logo
بين بغداد وصنعاء.. شجاعة الدولة في وجه السرديات المريضة

بين بغداد وصنعاء.. شجاعة الدولة في وجه السرديات المريضة

اليمن الآنمنذ 3 أيام

فتحي أبو النصر
طبعا لم تكن زيارة الرئيس اليمني الدكتور رشاد العليمي إلى بغداد مجرد حضور بروتوكولي في قمة عربية جديدة.
بل لقد كانت إعلانا رمزيا عميقا بأن الدولة اليمنية، رغم كل الجراح، ما تزال تقبض على زمام قرارها العربي، وتحسن اختيار توقيت رسائلها السياسية، حتى في أحلك اللحظات.
والشاهد أن يذهب رأس الدولة اليمنية إلى بغداد، عاصمة معقدة لا تخلو من النفوذ الإيراني، ويصعد إلى منبرها ليعلن بوضوح موقف اليمن الرافض للميليشيات، العابثين، والانقلابيين ومن يقف خلفهم، فهو موقف لا يفتقر إلى الشجاعة فحسب، بل إلى إدراك استراتيجي يتجاوز اللحظة السياسية إلى المعركة الأعمق: معركة استرداد السردية العربية من براثن التغريب الطائفي.
والحق يقال إن قرار المشاركة بتمثيل رفيع المستوى لم يكن سهلاً. بل لم تكن المغامرة في الجغرافيا، بل في الرمزية. فبغداد، رغم عمقها العربي، ظلت لعقدين مرتهنة بنسبة كبيرة لإرادة غير عربية، لإملاءات دولة تُجيد الاستثمار في الفراغات الطائفية والخيبات العربية.
ولقد كان يمكن الاكتفاء بتمثيل منخفض، لكن الرسائل لا تصل همساً حين تكون الأوطان في خطر. الرسائل تصل حين يُقرع جرس العروبة من داخل المدن التي يُراد لها أن تنسى عروبتها.
على إن خطاب الرئيس العليمي لم يكن دبلوماسياً عادياً.
بمعنى أدق لم يختبئ خلف العبارات الناعمة، بل صاغ حضور اليمن كقضية، لا كضيف.
تحدث باسم اليمنيين جميعاً، ورفض أن يُختصر اليمن في عصابة جاثمة على صدور الناس، تعيث فساداً تحت شعارات مستوردة لا تمُتُّ للهوية اليمنية بأي صلة.
ولقد قالها اليمن في بغداد: 'لا لحكم الميليشيات، لا لتمزيق الجغرافيا العربية، لا لعبث إيران'. ومن هناك أيضاً، من قلب عاصمة الرشيد، مد اليمن يده مجدداً للعرب، مشيداً بمواقف مصر والسعودية والإمارات، ومهنئاً سوريا بعودتها، دون أن يقع في فخ الابتذال السياسي أو المزايدات الباهتة.
صدق لم تكن زيارة الرئيس مجرد رد على إيران، بل كانت تذكيراً بأن اليمن، رغم تمزقه الظاهري، لا يزال يحتفظ بعقله العربي، بقلبه العربي، وبمصيره العربي. وأن صنعاء ليست مجرد ورقة تفاوضية في ملف إقليمي، بل عاصمة جمهورية ضاربة الجذور، لا تسقط بشرعية ميليشيا، ولا ترتضي أن يُدار مستقبلها من كهوف أو غرف مظلمة.
صحيح أن الزيارة محفوفة بالمخاطر، وأن هناك من أشار إلى أخطاء بروتوكولية في الاستقبال، لكن تلك السطحيات لا تفسد المعنى الجوهري: رئيس دولة ذهب بنفسه ليُعلن أن اليمن ما يزال واقفاً، وأنه لم يسقط ولن يسقط، لا في السياسة، ولا في الجغرافيا.
والآن، وقد وصلت الرسالة، لم يبقَ أمام قيادة الدولة إلا أن تترجم هذا الحضور الرمزي إلى فعل ملموس على الأرض. فالمعركة الحقيقية ليست فقط في المؤتمرات، بل في حياة الناس.
تحرير صنعاء وصعدة لم يعد مطلباً عسكرياً فحسب، بل أخلاقياً ووجودياً، لكل من يحلم بيمن حر لا يُدار من الخارج.
وإذا كانت بغداد قد أنصتت، فلتكن عدن وتعز وحضرموت وسائر الأرض اليمنية على موعد مع ترجمة هذه الشجاعة.
آن أوان الدولة أن تعود فعلاً، لا شكلاً، وأن تملأ الفراغ الذي لطالما سمح للخراب أن يتوسع.!
تعليقات الفيس بوك

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإرياني: اللقاء التنسيقي بين إعلام المجلس الإنتقالي والمقاومة الوطنية خطوة مهمة في توحيد الجبهة الإعلامية
الإرياني: اللقاء التنسيقي بين إعلام المجلس الإنتقالي والمقاومة الوطنية خطوة مهمة في توحيد الجبهة الإعلامية

اليمن الآن

timeمنذ 34 دقائق

  • اليمن الآن

الإرياني: اللقاء التنسيقي بين إعلام المجلس الإنتقالي والمقاومة الوطنية خطوة مهمة في توحيد الجبهة الإعلامية

أشاد وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، باللقاء التنسيقي بين هيئة إعلام المجلس الإنتقالي وإعلام المقاومة الوطنية، مؤكدًا أنها خطوة مهمة لتوحيد الجبهة الإعلامية في مواجهة المشروع الإيراني وأدواته (مليشيا الحوثي الإرهابية). وقال الإرياني، في تغريدة على منصة إكس: '‏نحيي اللقاء التنسيقي الإعلامي وتشكيل مجلس التنسيق بين المقاومة الوطنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، كخطوة مهمة على طريق توحيد الجبهة الإعلامية في مواجهة مشروع مليشيا الحوثي الإرهابية. وأضاف: 'الاتفاق يؤكد أن معركتنا واحدة، وعدونا واحد والنصر لن يتحقق إلا بتوحيد الصفوف وتعزيز العمل المشترك'. تعليقات الفيس بوك

المحرّمي يؤكد على الدور المحوري للولايات المتحدة في تعزيز قدرات بلادنا لمواجهة التحديات
المحرّمي يؤكد على الدور المحوري للولايات المتحدة في تعزيز قدرات بلادنا لمواجهة التحديات

اليمن الآن

timeمنذ 4 ساعات

  • اليمن الآن

المحرّمي يؤكد على الدور المحوري للولايات المتحدة في تعزيز قدرات بلادنا لمواجهة التحديات

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي، القائد عبدالرحمن المحرّمي، على أهمية الدور المحوري للولايات المتحدة الأمريكية في دعم الشرعية وتعزيز قدرات بلادنا في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والتصدي للتهديدات الإرهابية التي تشكلها مليشيا الحوثي المدعومة من إيران. جاء ذلك خلال لقائه، اليوم، عبر اتصال مرئي، بسفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى اليمن ستيفن فاجن، حيث جرى مناقشة آفاق تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية على كافة الأصعدة، وفي مقدمتها التعاون الأمني والعسكري، ومجالات مكافحة الإرهاب، وخفر السواحل، وتأمين الممرات البحرية الدولية، وردع الهجمات الحوثية الإرهابية على خطوط الملاحة وسفن الشحن التجاري. واستعرض اللقاء مستجدات الأوضاع على الساحتين الوطنية والإقليمية، والتحديات الاقتصادية والإنسانية الراهنة في بلادنا، إضافة إلى الجهود الجارية لدعم برنامج الإصلاحات الشاملة، وتعزيز قدرات سلطات إنفاذ القانون، بما يسهم في التخفيف من معاناة المواطنين، وتحسين الاستقرار المعيشي والاقتصادي. وأعرب المحرمّي عن تطلّع بلادنا إلى مضاعفة الدعم الدولي، وخاصة الأمريكي، في المجالين الاقتصادي والإنمائي، بما يعزز من استقرار العملة الوطنية، ويدعم أولويات الحكومة العاجلة في القطاعات الخدمية، بما يخفف من معاناة المواطنين في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. مثمناً المواقف الأمريكي الثابت في دعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وحرص واشنطن على حماية الأمن الإقليمي، وتجفيف مصادر تمويل الإرهاب، وحظر الأسلحة الإيرانية المهربة للميليشيا الحوثية. من جانبه، جدد السفير الأمريكي ستيفن فاجن، التأكيد على موقف بلاده الثابت والداعم لبلادنا وأمنه واستقراره، والتزامها بمواصلة العمل المشترك مع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، لمواجهة التحديات الراهنة، وإنجاح مساعي السلام، وتعزيز الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة. تعليقات الفيس بوك

وزير الخارجية يبحث مع السفير الإماراتي تنسيق المواقف تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك
وزير الخارجية يبحث مع السفير الإماراتي تنسيق المواقف تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك

اليمن الآن

timeمنذ يوم واحد

  • اليمن الآن

وزير الخارجية يبحث مع السفير الإماراتي تنسيق المواقف تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك

بحث وزير الخارجية وشؤون المغتربين، الدكتور شائع الزنداني، اليوم، مع سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى اليمن، محمد الزعابي، العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها وتطويرها، إضافة إلى تنسيق المواقف تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك. وأعرب الوزير الزنداني، عن تقدير مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والشعب اليمني للمواقف الثابتة لدولة الإمارات تجاه اليمن..مشيداً بالدعم الإنساني والتنموي الذي تقدمه، لا سيما في مجالي الطاقة المتجددة والخدمات الصحية، وما يمثله ذلك من إسهام فاعل في تخفيف معاناة الشعب اليمني. من جانبه، أكد السفير الزعابي، على متانة العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين، وحرص بلاده على مواصلة دعم اليمن في المجالات التنموية والإنسانية، بما يعزز من صمود الشعب اليمني وتحقيق تطلعاته. تعليقات الفيس بوك

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store