هل تزيح الفضة الذهب عن عرش "الزينة والخزينة"؟
عمان- من خزينة الزمن إلى بديل العصر؛ تقف الفضة اليوم على أعتاب تحول لافت في أدوارها الاقتصادية والاجتماعية، متقدمة بثبات نحو عرش لطالما احتكره الذهب لعقود.
وبينما تواصل أسعار الذهب تسجيل مستويات قياسية تفوق قدرات الكثيرين؛ تفتح الفضة لنفسها مسارًا جديدًا في الأسواق الأردنية، ليس فقط كمعدن صناعي أو وسيلة ادخار، بل كخيار واقعي ومرن في مناسبات لطالما ارتبطت بالبريق والرمزية.
فرغم غياب الإطار التنظيمي للقطاع؛ تطرح الفضة نفسها كخيار اقتصادي واجتماعي بديل، وسط دعوات أكاديمية واجتماعية لإعادة النظر في العادات المرتبطة بالذهب في مناسبات الزواج، بما يراعي الظروف المعيشية دون التفريط بالقيم الرمزية.
وأشار مختصون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إلى أن الأثر المباشر للظروف الاقتصادية العالمية على العادات الاجتماعية، يستدعي مراجعة التقاليد المرتبطة بالزواج، كاستبدال الذهب بالفضة أو تحديد مبلغ مالي ثابت لتخفيف العبء عن الشباب، رغم أنها لا تتمتع بصفة "الملاذ الآمن" كالذهب، وإنما تُعد خيارًا للتجار ورجال الأعمال.
واعتبروا أن الفضة تحمل رمزية مشابهة للذهب وتستحق الترويج كخيار واقعي يعكس وعيًا اجتماعيًا جديدًا، فيما يحتاج التغيير في المفاهيم والعادات إلى وعي مجتمعي وتدرّج في التقبل.
وتستخدم الفضة عالميًا في مجموعة واسعة من التطبيقات الصناعية، بما فيها صناعة الخلايا الشمسية، والإلكترونيات، والأجهزة الطبية، بفضل خصائصها الفيزيائية والكيميائية، ومع التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة، من المتوقع أن يستمر الطلب على الفضة في الارتفاع.
وبلغ استهلاك الفضة في أشكالها شبه المصنعة في منطقة الشرق الأوسط نحو 1.5 ألف طن، مع نمو بنسبة 1.8 بالمئة مقارنة بالعام السابق.
وكان الأردن من بين الدول التي شهدت أعلى معدلات نمو في حجم السوق، بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 15.6 بالمئة خلال الفترة المدروسة، وفق تقرير لمنصة "إندكس بوكس" العالمية لدراسات السوق.
وتعاملت مؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية، في الربع الأول من العام الحالي، مع 15 كيلو غراما من السبائك الفضية المحلية، و1354 كيلو غراما من المصوغات الفضية المشغولة المستوردة، و22904 كيلوغرامات من سبائك الفضة المستوردة.
وبلغت كميات المصوغات والسبائك الفضية التي تعاملت معها المؤسسة العام الماضي أكثر من 31650 كيلو غراما، غالبيتها من السبائك المستوردة.
من جانبه، بين أمين سر نقابة أصحاب محلات الحلي والمجوهرات سليم ديب لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الأسواق الأردنية شهدت خلال العام الحالي تزايدًا ملحوظًا في الإقبال على شراء الفضة، وذلك في ظل الارتفاع غير المسبوق لأسعار الذهب عالميًا.
وبلغ سعر أونصة الذهب خلال العام الحالي 3550 دولارا للاونصة، مقارنة مع 2600 دولار بداية السنة مسجّلًا أعلى مستوى في تاريخه، ما دفع العديد من المستهلكين للبحث عن بدائل، كان بمقدمتها الفضة.
وقال ديب إن سعر أونصة الفضة تراوح في الأسواق العالمية بين 30 و34 دولارًا، ما جعلها خيارًا جذابًا للمستهلكين، خصوصًا مع اقتران صورتها بالذهب كمعدن نفيس، وإن ظلت الكفة تميل تقليديًا لصالح الذهب.
وأشار إلى أن فارق السعر الكبير بين المعدنين، اسهم بزيادة الإقبال على الفضة، سواء لأغراض الادخار أو اقتناء المجوهرات، لافتا إلى أن مبيعات المجوهرات الفضية شهدت انتعاشًا كبيرًا خلال العام الحالي، نظراً لانخفاض أسعارها مقارنة بمثيلاتها من الذهب، إذ تستورد الفضة في المملكة بنحو رئيسي من تركيا، ودبي، وإيطاليا وسويسرا، سواء على شكل سبائك أو كيلوات.
ولفت كذلك إلى أنه رغم انتشار محال بيع الفضة والمجوهرات الفضية في المملكة، إلا أن هذا القطاع لا يخضع لنقابة أو تنظيم رسمي، ما يتيح لمحال الإكسسوارات عرض وبيع منتجات فضية دون إشراف تنظيمي مباشر.
وأكد أن أسعار الفضة تتبع الأسعار العالمية، مع إضافة كلف الشحن، الحوالات، المواصفات والمقاييس، والبيان الجمركي، إذ يتراوح سعر كيلو الفضة حاليًا ما بين 825 و855 دينارًا أردنيًا، تبعًا لتغيرات السوق العالمي.
وبين أن الفضة تختلف عن الذهب من حيث الاستخدام، إذ تُستخدم في الصناعة بنحو أكبر، وهو ما يجعل أسعارها أكثر حساسية للمؤشرات الاقتصادية والركود العالمي، وفي المقابل، يُنظر إلى الذهب كمخزن للقيمة وملاذ آمن في أوقات الأزمات السياسية والعسكرية، ما يجعله مفضلًا لدى البنوك المركزية والمستثمرين.
وفي ما يخص تنظيم الاستيراد، بين ديب أن استيراد كيلوات الفضة يتطلب بيانًا جمركيًا يخضع لمتطلبات دائرة المواصفات والمقاييس، بما في ذلك دمغ الكيلو بأرقام رسمية، بينما لا تخضع مجوهرات الفضة لنفس المعايير التنظيمية الصارمة، نظراً لاعتبارها ضمن فئة الإكسسوارات في السوق المحلية.
من جهته، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات إمسيح للمجوهرات، أسامة إمسيح، إن شراء الفضة، ازداد منذ بداية العام الحالي ونهاية العام الماضي، كسبائك للادخار والاستثمار، بالتزامن مع تقارير عالمية أشارت إلى أن أسعارها سترتفع تدريجياً، الامر الذي دفع الأفراد لشرائها في مختلف البلدان.
وأضاف إمسيح أن أسعار الفضة ارتفعت تدريجياً وبنسب معقولة، فيما لم يزدد الإقبال على طلبها كحلي ومجوهرات، موضحا أن أسعار الفضة محلياً تحدد بحسب الأسعار العالمية، إذ يصل سعر الكيلو لنحو 770 دينارا.
واعتبر أن سعر الفضة لا يرتبط بنحو وثيق بالذهب، الذي يعد عملة استثمار وادخار للبنوك المركزية، على عكس الفضة التي لا تعد احتياطا لأي دولة.
وأشار إلى أن الناس لن يتوجهوا إلى شراء الفضة كملاذ آمن بنحو كبير، وسيقتصر شراؤها على التجار ورجال الأعمال.
دوره، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش، إن الأوضاع الاقتصادية العالمية وما تفرزه من تضخم وارتفاع في الأسعار، كان لها أثر مباشر على قدرة المواطنين الشرائية، وعلى طبيعة استخدام الذهب في المناسبات الاجتماعية، خاصة في الزواج، ما يستدعي إعادة النظر في بعض العادات والتقاليد التي باتت تشكل عبئًا ماليًا لا مبرر له.
وأشار إلى أن الذهب كان وما يزال يُنظر إليه كأحد أركان الزواج في المجتمع الأردني، إلا أن الارتفاع الكبير في أسعاره دفع الكثيرين للتساؤل حول جدوى التمسك بهذه العادة، فقد شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا بنحو 25 بالمئة منذ بداية العام الحالي، بعد أن كانت قد ارتفعت بنسبة 24 بالمئة في العام السابق، مع توقعات أن تصل إلى ما بين 3100 و3400 دولار للأونصة، رغم التراجع الطفيف في الأيام الأخيرة.
وأوضح أن هذه القفزات السعرية الكبيرة للذهب قد تدفع المجتمع لإعادة التفكير في الوسائل التقليدية المرتبطة بالمناسبات الاجتماعية، ومنها استبدال الذهب بسلع أخرى أو تقليل الكمية المتداولة، خصوصًا في ظل التغيرات الاقتصادية الحادة وعدم اليقين في الأسواق العالمية.
ولفت إلى أن الفضة تطرح نفسها كخيار بديل أقل تكلفة من الذهب، لكنها تختلف عنه من حيث الخصائص الاقتصادية والتقنية، إذ تُعد أكثر تأثرًا بالتقلبات الاقتصادية والصناعية، كونها سلعة صناعية بالدرجة الأولى، لذلك فإن الفضة رغم كونها أرخص، لا تحظى بالشعبية ذاتها، ولا تحمل البعد الرمزي والقيمي نفسه الذي يحمله الذهب في الثقافة المجتمعية.
وأضاف أن الذهب يتمتع بميزة كونه أصلًا يحتفظ بقيمته على المدى الطويل، ويُعتبر ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات، فضلًا عن كونه قابلًا للتحويل إلى سيولة بشكل أسرع، ما يجعله ضمانة مالية حقيقية للأسر، بالمقابل، فإن الفضة تُستخدم بشكل أوسع في المجالات الصناعية، ما يجعل أسعارها أكثر عرضة للتقلبات، تبعًا للنشاط الصناعي العالمي.
واقترح عايش أن يتفق المقبلون على الزواج على تخصيص مبلغ مالي ثابت لشراء الذهب – كأن يتم تحديد قيمة 2000 أو 3000 دينار – بغض النظر عن كمية الذهب التي يمكن شراؤها بذلك المبلغ.
واعتبر أن هذا الطرح يمكن أن يكون مخرجًا عمليًا يراعي الظروف الاقتصادية ويخفف من الضغوط على الشباب دون التخلي عن الرمزية الاجتماعية للذهب.
وأشار عايش إلى أن الاستثمار في الذهب والفضة يجب أن يكون مدروسًا، ويعتمد على فائض مالي حقيقي، مع مراعاة طبيعة كل أصل واتجاهاته السوقية.
وأكد أهمية امتلاك المستثمرين لرؤية واضحة وأهداف محددة عند اتخاذ قرار الشراء أو البيع، محذرًا من الوقوع في فخ العواطف والانجراف وراء موجات السوق اللحظية.
ولفت إلى أن المجتمعات تتغير بتغير الظروف الاقتصادية، وأن الوقت مناسب الآن لإعادة النظر في كثير من العادات الاجتماعية والاقتصادية، بما يحقق توازنًا بين التقاليد والواقع المعيشي، ويعزز فرص الشباب في بناء مستقبل مستقر.
من جهتها، اقترحت أستاذة علم الاجتماع والاتصال والإعلام في الجامعة الأردنية، الدكتورة ميساء الرواشدة، تعزيز ثقافة استخدام الفضة كبديل مقبول عن الذهب في الخطبة والزواج، فالفضة، باعتبارها معدنًا نفيسًا وجميلًا وأقل تكلفة، تستطيع أن تؤدي وظيفة رمزية مشابهة للذهب دون أن تثقل كاهل الشباب مالياً، مؤكدة أن هذا التوجه لا يُنقص من قيمة الزواج، بل يعكس وعياً مجتمعياً جديداً يوازن بين الرغبات الاجتماعية والضرورات الاقتصادية.
وأشارت إلى أن نجاح هذا التحول يتطلب وقتًا ووعيًا تدريجيًا، إذ لا يمكن تغيير المعتقدات والعادات الاجتماعية بسهولة، فالمجتمع الأردني، مثل غيره من المجتمعات، يحتاج إلى ترسيخ فكرة أن الرمزية ليست مرتبطة بقيمة المعدن، بل بالمعنى الذي يحمله كدليل على الالتزام والمودة.
وقالت إنه لطالما حظي الذهب بمكانة اجتماعية مرموقة في المجتمعات العربية عامة، والمجتمع الأردني خاصة حيث درجت العادة على أن يقدم العريس لعروسه ذهبًا في مناسبة الخطبة والزواج، تعبيرًا عن محبته، وتأكيدًا على التزامه تجاهها، ولم يكن الذهب مجرد زينة، بل كان يُنظر إليه أيضًا بوصفه، خزينة للزمن، تلجأ إليه المرأة في أوقات الشدة كضمانة مادية تحفظ كرامتها واستقرارها.
وأشارت إلى أن التحولات الاقتصادية الحديثة، خاصة الارتفاع الرهيب في أسعار الذهب خلال السنوات الأخيرة، أدت إلى إحداث تغييرات جوهرية في هذه العادة الاجتماعية الراسخة، فمع تصاعد أسعار الذهب بشكل يفوق قدرة معظم الشباب، أصبح الحصول عليه شرطًا شبه مستحيل لإتمام الزواج.
ولفتت إلى أن الوظيفة الاجتماعية للذهب بدأت تتغير؛ فبعد أن كان وسيلة للتعبير عن الحب والأمان، تحول إلى عبء ثقيل، ودين يُرهق كاهل الشباب في بداية حياتهم الزوجية، بل وأصبح في بعض الحالات عقبة حقيقية تحول دون إتمام الزواج.
واعتبرت أنه إذا استمر المجتمع بالتمسك بشرط شراء الذهب كجزء أساسي من مراسم الزواج، فإن هذا قد يؤدي إلى آثار اجتماعية خطيرة، مثل ارتفاع سن الزواج، وزيادة نسبة العزوف عنه، ومن ثم تفاقم ظواهر اجتماعية أخرى كالعنوسة، والاضطرابات الأسرية، والشعور بالإحباط بين الشباب.
وأكدت الحاجة إلى إعادة النظر في مفهوم "الشبكة الذهبية" كشرط أساسي للزواج، فبدلاً من أن يُنفق الشاب كل مدخراته على شراء الذهب، يمكن توجيه هذه الأموال إلى احتياجات أكثر عملية تخدم الحياة الزوجية، مثل شراء الأثاث أو تجهيز منزل الزوجية أو حتى الاستثمار في مشروع صغير يؤمّن الاستقرار المالي للأسرة الجديدة.
وحول الفضة، لفتت الدكتورة الرواشدة إلى بروزها كخيار عملي وواقعي يمكن أن يحل محل الذهب في المناسبات الاجتماعية كالخطبة والزواج. فالفضة معدن ثمين وجميل، وتحمل أيضًا رمزية قوية للتقدير والحب، لكنها أقل تكلفة بكثير، مما يخفف العبء المالي عن الشباب دون أن تفقد المناسبة بعدها الرمزي والاحتفالي.
وبينت أن تقبل المجتمع لفكرة استبدال الذهب بالفضة لن يحدث بين عشية وضحاها، بل إن هذا التحول يحتاج إلى وقت ووعي اجتماعي متزايد بأهمية تبسيط متطلبات الزواج، فالثقافة الاجتماعية تترسخ عبر العادات المتراكمة، وتغييرها يتطلب جهودًا متواصلة لإقناع المجتمع بأن الرمزية لا ترتبط بثمن المعدن، بل بالمعنى الذي يحمله.
ورجحت أن الذهب، برمزيته التاريخية، سيظل يحظى بمكانة خاصة في الوعي الاجتماعي، حتى لو تراجع استعماله الفعلي نتيجة الظروف الاقتصادية، ولكن إذا وُجد الوعي الكافي، فقد يُعاد تأطير الذهب باعتباره رمزًا اختياريًا، وليس شرطًا إلزاميًا لإتمام الزواج.
يذكر أن المكسيك تعد أكبر منتج للفضة في العالم، حيث تستحوذ على 25 بالمئة من الإنتاج العالمي، وتتمتع البلاد بموارد ضخمة من الفضة ويعد تعدينها من أهم الأنشطة الاقتصادية، فيما تعد الصين أيضا من منتجي الفضة في العالم، خاصة في إنتاج الفضة الثانوية المشتقة من صناعة النحاس والذهب، وكذلك تشيلي.
-- (بترا)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 6 ساعات
- سرايا الإخبارية
تراجع توريد النفط العراقي للأردن %30
سرايا - تراجعت كميات النفط العراقي الموردة إلى الأردن خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بنسبة 30 %، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب بيانات وزارة النفط العراقية، بلغ مجموع الكميات الموردة حتى نهاية نيسان (أبريل) نحو 1.269 مليون برميل، مقارنة مع 1.810 مليون خلال الفترة نفسها من العام الماضي. ويواصل الأردن استيراد النفط من العراق وفقا للمعدل اليومي المتفق عليه في مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين، التي تنص على تصدير كميات تتراوح بين 10 و15 ألف برميل يوميا، بسعر تفضيلي يقل بمقدار 16 دولارا عن السعر العالمي. وعلى المستوى الشهري، بلغ مجموع الكميات التي تم توريدها خلال شهر نيسان (أبريل) نحو 229.8 ألف برميل، مقارنة مع نحو 448.6 ألف خلال الشهر نفسه من العام الماضي. إلى ذلك، قالت وزارة الطاقة والثروة المعدنية "إن إجمالي كميات النفط العراقي الموردة والمفرغة لدى مصفاة البترول منذ الأول من تموز (يوليو) وحتى نهاية يوم 3 أيار (مايو) الحالي، بلغ نحو 2.82 مليون برميل". كما بينت الوزارة أن معدل التوريد اليومي خلال الفترة المذكورة كان نحو 9500 برميل يوميا. وتشير أرقام وزارة النفط العراقية إلى أن الكميات المنقولة خلال الفترة المقابلة من العاميين 2023 و2024 بلغت نحو 4.168 مليون برميل، وأن الفارق في حجم الكميات خلال فترتي المقارنة يعود إلى التباين في استمرارية النقل على مدى الأشهر، تبعا لمدد سريان الاتفاقية الموقعة بين البلدين في هذا الخصوص وأوقات تجديدها. وقال مدير الشركة الناقلة للنفط العراقي، نايل ذيابات "يتم نقل الكميات من مناطق التحميل في العراق إلى مصفاة البترول ضمن الكميات المتفق عليها بين البلدين"، مبينا أن عملية النقل والتوريد تتمان بسلاسة من دون أي معيقات تحول دون انسيابية العمل أو التسبب في أي تأخير. ويشار إلى أن وزارة الطاقة وقعت بداية العام الحالي، اتفاقا مع شركة "نايل ذيابات" لنقل هذه الكميات خلال الفترة المحددة، حيث يتم نقل النفط العراقي من مستودع كركوك الحديث إلى موقع مصفاة البترول في الزرقاء، وذلك بعد إحالة عطاء كانت الوزارة طرحته أواخر العام الماضي لهذه الغاية. وتشكل الكميات المستوردة من النفط العراقي نسبة تتراوح بين 7 % و10 % من احتياجات المملكة اليومية من النفط الخام، بمعدل توريد يومي يتراوح بين 10 آلاف و15 ألف برميل. ووفقا لآخر البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الطاقة، بلغ إنتاج الأردن من النفط خلال الفترة ما بين الأعوام 2019 و2023 نحو 256.257 ألف برميل. وبحسب البيانات نفسها، انخفض إنتاج الأردن من النفط بنسبة 46.4 % خلال العام 2023 مقارنة بالعام السابق، إذ بلغ مجموع الإنتاج من حقل حمزة النفطي 43,988 برميلا في العام 2023، مقارنة بـ94,675 برميلا في العام 2022، و107,880 برميلا في العام 2021، و9,714 برميلا في العام 2020، في حين كان الإنتاج صفرا في العام 2019. وبحسب آخر أرقام لدائرة الإحصاءات العامة، فإن قيمة فاتورة المملكة من النفط الخام ومشتقاته والزيوت المعدنية بلغت خلال الربع الأول من العام الحالي نحو 721 مليون دينار، مقارنة مع 770 مليون دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. ومن هذه القيمة، بلغ حجم مستوردات النفط الخام خلال الفترة المذكورة نحو 212.2 مليون دينار، مقارنة مع نحو 247.1 مليون دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بتراجع نسبته نحو 14.1 %. الغد


أخبارنا
منذ 6 ساعات
- أخبارنا
د. عدلي فندح : هل يخلف اليورو الدولار؟
أخبارنا : منذ أن صدر اليورو عام 1999، تشكّلت حوله تطلعات كبيرة، ليس فقط كعملة موحدة لدول الاتحاد الأوروبي، بل كمرشح جدي لمنافسة الدولار الأمريكي في عرش النظام النقدي العالمي. فبعد أن فرض الدولار هيمنته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأصبح العملة الاحتياطية الأولى في العالم، بدا أن أوروبا، باتحادها النقدي، تمتلك من المقومات ما يمكن أن يجعل عملتها الموحدة بديلاً عالمياً ذا وزن وتأثير. في مشهد الاقتصاد العالمي اليوم، لا يمكن إنكار الحضور البارز لليورو. فحسب بيانات صندوق النقد الدولي، يحتفظ العالم بنسبة تقارب 20% من احتياطياته الرسمية بهذه العملة، وهي المرتبة الثانية بعد الدولار الذي يستحوذ على أكثر من 58% من تلك الاحتياطيات. وتستخدم نحو 32% من المدفوعات العالمية اليورو، حسب بيانات شبكة «سويفت»، بينما يُستخدم الدولار في نحو 42% منها. أما في إصدار السندات الدولية، فقد أصبح اليورو العملة الأساسية في نحو 23% من تلك الإصدارات، وهو ما يعكس مستوى عالياً من الثقة العالمية به. ما يعزز هذا الحضور هو الحجم الهائل لاقتصاد منطقة اليورو، الذي يزيد ناتجه المحلي الإجمالي عن 14 تريليون دولار، مع سوق موحدة تضم أكثر من 440 مليون مستهلك. ويأتي هذا في سياق تميز البنك المركزي الأوروبي باستقلاليته وقدرته على ضبط التضخم والحفاظ على الاستقرار النقدي، وهو ما أكسب العملة الأوروبية مصداقية في الأسواق الدولية. لكن هذه القوة الكامنة لا تعني أن الطريق أمام اليورو معبّد للوصول إلى قمة النظام النقدي العالمي. على العكس، فإن الطريق محفوف بتحديات بنيوية وسياسية واقتصادية تجعل من مهمة إزاحة الدولار عن موقعه التاريخي مهمة معقدة. ففي الوقت الذي تمتلك فيه الولايات المتحدة سوق سندات ضخمة وموحدة وآمنة، تظل منطقة اليورو تفتقر إلى سوق موحدة مماثلة، حيث تصدر كل دولة ديونها السيادية بشكل مستقل، مما يؤدي إلى تباين في مستويات المخاطر والعوائد. كما أن غياب اتحاد مالي وسياسي حقيقي يقيّد من قدرة البنك المركزي الأوروبي على التحرك الموحد والفعال، ويجعل من القرارات الاقتصادية مسألة خاضعة للتجاذبات السياسية الداخلية بين الدول الأعضاء. الاختلافات الاقتصادية الكبيرة بين شمال وجنوب أوروبا تخلق فجوات هيكلية، تجعل من استقرار العملة الأوروبية عرضة للتقلبات الداخلية، كما حدث خلال أزمة الديون السيادية في العقد الماضي. وتضاف إلى ذلك الانقسامات السياسية التي تظهر بوضوح في القضايا الدولية الكبرى، مما يُضعف صورة الاتحاد الأوروبي ككتلة موحدة قادرة على تقديم بديل قوي وفعال للهيمنة الأمريكية. لكن في المقابل، تتزايد الفرص أمام اليورو في سياق عالمي جديد يتسم بإعادة ترتيب موازين القوة النقدية. تراجع الثقة في الدولار، بسبب ارتفاع الديون الأمريكية وتزايد استخدامه كسلاح جيوسياسي، يدفع العديد من الدول إلى تنويع احتياطاتها والبحث عن بدائل أكثر توازناً. وفي هذا السياق، يبدو اليورو خياراً معقولاً ومدعوماً بمؤسسات قوية وسوق ضخمة. كما أن التحول العالمي نحو العملات الرقمية، وبدء البنك المركزي الأوروبي في تطوير «يورو رقمي»، يفتح آفاقاً جديدة لاستخدام العملة الأوروبية في التسويات العابرة للحدود، خاصة في الاقتصادات الناشئة التي تسعى إلى تقليل اعتمادها على الدولار. يبقى أن مستقبل اليورو كعملة احتياطية عالمية أولى لا يُبنى على المقومات الاقتصادية وحدها، بل على قدرة الاتحاد الأوروبي على استكمال مشروعه السياسي والمالي، وتعميق التكامل بين أعضائه، وتجاوز التناقضات الداخلية التي تعيق التحرك الموحد. وإذا ما تحققت هذه الشروط، فقد لا يكون استبدال الدولار أمراً وشيكاً، لكنه لن يكون مستحيلاً. إن صعود اليورو لا يعني بالضرورة أفول الدولار، بل ربما يؤشر إلى ولادة نظام نقدي عالمي جديد، متعدد الأقطاب، تتوزع فيه القوة بين عملات كبرى، ويصبح فيه اليورو ركناً أساسياً في بنية مالية عالمية أكثر توازناً وعدالة.


خبرني
منذ 6 ساعات
- خبرني
تراجع توريد النفط العراقي للأردن %30
خبرني - خبرني - تراجعت كميات النفط العراقي الموردة إلى الأردن خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بنسبة 30 %، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب بيانات وزارة النفط العراقية، بلغ مجموع الكميات الموردة حتى نهاية نيسان (أبريل) نحو 1.269 مليون برميل، مقارنة مع 1.810 مليون خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق الغد ويواصل الأردن استيراد النفط من العراق وفقا للمعدل اليومي المتفق عليه في مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين، التي تنص على تصدير كميات تتراوح بين 10 و15 ألف برميل يوميا، بسعر تفضيلي يقل بمقدار 16 دولارا عن السعر العالمي. وعلى المستوى الشهري، بلغ مجموع الكميات التي تم توريدها خلال شهر نيسان (أبريل) نحو 229.8 ألف برميل، مقارنة مع نحو 448.6 ألف خلال الشهر نفسه من العام الماضي. إلى ذلك، قالت وزارة الطاقة والثروة المعدنية "إن إجمالي كميات النفط العراقي الموردة والمفرغة لدى مصفاة البترول منذ الأول من تموز (يوليو) وحتى نهاية يوم 3 أيار (مايو) الحالي، بلغ نحو 2.82 مليون برميل". كما بينت الوزارة أن معدل التوريد اليومي خلال الفترة المذكورة كان نحو 9500 برميل يوميا. وتشير أرقام وزارة النفط العراقية إلى أن الكميات المنقولة خلال الفترة المقابلة من العاميين 2023 و2024 بلغت نحو 4.168 مليون برميل، وأن الفارق في حجم الكميات خلال فترتي المقارنة يعود إلى التباين في استمرارية النقل على مدى الأشهر، تبعا لمدد سريان الاتفاقية الموقعة بين البلدين في هذا الخصوص وأوقات تجديدها. وقال مدير الشركة الناقلة للنفط العراقي، نايل ذيابات "يتم نقل الكميات من مناطق التحميل في العراق إلى مصفاة البترول ضمن الكميات المتفق عليها بين البلدين"، مبينا أن عملية النقل والتوريد تتمان بسلاسة من دون أي معيقات تحول دون انسيابية العمل أو التسبب في أي تأخير. ويشار إلى أن وزارة الطاقة وقعت بداية العام الحالي، اتفاقا مع شركة "نايل ذيابات" لنقل هذه الكميات خلال الفترة المحددة، حيث يتم نقل النفط العراقي من مستودع كركوك الحديث إلى موقع مصفاة البترول في الزرقاء، وذلك بعد إحالة عطاء كانت الوزارة طرحته أواخر العام الماضي لهذه الغاية. وتشكل الكميات المستوردة من النفط العراقي نسبة تتراوح بين 7 % و10 % من احتياجات المملكة اليومية من النفط الخام، بمعدل توريد يومي يتراوح بين 10 آلاف و15 ألف برميل. ووفقا لآخر البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الطاقة، بلغ إنتاج الأردن من النفط خلال الفترة ما بين الأعوام 2019 و2023 نحو 256.257 ألف برميل. وبحسب البيانات نفسها، انخفض إنتاج الأردن من النفط بنسبة 46.4 % خلال العام 2023 مقارنة بالعام السابق، إذ بلغ مجموع الإنتاج من حقل حمزة النفطي 43,988 برميلا في العام 2023، مقارنة بـ94,675 برميلا في العام 2022، و107,880 برميلا في العام 2021، و9,714 برميلا في العام 2020، في حين كان الإنتاج صفرا في العام 2019. وبحسب آخر أرقام لدائرة الإحصاءات العامة، فإن قيمة فاتورة المملكة من النفط الخام ومشتقاته والزيوت المعدنية بلغت خلال الربع الأول من العام الحالي نحو 721 مليون دينار، مقارنة مع 770 مليون دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. ومن هذه القيمة، بلغ حجم مستوردات النفط الخام خلال الفترة المذكورة نحو 212.2 مليون دينار، مقارنة مع نحو 247.1 مليون دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بتراجع نسبته نحو 14.1 %.