بالأمل: 'إنهم هناك منذ شهور، لكن كل احتلال سينتهي في النهاية، مهما طال الأمر… إن شاء الله، سنحقق هدفنا في إقامة دولتنا الفلسطينية. هذا أملنا الوحيد… تفاءلوا بالخير تجدوه'. (أ ف ب)


العربي الجديد
منذ 11 ساعات
- العربي الجديد
مجلس الإفتاء السوري يحرّم الثأر: استرداد الحقوق عبر القضاء
أصدر مجلس الإفتاء الأعلى السوري، اليوم الجمعة، فتوى أكد فيها حرمة التعدي على الدماء والأموال والأعراض، مشيراً إلى وجوب استرداد الحقوق من خلال القضاء والسلطات المختصة، دون اللجوء للانتقام الفردي، وذلك مع تزايد حالات القتل خارج القانون خلال الفترة الأخيرة. وقال المجلس في الفتوى الصادرة عنه إن من حق المظلوم المطالبة بحقه عبر الطرق المشروعة، لكن الواجب في استيفاء الحقوق أن يكون عن طريق القضاء فقط، وليس عبر التصرف الفردي أو بناءً على إشاعات، حفاظاً على حرمة الدماء والأعراض ومنعاً للفوضى. جانب من الاجتماع الثاني لمجلس الإفتاء الأعلى في الجمهورية العربية السورية 📌مجلس الإفتاء أقرّ في الاجتماع إصدار فتوى في تحريم الثأر والانتقام 📌مجلس الإفتاء: الفتوى صدرت في يوم العيد تأسّياً بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم النحر #الإخبارية_السورية — الإخبارية السورية (@AlekhbariahSY) June 6, 2025 وحذّر المجلس من تحريض الأفراد على الثأر ، مؤكداً أن ذلك "يُذكي نار الفتنة ويهدد السلم المجتمعي". كما طالب المجلس المسؤولين بـ"تعجيل إجراءات التقاضي، وإبعاد قضاة السوء الذين كانوا أداة للنظام البائد في ظلم الناس، وضمان تحقيق العدالة حفاظا على استقرار المجتمع". مجلس الإفتاء الأعلى يصدر فتوى في حكم الثأر والانتقام خارج نطاق القضاء وإطار القانون #الإخبارية_السورية — الإخبارية السورية (@AlekhbariahSY) June 6, 2025 تقارير دولية التحديثات الحية العفو عن مقتحمي الكابيتول لا يكفي أنصار ترامب: "نريد الثأر" ترحيب أميركي بالفتوى في سياق متصل، رحّب المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، توماس باراك، بفتوى مجلس الإفتاء الأعلى في سورية التي حرّمت الثأر والانتقام خارج إطار القانون. وقال باراك في تغريدة على منصة "إكس": إنها "خطوة أولى رائعة للحكومة السورية الجديدة نحو سورية جديدة". Great first steps for a new Syrian Government on the move towards a new Syria. — Ambassador Tom Barrack (@USAMBTurkiye) June 6, 2025 وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثّقت مقتل 157 مدنياً في سورية في مايو/أيار الماضي، بينهم 20 طفلاً، خارج نطاق القانون. وعقب إسقاط النظام السابق انتشرت حالات القتل بدافع الانتقام والثأر، وسط مطالب بسرعة البدء باجراءات العدالة الانتقالية وإشراف القضاء.


العربي الجديد
منذ 21 ساعات
- العربي الجديد
مادة الفلسفة وجوهر قضية الحرية
أخذ الامتحان الوطني الخاص بمادة الفلسفة؛ ضمن اختبارات البكالوريا المغربية (الثانوية)؛ منعطفًا فاجأ الجميع. حيث صُدم التلاميذ بغياب درس "الوضع البشري"، والذي اعتادوا على توقّعه في الامتحانات الوطنية، والاستعداد للكتابة المقالية تخصّ موضوعًا يطرحه للنقاش. غير أنّ الموضوع/ المفاجأة كان وفق التالي: "إن فَعل كل مواطن ما يحلو له فلن تكون هناك حرية أبدا". انطلاقا من القولة بين(ي) هل يتعين تقييد أفعال الإنسان بالقانون كي تتحقق حريته". القول المطروح في الامتحان هو للفيلسوف الفرنسي إيتين بونوا دي كوندياك. وبينما تحدّث الجميع عن المفاجأة وضرورة إنصاف التلاميذ وفق تعاقد بيداغوجي واضح يراعي استعدادتهم، توارى النقاش عن جوهر المقولة. حيث لا بُدّ أن تصبح مواضيع امتحان الفلسفة الوطنية مناسبة لمناقشة علاقتها بالمشكلات الراهنة للمجتمع. وهذه سُنة حميدة يَحسُن ترسيخها كلّ سنة بدل اختزال الاختبار في الجانب التقني الخالص. وقد شدّ انتباهي اختيار "كوندياك" تحديدًا. لقد عاش "كوندياك" تحت ظلّ فرنسا المَلكية، غير أنّه كان تنويريًا في الفلسفة وصاحب أفكار ثورية في الاقتصاد، إلا أنّه اتخذ أطروحات محافظة ومليكة في السياسة. وقد تصوّر أنّ تشريعات الدولة يجب أن تناسب الطبيعة البشرية، كما على المواطن طاعة القوانين ضمن إطار العقد الاجتماعي الذي يحافظ على الحريات "المعقولة". وما دامت "حالة الطبيعة" قد اتسمت بالفوضى فقد فرضت الانتقال إلى حالة التعاقد والتعاون بين الناس حتى يلبوا حاجاتهم. لذلك أكّد كوندياك أهمية ثلاثة قوانين طبيعية: أولًا، عبادة الله، وهي أوّل قانون طبيعي. ثانيًا، يولد الناس سواسية. نتيجة ذلك، إنّ القانون الثالث يمنح الناس الحقّ في الدفاع عن أنفسهم، وأنّ على المرء أن يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه. لذلك، فإنّ تجنب الأذى يوجب إنشاء عقد اجتماعي لضمان تحقيق الناس لمصالحهم بطرق مستنيرة. لذلك علينا أن نجد مصلحة كلّ مواطن متضمّنة في مصالح المجتمع العام، حتى يتمكنّ رجل الدولة من تدبير المصالح المُتعارضة في انسجام من دون تفضيل طبقة على أخرى. تحوّل درس الفلسفة إلى عملية حفظ وتكرار عبر كتابة مقالات مُعلّبة وركيكة وجاهزة لقد اتسمت فلسفة كوندياك بنزعة تجريبية متأثّرة بالفلاسفة الإنكليز، وخاصة فلسفة جون لوك التجريبية، غير أنّ كوندياك تبنى مذهبًا حسّيًا أكثر صرامة مُخالفًا التقاليد الفرنسية التي تعلي من مكانة العقل والأفكار في فهم العالم. لكن الملاحظ أنّ كوندياك لم يتبن الفلسفة المادية، بل ظلّ محافظًا كاثوليكيًا يفسح مجالًا للإيمان حيثما استطاع، داعيًا إلى طاعة القوانين بالموازاة مع تربية المواطنين على ربط الحرية بالمسؤولية الأخلاقية أمام أفعالنا. وهذا ما يبدو مهمًا في فلسفة رجل كان صديقًا لجون جاك روسو ومرشدًا للأمير فيردناند (حفيد الملك لويس الخامس عشر). المقولة أعلاه، تفسح إذن مجالًا واسعًا للتأمّل في إشكالية تحرير الفعل الإنساني من الاستبداد، لكن من دون تناسي القلق الرهيب من احتمال الوقوع في براثن الفوضى والنزاع والانهيار الذي يصيب الدول والمجتمعات. خاصة إذا تأملنا الموضوع في ارتباطه بالوقائع الراهنة للدول في منطقة شمال إفريقيا وغيرها. وهذا التفاوت بين فلسفة كوندياك التنويرية مقابل نزعته المحافظة في المجال السياسي تمنحنا إمكانية مهمّة لمناقشة هذه المعضلة الراهنة، أي الاستبداد والفوضى. وما ينتج عن ذلك من ضرورة التنوير، والتربية الأخلاقية، خاصة في مجال التعليم. وإذا عدنا إلى الجدل الذي أثاره الامتحان، نلاحظ أنّ درس الفلسفة قد تحوّل إلى عملية حفظ وتكرار عبر كتابة مقالات مُعلّبة وركيكة وجاهزة. لكن، من خلق لدى التلاميذ هذا التوقّع الدائم؟ إنها الاختبارات التي تقدّم إطار الدرس نفسه بشكل متكرّر. وقد قدّمت نفس الدروس المتوقّعة ضمن الامتحان نفسه المُخصّص لشُعب الآداب والعلوم الإنسانية. بينما اقتصر موضوع الجدل على اختبارات الشعب العلمية والتقنية. لذلك فإن تحميل التلميذ المسؤولية وحده أمر لا يأخذ الصورة المُكتملة، الأمر الذي ينبّهنا إلى المسؤولية المشتركة أمام قضية التعليم بوصفها قضية المجتمع الأولى.