
رغم كل شيء... لماذا علينا مساندة إيران؟
في عالم مشوّش بالمواقف والمصالح، تصبح الحقيقة ضحية الاصطفافات. ومن بين أكثر الأسئلة إثارة للجدل في المشهد العربي اليوم: لماذا يُساند بعض العرب إيران، رغم مشاركتها في جرائم دموية، ودعمها لأنظمة ديكتاتورية، وتدخلاتها الإقليمية؟
السؤال مشروع، والإجابة تتطلّب شجاعة في تجاوز السرديات السطحية، سواء تلك التي تلمّع إيران وتقدّسها، أو تلك التي تُشيطن كلّ ما يأتي من طهران من دون تمييز.
صحيح أنّ إيران دعمت نظام بشار الأسد البائد، ووسّعت نفوذها في العراق ولبنان، أحياناً على حساب السيادة الوطنية، وأحياناً تحت غطاء المقاومة. هذا الواقع جعلها خصماً لكثير من العرب الذين رأوا في تدخلاتها انتهاكاً للإرادة الشعبية، وتعزيزاً لانقسامات طائفية، أو حتى محاولة لتقاسم النفوذ مع دول عربية أخرى تتدخّل تحت شعارات مختلفة. لكن في المقابل، تظلّ إيران الدولة الوحيدة في الإقليم التي اختارت الاصطفاف غير المشروط مع فلسطين لا مع الاحتلال، ومع المقاومة لا مع التطبيع.
في الوقت الذي كانت فيه عواصم عربية كبرى تتقارب مع تل أبيب وتضيّق الخناق على غزة، كانت إيران تمضي في الاتجاه المعاكس: تمدّ يد الدعم لفصائل المقاومة الفلسطينية، وتوفّر السلاح والمال، وتُدير المواجهة مع إسرائيل عبر أذرعها في الإقليم.
لكن هذا الدعم "رغم حجمه" لم يكن مشروطاً بالولاء الكامل، ولا منح إيران سلطة مباشرة على قرارات الفصائل. العلاقة بين الطرفين لم تكن علاقة تبعية، بل تقاطع مصالح في جبهة مقاومة مشتركة، تتلاقى في العداء لإسرائيل لكنها تختلف في المشروع السياسي والأيديولوجي.
نُدين الظلم أيّاً كان مصدره، وندعم من يقف مع قضايانا، ولو اختلفنا معه في ألف ملف
إيران، من جهتها، تتعمّد في كثير من الأحيان البقاء خلف المشهد، تحرّك أدواتها بهدوء وتترك للفاعلين المحليين واجهة المواجهة. وهكذا، استطاعت أن تبني لنفسها حضوراً في ساحات لا تخوضها مباشرة، لكنها تبقى جزءاً من معادلتها الإقليمية.
نعم، إيران أخطأت في سورية. دعمت نظاماً مسؤولاً عن مئات الآلاف من القتلى والمهجّرين. وهذا لا يمكن تبريره، حتى لو تمّ تغليفه بشعار "محور المقاومة". ونعم، لها نفوذ مُقلق في العراق ولبنان، تغذّيه المليشيات والانقسامات الطائفية. لكن رغم ذلك، يرى كثير من العرب أنّ هذا لا يُلغي أنها وقفت حيث لم يجرؤ غيرها على الوقوف. لم تساوم على فلسطين، ولم تُدر ظهرها لغزة، ولم تشارك في مسرحية التطبيع الكبرى.
من المهم الاعتراف بأنّ أحد أسباب توسّع نفوذ إيران في سورية والعراق ولبنان، ليس فقط دهاءها السياسي أو قدراتها العسكرية، بل غياب قوى معارضة وطنية منظّمة وموثوقة. ففي كثير من هذه الدول، المعارضة إما مشتّتة، أو تابعة لقوى خارجية، أو غارقة في الفساد والطائفية. وهذا ما جعل التدخل الإيراني يبدو "مهيمناً"، لا لأنه مثالي، بل لأنه ملأ فراغاً تركه الآخرون.
الوقوف إلى جانب إيران في قضايا معيّنة لا يعني تبنّي مشروعها السياسي، ولا الانسلاخ عن الهُويّة العربية
الوقوف إلى جانب إيران في قضايا معيّنة لا يعني تبنّي مشروعها السياسي، ولا الانسلاخ عن الهُويّة العربية، ولا يُفترض أن يُستخدم غطاءً لتبرير جرائمها أو التغاضي عنها. بل يعني ببساطة: الانحياز لمن يقف في وجه الاحتلال، ورفض منطق الهيمنة الإسرائيلية الذي يُفرض على المنطقة تحت شعارات السلام والتطبيع والشراكة.
المطلوب هو الوعي، لا الاصطفاف. أن نحاكم المواقف بناءً على المبادئ والمصلحة العامة، لا بناءً على الطائفة، ولا الولاء للمحاور الخارجية. نُدين الظلم أيّاً كان مصدره، وندعم من يقف مع قضايانا، ولو اختلفنا معه في ألف ملف.
قد تختلف مع إيران، بل وقد ترفض مشروعها الإقليمي بالكامل، لكنك لا تستطيع إنكار حقيقة واحدة: أنها ما زالت تقف حيث يجب أن يقف كلّ من يدّعي الانحياز لفلسطين. في زمن تخلّى فيه كثير من العرب عن موقفهم الأخلاقي، وتحوّلوا إلى وسطاء للتطبيع أو أبواق للعدو، اختارت إيران أن تبقى "على الأقل" في موقع الخصومة مع الاحتلال، لا على موائد الشراكة معه.
الموقف من إيران ليس اختبار ولاء، بل اختبار وعي. ومن لا يرى الصورة كاملة، سيبقى يتأرجح بين أعداء متخيّلين وحلفاء مزيفين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 31 دقائق
- العربي الجديد
وفد مغربي يزور تركيا الأسبوع المقبل لتقييم اتفاقية التجارة الحرة
يستعد وفد مغربي من وزارة الصناعة والتجارة لزيارة العاصمة التركية أنقرة خلال الأسبوع المقبل، في إطار اجتماع دوري للجنة المشتركة المنبثقة عن اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين في 2004، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2006، وذلك بحسب بيان رسمي صادر عن الوزارة، اليوم السبت. وبحسب البيان فإن الزيارة "تقنية وطبيعية"، ولا تهدف إلى إعادة التفاوض على الاتفاقية كما روجت بعض التقارير الأجنبية، بل تأتي في سياق مراجعة الأداء وتبادل البيانات و الإحصاءات التجارية ، بما يعزز فعالية الاتفاق ويعكس روح الشراكة الاقتصادية بين الجانبين. ومن المنتظر أن يترأس الوفد المغربي نائب وزير الصناعة والتجارة المكلف بالتجارة الخارجية عمر حجيرة، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام محلية، فيما لم يتضح تاريخ بداية الزيارة لأنقرة. وسبق أن أشارت تقارير إعلامية أجنبية إلى أن الزيارة تأتي بهدف إعادة التفاوض بشأن الاتفاقية، مستندة إلى مصادر مغربية لم تُكشف هويتها. غير أن وزارة الصناعة والتجارة شددت على أن "هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة"، موضحة أن الاجتماعات تهدف إلى تقييم الأداء وتبادل البيانات حول التجارة الثنائية، بحسب الأناضول. من جانبه، قال مدير العلاقات التجارية الدولية في الوزارة يوسف الزهوي، إن "الاجتماع المزمع تقني بحت، وسيناقش البيانات والإحصاءات ومجريات تنفيذ الاتفاقية، ضمن إطارها الفني والطبيعي". وأضاف في تصريح للصحافة المحلية أنه ستتم مراجعة الأرقام ومؤشرات الأداء التجاري، مع تقييم سبل تطوير التجارة لتكون أكثر توازنا وفعالية. وأشار الزهوي إلى أن بعض التحليلات التي تربط العجز التجاري المغربي مع تركيا باتفاقية التجارة الحرة "تعكس رؤية قاصرة"، موضحا أن "نحو 40% من هذا العجز لا يرتبط بالاتفاق مباشرة". وأكد الزهوي أن الاتفاقية ساهمت في جذب استثمارات أجنبية مباشرة إلى قطاعات إنتاجية في المغرب، قائلاً: "لولا هذه الاتفاقيات، لما تمكنا من تحقيق القدرات الإنتاجية الحالية في بعض المجالات". كما شدد على أن الاتفاق لم يقتصر تأثيره على التجارة الثنائية، بل عزز أيضًا اندماج المغرب في أسواق أوسع، قائلاً: "المستثمرون ينظرون إلى إمكانات التصدير والأسواق الخارجية، وليس فقط السوق المحلي". اقتصاد عربي التحديثات الحية تدهور عجز الميزان التجاري في المغرب ومخاوف من تكرار سيناريو 2022 ووقع المغرب وتركيا اتفاقية التجارة الحرة في 7 إبريل/ نيسان 2004، ودخلت حيز التنفيذ في 1 يناير/ كانون الثاني 2006، قبل أن يدخلا تعديلات عليها قبل خمس سنوات شملت فرض رسوم جمركية 90% على واردات المنسوجات والملابس التركية لحماية المصنعين المغاربة والوظائف. ومع ذلك، لا تزال الشركات المغربية تستورد كميات كبيرة من الأقمشة التركية لتلبية احتياجات قطاع الملابس في المملكة. وتشير البيانات الرسمية إلى أن العجز التجاري الإجمالي للمغرب زاد 22.8% إلى 109 مليارات درهم (12 مليار دولار) في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام. واتسع أيضاً العجز التجاري 7% إلى 306 مليارات درهم العام الماضي. والعجز التجاري بين المغرب وتركيا هو ثالث أكبر عجز بعد الولايات المتحدة والصين. وبحسب بيانات رسمية مغربية، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2024 نحو 5.5 مليارات دولار، بواقع صادرات من المغرب بقيمة 1.6 مليار دولار، فيما بلغت الواردات من تركيا 3.9 مليارات دولار. ويجمع خبراء، بحسب الأناضول، على أن الاتفاقية لعبت دورا رئيسيا في تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، وفتح المجال لتوسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري. والأربعاء، قال مصدران لـ"رويترز" إن المغرب يعتزم مراجعة اتفاقه التجاري مع تركيا، والضغط من أجل زيادة الاستثمارات التركية لتعويض العجز التجاري المتزايد الذي يُعزى إلى حد بعيد إلى واردات الأقمشة التركية. وأضاف المصدران اللذان حضرا اجتماعاً مع عمر حجيرة، كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية في المغرب، إن حجيرة سيزور تركيا، سادس أكبر شريك تجاري للمغرب، قريباً لمناقشة الإجراءات التي تهدف إلى تخفيف العجز البالغ ثلاثة مليارات دولار. والاثنين الماضي، أعلن كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية في المغرب أنه سيجري زيارة رسمية إلى تركيا خلال الأيام المقبلة لمراجعة اتفاقية التبادل التجاري الموقعة بين البلدين منذ 2004، وسط تزايد الضغوط على الميزان التجاري المغربي. وأكد حجيرة، خلال اجتماع لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب يوم الاثنين، أن بلاده ستطلب من الجانب التركي رفع وتيرة الاستثمارات المباشرة لتعويض العجز، معتبراً أن "الاستثمار هو المفتاح الحقيقي لتجاوز اختلالات الميزان التجاري"، بحسب قناة الأخبار المغربية. ويستفيد المغرب من 12 اتفاقية للتبادل التجاري الحر مع أكثر من 100 دولة، تغطي ما يقرب من 2.3 مليار مستهلك.


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
هذه المنشآت النووية في إيران استهدفتها الضربات الأميركية
بعد وعيد مستمر وخداع مارسهما الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 طيلة الأسابيع والأيام الأخيرة، جاءت الهجمات الأميركية على منشآت نووية في إيران مكملة للعدوان الإسرائيلي الذي دخل اليوم الأحد يومه العاشر. وبحسب الإعلانات الرسمية الصادرة عن كل من واشنطن وطهران، استهدفت الهجمات الأميركية ثلاث منشآت نووية إيرانية هي نطنز وموقع UCF في أصفهان وفوردو. ولم تعلن إيران رسمياً، بعد، عن حجم الخسائر التي لحقت بهذه المنشآت الثلاث، غير أنّ نائبين في البرلمان الإيراني عن مدينة قم التي تقع منشأة فوردو الحساسة ضمن جغرافيتها أعلنا، صباح اليوم الأحد، أنّ هذه المنشأة "تحت الأرض لم تتعرض لأضرار". وقال النائب قاسم روانبخش إنّ "العلم النووي الذي نمتلكه لن يدمر بهذه الجرائم". كما قللت وسائل إعلام إيرانية في الساعات الأولى من حجم الهجوم ونتائجه، حيث سرعان ما نقلت مع طلوع الشمس عن سكان منطقة قم قولهم: "سمعنا أصوات مسيرات ودفاعات جوية كالليالي الماضية، لكن لم نسمع أصوات انفجارات قوية وضخمة كما تحدث عنها ترامب". غير أنّ ترامب، كما نقلت عنه شبكة فوكس نيوز الأميركية، قال إن الولايات المتحدة "محت منشأة فوردو الإيرانية تماماً باستخدام ست قنابل خارقة للتحصينات"، مضيفاً أنه "جرى تدمير موقعي نظنز وأصفهان النووين بـ30 صاروخاً من غواصات أميركية على بعد 400 ميل". في الأثناء، نقلت وكالة رويترز عن مصدر إيراني وصفته بـ"الكبير"، اليوم الأحد، قوله إنّه جرى نقل معظم اليورانيوم عالي التخصيب في منشأة فوردو إلى مكان غير معلن قبل الهجوم الأميركي، مشيراً إلى أنّ عدد العاملين في موقع فوردو قُلِّص إلى الحد الأدنى. وفي أول تعليق إيراني رسمي، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الصورة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عباس عراقجي أكاديمي ودبلوماسي إيراني قاد فريق إيران في مفاوضات البرنامج النووي الإيراني حتى تمكنت طهران من التوصل إلى اتفاق تخفيف العقوبات عنها مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، عام 2015. كما تولى العديد من المهام الدبلوماسية والأكاديمية، وبعد انتخابات 2024، رشحه الرئيس مسعود بزشكيان لمنصب وزير الخارجية، وحظي بثقة البرلمان. ، صباح الأحد، في تدوينة على منصة إكس، أنّ "إيران تحتفظ بجميع خياراتها دفاعاً عن سيادتها ومصالحها وشعبها"، مؤكداً أنّ العدوان الأميركي يمثل "خرقاً فاضحاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ومعاهدة عدم الانتشار النووي من خلال الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية السلمية"، واعتبر أن "أحداث صباح اليوم مقلقة ووصمة عار" متوعداً أميركا بـ"عواقب خالدة". من جهتها، أكدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في بيانين منفصلين، استهداف المواقع النووية الثلاثة المذكورة في الهجمات الأميركية، محاولة طمأنة سكان المناطق المحيطة بهذه المواقع الذين يتعرضون لإشاعات كبيرة، وقالت إنها لم تسجل أي تلوث إشعاعي، داعية إياهم إلى عدم القلق. وقالت المنظمة إن "هذه المواقع التي تعرضت للهجمات الأميركية تخضع لرقابة كاملة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية". أما المنشآت النووية الثلاث (نطنز وفوردو وUCF) التي استهدفها العدوان الأميركي، فهي تعد المنشآت الرئيسة في الصناعة النووية الإيرانية، رغم أن هناك مفاعلاً ومنشآت نووية أخرى، مثل مفاعل طهران ومفاعل بوشهر ومفاعل خونداب. واللافت أن المنشآت الثلاث تعمل في مجال تخصيب اليورانيوم أو معالجته. وتعد عملية التخصيب عصبة أي برنامج نووي محلي مستقل. منشأة نطنز تعدّ منشأة نطنز أو منشأة "الشهيد مصطفى أحمدي روشن"، العالم النووي الإيراني الذي اغتالته إسرائيل عام 2012، الأهم في إيران لتخصيب اليورانيوم، إذ تحتوي على أكبر عدد لأجهزة الطرد المركزي المستخدمة في التخصيب، وتستوعب طاقتها تشغيل 54 ألف جهاز طرد مركزي. تقع المنشأة في منطقة نطنز بمحافظة أصفهان على بعد أكثر من 220 كيلومتراً من العاصمة الإيرانية طهران. وتقع أقسام من صالات تخصيب اليورانيوم في نطنز على عمق 40 إلى 50 متراً تحت الأرض، لكن لكونها تقع في صحراء مفتوحة، فإن ذلك يشكل تهديداً لها أمام هجمات جوية، في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية والأميركية ضد البرنامج النووي الإيراني. غير أنّ إيران عملت على حفر شبكة أنفاق ضخمة جنوب منشأة نطنز عام 2022، اعتبرته صحيفة نيويورك تايمز، حينها، أكبر جهد إيراني حتى الآن لبناء منشآت نووية جديدة في أعماق الأرض قادرة على الصمود بوجه القنابل والهجمات الإلكترونية. وأكدت منظمة الطاقة النووية الإيرانية لاحقاً صحة التقارير عن الإنشاءات المحصنة الجديدة جنوب نطنز، مشيرة إلى أن الهدف منها تعزيز التدابير الأمنية. وكذلك نُقل مصنع تسا لصناعة أجهزة الطرد المركزي إليها، والواقع سابقاً في منطقة كرج، غرب طهران، بعد استهداف المصنع عام 2021. وفي مطلع مايو/ أيار 2021، كشف رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية السابق البرلماني فريدون عباسي، الذي اغتالته إسرائيل في بداية عدوانها الأخير على إيران، أنّ منشأة نطنز تعرضت لـ"خمس عمليات تخريبية كبيرة خلال السنوات الـ15 الأخيرة"، مع الحديث عن وقوع عمليات "صغيرة" أخرى في هذه المنشأة. وبدأت الهجمات "التخريبية" في المنشآت النووية الإيرانية عام 2010 بهجمات إلكترونية، حيث استهدف فيروس ستاكس نت، المصنف أخطرَ فيروس عسكري، عام 2010 منشأة نطنز الكبرى في البلاد لتخصيب اليورانيوم، ومفاعل بوشهر النووي بالقرب من الخليج. منشأة فوردو تعتبر منشأة فوردو الأكثر تحصيناً بين المنشآت النووية الإيرانية والمنشأة الثانية في تخصيب اليورانيوم. عملت السلطات الإيرانية النووية على إنشائها على عمق 90 متراً داخل جبال منطقة تحمل الاسم نفسه في محافظة قم، التي تقع بين أصفهان وطهران، على بعد 160 كيلومتراً من العاصمة الإيرانية. ولم تكن المنشأة معروفة قبل سبتمبر/ أيلول 2009 عندما تسربت معلومات استخبارية أميركية وفرنسية كشفت عنها، ثم أعلنت الحكومة الإيرانية أنها بنت المنشأة في عمق الجبال لتخصيب اليورانيوم حفاظاً على أمن المواطنين وفي إجراء احترازي في مواجهة أي هجوم جوي محتمل. وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في 9 يناير/ كانون الثاني 2011، قيام إيران بتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20% لأول مرة في منشآت فوردو، فجلبت انتقادات لها من أميركا والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي. ويحرم الاتفاق النووي إيران من تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو، وسمح لها بالتخصيب بنسبة 3.67% في منشأة نطنز فحسب، لكن طهران في إطار تنفيذ المرحلة الرابعة من خفض تعهداتها النووية، اعتباراً من 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، رداً على تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018، فعّلت منشأة فوردو الحساسة، واستأنفت تخصيب اليورانيوم فيها عند مستوى 5%. وفي 28 يونيو/ حزيران 2022، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي قيام طهران أخيراً بتشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة في منشأة فوردو. رصد التحديثات الحية تفاصيل الضربة الأميركية على إيران.. قنابل خارقة تستخدم لأول مرة موقع UCF وإلى جانب منشأة نطنز، تحتضن أصفهان مركزاً نووياً مهماً آخر تحت مسمى موقع أصفهان النووي أو مركز معالجة اليورانيوم (UCF)، الذي بُني على مساحة 60 هكتاراً، وهو يشتمل على نحو 60 منشأة ومركز إنتاج تعمل في الصناعة النووية الإيرانية، منها عدة مفاعلات نووية. ومن أهم النشاطات النووية في مركز معالجة اليورانيوم، انتقال الكعكة الصفراء إليه لمعالجتها، وإعدادها في عملية التخصيب لإنتاج الوقود النووي، لكن المركز لا يقوم بتخصيب اليورانيوم. ومن أهم أعمال المركز، أيضاً، تحويل الكعكة الصفراء (مسحوق اليورانيوم الطبيعي من دون تخصيب) إلى مركبات يورانيوم أخرى مثل ثنائي أكسيد اليورانيوم وسداسي فلوريد اليورانيوم ورباعي فلوريد اليورانيوم. ويُنتج المركز أيضاً غاز فلور الذي يعدّ مركباً أساسياً في الصناعة النووية، وبعد إنتاج سداسي فلوريد اليورانيوم، يُنقَل إلى منشأة نطنز لاستخدامه في أجهزة الطرد المركزي لزيادة نقاء اليورانيوم المخصب، الذي ينتقل إلى مركز معالجة اليورانيوم لتجهيزه للاستخدام في وقود المفاعل النووي. وفي 5 فبراير/ شباط 2024، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي عن مشروع بناء المفاعل الرابع، وهو مفاعل بحثي في موقع أصفهان النووي، أو ما يعرف بمركز معالجة اليورانيوم UCF.


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
ترامب يحذر إيران من الرد على الضربات الأميركية ويتوعدها بـ"مأساة" إذا لم تختر السلام
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ الجيش الأميركي نفذ ضربات دقيقة وضخمة استهدفت المنشئات النووية الثلاث الرئيسية في إيران وهي فوردو ونطنز وأصفهان بهدف تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم ووضع حد للتهديد الذي تشكله. وقال ترامب، مساء السبت: "الليلة أخبر العالم بأنّ الضربات حققت نجاحاً عسكرياً كبيراً. لقد تم تدمير منشآت التخصيب النووي الإيرانية بشكل كامل وتام". ودعا ترامب في خطاب للأميركيين بعد الضربة العسكرية، إيران أن تختار "السلام الآن"، محذراً "من أنها إذا لم تفعل فستكون الضربات القادمة أعظم وأسهل بكثير"، وشدد على أنه "لا يمكن لهذا أن يستمر فإما أن يكون هناك سلام أو ستكون هناك مأساة أكبر بكثير مما شهدناه الأيام الماضية". ووصف ترامب إيران بأنها "متنمرة على الشرق الأوسط"، ووجه الشكر والتهنئة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو، وقال "عملنا كفريق واحد.. وقطعنا شوطاً طويلاً في القضاء على هذا التهديد الرهيب على إسرائيل". كما وجّه الشكر للجيش الإسرائيلي والجيش الأميركي على "العملية الهجومية على إيران"، مشيراً إلى أن العالم لم يشهد لهذه العملية مثيلاً منذ عقود"، وأنه يأمل ألا يضطر "لاستخدام أفراد القوات المسلحة الأميركية بهذا الشكل مرة أخرى". تقارير دولية التحديثات الحية الحرب الإسرائيلية الإيرانية | ضربة أميركية على 3 مواقع نووية ووجه الرئيس الأميركي تحذيراً لإيران قائلاً: "تذكروا لا تزال هناك أهداف كثيرة متبقية. ضربة الليلة كانت الأصعب على الإطلاق وربما الأشد فتكاً، ولكن إذا لم يتحقق السلام سريعاً فستستهدف الأهداف الأخرى بدقة وسرعة ومهارة، ومعظمها يمكن تدميره في غضون دقائق". وأكد ترامب، أنه لا يوجد جيش في العالم قادرة على تنفيذ "ما قمنا به الليلة"، وأضاف "لا أحد يقترب حتى من هذا. لم يشهد التاريخ جيشاً قادراً على القيام بما حدث قبل وقت قصير". وعقب انتهاء خطابه بدقائق، كتب ترامب على منصته "تروث سوشال": "أي رد من إيران ضد الولايات المتحدة سيواجه بقوة أكبر مما شهدناه الليلة". وكان ترامب، قد أعلن في وقت متأخر السبت، أنّ طائرات حربية أميركية أسقطت قنابل على ثلاثة مواقع نووية في إيران، ما أدخل الجيش الأميركي مباشرة في حرب جديدة في الشرق الأوسط. وقال ترامب، عبر حسابه الرسمي على منصة "تروث سوشال"، إنّ "حمولة كاملة من القنابل" أُلقيت على الموقع الرئيسي في فوردو، مشيراً إلى أنّ "جميع الطائرات المشاركة في العملية غادرت المجال الجوي الإيراني وعادت إلى قواعدها بسلام". ووصف الرئيس الأميركي العملية ضد إيران بأنها تمهّد لما أسماه "وقت السلام". وشدد ترامب قائلاً: "يجب على إيران أن توافق على إنهاء الحرب الآن"، ووصف الهجوم الأميركي بأنه "لحظة تاريخية للولايات المتحدة وإسرائيل والعالم"، وأنه "أكملنا هجومنا الناجح للغاية على المواقع النووية الثلاثة في إيران". وحدد ترامب المواقع الثلاثة التي ضُربت بأنها المنشأة الجبلية في فوردو، ومحطة تخصيب أكبر في نطنز، وهي التي ضربتها إسرائيل قبل عدة أيام بأسلحة أصغر. أما الموقع الثالث، فهو الواقع بالقرب من أصفهان القريبة، الذي تعتقد الولايات المتحدة أن إيران تحتفظ فيه بيورانيوم مخصب. وبعد إلقاء القنابل، قال ترامب: "آلان هو وقت السلام"، وكتب على منصته "تروث سوشال": "فورو انتهى". وأشارت شبكة "سي أن أن" إلى أنّ "ترامب يأمل أن تؤدي الضربات الأميركية على المنشآت النووية إلى صفحة جديدة في الدبلوماسية، وأنه لا يخطط لضربات أخرى حالياً".وأشارت مصادر إلى أنّ الولايات المتحدة تواصلت مع إيران دبلوماسياً السبت، وأبلغتها بأنّ الضربات على المواقع النووية هي كل ما تخطط له واشنطن، وأنه "لا نية لديها لتغيير النظام"، فيما قال السيناتور الجمهوري توم كوتون، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، إنّ الهدف المقبل سيكون رأس النظام في إيران، في رسالة تُوجَّه بأنه سيُلحَق ضرر أكبر بكثير إذا قرروا الرد على الأميركيين في الشرق الأوسط. وقال مذيع في قناة فوكس نيوز إنه تحدث منذ قليل مع الرئيس ترامب، وإنّ "الولايات المتحدة محت تماماً منشأة فوردو النووية باستخدام 6 قنابل خارقة للتحصينات، رغم أنّ التقديرات تشير إلى أنّ قنبلتين كافيتان لذلك، كذلك دُمِّر موقعان نوويان آخران في نطنز وأصفهان باستخدام 30 صاروخ توماهوك أُطلِقا من غواصات أميركية على بعد نحو 400 ميل". وأضاف أنّ الجميع "خارج نطاق الخطر في الوقت الحالي، ولكن ذلك لا يعني أن المواقع الأميركية في المنطقة ليست مهددة، وتجري مراقبة رد إيران المحتمل طوال الليل". تقارير دولية التحديثات الحية رحلة غابارد من "ترامب يريد حرباً غبية مع إيران" إلى "أتفق مع الرئيس" ووجّه عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي انتقادات للرئيس الأميركي، لعدم حصوله على موافقة الكونغرس قبل شنّ ضربات عسكرية على إيران. وقال النائب الجمهوري توماس ماسي: "هذا ليس دستورياً"، فيما علّق النائب الديمقراطي جيم هايمز، عضو لجنة الاستخبارات، على منشور الرئيس عن تنفيذ الضربة العسكرية، بالقول إنه "وفقاً للدستور الذي دافعنا عنه، فإنّ اهتمامي بهذه المسألة هو قبل سقوط القنابل". وأفادت شبكة "إن بي سي" بأن رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، وزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، جون ثون، أُطلعا على الهجوم الذي شنته الولايات المتحدة على المنشآت النووية في إيران. ومن جانبه، اعتبر مايك جونسون في بيان له الضربة الأميركية بأنها تمثل سياسة "أميركا أولاً" من خلال القوة. وتعهد ترامب على مدار الأشهر الماضية بتجنب الحروب الخارجية، غير أنه أصدر أخيراً تصريحات متضاربة، قبل أن يهدد الإيرانيين بضرورة "الاستسلام غير المشروط"، وألمح إلى إمكانية اغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي، وردد ما رددته إسرائيل على مدار الأشهر الماضية بأنّ "الهدف منع إيران من صنع قنبلة نووية"، كذلك رفض تقييم الاستخبارات الأميركية التي قالت على لسان مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، إنّ إيران لا تصنع قنبلة نووية. وكشف مسؤول أميركي لصحيفة نيويورك تايمز أنّ الطائرة الشبحية B-2 أسقطت 6 قنابل خارقة للتحصينات تزن الواحدة منها 30 ألف رطل على موقع فوردو النووي، كذلك أسقطت قنبلتين خارقتين للتحصينات على موقع نطنز، إضافة إلى إطلاق 30 صاروخاً على موقعي نطنز وأصفهان. وأضاف مسؤول أميركي الذي طلب عدم ذكر اسمه أنّ الطائرة B-2 التي ضربت المواقع النووية الإيرانية حلّقت دون توقف لمدة نحو 37 ساعة تقريباً من قاعدتها في ولاية ميزوري، وأنها تزوّدت بالوقود عدة مرات في الجو.