logo
أمتار تفصل بين جيشي الهند وباكستان النوويين وتجهيز الملاجئ بكشمير

أمتار تفصل بين جيشي الهند وباكستان النوويين وتجهيز الملاجئ بكشمير

الجزيرة٢٩-٠٤-٢٠٢٥

في شاكوتي قرب خط المراقبة الذي يقسم كشمير إلى قسمين، خرج رجال بواسطة سلّم من تحت الأرض، حيث توجد ملاجئ بدائية تحسبا للحرب بين باكستان والهند.
وقد بدأت العائلات تنظف الملاجئ في هذه البلدة الباكستانية التي تقع في مرمى تبادل النيران حال استئناف الأعمال العدائية بين الهند وباكستان.
ويقيم رياض أوان البالغ 51 عاما في بلدة على بعد 3 كيلومترات من الحدود بين القوتين النوويتين، ونالت هذه البلدة نصيبها من قذائف الهاون والرصاص.
وبعد أسبوع من الهجوم الدامي على الجانب الآخر من الحدود قال رياض "كانت تجارب مؤلمة لذلك لا نريد أن يعيشها أطفالنا".
ودفع الهجوم الأخير البلدين المتجاورين إلى تبادل فرض عقوبات دبلوماسية وتهديدات بالحرب.
مواقع متقدمة
في عام 2017 بعد اندلاع أعمال عنف، قام مع ابن عمه وجاره شابير أوان ببناء ملجأ عشوائي في بلدته، حيث يمكن رؤية مواقع للجيش الهندي على مسافة في أعلى التلال.
وينتشر في الوديان والتلال المحيطة آلاف الجنود المدججين بالسلاح. وفي بعض الأماكن تفصل عشرات الأمتار بين المواقع المتقدمة للجيشين النووين.
لإقامة ملجئهم اضطر رياض وشابير أوان إلى صرف 300 ألف روبية (حوالى ألف يورو) وهي ثروة في بلدة تعتاش على الزراعة منذ أن توقفت التجارة عبر الحدود قبل سنوات.
الملجأ ذو الجدران الخرسانية تقدر مساحته ب13 مترا مربعا على عمق أقل من مترين ونصف متر تحت الأرض، ويجري استغلاله في الظروف العادية كمخزن لقش الحيوانات.
واليوم ينشغل الرجلان في تخصيص مساحة خلف باب معدني وسط حديقة، في حال اضطرارهما للنزول إلى الملجأ على وجه السرعة مع أفراد الأسر العشرين.
ومنذ أسبوع كثفت نيودلهي وإسلام آباد التهديدات والعقوبات الدبلوماسية وأصبح مواطنو كل من البلدين الآن غير مرغوب فيهم في البلد الآخر.
وعلى طول خط المراقبة، أفاد الجيش الهندي عن تبادل إطلاق نار من أسلحة خفيفة ليليا، وترفض باكستان التعليق، بينما يقول سكان كشمير الباكستانية إنهم شهدوا ذلك مرتين.
في الجانب الآخر من المنطقة ذات الأغلبية المسلمة الخاضعة للسيطرة الهندية، تكثف السلطات عمليات الاعتقال والاستجواب وتفجير منازل عائدة لمشتبه بهم في شن الهجوم ومتواطئين معهم.
وقال شابير أوان "كل يوم تكثف الهند تهديداتها، يقولون إنهم سيفعلون هذا أو ذاك".
بالنسبة لهذا الجندي المتقاعد البالغ 52 عاما، من الأفضل استباق الامور "فبهذه الطريقة يمكننا أن نحتمي إذا لزم الأمر".
قلق على الأطفال
في شاكوتي حوالى ثلاثين ملجأً. وفيما تمكن البعض من صب الخرسانة لبناء ملاجىء يكتفي البعض الآخر بإقامة جدران من الطين أقل كلفة.
استذكرت سليمة بيبي (40 عاما) أنه عام 2017 "وقع إطلاق نار فوق المنازل".
وإذا تجددت الأعمال العدائية ستنزل مع أطفالها الأربعة إلى أحد الملاجئ المغطاة بالحصير لأنه "لا ملاجئ أو أماكن للاحتماء" على طول خط المراقبة الذي يبلغ طوله 740 كيلومترا، ويفصل منطقة آزاد كشمير الباكستانية عن جامو وكشمير الخاضعة للسيطرة الهندية.
وقالت نسيمة إنها نجحت بعد مفاوضات في تخصيص مكان لها مع أطفالها الأربعة في قبو ستتقاسمه مع سبع عائلات أخرى.
وعلقت الباكستانية البالغة 46 عاما "سيكون من الصعب الصمود في ملجأ واحد"، آملة البقاء فترة قصيرة في هذه المساحة الضيقة.
وأضافت انه من الضروري حماية الأطفال في حال وقوع إطلاق نار. وتابعت "سيشعرون بالذعر وأنا قلقة عليهم".
وهي تعلم جيدا أنها لن تتمكن من حماية بقرتها وجاموسيها، أغلى ما لديها. وقالت "لا نستطيع ايواءها في أي مكان".
النووي والباليستي.. توزان الرعب
وتعيش الهند وباكستان منذ استقلالهما عن بريطانيا عام 1947 حالة من التسابق على التسلح تسببت في إهمال تنمية العديد من القطاعات الحيوية للدولة والمجتمع.
وبدأ هذا التسابق بالأسلحة التقليدية لينتهي إلى أسلحة الدمار الشامل بامتلاك الدولتين للسلاح النووي والصواريخ البالستية العابرة للقارات.
ويواصل البلدان سباقهما لتطوير الأسلحة الإستراتيجية، كالصواريخ الباليستية التي بإمكانها حمل الرؤوس النووية، مثل صاروخ "آغني" الهندي العابر للقارات الذي يصل مداه إلى 5 آلاف كيلومتر.
وفي المقابل، هناك صاروخ "شاهين" الباكستاني الذي يصل مداه إلى ما بين 2500 و3 آلاف كيلومتر. مع تقديرات بارتفاع أعداد الرؤوس النووية في البلدين إلى 200 أو 250 رأسا، بحلول عام 2025.
وتشير مواقع متخصصة إلى أن باكستان عززت ترسانتها النووية بسرعة، وهناك تقديرات بامتلاك إسلام آباد ترسانة نووية تصل إلى 165 رأسا نوويا، إضافة إلى قدرتها على إنتاج نحو 30 رأسا نوويا في كل عام.
كما تمتلك إسلام آباد صواريخ حاملة لرؤوس نووية من نوع "هافت"، يبلغ مداها 300 كيلومتر، و"هافت 4" التي يبلغ مداها 750 كيلومترا.
وتمتلك كل من الهند وباكستان أيضا صورا مختلفة من مكونات الثالوث النووي، وهو اصطلاح يشير إلى طرق إطلاق الأسلحة النووية من الخزينة النووية الإستراتيجية وتتألف من 3 أسلحة رئيسية:
قاذفات القنابل الإستراتيجية (الطائرة).
الصواريخ الباليستية البرية.
الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات.
وترى باكستان في التلويح بالاستخدام المبكر للسلاح النووي وسيلة ضرورية لردع أي مغامرة عسكرية هندية قبل وقوعها، لا بعد أن تُصبح أمرا واقعا.
إمكانيات الجو والبر والبحر
وتقوم الهند بتعديل طائرات مثل "ميراج 2000 إتش "و"سو-30" و"جاغوار-آي إس "التي تشغلها القوات الجوية الهندية، لحمل السلاح النووي، لكن يظل التركيز الرئيسي ونقطة القوة مرتكزين على الصواريخ الباليستية المنطلقة بريا.
وبالتدقيق في الأرقام الواردة حول حجم التسليح والإمكانيات الجوية والبرية لدى الطرفين، فإنها لا تعكس بالضرورة حجم الإنفاق الدفاعي في البلدين، حيث تظهر الأرقام تفوقا نسبيا لدى الباكستان، لكن ذلك قد يكون على حساب الكفاءة التقنية والتفوق التكنولوجي، الذي يميل لصالح الهند غالبا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"دويتشه فيله": خطط ألمانيا لإنفاق تريليون يورو في الدفاع والبنية التحتية تصطدم بقواعد الاتحاد الأوروبي المالية
"دويتشه فيله": خطط ألمانيا لإنفاق تريليون يورو في الدفاع والبنية التحتية تصطدم بقواعد الاتحاد الأوروبي المالية

الراية

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الراية

"دويتشه فيله": خطط ألمانيا لإنفاق تريليون يورو في الدفاع والبنية التحتية تصطدم بقواعد الاتحاد الأوروبي المالية

"دويتشه فيله": خطط ألمانيا لإنفاق تريليون يورو في الدفاع والبنية التحتية تصطدم بقواعد الاتحاد الأوروبي المالية برلين - قنا: حذر خبراء اقتصاديون من تضارب الخطط الألمانية لاستثمار تريليون يورو في الدفاع والبنية التحتية على مدى العقد المقبل، مع القواعد المالية للاتحاد الأوروبي وسمعتها الراسخة في ضبط الإنفاق المالي وفق ما نقلته إذاعة صوت ألمانيا /دويتشه فيله/. وأوضحت الإذاعة أن هذه الخطط تضع ألمانيا في مسار تصادم مع القواعد المالية للاتحاد الأوروبي، التي تفرض على الدول الأعضاء التقيد بسياسة مالية للموازنة من أجل إبقاء العجز العام أقل من نسبة 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك الدين أقل من 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرة إلى أنه في حال تجاوز هذا السقف، فإن الدول الأعضاء تكون معرضة لتطبيق إجراءات "العجز المفرط" من قبل المفوضية الأوروبية بجانب عقوبات وغرامات. وقد تم تخفيف القواعد خلال جائحة (كوفيد-19)، ومرة أخرى بعد بدء روسيا الحرب على أوكرانيا عام 2022، حيث سمحت بروكسل بمزيد من المرونة المالية، وخاصة للدفاع، قبل أن يتم في مارس الماضي مراجعة القواعد وتفعيل ما يسمى بند الإعفاء الوطني لمنح الدول الأعضاء هامشا مؤقتا من المرونة، لاسيما فيما يتعلق بالإنفاق الأمني. وأعرب لارس كلينجبايل وزير المالية الألماني لدى وصوله إلى بروكسل الإثنين الماضي، للمشاركة في أول اجتماع له مع نظرائه الأوروبيين، عن تفاؤله بعدم تعرض بلاده لإجراءات عقابية من الاتحاد الأوروبي، رغم احتمال تجاوزها قواعد العجز والدين العام التي يفرضها التكتل. وقال كلينجبايل في تصريحات للصحفيين: "إن قواعد الاتحاد الأوروبي المعدلة بشأن العجز والدين تمنح الدول الأعضاء مرونة أكبر، ما يساعد في التعامل مع التحديات الاقتصادية الراهنة". وأكد الوزير أن ألمانيا تركز في المرحلة الحالية على تنفيذ إصلاحات هيكلية لتعزيز القدرة التنافسية لاقتصادها، مشددا على أن الاستثمار في البنية التحتية والأمن هو استثمار في قوة اقتصاد ألمانيا وأوروبا ككل. وذكرت /دويتشه فيله/ أن حجم الخطة يضع ألمانيا الآن في مسار تصادمي مع الإطار المالي للاتحاد الأوروبي، حيث حذر أرمين شتاينباخ، الباحث في مركز بروغل للأبحاث والأستاذ في كلية إدارة الأعمال بجامعة /اتش أي سي/ في باريس، قائلا: "هذا يرسي سابقة خطيرة". وحول ما يراه المسؤولون أن قواعد الاتحاد الأوروبي المعدلة بشأن العجز والدين تمنح الدول الأعضاء مرونة أكبر، أشارت /دويتشه فيله/ أنه بينما توفر القواعد الجديدة مرونة أكبر في مجال الدفاع، إلا أن حزمة ألمانيا أيضا استثمارات واسعة النطاق في البنية التحتية والطاقة والرقمنة، وهي مجالات لم تشملها القواعد المعدلة صراحة. وفي هذا السياق، قال شتاينباخ: "هذا يتجاوز بكثير ما تسمح به القواعد"، منبها إلى أنه إذا وافقت المفوضية الأوروبية على خطة برلين، فقد يؤدي ذلك إلى موجة من ردود الفعل السياسية العكسية، ومضيفا أن أي معاملة خاصة لألمانيا ستقوض مبدأ عدم التمييز في الاتحاد الأوروبي. وأشار إلى أن دولا أخرى لديها مستويات مرتفعة من الديون، مثل إيطاليا أو فرنسا، تطالب باستثناءات مماثلة، ما يضعف الانضباط المالي في مختلف أنحاء الكتلة، ويؤدي إلى أزمة اقتصادية. في المقابل، ذكرت /دويتشه فيله/ أن تقليص خطط الإنفاق الألمانية ليس خيارا سهلا أيضا، إذ يأتي في وقت حرج بالنسبة للاتحاد الأوروبي. فمع تصاعد التوترات الجيوسياسية وركود النمو الاقتصادي، يأمل الكثيرون هنا في بروكسل أن يبدأ زخم اقتصادي من برلين. ونقلت الإذاعة الألمانية عن كارل لانو من مركز دراسات السياسة الأوروبية في بروكسل أنه رغم أن ألمانيا في حالة ركود منذ ثلاث سنوات، فإنها تظل الدولة الأوروبية الأكثر أهمية، حيث تمتلك أكبر اقتصاد في أوروبا وإمكانات هائلة. وزادت /دويتشه فيله/ أن السؤال المطروح هو ما إذا كان إنفاق ألمانيا سيحدث تأثيرا فعليا، ///////////////// أثرا اقتصاديا حقيقيا وملحوظا يمتد من ألمانيا إلى دول أوروبية أخرى، كما تم الإعلان عن ذلك، ونقلت عن خبراء في هذا الخصوص أن التأثيرات الاقتصادية التي تمتد من بلد إلى بلدان أخرى موجودة، لكن حجمها غير واضح.

جنون سعيّد الاستبدادي.. لوفيغارو: حفار قبر الديمقراطية التونسية
جنون سعيّد الاستبدادي.. لوفيغارو: حفار قبر الديمقراطية التونسية

الجزيرة

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

جنون سعيّد الاستبدادي.. لوفيغارو: حفار قبر الديمقراطية التونسية

قالت صحيفة لوفيغارو إن الرئيس التونسي قيس سعيد ، منذ توليه السلطة عام 2019 وإعادة انتخابه في أكتوبر/تشرين الأول عام 2024، شرع، على غرار جمهوريات الموز، في حملة استبدادية مجنونة، مهاجما المعارضين وأسس دستور البلاد. وذكّرت الصحيفة -في تقرير بقلم نادية شيريجي- بالأحكام الأخيرة التي أصدرها القضاء التونسي قبل نحو أسبوعين، وقالت إنها مبالغ فيها، وتشهد على التصعيد الاستبدادي للرئيس الذي واصل منذ انتخابه عام 2019 انتهاك الحريات، بدءا من حريات الأصوات المعارضة. وتراوحت أحكام هذه المحاكمة التي وصفتها الكاتبة بأنها ذات صبغة ستالينية، بين 13 و66 عاما سجنا، واتهم 40 شخصا، معظمهم من الصحفيين والمحامين ورجال الأعمال والمثقفين والناشطين الذين يعتبرون من الرموز المعارضة للحكومة، في قضايا مثل "مؤامرة ضد أمن الدولة"، و"المشاركة في تأسيس منظمة إرهابية بهدف زعزعة الأمن الداخلي والخارجي لتونس"، وأعمال "إرهابية"، و"التحريض على الحرب الأهلية"، و"إثارة الاضطرابات". الانجراف الاستبدادي واستغربت الكاتبة أن يصدر حكم غيابي بالسجن 33 عاما على الكاتب والفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي بعد توجيه اتهام يجمع بين نظريات المؤامرة المحيطة ب الماسونية والحجج المليئة ب معاداة السامية ، مما يعني -حسب الكاتبة- أن هذه المحاكمة تشكل نقطة تحول رئيسية في المسار الاستبدادي الذي بدأه الزعيم التونسي المهووس بنظريات المؤامرة الوهمية، لإسكات كل الانتقادات. إعلان ورغم أن سعيد انتخب رئيسا للبلاد على أساس وعود بالتغيير وغد أفضل، بعد عقد من الفوضى أعقب الربيع العربي في تونس، ورغم أنه كان أكاديميا متخصصا في القانون الدستوري، فقد انتهك القانون بشكل منهجي منذ انتخابه الأول ليمنح نفسه سلطات كاملة في البلاد. واستغل سعيد وضعا سياسيا معقدا مرتبطا بجائحة كوفيد-19، فحل البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء وعدل الدستور، الذي ضمن منذ عام 2014 الإدارة البرلمانية للحياة العامة، وحرص على تركيز السلطة في يده، قبل أن يعاد انتخابه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بنسبة مشكوك فيها -حسب الكاتبة- بلغت 90% من الأصوات. وفي الوقت الذي تغرق فيه تونس في أزمة اقتصادية، وتسعى للخروج من المأزق الذي تردت فيه منذ كوفيد-19، يضاعف سعيد هجماته اللفظية لشرح أن هذه الصعوبات نتيجة لمؤامرات حشدتها جماعات الضغط الأجنبية، دون أن يجد المجتمع الدولي طريقة للرد، كما تقول الكاتبة. ورغم هذه الظروف، فقد نجح سعيد في وضع نفسه كمحاور رئيسي في قضية تدفقات ، ووقع اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي تنص على زيادة التعاون في هذه القضية، وتعهد بالعمل على الحد منها مقابل تمويل بقيمة 105 ملايين يورو.

أوروبا تخوض سباق حواجز لإعادة التسلح
أوروبا تخوض سباق حواجز لإعادة التسلح

الجزيرة

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

أوروبا تخوض سباق حواجز لإعادة التسلح

تشير بيانات جمعها "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" إلى أن واردات الأسلحة من قبل الدول الأوروبية بين عامي 2020 و2024، زادت بنسبة 155% مقارنة بالسنوات الخمس السابقة. وينظر إلى هذه الزيادات على أنها رد فعل على الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في فبراير/شباط 2022. ولكن من جهة أخرى، تكشف البيانات أيضا عن زيادة مطردة في اعتماد الأوروبيين من بين أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) على الشركات الأميركية في تأمين واردات السلاح، إذ زودتهم هذه الأخيرة بنحو 64% من المعدات العسكرية المستوردة، مقارنة بنحو 52% بين عامي 2015 و2019. ومع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وما تبعه من تحول في سياسة الإدارة الأميركية وفي تحديد أولوياتها، بما في ذلك زيادة الضغوط المشككة في سياسات الدفاع المشترك لحلف الأطلسي، أصبح لزاما على الأوروبيين الاعتماد على أنفسهم أكثر فأكثر في تعزيز دفاعاتهم العسكرية. لكن السباق الأوروبي نحو إعادة التسلح يصطدم بالكثير من الحواجز، أبرزها أزمة الإنفاق المشترك والمقدر بأكثر من 500 مليار يورو، وتأهيل البنية العسكرية، وتباين حجم المخاطر بين الدول. مطبات أمام محور باريس برلين لندن تعتقد المفوضية الأوروبية أن صفقات السلاح المشتركة ستكون أفضل رد لبناء الدفاع الأوروبي. وقد وضع " الكتاب الأبيض" لسياسة الدفاع الصادر عن المفوضية في مارس/آذار الماضي مقاربة لذلك، إذ يرى أنه من أجل إعادة بناء النظام الصناعي الحربي فإنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يعتمد أولا على السوق الأوروبية في الشراءات العامة التي تشمل القطاعات والتقنيات التكنولوجية ذات الأهمية الإستراتيجية. وتدفع دول أوروبية مؤثرة داخل التكتل الأوروبي مثل فرنسا وألمانيا ومن خارجه بريطانيا نحو هذا الحل. وتقول صحيفة "الغارديان البريطانية" إن أوروبا تغيرت وهي تمر بمرحلة محورية، مما يفسر المشاورات المكثفة بين باريس ولندن وبرلين مع المفوضية الأوروبية من أجل مضاعفة جهودها لتحديد أمنها الجماعي. لكن مطبات كثيرة تعترض جهود هذا المحور. تعتمد فرنسا على "مظلتها النووية" كرادع أولي في خط الدفاع، وهي مظلة يمكن أن تلعب دورا أبعد من التراب الفرنسي. لكن مع ذلك تواجه خطة الدخول في اقتصاد الحرب خطر الصدام مع المدافعين عن دولة الرفاه الاجتماعي. بدأ الجدل منذ أن أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رغبته في زيادة الإنفاق العسكري إلى ما نسبته 3% إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعني ذلك في تقديرات "بوليتيكو أوروبا" ضخ تمويلات إضافية تقدر بنحو 30 مليار يورو سنويا. لم يطرح ماكرون كيفية توفير هذه التمويلات في ظل استبعاد أي خطط للزيادات الضريبية، وهو ما دفع خبراء إلى إعلان مخاوفهم بشأن إمكانية التضحية بالإنفاق الاجتماعي والدخول في تدابير تقشفية غير شعبية، وتتصاعد التحذيرات من خروج احتجاجات في الشوارع على شاكلة السترات الملونة. ورغم وجود إجماع داخل البرلمان الفرنسي على ضرورة الرفع من الإنفاق الحربي، فإن الخلاف حول تحديد مصادر تلك السيولة يخاطر بالوصول إلى طريق مسدود. بعيدا عن الجدل السياسي، تشير تقارير إلى زيادة فعلية في الصناعة العسكرية الفرنسية على الأرض، وهو ما لوحظ خاصة لدى شركة "تاليس". فخلال 3 سنوات، ضاعفت الشركة قدرتها الإنتاجية 3 مرات وأرسلت شحنات من الطائرات المسيرة والرادارات إلى أوكرانيا. ويشير إريك مورسو المسؤول عن "إستراتيجية الرادار السطحي" في المؤسسة إلى أن دورة تصنيع الرادار، التي كانت تستغرق 60 يوما قبل عامين، انخفضت إلى 20 يوما. على عكس فرنسا، تظهر مسألة الأمن في ألمانيا أكثر إثارة للشكوك. اذ يفتقد العملاق الاقتصادي لمظلة نووية ظلت طيلة عقود طويلة من المحرمات السياسية. وفي تقدير الخبراء يجعل هذا الأمر برلين أكثر عرضة إلى الابتزاز الروسي. تشير خلاصة التقرير السنوي عن حالة القوات المسلحة في البلاد إلى "حالة كارثية" للجيش الألماني المصنف في المرتبة الـ14 عالميا، فرغم ضخ الحكومة ما يقارب مليار يورو في صندوق لتحديث القوات المسلحة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن التقرير السنوي أشار إلى نقص كبير في المعدات الثقيلة وقطع الغيار والأقمار الاصطناعية والدفاع الجوي واهتراء عدد كبير من الثكنات. بالإضافة إلى ذلك، تحدثت إيفا هوغل، مفوضة البرلمان للقوات المسلحة، لصحيفة "فيرتشافتس فوخه" الأسبوعية عن نقص كبير في المدربين وعدد الجنود، ومن زيادة معدل السن في صفوف الجيش إلى 34 عاما. ولا يتعدى عدد الجيش حاليا 181 ألف جندي مقارنة مع 203 آلاف كهدف محدد، ورغم أن عدد المتقدمين زاد في 2024 بسبب إعلانات التجنيد التطوعي فإن الجيش يعاني من زيادة أيضا في عدد المنسحبين. وطرح للنقاش إمكانية فرض إلزامية التجنيد التي تم التخلي عنها عام 2011. ولكن أكثر المراقبين في ألمانيا يعتبرون هذا الخيار خاطئا من حيث الاستعداد اللوجستي على الأقل، إذ تفتقد الثكنات للمعدات والمدربين لاستقبال أعداد كبيرة من المجندين الشباب على الأمد القريب والمتوسط. والأهم من ذلك، تأمل الحكومة الألمانية أن يمهد الاستثناء من متطلبات كبح الديون إلى تأمين تمويل الإنفاق الدفاعي في المستقبل. كان قرارا مفاجئا وفق صحيفة "التايمز" البريطانية، عندما تعهد رئيس الحكومة كير ستارمر في نهاية فبراير/شباط الماضي بزيادة الإنفاق العسكري إلى 2.5% من الناتج المحلي إجمالي بحلول عام 2027، مما يعني إنفاقا إضافيا يقدر بأكثر من 7 مليارات يورو سنويا توجه للقوات المسلحة وتقتطع من "صندوق مساعدات التنمية". وفق صحيفة "أونهارد" الإلكترونية، بلغ حجم الإنفاق البريطاني لتمويل المساعدات العسكرية الموجهة لأوكرانيا 12 مليار يورو، مما أدى بالنتيجة إلى تراجع في مخزوناتها العسكرية، ومن ثم فإن الأولوية الآن هي لتوريد الذخائر، وتصميم الطائرات المسيرة ، التي يمكن تحريكها بسرعة عند اندلاع نزاع. وأشارت الصحيفة إلى خطط لزيادة عدد جنود الاحتياط، ولكن من دون توسيع الجيش النشط، الذي انخفض إلى 70 ألف عضو، وهو الأدنى منذ القرن الـ19. وتعتقد "أونهارد" بأن الاستقلال العسكري التام سيكون مكلفا للغاية بالنسبة لبريطانيا التي تعتمد إلى حد كبير على الولايات المتحدة، وخاصةً في الردع النووي، حيث تستأجر البلاد صواريخها من واشنطن، مما يمنعها من القيام بالدور الذي ترغب به. وبحسب بيانات "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، هناك بالفعل ما يربو على 10 آلاف جندي أميركي في بريطانيا مقابل قرابة 35 ألفا في ألمانيا وأكثر من 12 ألفا في ايطاليا، من بين حوالي 65 ألفا منتشرين في أوروبا. هواجس الماضي في شرق أوروبا عادت هواجس الماضي تهب على شرق أوروبا من جديد، حيث تتشارك دول البلطيق مع بولندا ودول إسكندنافية مثل السويد وفنلندا المخاوف ذاتها من عودة المارد الروسي. تدرك هذه الدول أن أي تحرك عسكري ضدها قد يضعها مجددا مواقف مشابهة لما حدث في الماضي في دانزينغ في عام 1939، أو بودابست في عام 1956، أو براغ في عام 1968، حيث تركت تواجه مصيرها بمفردها. تعمل هذه الدول وغيرها في شرق القارة على تعزيز مواردها العسكرية بسرعة. قدمت الرئاسة البولندية مشروع قانون لرفع الإنفاق العسكري إلى نسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي في الدستور، وتأمل الحكومة الوصول إلى نسبة 4.7% بنهاية العام الجاري. ومن جهة أخرى، تملك بولندا جيشا قوامه 200 ألف جندي محترف، وهو الأول على مستوى الاتحاد الأوربي مع فرنسا والثالث بين دول حلف شمال الأطلسي. ويأمل رئيس الوزراء دونالد توسك أن يبلغ العدد الإجمالي نصف مليون جندي باحتساب جيش الاحتياط. إعلان بالإضافة إلى ذلك، تريد وارسو الاستفادة من المظلة النووية الفرنسية لضمان الردع ضد أي هجوم محتمل، لكن بوضع أكثر أريحية مقارنة بالترسانة النووية البريطانية المرتبطة بالولايات المتحدة. إلى جانب ذلك، اقترح رئيس الوزراء البولندي أن تنسحب وارسو من اتفاقية دبلن بشأن الذخائر العنقودية واتفاقية أوتاوا بشأن الألغام المضادة للأفراد. دول البلطيق هناك اقتناع كامل في دول بحر البلطيق وهي لاتفيا وليتوانيا وإستونيا، أنها المعنية الأولى داخل حلف شمال الأطلسي باختبار المادة الخامسة لمعاهدة الحلف، التي تضمن الدفاع الجماعي في حالة وقوع هجوم، على خلفية التهديد العسكري المتنامي من جانب روسيا بجانب أقليات ناطقة بالروسية مقيمة على أراضيها. وحتى الآن، تعتمد ليتوانيا بشكل أساسي على وجود القوات الأميركية من أجل الردع عند أي هجوم عسكري. غير أن هذا الوجود في ظل الإدارة الأميركية الحالية لا يعد ضمانة مطلقة. كانت ليتوانيا ضاعفت بالفعل ميزانية الدفاع لتصل إلى 2.3 مليار يورو، مما يعني 3% من الناتج المحلي الإجمالي. تتطلع الدولة السوفياتية السابقة إلى أن يصل عدد قواتها المسلحة إلى 20 ألفا مع تزويدها بدبابات ليوبارد الألمانية (سيتم تسليمها بحلول نهاية العقد) وأنظمة الصواريخ الأميركية "اتاكامز" و"هيمارس". وترى صحيفة "دزينيك" البولندية أن الخطر الأكثر ترجيحا ليس التخلي عن القوات الغربية المنتشرة في دول البلطيق بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، بل زعزعة ترامب للوحدة عبر الأطلسي، وقد يدفع هذا روسيا إلى اختبار المادة الخامسة. دول مترددة تنطبق هذه الصفة على دول مثل هولندا وإسبانيا. بالنسبة لهولندا، فقد أبدت موافقتها خلال مشاركة رئيس الوزراء ديك شوف في قمة دول الاتحاد في السادس من مارس/آذار الماضي على خطط زيادة الإنفاق العسكري المشترك من أجل إعادة تسليح أوروبا بتمويل يصل إلى 800 مليار يورو. لكن البرلمان الهولندي أبدى لاحقا تحفظات على تلك الخطط، بما في ذلك 3 أحزاب من بين 4 تشكل الائتلاف الحاكم. وسبب التحفظ هو تجنب الالتزام بقروض مشتركة مع دول الجنوب واحتمالية زيادة الدين الوطني. ودعا البرلمان إلى تبني موقف وسط، وهو الموافقة على خطة التمويل ولكن بشروط صارمة. أما إسبانيا، فقد تعهدت الحكومة الاشتراكية بزيادة الإنفاق الذي يعد الأضعف بين دول الاتحاد الأوروبي، من 1.28% إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن هذا التعهد يصطدم بنقاش داخل الطبقة السياسية، كونه يتعارض مع "السياسة السلمية" التي أرساها رئيس الوزراء السابق خوسيه لويس رودريغاز ثاباتيرو الذي شغل المنصب بين عامي 2004 و2011. وتقول صحيفة "إلباييس" القريبة من المعسكر الاشتراكي إنه يتعين على رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الآن "إيجاد توازن دقيق بين الالتزامات الأوروبية وحلف شمال الأطلسي، الذي هو مصمم على احترامها، والواقع السياسي" في البلاد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store