هل من خطوات في الطريق؟
اليوم التالي هو مبرر دولة الاحتلال، وهو الذي ما زال يؤرقها، وهو من وجهة نظرها السلام مقابل الاستسلام، وهو ما يذكرنا بما تحاول إسرائيل ترسيخه من سنوات: السلام مقابل السلام، لا الأرض مقابل السلام. ويبدو أن ويتكوف انتبه لنوايا إسرائيل المحتلة، حين جاء البند السابع الذي أكده البند الأخير أي رقم 13 «سيعلن الرئيس الأميركي شخصيا اتفاق وقف إطلاق النار، وتلتزم الولايات المتحدة ورئيسها بالعمل على ضمان استمرار المفاوضات بحسن نية حتى التوصل إلى اتفاق نهائي».
وبالطبع فإن دولة الاحتلال تماطل، لذلك طالب الرئيس الفرنسي «بتشديد الموقف الأوروبي ضد إسرائيل».
«حماس» تخشى أن المقترح لا يتضمن ضمانا بأن تؤدي الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار، فطلبت ضمانا أميركيا بأن إسرائيل لن تستأنف القتال إذا فشلت محادثات وقف إطلاق النار».
- كيف تنصاع دولة الاحتلال لمطالب الأسرة الدولية بمن فيها الحلفاء؟
- ................
الجواب مفتاح بداية خلق نوايا حسنة، فهل سيترك العالم دولة الاحتلال تفعل ما تفعله إلى حين التفكير بتغيير النوايا!
ليس هناك من تفسير لسلوك الاحتلال منذ السابع من أكتوبر، إلا إرادة قتل الفلسطينيين وتدميرهم، ودليل ذلك ما حصل بعد شباط، حين استأنفت دولة الاحتلال حربها على المدنيين حتى الآن. وهدف القتل والتدمير واضح، وهو دفعهم للهجرة بعد أن يجعل الاحتلال بلادنا غير صالحة للحياة.
إن تأمل مقترحات الهدن، وصفقة تبادل الأسرى، وصولا إلى ويتكيف 1 وويتكيف 2، يؤكد أنه فعلا ليس هناك اختلاف جوهري سوى في النظر إلى تبادل الأسرى في ظل وقف دائم لإطلاق النار.
لم يعد العالم، ولا الحلفاء بمن فيهم الولايات المتحدة الحليف والشريك، يحتمل استمرار قتل المدنيين وتجويعهم. لذلك لا بد من خطوات آنية ومستقبلية، تتمثل بمعاقبة دولة الاحتلال وفرض أنواع مختلفة من الحصار عليها، حتى تنصاع للمنطق الإنساني والسياسي.
بن غفير يرى أنه حتى وقف النار المؤقت يعني رفع الراية والاستسلام. بالرغم من معرفتنا بمواقف اليمين المتطرف، لكن التعويل، اليوم، على ضرورة ممارسة ضغوطات دولية حقيقية على دولة الاحتلال، ولربما تصحو المؤسسة العسكرية، ولو متأخرة، من انقيادها الجنوني في قتل المدنيين، وهي من تعرف أصلا أن حلّ القضية الفلسطينية لا يمكن حسمه عسكريا، وأنه بما أن الظروف تسمح باختراق سياسي ما، فلا بد من دفع استحقاقات على الأرض تبدأ بالعصيان، وعدم الاستمرار بقتل المدنيين وتدميرهم.
لم تقم دولة الاحتلال، التي لم تكن بريئة قبل السابع من أكتوبر 2023، بحربها مقتصرة بها على المسلحين في قطاع غزة، ولو فعلت ذلك، ربما لوجدت موقفا مغايرا، كون العالم سيفهم أن الجماعات المسلحة تشكل جيشا ما، والحروب تقع عادة بين الجيوش، لكن الحرب على غزة لم تكن حربا حقيقية أبدا من أول يوم، بل كانت حربا على المدنيين وممتلكاتهم، من خلال القصف العشوائي، وبلغت الجريمة أوجها في تدمير البيوت فوق أصحابها فصارت قبورا، كذلك في استمرار قصف خيام الإيواء بمبرر زيارة أحد المسلحين لأهله.
كيف استمر ذلك؟ كيف قبلت الدول التي سلحت دولة الاحتلال بأن يتم قصف المدنيين بمتفجرات معاصرة قوية؟ ألم تشترط تلك الدولة المزودة للسلاح أو البائعة له، على دولة الاحتلال ألا تستخدمها ضد المدنيين الفلسطينيين والمدنيين في الدول العربية؟
جنون السؤال الذي يجرّ معه جنون الأسئلة التي تتعلق بردود فعل الأعداء والأصدقاء والأشقاء، كيف يستمر ذلك؟ لم استمر القتل 600 يوم وأكثر؟
استغرب العالم حين قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بعد أشهر من بدء قتل غزة، إن الحرب ستستمر عاما، فكيف هو حال الاستغراب الآن؟
فإذا احترنا ما نكتب هنا، فهل احتار ساسة العالم؟ فعل هذا العالم بدوله الكبرى عاجز عن وقف الحرب المسعورة على شعبنا؟ ولم ما زالت المؤسسات الأممية عاجزة؟ هل دولة الاحتلال استثناء من المعاقبة والمحاسبة والمساءلة؟
أين الحدّ الأدنى من الأخلاق؟ وهل فعلا ينام ساسة الدول الداعمة للاحتلال وهم يرون المآسي التي تحدث يوميا في غزة؟
القول ليس فعلا، والشعور حتى وإن كان متضامنا، لا يكفي أيضا، ومعروفة طرق إجبار المعتدين على وقف الاعتداء. منذ الأسابيع الأولى، كان من الممكن إنجاز صفقة تبادل الأسرى، خاصة بعد قتل الاحتلال الآلاف من الغزيين، وتدمير ممتلكات كبيرة وكثيرة، وكان من الممكن إيجاد مخرج سياسي لما يحدث في قطاع غزة، ولكن كيف تفعل إسرائيل المحتلة هذا الأمر وهي التي أصلا من خلقت الظروف لما حدث في غزة منذ 18 عاما، بل وهي من حافظت على تلك الظروف كما شاهدنا؟
طريق الحل السياسي واضحة، فإن كانت إسرائيل راغبة في السير فيها، فستكون هناك خطوات باتجاه حسم الصراع على هذه الأرض، وليس حسم معركة غزة فقط. والطريق واضحة للدول والوسطاء، فلماذا تصرّ دولة الاحتلال على عدم السير فيها؟ الجواب معروف وهو أنها لا تريد أن تقدم أي استحقاقات لعملية السلام.
والآن، في ظل الأمل بوقف الحرب على الأرض، فإن ثمة حروبا ستحدث هنا بعد أن يجد الغزيون وقتا لرؤية الحال بعد الحرب العالمية التي وقعت عليهم.
وحتى لا يحدث التهجير، لا بد من تقوية البقاء وأمل البقاء هنا. وقد صار معروفا لكل الدول والمؤسسات كيف تغيث غزة. ولا بد بالطبع من وقف الحرب، بل وأخذ ضمانات ألا يتم تكرارها، ليتيسر تعمير قطاع غزة، الذي يحتاج في المرحلة الأولى من التعمير لنصف مليون عامل وفنيّ وخبير لبناء جزء مهم مما يحتاجه الغزيون. لا بد من تقسيم غزة إلى مربعات لا لتدميرها بل لإعمارها والذي يجب ألا يستمر طويلا. إن إنجاز التعمير بأقصى سرعة ممكنة سيخفف المصاب.
من الآخر، يمكن التأثير على عناد دولة الاحتلال التي لن تلين بسهولة، بل لا بد من إجبارها على فعل العقل؛ فقد جنت الآلة العسكرية القاتلة لأنها بأيدي قتلة؛ فإذا تفهمنا وجود أفراد متطرفين دمويين، فلا يمكن تفهم وجود دولة بلا أخلاق ما زال العالم يقبل انتماءها له وللمؤسسات الدولية.
لم تكن الخطوات على الطريق واضحة كما هي عليه الآن: عدم ترك دولة الاحتلال لتقرر، لا بد من أوصياء على أفعالها، لحاجة العالم للأمل، فمن يجرم في فلسطين سيشرعن الإجرام في العالم، وهذا ما صار يسكن في وعي الشعوب المقاومة للقتل وفي لا وعيها، فهي معرضة مستقبلا لممارسة مثيلة يمكن التعرض لها.
الأمل: وقف الحرب وبدء خطوات تجبر الاحتلال على السلام، ووقتها فقط سيتنفس العالم، بمن فيه الأعداء والحلفاء والأصدقاء بعد أن خنقتنا دولة الاحتلال سنوات وسنوات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الايام
منذ 29 دقائق
- جريدة الايام
عصابات الإجرام تتسبّب بإحكام الحصار على شمال غزة
كتب عيسى سعد الله: أحكمت عصابات الإجرام وقطاع الطرق، في محافظات جنوب قطاع غزة، حصارها على منطقة شمال القطاع التي تضم محافظتَي غزة والشمال، ومنعت دخول بضائع وسلع إلى المنطقة تحت قوة السلاح، وسط حالة من الصدمة والذهول في صفوف أبناء المحافظتين. ونصبت هذه العصابات حواجز ثابتة على طول الطريق المؤدي إلى منطقة شمال القطاع، وقامت بمصادرة أي كمية من البضائع كانت في طريقها إلى المنطقة، صاحبَها عمليات ضرب بحق المواطنين العائدين إلى المنطقة، ما أدى إلى نقص حاد في الخضراوات التي كانت تصل من محافظتَي الوسطى وخان يونس. وبالتوازي مع انتشار العصابات وقطاع الطرق على طول الطريق المؤدي إلى الشمال، وبشكل خاص في منطقة تبة النويري، سطت عصابات أخرى على عشرات الشاحنات المحمّلة بالطحين والمواد الغذائية الأخرى، وقامت بإفراغ حمولتها في منطقتَي خان يونس والمحافظة الوسطى وسرقتها والتصرف بها، حسبما أفاد شهود عيان ومصادر إعلامية، ما أدى إلى حرمان أكثر من مليون ومئتي ألف مواطن يسكنون الشمال من الطحين، للشهر الرابع على التوالي. وفي الوقت الذي سرقت فيه هذه العصابات الطحين وباعته بسعر زهيد في الجنوب، واصلت أسعاره ارتفاعها الجنوني في الشمال، ليصل إلى سبعين شيكلاً للكيلو الواحد. وأشار شهود عيان إلى أن الاستهدافات المتكررة لجيش الاحتلال لقوات الأمن والشرطة تزيد من نشاط هذه العصابات، وتحدّ من قدرة الشاحنات والتجار على إيصال البضائع إلى شمال القطاع الذي يعاني من مجاعة مميتة تتفاقم يوماً بعد يوم. ولم تكتفِ العصابات بمنع إدخال المواد الغذائية للقطاع، بل تقوم بالسطو على جميع المواطنين العائدين إلى المنطقة، حيث تقوم بتفتيشهم بشكل دقيق ومصادرة النقود وحتى الهواتف النقالة، كما حصل مع المواطن ياسر طلال الذي تعرض للسرقة والضرب، ومصادرة سلع كان قد اشتراها من الجنوب. وبيّن طلال أنه يعمل في مجال التجارة بين الشمال والجنوب خاصة في تجارة الطحين، وإدخال عشرات الأكياس يومياً. وأوضح أنه أثناء عودته للشمال، ظهر أمس، تفاجأ بحاجز يقف عليه عدد من المسلحين استولوا على الطحين والبضاعة، ثم قاموا بتفتيشه ومصادرة أكثر من ثلاثة آلاف شيكل قبل أن يسمحوا له باستكمال طريقه عائداً إلى مدينة غزة. ولفت إلى أنه تعرض للضرب عند محاولته منعهم من مصادرة البضاعة، ما دفعه إلى التراجع بعد أن هددوه بالقتل إذا لم يهدأ. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لبعض العصابات والأشخاص أثناء سطوهم على المساعدات والمواطنين، كما انتشرت مقاطع أخرى لأشخاص تعرضوا للعقاب ووقعوا بأيدي عناصر الأجهزة الأمنية التي قامت بدورها بإنزال عقوبات شديدة بحقهم. وذكر شهود عيان أن بعض أفراد الأجهزة الأمنية يحاولون وضع حد لهذه العصابات رغم المخاطر الشديدة التي تعترضهم، خاصة وحدة "سهم" التي فعّلتها الشرطة مؤخراً في غزة، بعد اتساع نطاق عمليات السرقة والنهب. وشهدت ساعات فجر وصباح أمس أوسع عملية سرقة نفذتها العصابات عندما سطت على نحو 110 شاحنات محمّلة بالطحين والعدس والسكر والملح، كانت في طريقها إلى مخازن مؤسسة أممية للبدء بتوزيعها بنظام الدورة على المواطنين. ولم تنجُ أي شاحنة من عمليات السطو والسرقة التي شارك فيها مواطنون ومسلحون، حيث أفاد شهود عيان بأن إحدى العائلات في المحافظة الوسطى سيطرت على حمولة شاحنة بأكملها والتي تبلغ نحو 2200 كيس طحين، وقامت ببيعها على الملأ بواقع 300 شيكل للكيس الواحد. ويطالب سكان شمال غزة جميع الشرفاء والفصائل والحكومة والمؤسسات بوضع حد لهذه التصرفات ولجمها، ليتسنى دخول البضائع والمساعدات إلى منطقتهم المنكوبة. ومن أصل أكثر من 900 شاحنة محملة بالمساعدات وصلت على مدار الأيام العشرة الماضية للقطاع عبر معبر كرم أبو سالم جنوب القطاع، لم تصل شاحنة واحدة إلى منطقة الشمال، التي تضم العدد الأكبر من سكان القطاع. وتتهم الفصائل الاحتلال بدعم هذه العصابات عبر توفير الغطاء العسكري والأمني لها، من أجل الإمعان في معاناة المواطنين، وخلق شرخ في المجتمع.


جريدة الايام
منذ 29 دقائق
- جريدة الايام
الوفد الوزاري العربي يندد بمنع إسرائيل زيارته إلى رام الله اليوم
عمّان، رام الله - وكالات: ندّد الوفد الوزاري العربي الذي كان يعتزم زيارة رام الله، اليوم، بمنع إسرائيل دخوله، بعد أن أعلنت الدولة العبرية أنها "لن تتعاون" مع الزيارة الهادفة إلى "الترويج لإقامة دولة فلسطينية". وقال مسؤول إسرائيلي، ليل الجمعة السبت، إن الدولة العبرية "لن تتعاون" مع زيارة وزراء خارجية عرب إلى الضفة الغربية المحتلة. وأضاف في بيان، "كانت السلطة الفلسطينية التي ما زالت ترفض إدانة مجزرة السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تعتزم أن تستضيف في رام الله، اجتماعاً استفزازياً لوزراء خارجية دول عربية، للترويج لإقامة دولة فلسطينية". وأضاف، "مثل هذه الدولة ستكون بلا شك دولة إرهابية في قلب أرض إسرائيل. لن تتعاون إسرائيل مع مثل هذه التحركات التي تهدف إلى الإضرار بها وبأمنها". من جهته، قال نائب رئيس دولة فلسطين، نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، إن قرار الاحتلال بمنع وصول الوفد العربي الإسلامي إلى رام الله تصعيد خطير يعبر عن سلوك متعجرف واستفزازي وغير مسبوق. وأضاف الشيخ في تصريح نشره عبر حسابه على منصة "إكس"، أمس، "ندرس مع الأشقاء العرب كيفية الرد على هذا القرار". من جهته، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد المجدلاني، إن القرار الإسرائيلي بمنع الزيارة "غير مستغرب من دولة فاشية". من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية الأردنية في وقت لاحق، أمس، بيانا قالت فيه، إن الوفد الوزاري الذي يصل إلى عمان، مساء السبت، لعقد "اجتماع تنسيقي" قبل الزيارة التي كانت مقررة إلى رام الله، "أكد في موقف مشترك أن قرار إسرائيل يمثّل خرقاً فاضحاً لالتزاماتها بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، ويعكس حجم غطرسة الحكومة الإسرائيلية، وعدم اكتراثها بالقانون الدولي". وأوضح البيان أن الوفد يتألف من أعضاء في اللجنة الوزارية المكلّفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة متابعة الحرب في قطاع غزة، مضيفاً، إن "اللجنة قرّرت تأجيل الزيارة إلى رام الله في ضوء تعطيل إسرائيل لها من خلال رفض دخول الوفد عبر أجواء الضفة الغربية المحتلة التي تسيطر عليها". وتتحكّم إسرائيل بكل المنافذ إلى الأراضي الفلسطينية. ولا يوجد مطار في رام الله، لكن الأرجح أن الوفد كان سيستخدم المروحيات للوصول. ويضم الوفد، إضافة إلى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، رئيس اللجنة الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي، وعبد اللطيف بن راشد الزياني وزير خارجية البحرين، وبدر عبد العاطي وزير خارجية مصر وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط. وكان يفترض أن يلتقي الرئيس محمود عباس. وكانت تقارير إعلامية تحدثت عن مشاركة وزيري خارجية تركيا وقطر أيضا في الزيارة. وجاء الإعلان عن منع الزيارة غداة إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الجمعة، أن إسرائيل ستبني "الدولة اليهودية الإسرائيلية" في الضفة الغربية. وكانت الحكومة الإسرائيلية أعلنت، الخميس، إقامة 22 مستوطنة جديدة في الأراضي المحتلة. وتترأس المملكة العربية السعودية وفرنسا مؤتمراً دولياً مشتركاً في نيويورك في 18 حزيران في مقرّ الأمم المتحدة، لإعطاء دفع لما يعرف بحلّ الدولتين بعد أن اعترفت نحو 150 دولة بفلسطين. وقال دبلوماسي في باريس مطّلع على التحضيرات للمؤتمر، إنّه من المفترض أن يمهّد لاعتراف مزيد من الدول بدولة فلسطينية. وكانت إيرلندا والنرويج وإسبانيا وسلوفينيا أقدمت في العام 2024 على هذه الخطوة. وتترافق كل هذه الحركة الدبلوماسية مع ضغوط على إسرائيل لتخفيف الحصار على قطاع غزة الذي يشهد حربا مدمّرة منذ عشرين شهرا . وتسبّب حصار مطبق تفرضه إسرائيل منذ أكثر من شهرين بنقص حاد في الغذاء والماء والدواء وغيرها من المواد الأساسية في قطاع غزة، وقالت الأمم المتحدة، إن كل سكان غزة معرضون للمجاعة. وقال كبير الباحثين في معهد الشرق الأوسط في واشنطن فراس مقصد لوكالة فرانس برس، إن زيارة الوزير السعودي "الاستثنائية" التي كانت مقررة إلى رام الله "تبرز مدى تحوّل الموقف السعودي من بناء مسار موثوق نحو دولة فلسطينية عبر تطبيع مشروط مع إسرائيل، إلى موقف يهدف إلى بناء هذا المسار عبر تحالف دولي يدعم التطلعات الفلسطينية". وأضاف، "لن تفرط الرياض في القضية الفلسطينية كما تكهّن الكثيرون. إنها بحاجة إلى منطقة أكثر سلاماً وتكاملاً لنجاح مشروعها الوطني، ولكن ليس بأي ثمن. ببساطة، لم يعد هناك هيكل تحفيزي للتطبيع مع إسرائيل". وأشار مقصد إلى "انتقال السعودية وإسرائيل من التطبيع إلى المواجهة الدبلوماسية".


جريدة الايام
منذ 29 دقائق
- جريدة الايام
هكذا حوّل الاحتلال بلدة خزاعة الجميلة إلى مساحات قاحلة
كتب خليل الشيخ: صمت المواطن "أبو شريف" لوقت قصير قبل أن يبدأ بالحديث عن بلدة خزاعة، جنوب قطاع غزة، التي مسحها الاحتلال بالكامل. وقال: "راح كل شيء، راحت الدار والمزرعة، راحت البيوت الحلوة كلها، وجرفت الأراضي الزراعية، ما بقي إلا الدمار والخراب". لم يكن صمت "أبو شريف" في الستينيات من عمره، بسبب عدم قدرته على الحديث، بل لتأثره الواضح لما حل ببلدته خزاعة، التي سكنها منذ أكثر من 50 عاماً، عندما كان طفلاً لم يتعدّ العاشرة من عمره. وتحولت بلدة خزاعة التي تبلغ مساحتها سبعة كيلو مترات، إلى صحراء قاحلة، خلت من أي مبنى قائم، وشوهدت فيها أكوام ركام المنازل والمرافق، حسب التسجيل الذي نشره الاحتلال قبل يومين فقط. "تفرجت على التسجيل وانصدمت، صحيح كان هناك دمار قبل هيك بس مش لهاي الدرجة"، أضاف "أبو شريف" الذي كان يعمل في تربية الدواجن قبل العدوان. وأوضح أنه كان ينتظر اليوم الذي سيعود فيه إلى منزله المدمر والمزرعة، لكن بعد أن تمكنت قوات الاحتلال من تدمير كل شي في خزاعة، لم يعد هناك ما سيرجع إليه. لم يكمل "أبو شريف" حديثه وشرع بالبكاء حسرة على ضياع بلدة كاملة كان يسكنها نحو 15 ألف شخص، وتقع عند الحدود الشرقية بمحاذاة خط التحديد شرق خان يونس، جنوب القطاع. وقال: "لم أستطع إكمال مشاهدة التسجيل الذي تناقلته وسائل الإعلام خاصة وأنا أتذكر المزارع والشوارع والبيوت الجميلة التي كانت تضمها البلدة الهادئة". يذكر أن قوات الاحتلال التي احتلت البلدة بالكامل منذ الثامن عشر من آذار الماضي، أكملت هدم وتفجير كافة المنازل فيها، وجرفت ما بقي من مزارع لم تطلها أعمال التجريف في شهور العدوان التي سبقت الهدنة الموقعة في التاسع عشر من كانون الثاني الماضي. وأعلنت بلدية خزاعة في بيان أصدرته، أمس أن البلدة أصبحت منطقة منكوبة بالكامل نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المباشر، الذي طال مختلف مكونات الحياة فيها. وأشار رئيس البلدية شحدة أبو روك إلى أنه لم تعد حياة في البلدة، فجميع المنازل مدمّرة، وكافة شبكات وآبار المياه فيها قد جرفها الاحتلال وتحولت المساحات الخضراء إلى مساحات قاحلة ويابسة. وأضاف في تصريحات صحافية: الدمار تسبب بتسوية المباني كلها بالأرض، ودمرت المرافق الصحية والتعليمية، وكافة شبكات البنى التحتية خرجت عن الخدمة، معتبراً أن ما تعرضت له البلدة هو انتهاك صارخ للقانون الدولي وجريمة مستمرة. وبيّن أن ما حلّ بخزاعة ليس دمارا وخرابا فقط، بل مسرح لجرائم الاحتلال بحق ساكنيها على مدار 20 شهراً، فقوات الاحتلال قتلت المئات من قاطنيها سواء في مناطق داخل البلدة أو أثناء نزوحهم منها، وفي أماكن نزوحهم وتشتتهم في مراكز الإيواء. ولا ينقطع "أبو شريف" الذي سكن وعائلته الممتدة في أربعة منازل متعددة الطوابق في الجزء الشمالي لبلدة خزاعة، قبل نزوحه في منطقة "بئر 19" غرب خان يونس، عن متابعة الأخبار والتصريحات الصادرة، منتظراً اليوم الذي سيتمكن فيه من العودة. "عندي أمل بأنني سأعود وأعيد بناء منزلي ومنازل أبنائي، وسأعيد تأسيس مزرعة الدواجن التي كنا نعتاش منها"، قال "أبو شريف" معرباً عن أمله بأن ذلك سيكون قريباً. وتذكر في هذا السياق بعضاً من تفاصيل الدمار الذي لحق بالبلدة في عدوان 2014، وقال: "المرة اللي فاتت دمروا البيت بس ارجعت بنيته وهذي المرة الثالثة اللي سأبني البيت لكني لن أرحل عن خزاعة". لم تكن النكبة في تدمير خزاعة كبلدة جميلة وهادئة وتهجير سكانها فقط، بل في إعدام المناطق الزراعية فيها أيضاً، والتي كانت تشكل جزءاً مهماً من سلة الخضراوات والفواكه الغذائية لسكان قطاع غزة. وقال المزارع حسين قديح (46 عاماً): "غالبية الأراضي الزراعية كانت في الجزء الشرقي الحدودي للبلدة، وهذه المناطق كانت تقدر بمئات الدونمات مخصصة لزراعة الخضراوات البيتية، لكن الأهم هو مساحات الأراضي التي كانت مزروعة بأشجار الفواكه واللوزيات وسط البلدة وفي أطرافها الشمالية والجنوبية". وبيّن قديح أنه كان يعمل في زراعة الخضراوات عند السياج الحدودي، وضمن مساحة زراعية تقدر بخمسة دونمات، ومنها كان يعتاش وأسرته، مشيراً إلى أن الاحتلال دمّر كل شيء هناك، لكنه لن يتوقف عند هذا التدمير بل يهدد بمصادرة الأراضي الحدودية، واقتطاع جزء مهم من البلدة، في إطار ما يزعمه بإنشاء مناطق عازلة.