
ألغاز "مير الأثرية" بأسيوط.. هل ارتدت نساء الفراعنة "سالوبت"؟ ولماذا ظهر الزعيم بـ 13 زوجة؟
أسيوط ـ محمود عجمي:
تتميز محافظة أسيوط بموقع جغرافي استراتيجي على ضفاف نهر النيل، يجعلها بوابة رئيسية تربط شمال مصر بجنوبها، وتُعد محورًا حيويًا لمدن الصعيد الأخرى.
وتزخر المحافظة بإرث حضاري فريد، حيث تحتضن مواقع أثرية وشواهد تاريخية تعود إلى مختلف العصور، بدءًا من الحضارة الفرعونية، مرورًا بالعصر القبطي المسيحي، وصولًا إلى العصر الإسلامي، ما يجعلها واحدة من أبرز المحافظات المصرية الغنية بالتنوع الثقافي والتاريخي.
يكشف راغب عبد الحميد خلف الله، كبير أخصائيين بدرجة مدير عام بالمجلس الأعلى للآثار سابقًا، في تصريحات لـ مصراوي، عن أهمية مقابر "مير" الأثرية الواقعة غرب مركز القوصية بمحافظة أسيوط، والتي تبعد نحو 65 كيلومترًا عن شمال غرب مدينة أسيوط.
وتُعد هذه المقابر، المنحوتة في جسم الجبل، جزءًا من جبانة حكام ونبلاء المقاطعة الرابعة عشرة من أقاليم مصر العليا خلال عصري الدولتين القديمة والوسطى.
وأوضح راغب، أن قرية "مير" يعود تأسيسها إلى عام 220 قبل الميلاد، وكانت تُعرف في الدولة القديمة باسم "وعرت - نبت - ماعت" أي "مقاطعة سيدة العدالة"، قبل أن يتغير اسمها في العصر المتأخر إلى "إيات-نهت" وتعني "تل الجميزة".
وأشار إلى أن مقابر "مير" لم تكن مجرد مدافن، بل تُعد لوحات فنية، حيث توثق نقوشها تفاصيل الحياة اليومية، والطقوس الدينية، والعلاقات الاجتماعية في تلك الحقبة؛ ومن أبرز ما تكشفه هذه النقوش، مشاهد تُجسد المساواة بين الرجل والمرأة، حيث تظهر النساء وهن يقمن بأعمال شاقة كانت تُعد حكرًا على الرجال، بل وترتدين أزياء رجالية وتضعن التاتو والوشم على أجسادهن كنوع من الزينة والتعبير عن الذات.
وأضاف أن الأثريين حددوا موقعين رئيسيين لدفن حكام ونبلاء الإقليم الرابع عشر من أقاليم مصر العليا، يعودان إلى الفترة الممتدة من عصر الدولة السادسة حتى الدولة الثانية عشرة.
وأوضح أن الجبانة الشرقية تقع بمنطقة "قصير العمارنة" على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتضم مقبرتين صخريتين منحوتتين، بينما تقع الجبانة الغربية في منطقة "مير" على الضفة الغربية، وتضم 15 مقبرة صخرية، تُعد من أبرز الشواهد على تطور فنون العمارة والنقش في مصر القديمة.
ومن بين هذه المقابر، تبرز مقبرة تُعرف باسم "الأب والابن"، والتي تُجسد مشهدًا إنسانيًا نادرًا من البر والوفاء، ففي عصر الدولة القديمة، شرع الأب في نحت مقبرته، وهي من أكبر المقابر الصخرية في جبانة مير، لكنه توفي قبل إتمام نقوشها، فقام الابن بدفنه داخلها، ثم نحت لنفسه مقبرة مجاورة متصلة بممرين، لتكون الأولى حجرة دفن والثانية مزارًا لروح والده، تخليدًا لذكراه.
وتُثير إحدى المقابر الأخرى في الجبانة الغربية حيرة الباحثين، إذ تُظهر صاحبها محاطًا بأكثر من 13 زوجة ومحظية، ما يفتح باب التساؤلات حول دلالة هذا العدد الكبير، وهل كان بدافع إنجاب وريث أم لأسباب اجتماعية أو دينية لا تزال محل دراسة.
وتُدهش نقوش جبانة مير الباحثين بتفاصيلها الدقيقة، حيث تُصوّر أزياء تُشبه إلى حد كبير الملابس العصرية مثل "السالوبت" و"الأفرول"، ما يعكس تطور الذوق الجمالي واهتمام المصريين القدماء في مجال الموضة وبالمظهر.
كما توثق النقوش استخدام الوشم كوسيلة للتزيّن والتعبير عن الذات، حيث تظهر نساء مزينات برسومات على أجسادهن، في مشهد يعود إلى نحو 3700 عام قبل الميلاد، ما يُبرز جانبًا فنيًا وإنسانيًا متقدمًا في تلك الحضارة العريقة.
وفي ذات السياق، أجرى اللواء الدكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، جولة ميدانية تفقد خلالها منطقة آثار "مير" الأثرية، إحدى أبرز المعالم التاريخية في صعيد مصر، والتي تضم مجموعة من المقابر المنحوتة في الجبل تعود لعصري الدولة القديمة والدولة الوسطى، وتُعد شاهدًا فريدًا على عظمة الحضارة المصرية القديمة.
ووجّه اللواء أبو النصر الجهات المعنية، بالتنسيق مع الوحدة المحلية، بسرعة إعداد خطة تطوير متكاملة للمنطقة، تشمل تحسين مداخل الموقع، وتجميل البيئة المحيطة، وتوفير لوحات إرشادية متعددة اللغات، إلى جانب تطوير استراحة الزوار والحديقة المجاورة، مع ضمان استمرار أعمال النظافة والإنارة بما يتناسب مع القيمة التاريخية للموقع.
وأشار إلى أن محافظة أسيوط، بما تمتلكه من كنوز أثرية وتراثية فريدة، مؤهلة لتكون محطة رئيسية على الخريطة السياحية لمصر، داعيًا إلى تكثيف الجهود لتطوير البنية التحتية والخدمات المحيطة بالمواقع الأثرية، بما يعزز من مكانة المحافظة كمقصد سياحي وثقافي متميز.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
منذ 3 أيام
- مصراوي
محافظ أسيوط يتفقد مقبرة "جفاي – حابي الأول" تمهيدًا لتحويلها إلى مزار سياحي -صور
أسيوط ـ محمود عجمي: أجرى اللواء هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، جولة تفقدية لمقبرة "جفاي – حابي الأول" بجبل أسيوط الغربي، ضمن نطاق حي غرب المدينة، وذلك لمتابعة أوضاع المنطقة وبحث احتياجاتها تمهيدًا لتنفيذ خطة تطوير شاملة استعدادًا لافتتاحها أمام الزوار. رافق المحافظ خلال الجولة الدكتور مينا عماد، نائب المحافظ، وخالد عبد الرؤوف، السكرتير العام المساعد، إلى جانب عدد من القيادات التنفيذية، من بينهم محمد صدقي، وكيل وزارة الآثار، وصبري عبد المنعم، مدير منطقة آثار أسيوط الجنوبية، والمهندس عصام عبد الظاهر، وكيل وزارة الإسكان، وأحمد عبد الحكيم، رئيس مركز ومدينة أسيوط، وحسن سعد، كبير مفتشي آثار أسيوط، بالإضافة إلى أحمد أبو علي، مدير إدارة السياحة بالمحافظة. وخلال الزيارة، استعرض المحافظ مكونات المقبرة الأثرية التي تعود لعصر الملك سنوسرت الأول من الأسرة الثانية عشرة، وتُعد من أبرز المقابر غير الملكية في مصر القديمة. وتتميز المقبرة بتصميمها المعماري الفريد، حيث تضم عدة حجرات منحوتة في الصخر، ويبلغ ارتفاعها نحو 11 مترًا، وطولها الكلي يتجاوز 55 مترًا، وتزدان جدرانها بنقوش وزخارف ملونة تُعد من أروع نماذج الفن الجنائزي في تلك الحقبة. وأكد المحافظ أهمية إدراج المقبرة ضمن المزارات السياحية الرئيسية بالمحافظة، خاصة لقربها من دير السيدة العذراء بجبل درنكة، أحد أبرز محطات مسار العائلة المقدسة، والذي لا يبعد سوى 5 كيلومترات فقط. ووجّه اللواء هشام أبو النصر بسرعة إعداد خطة تطوير متكاملة تشمل تحسين البنية التحتية، وتجميل محيط المقبرة، وتوفير لوحات إرشادية، ورفع كفاءة منظومة الإضاءة الداخلية والخارجية، بما يضمن إبراز التفاصيل الأثرية أمام الزائرين، إلى جانب الحفاظ على نظافة الموقع والطابع الجمالي العام. واختتم المحافظ جولته بالتأكيد على أن المقبرة تمثل قيمة تاريخية وسياحية كبيرة، مشددًا على ضرورة تكاتف الجهود لتحويلها إلى نقطة جذب سياحي تسهم في تنشيط الحركة السياحية بالمحافظة وتعزيز التنمية المستدامة في صعيد مصر.


مصراوي
منذ 6 أيام
- مصراوي
ألغاز "مير الأثرية" بأسيوط.. هل ارتدت نساء الفراعنة "سالوبت"؟ ولماذا ظهر الزعيم بـ 13 زوجة؟
أسيوط ـ محمود عجمي: تتميز محافظة أسيوط بموقع جغرافي استراتيجي على ضفاف نهر النيل، يجعلها بوابة رئيسية تربط شمال مصر بجنوبها، وتُعد محورًا حيويًا لمدن الصعيد الأخرى. وتزخر المحافظة بإرث حضاري فريد، حيث تحتضن مواقع أثرية وشواهد تاريخية تعود إلى مختلف العصور، بدءًا من الحضارة الفرعونية، مرورًا بالعصر القبطي المسيحي، وصولًا إلى العصر الإسلامي، ما يجعلها واحدة من أبرز المحافظات المصرية الغنية بالتنوع الثقافي والتاريخي. يكشف راغب عبد الحميد خلف الله، كبير أخصائيين بدرجة مدير عام بالمجلس الأعلى للآثار سابقًا، في تصريحات لـ مصراوي، عن أهمية مقابر "مير" الأثرية الواقعة غرب مركز القوصية بمحافظة أسيوط، والتي تبعد نحو 65 كيلومترًا عن شمال غرب مدينة أسيوط. وتُعد هذه المقابر، المنحوتة في جسم الجبل، جزءًا من جبانة حكام ونبلاء المقاطعة الرابعة عشرة من أقاليم مصر العليا خلال عصري الدولتين القديمة والوسطى. وأوضح راغب، أن قرية "مير" يعود تأسيسها إلى عام 220 قبل الميلاد، وكانت تُعرف في الدولة القديمة باسم "وعرت - نبت - ماعت" أي "مقاطعة سيدة العدالة"، قبل أن يتغير اسمها في العصر المتأخر إلى "إيات-نهت" وتعني "تل الجميزة". وأشار إلى أن مقابر "مير" لم تكن مجرد مدافن، بل تُعد لوحات فنية، حيث توثق نقوشها تفاصيل الحياة اليومية، والطقوس الدينية، والعلاقات الاجتماعية في تلك الحقبة؛ ومن أبرز ما تكشفه هذه النقوش، مشاهد تُجسد المساواة بين الرجل والمرأة، حيث تظهر النساء وهن يقمن بأعمال شاقة كانت تُعد حكرًا على الرجال، بل وترتدين أزياء رجالية وتضعن التاتو والوشم على أجسادهن كنوع من الزينة والتعبير عن الذات. وأضاف أن الأثريين حددوا موقعين رئيسيين لدفن حكام ونبلاء الإقليم الرابع عشر من أقاليم مصر العليا، يعودان إلى الفترة الممتدة من عصر الدولة السادسة حتى الدولة الثانية عشرة. وأوضح أن الجبانة الشرقية تقع بمنطقة "قصير العمارنة" على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتضم مقبرتين صخريتين منحوتتين، بينما تقع الجبانة الغربية في منطقة "مير" على الضفة الغربية، وتضم 15 مقبرة صخرية، تُعد من أبرز الشواهد على تطور فنون العمارة والنقش في مصر القديمة. ومن بين هذه المقابر، تبرز مقبرة تُعرف باسم "الأب والابن"، والتي تُجسد مشهدًا إنسانيًا نادرًا من البر والوفاء، ففي عصر الدولة القديمة، شرع الأب في نحت مقبرته، وهي من أكبر المقابر الصخرية في جبانة مير، لكنه توفي قبل إتمام نقوشها، فقام الابن بدفنه داخلها، ثم نحت لنفسه مقبرة مجاورة متصلة بممرين، لتكون الأولى حجرة دفن والثانية مزارًا لروح والده، تخليدًا لذكراه. وتُثير إحدى المقابر الأخرى في الجبانة الغربية حيرة الباحثين، إذ تُظهر صاحبها محاطًا بأكثر من 13 زوجة ومحظية، ما يفتح باب التساؤلات حول دلالة هذا العدد الكبير، وهل كان بدافع إنجاب وريث أم لأسباب اجتماعية أو دينية لا تزال محل دراسة. وتُدهش نقوش جبانة مير الباحثين بتفاصيلها الدقيقة، حيث تُصوّر أزياء تُشبه إلى حد كبير الملابس العصرية مثل "السالوبت" و"الأفرول"، ما يعكس تطور الذوق الجمالي واهتمام المصريين القدماء في مجال الموضة وبالمظهر. كما توثق النقوش استخدام الوشم كوسيلة للتزيّن والتعبير عن الذات، حيث تظهر نساء مزينات برسومات على أجسادهن، في مشهد يعود إلى نحو 3700 عام قبل الميلاد، ما يُبرز جانبًا فنيًا وإنسانيًا متقدمًا في تلك الحضارة العريقة. وفي ذات السياق، أجرى اللواء الدكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، جولة ميدانية تفقد خلالها منطقة آثار "مير" الأثرية، إحدى أبرز المعالم التاريخية في صعيد مصر، والتي تضم مجموعة من المقابر المنحوتة في الجبل تعود لعصري الدولة القديمة والدولة الوسطى، وتُعد شاهدًا فريدًا على عظمة الحضارة المصرية القديمة. ووجّه اللواء أبو النصر الجهات المعنية، بالتنسيق مع الوحدة المحلية، بسرعة إعداد خطة تطوير متكاملة للمنطقة، تشمل تحسين مداخل الموقع، وتجميل البيئة المحيطة، وتوفير لوحات إرشادية متعددة اللغات، إلى جانب تطوير استراحة الزوار والحديقة المجاورة، مع ضمان استمرار أعمال النظافة والإنارة بما يتناسب مع القيمة التاريخية للموقع. وأشار إلى أن محافظة أسيوط، بما تمتلكه من كنوز أثرية وتراثية فريدة، مؤهلة لتكون محطة رئيسية على الخريطة السياحية لمصر، داعيًا إلى تكثيف الجهود لتطوير البنية التحتية والخدمات المحيطة بالمواقع الأثرية، بما يعزز من مكانة المحافظة كمقصد سياحي وثقافي متميز.


24 القاهرة
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- 24 القاهرة
السياحة تنتهي من تنفيذ برنامج تدريبي لحماية الآثار
انتهت كلٍ من وحدة التدريب المركزي بمكتب وزير السياحة والآثار، والإدارة العامة لنُظم المعلومات الجغرافية للآثار GIS بالمجلس الأعلى للآثار، من تنفيذ برنامج تدريبي في تخصص رفع إحداثيات التعديات بالبرامج مفتوحة المصدر على أجهزة الهواتف المحمولة. ويأتي ذلك في إطار استراتيجية وزارة السياحة والآثار للارتقاء بالعنصر البشري ورفع كفاءة العاملين بها. البرنامج التدريبي تدريب الأثريين جانب من تدريب الأثريين جانب من تدريب الأثريين جانب من تدريب الأثريين تنفيذ برنامج تدريبي لحماية الآثار عن طريق مُجابهة حالات التعدي التي تتم دون ترخيص وأكد شريف فتحي وزير السياحة والآثار، في بيان له على أهمية هذا التدريب والذي يأتي في إطار حرص الوزارة على تعزيز وتوفير سُبل متنوعة لرفع كفاءة وتنمية قدرات العاملين بالوزارة والهيئات التابعة وتأهيلهم للقيام بواجباتهم ومسئولياتهم على النحو الأمثل. ومن جانبه أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن البرنامج يُعد أحد سبل حماية الآثار المصرية عن طريق مُجابهة حالات التعدي التي تتم دون ترخيص من المجلس في المواقع أو المناطق الأثرية أو على الأراضي الأثرية وما في حُكمها أو المُنشآت الأثرية القائمة بها. وزير السياحة: الإعلام شريك أساسي في توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على التراث والآثار السياحة: وضع القطع الأثرية المستردة من أمريكا بالمتحف المصري بالتحرير للترميم تمهيدًا لعرضها | صور وأضاف الدكتور محمد شعبان معاون الوزير للخدمات الرقمية والمشرف العام على الإدارة العامة لنظم المعلومات الجغرافية للآثار GIS، أن البرنامج قد استهدف تدريب المختصين بالمجلس الأعلى للآثار على رفع احداثيات التعديات على المواقع أو المناطق أو الأراضي الأثرية وما في حكمها باستخدام تطبيقات الهاتف المحمول وهو ما من شأنه أن يمكن المختصين بالمجلس من رصد أيه تعديات قد تطرأ على المواقع الأثرية باستخدام هواتفهم الشخصية من خلال اكتشاف تلك التعديات في بدايتها والتعامل معها بالشكل الذي يمكنهم من سرعة اتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة قانونًا بالتعاون مع جهات الاختصاص المعنية في الدولة لإزالة هذا التعدي في أسرع وقت ممكن مما يساهم في حماية أملاك الدولة.