
المخا.. تسليم موقعَي تنفيذ مشروع إمدادات المياه في حارتي المغيني والجعدي
ويبلغ إجمالي أطوال الشبكة التي سيتم تنفيذها بدعم من منظمة اليونيسف نحو 9.000 متر طولي، على أن يستمر العمل بالمشروع مدة 60 يومًا.
وخلال فعالية التسليم، أكد مدير عام المخا أهمية التنسيق مع مكتب المواصلات لتحديد مسارات شبكة الاتصالات، وكذلك مع مكتب الأشغال العامة لضمان انسيابية التنفيذ وعدم تعارضه مع مشاريع البنية التحتية الأخرى.
ومن المقرر أن يسهم المشروع في تحسين وصول المياه إلى نحو 750 مشتركًا من سكان الحارتين، بما يعزز من مستوى الخدمات الأساسية في المديرية.
حضر فعالية التسليم كلٌّ من: عبد الله السراجي- رئيس لجنة التخطيط والتنمية، وطالب ناجي- مدير فرع مؤسسة المياه بالمخا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 29 دقائق
- حضرموت نت
لجنة الطوارئ بخورمكسر تواصل أعمال شفط مياه الأمطار وفتح السدات
بإشراف مباشر من مدير عام مديرية خورمكسر عواس الزهري، واصلت لجنة الطوارئ في المديرية، مساء الخميس، أعمال شفط مياه الأمطار وفتح السدات في مناهل الصرف الصحي بعدد من الأحياء المتضررة جراء مياه الأمطار التي هطلت على العاصمة عدن. وشملت الأعمال التي نُفذت مساء اليوم أحياء السعادة، القرية الروسية، الأطباء، وحي جمال، حيث جرى شفط كميات كبيرة من المياه والعمل على فتح انسدادات الشبكة في القرية الروسية، بمشاركة آليات الصرف الصحي وصندوق النظافة، إلى جانب المعدات التابعة للمديرية. وأشاد مدير عام خور مكسر عواس الزهري بجهود الفرق الميدانية العاملة التي تبذل قصارى جهدها للتخفيف من معاناة المواطنين وحماية الأحياء السكنية من أضرار الأمطار.


صحيفة مكة
منذ 2 ساعات
- صحيفة مكة
من الثلاثين إلى الأربعين ورحلة تسديد الدين
شريط الحياة رحلة إنسانية مختزلة بثلاث كلمات «كما تدين تدان» بمعنى أن الجزاء يرد لصاحبه ويراه حاضرا رأي العين معجلا في الدنيا قبل الآخرة وهو أسلوب التعامل مع الوالدين. بسورة الأحقاف هذه الآية التي بدأت بمخاطبة إنسانية للبشر بتسليط الضوء على كيفية التعامل السلوكي الخاص للوالدين «ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه». سأتناول المقال من خلال خمسة محاور رئيسية لمسار حياة الإنسان وربط رحلته الجسدية والنفسية ببر الوالدين وشكره للنعم وانعكاس أثر ذلك على التربية وعلاقة الأبناء بآبائهم وإدراك الحقوق المتبادلة بينهم. المحور الأول: الحمل والفصال بداية الوصاية ورحلة التربية إلى النضج عندما يخبرنا القرآن أن «حمله وفصاله ثلاثون شهرا»، فهو يرسم لوحة من المعاناة الرحيمة التي تقدمها الأم من فترة الحمل، ومشقة الولادة، والتعب المتتابع ودور الأب ومشاركته في حمل هم الرزق، وعبء الكد والعمل، ليهيئ للطفل وأمه حياة كريمة. المحور الثاني: التربية استثمار العمر التربية ليست مهمة عابرة تنتهي عند الفطام، بل هي مشروع حياة. منذ أول كلمة يسمعها الطفل، وأول موقف يشهده، وأول قيمة يتعلمها، تتشكل ملامح شخصيته وقد قال النبي صل الله عليه وسلم «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» فإهمال التربية لا يضيع مستقبل الأبناء فقط، بل هو إثم يتعدى أثره إلى الأجيال القادمة. المحور الثالث: بلوغ الأربعين محطة الوعي «حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة» عند هذه المرحلة، يكتمل نضج الإنسان الجسدي والعقلي، وتصبح خبراته أوضح، ورؤيته للحياة أعمق. هنا يبدأ في مراجعة ماضيه، والتفكير فيما بقي له من عمره، ولهذا جاء في الآية أن الإنسان في هذه المرحلة يدعو «رب أوزعني أن أشكر نعمتك»، فيجمع بين شكر النعمة، والاعتراف بفضل الوالدين، والسعي لإصلاح الذرية. إنها دورة حياة متكاملة، يتلقى فيها الإنسان البر صغيرا، ويؤديه كبيرا. المحور الرابع: بر الوالدين وأجر التربية بر الوالدين ليس مجرد عادة اجتماعية، بل هو عبادة عظيمة قال عنها نبي الرحمة حين سئل عن أحب الأعمال إلى الله «الصلاة على وقتها»، قيل: ثم أي؟ قال «بر الوالدين». أما أجر التربية، فهو من الصدقات الجارية، كما في الحديث «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» فالولد الصالح ثمرة تربية صالحة، وأثرها يمتد بعد موت الوالدين. المحور الخامس: الحقوق المتبادلة بين الآباء والأبناء حقوق الآباء: البر، الإحسان، حفظ الكرامة، والدعاء لهما في حياتهما وبعد وفاتهما؛ أما حقوق الأبناء: التربية على الإيمان، وتعليم الخير، وحماية الفطرة، وتوفير بيئة آمنة وداعمة. قال الإمام ابن القيم لخص ذلك بقوله «من أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء». الرحلة بين الثلاثين والأربعين، يعيش الإنسان ذروة عطائه، لكنه أيضا يقترب من النصف الثاني من عمره. هنا، تذكره الآية أن يشكر نعم الله، وأن يعترف بفضل والديه، وأن يسعى ليترك ذرية صالحة. إنها دعوة لأن نفهم أن التربية ليست مسؤولية مرحلة بل رسالة مراحل عمرية، البر ليس واجبا وقتيا بل ممتد خلال الحياة وبعد الوفاة. Yos123Omar@


الرياض
منذ 3 ساعات
- الرياض
خدم الدولة في الديوان الملكي والسفارات.. وعُرف بالنُبل والإيثار والتواضعمحمد الشبيلي.. الدبلوماسي المُحنّك
شخصيتنا هذا الأسبوع ممن طبعها الله على العطاء، فقد كان من الأجواد المشهورين الذين بذلوا أنفسهم للناس، فكان وقته وماله ومنصبه الدبلوماسي في خدمة الأنام، لا يفرق في هذا بين كبير أو صغير فالكل لديه سواء، محمد الحمد الشبيلي عندما توفي بتاريخ 13 صفر 1409هـ، لهجت الألسن بالثناء عليه وسطرت الأقلام شمائله وخصاله ومواقفه الدالة على الكرم والشهامة والمروءة وسماحة النفس، كان همه هذا الزائر السعودي حينما يحل بالدولة التي هو فيها، مع أن كرمه وعطاءه شمل الجميع، كان لا ينتظر الزائرين إليه في السفارة حتى يشملهم بندائه وكرمه وضيافته، بل كان يبحث عن كل زائر في الفنادق المشهورة التي يرتادها السعوديون، فكانت أجور الفنادق لهؤلاء المسافرين هو الذي يسددها، مع أنه لا يملك إلاّ راتبه الوظيفي. وُلد محمد الحمد الشبيلي في عنيزة 1330هـ، وتعلم في كتاتيبها، ثم سافر إلى البصرة التي سوف يعود إليها قنصلاً لبلاده، فدرس فيها في مدرسة الرجاء العالي، ثم عاد بعد ذلك إلى المملكة ليبدأ رحلة طويلة السير كثيرة المحطات غزيرة التنقل بين أرجاء المعمورة، وفي هذه الرحلة الأولى تعيّن بالديوان الملكي، وكان أقرباؤه قد تعينوا قبله في ديوان الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله- منهم عبدالله الحماد الشبيلي وعبدالعزيز الشبيلي ومحمد عبدالرحمن الشبيلي، كانت تجربة الديوان الملكي ثرية جدًا بالنسبة إلى شخصيتنا، فالديوان لتوه قد تأسس وبدأ شيئًا فشيئًا تنظيمه، كذلك تم بناء هيكله الإداري والمالي، وكان محمد الشبيلي قد زامل في الديوان الملكي الكثير من المستشارين ورؤساء الديوان أمثال مدحت شيخ الأرض، ويوسف ياسين وكيل وزارة الخارجية، ورئيس الديوان الملكي الوجيه إبراهيم بن معمر، ثم من بعده عبدالله بن عثمان، والمترجم المؤرخ محمد بن مانع، والمترجم عبدالعزيز ماجد، ورشدي ملحس، احتك بكل هؤلاء وغيرهم، تعلم منهم، فهو شاب ذكي فطن لديه قابلية سريعة للفهم واستعداد فطري للتعلم، لم يكن من حملة الشهادات، لكن كما هو الشأن في ذلك الجيل من أهالي نجد تعلموا في مدرسة الحياة وتعاطوا الأعمال الإدارية والمالية من خلال العمل اليومي حتى تراكمت الخبرات وأصبحوا فيما بعد وزراء وسفراء ومن كبار رجال الدولة. قدرة إدارية أمضى محمد الشبيلي -رحمه الله- في الديوان الملكي 15 عاماً، وهذه مدة كافية بل جليلة في أن يثبت قدرته الإدارية، واعتقد أن شهرته في الكرم والمروءة بدأت عندما كان دبلوماسيًا، وبدايته في الديوان الملكي صقلت مواهبه في العمل الإداري، ثم بعد ذلك القيادات الدولية، فهو من أشهر الدبلوماسيين في المملكة بل في العالم العربي. كانت الدبلوماسية هي معظم حياة شخصيتنا، فلقد تعين في أوائل الستينات الهجري الأربعينات نائب قنصل بالبصرة، نائبًا لمدحت شيخ الأرض، ثم بعد ذلك أصبح قنصل، وهذه البصرة كما قلت التي له فيها ذكريات الخطوات الأولى في التعليم ها هو قد عاد إليها ممثلًا لقيادته ووطنه، ثم بعد البصرة في منتصف السبعينات الهجري عين سفيرًا في باكستان بعدها في الهند ثم العراق مرة أخرى، وهذه المرة سفيرًا في بغداد، بعد هذه الدول نقل سفيرًا إلى أفغانستان حينما كانت ملكية في عصرها الذهبي، ثم أخيرًا عين سفيرًا في ماليزيا، وكانت هي المحطة الأخيرة وهي الدولة التي مكث فيها 15 عاماً حتى مرض -رحمه الله- وبدأت مرحلة العلاج والاستشفاء والعلاج في الرياض ثم ألمانيا. كرم وسخاء كانت خدمة محمد الشبيلي -رحمه الله- الدبلوماسية 39 عاماً، وقبلها في الديوان الملكي ما يقارب 15 عاماً، فخدمته في الدولة 54 عام، كان معظمها في الدبلوماسية عرف واشتهر عنه الكرم والسخاء وخدمة البشر أيًا كانوا فهو مع ذلك مفاوض محنك وسياسي حاذق وحكيم وله دراية في كيفية تقوية العلاقات الدبلوماسية مع دولته التي يمثلها وهي المملكة والدول التي تعين فيها سفيرًا، وكتب الله له القبول في هذه الدول، يتحدث د.عبدالرحمن الشبيلي -رحمه الله- عن ابن عمه في مقاله له بالمجلة العربية: نادر في خصاله، وذو علاقات واسعة، كان لها تأثير كبير في سفاراته، وذو شخصية غاية في النبل والإيثار والتواضع ولين الجانب، بالغ الإكرام من غير ما يسر، وعطوف للغريب والقريب والطفل والكبير، آسر في حديثه لبق في رواياته، يوظف هذه الخصال دونما تصنع أو تكلف في دبلوماسيته مع الزعماء والقيادات، ويستثمرها تلقائيًا في علاقاته مع المناوئين تمامًا كما كان يطبقها مع الأصدقاء، يحتوي أصحاب المواقف المتشددة. تعزيز العلاقات وكان أغلب من تحدثوا عن محمد الشبيلي -رحمه الله- يميلون إلى ذكر مناقبه في البذل والكرم مع من يعرف ومن لا يعرف، ويكثرون من رواية المواقف والحالات التي عاشوها معه أو سمعوها عنه في ولائمه وضيافاته، وفي تغطية نفقات الفنادق والمواصلات لكل سعودي يقدم بطلب من الفنادق، وإبلاغه عن القائمين، ويخرج لاستقبالهم ولتوديعهم ممارسات لا يصدقها إلاّ من حدثت له، لكنه في الواقع كان يقوم مما هو أبلغ من ذلك، فخصلة الكرم لم تكن سوى خصلة من خصاله، وذكر د.الشبيلي جهوده الدبلوماسية، ومنها تطوير وتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين دولته المملكة ودول أخرى، وسعيه للحصول على عضوية لإحدى الدول العربية في منظمة دولية واستضافة زعامات سياسية للحج على نفقته حتى لا يكلف ضيافات الحكومة أعباء ذلك، وكان من أبرز جهود مساعدة مئات النجديين الساكنين في جنوب العراق على استعادة جنسيتهم الأصلية حتى صدر تنظيم الموضوع في عهد الملك فيصل -رحمه الله-. رسالة بناء وكتب الزميل تركي السديري -رحمه الله- مقالين في محمد الشبيلي -رحمه الله- قائلاً: حقيقة إنسانية فذة عرفها آلاف الناس، لم يكن خيالاً، ولا مبالغة، إنه شاهد الشفافية الإنسانية والكرم العربي على أن مثل هؤلاء النادرين يمكن أن يكونوا حقيقة واقعة، فالذين عايشوه وعرفوه تعودوا من تصرفاته ما ليس طبيعياً عند غيره، وشاهدوا من كرمه ما هو خيال مغرق بالنسبة لكرم الآخرين، قد يوجد في بعض معاصريه أو في من سيأتون لاحقاً من يسمعون حقائق تصرفاته على مضض ويتداولون قصص كرمه وإنسانيته ورجولة مواقفه وهي وقائع من المبالغات، وليس هذا هو شأن الشبيلي فقط وإنما هو شأن كل الأفذاذ من أمثاله، شأن النادرين الذين تجاوزوا كل الصيغ الطبيعية للكرم ورجولة المواقف، وبذا فقد ارتفع ليكون رجلاً فريداً ليس من السهل أن يتكرر، وليكون أيضاً مفخرة، لا تقف عند حدود بيته أو أسرة الشبيلي الكريمة، لكنه مفخرة لكل نقاء عربي مارس الكرم، وهو إنسانية وسخاء تصرف، وليس مظاهرة إعلان عن الذات، بالتأكيد لا يدرج اسمه ضمن قائمة الأغنياء، وهو الذي عايش نمو المملكة منذ البدايات وتقلب في مختلف المناصب والمسؤوليات، إلاّ انه لم يجعل المسؤولية وسيلة مال ونفوذ، وإنما جعلها رسالة بناء إنساني رفيع، كلما زاد الناس غنى في موجوداتهم كان سعيداً وهو يجد موجوداته تنفد في سبيل تأدية رسالة الكرم الإنساني التي تحملها. جوانب مشرقة ويضيف الزميل السديري -رحمه الله-: كل ما يكتب عنه مهما تكاثر لن يكون إلاّ مجرد لمحات لجوانب مشرقة وما أكثرها في شخصيته، يروون حكاية في مثل سحر الأساطير عن إنسانيته وكرمه، من أن رجلاً من أسرته كان يبتاع في أحد أسواق لندن المركزية وحين أراد توقيع شيك بالمبلغ المحاسب، لاحظ البائع الاسم، فرفض استلام الشيك، مؤكداً أنه ليس بحاجة لتسديد الفاتورة، ودخلا في جدال طويل أنهاه البائع بقوله: «لقد دفع حسابك محمد الشبيلي»، فرد المشتري: «لكن فكرة الشراء هذه لم تخامرني إلاّ منذ ساعة، فكيف عرف محمد الشبيلي بذلك، وهو على بعد آلاف الأميال ليدفع حسابي، وكيف دفعه وهو على مثل ذلك البعد وعادا الى الجدل»، الأمر الذي اضطر البائع الهندي الأصل لأن يروي له قصة مثيرة حدثت وموجزها أنه قبل أعوام عديدة كان شاباً فقيراً يسكن في دلهي، وقبيل الفجر داهمت الولادة زوجته، وكانت الأعراض تتطلب تدخلاً جراحياً، وأُسقط في يده، فهو على أطراف مدينة معظم سكانها من الفقراء، ومعظم بيوتها من القش، كيف سيذهب إلى المستشفى وكيف سيدفع تكاليف العلاج، يقول الشاب: لقد وجدت غير بعيد من منزلي أضواء تأتي من منزل كبير، فتوقعت أن يكون لأحد القادرين على مساعدتي بأي شكل وأن كان ذلك شبه مستحيل في مثل تلك الساعة من الليل، ذهبت إلى هناك، فقرعت الباب، وشرحت الأمر للحارس الذي فوجئت بأنه لم ينهرني أو يطردني، بل اختفى دقائق ثم عاد ومعه رجل آخر قال بأنه سائق سيأخذني إلى المستشفى، وفعلا امتطيت وزوجتي السيارة الى المستشفى الذي كانت مفاجأتي كبيرة أن أجد عند بابه من موظفيه من هو في انتظارنا، لم يسألني أحد عن أي شيء، أخذوا الزوجة، أجريت لها الفحوص، ثم عملية ولادة قيصرية، ثم غرفة أنيقة، وفي الصباح فوجئت بحقيبة تصل إلى غرفة زوجتي وبداخلها ملابس للطفل ومستلزمات لرعايته، ورجل يقول: يرجو محمد الشبيلي أن تقبل هديته لطفلك واستضافتكم في المستشفى على نفقته إذ دفع فعلاً أجرة العملية والغرفة وكل مصروفات العلاج حتى تاريخ الخروج، لقد عرفت أن ذلك المنزل كان بيت السفير السعودي، وأن سيارته هي التي أقلت زوجتي إلى المستشفى، وأنه هو الذي دفع كل التكاليف التي كنت عاجزاً عن القيام بها، فأقسمت ألاّ التقي بأحد يمت إليه بأي صلة إلاّ كان ضيفي، إنها حكاية أسطورة، لكنها شيء قليل، قليل جداً من سيرة رجل نادر اسمه محمد الحمد الشبيلي -رحمه الله-. قلعة حصينة وذكر الأديب فهد العريفي -رحمه الله- في مقالة له في «الرياض» عن شخصيتنا قائلًا: كان محمد الشبيلي قلعة حصينة من قلاع الكرم والوفاء والحب والنبل والرجولة بكل صورها، كان يلوذ بهذه القلعة الشماء الشامخة من يفقد الكرم والوفاء والمحبة في بلاد الغربة في الشرق الأقصى والشرق الأدنى، الهند باكستان ماليزيا، وفي كل مكان وركن من أرض الله، حيث كان يتواجد، أخو الجميع وحبيبهم وصديقهم أبو سليمان، كان يمثل بلاده أصدق تمثيل، كان يمثل حاتم الطائي في كرمه، ويمثل كل الأوفياء والنبلاء الذين ولدتهم وربتهم هذه الأرض الطيبة الطاهرة، لم يكن مثل أولئك البعض الذين يرون السفارة تشريفاً، سيارة فارهة ترفرف عليها الراية الحبيبة، وقصراً فخماً يرتاده الناس حباً أو طمعاً أو وسيلة تقرب أو لأداء واجب، ولم يكن يوصد مكتبه الخاص أو يعتكف في دارته الأنيقة، وحجرته الفخمة، ينتظر الأوراق ويقول رجاله للسعوديين وغير السعوديين: صاحب المعالي مشغول، أو لديه اجتماع، ولم يكن ينتظر قدوم السعوديين والخليجيين ومن لهم عليه حق المواطنة وحق العروبة والعقيدة، بل كان يذهب إليهم هو بنفسه، بكل جاهه وأخلاقه ورجولته يدعوهم الى منزله العامر الخاص إلى مقر إقامته، فإن رفضوا سدد عنهم حساب الفندق أو الشقة طوال إقامتهم، وأعطى الهدايا، ووضع السيارات الخاصة تحت تصرفهم. صدق نية ويكمل العريفي في مقاله: لم يكن يفعل هذا مع الكبار ليرضيهم ويكرمهم حتى يذكروه بخير، عند ذوي الشأن، بل كان يفعل هذا عن قناعة وكرم أخلاق وصدق نية مع الكل مع السعوديين بدون تفريق، ومع غيرهم، عندما اتصل بي الأخوان محمد الجحلان وسلطان البازعي يحملان النبأ المحزن، عادت بي الذكريات أكثر من عشرين عاماً إلى الوراء، تذكرت أبا سليمان -رحمه الله- ومعه أحد أصدقائه من الكويتيين وأنا في أحد المقاهي ببيروت، لقد سألته يومها: يقال يا أبا سليمان بأنك صديق للسفراء جميعاً حتى أولئك الذين لا تربطهم علاقات دبلوماسية ببلادنا ومنهم سفير كوبا في الهند، فضحك وقال: لماذا نخاف من تأثير الأضداد علينا، ولا نطمع بتأثيرنا عليهم؟، نحن نملك كل المقومات الإنسانية والأخلاقية والفكرية المادية والمعنوية لجذب الناس إلى صفوفنا، وعندما نخاف منهم فإننا في هذا نشكك في قدرة هذه المقومات والمثل والمبادئ العظيمة التي نعتز بها ونفخر، يومها عرفت أن أبا سليمان لم يكن يمثل ابن هذه الأرض الكريمة في عاداته الطيبة وأخلاقه ونبله ووفائه، فحسب بل كان يمثل الدبلوماسي المحنك في فكره وعقله وإدراكه، لم يكن الحبيب أبو سليمان يطمع في الوظائف اللامعة الكبيرة، فقد أعلن اسمه في تشكيل وزاري قبل ثلاثين عاماً، فاعتذر بلباقة وطلب من ولي الأمر أن يبقيه سفيراً لأداء واجب بلاده عليه، فوافق الملك سعود -رحمه الله- وقبل اعتذاره، ولم يكن من الذين يبحثون عن المال، فقد خرج من السفارة السعودية في بغداد أو نقل منها مديناً بمبالغ كبيرة، وقد وافقوا على نقله رحمة به إلى بلاد غير عربية، وعندما عاد الى بلاده لم يكن يملك داراً ولا مالاً، فنال -كما يستحق- رعاية ولاة الأمر، وتقديرهم ومحبتهم، ولم يكن من الباحثين عن الجاه، فلم يكن في الوجود جاه أكبر مما كان يعيش فيه أبو سليمان –انتهى كلامه–. هذه سطور موجزة وكلمات مختصرات لهذا الجبل والعملاق محمد الشبيلي -رحمه الله- الذي مهما قيل عنه من ثناء وإطراء فلن تفي الأقلام حقه، فهو أسطورة في كل مكارم الأخلاق، وستبقى ذكراه منقوشة في ذاكرة الوطن، ونرجو من الله العلي القدير أن تكون كل أعماله الخيرة في ميزان حسناته، وأن يجعله الله في ظل يوم لا ظل إلاّ ظله، رحمه الله وغفر له وأسكنه الفردوس الأعلى.