logo
أحمد موسى يكشف كواليس استعادة أرشيف آيلي كوهين من سوريا

أحمد موسى يكشف كواليس استعادة أرشيف آيلي كوهين من سوريا

مصراوي١٨-٠٥-٢٠٢٥

كتبت- داليا الظنيني:
كشف الإعلامي أحمد موسى، تفاصيل جديدة عن الجاسوس الإسرائيلي في دمشق أيلي كوهين الذي تم إعدامه قبل نحو 60 عامًا، بعدما أعلنت تل أبيب الحصول على متعلقاته من سوريا.
وقال خلال تقديم برنامج على مسئوليتي، المذاع على قناة صدى البلد، أن الجاسوس كوهين من مدينة حلب السورية، حيث بدأ التجسس في 1961 واستمر طيلة 3 سنوات.
ولفت إلى أن كوهين قام بعملية اختراق والتقى الجاليات السورية في الأرجنتين ثم عاد إلى سوريا والتقى مع مسئولين أمنيين وعسكريين بارزين بينهم الرئيس محمد الأمين الحافظ الذي حكم سوريا من 1961 وحتى 1965.
وأكد، أن الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل كشف أن ضباط المخابرات المصرية هم من افتضحوا أمر هذا الجاسوس وبلغوا جهاز المخابرات السورية بعدما ظهر في صور محمد الأمين الحافظ.
وأوضح أن الجاسوس الإسرائيلي أسس محطة إرسال في دمشق قريبة من مقر إحدى السفارات الأوروبية للتواصل مع الموساد، مشيرًا إلى أنه تم القبض على الجاسوس أيلي كوهين واعترف بما يقوم به ووجدوا معه صور مواقع عسكرية سورية وصور له مع الرئيس محمد الأمين الحافظ ومسئولين بارزين ولقاءات مع جاليات مختلفة، موضحا أنه تم تنفيذ حكم الإعدام في 18 مايو 1965 أي قبل 60 عامًا.
وأوضح أن إسرائيل أعلنت اليوم عن استعادة الأرشيف السري للجاسوس أيلي كوهين من سوريا، وهذا الموضوع له شقين، حيث إن الموساد تمكن من اختراق موقع الأرشيف وحصلوا على أكثر من 2000 وثيقة بينها متعلقات شخصية ووثائق ومراسلات وصيغة تنفيذ الحكم وشريط تسجيل كاسيت.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وهم "كوهين".. قصة سقوط أسطورة تل أبيب الوهمية في التجسس
وهم "كوهين".. قصة سقوط أسطورة تل أبيب الوهمية في التجسس

صوت الأمة

timeمنذ 3 أيام

  • صوت الأمة

وهم "كوهين".. قصة سقوط أسطورة تل أبيب الوهمية في التجسس

إسرائيل استعادت وثائق الجاسوس من سوريا بعملية "مشبوهة" وتحاول استعادة الرفات لتعيد صناعة بطل من رماد "إيلى" رصدته مصر في فضيحة "لافون" وأسقطته بالضربة القاضية في دمشق.. ونتانياهو يراهن على أرشيفه لمواجهة الأزمات الداخلية رغم محاولات إسرائيل المتكررة لصناعة أبطال من رماد، لا تزال قصة الجاسوس إيلي كوهين مثالًا صارخًا على الوهم الإسرائيلي والانتصار الزائف. فعلى مدار عقود، قدّمت تل أبيب كوهين كـ"أسطورة استخباراتية" اخترق قلب النظام السوري، وحوّلته إلى رمز للمكر والدهاء، لكنها تغافلت عن نهايته المهينة، التي كشفت عجزه وفشل مشروعه بالكامل. سقط كوهين، ولم يُسعفه تنكره ولا تغلغله في مفاصل الدولة السورية، ولم تشفع له تدريبات الموساد ولا غطاءه السياسي، فقد وقعت نهايته بفعل رصد استخباراتي دقيق شاركت فيه مصر، ليكتب الفصل الأخير من خديعة لم تكتمل. وحتى بعد مرور ستين عامًا على إعدامه، لم تُغلق هذه الصفحة، إذ تواصل إسرائيل حملتها لاستعادة رفاته، لا بدافع الوفاء لشخصه بقدر ما هو إلحاح ديني يهدف لإتمام طقس دفنه في "الأرض المقدسة"، وإعادة ربطه روحيًا بعقيدة البعث والقيامة. وبين سعي تل أبيب الديني، ومحاولاتها لإحياء صورة كوهين كبطل خُرافي، تظل الحقيقة راسخة: أن الجاسوس الذي خدع البعض، لم يستطع خداع مصر. لا يمكن النظر إلى إعلان إسرائيل عن استعادة أرشيف إيلي كوهين، الجاسوس الذي أُعدم في سوريا سنة 1965، باعتباره مجرد إجراء يتعلق بتوثيق أو إعادة ترتيب مواد تاريخية، وتتجاوز المسألة ذلك بكثير، إذ تكشف عن عملية استخباراتية دقيقة تستهدف عمق الدولة السورية، في توقيت بالغ الحساسية على المستويين الإقليمي والدولي. وتشمل الوثائق والمقتنيات التي جرى الإعلان عن استعادتها – والتي تجاوز عددها ألفين وخمسمائة مادة –تسجيلات وصورًا ورسائل ووثائق أمنية تعود إلى فترة اعتقال كوهين والتحقيق معه، ما يُفهم من الإعلان الإسرائيلي أن العملية لم تكن وليدة اللحظة، بل ثمرة متابعة طويلة لمسار الأرشيف المحفوظ في دمشق، في أحد مرافق الأجهزة الأمنية، وتعني الإشارة إلى أن المواد كانت محفوظة في أرشيف رسمي سوري، أن الوصول إليها لم يكن متاحًا لأي طرف خارجي بسهولة، ما يرجح فرضية تنفيذ عملية دقيقة، قد تكون اعتمدت على اختراق بشري أو تعاون غير مُعلن من داخل الأراضي السورية. بينما قالت مصادر لم تسمها وكالة رويترز، إن القيادة السورية وافقت على تسليم وثائق ومتعلقات الجاسوس إيلي كوهين لإسرائيل، جاءت المبادرة لتخفيف حدّة التوتر وإظهار حسن النوايا للرئيس الأمريكي. وقال مصدر أمني سوري ومستشار للرئيس السوري أحمد الشرع وشخص مطلع على المحادثات السرية بين البلدين إن أرشيف المواد عُرض على إسرائيل. ولم يرد مكتب نتنياهو أو المسؤولون السوريون أو البيت الأبيض على طلبات التعليق، كان ذلك بشأن دور سوريا في حصول إسرائيل على متعلقات كوهين. من هو إيلي كوهين؟ كوهين، الذي دخل سوريا باسم مزوّر، استطاع أن ينسج علاقات مباشرة مع شخصيات بارزة في مستويات مختلفة من النظام في بداية الستينيات، ركزت الروايات المتداولة في الأوساط الإسرائيلية حول هذه المرحلة على مدى اقترابه من مواقع القرار، إلا أن كثيرًا من التفاصيل حول ما قام به فعليًا بقيت خاضعة للتضخيم الإعلامي والسياسي، خصوصًا في ظل غياب رواية سورية مفصلة ومعلنة للوقائع. ومنذ إعدامه شنقًا في ساحة المرجة بدمشق، تحوّل كوهين إلى محور مطالبات إسرائيلية متعددة لاستعادة رفاته، دون نتيجة واضحة، ومع أن الإعلان الأخير لا يتحدث عن الرفات، إلا أن تقديمه بهذا الشكل الإعلامي، وسط حالة توتر إقليمي وتصعيد مستمر في غزة، يوحي بمحاولة توظيفه كرسالة سياسية وأمنية موجهة لعدة أطراف، أرادت إسرائيل أن تُظهر من خلالها أن متابعتها للملفات القديمة لا تتوقف، وأن قدرتها على النفاذ إلى المراكز المغلقة ما زالت قائمة. واحدة من أبرز الوثائق التي تم استعادتها تحمل اسم "نادية كوهين"، زوجة الجاسوس، والتي كانت قد نظّمت حملات في الخارج تطالب بالإفراج عنها، ووجود ملف باسمها ضمن الأرشيف السوري يعني أن السلطات حينها كانت تتابع تحركات العائلة، وتتعامل مع القضية بامتدادها الخارجي، وليس فقط من داخل الحدود السورية. كوهين نفسه وُلد في مدينة الإسكندرية عام 1924، ونشأ وسط بيئة اجتماعية وثقافية متعددة الانتماءات، قبل أن يبدأ نشاطه في إطار تنظيمات صهيونية شبابية نشطت في مصر خلال أربعينيات القرن العشرين، علاقته الأولى بالمؤسسة الإسرائيلية بدأت مبكرًا، من خلال المساهمة في دعم شبكة سرية داخل مصر متورطة في تنفيذ أعمال تخريبية هدفت إلى الإضرار بعلاقة القاهرة بواشنطن، فيما عُرف لاحقًا بـ "فضيحة لافون". بعد مغادرته مصر في أعقاب تصاعد الملاحقات الأمنية، انتقل إلى إسرائيل حيث عمل في مجال الترجمة والتحليل داخل الاستخبارات العسكرية، قبل أن يمر بمرحلة انقطاع عن العمل الأمني إثر رفض قبوله في جهاز "الموساد"، ومع ذلك، عاد لاحقًا إلى واجهة العمل الاستخباراتي، عندما تقرر تجنيده لتنفيذ مهمة خاصة داخل سوريا، وتم بناء هوية جديدة له كرجل أعمال سوري مقيم في الأرجنتين يُدعى كامل أمين ثابت، ثم نُقل إلى دمشق حيث بدأ في بناء شبكة علاقات مكّنته من الوصول إلى دوائر القرار. واعتمد أسلوب كوهين في التقرّب من المسؤولين على التموضع الاجتماعي وتقديم الدعم المالي وخلق صورة عن رجل مغترب ناجح يريد الاستثمار والمشاركة في الحياة العامة، وإن كان هذا النمط لا يُعد استثنائيًا في عالم الاستخبارات، إلا أنه استفاد من هشاشة المنظومة الأمنية السورية آنذاك، وسهولة النفاذ إلى مواقع السلطة من خلال الواجهة الاجتماعية والتجارية. إلى جانب ذلك، تتضمن الوثائق روايات متضاربة عن مكان دفن كوهين، أو مصير جثمانه، وتشير بعض المصادر إلى نقل الجثمان أكثر من مرة، وربما دفنه في مواقع غير تقليدية كمعسكرات عسكرية، أو حتى التخلص منه بطريقة تمنع أي جهة من العثور عليه، ويبدو الغموض المحيط بهذه النقطة مقصودًا، سواء لأسباب أمنية، أو ضمن إطار التفاوض غير المباشر الذي ظل معلقًا حول هذا الملف لسنوات طويلة. في المحصلة، عملية استعادة أرشيف كوهين لا يمكن فصلها عن سياق سياسي أوسع، يعيد التذكير بملفات الماضي التي لم تُغلق بعد، ويؤكد أن الصراعات في هذه المنطقة لا تقتصر على الحاضر والميدان، بل تمتد إلى الأرشيف، والرمز، والسردية، ما جرى ليس استعادة لمجرد أوراق، بل تدخل ضمن صراع طويل على الذاكرة والسيادة والمشهد العام للصراع العربي الإسرائيلي. ما وراء استعادة الوثائق؟ عملية استعادة إسرائيل للأرشيف السوري الخاص بالجاسوس إيلي كوهين لا تقتصر على جمع وثائق قديمة، بل تمتد إلى أبعاد سياسية وأمنية واجتماعية متعددة ترتبط بطبيعة الصراع التاريخي مع سوريا وبالواقع السياسي الداخلي الإسرائيلي. إيلي كوهين يمثل في السرد الإسرائيلي ملفًا استخباراتيًا مهمًا يعود إلى مرحلة تاريخية حساسة من الصراع العربي–الإسرائيلي. استعادة الوثائق والمقتنيات الخاصة به تأتي في سياق سياسي وأمني معقد، حيث يُنظر إلى هذه المواد كأدلة على عمليات استخباراتية جرت في بيئة تعدّ من أكثر البيئات الأمنية تعقيدًا وحذرًا. في السياق الأمني، تؤكد عملية الاستعادة قدرة جهاز الموساد على الوصول إلى معلومات محفوظة ضمن أرشيف رسمي سوري، وهو أمر لم يكن متاحًا في فترات سابقة. هذه القدرة تشير إلى تغييرات في البيئة الأمنية السورية أو في طبيعة الوصول إلى الملفات الحساسة، سواء عبر تقنيات استخباراتية أو عبر تحركات ضمنية داخل المؤسسة الأمنية السورية، وهو ما يبرز واقع الهشاشة الأمنية والنفوذ المتغير في المنطقة. إلى جانب الجانب الأمني، تشكل هذه العملية جزءً من توجه سياسي داخلي في إسرائيل، فإعلان استعادة الأرشيف في توقيت يتزامن مع أزمات أمنية وسياسية يعكس محاولة لتوجيه رسالة داخلية، مفادها استمرار متابعة الملفات الأمنية القديمة والاحتفاظ بذاكرة استخباراتية متماسكة، وهذا الإجراء يقدم للعامة مثالًا على الإجراءات التي تتخذها الدولة في سبيل ضبط أمنها، ويُستخدم كأداة في إطار الخطاب السياسي الحكومي. كذلك ترتبط العملية أيضًا بالسياق الإقليمي الراهن، حيث تشهد سوريا حالة من الانقسامات وضعف مؤسساتها الأمنية، ظهور وثائق كانت في السابق محمية داخل الأرشيف الرسمي، يدل على فقدان السيطرة الكاملة على هذا الملف، وربما إعادة ترتيب الأولويات الأمنية للنظام السوري، وهذا يشير إلى فرص جديدة لإسرائيل في التعامل مع ملفات قديمة عبر قنوات غير رسمية، وقد يشير إلى تفاهمات غير معلنة بين أجهزة استخبارات إقليمية. ومن الناحية الاجتماعية، يرتبط ملف كوهين بجوانب نفسية ترتبط بذاكرة الجمهور الإسرائيلي تجاه ماضي الصراع، فإعادة تقديم الأرشيف وإظهاره في الإعلام، مع إشراك عائلة كوهين، يعيد هذا الملف إلى دائرة الاهتمام، ويُعطي بعدًا إنسانيًا لقضية كانت حتى الآن تتم مناقشتها بشكل استراتيجي فقط، لكن من جهة أخرى، تثير هذه الخطوة تساؤلات حول جدوى إبقاء التركيز على ملفات قديمة في ظل متغيرات أمنية وسياسية معاصرة، كون أن تكثيف الحديث عن مثل هذه الملفات قد يُبعد الانتباه عن قضايا أخرى ذات أولوية أو يُستخدم لأغراض سياسية داخلية أكثر من كونه مبادرة أمنية أو تاريخية بحتة، خاصة فشل إدارة نتنياهو في ملف الحرب على قطاع غزة. فيما يخص المكاسب التي تحققها حكومة نتنياهو، فتتعدد الأهداف. داخليًا، تعزز هذه العملية صورتها بأنها قادرة على إدارة ملفات أمنية معقدة، في ظل ظروف سياسية متوترة داخل إسرائيل، تبرز العملية قدرة المؤسسات الأمنية على تنفيذ عمليات سرية بنجاح، ما يخدم تعزيز ثقة الجمهور بتلك المؤسسات، خصوصًا في فترة تشهد انتقادات على المستوى السياسي والأمني. على المستوى السياسي، تساعد العملية في تحسين صورة رئيس الحكومة نتنياهو، عبر تقديم إنجاز ملموس يُسوق في الإعلام كجزء من حرص الدولة على الحفاظ على تاريخها الأمني، وهو ما يُعد من عوامل استقطاب الدعم الشعبي من قواعد معينة داخل المجتمع الإسرائيلي، في وقت تتراجع فيه شعبيته، وتتزايد حالة الغضب في تل أبيب المطالبة برحيل نتنياهو ومحاكمته، في ظل استمرار فشله في حل ملف الأسرى الإسرائيليين لدى حماس. أما على الصعيد الاستراتيجي، فإن إعلان استعادة الأرشيف يمثل رسالة ضمنية إلى النظام السوري والجهات الفاعلة في المنطقة، توضح استمرار متابعة إسرائيل للملفات الأمنية الحساسة، رغم تعقيدات الواقع الإقليمي، كما أنه يعكس قدرة إسرائيل على النفاذ إلى مناطق تعتبر من أكثر المناطق حساسية في مجال جمع المعلومات الاستخبارية، غير أن توقيت الإعلان عن هذه العملية يثير فرضيات حول وجود تفاهمات أمنية ضمنية أو اتصالات غير معلنة بين أجهزة استخبارات إسرائيليّة وسورية، وهو ما تؤكده التصريحات التي نقلتها "رويترز"، كونها قد فتحت باباً حول موائمات سياسية مع نظام أحمد الشرع، خاصة في ظل تغيرات مستمرة في المشهد السوري والإقليمي. لم يستطع خداع مصر ظل إيلي كوهين (1924–1965) لأربع سنوات كاملة داخل دمشق يتجسس لحساب إسرائيل، واستطاع خلال تلك الفترة جمع معلومات حساسة عن البنية الأمنية والعسكرية السورية، ورغم أن هذه المرحلة شكلت ذروة نشاطه، فإن نهايتها كانت حاسمة، حيث سقط في قبضة المخابرات السورية وأُعدم في ساحة المرجة عام 1965، لكنّ اللافت أن قصة كوهين لا تزال متداولة بعد أكثر من ستة عقود على موته، وتستمر الأسئلة في مطاردة تفاصيلها، وعلى رأسها: ما علاقته بمصر؟ ولماذا لم تنطلِ حيلته على المخابرات المصرية؟ وبدأت صلته بمصر منذ أن بقي في الإسكندرية بعد هجرة والديه وثلاثة من أشقائه إلى إسرائيل عام 1949، وهناك عمل تحت إشراف الجاسوس الشهير "إبراهام دار" الذي تسلل إلى مصر متخفيًا باسم "جون دارلينج"، وتولى مهمة تجنيد العملاء وتنظيم شبكة تجسس إسرائيلية، نفذت عمليات تخريبية استهدفت منشآت أمريكية بالقاهرة والإسكندرية، في محاولة لتأليب العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، وهي العملية التي ستُعرف لاحقًا بفضيحة "لافون" عام 1954. ورغم أن السلطات المصرية حينها ألقت القبض على عدد من أفراد الشبكة، فإن كوهين نجح في خداع المحققين، وتمكن من إقناعهم ببراءته، ليخرج من مصر عام 1955، ولاحقًا، انضم إلى الوحدة 131 بجهاز "الموساد"، ثم أعيد إلى مصر في مهمة جديدة، لكن المخابرات المصرية كانت قد احتفظت بملف خاص به، وتابعت تحركاته عن كثب، خصوصًا مع اندلاع العدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر 1956، حيث جرى اعتقاله مجددًا، وفي 1957، أفرج عنه ليهاجر بعد ذلك إلى إسرائيل، حيث بدأ رحلته التي ستنتهي به جاسوسًا في قلب العاصمة السورية. وتشير تقارير متعددة إلى أن مصر لعبت دورًا حاسمًا في إسقاط كوهين في دمشق، بعد أن نجح في التغلغل داخل النخبة العسكرية والسياسية السورية، بل ووصل إلى مواقع حساسة، فخلال إحدى زياراته برفقة قادة عسكريين إلى هضبة الجولان، التقطت له صور عُرضت لاحقًا على مسؤولين في المخابرات المصرية، الذين تعرفوا عليه فورًا، إذ كان معروفًا لديهم منذ أن أُدرج اسمه في ملفات التفجيرات والشبكات التجسسية التي نشطت في الخمسينات. وتعززت تلك الرواية بما جاء في كتاب "دماء على أبواب الموساد" للدكتور يوسف حسن يوسف، الذي استعرض جانبًا آخر من القصة يتعلق بالعميل المصري رفعت الجمال، المعروف باسم رأفت الهجان، ففي أحد اللقاءات الاجتماعية داخل إسرائيل، قدم الموساد كوهين للهجان باعتباره رجل أعمال أمريكي يهودي يموّل إسرائيل بسخاء، وعندما صادف الهجان لاحقًا صورة عائلية له في منزل طبيبة مغربية صديقة له تُدعى "ليلى"، تعرّف عليه باسم إيلي كوهين، زوج شقيقتها "ناديا"، والذي يعمل باحثًا في وزارة الدفاع الإسرائيلية. وظل الشك يراود الهجان، حتى جاءت لحظة التأكد حين كان في رحلة إلى روما لترتيب شؤون سياحية بغطاء من المخابرات المصرية، وهناك عثر على صورة في إحدى الصحف اللبنانية يظهر فيها كوهين بجوار قادة سوريين، وتحتها تعليق يشير إلى اسم "كامل أمين ثابت"، وهو الاسم المستعار لكوهين داخل سوريا، وأدرك الهجان حينها أن الرجل الذي قُدِّم له سابقًا في إسرائيل هو ذاته الموجود في الصورة، فسارع إلى إبلاغ المخابرات المصرية. وفي تلك الليلة، التقى الهجان بمحمد نسيم، أحد أبرز ضباط المخابرات في ذلك الوقت، وأبلغه بكل التفاصيل. بدوره، رفع نسيم الأمر إلى القيادة، ليُعرض لاحقًا على الرئيس جمال عبد الناصر، إثر ذلك، أُوفد ضابط المخابرات حسين تمراز إلى دمشق، حيث سلّم المعلومات إلى الفريق أمين الحافظ، رئيس الدولة آنذاك، لتبدأ عملية الإيقاع بـ "كوهين" التي انتهت باعتقاله ومحاكمته. ولم تكن هذه هي الرواية الوحيدة حول إسقاط إيلي كوهين، لكن ما تتقاطع حوله أغلب المصادر أن المخابرات المصرية لعبت دورًا أساسيًا في كشفه، إما عبر الرصد المباشر أو من خلال عملائها داخل إسرائيل، فالمهم في الأمر أن كوهين، الذي خدع دوائر عليا في سوريا ونجح في التسلل إلى أعماقها، لم يستطع خداع مصر، وظلت ملفاته القديمة كفيلة بكشف هويته، مهما بدت محاولاته مقنعة.

التوظيف السياسي لأرشيف إيلي كوهين!
التوظيف السياسي لأرشيف إيلي كوهين!

مصر 360

timeمنذ 5 أيام

  • مصر 360

التوظيف السياسي لأرشيف إيلي كوهين!

الضربات الاستخباراتية والضربات المضادة من طبيعة الحروب السرية. كان القبض على الجاسوس الإسرائيلي 'إيلي كوهين' في منتصف ستينيات القرن الماضي، وإعدامه في ساحة المرجة بقلب دمشق، حدثا مزلزلا في بنية الدولة العبرية. كانت تلك ضربة موجعة للموساد الإسرائيلي، الذي راهن عليه في اختراق مراكز القيادة والتأثير السورية قبيل حرب يونيو (1967) بعامين. جرت زراعته في الأرجنتين كرجل أعمال سوري مهاجر، توافرت له ثروة طائلة قبل أن ينتقل إلى دمشق صديقا مقربا لرئيسها في ستينيات القرن الماضي، الفريق 'أمين الحافظ'. عاين المواقع العسكرية السورية بصحبة الرئيس، واطلع على أدق الأسرار والخفايا بفائض الثقة فيه. تكاد تجربة 'إيلي كوهين' في سوريا أن تكون نسخة مشابهة لقصة 'رفعت الجمال'، الشهير إعلاميا بـ'رأفت الهجان'. إذا ما صحت الرواية الإسرائيلية، التي يصعب التسليم بها، من أن 'الهجان' جرى اكتشافه، واستخدامه كـ'عميل مزدوج'، فإن الفكرة كلها تصبح مصرية. قدم 'الهجان' للمجتمع الإسرائيلي كيهودي مطارد، يعتنق الفكر الصهيوني، وينتسب لعائلة لقت مصرعها في المعسكرات النازية. كان ذلك توظيفا لموهبته في التقمص وإتقان أكثر من لغة أجنبية. وقدم 'كوهين' للمجتمع السوري باسم 'كامل أمين ثابت' كرجل أعمال ثري مهاجر إلى الأرجنتين، يريد أن يخدم بلاده ويستثمر فيها. كان ذلك توظيفا لقدرته بحكم أصول أسرته المنحدرة من حلب على تمثل ثقافة أهل الشام، رغم أنه ولد في الإسكندرية وعاش فيها لفترة طويلة. على مدى ستين سنة من إعدام 'كوهين'، اعتبر بطلا إسرائيليا، تنسب له أدوارا في التفجيرات بشوارع القاهرة، التي يطلق عليها 'فضيحة لافون'. يطلق اسمه على شوارع وميادين، وتنصب له تماثيل ولا تكف الدولة العبرية، كلما أتيحت فرصة أمامها عن المطالبة باستعادة رفاته دون جدوى. كان لافتا للانتباه، أن توقيت استعادة أرشيف 'كوهين' من مقارات المخابرات السورية (18) مايو، هو نفسه تاريخ إعدامه عام (1965). الرموز مسألة حاسمة في الخيال اليهودي. التوقيت لم يكن محض صدفة. ولا كان التزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي 'دونالد ترامب' للمنطقة صدفة أخرى. لا يمكن تجاهل طلبات 'ترامب' من رئيس سلطة الأمر الواقع 'أحمد الشرع' في فهم خلفيات نقل الأرشيف، كبادرة 'حسن نية!' تمهد لتطبيع كامل مع إسرائيل وطرد منظمات المقاومة الفلسطينية خارج سوريا. إنها أثمان أولية لرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا. أعلن 'الشرع' موافقته على جميع طلبات 'ترامب'. هذه حقيقة لا يمكن الادعاء بعكسها. نزع الحدث عن سياقه تجهيل بالحقيقة. لم تكن هناك عملية سرية دقيقة ومعقدة قام بها الموساد الإسرائيلي؛ لاستعادة أرشيف 'كوهين'، الذي يضم نحو (2500) وثيقة أصلية وصور ومقتنيات شخصية، ووصيته بخط يده. هذا محض ادعاء. حسب التصريحات الإسرائيلية، فإن هناك جهاز استخباري أجنبي حليف، شارك في هذه العملية. هذا اعتراف كاشف وخطير. أشارت تصريحات وإيحاءات أخرى إلى شراكة تركية في العملية، وضلوع دولة خليجية بعينها في تفاهماتها. عندما تتكشف الحقائق الكاملة في قضية أرشيف 'كوهين'، سوف يتبدى أمام الرأي العام قدر التواطؤ على مستقبل المنطقة لإعادة ترتيبها تمكينا لإسرائيل، من أن تفرض كلمتها عليها، أو تقاسم النفوذ مع تركيا في سوريا، التي كانت توصف تقليديا بقلب الوطن العربي. لم يتأخر التوظيف السياسي لاستعادة الأرشيف في إعادة تعويم صورة الموساد كقوة استخباراتية خارقة وصورة 'بنيامين نتنياهو' كقائد يضع الأمن على رأس أولوياته. كان ذلك تناقضا مع الحقائق الماثلة، حيث الانقسام والفشل يخيم فوق إسرائيل، التي عجزت حكومتها اليمينية المتطرفة تماما عن استعادة أسراها داخل غزة بغير التفاوض مع 'حماس'، بل تغامر بحياتهم من أجل بقاء 'نتنياهو' في الحكم! لمرات عديدة سقط الموساد في مواجهاته المفتوحة مع المخابرات المصرية على مصائر المنطقة خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وحتى نهاية السبعينيات. بذات القدر، سقطت أسطورة، أن جيش الدفاع الإسرائيلي لا يقهر في حربي الاستنزاف وأكتوبر (1973)، كما في حرب تموز (2006) بالجنوب اللبناني. كان الانكشاف الإسرائيلي، عسكريا واستخباراتيا، مزريا في أحداث السابع من أكتوبر (2023)، التي أعادت إحياء القضية الفلسطينية بفواتير تضحيات هائلة. بنص تعبير 'نتنياهو': 'كوهين أسطورة، وهو أعظم عميل استخبارات في تاريخ إسرائيل'. لتعظيم الإنجاز المستجد نسب لـ'كوهين' دورا محوريا في احتلال هضبة الجولان بعد عامين من إعدامه بالمعلومات الدقيقة، التي وفرها بقربه البالغ من مركز صنع القرار. من الذي كشف حقيقة 'كامل أمين ثابت'؟ هذا سؤال لا إجابة قاطعة عليه حتى الآن. تتواتر روايات متناقضة دون حسم أخير. حسب رواية الأستاذ 'محمد حسنين هيكل' في كتابه 'سنوات الغليان'، فإنها المخابرات المصرية. بجدية المتابعة والاستقصاء، توصلت القاهرة إلى حقيقة الرجل الغامض الذي يقف بصورة شبه دائمة في أقرب نقطة من الرئيس السوري. لم يكن 'أمين الحافظ' قادرا على استيعاب الصدمة، زار صديقه الحميم في السجن العسكري ليتأكد بنفسه، سأله: من أنت؟! كانت إجابته فوق أعتى كوابيسه.. 'إيلي كوهين من تل أبيب'. بعض الروايات تنسب إلى 'الهجان'، أنه هو الذي كشف حقيقة 'كوهين' للمخابرات المصرية. تعرف عليه فور أن طالع صورته، حيث ضمتهما كناشطين يهوديين زنزانة واحدة. لحساسية العلاقات المصرية السورية بعد انفصال الوحدة (1961)، كان من الصعب إقرار دور القاهرة في حفظ الأمن القومي السوري. هذه مسألة تستحق أن تجلى بالوثائق الثابتة لا بالمرويات الشفهية. في اللحظات الأولى للاحتفاء الإسرائيلي باستعادة أرشيف 'كوهين'، وجدت سلطة الأمر الواقع في سوريا نفسها تحت الاتهام المباشر أمام الرأي العام العربي كله. لم تكن هناك ثورة في سوريا، ولا كان هناك ثوار عند إطاحة نظام 'بشار الأسد'. لم يكن النظام يستحق البقاء، كان سقوطه محتما، لكن من صعدوا على أطلاله، لا يستحقون بدورهم، أن يمثلوا الطموح السوري لبناء دولة مواطنة حرة، وتملك قرارها، لا طرفا شريكا في تقويض الدور السوري كله. بدا تيار الإسلام السياسي بكل تنظيماته مرتبكا إلى حدود لم تكن متصورة، خشية اتهامه بالتواطؤ مع إسرائيل بالمقايضة على فكرة المقاومة. الدفاع رغم الحقائق الماثلة عار بذاته، فهو يلحق أذى فادح بقضية المقاومة الفلسطينية، التي تتصدرها 'حماس' الآن. أسوأ ما قيل لتبرير نقل أرشيف 'كوهين'، إن ذلك حدث في الماضي على عهد 'حافظ الأسد'. هذا افتراء كامل على التاريخ، وتحلل لا أخلاقي من أية مسئولية سياسية. يحتاج الوطن العربي كله، أن ينظر في مرآة الحقيقة؛ ليعرف مواطن الضعف والخلل في بنيته، التي تسهل الانقضاض على ما تبقى فيه من إرادة حياة ومقاومة.

من كشف إيلي كوهين.. .؟ قراءة تحليلية في وثائق الماضي وثرثرة الحاضر
من كشف إيلي كوهين.. .؟ قراءة تحليلية في وثائق الماضي وثرثرة الحاضر

الأسبوع

timeمنذ 6 أيام

  • الأسبوع

من كشف إيلي كوهين.. .؟ قراءة تحليلية في وثائق الماضي وثرثرة الحاضر

محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث في الجيوسياسية محمد سعد عبد اللطيف رغم مرور عقود على سقوط الجاسوس الإسرائيلي الأشهر إيلي كوهين في دمشق، لا تزال قضيته تطفو على السطح بين الحين والآخر، محمّلة بروايات متضاربة، وأسرار دفينة، وتساؤلات لا تنتهي. فلماذا الآن؟ ولماذا كل هذه الضجّة المصاحبة للإعلان الإسرائيلي الأخير عن استعادة ملفه الكامل؟ ومن الذي كشف إيلي كوهين فعليًا؟ هل كانت دمشق؟ أم موسكو؟ أم أن الحقيقة تقف في القاهرة، حيث يكمن جزء مهم من القصة التي لم تُروَ بعد؟ الصورة التي تفضح من القاهرة إلى دمشق من بين عشرات الصور المرتبطة بكوهين، هناك صورة واحدة تُعد الأخطر، لأنها تحمل دليلًا نادرًا على أن المخابرات العامة المصرية هي التي اكتشفت أمره، لا الأمن السوري كما ادّعت دمشق لاحقًا. في هذه الصورة النادرة، يظهر إيلي كوهين (أسفل السهم) خلال استقبال رسمي للرئيس العراقي عبد السلام عارف في دمشق، ويقف بجانبه كل من: أمين الحافظ (رئيس سوريا آنذاك)، ميشيل عفلق، وصلاح البيطار. وقد التُقطت الصورة أثناء زيارتهم للفريق علي علي عامر، رئيس هيئة أركان القيادة العربية الموحدة، ونُشرت في مجلة "الجندي" السورية بتاريخ 10 سبتمبر 1963. بعد نشر الصورة، لفتت ملامح كوهين انتباه أحد ضباط المخابرات العامة المصرية أثناء فحص الصور الواردة من دمشق، ليجري على الفور تنسيق أمني بين القاهرة ودمشق للتحقق من هويته، ما أدى لاحقًا إلى القبض عليه. من الإسكندرية إلى الأرجنتين.. .إلى دمشق.. .! كان إيلي كوهين يهوديًا مصريًا من مواليد الإسكندرية، ومتهمًا غير مباشر في فضيحة «لافون» التي أحبطتها المخابرات المصرية في خمسينيات القرن الماضي، ورغم عدم إدراجه ضمن قائمة المتهمين، إلا أن عيون الأمن ظلت ترصده. بعد خروجه من مصر، تم زرعه في الأرجنتين كسوري مهاجر، تمهيدًا لإرساله إلى سوريا، حيث اخترق مفاصل النظام السوري حتى أصبح مستشارًا مقربًا من دوائر القرار. دمشق.. لماذا تجاهلت رواية القاهرة؟ الرواية الرسمية السورية ظلت تزعم أن الرئيس أمين الحافظ شكّ في كوهين لأنه «ارتبك عند قراءة الفاتحة»، وهي رواية أثارت سخرية الصحافة المصرية آنذاك، التي عقّبت: «إيلي كوهين يعرف عن الإسلام أكثر من أمين الحافظ». الحساسية السياسية بين القاهرة ودمشق بعد فشل الوحدة، دفعت النظام السوري إلى تجاهل دور القاهرة، خشية أن يُنسب الفضل إلى المخابرات المصرية، في ظل تنافس محموم على قيادة المشروع القومي العربي. الكتب الإسرائيلية تؤيد الرواية المصرية في كتاب «جاسوس من إسرائيل» للصحفيين الإسرائيليين بن بورات ويوري دان، وردت إشارة إلى أن إسرائيل قررت إرسال كوهين إلى سوريا فقط بعد الانفصال عن مصر، خوفًا من اكتشاف أمره من قِبَل العيون المصرية النشطة، وهو ما يعزز فرضية تورط المخابرات المصرية في كشفه. كما يشير كتاب «وحيدًا في دمشق» للكاتب الإسرائيلي شموئيل شيغف، إلى أن أحد المتهمين في قضية «لافون»، ويدعى روبرت داسا، أفاد بأن المخابرات المصرية سألت عن كوهين بعد اعتقاله في سوريا، مما يُعزز فرضية وجود ملف سابق عنه في أرشيف القاهرة. رأفت الهجان، أمين هويدي، و«كيبوراك يعقوبيان» عدة روايات أخرى تتقاطع مع خيوط القصة. إحداها تشير إلى أن رفعت الجمال (رأفت الهجان) تعرف على كوهين حين رآه في دمشق، فأبلغ قيادته نظرًا لسابق معرفته به في الإسكندرية. رواية أخرى تتحدث عن دور مبكر للواء أمين هويدي، رئيس المخابرات العامة آنذاك، دون تفاصيل دقيقة.، أما الرواية الأكثر إثارة، فتشير إلى الجاسوس المصري الأرمني كيبوراك يعقوبيان، الذي زرعته مصر في إسرائيل عبر البرازيل بنفس تكنيك زرع كوهين في سوريا عبر الأرجنتين، ما يدل على براعة المخابرات المصرية وفهمها العميق لأساليب الاستخبارات الإسرائيلية. السوفييت أم المصريون.. .؟ الرواية السوفيتية تدعي أن تقنياتهم المتطورة في رصد الإشارات اللاسلكية كشفت بثًا مشبوهًا في دمشق، ما قاد الأمن السوري إلى الشك في أحد «المربعات» التي يقيم فيها كوهين.، رواية أخرى تقول إن السفارة الهندية في سوريا اشتكت من التشويش على أجهزتها، ما دفع السوريين للتحقيق في المنطقة، بمساعدة خبراء سوفييت. لكن تبقى الحقيقة الكبرى، أن من حدّد الجاسوس بدقة، كان على الأرجح ضابطًا مصريًا يقظًا، يملك ذاكرة أرشيفية حادة، سواء كان العميد رفعت الجمال، أو اللواء أمين هويدي، أو أحد ضباط المتابعة في غرفة مظلمة بجهاز المخابرات العامة بالقاهرة.، ، من الحاخام إلى الجاسوس.. .كوهين كما لم يُرَ من قبل، إيلي كوهين، الذي توقّع له حاخام حارته بالإسكندرية أن يكون رجل دين، اختار طريقًا مختلفًا. خدم في وحدة 131 التابعة للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، ثم وحدة 188، قبل أن ينضم إلى وحدة «سيزاريا» التابعة للموساد، وهي المسؤولة عن الاغتيالات والعمليات القذرة. وحين أُعدم في دمشق، حاولت إسرائيل سرقة جثمانه من مقابر الغوطة، لكنها فشلت. ثم استعادت لاحقًا ساعته الشخصية، وأخيرًا أعلنت استعادة ملفه الاستخباري الكامل، في رسالة واضحة:« لن نترك رفاتكم، ولا مقتنياتكم، ولا حتى ملفاتكم». حين لا تمنع السلطة يد الأمن يظل تاريخ جهاز المخابرات العامة المصرية ناصع البياض، خصوصًا قبل نكسة 1967 وبعد تصحيح المسار. لم يتهاون الجهاز في كشف العملاء، حتى حين كانوا من أهل القربى، أو من داخل القصر الجمهوري. نذكر تلك الواقعة الشهيرة حين تم القبض على طبيب العلاج الطبيعي للرئيس السادات، الدكتور علي العطفي. وعندما حاول ابنه التدخل قائلاً للعميد محمد نسيم:« سوف أتصل بالرئيس السادات ليمنعكم من القبض على والدي.. .!» ردّ نسيم بكل حزم: «والله لو منعني السادات من القبض على والدك، لذهبت لأقبض على السادات نفسه.. .!». كما كشفت المخابرات عن تهريب وثائق تخص بناء دشم حظائر الطائرات، تورّط فيها بهجت يوسف حمدان، ابن أخت أحد كبار رجال الدولة، عثمان أحمد عثمان، دون تردد أو تهاون. ولا ننسى قصة تدخل الرئيس الأمريكي جيمي كارتر للعفو عن عميلة الموساد هبة سليم وخطيبها الضابط فاروق عبد الحميد الفقي، أحد أبناء عائلة الفقي الثرية، حين كانت هبة تنتظر تنفيذ حكم الإعدام. فردّ السادات بعفوية على كارتر قائلاً: «لقد تم تنفيذ الحكم فجر اليوم»، ثم اتصل بمصلحة السجون لتنفيذ الحكم فورًا. لقد كان ذلك زمنًا يُحتذى به، حين كان الوطن فوق الجميع، وحين كانت العيون الساهرة لا تنام، وكان جهاز المخابرات يعرف أن لا كرامة تُسترد بوثائق، بل بحفظ الأسرار والدفاع عن الأرض والعرض، بلا صفقة ولا ضجيج. [email protected]

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store